المنشور

نحَّذر من مغبة إقرار التعديلات لمشروع لقانون التقاعد، ونطالب بموقفٍ وطني واسع رافض للمساس بمكتسبات المشتركين والمتقاعدين

بيان من جمعيتي التجمع القومي والمنبر التقدمي

عبرت جمعيتا المنبر التقدمي والتجمع القومي عن رفضهما الشديد للمشروع بقانون الذي رفعته الحكومة مؤخرا بصفة الاستعجال إلى السلطة التشريعية حول اصلاح وتعديل قانون التقاعد في البحرين، والذي يعطي، بحسب التعديلات المقترحة، صلاحيات واسعة  لمجلس هيئة التأمينات الاجتماعية وصندوق التقاعد العسكري، بما في ذلك صلاحية تحديد نسب اشتراكات التقاعد ومدة احتساب متوسط الراتب أو الأجر الذي يتم بناء عليه تسوية المعاش وتقرير منح زيادة سنوية على المعاش أو وقفها وتحديد المدة المؤهلة لاستحقاق المعاش وتقرير السماح بضم مدد افتراضية، وهي صلاحيات من شأنها أن تنتقص من سلطة البرلمان التشريعية والدستورية بحيث تصبح صلاحيات تعديل القانون مستقبلاً في يد الجهة التنفيذية المعنية ذاتها بتنفيذ تلك التعديلات، ممثلة في الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية.

وحيث أن التعديلات الواسعة المقترحة على أحد أهم القوانين التي يمكن أن يناقشها البرلمان، تمس مباشرة أموال وحقوق ومكتسبات عشرات الآلاف من المتقاعدين ومئات الآلاف من المشتركين ضمن نظام التقاعد والتأمينات الاجتماعية في البحرين سواء كانوا من موظفي القطاع العام، أو القطاع الخاص أو حتى القطاع العسكري،  فقد كان من الأجدر أن ينص القانون الجديد على ما يعزز شراكة ومساهمة هؤلاء عبر ممثليهم في الاتحادات النقابية والمهنية لضمان حسن سير إدارة هذه الأموال ويحافظ على الحقوق والمكتسبات ومراقبة التصرف فيها خاصة في ظل المطالبات الملحة بالشراكة المجتمعية في إدارة السياسات الاقتصادية والاجتماعية وقواعد الحوكمة الرشيدة التي تنادي بها الحكومة، وخاصة بعد إن أثبتت إدارات صندوق التقاعد والتأمينات الاجتماعية فشلها وعجزها في إدارة أموال واستثمارات الهيئة والصندوق وأثبتت التحقيقات الهدر الكبير في هذه الأموال والاستثمارات، وهي أحد الأسباب الرئيسية في التهديد بإفلاس نظام التقاعد.

لذلك، فإن الضرورة تفرض على الجميع، وفي مقدمتهم أعضاء السلطة التشريعية عدم السماح، وتحت اي ظرف، بتمرير هذا المشروع بقانون الذي يحمل في طياته الكثير من الانعكاسات الخطيرة على مستقبل التأمينات الاجتماعية، ومظلة الأمان الاجتماعي برمتها، وكذلك على حقوق المشتركين ومستقبل الآلاف من الأسر في البحرين، الأمر الذي سيخلق، لا محالة، وضعاً اجتماعياً واقتصادياً ومعيشياً لا يمكن التنبؤ بعواقبه الوخيمة.

إن الجمعيتين تطالبان بضرورة  التمعن في حجم التفاصيل الكامنة في التعديلات المقترحة وما ستلحقه من مخاطر على مجمل الوضعين الاجتماعي والمعيشي، والتي جاءت على عكس توقعات الجميع، حيث كان منتظرا اصلاح نظام التقاعد في البحرين بما يلبي حاجة البلد والناس في تحقيق المزيد من سبل الاستقرار الاجتماعي، في ظل تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية، وبعد رفع الدعم عن الكثير من السلع الاستهلاكية الأساسية، وفرض حزمة من الضرائب على كاهل المواطنين بمختلف شرائحهم، وتوقع فرض المزيد منها في القريب العاجل، حيث أن المطلوب وفي مواجهة هذه الأوضاع وتحمل المواطنين أعباء الضرائب والرسوم المتزايدة أن يعطون الحق للمشاركة المباشرة في  صياغة القرارات المتعلقة بمستقبلهم ومستقبل أجيالهم.

لقد سبق أن حذّرت جمعيتا التجمع القومي والمنبر التقدمي،  ومعهما طيف واسع من القوى والشخصيات الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني من مغبة السكوت على الكثير من الاجراءات والخطوات التي اتخذت خلال السنوات الأخيرة، وحتى وقت قريب ، حيث أقدمت الكثير من مؤسسات القطاعين العام والخاص والشركات على دفع الناس نحو التقاعد المبكر تحت ذرائع وحجج، ليس أقلها تطبيق نظام الخصخصة سيء الصيت، والذي يأتي، كما نعلم، تنفيذاً لتوصيات صندوق النقد الدولي و”روشتاته” المدمرة، الأمر الذي أرهق الوضع المالي لصناديق التقاعد في هيئة التأمينات الاجتماعية، وحتّم بدوره على  شرائح واسعة من المتقاعدين مبكراً البحث عن وظائف بديلة لتحسين أوضاعهم المعيشية الصعبة.

وتؤكد الجمعيتان أن الإصرار على استمرار تغييب التمثيل العمالي في مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي أصبح مثيراً للشبهات، والغاية منه تمرير ما لا يخدم مصالح المتقاعدين، وينتقص من حقوقهم التقاعدية، وبات ملحاً معالجة هذا التغييب القسري.

كما أن مجلس النواب ومنذ العام 2004 كان قد طالب بضرورة اصلاح أوضاع الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية وإعادة الأموال والأصول والممتلكات، ووقف الفساد المستشري فيها، وفي إدارتها على أسس مهنية واحترافية ترتقي بحقوق ومكتسبات المشتركين والمتقاعدين، علاوة على ضرورة اصلاح نظام التقاعد ذاته بصورة تحقق الاستقرار الاجتماعي وتعيد ثقة المشتركين والمتقاعدين في نظام التقاعد في البحرين، وهذا ما اكدت عليه نتائج للجنة التحقيق البرلمانية حول صناديق التقاعد التي اعلن عنها في 5 مايو الماضي لتؤكد عجز الهيئة عن ادارة الصناديق التقاعدية والذي طالبت فيه بإعادة النظر في القيادات التي تدير الهيئة ومراعاة الكفاءات وما الى ذلك من نتائج سبق وان خلصت اليها لجنة التحقيق البرلمانية التي شكلت قبل  أكثر من اربعة عشرة عاماً،  والتي عرضت حينها في تقرير رفع للحكومة، دون أن تلقى مطالبات الجميع بما فيهم نواب مجلس 2002-2006 ، استجابة جدية من قبل مجلس ادارة الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية، أو حتى متابعة السلطة التنفيذية التي التزمت، شفاهةً،أمام البرلمان حينها بالمضي في تنفيذ توصيات تقرير لجنة التحقيق البرلمانية المشار اليها.

إننا في جمعيتي المنبر التقدمي والتجمع القومي نُحَذر أعضاء مجلسي النواب والشورى من استسهال تمرير هذا المشروع الخطير، والتحسب جيداً لتداعياته المحتملة، ونطالبهم باظهار موقفهم الوطني المسؤول والتاريخي برفضه وعدم ارتكاب خطيئة لا تغتفر بحق مصالح ومكتسبات المواطنين والأسر بمختلف شرائحهم وفئاتهم، والاستعاضة عن ذلك باعادة طرح ملف التأمينات الاجتماعية واصلاح نظام التقاعد في البحرين للنقاش والتحقيق مجدداً.

وتأسيساً على قاعدة احترام الإرادة الشعبية وحق الناس في الاعتراض على توجهات خطيرة ومثيرة للمخاوف مثل هذه، نطالب جميع القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني، وفي مقدمتها النقابات والاتحادات العمالية، الوقوف بصلابة  ومسؤولية بوجه هذا المشروع  المدمر الذي في حال اقراره سيصبح عنواناًلأزمة اجتماعية ومعيشية قادمة.

المنبر التقدمي                                                                                                                                                                   التجمع القومي

الأول من يونيو 2018