المنشور

جرأة نواة التيار الليبرالي ودورها


وحدها دون مشاركة أيٍّ من القوى السياسية الأخرى، عقدت الجمعيات الثلاث «وعد» و «المنبر التقدمي» و «التجمع القومي» مؤتمراً صحافياً أفصحت فيه عن تقويمها لمسار «حوار التوافق الوطني»، مصحوباً برؤيتها لآفاق ذلك الحوار واحتمالات انعكاسات مخرجاته على تطور الأوضاع السياسية في المرحلة المقبلة. تميز اللقاء بصراحة الجمعيات الثلاث وجرأتها التي عبّرت عنها مجموعة من الطروحات، وردت في وقائع ذلك المؤتمر الصحافي، والتي من بين أهمها:

1 – إصرار الجمعيات الثلاث على استمرار المشاركة في الحوار رغم معرفتها المسبقة برفض الكثير من المرئيات التي رفعتها، وعلى وجه الخصوص السياسية منها. تقول هذه الجرأة، المصحوبة بالثقة في النفس، إن الجمعيات الثلاث مستمرة في المشاركة، ولن يخرجها منها أيُّ شكل من أشكال المصادرة لمرئياتها، التي لن تتخلى عنها، بل وستحرص على وصولها إلى عاهل البلاد.

2 – حرص الجمعيات على شمولية الحل عوضاً عن تجزئته وحصره في الجانب الأمني، في وقت هو في أمسّ الحاجة إلى المعالجة السياسية الشاملة التي من الطبيعي، إذ ما انطلقت من مدخل شمولي متكامل، أن تمسّ عصب السياسات الاقتصادية، ولب المعالجات الاجتماعية، وجوهر التشريعات الحقوقية. من هنا تناضل الجمعيات الثلاث كي تقحم، بشكل طبيعي ومشروع، الحل السياسي الشمولي الناجح، بدلاً من الاتكاء على مجموعة من الحلول المتناثرة العرجاء.

3 – الوقوف بحزم، بعيداً عن أيِّ شكل من أشكال المهاترات أو الاستفزاز، في وجه المداخلات التي تحاول أن تلجم الحوار، وتحوله من منصة دينامية تؤسس لإدخال تطويرات جوهرية ونوعية على المشروع الإصلاحي، إلى مجرد إجراءات تجميلية خارجية، لن يعدو مفعولها تأثيرات العقاقير المخدرة بدلاً من الأدوية المعالجة (بكسر اللام).

هذه الجرأة لم تأت من الفراغ، وليست أيضاً انعطافة عفوية في سلوك هذه الجمعيات، بقدر ما هي، كما تثبت الوقائع يومياً، تحولاً نوعياً في مسارها يحاول أن يستعيد مكانة هذا التيار في العمل السياسي، على النحو الذي كانت عليه الأحوال في منتصف السبعينيات من القرن الماضي.

لا ينكر هذا التيار، الذي يمكن أن تشكل هذه الجمعيات نواته الصلبة، دور أيٍّ من القوى السياسية الأخرى، وفي المقدمة منها قوى الإسلامي السياسي التي لاشك أنها الحليف الطبيعي له، إذ لا يستطيع أيٌ منها التحليق وحيداً دون الآخر.

وعلى هذا الأساس، فلربما أصبحت الظروف اليوم أكثر مناسبة لتبلور هذا التيار من خلال هذه النواة، كما باتت الأرضية أشد ملاءمة لنسج تحالف استراتيجي بينه وبين قوى المعارضة الأخرى وفي المقدمة منها تلك المنضوية تحت فئة الإسلام السياسي، والتي تشكل كتلة جماهيرية من الخطأ الاستهانة بها أو التقليل من أمرها في العمل السياسي في المرحلة المقبلة.
 هذه الجرأة ستفقد بريقها ومبرراتها، ما لم تبادر هذه النواة الثلاثية كي تعمل في خطين متوازيين ومتكاملين: الأول يتجه نحو 

 الداخل لتعزيز صرح قوى التيار ذاته، والآخر يسير في اتجاه الخارج لنسج التحالفات الضرورية مع القوى الأخرى
 
صحيفة الوسط البحرينية – 24 يوليو 2011م