المنشور

المنبر التقدمي يحذر من تبعات السياسات الاقتصادية والاجتماعية المتبعة ويدعو لوحدة الحركة النقابية واستعادة دورها

يتقدم قطاع النقابات العمالية والمهنية في المنبر التقدمي بالتهاني الحارة لكل العمال والموظفين والكادحين في عيدهم، الأول من مايو، ويتمنى لهم سنة قادمة مليئة بالإنجازات والتقدم.

يمر هذا العيد، كما هو الحال خلال السنوات الأخيرة الماضية، دون المسيرة العمالية التي أطلقناها في العام ٢٠٠٢ وصارت تقليداً عمالياً وطنياً تعبر فيه القوى العمالية عن تطلعاتها وشعاراتها وتبين قضاياها وتوجهاتها، إلا أن المسيرات منعت للسنة الخامسةً على التوالي دون مبرر مقنع.

شهدت الفترة الماضية هجمة شرسة على قوت ومقدرات الطبقة العاملة والمتقاعدين وأصحاب الدخل المحدود، فبعد أن مرّر مجلس النواب المنصرم غير المأسوف عليه للحكومة قانون ضريبة القيمة المضافة، وهي الضريبة المباشرة الأولى التي تستهدف المستهلك وتستثني التجار، توالت التدابير والرسوم التي تنال من الأجور المتدنية للغالبية الساحقة من العمال والموظفين وشرائح الفئات الوسطى.

وشهدنا أيضاً انقضاض الحكومة على مقدرات العمال ومستقبلهم الماثل في مستحقاتهم التأمينية من خلال استهداف صندوق التأمينات الاجتماعية، كما بدأت الحكومة العمل في تصريح العمل المرن الذي زُعم أنه جاء ليحل مشكلة العمالة غير النظامية – الفري فيزا – بينما لا يتجاوز دوره تحصيل الرسوم من العمالة المخالفة واعطائهم صكاً مفتوحاً للعمل في آلاف الوظائف دون الحاجة إلى تصريح، ما أدى ويؤدي إلى مزاحمة العمالة الوطنية بشكل رسمي وقانوني وممارسة التجارة دون الحاجة لسجل تجاري ومزاحمة التجار وخصوصاً أصحاب المهن البسيطة.

وللأسف الشديد فإن كل ذلك يتم في ظل ضعف أو حتى غياب دور الحركة النقابية ممثلة في اتحاديها، حيث نلاحظ تفتت الحركة النقابية المفتتة أساساً وإضعافها وتنازع النقابيين على المناصب وضعف دور الجمعيات العمومية وتقلص العضوية وصعوبات تحصيل الاشتراكات وركن الملفات العمالية الأساسية جانباً؛ وهذا نتاج طبيعي لما يحدث في أروقة النقابات والاتحادات، وتقاعسها عن أداء الدور المطلوب منها في هذه المرحلة بالذات حيث باتت الملفات المعيشية تؤرق قطاعات الشعب البحريني المختلفة، وتخلق أساساً موضوعياً لوحدة هذه القطاعات في النضال من أجل صون حقوقها.

ورغم استعادة تمثيل العمال مؤخراً في مجلس إدارة التأمينات الاجتماعية، إلا أن هذا التمثيل مشوه، ويشكل تراجعاً عما كان عليه قبل أزمة 2011، فهو يقسم المقاعد الثلاثة بواقع مقعد واحد لكل اتحاد، وثالثها لشخصية لا علاقة لها بالعمال وهياكلهم النقابية التي ينتج منها محاسبة ممثليهم في مثل هذه المواقف، وهو انتقاص أكبر للوضع المنقوص أساساً الذي تسيطر فيه الحكومة على المجلس وقراراته من خلال تعيينها لممثليها وأيضاً ممثلي العاملين في القطاع العام إضافة إلى رئاسة المجلس.

وتستمر الحكومة في الإذعان لخطط صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في فرض المزيد من الضرائب وفي التخلص من الموظفين تحت مسميات إعادة الهيكلة وتخفيض النفقات، ومحلياً عبر برنامج التوازن المالي وبشكل مباشر برنامج التقاعد المبكر لموظفي القطاع العام الذي حذّرنا منه ومن تبعاته على الموظفين والاقتصاد الوطني وعلى الخدمات العامة، إلى أن اتضحت الصورة بعدم وجود التمويل الكافي لتقاعد من دفعوا إلى التقاعد المبكر، والانقضاض مجدداً على أموال العمال ممثلة في فائض صندوق التأمين ضد التعطل لكون العمال والموظفين هم الممولين الأساسيين لتقاعد زملائهم، وأصبحت برامج الصندوق والبنك الدوليين تنفذ على حسابهم.

وقد نظمّ المنبر التقدمي وكتلته النيابية “تقدّم” عشرات الفعاليات المناهضة لهذا القانون وحاولنا استنهاض النقابات والاتحادات لتأخذ دورها، كما كنا من قبل أخذنا المبادرة، عبر سلسلة من الفعاليات والأنشطة، ضد التعديلات على قانون التأمينات، مما ساهم في نشوء حركة احتجاج شعبي واسعة ضدها، انعكست على موقف مجلس النواب السابق، الذي رفض مشروع القانون، بينما أقرّه مجلس الشورى، قبل أن يتدخل جلالة الملك ليأمر بإيقافه.

وقبل شهور قليلة طرحنا في المنبر التقدمي وعبر كتلة “تقدّم” استبياناً للعاطلين عن العمل أظهر ومن خلال العدد الكبير للمشاركين فيه نتائج صادمة للمجتمع، من حيث أعداد العاطلين ومؤهلاتهم وتخصصاتهم، كما بدا واضحاً الاختلاف الشاسع بين نتائجه والبيانات التي تقدمها وزارة العمل عن ملف العاطلين.

هذا الاستبيان تمت ترجمته إلى حراك برلماني موسع أفضى إلى إجبار وزارة العمل على تعديل متطلباتها المتعنتة في تسجيل العاطلين عن العمل وتوسيع الشرائح المستحقة ورفع مستوى المستحقات المالية للعاطلين وتعويضات التأمين ضد التعطل وغيرها من التعديلات المترابطة.

وبشكل متزامن تمّ طرح ملف البحرنة بشكل واسع عبر البرلمان بما يؤكد شعبية هذا الملف، بصفته أولوية وطنية، وأفضى ذلك إلى تشكيل لجنة تحقيق لازالت تؤدي دورها ونتمنى أن تنتج وبالتعاون مع جميع الأطراف حلولاً وتشريعات تلزم ببحرنة الوظائف، إلا أن موقف النواب من مسألة تمويل برنامج التقاعد الاختياري جاء مخيباً للآمال وتحت مبررات غريبة وغير منطقية شرّعت للاستيلاء على أموال العمال.

إن قطاع النقابات العمالية والمهنية في المنبر التقدمي يحث الحركة النقابية، عبر اتحاديها والنقابات المنضوية تحتهما، إلى النهوض بالمهام والواجبات الكبرى الملقاة على عاتقها في هذا الظرف، ومن جانبنا نؤكد أننا سنبقى دافعاً ومسانداً لها بما نملك من طاقات وخبرات، من أجل بلوغ الأهداف المشتركة لعمال وكادحي بلادنا.

كما ندعو كل العمال وفي مقدمتهم القيادات العمالية في النقابات والاتحادات وجميع الهياكل العمالية إلى تجاوز خلافاتهم وتغليب المصلحة العامة للعمال والكادحين والعمل على استعادة وحدة الحركة العمالية من أجل انتشالها من حالة الضعف والتهميش التي تمر بها.

وفي هذه المناسبة العمالية الوطنية والأممية نحذر من الاستمرار في السياسات الاجتماعية الاقتصادية المتبعة الخاضعة لسياسات وتوصيات البنك الدولي وغيره من المؤسسات وبيوت الخبرة الأجنبية المتمثلة في الخصخصة وزيادة الضرائب ورفع الدعم والتي تتجلى نتائجها في العديد من الدول بمزيد من المصاعب للكادحين وأصحاب الدخل المحدود ومزيد من عدم الاستقرار والأزمات الاجتماعية.

ونؤكد أهمية أن تكون هناك سياسات تشغيل يكون العامل البحريني هو محورها الأول، بحيث تؤمن له فرص وظروف عمل لائقة تساهم في استقراره وتطوره الوظيفي، وتمكنه من المساهمة في العملية الانتاجية أطول فترة ممكنة.

كما نطالب باتباع سياسة شفافة وحازمة في مواجهة الفساد وهدر الأموال العامة، والعمل على صيانة هذه الأموال وتوجيهها في استثمارات اجتماعية تعود بنفعها على المواطنين وتوفير فرص عمل لائقة لهم.

قطاع النقابات العمالية والمهنية
المنبر التقدمي
الأول من مايو 2019