المنشور

مجلس الصوت الواحد

يبدو أن مجلس الأمة أو حسب ما يطلق عليه الناس «مجلس الصوت الواحد»، بدأ
بدايات غير مشجعة وهو الذي كانت تأمل الحكومة منه البدء بالتنمية المعطلة
وسرعة إنجاز التشريعات المؤمل إنجازها، بل المؤمل منه أن يكون البديل عن
مجلس «مؤزم» ومعطل لمصالح البلد كما تدعي الحكومة.


هذا المجلس بدأ بخلافات قد تتعمق بالمستقبل من خلال ما جرى من محاصصة على
المناصب البرلمانية، سواء منصب الرئيس أو نائبه، وهو ما شكل مفاجأة بل صدمة
لبعض الأطراف التي وُعدت خيراً.


وهذه الأطراف أيضاً وُعدت خيراً بإعادة تعيين وزير سابق محسوب عليها، ولكن
تم التراجع عن توزيره في الساعة الأخيرة قبل إعلان التشكيل الوزاري، واعتبر
كتاب محسوبون على هذه الأطراف أن الحكومة ليس فقط تخلت عنها، ولكنها جحدت
بولاءاتها المطلقة خلال السنوات الماضية.


ويرى البعض أن ذلك قد يكون بداية صحوة ووعي لهذه الأطراف بأن للحكومة مصالح
بعيدة عن حساباتها المحدودة، وأولويات ليس من بينها ولاءات الأشخاص أو
المكونات القبلية والطائفية، وهو ما شكل صدمة وخيبة أمل لها، رغم انحيازها
الكامل للحكومة ولكل إجراءاتها بما فيها مواجهة الاحتجاجات السلمية بالقمع
ومصادرة الحريات والتحول إلى النهج البوليسي من خلال الملاحقات السياسية
واعتقالات الشباب بالعشرات، بينما يرى البعض الآخر أن ذلك لن يغير من الأمر
شيئاً وستظل هذه الأطراف على ولائها.


ولم يكد هذا المجلس يلتئم حتى بدأ «بدية مقلقة مع بدء حملة جديدة لاقتسام
ثروة الوطن بتقديم سيل من المقترحات أبرزها اسقاط القروض وفوائدها»، كما
أشار تقرير الشال في جريدة القبس العدد الصادر بتاريخ 23 ديسمبر الجاري،
وأضاف التقرير: «هناك تهم كبيرة برشوة نواب ولكن قراراً وأد القضية بدعوى
قصور القانون، رغم ثبوت واقعة الرشى على نواب عادوا، وهم اليوم مسؤولون عن
التشريع».(انتهى)


كما أن من المقلق أيضاً ليس للناس فقط بل للحكومة أيضاً، صدور تصريح من أحد
نواب مجلس الصوت الواحد قبل جلسة الافتتاح يطالب بتعديل المادة الثانية من
الدستور، وقد كانت الحكومة تعتقد أنها سدت هذا الباب نهائياً، لكن من
المرجح أن يُكتم هذا الصوت حيث لا يحظى بمؤيدين ذوي ثقل في المجلس.


وبعض النواب الأفاضل من ذوي الخبرة السياسية القليلة أو حتى عديمي الخبرة،
وبمحاولة منهم لاثبات ولائهم المطلق للحكومة وإجراءاتها التعسفية، عملوا
جنباً إلى جنب مع قوات الأمن لفض تجمعات المواطنين المحتجين سلمياً في
المناطق، من خلال النهر والتعنيف بل لام بعضهم وزير الداخلية على عدم
استخدام عنف أشد ضد الناس رغم إنهم لا يملكون سلطة أمنية.


لا أعرف كم سيطول عمر هذا المجلس، ولكن مهما طال عمره فهو مجلس مرفوض
شعبياً وساقط سياسياً بسبب المقاطعة الشعبية غير المسبوقة له، وسيكون مصيره
وتاريخه نفس مصير وتاريخ المجلس الوطني سيئ الصيت.