المنشور

«تقصي الحقائق» وتصحيح الأوضاع


حسناً فعلت لجنة تقصي الحقائق بإصدارها بياناً تفصيلياً بشأن ما حدث في مقرها أمس الأول، وأعتقد بأن البيان، الذي صدر باللغة الإنجليزية ولاحقاً ترجمته اللجنة إلى اللغة العربية ونشرت النصين على الموقع الرسمي، وضع النقاط على الحروف. فاللجنة تعرضت لسوء فهم من قبل الكثيرين، وقد تم تشكيلها من قبل جلالة الملك من خلال الأمر الملكي رقم 28 لسنة 2011 والصادر بتاريخ 29 يونيو/ حزيران 2011، وهذا التشكيل اعتبر مفاجأة للجميع لعدة أسباب.
 
إن طريقة التشكيل تعتبر الأولى من نوعها، إذ إنها المرة الأولى التي يتم فيها تشكيل لجنة تحقيق تتكون من شخصيات دولية مرموقة على مستوى الأمم المتحدة، ولكن الأمر بالتشكيل صدر عن قمة القيادة السياسية الوطنية، في حين ان العادة أن مثل هذا التشكيل يأتي من هيئة دولية، مثل «مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة». وقد كانت المفوضة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي قد طلبت إرسال «لجنة تقييم» للوضع، ووافقت الحكومة على ذلك بحسب التصريحات المتبادلة بين الطرفين. ومن ثم جاء تعيين «لجنة تقصي الحقائق» من خمسة مفوضين لهم احترام دولي، ما حدا بالمفوضية السامية إلى تأجيل إرسال وفد تقييم الأوضاع إلى حين اكتمال عمل لجنة تقصي الحقائق برئاسة محمود شريف بسيوني.
 
وأكرر، فإنني شخصياً أدليت بتصريحات منذ اليوم الأول لتشكيل هذه اللجنة وأيدتها، وقلت في تلك التصريحات التي بثتها فضائيات إخبارية إن الشخصيات مرموقة وهي ذات سمعة عالية، وإن تعيينها يمثل فرصة أخرى للخروج من الأزمة التي مرت بها البحرين؛ فهي من جانبٍ مستقلة، وشخصياتها محترمة جداً، وهي من جانب آخر ترجع إلى جلالة الملك، وهذا يحفظ للبحرين مكانتها، وذلك لأن أي لجنة دولية، سواء كانت لتقييم الأوضاع (تابعة للمفوضية السامية)، أو كانت لجنة تحقيق مكلفة من قبل مجلس حقوق الإنسان، فإن تبعات ذلك ستكون أكبر بكثير. ولكن، هذه اللجنة بإمكانها أن تطرح حلاً وسطاً، وبإمكانها أن تفسح المجال لمصالحة وطنية.
 
مجلس حقوق الإنسان سيعقد دورته المقبلة في سبتمبر/ أيلول 2011، والبحرين ليست على الأجندة، وذلك بفضل الخطوات الإيجابية التي تضمنت تشكيل لجنة تقصي الحقائق، والإعلان عن تحويل جميع القضايا من محاكم السلامة الوطنية إلى المحاكم العادية، والوعد بإعادة جميع المفصولين في القطاعين العام والخاص، وإجراءات تصحيحية أخرى. ونحن بودنا أن تنجح البحرين في العودة إلى طبيعتها السابقة عبر إنجاز جميع الخطوات الإيجابية، لأن عدم إنجازها يعني أن المفوضية السامية – كما صرح بعض مسئوليها – يمكنها أن تعاود طلباتها السابقة، ودورة انعقاد مجلس حقوق الإنسان (ما بعد التالية) ستكون في ديسمبر/ كانون الأول 2011… ونحن علينا أن نعيد البحرين إلى سابق عهدها، بأن تنجح لجنة تقصي الحقائق، وأن تتحقق جميع الخطوات التصحيحية، وبذلك تفسح فرصم من أجل مستقبل أفضل لبلادنا
 

صحيفة الوسط البحرينية – 17 أغسطس 2011م