المنشور

السير على الجانب الصحيح من التاريخ


عدد من الظواهر المؤسفة نشهدها في البحرين حالياً، بعضها يتعلق بما يعتبر خارج الإطار السلمي، والبعض الآخر يتعلق بارتفاع أصوات تدعو إلى إنهاء الحديث عن أيِّ إصلاح، والبعض يضع «فيتو» ضد تنفيذ أية خطوات تصحيحية جادّة.
 
بين كل هذه الظواهر قد تسمع من يقول إن الإصلاح في البحرين قد حصل وانتهى قبل عشر سنوات، وهذا الطرح مخالف لسنّة الحياة التي تتحدث عن ضرورة الإصلاح المستمر لصون المنجزات أو لعدم ضياعها أو لتطويرها لمواكبة المتغيرات التي لا تتوقف عند سنة محددة أو عند حدث معيّن.
 
وفي مثل الظروف الصعبة التي نمر بها يتوجب أن نؤكد على سلمية العمل السياسي، وهذا هو المنطق الصائب الذي يدحر الخطاب الرافض للإصلاح والذي يكرر مقولة إن استخدام «القوة والعقاب الرادع» هو السبيل الأمثل لمواجهة كل من سوّلت له نفسه أن يطرح مطالب تتحدث عن الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وعن المفاهيم الأخرى التي تسود عالم اليوم.
 
الغريب أن هناك ممن يرفض الإصلاح حتى بعد أن صدر تقرير بسيوني، وحتى بعد أن تكشفت قضايا كانت مخفية وأصبحت الآن معروفة للقاصي والداني. ومن المؤسف حقاً أن الرافضين للإصلاح يتحدثون وكأن ما يقولونه جزءٌ من «عقيدة راسخة»، ولا يلتفتون إلى ما تسببوا به من مآسي عندما لجأوا إلى أساليب محاكم التفتيش وساروا على نهج لا يمكن لأيِّ مخلوق يفكر ولو لدقيقة واحدة مع نفسه أن يؤيده مهما كانت المبررات المطروحة، هذا على الرغم من أن معظم الأقاويل المكررة ليست سوى مجموعة من الخرافات التي اتخذت كغطاء لتنفيذ انتقامات أو للحصول على مغانم.
 
وفي وسط هذا اللغط، يتحدث البعض عن «الإجماع الوطني»، وهو قول سليم في ظاهره، ولكن سرعان ما ينكشف الأمر عن «فيتو» يوضع أمام كل خطوة إصلاحية، سواء كانت منطلقة من إحدى توصيات تقرير بسيوني، أو من بنود «الإعلان العالمي لحقوق الإنسان» الذي أصبح ملزماً بحكم العهود والاتفاقيات المستمدة منه والتي اعتمدتها البحرين رسميّاً لدى الأمم المتحدة. هذا «الفيتو» يشترط موافقة الجماعات المعادية للإصلاح على أيّة خطوة إصلاحية، وهذا تناقض يستحيل تحقيقه.
 
ليس من المستحيل أن نسير على الجانب الصحيح للتاريخ، وأن نوجّه واقعنا بما يتلاءم مع الجانب الجميل من عالمنا الذي أصبح أفضل وأفضل – من الناحية الإنسانية – يوماً بعد يوم، ويمكننا أن نربح جميعاً من خلال سلسلة من الإصلاحات الواضحة، والتي يمكنها إيقاف النزيف المكلف لوطننا، وتخرجنا من دوامة لا تهدد فئة دون أخرى. 
 

صحيفة الوسط البحرينية – 29 يناير 2012م