المنشور

مفهوم التحالف «القوى السياسية في البحرين»

أول ما يتبادر إلى ذهن القارئ المتابع أو المراقب للأحداث السياسية، والحراك السياسي الذي تقوم به الجمعيات السياسية المعارضة، طوال السنوات الماضية، وتحديدا منذ عام 2002، أي بعد أن أعلنت أربع جمعيات عن مقاطعة الانتخابات النيابية التي جرت آنذاك، وعرفت فيما بعد بالتحالف الرباعي، وبعد عام 2006، تغير الوضع وتفكك ما كان يطلق عليه «التحالف الرباعي»، وتحول إلى تنسيق سداسي بين القوى السياسية المعارضة في البحرين.
هناك سؤال مطروح حول ماذا قدمت هذه الصيغ للمواطن البحريني، وما هي طبيعتها، وما هو مصيرها بعد الانتخابات النيابية 2010، وربما هناك العديد من التساؤلات الأخرى.
في البداية نريد التوضيح للقارئ الكريم، بأن مصطلح التحالف الذي كان يطلق على علاقة الجمعيات السياسية، سواء كانت أربع أو ست، غير صحيح، فالتحالف له شروطه ومفاهيمه وهو يقوم على أسس متينة وقوية، ويوضع له برنامج وأهداف ولائحة خاصة أو نظام داخلي خاص بالهيكل التنظيمي والإداري والمالي، بالإضافة إلى قرب البرامج والأهداف ما بين تنظيماته المتحالفة، والتي تؤدي في حالات عديدة الى اندماج تلك التنظيمات أو الأحزاب.
ما كان موجوداً في البحرين في الفترة السابقة، هو تنسيق بعض المواقف والاتفاق على بعض الملفات المشتركة التي كانت تعبرعن قطاعات واسعة من الناس، شكلت عناصر الالتقاء والتعاون ما بين القوى السياسية البحرينية المعارضة والمختلفة فكرياً وسياسياً، نستطيع القول بأنه كان عن تنسيق وليس تحالفاً.
بالمناسبة فانه كان للقوى الديمقراطية والتقدمية في البحرين تجارب سابقة لم تصل إلى مستوى التحالف الاستراتيجي، ومثال ذلك الأرضية السياسية المشتركة التي طرحت من قبل جبهة التحرير والجبهة الشعبية في عام 1981، وكذلك لجنة التنسيق فيما بينهما في بداية تسعينات القرن الماضي، التي كانت تصدر النشرة المشتركة «الأمل»، بالرغم من الاتفاق في معظم المواقف السياسية، إلا انه كانت هناك تباينات واختلافات في الفكر وأساليب العمل.
فتلك العلاقات الراقية ما بين قوى اليسار الماركسي واليسار القومي لم تتطور إلى الاندماج، لأنها لم تبنَ على أسس تحالف استراتيجي يؤدي بهما في نهاية المطاف إلى التوحيد، مثلما حدث في حال جنوب اليمن «الحزب الاشتراكي اليمني» نموذجاً، وان كانت هناك العديد من الإشكالات والملاحظات على ذلك الاندماج ما بين تلك القوى المؤسسة للحزب. وهناك تجارب عديدة في الوطن العربي وبلدان العالم الثالث، فالتحالف شكل راق من التنسيق والتفاهم بين قوى سياسية تتقاطع فيما بينها في العديد من الأهداف والرؤى المشتركة، ولا يشكل على أسس مصالح آنية ونفعية أو بتعبير أدق «تبادل مصالح» حتى هذا المفهوم لم ينطبق على واقع بلادنا.
على أطراف التيار الوطن الديمقراطي أن تُحدد خياراتها الوطنية وبوضوح، وتعلن عن ميثاق العمل الذي كتب من قبل أطرافه، وعليها تبنى فكرة التحضير والإعداد لمؤتمر عام لتنظيمات التيار الوطني والديمقراطي والشخصيات الوطنية المستقلة التي يهمها وحدة هذا التيار والإعلان عن برنامجه، وأن يشكل رقماً قوياً، ليكن نداً، يعمل من اجل الناس وتحقيق تطلعات وآمال شعبنا في حياة أفضل.
اختم المقالة، بما كتبه د. سمير أمين في كتابه «في مواجهة أزمة عصرنا» مُنتقداً القوى اليسارية التي تعول على ما يوصف بالاتجاه المعتدل في الإسلام السياسي باعتبار أن الاتجاهين يحملان ذات الإيديولوجية أي إلغاء الديمقراطية، وإقامة نظام شمولي باسم الدين.
 
صحيفة الايام
21 ديسمبر 2010