المنشور

الاقتصاد والسياسة


الاقتصاد والسياسية وجهان لعملة واحدة، لا يمكن أن يسير أحدهما دون الآخر، ولكن هل يمكن أن يتقدم أحدهما على الآخر، وماذا سيحدث لو حصل ذلك؟!
 
تطور البلاد سياسياً وتخلفها اقتصادياً لن يحقق لها الاستقرار المنشود، بل سيكون وقوداً لاضطرابات تأتي عاجلة أم آجلة، كيف لا وأهم ما ينشده المجتمع والمواطن هو الحصول على احتياجاته اليومية والحياة الكريمة.
 
ربما يؤدي التخلف الاقتصادي إلى انتشار الجريمة وهو ما يمكن ملاحظته وتلمسه من خلال النظر لدول تعاني من تفشي البطالة كالمكسيك مثلاً والتي تزدهر فيها تجارة التهريب، وأفغانستان التي تعتبر من أكبر الدول المنتجة للمواد المخدرة، وهو ما يؤشر في النهاية إلى فشل السياسة.
 
وتفوق السياسة على الاقتصاد من شأنه أن يفتح المجال أمام لعب السياسة بالاقتصاد وتحريكها له كما تشاء، وهو ما حدث فعلاً لطيران الخليج، لذا طالب عبد الحليم مراد رئيس لجنة «دارسة أوضاع الشركة» النيابية بوقف تدخل كبار المسئولين في أمور الشركة».
 
في المقابل، تطور البلاد اقتصادياً وتخلفها سياسياً من شأنه أن يخلق اقتصادًا قويًا في ظاهره، هشًا في جوفه.. طبقة فاحشة الغنى وأخرى تعيش فقراً مدقعاً.. ويوجد بيئةً مناسبةً لتفشي الفساد وغياب المساءلة نتيجة لعدم القدرة السياسية على سن أدوات محاسبة وتشريع للقوانين المنظمة. إذا، تقدم الاقتصاد على السياسة أو العكس لن يحقق استقرار البلاد، وإنما سيكون وقوداً ودافعاً للفوضى ودليلاً على الفشل.
 
ما نحتاجه هو الموازنة بين هذين الطرفين.
 
نحتاج إلى تبني سياسة قوية للبلاد، تكون قادرة على دعم الاقتصاد وتقويته، وشق الطريق أمامه وفتح آفاق التطور، لا أن تكون عبئاً على الاقتصاد أو عملية شكلية كتوقيع اتفاقيات ازدواج ضريبي لا يتم الاستفادة منها نتيجة إلى عدم وجود تبادل تجاري مع تلك الدول أصلاً.
 
نحتاج إلى سياسة تحمي الاقتصاد وتحارب الفساد وتحقق الاستقرار لا أن تكون حامية وحاضنة أو عاجزة عن المساواة وتحقيق العدالة.
 
نحتاج إلى اقتصاد يشكل طوق حماية لسياسة البلاد، يبعد عنها شبح عداء مع دول اخرى ويدفعها إلى الموازنة بين ما ستتكبده وما تكسبه جراء السياسة التي تتبعها مع البلاد.
 
نحتاج إلى اقتصاد يوفر لنا الاستقلالية دون الارتهان لدولة من هنا أو مساعدة من هناك. نحتاج إلى اقتصاد يخلق فرص العمل، ينمي البلاد، يجذب الاستثمار ويحقق الاستقرار.