المنشور

مبادرة “البحرين وطن يجمعنا”



تعد
مبادرة “البحرين وطن يجمعنا” واحدة من أهم المبادرات الأهلية التي يلتف
حولها عدد من الناشطين وهيئات المجتمع المدني البحرينية، والموجهة نحو التغلب على
ما أصاب ويصيب مجتمعنا البحريني من تصدع كبير في وحدته الوطنية، وفي إطار إبراز
أهدافها نظم القائمون على هذه المبادرة  احتفالية ثقافية فنية مساء الجمعة الماضية
بمناسبة اليوم العالمي للتنوع الثقافي من أجل الحوار والتنمية. 


وحسب
منسقة المبادرة الناشطة د.هدى المحمود، فان أهداف المبادرة ونشاطاتها موجهة للبحرين،
بهدف لم الشمل الاجتماعي بين مكونات المجتمع، مركزة نشاطها على الحقل الاجتماعي،
مع التأكيد على أهمية التواصل مع الناس، وحثهم على العودة لتقاليد العيش المشترك
في البحرين، انطلاقاً من التنوع الموجود في المجتمع، الذي هو مظهر من مظاهر حيوية
البحرين، لو جرى توجيهه في المجاري الآمنة، بعيداً عن مساعي إثارة البغضاء
والكراهية والفتنة. 


وهي
أمور تذكرنا بها المحمود حين تدعو لتبديد الخوف من الآخر، وإعادة المجتمع لما كان
عليه: مجتمعا متسامحا ومتفاعلا ومتقبلا للآخر، قائلة أن المبادرة بصدد إقامة ورش
عمل للشباب يتم خلالها طرح موضوعات للنقاش تؤكد على قيم التسامح  بهدف تدريبهم  على لغة الحوار وتقبل الآخر التي هي لغة التنمية
المستدامة والتطور. 


وفي
الظاهر فان في  مجتمعنا البحريني اليوم هناك أشكالاً من
التعددية الاجتماعية وحتى السياسية دفعت بها إلى السطح الديناميكية التي تشكلت في
البحرين في السنوات الأخيرة، لكن هذه التعددية الظاهرية تنفي ما هو أهم منها، وهو
التنوع الموجود في المجتمع، القائم في كل طائفة من طائفتيه، هناك مقدار كبير من
التنوع في صفوف السنة ومقدار من التنوع لا يقل عنه في صفوف الشيعة، ولا يكفي أن
نبتهج بالتعددية الظاهرية ونقدمها على أنها انتصار لفكرة الديمقراطية، فهي، في بعض
أوجهها على الأقل، نفي لفكرة الديمقراطية، حين يسعى مريدوها لإخضاع أبناء كل طائفة
مجتمعين لمزاجٍ واحد، فكري وسياسي، قامعين ما في داخل الطائفة الواحدة من تنوع
بالقسر المعنوي، الذي يحمل في طياته بذور العنف تجاه الرأي الآخر. 


ومن المُهم، في هذا السياق، الإشارة إلى أن هذا التنوع في المجتمع،
داخل كل طائفة على حدة، هو نفسه العامل المُوحد في المجتمع، هو المُكَون للوحدة
الأفقية التي تجمع الجميع، والنافي للانقسام العمودي الذي ترعاه الطائفية
والمذهبية وتعززه وتحميه ابتغاء لمصالح هيمنة المستفيدين من هذا الانقسام في
المواقع المختلفة، سواء كانوا داخل الدولة أوفي المجتمع على حدٍ سواء. 


من أجل أن يكون تطور المجتمع صحياً، معافى، علينا أن نعلي من شأن هذا
التنوع، ونبرزه ونسلط الضوء عليه، وندافع عن حقه في التمثيل في مختلف المجالات،
فهذا التنوع العابر للطوائف هو وجدان المجتمع ودينامو تطوره، أما التعددية
المذهبية حين تصبح شغلاً شاغلاً فهي النافيـة لهذا التطور والمعيقة له، ولا شك أن
مبادرة”البحرين وطن يجمعنا” واحدة من المبادرات الشعبية التي تسعى لهذا
الهدف، ومثلها توجد مبادرات أخرى كمبادرة “تواصل” في المحافظة الوسطى وسواها. 


 وفي ظروف الاستقطاب المذهبي الحاد في المجتمع،
يبدو صوت هذه المبادرات خافتا، مما يتطلب جهوداً كبيرة لإيصال هذا الصوت إلى آماد
أبعد، ودعم جهود القائمين عليها ومؤازرتهم في إيصال رسالتهم النابعة من ضميرهم
الوطنيً.