المنشور

هل من برنامج للمصالحة في حوار التوافق الوطني ؟!



تقديم :

تؤكد أحداث 14 أغسطس بما عرف بحركة ( تمرد ) صحة ما سبق وأن أكدت عليه الكثير من الفعاليات الوطنية بأن خطابا مثل خطاب هذه الحركة بكافة التيارات التي ينتمي إليه هو خطاب يتجاوزه واقع مجتمع البحرين ومكوناته وميزان القوى و لا توجد في البحرين تربة خصبة لمثله، فهو يتجاوز قوى المعارضة المطالبة بالإصلاح ، ولن تحقق أهدافه حرق الإطارات والوسائل العنيفة الأخرى المرفوضة من مكونات الشعب ومن القوى الوطنية وشخصياتها التي تطالب بضرورة الخروج من الأزمة السياسية من خلال الحوار الجاد نحو أصلاح سياسي واقتصادي ينقل البحرين نحو تحول ديمقراطي حقيقي . ( انظر مقالنا المنشور على موقع التقدمي قراءة في واقع البحرين السياسي ) .

أن الظروف الموضوعية والذاتية من حيث مكونات المجتمع البحريني ومحيطه الإقليمي ومن حيث ميزان القوى ودرجة استعداد قوى المعارضة الناشدة للإصلاح ومستوى وحدتها وثبات موقفها تؤكد بأنه لا سبيل للخروج من الأزمة السياسية إلا بالحوار مع الحكم ، الحوار الجاد الشاخص نحو الخروج من الأزمة السياسية .

غير أن على الحكم أن يدرك كذلك ، أن الخيار الأمني بما رافقه من اعتقالات واسعة ومداهمات لحرمة المنازل في معظمها جاءت خارج القانون ، وما صاحبه من تضيق لمساحة الحريات النسبية التي تحققت ليس خيارا ناجعا للخروج من الأزمة السياسية التي تعصف بالبحرين ، هذا الخيار الذي كلف ميزانية الدولة الكثير من الأموال على حساب التنمية بنواحيها المختلفة ، كما على الحكم أن يدرك بأن توصيات المجلس الوطني بما تمخض عنها من تعديلات على قانون حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية بتشديد للعقاب لن يساهم في مكافحة ما سمي بالإرهاب بل يزيده.
أن الخيار الوحيد للخروج من حالات العنف والعنف المضاد يكمن فقط في تحقيق المزيد من العدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد المالي والإداري وتعزيز أسس التحول الديمقراطي الحقيقي.

في هذا الإطار فأن على القوى السياسية بكافة تلاوينها وكافة الشخصيات الوطنية التي تنشد الإصلاح أن تشخص أبصارهم نحو الحوار الوطني المزمع استئنافه بتاريخ (28 أغسطس/ آب 2013)، بحيث تتم معالجة ما شابه من تعثر ومن سلبيات مر بها خلال المرحلة المنصرمة ، وأن تدرك هذه القوى بأن الجدل الذي أستمر طويلا في جلسات حوار التوافق الوطني حول تمثيل الحكم في هذا الحوار، على الرغم من أهمية هذا التمثيل ، فأن استمرار الجدل حوله دون الدخول في مناقشة جوهر وأساس الأزمة السياسية التي عصفت في البحرين ومعالجتها ، جعل من هذا الحوار فاقدا للأهمية يدور حول نفسه ، وعلى الرغم من رؤيتنا للصعوبات التي ستواجه هذا الحوار في التوافق على الأسباب الجوهرية للازمة السياسية وطريقة معالجتها غير أن ذلك لا يعدم أمكانية التوصل لمثل هذا التوافق متى ما توافرت الإرادة الصادقة والجادة للخروج من الأزمة ، غير أنه يتعين التأكيد على انه ليس بضرورة أن القضايا التي لا يتم التوافق عليها ليست لها أهمية في معالجة الأزمة ، ونحسب من المهم للغاية أن يسجل الحوار إلى جانب القضايا المتوافق عليها تلك القضايا الكبرى التي لا يتم التوافق عليه ، فالغاية من الحوار هو طرح وتحديد ومناقشة القضايا التي حددت أزمة البحرين السياسية ووضع الحلول لمعالجتها وآلية تنفيذها .

في مقابل ذلك فإن على الحكم أن لا يأتي لهذا الحوار المستأنف بعقلية المنتصر أمنيا أو بتوصيات المجلس الوطني المطعون في عدم دستوريتها ، وأن لا يستقوي بالقوى السياسية المساندة له داخل الحوار، بل عليه أن أراد للحوار النجاح الوقوف على مسافة واحدة من القوى السياسية وأن يقدم برنامجا للحوار ينقذه من العقم يجمع أطرافه صوب القواسم المشتركة ، ونحسب أن الحكم هو المعني وهو القادر على وضع الحلول الأولية للخروج ليس من أزمة الحوار فحسب ، بل الخروج من أزمة البحرين السياسية .

ولعل في التوصية المسكوت عنها رقم ١٧٢٥/ ب من توصيات لجنة تقصى الحقائق ما يؤكد هذا الاستحقاق والتي تقضي ) وبصفة عامة، توصي اللجنة حكومة البحرين بضرورة إعداد برنامج للمصالحة الوطنية يتناول مظالم المجموعات التي تعتقد أنها تعاني من الحرمان من المساواة في الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية، بغية أن تعم الفائدة منها على كافة طوائف الشعب البحريني.)

فهل يبادر الحكم طبقا لهذه التوصية وكافة توصيات تقرير بسيوني بوضع وأعداد هذا البرنامج بحيث يضع أسس المصالحة الوطنية وآلياتها ليكون هو محور الحوار في حوار التوافق الوطني ؟

لكن السؤال الأهم هو ما هي الأسس وآليات التي يجب أن يشتمل عليها برنامج المصالحة الوطنية ؟؟

بالطبع لن نناقش هنا ما يجب أن يشتمل عليه برنامج المصالحة أو ما يجب أن يشتمل عليه جدول أعمال الحوار الوطني بالنسبة للمساواة في الحقوق الاجتماعية والاقتصادية ، بل سنناقش ذلك فيما يتعلق بالحقوق السياسية طالما أن الحوار كما حسب ما هو معلن عنه جاء لاستكمال الحوار في المحور السياسي الذي تم في ظل حوار التوافق الوطني الذي انعقد في يوليو 2011 ، وهذا يعني أن ما تم التوصل إليه في حوار التوافق الأول كان ناقصا لم يخرج البحرين من أزمتها السياسية ، وانه للخروج من هذه الأزمة يتعين على المتحاورين في هذا الحوار مناقشة نواقص وعيوب ما تم التوصل إليه في حوار التوافق الوطني الأول ، ونحسب أن أهم محور يتعين وضعه على جدول أعمال الحوار هو التشريع ووسائل الرقابة السياسية على أعمال الحكومة و نرى أن مناقشة ومعالجة هذا المحور من المفترض أن تكون كما يلي :



1- إدراك جوهر الأزمة السياسية :

لا تنحصر ولا تختزل أزمة البحرين السياسية في التشريع ووسائل الرقابة السياسية على أعمال الحكومة ، لكن هذه المحور ( التشريع والرقابة ) يعد أحد الأسس الجوهرية التي حددت الأزمة وما خلفته من تداعيات ، وأن معالجته معالجة صائبة سيساهم إلى حد كبير للخروج من الأزمة، ونري أن على المتحاورين في حوار التوافق الوطني، أعضاء الحكومة، والجمعيات السياسية على اختلاف توجهاتها، وأعضاء المجلسين، أن يدركوا ونحسب أنهم يدركون وهم بكامل الأهلية بأن ما أشتمل عليه دستور 2002 من اختصاص تشريعي لمجلس الشورى خلافا لمبادئ ميثاق العمل الوطني، ومن وسائل رقابية لمجلس النواب على أعمال الحكومة جاءت ناقصة ومعيبة كان سببا رئيسا للانقسام في مجتمع البحرين بعد صدور دستور 2002 ووجود أزمته السياسية وحالة الاحتقان التي مر ومازال يمر بها، وما أفرزه حراك 14 فبراير 2011 من تداعيات نالت من النسيج الوطني ومكوناته .
وإذا ما توصل المشاركون في الحوار إلى هذا الإدراك فأن عليهم أن يبحثوا في السبل الناجعة لمعالجة الاختصاص التشريعي لمجلس الشورى ومعالجة العيوب والنواقص في رقابة مجلس النواب على أعمال الحكومة. بحيث يفضي الحوار إلى التوافق على ضرورة وجو د مجلس منتخب له كامل الصلاحيات التشريعية والرقابية
.



2- قراءة مخرجات الحوار الوطني الأول

لاشك أن القراءة لمخرجات حوار التوافق الوطني الأول في المحور السياسي بما توصل إليه في هذا الشأن من عموميات مثل ( تطوير آلية تضمن الإسراع في إصدار التشريع، أو نقل رئاسة المجلس الوطني لرئيس مجلس النواب، أو وضع معايير لاختيار أعضاء مجلس الشورى، أو عدم ازدواجية جنسية النائب ومرور (5) سنوات على حصوله على الجنسية، أو زيادة الصلاحيات التشريعية والرقابية لمجلس النواب، أو صلاحية طرح المواضيع العامة في الجلسة، أو إلزام الوزراء بحضور جلسات مجلس النواب لمناقشة مواضيع وزاراتهم، أو عقد الاستجوابات في جلسة مجلس النواب وليس اللجان، أو عرض برنامج الحكومة على مجلس النواب لنيل الثقة بضوابط تمنع المحاصصة والتعطيل والفصل بين السلطات)، رغم إيجابياتها لم تجعل من مجلس النواب المنتخب وحده المختص بالتشريع ولم تمس حتى من تكوين مجلس الشورى . وظلت أدوات مجلس النواب الرقابية ناقصة معيبة.



3- وضع انعكس على التعديلات الدستورية :

لان مرئيات حوار التوافق الوطني الأول كانت ناقصة لم تعالج أزمة البحرين السياسية معالجة كافية فقد انعكس هذا الوضع على التعديلات الدستورية الصادرة في مايو 2012 إذ لم تمس هذه التعديلات الاختصاص التشريعي لمجلس الشورى ولم تغير من تشكيله بحجة كما تفسر المذكرة التفسيرية للتعديلات الدستورية بأن نظام المجلسين ( يعتبر من أهم الثوابت التي أقرها الميثاق بحيث لا يجوز للدستور إعادة النظر فيها وإعادة نظام المجلس الواحد، وإلا كان ذلك مخالفا لصريح ما ورد في الفصل الخامس من الميثاق الخاص بالحياة النيابية. …… اشترط الفكر الدستوري العالمي لقيام نظام المجلسين أن يشترك المجلسان في التشريع على الأقل من حيث حقهما في اقتراح مشروعات القوانين وإقرارها أو عدم إقرارها، وليس معنى ذلك ضرورة التساوي المطلق بينهما في الرقابة السياسية. ولكن إذا اقتصر اختصاص أحد المجلسين على مجرد إبداء رأي استشاري، فإن الدستور يكون قد أخذ بنظام المجلس النيابي الواحد وإن بدت صورة نظام المجلسين من الناحية الشكلية.) وجاءت التعديلات الدستورية على وسائل الرقابة البرلمانية لمجلس النواب رغم إيجابياتها الواسعة هي الأخرى ناقصة وتعتريها عيوب عدة، ويمكن أن نتناول ذلك بالتفصيل الأتي :

أولاً: في التشريع

نسارع إلى القول تعليقا على ما أوردته المذكرة التفسيرية للتعديلات الدستورية ، بأنه ليس في ثوابت ميثاق العمل الوطني ولا في الفكر الدستوري العالمي ما يجعل من نظام المجلسين أن يشترك المجلسان في التشريع.



1- في ميثاق العمل الوطني
على الرغم أن البحرين ليست من الدولة الاتحادية ذات الأقاليم المتعددة بل هي من الدول البسيطة ذات مساحة صغيرة، وعدد سكان قليل، وان نظام المجلس الواحد كان أفضل لها ، فأن علينا أن نحترم أرادة الشعب الذي صوت على وجود نظام المجلسين وأصبح من ثوابت ميثاق العمل الوطني كما تقول بحق المذكرة التفسيرية للتعديلات الدستورية الجديدة ، غير أنه لا صحة على الإطلاق ما جاء في هذه المذكرة التفسيرية من قول بأن نظام المجلسين ( يعتبر من أهم الثوابت التي أقرها الميثاق بحيث لا يجوز للدستور إعادة النظر فيها وإعادة نظام المجلس الواحد وإلا كان ذلك مخالفا لصريح ما ورد في الفصل الخامس من الميثاق الخاص بالحياة النيابية.)

إذ ليس هناك في شعب البحرين ومكوناته من يدعو أو يطالب بإعادة المجلس الواحد طالما أصبح وجود نظام المجلسين ثابتا من الثوابت الرئيسة لميثاق العمل الوطني ، غير أن هذا الميثاق ليس فيه ما يخالف أعادة النظر في اختصاص مجلس الشورى وفي طريقة تكوينه ، وليس في ذلك ما ينال من وجود نظام المجلسين ، بل أن عدم أعادة النظر في هذا الاختصاص يخالف وضوح ما نص عليه الميثاق في الفصل الخامس منه الخاص بالحياة النيابية إذ جاء فيه ( بات من صالح دولة البحرين أن تتكون السلطة التشريعية من مجلسين ، مجلس منتخب انتخابا حراً مباشراً يتولى المهام التشريعية إلى جانب مجلس معيّن يضم أصحاب الخبرة والاختصاص للاستعانة بآرائهم فيما تتطلبه الشورى من علم وتجربة. )

والنص هنا جاء واضحا وضوح الشمس الضاحية بأن من يتولى المهام التشريعية هو المجلس المنتخب انتخابا حراً مباشراً ، وان المجلس المعين هو للاستعانة بآراء أعضاءه ، ولو أراد الميثاق أن يجعل لمجلس الشورى مهمة تشريعية لنص على ذلك صراحة .
وأن إي تفسير أخر لهذا النص سيأتي حتما خارج سياقه، ويتجاوز الإرادة الشعبية التي انصرفت عند التصويت على الميثاق على أن المجلس المعين هو للمشورة وإبداء الرأي فحسب وأن المجلس المنتخب هو الذي يتولى المهام التشريعية. فلا يحتاج هذا النص إلى معجم دستوري كي نفسره .



2- في الفكر الدستوري العالمي :
الواقع أن الفكر الدستوري العالمي لا يشاطر ما فسرته المذكرة التفسيرية من تفسير بأن هذا الفكر (يشترط لقيام نظام المجلسين أن يشترك المجلسان في التشريع على الأقل من حيث حقهما في اقتراح مشروعات القوانين وإقرارها أو عدم إقراره ، ولكن إذا اقتصر اختصاص أحد المجلسين على مجرد إبداء رأي استشاري، فإن الدستور يكون قد أخذ بنظام المجلس النيابي الواحد وإن بدت صورة نظام المجلسين من الناحية الشكلية.) إذ لا يتوافق هذا التفسير مع التطور الديمقراطي الحديث في كثير من دول العالم التي أخذت بنظام المجلسين بحيث يمكن القول أن الفكر الدستوري العالمي يؤكد على ظهور اتجاه حديث يدعو إلى إلغاء نظام المجلسين وظهور تناقص ملحوظ في دور وأهمية المجلس التشريعي الثاني مع مرور الزمن في كل من الدول الاتحادية والبسيطة، بسبب المد الديمقراطي الذي بدأ يعم معظم دول العالم:
فالنرويج والدانمارك والسويد وفنلندا ألغت نظام المجلسين وأخذت بالمجلس النيابي الواحد .وفي بريطانيا تم التقليل من أهمية مجلس اللوردات بموجب قانون البرلمان الصادر عام 1911 تراجعت سلطته لصالح سلطة مجلس العموم ، الذي أخذ بالصعود وأصبح المعبر الفعلي عن دور البرلمان البريطاني ، أما مجلس اللوردات فقد أصبح دوره مقيدا ، فتراجع دوره في المسائل التشريعية والمالية، ولم يعد يملك إلا سلطة الاعتراض المؤقت على القوانين، وتمكّنه هذه السلطة من تأخير القوانين التي يوافق عليها مجلس العموم والتي تتضمن اعتمادات مالية، والتي يوافق لفترة لا تتجاوزستين يوما أما القوانين الأخرى فإن فترة الاعتراض عليها لا تتجاو سنة ولكن إذا أعاد مجلس العموم موافقته عليها مرة ثانية فإّنها تصبح سارية المفعول وغالباً ما يصيب مجلس اللوردات التردد قبل استخدام حق الاعتراض كي لا يثير الرأي العام ضده . كما تم تحويله إلى هيئة ديمقراطية أو أغلبية ديمقراطية ، كما هو الوضع في كل من فرنسا وبلجيكا وهولندا . ففي فرنسا مثلا أعطى دستور 1958 مجلس النواب الحق في مناقشة مشروعات القوانين التي يرفضها مجلس الشيوخ والموافقة عليها دون حاجة إلى موافقة مجلس الشيوخ عليه. والجدير بالذكر أن نشوء مجلس الشيوخ في فرنسا كان وليد ظروفها الخاصة السياسية والاجتماعية، وأن كل اقتراحات لتعديل اختصاصاته كانت تأتي في ظروف غير ملائمة، يكون فيها الشعب ومجلس الشيوخ في جانب واحد ضد تجاوزات السلطة.




وتجربة الدول العربية
التي أخذت بنظام المجلسين تكشف عن اختلاف جوهري ما بين تجربة مملكة البحرين والدول العربية من حيث التكوين والاختصاص ، بحيث يمكن القول أن تجربة مملكة البحرين ليس لها مثيل في هذه الدول .
فمجلس الشورى في مصر من حيث التكوين بحسب نص المادة (196) من دستور 1971 ينتخب ثلثا أعضاءه بالاقتراع المباشر السري العام على أن يكون نصفهم على الأقل من العمال والفلاحين.ويعين رئيس الجمهورية الثلث الباقي. ومن حيث الاختصاص ليس له اختصاص تشريعي ، ويقتصر دوره حسب المادة ( 194) بدراسة واقتراح ما يراه كفيلا بالحفاظ على مبادئ ثورتي 23 يوليو سنة1952، 15 مايو سنة 1971 ودعم الوحدة الوطنية، والسلام الاجتماعي، وحماية تحالف قوى الشعب العاملة والمكاسب الاشتراكية، والمقومات الأساسية للمجتمع وقيمه العليا والحقوق والحريات والواجبات العامة، وتعميق النظام الاشتراكي الديمقراطي وتوسيع مجالاته. ويؤخذ رأيه حسب المادة ( 195) في الاقتراحات الخاصة بتعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور، مشروعات القوانين المكملة للدستور ، مشروع الخطة العامة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، معاهدات الصلح والتحالف وجميع المعاهدات التي يترتب عليها تعديل في أراضى الدولة أو التي تتعلق بحقوق السيادة، مشروعات القوانين التي يحيلها إليه رئيس الجمهورية وما يحيله رئيس الجمهورية إلى المجلس من موضوعات تتصل بالسياسة العامة للدولة أو بسياستها في الشئون العربية أو الخارجية، ويبلغ المجلس رأيه في هذه الأمور إلى رئيس الجمهورية ومجلس الشعب.
وفي الدستور المصري الجديد ظل تكوين مجلس الشورى كما هو حسب نص المادة ( 128 ) من هذا الدستور يتم انتخاب أعضاءه بالاقتراع العام السري المباشر. ويجوز لرئيس الجمهورية أن يعين عددا لا يزيد على عُشر عدد الأعضاء المنتخبين وعلى الرغم أن الدستور المصري الجديد قد أعطى مجلس الشورى صلاحيات تشريعية حسب المادة (102) التي نصت على انه ( لا يجوز لأي من مجلسي النواب والشورى إقرار مشروع قانون إلا بعد أخذ الرأي عليه ولكل مجلس حق التعديل والتجزئة في المواد، وفيما يعرض من التعديلات وكل مشروع قانون يقره أحد المجلسين يبعث به إلى المجلس الآخر، ولا يجوز له أن يؤخره عن ستين يومًا، لا تدخل فيها العطلة التشريعية ولا يكون قانونًا إلا إذا أقره المجلسان ) ، غير ان هذا الدستور قد نص على انه في حالة وجود خلاف تشريعي بين المجلسين فأن الكلمة النهائية لمجلس النواب وذلك حسب المادة (103) التي نصت على انه (إذا قام خلاف تشريعي بين المجلسين، تشكل لجنة مشتركة من عشرين عضوا يختار كل مجلس نصفهم من بين أعضائه بناء على ترشيح لجنته العامة؛ وذلك لاقتراح نصوص للمواد محل الخلاف وتعرض هذه المقترحات على كل من المجلسين؛ فإذا لم يوافق أحدهما عليها، يعرض الأمر على مجلس النواب ويؤخذ بما ينتهي إليه من قرار يصدره بأغلبية ثلثي أعضائه ) .ويتجه الحكم الانتقالي الحالي في مصر نحو تعديلات دستورية جديدة تلغي مجلس الشورى .

وإذا كان الدستور الأردني بتعديلاته التي تمت عليه عام 2011 ، قد نص في المادة ( 91 ) على اشتراك مجلس الأعيان مع مجلس النواب في التشريع بحيث لا يصدر قانون إلا إذا اقره هذان المجلسان وصدق عليه الملك. فأن مجلس الأعيان لا يشارك مجلس النواب من حيث التكوين فهو يتألف حسب نص المادة (63) من الدستور الأردني بما فيه الرئيس من عدد لا يتجاوز نصف عدد مجلس النواب.

وفي المغرب حسب دستور 2011 يتكون البرلمان من مجلسين ، مجلس النواب ومجلس المستشارين ، وعلى الرغم ان هذا البرلمان بمجلسيه يمارس السلطة التشريعية. ويصوت على القوانين، ويراقب عمل الحكومة، ويقيم السياسات العمومية. غير أن أعضاء مجلس المستشارين ينتخبون بالاقتراع العام غير المباشر، حسب التركيبة التي نص عليها الدستور .

مما تقدم يتضح أنه ليس في الفكر الدستوري العالمي ما يمنع أو ينال من نظام المجلسين حين يكون اختصاص مجلس الشورى أبداء الرأي والمشورة ، وبهذا الاختصاص لا يكون الدستور قد أخذ بنظام المجلس النيابي الواحد ، وانه على افتراض صحة ما فسرته المذكرة التفسيرية وهو غير صحيح بأن ( الفكر الدستوري العالمي يشترط لقيام نظام المجلسين أن يشترك المجلسان في التشريع ) فأن دساتير بعض الدول التي أخذت بنظام المجلسين وأن كانت تنص على اختصاص تشريعي للمجلس الثاني فأن اختصاصه هذا يقتصر على اعتراض توقيفي للتشريع وانه في حالة الخلاف بينه وبين مجلس النواب فأن الكلمة النهائية لهذا المجلس الأخير وهذا يعني أن مجلس الشورى لا يكون متساويا في التشريع مع مجلس النواب ، فضلا عن ذلك فأن تكوين المجلس الثاني في معظم الدول التي أخذت بنظام المجلسين يتكون عن طريق الانتخاب المباشر أو غير المباشر على النحو الذي أشرنا إليه في تجارب هذه الدولة .

 



3- التعديلات الدستورية الممكنة على نظام المجلسين
أمام هذه القراءة فأنه يمكن أن يتصدى المتحاورون في حوار التوافق الوطني لمسألة التشريع بإجراء تعديلات دستورية على اختصاص مجلس الشورى التشريعي وعلى تكوينه أو أجراء أي تعديل أخر على الدستور يعزز من دور مجلس النواب التشريعي والرقابي ويجعل من مبدأ الفصل بين السلطات الثلاثة مع تعاونها حقيقة واقعة ، لا مجرد حروف جوفاء ميتة .
لكن السؤال المهم في حوار التوافق الوطني ، هو ما هي الصيغ أو النصوص الدستورية التي يتعين الأخذ بها لتعديل الدستور لجعل التشريع فعالا ؟

رغم قناعتنا القانونية والسياسية بأن المجلس المنتخب من المقترض أن يكون وحده المختص بالتشريع حسب ما نص عليه الميثاق غير أن القراءة الواقعية للأحداث في البحرين في ظل تعدد الأراء الدستورية والقانونية والسياسية في المجتمع و عند المتحاورين في حوار التوافق الوطني فأنه من المتعذر الوصول إلى توافق على إلغاء الاختصاص التشريعي لمجلس الشورى كليا ، لكنه يمكن التوافق على تعديل هذا الاختصاص بحيث تكون الكلمة النهائية في التشريع لمجلس النواب المنتخب .ويمكن التوافق على تكوينه بحيث يتم تقليص عدد أعضاء مجلس الشورى وزيادة عدد أعضاء مجلس النواب .

يتبع ثانياً: وسائل الرقابة السياسية على أعمال الحكومة