المنشور

«الرفاق القدامى» خطوة أخرى للوراء

على من ينتقد موقف الجمعيات الديمقراطية التقدمية من الأزمة الحالية
ودخولها في تحالف مع جمعية الوفاق، أن يقدم برنامجاً وطنياً جامعاً يستقطب
مختلف التيارات السياسية والفكرية في المجتمع بما فيها الشخصيات الوطنية
والعلمانية، وأن يطرح مخرجاً يحظى بموافقة جميع البحرينيين من الطائفتين.

من
الواضح أن اتهام القوى الوطنية بالتخندق الطائفي بسبب تحالفها مع «الوفاق»
يهدف بشكل أساسي إلى التشكيك بموقف «الجبهة الوطنية»، التي تشكلت بعد
أحداث فبراير/ شباط ومارس/ آذار 2011، والتي ضمت جميع القوى الوطنية
المعارضة من خلال طرح مطالب محددة ومتفق عليها، فإن كان من الصعب الاعتراض
على مضمون الإصلاحات التي يطالب بها المواطنون فلابدّ من التشكيك في نوايا
من يطالب بها.

المفارقة أن من ظل يتهم القوى التقدمية بالتبعية
والطائفية، هو نفسه اتخذ موقفاً مشابهاً، ولكن في الطرف المقابل، وأصبح
تابعاً أميناً أو «ريموت كنترول» في يد السلطة.

قبل يومين نشرت إحدى
الصحف المحلية تقريراً بشأن نية مجموعة من المنشقين من المنبر التقدمي
لإطلاق تكتل سياسي جديد يحمل اسم «التغيير الديمقراطي».

ويشير
التقرير إلى أن «التكتل يضم مجموعة من الشخصيات الوطنية التي لها تاريخ
سياسي وعمالي واجتماعي… اعتبروا التطبيع مع الجمعيات الإسلامية مخالفاً
لفكر وتوجهات التقدميين».

وبعيداً عن «شخصنة» الموضوع، والإشارة إلى
من يتزعم تأسيس التكتل الجديد، بعد أن تم طرده من المنبر التقدمي بسبب صدور
أحكام قضائية نافذة بحبسه لمدة عام واحد بسبب عمليات التزوير والاحتيال،
ولم يقضِ يوماً واحداً في السجن بسبب الخدمات الجليلة التي قدمها للوطن،
وكيف يمكن «للرفاق الملتزمين بالفكر الإنساني التقدمي»، أن يقبلوا بشخص
مثله في تأسيس تكتلهم، الذي «يناهض شتى أنواع الاستغلال وكافة أشكال
التمييز». وما لذلك من دلالة واضحة.

يبدو أن السلطة ستتقدم خطوة أخرى
للأمام بعد أن حاصرت مؤسسات المجتمع المدني، حيث أغلقت عدداً من الجمعيات
المهنية الأهلية وأثّرت على انتخابات البعض الآخر واستمالت البعض، باتجاه
تأسيس جمعيات سياسية موالية ذات طابع تقدمي، بعد أن أثبتت الجمعيات
السياسية الدينية الموالية فشلها في لعب الدور المطلوب منها.

مثل هذه
الجمعيات مهمة جداً في الوقت الحالي، فليس من المنطقي أن تكون جميع
الجمعيات السياسية الموالية من طيف سياسي ومذهبي واحد، على الأقل أمام
الرأي العام العالمي، كما يمكن أن تكون هذه الجمعيات نواة لتأسيس الجمعيات
السياسية غير الطائفية بعد تطبيق قانون الجمعيات السياسية بشكل فعلي على
الأرض.

من جهة أخرى، يمكن لـ «الرفاق القدامى» الذين يرون أنه من
العار عليهم الالتحاق بجمعيات سياسية دينية، وهم الذين ظلوا يحاربون تحالف
التقدمي مع الوفاق، أن يخطو خطوة أخرى للأمام بتأسيس تكتلهم بعد أن ظلوا
متفرقين طوال هذه المدة، وخصوصاً أن الدعم المالي لن يكون مشكلة.

جميل المحاري