المنشور

خطة انقاذ التأمينات #ارفعوا_أيديكم_عن_التأمينات

يحيى المخرق

لاشك لدينا، بأن أوضاع التأمينات الاجتماعية في البحرين، تمرّ بمنعطف خطير، ومن الواجب الالتفات جيدً، وجدياً، لهذه القضية المصيرية التي تؤثر على شريحة واسعة جدا من المواطنين ويجدر ذكر العدد الكبير من الفعاليات التي نظمناها في المنبر التقدمي على مدار 14 عاما وأكثر من أجل إصلاح التأمينات الأجتماعية.

وهنا نقول إننا متفقون على أن التأمينات بحاجة الى إصلاح، بل نحن أكثر من طالب بأصلاحها ولكن إصلاح أي خلل يتطلب دراسة معمقة لأسباب الخلل ثم اقتراح الحلول الممكنة ودراستها مع أصحاب الشأن، وهم دافعو الأشتراكات والمستفيدين، أي العمال وأصحاب العمل، سواء كانوا من القطاع الخاص ، أوالحكومة بصفتها رب عمل.

والمشكلة الأساسية في التأمينات الاجتماعية، (ولا نناقش هنا الأسباب)، هي مسألة العجز الأكتواري، فماذا يعني هذا المصطلح، الذي أصبح رائجاً منذ سنوات عندنا؟

ينقسم المصطلح إلى قسمين؛ الأول هو “العجز”، وهو يعني زيادة ميزان المدفوعات على المدخول أو بمعنى أبسط زيادة المصاريف على المدخول. أما القسم الثاني: “الإكتواري”، أو العلم الإكتواري،  فهو نظام يقوم على تقييم المخاطر المالية في مجالات التأمين والتمويل باستخدام الأساليب الرياضية والإحصائية، ويطبق العلم الإكتواري رياضيات الإحتمالات والإحصائيات لتحديد وتحليل الآثار المالية للأحداث المستقبلية غير المؤكدة. وبمعنى أبسط فإن العمل الاكتواري يتوقع النتائج المالية المستقبلية على مدى بعيد.

أما “العجز الأكتواري” فيعني أن عدم القدرة على تغطية المصاريف المستقبلية من المدفوعات الحالية التي يتم جمعها لدفعها في المستقبل.

هذا وبعد تحديد وفهم المشكلة، ومن موقع المتابعة لملف التأمينات الأجتماعية يمكن إختصار أسباب العجز الإكتواري في التالي:

  • سوء ادارة الإستثمار من قبل مجلس الإدارة والادارة التنفيذية.

  • تبديد اموال التأمينات عن طريق شطب الديون بشكل كامل، والتصرف في أموال لا صلاحية لهم فيها –  مثلا دفع مكافأة سنوية للموظفين “بونس”.

  • استثناء العمالة المهاجرة من دفع اشتراكاتها.

  • عدم دفع الحكومة للإشتراكات المطلوبة عن العمالة المهاجرة التي تعمل لديها.

  • تشريع التقاعد المبكر والحث عليه، وفرضه في بعض الشركات المملوكة للحكومة

  • زيادة المنافع دون تمويلها او ايجاد سبل للتمويل.

ولو نظرنا للقاعدة القانونية التي تقدم الحقوق العمالية على بقية الديون، فإن أموال التأمينات الاجتماعية يجب أن تقدّم ولا تعدم، ويعمل على استرجاعها. وبناء على عناوين وأوجه الأزمة التي أشرنا إليها أعلاه، نقترح الحلول التالية:

  • التشريع للجنة ثلاثية يمثل فيها العمال وغرفة التجارة والحكومة ذات صلاحيات قضائية – على غرار اللجنة الوزارية للتعامل مع الإستثمارات العقارية المتعثرة ذات الصلاحيات القضائية ، للعمل على تحصيل أموال التأمينات المهدرة والمنهوبة.

  • العمل على اصلاح فوري وجدي لإدارة الإستثمار ليوفر عائداً مجدياً من خلال مشاريع تنتج وظائف للبحرينين، بالإضافة الى العائد.

  • إصلاح التشكيل الأعور لمجلس ادارة التأمينات ووضع تشكيل ثلاثي متكافئ حسب مواصفات ومبادئ منظمة العمل الدولية.

  • وأيضا وضع وتطبيق قواعد الحوكمة والادارة الرشيدة من قبل مجلس الادارة.

  • إرجاع العمالة المهاجرة إلى مظلة التأمينات الاجتماعية، بما يحفظ لهم حقهم في مكافأة نهاية الخدمة، وينهي التمييز الحاصل حالياً، ويساعد في دعم ميزانية التأمينات من خلال عوائد الاستثمار من هذه الأموال.

  • الزام الحكومة بدفع اشتراكات موظفيها من العمالة المهاجرة.

  • وضع قواعد أكثر صرامة للتقاعد المبكر، ومعالجة أسباب الإقبال عليه ومنع الشركات الكبرى من الترويج لبرامج التقاعد المبكر بل ومعاقبتها عليه.

الحلول أعلاه، في تقديرنا، لو طبّقت بشكل أمين ستحل جزءاً كبيراً من العجز الاكتواري وبعد انجازها يتوجب اجراء دراسة مفصل ومعمقة لمكامن الخلل وعلاجها.

يبقى أن نقول إن على الشارع البحريني وقوى المجتمع المدني الفاعلة مواصلة الضغط على الجهات المعنية، لضمان عدم الإلتفاف على نتائج سحب القانون وتقديم رؤية بديلة، لا بد لها، لكي تكون جادة وفعّالة، أن تشمل الحلول المذكورة للحفاظ على مكتسبات العمال والمتقاعدين والمستفيدين.

نشرة التقدمي لشهر يوليو 2018.