المنشور

المنبر التقدمي …. لا تنكر دمك


يعقد المنبر التقدمي الديمقراطي اليوم (الجمعة) مؤتمره العام لانتخاب لجنة مركزية يتم من خلالها انتخاب مكتب سياسي، ومن ثم الأمين العام للمنبر، في ظروف مرحلية صعبة يمر بها الوطن، ألقت بظلالها الثقيلة على المنبر بشكل يفوق جميع التنظيمات السياسية في البحرين.
 
لا يمكن إنكار أن التنظيم اليساري والوريث الشرعي لأول تنظيم سياسي في البحرين وهو جبهة التحرير الوطني البحرانية التي تم تشكيلها في العام 1955 يمرّ في الفترة الحالية بمنعطف صعب لا يمكن التكهن بنتائجه بشكل مسبق حتى وقبل انعقاد مؤتمره العام بعدة ساعات.
 
كما لا يمكن إنكار تأثر المنبر بما أفرزته الساحة السياسية من انقسام طائفي بغيض خلال السنة الماضية، ولكن كيف يمكن تفسير أن التنظيم السياسي اليساري الذي لا يعترف بالفروقات المذهبية والدينية، كان هو الأكثر تضرراً من الانقسام الطائفي الذي حدث في البحرين؟ بحيث ظهر الاختلاف في وجهات النظر بين الأعضاء من الطائفتين بشكل حاد هدّد كيان هذا التنظيم بشكل جدي، ما اضطره إلى الخروج من التحالف السداسي الذي يجمع أغلب التنظيمات السياسية المعارضة، بالإضافة إلى تحفظه على التوقيع على وثيقة المنامة التي تطرح رؤى القوى المعارضة للخروج من الأزمة الراهنة.
 
بداية فإن تأثر المنبر بالأطروحات الطائفية ينبع من أن المنبر أحد التنظيمات النادرة في البحرين التي تجمع في تشكيلتها أعضاء من الطائفتين الكريمتين، بخلاف السواد الأعظم من التنظيمات أو الجمعيات السياسية التي تقتصر عضويتها على طائفة واحدة، وهي بذلك تكون بعيدة تماماً عن النزاع الطائفي بين أعضائها.
 
كما أن الاختلاف في تحليل الوضع الراهن ومدى واقعية الطرح الذي يتبناه الشارعان السني أو الشيعي لابد أن يخلق طرحاً مختلفاً لدى المنتمين إلى التيار الديمقراطي من كلا الجانبين، يكون في العادة أكثر اعتدالاً وواقعية، ومع ذلك لا يمكن إغفال التأثيرات النفسية والعاطفية التي تفرض عليه أن يكون مرتبطاً ببيئته الاجتماعية، حتى وإن كان مختلفاً مع طرحها في الكثير من الأمور التي قد تبدو في هذه المرحلة أموراً هامشية في ظل ما يراه الشارعان من أن القضية أصبحت الآن قضية مصيرية لا يمكن حلها إلا بالانتصار تماماً على الطرف الآخر!
 
في مقابلةٍ أجريتها مؤخراً مع الأمين العام للمنبر التقدمي حسن مدن ولكن لظروف الوضع الحالي لم يتم نشرها، يشير مدن إلى أن «كل موقف سياسي تتخذه عليك أن تدفع ضريبته، وإذا انطلقت من الرغبة في إرضاء الجميع فإن ذلك لا يمكن، يجب عليك كتنظيم أن تتخذ الموقف الذي ينسجم مع قناعاتك ومع طبيعة بنيتك التنظيمية والفكرية، وتسعى لإقناع الجمهور بهذا الموقف، وكما في أي عمل سياسي فإن ذلك يحتاج إلى وقت وجهد».
 
ويؤكد مدن أن «الأزمة الأخيرة التي حدثت في البحرين كشفت عن خلل جوهري في هذا الجانب، وهو أنه في لحظة الانقسام الطائفي العميق في البلد لم يجد المجتمع قوةً تطرح نفسها ممثلة للطائفتين، إذ تخندق الجميع في طوائفهم، ولو تنبه التيار الديمقراطي لذلك وكما كنا ندعوه دائماً لأن يكون قطباً مستقلاً لا يمنع تنسيقه مع القوى الأخرى، لكان هو الوحيد المؤهل لأن يطرح هذا الطرح المنفتح على كل مكونات المجتمع البحريني، ولكان في تلك اللحظة هو الملاذ الذي يمكن أن تلجأ إليه كل الشرائح والأفراد العابرين لطوائفهم والباحثين عن إطار أو خط سياسي وطني يمثلهم».
 
لقد ظل المنبر التقدمي طوال تاريخه مدافعاً أميناً عن العدالة والحق والديمقراطية وحقوق الإنسان، حتى وإن اختلف أحياناً مع باقي القوى المعارضة.
 
كل ما أتمناه أن يواصل المنبر هذا الطريق، ولا نضطر في يومٍ من الأيام أن نذكّره بما قاله الشاعر مظفر النواب:
«كيف يحتاج دمٌ بهذا الوضوح
إلى معجمٍ طبقي لكي يفهمه
أيّ… يسارٍ كهذا
أينكر حتى دمه».
 

صحيفة الوسط البحرينية – 27 أبريل 2012م