المنشور

قصص “نساء” فوزية مطر

في قصصِ “نساء” فوزية مطر
المال والمجتمع يحكمان حياة المرأة

تواصلُ الكاتبة فوزية مطر في كتابِها “نساء”، الصادرِ عن دارِ فراديس للنشرِ والتوزيع، مشروعَها الكتابيّ لتغطيةِ مساحاتٍ من تاريخِ المرأةِ البحرينية، وجوانبِ حياتِها. وتسللت هذه المرةُ إلى الجانبِ الخاص، فدخلت البيوتَ وغرفَ النوم، واستمعت للحواراتِ الدائرة في هذهِ البيوت التي غالباً ما تضم أسراً نووية، وفي رؤوس النساءِ في هذه البيوت، باحثةً عن مكانِ المرأةِ في ظلِ الأنظمة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وحتى العدلية في تلك الفترة. تناولت نظرةَ المرأة لنفسِها، ولدورهِا في أسرتِها وعلاقتِها بالرجل.
في 170 صفحةٍ، انبثقت حكايات الكتابِ من قصص حقيقية، روتها للكاتبة، والدتها، كما ذكرت في مقدمةِ الكتاب. وتركت خيالَها ينسجُ حولَ هذه الحكايات تفاصيل حيواتٍ كاملةٍ لنساءِ الكتاب: زوجات، وأمهات، وخادمات وفتيات صغيرات. هذا الخيالُ الخصبُ الممتلئ، والمنشغلة صاحبَتُه دائما بالمرأة، نفذ إلى تفاصيلَ صغيرةٍ ودقيقة في حياةِ هذه المرأة، تلمّس أوجاعها، وكشفَ مناطقَ ضعفِها، عرّفَ المجتمعَ المحيطِ بها، كشفَ ذكوريتهِ وفضحَ انحيازِه للرجل.
كان المجتمع في زمن تلك القصص، يضعُ الرجل في المركز، ويتركُ المرأة تدور في فلكهِ، مسخَّرة لخدمتِه، تطلبُ رضاهُ وقبوله، وفي المقابل لا يقيمُ الرجل لاحتياجاتِ المرأةِ وزناً، فيكفيها أنها في ظلِ رجلٍ يوفّر لها عيشا، وليس بالضرورة أن يكون هذا العيشُ كريماً. وتباركُ هذا الميزان المختل، ثقافةٌ اجتماعية ظلت سائدة، حتى دخلَ التعليم عالمَ النساءِ في البحرين، ليغيّرَ – وإن بشكل تدريجيٍ بطيء – من وضعِ المرأة. لم تمت هذه الثقافة الاجتماعية التمييزية بين المرأة والرجل حتى وقتنا الحاضر، ولكن التمكّنُ الاقتصادي لعبَ دورَه في انتفاءِ اعتماد المرأة على الرجلِ لتعيش، وفتحَ أمامَها أبوابَ الاستقلالية والحرية في جوانبٍ كثيرة.
دارت قصصُ الكتاب في حقبةٍ اقتصاديةٍ صعبة، وكما هو الحالُ دائماً، يتحمل الطرفُ الأضعف العبء الأكبر من أي وضعٍ صعب، فتحملت النساءُ شظف الحياة، وأيضاً تبعات إحباط الرجل من فشلِه في توفيرِ حياةٍ كريمة لأسرته، ولم تسلم تلك التي تقررُ أن تخرجُ من بيتِها كسباً للرزق، من عيون المجتمع المتربصةِ بها، ومن تنميطها في إطار المرأة القابلة لبيع كرامتِها وشرفِها في مقابل المال.
قدمت الكاتبةُ في كل قصةٍ من قصصِ الـنساء الـثلاث عشرة التي جمعتها بين دفتيِّ كتابِها، نماذج للنساء اللاتي عشنَ في تلك الفترة. قصصُ الكتاب متنوعة، ومكتنزة بالتفاصيل المختلفةِ في فترةِ حدوثها. ربما نعتبر تلك القصص بتفاصيلها عيّنةً ممثلة للمجتمع آنذاك!
سببان وراء ضعف المرأة وهشاشتها
المال والسطوة الاجتماعية كانا ذراعين طويلتين تمتدان للمرأة أينما كانت. سواء في منزل أسرتِها أم في منزلِ زوجها، أم في منزل أسيادها، أم حتى أثناء سيرِها في الشارع بمحاذاةِ الجدران.
السبب الأول اقتصادي: الحاجة المادية هي أكثر الأسباب التي تؤثرُ في جودةِ حياةِ المرأة في تلك الفترة. فهي إما أن تتحمل شظف العيش بسبب الأوضاعِ الاقتصاديةِ السيئة في ذلك الوقت، خصوصاً قبل اكتشافِ النفط. أو أنها تخرجُ من منزلها للخدمة في بيوتِ الموسرين نظير مبالغ صغيرة أو مقابلَ وجبةٍ تعود بها، بعد يومِ عملٍ طويلٍ لتطعمَ بها أبناءها. كذلك تتكسب من وراء مشاريعٍ صغيرة بطحن البهارات والسدر وبيعها ويتطلبُ ذلك أيضا خروجها من منزلها.
خروج المرأةِ من منزلِها يضاعفُ هشاشةِ وضعِها، فهي حينئذ تكونُ عرضةً لضررٍ أكبر، من المجتمعِ الذي يرى في خروجِها للكسبِ ضعفاً يمكن استغلاله. فتتعرض للتحرشِ والمضايقة والاستدراج حتى الاغتصاب. يعرفُ الرجل – والمجتمع من ورائه – أنَّ الأمر محسومٌ لغير صالح المرأة حتى وإن كانت هي الضحية والمذنبُ هو الرجل. يأمن العقاب فيتمادى في استغلاله للمرأة. كان هذا واضحا في قصةِ “استدراج” عندما خرجت الفتاةُ للعمل لمساعدةِ أسرتِها بعد أن أتلفَ الغوصُ إحدى رئتي والدها. فتعرضت للتحرش الذي أفضى إلى اغتصابها. واحتمى المغتِصب بالمجتمعِ الذي لن يرحمها لو انكشف أمرها. فتتعرض للمزيدِ من الاستغلال. تطرقُ الباب الخطأ لتوفير المال بالدينِ لحماية والدِها وشقيقِها من ظلم النوخذة، لتكتشف أن عليها أن تبيعَ المزيدِ من كرامتِها. الأمرُ نفسه تكرر في كل قصة احتاجت فيها المرأة لتوفير المالِ من أجلِ أسرتِها.
السببُ الثاني – اجتماعي
الثقافةُ السائدةُ آنذاك تعتبرُ تعنيف المرأة وضربها أمراً مقبولا. كذلك الأمر في إجبار المرأةِ على الزواج، وأيضاً زواج القاصرات، وحرمانهن من التعليم. الأمر الذي يتركُ المرأةَ بين خيارين، إما الصبر والبقاء تحت سقفِ الزواج، إن لم تكن لها عائلةٌ تُسندها، بما فيه من هدر لكرامتها، أو أن تختار الخروج لتواجُه الحياةِ لتكتشف وعورةَ طريقِ المطلّقة، ونظرة المجتمعِ واستغلاله. عددٌ من نساء القصص انزلقن إلى دربِ الدّعارةِ رغماً عنهن، وصعبُ عليهن الخروج منه بعد ذلك.
الطبقية الاجتماعية التي كانت سائدةً في تلك الفترة سهّلت تعدى “ابن الأسياد” على ابنةِ مربيتِه منذ الصغر، بتعنيفِها المستمر وحرمانِها من اللعبِ معهم. كما لم يجد أي قيدٍ يردعه عن اغتصابِها فيما بعد. ولم تتجرأ العائلةُ على الانتقام، خوفا منه وخوفا من المجتمع وكانت الفتاه هي الضحية.
الطبقية أيضا حرمت ابنة “الحسب والنسب” من الزواجِ بموظفٍ صغيرٍ في شركة والدها. برغم أن الأب كان يعاني وهو يرى الحياةَ تنسحبُ من ابنته بسبب قراراتهِ، إلا أن قوى المجتمع كانت أكبر من عاطفته.
الطبقية أيضا دفعت الرجلَ الثري في قصة نزوة للاحتيال على الغجريةِ الجميلة في مصيفٍ بإحدى الدولِ العربية، وتزويجِها لمساعده كي يصطحبها إلى بلادهِ حيث احتجزَها، وواظبَ على اغتصابِها على اعتبار أنه قادرٌ على شراءِ أي “شيء” بالمال.
العنفُ أيضا والوصايةُ الأبوية حرمت المرأة من تجارب الحب واختيارِ الشريك في قصة التيه. وحرمتها أيضا من التعليم. في قصة القاصر نرى كيف يئدُ المجتمعُ أحلامَ بناتِه الحالمات بحياةٍ أفضل، فتُحرمنَ من الدراسة خوفاً من أن يفتحُ التعليمُ عيونهن على أفقٍ يتجاوز المسموح، في هذه القصةُ التي تقع فتاتُها ضحيةَ “زواج القاصرات”، تُجبر على حياة مع رجلٍ متزوجٍ يكبرُها بسنواتٍ. تعاني من الاغتصاب الزوجي في هذه الأثناء. وعندما ييأسُ من تحقيقِ مرادِه من هذا الزواج بإنجاب الولد؛ يطلقُ سراحها فيتجددُ حلمُ العودةِ للدراسةِ، لتكتشف فيما بعد أن لا مكان للمتزوجات أو المطلقات على مقاعدِ الدراسة.
في القصتين، حين تناثرت حباب الحمص ولهيب الرمل الحارق، يرفضُ الرجلُ إعاقةَ ابنته، ويُلقى اللومَ على الزوجة، ويعتبرُ الإعاقةَ أمرٌ سلبي إضافي على عبءِ ولادتها أصلاً كبنت. الأب في القصتين كان قاسيا وعنيفا. في الأولى كان يربطُ ابنتَه المعاقة في ساق شجرة ويضربُها ضربا مبرّحا على مرأى والدتها وجدتها، فيما تخلّص الأب في القصةِ الثانية من ابنتِه بأن تركها في رعايةِ والدتِه القاسية بسبب انشغال والدتها، زوجته، برعايتها عن خدمته، وحرمها أيضا من رعايةِ هذه الابنة وزيارتها.
في قصة ابن عمّي، نرى كيف يشكلُ المجتمع امرأةً خاضعةً وخانعةً لزوجِها، ابن عمها الذي نشأت وهي كما يقال “موهوبةً” له. وبرغم الوضعِ الاجتماعي والمادي الجيد ودعمِ الأهل لها، إلا أنها اختارت التبعيةَ التامة للزوج. راهنت رهاناً خاسراً على أن توفيرها الراحة له سيعيدُه لها. فيما كان الرجل أنانياً واستغلالياً لحبِها، ما دفعُه للمزيدِ من التجاوزِ على قداسةِ الحياةِ الزوجية، حتى أصبحت الزوجةُ “الوعاءِ الأخير لإشباع بقايا من رغبات، وملاذاً لقضاء الاحتياجاتِ وتقديم الخدمات”.
وبرغم أن الثقافةَ الاجتماعية السائدة تبدو المتهم الأول في الوضعِ السيء الذي كانت تعيشُه المرأة، فيظهر الرجل مهيمناً، مسيطراً، شريراً، ومتحرّشاً ومغتصباً ومستخدماً تفوّقه العضلي والاجتماعي لكسر المرأة وضربها والاعتداء عليها بشتّى الوسائل ولمختلف الأغراض ابتداء من التنفيس عن الغضب والعجز، ومروراً بالتّأديب، وكل ذلك بموافقةِ المجتمع ومباركتهِ؛ إلا أن الحاجةَ الاقتصادية هي في الحقيقة أساسُ ذل المرأة، وهي ما تجبرُها على قبولِ العيش في هذا الوضع، ولأن الهروبَ منهُ بوضعها الهش اقتصاديا، لن يقودَها إلى التعرضِ لانتهاكاتٍ أكبر خارجه.

ومضاتٌ مضيئة
طعّمت الكاتبةُ قصصَها بنساءٍ قويات الإرادة، تمكنّ من التغلبِ على أوضاعِهن الصعبة. كالمرأة في قصة تفرد التي أفقدتها أصابتِها بمرض الجدري جلَّ بصرِها. كانت تستندُ إلى القوةِ التي تولّدُها سعادةٌ يحققها العطاء. حتى وصفت هذه القوة بالمجاديفِ التي تجعلُ سفينتَها تبحرُ في هذه الحياة.
كذلكَ في قصةِ لهيبُ الجمرِ الحارق. حينما تولّدت قوةً عظيمةً، لدى الفتاة التي أحرقتها قسوةُ جدتِها، حرفياً. انهار مع هذه القوة جبروت جدتها وكبرت القوة في البنت المعاقة.
ولكن في كلا القصتين كانت القوةُ قد نشأت لدى المرأة لتتجاوز الإعاقة الجسدية.
وفي قصة القلعةُ والسدرةُ والخيزران، كانت المرأة عالية الكرامة برغم فقرِها، وعملِها في خدمةِ البيوتِ مقابلَ الوجبة التي تعود بها كل مساءٍ لإطعامِ عائلتَها. السدرةُ كانت القلعةُ الخضراء وكأنها قلعةُ كرامتِها، التي تشقُ طريقَها في العلوٍ للتوازي طولاً مع ارتفاعِ بيتِ جيرانِها الموسرين. وكأنها المرأةُ في القصةِ تقول: “إن كانت جدرانُ مسكنِهم شاهقةً فإن قلعتي الخضراءَ بارتفاع هذه الجدران”. احتمت في ظلِّها كما أوفت بعهدها لزوجِها ووالدتِه، برعايةِ السدرةِ كي تمنحُها الخيرَ الكثير. ما مكنها من مدِ يدِ الكرم بالنبق السكري لأطفال الحي.
هناكَ أيضا على شاطئِ الانتظار قصصُ الحبِ الصغيرةِ، وتواصل المحبين وكيف ينقلُ الأحبة إلى عوالم ورديةٍ حالمة، ويغسلُ شظف العيش. الرجل هنا محبا، مخلصا، عاشقا، رزينا.
صورة بانورامية
عند الانتهاءِ من الكتاب، سيشعرُ القارئ أن التفاصيلَ الكثيرة التي كانت تدورُ فيها أحداثُ قصصِ “النساء” قد أخذته عقوداً طويلة إلى الوراء. ويصبحُ على اطلاعٍ بانعكاسِ الأوضاع السياسيةِ والاقتصاديةِ والاجتماعيةِ على المرأة. فحرصت الكاتبة في كل “مشهدٍ” على الإشارة لهذه التفاصيل. تفاصيل الملابس، العباءة والغشوة. بيوت الأغنياء المبنية بالإسمنتِ يزينُها البادكير، في مقابل بيوتِ الغالبيةِ من الناس، المصنوعةِ غرفِها من سعفِ النخيل، والبرستي والدعن أو “السيم”. شكل الفصولِ الدراسية، بكراسيها الموصولةِ بطاولاتها، المدرسّات العرب اللاتي كن أوائلَ المعلمات عند بدء التعليم في البحرين، الصناعات الصغيرة في ذلك الوقت، بيع البهاراتِ والسدر، الحمصِ المسلوق، والتي ربما انبثقت منها مشاريعُ الأسر المنتجة الحالية. أدواتُ الزينة، الحنة والدورم. الممارسات الاجتماعية كالسّحرِ والمحوِ، جلسات الزار، الطرب النسائي الشعبي. العملة المستخدمة آنذاك: الآنة. أشارت الكاتبةُ أيضا إلى الغوص كمصدرٍ رئيسيٍ للدخل وبدء اكتشاف النفط وتشكّل قطاع الصناعة. ومرّت إحدى القصص بالوضعِ السياسي، عندما دارت أحداثُها في وقتِ إنشاء هيئة الاتحاد الوطني، وازدهار القومية العربية، والاتجاه الناصري، ونفي المعارضين. أشارت أيضاً للاستعمار، للجوء النساء إلى المعتمديةِ البريطانية في أوائلِ القرن العشرين ليحصلنَ على الحمايةِ من الأهلِ الذين قد تصلُ ردةُ فعلِهم إلى القتلِ على ارتكابِ ما يمسُّ الشرف، فيتم تهديد أولياءِ الأمور كي لا يصيبوا الفتاةَ بمكروه.
بعد قرابة قرن على قصص “نساء” فوزية مطر. مالذي تغيّر؟
ما بين زمنِ الروايات في “نساء” حين كانت تُنتهك حقوق المرأة، بسبب عدم وجودِ قوانينَ تحميها، ووقتنا الحاضر حيث اكتملت منظومةُ القوانين التي تنظم كافة أمور الحياة… مالذي تغيّر في وضعِ المرأة؟ هل تمكنت خلال ما يقارب القرن، من الحصولِ على حقوقٍ مساوية للرجل، هل تُحقق لها هذه القوانين الحمايةَ داخلَ بيتِها وحين خروجِها منهُ إلى المجتمع؟
بلمحةٍ سريعةٍ، سنرى أن المرأةَ حظيت باهتمام المشرّعين، فكفلت الدساتيرُ حقَّ مساواتِها بالرجل، وسُنت قوانينَ خطوطها العريضة التي وُضعت لحماية حقوقها في المؤسسة الزوجية ولحمايتِها من العنف داخل البيتِ وخارجه. لكن بالنفاذ إلى بنودِ هذه القوانينُ التفصيلية، نجد أنها لاتزال تميزُ لغير صالحِ المرأة. ففي قانونِ أحكام الأسرة لاتزال المرأةُ بحاجة إلى وليٍ لتزويجِها، ولا تملكُ قرارَ زواجِها. كما يخلو من نصٍّ يقيّد تعدّد الزّوجات، ويحدُّ من إساءةِ رخصةِ التّعدّد. بالإضافة إلى ذلك، فالقانون يكرّسُ مفهومَ تبعيةِ المرأةِ للرّجل، وطاعته برغم أن المعاشرة بالمعروف هي حقٌ متبادلٌ بين الزّوجين. ولا يزال الزّوجُ – بموجب القانون – متحكّماً في خروج الزّوجة للعمل ويحقُ له منعِها إن أراد ضدَّ إرادتها. ولا يزال زواج القاصرات حاضراً. فالقانون يحددُ سن زواج الفتاة بـست عشرة سنة، وليس بتجاوزِ سن الطفولةِ عند الثامنة عشر، مع قدرةِ المحكمةِ على الاستثناء لمن هنّ دون ذلك. ولا يزال الطَّلاق بيد الرَّجلِ وحده، بينما لا يمكن للمرأةِ خلع الزوجِ دون إرادتِه وموافقته.
وإذا ما تطرقنا إلى العنفِ الأسري، فالمرأة لاتزال غير مطمئنة لوجود آليات انتصافٍ رادعةٍ، عندما يتعلقُ الأمرُ بالحمايةِ من العنفِ الأسري. وبرغمِ صدور قانون الحمايةِ من العنف الأسري في 2015 إلا أنه خلا من وجودِ عقوبةٍ ضدَ مرتكبي جرائمِ العنفِ الأسري، من إيذاء جسدي ونفسي وجنسي واقتصادي. القانونُ أيضا لا يجرّم الاغتصابَ الزّوجي، كما خلا قانون العقوبات من تحميل الزَّوج أيِّ مسؤولية إذا ما مارس العلاقة الزوجية مع زوجته كرهاً أو غصباً عنها.

بالإضافةِ إلى ذلك، فالمادة 535 من قانون العقوبات، لاتزال توفرُ الحمايةِ للمغتصب إذا ما تزوج ضحيتَه “الناجية” من الجريمةِ التي ارتكبها في حقِها.

هذا بالنسبة للقوانين التي حاربت المرأةُ من أجلِها. فهل المشرّعُ مازال محكوما بالثقافة المجتمعية! هذه الثقافة، هل تغيرت كثيراً في ظل تعليم المرأة خلال العقودِ التي تلت أحداث قصص “نساء” فوزية مطر، وبعد أن تمكّنت المرأة ولم يُمكنها أحد، اقتصادياً؟