المنشور

الشكوى العمالية لم تُشطب نهائياً

دخل الشارع البحريني يومي الأربعاء والخميس الماضيين في حالة من
الالتباس بشأن مدى دقة وصحة ما نقلته وزارة العمل عن مجلس إدارة منظمة
العمل الدولية الذي عقد اجتماعه الدوري يوم الأربعاء من شطب الشكوى
العمالية المرفوعة من قبل 12 منظمة عمالية عالمية ضد حكومة البحرين.

البيان
الرسمي لوزارة العمل أكد أنه «في ضوء المستجدات الإيجابية التي تحققت في
معالجة ملف المفصولين خلال الفترة الماضية، وخاصة توقيع اتفاق ثلاثي
ومطالبة الأطراف الثلاثة بشطب الشكوى، بعد أن أثبتت حكومة مملكة البحرين،
بالتعاون المثمر مع الشركاء الاجتماعيين، حرصها وجديتها في طي هذا الملف
بشكل نهائي، فقد توصل مجلس إدارة منظمة العمل الدولية إلى قرار بشطب الشكوى
المقدمة ضد حكومة البحرين»، مؤكداً أن «هذا الملف أغلق نهائياً دون الحاجة
إلى اتخاذ أية إجراءات إضافية».

المتوقع كان «شطب» الشكوى في ظل
قبول الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين بذلك وتوقيع الحكومة على
الاتفاقية الثلاثية، وأشد المتفائلين لم يتوقع عكس ذلك، إلا أن توصيات
المجلس جاءت مغايرة تماماً للخطة «الرسمية»، فقد نصت على أمر مختلف وواضح،
وهو أن أعضاء مجلس إدارة المنظمة أوصوا بدعوة لجنة الخبراء المعنية بتطبيق
الاتفاقيات والتوصيات بمتابعة تنفيذ اتفاقية 111 المعنية بالتمييز في
الاستخدام والمهنة، إلى متابعة تنفيذ الاتفاقية الثلاثية، ودعوة مكتب
المنظمة إلى تقديم المساعدة التقنية في حال استدعت الحاجة لحكومة البحرين
والاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، وذلك من أجل التنفيذ الكامل والفعال
للاتفاقية.

كما تتضمن التوصية عدم اتخاذ مجلس إدارة المنظمة أي إجراء بشأن الشكوى المقدمة ضد حكومة البحرين، بما يتضمن ذلك سحب الشكوى المذكورة.

الواضح
من التوصيات، أن الشكوى العمالية ضد حكومة البحرين لم «تشطب»، وذلك
استناداً لأمرين؛ الأول، إقرار المنظمة «عدم اتخاذ مجلس إدارة المنظمة أي
إجراء بشأن الشكوى المقدمة ضد حكومة البحرين، بما يتضمن ذلك سحب الشكوى»،
والثاني، دعوة لجنة الخبراء لمتابعة الاتفاقية الثلاثية ومدى التزام حكومة
البحرين بتطبيق الاتفاقيات والتوصيات بمتابعة تنفيذ اتفاقية 111 المعنية
بالتمييز في الاستخدام والمهنة.

الشكوى العمالية المقدمة من قبل
المنظمات العالمية تقوم أساساً على اتهام حكومة البحرين بمخالفة اتفاقية
التمييز، وما إحالة الشكوى إلى لجنة الخبراء المعنيين بتلك الاتفاقية
لمتابعتها، إلا إبقاء عليها وجعلها موجودة ضمن ما يعرف بـ «آليات منظمة
العمل الدولية».

الحقيقة المؤكدة أن الشكوى شُطبت فقط من على جدول
أعمال مجلس إدارة منظمة العمل الدولية، إلا أنها أُحيلت للجان المتابعة
والمراقبة في المنظمة للتأكد من سلامة الالتزام أولاً بالاتفاقية الثلاثية
الأولى والثانية (التكميلية) وكذلك بالاتفاقية العمالية رقم 111 المعنية
بالتمييز في الاستخدام والمهنة صلب الشكوى.

ماذا يعني ذلك؟

يعني
ذلك أن الشكوى العمالية لم تشطب «نهائياً» وأن ملف المفصولين نتيجة
الأحداث السياسية في البحرين انتهى، بل هي باقية في أروقة منظمة العمل تحت
ما يعرف بـ «المتابعة والملاحظة».

تحدثنا من قبل وبشكل واضح عن
الفارق بين «توصيات بسيوني» و«الاتفاقية الثلاثية» وأكدنا أن الفرق كبير
جداً، فلجنة تقصي الحقائق وتوصياتها، لم تكن بغطاء دولي، أما «الاتفاقية
الثلاثية» فهي بتوصية من منظمة العمل الدولية، وتحت إشرافها وبعلمها
ومسئولة أيضاً عن متابعتها ولو بشكلٍ غير مباشر.

الخلاصة هي أن
الشكوى العمالية الدولية ضد حكومة البحرين باقية بشكل أو بآخر، وأحيلت
للمتابعة، وأن «الاتفاقية الثلاثية» التي صادقت عليها الحكومة وطرفا
الإنتاج تنص بوضوح على حق أي طرف من الأطرف الثلاثة وبشكل منفرد الرجوع إلى
آليات منظمة العمل الدولية في حال وجد إخلالاً في تنفيذ الاتفاق، وبشكل
أكثر وضوحاً فإن من حق أي طرف «الاحتكام» للمنظمة والرجوع لها لتكون الفيصل
في ظل تراجع طرف عن تنفيذ ما هو متفق عليه.

في ظل تلك التداعيات،
وفي حال إخلال طرف ببنود «الاتفاقية الثلاثية»، فإن احتمالية عودة الشكوى
العمالية سواء بصورتها الحالية أو بصورة مختلفة، سيكون وارداً من باب لجوء
أي طرف من أطراف الإنتاج لاستخدام حقه في الاستفادة من «آليات منظمة العمل
الدولية»، ومن باب لجنة الخبراء، المعنية بمتابعة ملف المفصولين البحرينيين
حالياً.

هاني الفردان