المنشور

بصراحة | وطن و مواطنون





أولاً: المواطن المطحون … مزيدا من الفقر

هل انخفاض أسعار النفط هو تخطيط مسبق من قبل الدوائر الإمبريالية وتحديدا الولايات المتحدة الامريكية، وفق الاستراتيجيات التي تضعها بعض الجهات المعنية هناك بمستقبل  المنطقة و بعض الدول التي تعد من ضمن النفوذ  الامريكي،  كل التقارير والمقالات  التي كتبت من قبل العديد من الإقتصاديين المرموقين في العالم حول أسباب انخفاض أسعار البترول  تؤكد هذه الفرضية (المخطط، المؤامرة)، لأنها، أي الإمبريالية الامريكية، تريد أن تزيد  من مخزون النفط لديها مستفيدة من هبوط الأسعار، وأن تتحكم في السوق العالمي، من خلال تشجيع حلفائها في المنطقة بمزيد من الانتاج اليومي للبترول بملايين من البراميل لتغرق السوق، و تنخفض الأسعار، وعلى تلك الدول الإنصياع
لنصائح صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، تلك النصائح الكارثية التي
 سيتحمل  أعباءها المواطن بدفع الرسوم والضرائب المالية الباهظة ، حيث
يزداد الفقراء فقراً والأغنياء غنى في ظل هذه الأوضاع المالية والاقتصادية
الصعبة التي تعيشها المنطقة وبالمقابل يخسر  المواطنون العديد من المكاسب الاجتماعية والخدمات المقدمة من قبل الدولة لسنوات مضت، في ظل تلك السياسات الخاطئة الفاشلة المتبعة وفقا لتلك النصائح.


وهناك
أمثلة حتى في بعض الدول الأوروبية مثل (اليونان، اسبانيا) فشل البنك
والصندوق الدوليين من اخراجهما من أزمتهما،  فكيف سيكون الحال في بلداننا
والبلدان الفقيرة لو طبقت شروطهم، تلك السياسات  والنصائح التي يجب الأخذ
بها من خلال رفع الدعم عن العديد من السلع والمواد الغذائية والطاقة و
الصحة والإسكان وغيرها ،سيكون   المتضررون  هم المواطنين، ليس الذين استفادوا من الوفرة المالية و ملأوا
جيوبهم وحساباتهم بالملايين من الدولارات على حساب شعوبهم و (صناديق أجيال
المستقبل) ولم  تدخر الأموال الفائضة من إيداعات بيع النفط عندما كان سعر
البرميل الواحد   145 دولاراً قبل عام 2008، لمثل هذه الأيام الصعبة، أيام التقشف.


واليوم نتساءل لماذا يدفع المواطنون الثمن باهظاً
لمعالجات خاطئة، وهم ليسوا شركاء في صنع القرار السياسي، هذه نتائج تلك
 السياسة الخاطئة التي سارت عليها الدولة منذ الاستقلال في عام 1971، حيث
تم الاعتماد على سلعةواحدة بشكل خاص وهي (البترول)، وإن وجدت بعض الصناعات مثل الألمنيوم والبتروكيماويات، لم يستفاد منها في قطاعات أخرى، لكي تتحول بلادنا إلى دولة منتجة،حيث تمَّ التركيز على تحويل البحرين إلى مركز مالي وتقديم خدمات في مجالات أخرى مثل السياحة التي لم تحقق النتائج المرجوة مثل دبي، بقت بلادنا في التصنيف الاقتصادي  دولة ريعية غير منتجة، حيث لا تتوفر فيها مقومات الإنتاج  والصناعة ، وصولاً إلى الأزمة الاقتصادية الحالية (التقشف).


ومن المعروف أن أكثر من 70% إلى 80% من إيرادات الموازنات في البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي تأتي من النفط،
و هي السلعة الرئيسية التي تعتمد عليها بلداننا، والمصدر المالي الرئيسي
للدخل القومي، بسبب السياسات الفاشلة  في عدم تطوير الاقتصاد طوال العقود
الماضية من تلك السنوات، ومن خلال  الاعتماد على سلعة النفط كمنتج وحيد، وفي ظل غياب كلي لتنوع مصادر الدخل، وتطوير بعض الصناعات، بسبب تلك التجارب والسياسات غيرالمدروسة يدفع المواطنون الثمن باهظاً، ولن يعيشوا  الأيام الجميلة الموعودة التي وُعدوا بها.
 


ثانياً: طلبة خلف القضبان

تصادف عندما تكون في الشارع أو في المجالس، أحدهم يقف ويسألك قائلاً: متى الحل؟ هل هناك شيء؟ متى سوف نخرج من هذه الأزمة؟ وغيرها من التساؤلات، يكون السائل والد أو أخ أو قريب لمعتقل أو سجين سياسي، يتساءل وهو يتوجع من الآلام الداخلية وإن إبتسم إليك  ألا أنه يخفي ذلك الوجع عنك، وبالأخص عندما يكون والد ذلك المعتقلالذي يتحدث عنه أو أنت الذي تسأل عنه لتخفف جزءاًبسيطاً من ذلك الألم  الداخلي، تحاول أن تدخل  الفرحة في قلبه لتقول له بعض من تلك الكلمات التي تقال دائماً  (أن شاء الله عن قريب يفرج
عنه)، لكن المصيبة الكبرى ليس الاعتقال والسجن خلف القضبان في تلك
الزنازين المظلمة، يصعقك  عندما يخبرك عن الحكم القاسي الصادر بحق ابنه أو
شقيقه أو أبن أخيه أو عمه ، قائلاً: حكم  عليه عشر سنوات أو خمسة عشرة سنة أو عشرين سنة أو حتى بالسجن المؤبد، والأكثر ألما هو إسقاط الجنسية البحرينية عنه.


ونتحدث هنا عن أطفال وشباب مثل الزهور يقضون سنوات طويلة خلف القضبان لصدور أحكام قاسية بالسجنبحقهم، بدل أن يكون هؤلاء
الطلبة  على مقاعد الدراسة في المدرسة أو الجامعة أو ليمارسوا هواياتهم
المفضلة مع أقرانهم في الأحياء الشعبية أو الملاعب أو ليقضوا أوقاتا ممتعة مع صحبة من  الأهل والأصدقاء في المقاهي والمجمعات التجارية، حيث أماكنهم الطبيعية ليعيشوا طفولتهم وشبابهم.


ربما يقول قائل بأنهم ارتكبوا جرماً وهذا عقاب لهم على ذلك الفعل، نقول لهم إعادة التأهيل   هي الطريقة الأمثل  لإصلاح  الأحداث الصغار في السن، بدل من تغليظ الأحكام الصادرة بحقهم، ومن خلال توفير البرامج التعليمية والتدريب  على المهارات والمعارف العلمية للاستفادة من الأوقات  الطويلة في السجن وملء الفراغ بأمور مفيدة من خلال الإستعانة  بمتخصصين تربويين وإجتماعيين يضعون لهم برامج تتناسب مع أعمارهم، ومن ثم العمل على تقليل سنوات الحكم  الصادرة بحق العديد منهم، وإطلاق سراح آخرين وفق تحقيق ذلك البرنامج التأهيلي  في زمن محدد.