Search Results for: كتلة تقدم

جواد وهشام

عُدت مساء أمس الأول اثنين من عناصرنا الوطنية في‮ ‬مستشفى السلمانية،‮ ‬هما جواد العكري‮ ‬والمهندس هشام الشهابي‮. ‬كان الدكتور عباس هلال قد هاتفني‮ ‬قبل ليلة ليخبرني‮ ‬بأن الرجلين‮ ‬ينامان هناك‮.‬ وقادنا الحديث مع الدكتور عباس،‮ ‬للتأمل في‮ ‬سيرة هذين الرجلين اللذين‮ ‬يحملان على كتفيهما تاريخاً‮ ‬وطنياً‮ ‬مشرفاً‮ ‬من النضال والتضحية،‮ ‬رغم أنهما ليسا،‮ ‬في‮ ‬اللحظة الراهنة،‮ ‬من نشطاء جمعيات التيار الديمقراطي،‮ ‬لكنهما بقلبيهما وانحيازاتهما الوطنية والتقدمية العميقة معنا بكل جوارحهما،‮ ‬بل أنهما في‮ ‬قلب اهتمامات هذا التيار،‮ ‬ومن دُعاة وحدته‮.‬ جواد العكري‮ ‬هو واحد من ابرز النشطاء الطلابيين في‮ ‬مطالع السبعينات الماضية،‮ ‬واضطلع،‮ ‬فترة دراسته في‮ ‬سوريا،‮ ‬بدورٍ‮ ‬مُهمٍ‮ ‬في‮ ‬تأسيس الاتحاد الوطني‮ ‬لطلبة البحرين،‮ ‬مذ كان عضواً‮ ‬في‮ ‬اللجنة التحضيرية التي‮ ‬تشكلت لتأسيس الاتحاد،‮ ‬الذي‮ ‬أُنتخب عضواً‮ ‬في‮ ‬مؤتمره التأسيسي،‮ ‬ومن ثم أُختير عضواً‮ ‬في‮ ‬أول لجنة تنفيذية للاتحاد ومسؤولاً‮ ‬عن الثقافة والإعلام فيها‮.‬ كما أن جواد كان من بين ضحايا قانون أمن الدولة،‮ ‬ومن بين الذين قضوا أطول المدد في‮ ‬المعتقل بموجب أحكام هذا القانون الجائر،‮ ‬حيث مكث فيه أكثر من سبع سنوات متواصلة منذ اعتقاله،‮ ‬مع العشرات من مناضلي‮ ‬الحركة الوطنية والديمقراطية،‮ ‬في‮ ‬أغسطس ‮٥٧٩١.‬ أما هشام الشهابي،‮ ‬الذي‮ ‬عاد من بريطانيا في‮ ‬أواخر الستينات‮ ‬يحمل شهادة في‮ ‬الهندسة،‮ ‬فقد أصبح من مؤسسي‮ ‬وقادة اللجنة التأسيسية للاتحاد العام للعمال والموظفين وأصحاب المهن الحرة التي‮ ‬كانت ائتلافاً‮ ‬عمالياً‮ ‬ووطنياً‮ ‬ناجحاً،‮ ‬وبرز اسمه كدينامو في‮ ‬التحرك الذي‮ ‬سبق انتخابات المجلس التأسيسي‮ ‬عام ‮٢٧٩١‬،‮ ‬في‮ ‬إطار التجمع الذي‮ ‬عرف في‮ ‬حينه باسم الكتلة الشهابية نسبة إلى لقبه،التي‮ ‬كانت تتحاور في‮ ‬طريقة التعاطي‮ ‬مع خطوات الدولة‮ ‬يومها،‮ ‬قبل أن تقرر كل من جبهة التحرير الوطني‮ ‬البحرانية والجبهة الشعبية مقاطعة انتخابات المجلس التأسيسي،‮ ‬وهو قرار خضع للمراجعة النقدية فيما بعد‮. ‬ هؤلاء الرجلان،‮ ‬جواد وهشام،‮ ‬واللذان نتمنى لهما الشفاء العاجل،‮ ‬يُشكلان نموذجاً‮ ‬للعشرات،‮ ‬لا بل المئات،‮ ‬من مُناضلي‮ ‬حركتنا الوطنية والديمقراطية الذين قدموا أجلّ‮ ‬التضحيات من أجل رُفعة مكانة هذه الحركة،‮ ‬مُقدمين المثل الرائع في‮ ‬التواضع ونكران الذات،‮ ‬وهي‮ ‬السمات التي‮ ‬جُبل عليها مناضلونا في‮ ‬التيار الديمقراطي‮ ‬الذين جمعتهم السجون والمعتقلات والمنافي،‮ ‬وهما بهذا السلوك السوي‮ ‬المُشرف‮ ‬يقدمان الصورة المُشرقة لمناضلينا أمام حالات النرجسية المَرضية التي‮ ‬يزيدها الوقت تضخماً،‮ ‬والاستعراض الأجوف الذي‮ ‬أوصل هذا البعض إلى حالٍ‮ ‬لا‮ ‬يستدعي‮ ‬أكثر من الشفقة‮.   صحيفة الايام 21 سبتمبر 2008

Read more

جمعية العمل وأمانتها المركزية بين الواقع والطموح

إن خطوة استحداث منصبين قياديين لدى (جمعية العمل الوطني الديمقراطي «وعد«) وهما منصب الأمين العام للجنة المركزية الذي كان يشغله المناضل عبدالرحمن النعيمي، الذي نتمنى له الشفاء والصحة. ومنصب الأمين العام لجمعية العمل الوطني الذي يشغله الاستاذ ابراهيم شريف الذي فاز بالتزكية لولاية أخيرة خلال المؤتمر الرابع للجمعية الذي عقد في 27 يونيو 2008م.. هي خطوة جاءت امتدادا وتماشيا للاقتراح بقانون بشأن الأحزاب السياسية، الذي طرحته كتلة النواب الوطنيين الديمقراطيين على مجلس النواب خلال الفصل التشريعي الأول. لقد تميزت خطوة جمعية العمل الوطني باستحداث (منصب الأمين العام للجنة المركزية) عن سائر الجمعيات السياسية الأخرى في مملكة البحرين، التي جميعها اقتصرت أدوار قياداتها على (الأمين العام لهذه الجمعية أو الجمعية الأخرى تلك).. بجانب (المكتب السياسي) المنتخب من اللجنة المركزية.. ولعل ما نفخر به قولا بهذا الصدد ان خطوة جمعية العمل الوطني السالفة الذكر.. هي خطوة وطنية ومبدئية تنسجم مع تاريخ الحركات الوطنية في البحرين والمتمثلة في (هيئة الاتحاد الوطني وجبهة التحرير الوطني وجبهة تحرير الخليج والجبهة الشعبية).. مثلما تتماشى هذه الخطوة الوطنية والمبدئية وأنظمة تشكيل الأحزاب السياسية التي هي جوهر النظم الديمقراطية.. وبحسب ما تعبر العضوية لدى الجمعية عن المعايير النوعية والكيفية، وما يتمخض عن مختلف شروطها الأرقى والأفضل، وأنظمتها الإدارية ولوائحها التنظيمية ولجنتها المركزية ومكتبها السياسي ولجانها الثقافية والاجتماعية والفكرية والسياسية الأدبية القائمة على مبدأ تكريس المسئولية الوطنية والمبدئية، ومضاعفة المهمة المجتمعية والسياسية والديمقراطية، إيمانا بمبدأ الالتزام الفكري والانتماء الأيديولوجي. ولعل ما يبعث على فخر الجميع أن الأمين العام للجنة المركزية لجمعية العمل الوطني المناضل عبدالرحمن النعيمي، الذي انتخب من بعده مؤخرا الاستاذ إبراهيم كمال الدين أمينا عاما للجنة المركزية.. هو أن الأب الروحي لجمعية العمل المناضل عبدالرحمن النعيمي قد انتخب لهذا المنصب الرفيع كتكليف لا تشريف لعوامل تعود أسبابها الجوهرية، أنه كان المناضل الأول والمناضل المميز والمناضل الفريد والمناضل الذي استحق ان يطلق عليه تسمية (الأب الروحي لمناضلي الجمعية ومناضلي الجبهة).. ولكونه اتسم بصفات انسانية ونضالية يفتقدها الكثير من الآخرين.. فهو الذي تميز بصفحة النضالات المضيئة وتألق بـ (مشاوير) ودروب التضحيات الرائعة.. لكونه كان شديد البأس، شامخ الرأس، قوي الإرادة، ثابت الخطوت، راسخ النهج، متألق التاريخ الوطني، قادرا على سبر الواقع ومحللا للأحداث، كفاءة بتسطير التاريخ حاضرا مثلما خلقه ماضيا، معروفا بالحزم والبسالة، متوقد الذهن قوي البصيرة، عميق الحصافة، نير الفكر، ناضج الوعي، بليغ الإدراك، حاضر البديهة، فطين الكلام، متواضع الحديث واللسان، مناضلا من أجل الوحدة الوطنية، نابذا للتعصب بجميع أشكاله الطائفية والفئوية والحزبية، مالك الحجة والبرهان والدليل، طويل الباع وعميق الخبرة والممارسة، أسمى بنفسه ومكانته وارتقى باسمه وسمعته وسلوكاته، فأصبح موضع ثقة جميع من حوله ومن رفاقه. إن هذه الصفات الإنسانية والنضالية، وهذه المميزات الفكرية والمبدئية، وهذه القيم الأخلاقية والسلوكية التي تحلى بها المناضل عبدالرحمن النعيمي، وتجلى بها بكل ما تحمله الكلمة من معاني صدق ومصداقية التضحيات الكبرى، هل سنجدها فيمن سيخلفونه في تبوؤ المنصب الرفيع والمسئولية الكبرى؟ وهل ما أسلفناه من سيرة ذاتية للمناضل عبدالرحمن النعيمي تنطبق أو تنسحب على من جاء وأتى من بعده بصياغة الشخصية المناضلة المنشودة من أجل حمل المسئولية التاريخية الكبرى على أكتافه وتحمل المهمة الوطنية على كواهله؟ هل اللجنة المركزية لجمعية العمل الوطني برئاسة الاستاذ ابراهيم كمال الدين ستكون على درجة من الكفاءة والجدارة.. بدلا من انقيادها وراء تنظيمات تيار الإسلام السياسي أو إيمانها بما يرفع من شعارات إسلامية من خلال مرجعيتها الدينية؟ هذه الأسئلة ستظل أجوبتها معلقة في الهواء، ما لم […]

Read more

وجهة نظر تتجاهل الحقائق

في مقابلة اجرتها معه صحيفة البيان الاماراتية في الشهر الحالي قال رئيس جمعية الاصالة الاسلامية: ان الاتجاه السائد على البرلمان البحريني هو الطابع الاسلامي فالشارع البحريني ادرك عدم جدوى حضور اليساريين والعلمانيين في البرلمان وما النتائج في الانتخابات الكويتية الا مؤشر على ذلك، الشعب تململ من التنظير السياسي الذي لا يفيده في شيء، الناس تريد من يمثلها في المجالس التشريعية ان يكون من نفس خطها العقدي الاجتماعي، واتوقع ان يكون البرلمان القادم اسلامياً..في البدء لك ما تشاء يا سعادة النائب الاول لرئيس مجلس النواب ان تقول رأيك وتعتقد ما تعتقد فهذا حقك علينا أن نحترمه طالما أننا نؤمن بحرية الرأي الآخر بخلاف الإسلام السياسي الذي ينصب العداء لهذه الحرية والتعددية التي هي أهم مبادئ الديمقراطية وفي سبيل هذه الحرية كم من المفكرين والكتّاب والمبدعين على امتداد الوطن العربي والإسلامي تعرضوا بسبب آرائهم ومعتقداتهم وأفكارهم إلى التكفير والاغتيال السياسي، ناهيك عن قضايا الحسبة والاتهام بالردة!!سعادة النائب المحترم لا يمكن الفصل بين هيمنة الإسلام السياسي على البرلمان البحريني وبين ما حدث خلال الثلاثين سنة الماضية بمعنى الجميع يعلم إن تلك العقود كانت محكومة بقانون امن الدولة ومحكمته السيئة، وما أن أُلغيت هذه المحكمة في عهد الإصلاحات حتى تنفست القوى الديمقراطية والتقدمية الصعداء.وفي تلك الحقبة المظلمة الجميع يعلم أيضا إن حضور اليساريين والعلمانيين والشيوعيين كان حضوراً وطنياً يرفض الخضوع والتواطؤ، إذ كانت نضالات هذه القوى وفي سنوات الجمر نضالات بلغت ذروتها بمنأى عن الصراع الطائفي الذي لا يزال الإسلام السياسي يراهن عليه، أي بلغت ذروتها من اجل الاستقلال الوطني والحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان في حين يعرف القاصي والداني أن الجماعات الاسلاموية لا شأن لها لا من قريب ولا من بعيد بهجوم ومعاناة القوى الديمقراطية والتقدمية التي كانت ولا تزال تضحياتها واضحة للعيان.نقول هذا الحديث ليس احتكاراً للوطنية أو إقصاء لأحد أو ادعاءً لا صحة له، وإنما نقوله لاعتباره أهم الحلقات في تاريخ البحرين السياسي وهذه حقيقة علينا أن لا نتجاهلها.ولا شك وفي الوقت الذي استبعدت هذه القوى قسراً كان الإسلام السياسي يصول ويجول بحرية تامة وبالتالي كان من الطبيعي أن يتوغل في صفوف الناس البسطاء والمحتاجين وان هذا التوغل الذي استغل حاجة هؤلاء من خلال الإعانات والتبرعات التي تقدمها الصناديق الخيرية كان الغرض منه توسيع النفوذ السياسي والحزبي!!وأما فيما يتعلق بالقول: إن الشارع البحريني أدرك عدم جدوى حضور اليساريين والعلمانيين في البرلمان فهذا ابعد ما يكون عن الواقع لان تجربة هذا الشعب مع “كتلة الشعب” في برلمان “1973” تجربة لم تعمق الطائفية كما هو حاصل اليوم بل كانت تمثل تلاحم الشعب البحريني من اجل حقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والأمر الآخر يبدو أن سعادة النائب قد غيبه إلى أقصى درجة هو الأداء النيابي الذي امتازت به كتلة الديمقراطيين في برلمان “٢٠٠٢” وخاصة عندما مارست هذه الكتلة دورها النيابي بأمانة وإخلاص والشواهد على ذلك التصدي للفساد والتحقيق في ملف التأمينات الاجتماعية وهيئة صندوق التقاعد، ناهيك عن موقفها الواضح وقتذاك حول إقرار الميزانية التي كانت محط خلاف بين النواب، في حين بعض الكتل وهي معروفة جيداً! دخلت في مساومات من وراء الكواليس وقبلت اللعب وبقدرة قادر أقرت الميزانية!!أما بشأن توقعاتك في أن يكون البرلمان القادم أيضا إسلاميا نشاطرك الرأي على الأقل في هذه المرحلة لسبب واحد يبدو في غاية الأهمية وهو أن التيار الديمقراطي التقدمي المتشرذم   لا تزال بوصلته مفقودة إلى درجة البعض منه   لا يدري إلى الآن أين يضع رجله فتارة تجدها بين قوى الظلام […]

Read more

مرحباً بالدولة وبالسلم، وداعاً للحرب وللسلاح!… قراءة رومانسية لمرحلة ما بعد اتفاق الدوحة

رب ضارة نافعة.  ذلك هو المثل الشعبي الذي يطلقه الناس عندما ينتقلون من محنة تصيبهم إلى وضع جديد، مختلف عما كان عليه الحال في لحظة المحنة.  وهو الوضع الذي يعيد لهم بعض الراحة، ويخفف عنهم ما يكون قد لحق بهم من آلام من جراء تلك المحنة.   وهذا هو بالضبط، أو ما يشبهه، القول الضمني الذي عبّر به اللبنانيون بحذر عن مشاعرهم، في أعقاب الإتفاق الذي وقّع في الدوحة.   وكان هذا  الإتفاق قد ولد، بعسر، بعد أحداث السابع من أيار المأساوية، ثم توّج في الخامس والعشرين من الشهر ذاته بانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان، الرئيس الثاني عشر للجمهورية اللبنانية، منذ الإستقلال.  وتشاء الصدف أن يكون هذا اليوم بالذات، هو الذي تم اختياره  ليكون بداية النهاية للأزمة التي عصفت بلبنان، وطالت في الزمن والمحن، وأرهقت اللبنانيين، وعطلت الدولة ومؤسساتها.   فمن المعروف أنه في مثل هذا اليوم بالذات من عام 2000، كان لبنان قد حقق، بالمقاومة المسلحة، مقاومة حزب الله، وبالتضحيات الجسام، وبتضامن اللبنانيين من كل الإتجاهات، تحرير أرضه من الإحتلال الإسرائيلي. وهو كان انتصاراً تاريخياً في ذلك العام.  وكان ذلك الإنتصار الأول من نوعه، إنتصاراً غير مسبوق، في تاريخ الصراع العربي – الإسرائيلي على امتداد الأعوام التي أعقبت “النكبة”. صدفة هي أم ميعاد، تطابق هذين الموعدين، موعد انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية، بعد سبعة أشهر من التعطيل المفتعل لهذا الإستحقاق، والعيد الثامن لتحرير الأرض من الإحتلال الإسرائيلي.  لا يهم.  فرب صدفة هي خير من ميعاد. فرح اللبنانيين باتفاق الدوحة كان عظيماً.   لكن هذا الفرح العظيم، برغم صدق الشعور فيه، وبرغم أهميته السياسية، لم يقلل من الغصة عند كثرة من اللبنانيين.  ومصدر هذه  الغصة يكمن في الآلام العميقة التي سبقت ذلك الفرح.  وطبيعي أن يكون من حق اللبنانيين، في شكل عام، ومن حق بعض اللبنانيين، خصوصاً، الذين فقدوا أعزاء لهم خلال اجتياح حزب الله للعاصمة بيروت ولبعض مناطق الجبل، ومن حق كثرة من اللبنانيين الذين دفعوا من أموالهم وأرزاقهم الكثير في ذلك الإعتصام الذي عطلت به المعارضة وسط بيروت خلال عام ونصف العام، من حق اللبنانيين هؤلاء أن يسألوا، أو يتساءلوا، من دون أن يتنظروا الجواب من أي كان: هل كان اتفاق الدوحة الذي فرحوا به بحاجة، لكي يتحقق، إلى كل هذه الآلام، وإلى كل هذه الكوارث والمآسي، وإلى كل هذه التضحيات البشرية والمادية؟  وهل كان اتفاق القادة من طرفي الصراع بحاجة إلى كل هذا الحشد من القوى العربية والعالمية لكي يتمكنوا من الوصول إلى هذا الإتفاق؟  وهل كنا بحاجة فعلاً إلى كل هذا الحشد الكبير أيضاً لتأمين انتخاب الرئيس التوافقي العماد ميشال سليمان؟ لكن السؤال الأكثر إلحاحاً، بالنسبة إلى الكثرة الكبيرة من اللبنانيين، هو ذلك السؤال الذي لا يقدرون جميعهم على طرحه بالجرأة وبالصراحة المطلوبين، اليوم وربما غداً وبعد غد:  هل كان لبنان حقاً بحاجة إلى أن يبقى على الدوام في حالة مقاومة مسلحة، بديلاً من الدولة، بعد أن حقق شعبه، بتلك المقاومة بالذات، وبذلك التضامن الشعبي والسياسي، الإنتصار على العدو الذي كان يحتل الأرض، وأخرجه بالتضحيات الجسام مدحوراً؟  وما هي الحكمة في أن يبقى لبنان لوحده، بعد أن حرر أرضه، ساحة مفتوحة للصراع، تمارس فيها كل قوى الأرض تناقضاتها، على حساب مصلحته هو، أي لبنان، وعلى حساب حرية شعبه وأمنه وسلامه؟ ليس ضرورياً أن يجاب عن هذه الأسئلة اليوم، في هذه اللحظة العارمة العامرة بالفرح، المفتوحة على مستقبل أفضل، بالطريقة التي طرحت فيها.  ولا بد أن يأتي اليوم، ولو بعد […]

Read more

مرحلة الانهيار الذاتي للهرم الـنـقدي

حتى الآن، لا تملك أساساً واقعياً تلك التصريحات المتفائلة لعدد من السياسيين والماليين والخبراء الغربيين بأن الأزمة الاقتصادية العالمية لا تبدو عميقة كما كان يفترض، وأنه قد تم بلوغ القاع وأصبح من الممكن رؤية النور في نهاية النفق. شهر مارس/ آذار الماضي فقط سجل تدفقاً مالياً صافياً من الولايات المتحدة إلى الخارج بقيمة 2,48 مليار دولار. هذا يبين بوضوح أن الدعم، وحتى النمو الظاهري لسوق المال الأميركية حدث نتيجة الضخ المالي الهائل من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي. وفي سبيل ذلك جندت أهم المؤسسات المالية الأميركية مثل «سيتي غروب»، «مورغان تشيس»، «غولدمان ساكس»، «ميريل» لينتش وغيرها[1]. أي أن ما يحدث هو جعل سوق الأسهم حكومياً شكلاً مغلفاً. وذلك ينذر بهزات اقتصادية اجتماعية مفاجئة غاية في الجدية، كما يحذر عدد من كبار الاقتصاديين في نيويورك. الأكثر من ذلك أن ما حذر منه اقتصاديون أميركيون مثل ليندون لاروش وتنينباوم واقتصاديون روس مثل غلازيوف وكوبيكوف وخازين وغيرهم بشأن حتمية انهيار الهرم المالي العالمي المبني على قاعدة إصدارات سندات الدين الأميركية قد أصبح قاب قوسين. كيف نشأ هذا الهرم المالي ولماذا يجب أن ينهار؟ دعونا نتابع ذلك كما يبينه الاقتصادي سيرغي غلازيوف، لعل فيه عظة لصانعي القرارات النقدية والمالية في بلداننا[2]. في كل عام، أثناء وضع مشروع الموازنة تقوم الخزانة الأميركية بتحديد مقدار الأموال الضرورية لتغطية عجز الموازنة والوفاء بالتزامات الدين السابقة. بعدها تتخذ اللجنة المعنية قرارها بإصدار الكمية المناظرة لذلك من سندات الدولة. وأخيراً تقوم إدارة مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (التي تضم أصلاً نصف أولئك الذين اتخذوا القرارات السابقة) بتحديد كمية الإصدار النقدي الضرورية لشراء هذه السندات. وتحت ضمان رهن هذه الصكوك تحصل المصارف التجارية على الأموال التي أصدرها الاحتياطي الفيدرالي بأدنى سعر فائدة. العنصر الأساسي في هذه الآلية يكمن في عملية إعادة تمويل المصارف التجارية تحت ضمان رهن الأوراق المالية الحكومية حيث تشكل «العملية» القناة الأساسية لإصدار الدولارات. إذاً، مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي يصدر النقد بهدف تمويل دين الدولة. وعن طريق هذه التكنولوجيا جرى إطلاق أكثر من ثلثي الكتلة الدولارية في التداول. وبحسب الخبراء لا يتعدى الغطاء من الاحتياطي الذهبي – النقدي لهذه الكتلة اليوم 4% فقط.آلية إصدار النقد التي جرى وصفها أعلاه هي بالضبط ما يشكل الهرم المالي النموذجي. أي أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي يطبع الدولارات تحت ضمان ديون الحكومة الأميركية. والحكومة الأميركية تقترض الأموال من أجل خدمة وإطفاء الديون السابقة. وبما أن الإنفاق الأميركي يتزايد بشكل أسرع من تزايد الدخل ما يصيب الموازنة بعجز مزمن، فإن حجم الدين يظل في ارتفاع مستمر. وعليه أيضاً يتزايد إصدار الدولارات. هذه العملية تنحدر على العالم بتسارع ككرة الثلج منذ أن بدأت العام .1971 في ذلك العام رفضت الولايات المتحدة الأميركية طلب الحكومة الفرنسية استبدال دولاراتها بالذهب. وبهذا هدمت نظام العلاقات النقدية المالية العالمي القائم حتى ذلك الوقت على المعيار الذهبي المحدد لمقادير الإصدار النقدي لعملات البلدان الرأسمالية المتقدمة. ومنذ ذلك الوقت أخذت أميركا تجبر حلفاءها في الناتو، ثم دولاً أخرى، على اعــتماد الدولار بدلاً عن الذهب كاحتياطي نقدي لعملاتها الوطنية، بينما أخذت هي تصدر الدولار انطلاقــاً من حاجاتها إلى تمويل النفقات الحكــومية. وهكذا حولت أميركا دول العالم الأخرى إلى مقرضين مجانيــين لها، بينمــا تحصـل هي على «ريع صك العملة» (seigniorage أو seignoragc) على نطاق عالمي. وبما أن أكثر من نصف كمية النقد التي يصكها الاحتياطي الفيدرالي يتم تداولها خارج أميركا، يتضح أن أميركا تعيش أساساً على ما تستدين من سكان المعمورة. آلة إصدار الدولار […]

Read more

كادت أن تفعلها “أسِيل”.. لكنها لُجِمَتْ بـ”كعبِ أخِيل” !!

يكاد يجمع الكُلّ أن مَثَل المرأة العربية عامة والخليجية خاصة، كَمَثلِ من تنشب أظافرها في الصّخر الصّلْد ، من أجل الوصول إلى حقوقها الإنسانية المشروعة على مختلف الصُُّعُد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والقانونية والأسَرية وغيرها ، بُغية التخلص من قيود القرون الغابرة والأسْر التاريخي المجحف ووضع حدّ للاستبداد الشرقي الذكوري والعَسْف المزمن تجاه الأم والأخت والبنت والزوجة ، الأمر الذي لابد  في حالة خروجها من الظّل ومشاركتها في عملية التنمية والتقدم الاجتماعيين، أنه سينعكس على التطور المأمول للمجتمعات الخليجية.  ولاتوجد إمكانية لتقدمٍ وتنميةٍ حقيقيين إلاّ بإعادة النصف المعطّل إلى السّكة الصحيحة وساحة الإنتاج والمشاركة الكاملة  في المجتمعات الخليجية ، التي لا تستقيم إن ظلت واقفة على رِجْلٍ واحدة كالنعامة!  عدا هذا.. كل ما يقال عن “تفعيل المرأة” سراب ووهم وذرّ للغبار عن العيون ، إن ظلت الأنظمة الخليجية والعربية غير مقتنعة بنظام الكوتا النسائي المعمول به في 110 دولة ، من بينها المغرب (35 امرأة) والأردن(6 نساء) وغيرها، في هذه المرحلة المهمة من تاريخها وهي تحاول الولوج لعصر الحداثة والتنوير.  ومن المؤكد أن الأنظمة الخليجية القوية هذه بمالها ونفوذها ، كونها اللاعب الأقوى في الساحة ، باستطاعتها – إن شاءت- أن تخترق السّدّ المنيع لقوى”الإسلام السياسي” بتلاوينها المختلفة ولكن المُجتَمِعة على إبعاد المرأة المسلمة من دخولها المجال السياسي والتشريعي ، كون هذا يشكل البند الأول للبرنامج والمنهاج “الإسلامي” المقدس لدى تلك القوى حتى هذه الساعة!   لعل الانتخابات البرلمانية الأخيرة في الكويت التي جرت في الأسبوع الماضي  شاهد على ما نقوله ، حين “استأسد” الرجل ، بكل ما يملكه من إمكانيات هائلة – مادية ومعنوية-  ضد المرأة ، مستمرا بالضغط  والإكراه على حثّ الناخبات من النساء من مغبّة التساهل حول هذا “الأمر الخطير” ، المتمثل في وصول حتى امرأة واحدة لقبّة البرلمان ، مشابها- مع الفارق- لما حدث في بلدنا البحرين!  إنه بالطبع لأمر يُعاب على تجربة خليجية رائدة كالكويت ( منذ بداية ستينات القرن الماضي)، بان يحصل هكذا ذُلّ للمرأة الكويتية. ومرد ذلك هو فتح الأبواب مشرعة أمام قوى التزمّت والتطرّف وإذعان السلطات الكويتية لرغبات التقليديين المتزمّتين للسيطرة على مفاصل الإعلام والمال والحياة الروحية للمواطنين. هذا في الوقت الذي تعاني فيه الكويت من أزماتٍ بنيويةٍ وهيكلية ، لاتتشافي بالطبع إلاّ ببرنامج استراتيجي تنموي حقيقي يبدأ بتحريرٍ منضبطٍ للاقتصاد ، خطة تصنيع وطني ، إعادة رساميلها الخارجية للإستثمار في الداخل.. مرورا بنمطٍ عصري للحياة الاجتماعية وتغييرا للثقافة الاستهلاكية غير الإنتاجية والبليدة السائدة لدى المواطنين !  كان فيما مضى نوع من التبرير والقناعة حيال البرنامج الاقتصادي الريعي والطفيلي الطارد للتنمية الداخلية والسماح لخروج الرساميل “المليارية” للاستثمار الخارجي ، المتزامن مع وجود التهديد الأمني التاريخي القابع على حدودهم الشمالية. ولكن الآن قد زال ذلك الخطر الداهم والدائم، الهاجس الذي كان موجوداً لدى الكويتيين وجسّده عمليا على الأرض النظام العراقي البائد حينما زحف على الكويت في مستهل تسعينات القرن الماضي. بل من الممكن القول أن هناك وضع نفسيّ جديد قد تشكّل لدى الناس ، لم تتجسّد بعد في شكلِ  نمطٍ  اقتصادي/ اجتماعي مفيد، بسبب تخبّطٍ  في التخطيط الاقتصادي/ الاجتماعي وسيادةِ ثقافةٍ معاديةٍ للمرأة والتقدم !  على أن ما يثير الإعجاب الشديد هو ثبات وشجاعة المرأة الكويتية ، التي لا تلين من عزيمتها أية هزيمة ولا من إصرارها أي إحباط ، في هذه التخوم المشرقية والتقليدية من الوطن العربي. من هنا نرى استمرارها في نضالها الحقّ من أجل انتزاع مكانتها الطبيعية في المجتمع والأسرة والحياة […]

Read more

د.حسن مدن يقول معركتنا ليست مع التيارات الإسلامية‮. ‬معركتنا من أجل تثبيت المسار الديمقراطي‮ ‬في‮ ‬البلد وتعزيزه‮.

أكد أمين عام المنبر التقدمي د. حسن مدن أن التحالف الاستراتيجي الوحيد الذي يمكن أن يدخل فيه المنبر هو تحالف أطراف التيار الديمقراطي لوجود أسس جدية لهذا التحالف. مشيراً في لقاء مع الوطن إلى أن المنبر يحمل وجهة نظر في العمل السياسي وهو مقتنع بسلامتها فكريا وعمليا. وأوضح مدن أن التيارات اليسارية والقومية تعاني من الضعف والإحباط في مقابل قوة تأثير التيارات الإسلامية معللاً ذلك بالدعم الحكومي الذي حظيت به التيارات الإسلامية بغض النظر عن نشاطها في مراحل مختلفة، في مقابل ملاحقة وقمع وسجون ومنافٍ حظي بها التيار الديمقراطي.ويوضح حسن في هذا اللقاء رأية بشأن عديد من القضايا الجدلية الخاصة بالمنبر وعلاقاتها وتحالفاتها رؤيتها للأوضاع السياسية على الساحة المحلية. ؟ هل هناك قياديون في ‘التقدمي’ قادرون على أخذ مكان د.حسن مدن في حال لم يرشح نفسه للرئاسة؟ – نعم بالطبع، فـ’التقدمي’ يمثل تياراً مهماً في الحركة الوطنية والسياسية في البحرين وبه كثير من الطاقات والكوادر ذات الخبرة، وبه وجوه شابة واعدة قادرة على قيادة عمل المنبر في المراحل المقبلة. ؟ نحن على مشارف دورة رابعة لجمعيتكم، فهل سترشح نفسك للرئاسة في هذه الدورة؟– مؤتمرنا الرابع الذي انعقد مؤخراً، لم يتضمن انتخابات جديدة للقيادة، وهذه ستكون مهمة المؤتمر العام الخامس الذي سينعقد بعد عام من الآن. بالنسبة لي سأواصل عملي في نشاط المنبر بكل طاقاتي وقدراتي من أي موقع. وسبق لي أن عبرت عن رغبتي في أن يختار المنبريون أميناً عاماً آخر من أجل تجديد الوجوه وتأكيد الممارسة الديمقراطية. ؟ العمل التطوعي يعاني مشكلة في الكوادر الشبابية ؟ التيارات اليسارية في الغالب تعاني من نقص في الكوادر الشبابية، فهل يعاني المنبر من هذه المشكلة؟ – العمل التطوعي بشكل عام والسياسي بشكل خاص يعاني مشكلة في الكوادر الشبابية، لكن في المقابل المسألة لا تقاس دائماً بالكم وإنما بالنوعية، فيمكن أن نجد بين الوجوه الشابة في المنبر التقدمي وغيره من الجمعيات كوادر تمتلك طاقات ومواهب وتتمتع بميزات قيادية تؤهلها أن تتبوأ مواقع بارزة في جمعياتها. ؟ هل لديكم خطة لاستقطاب الشباب في المنبر؟ – نعم لدينا لجنة الشباب والطلبة التابعة للمكتب السياسي وهي تولي عناية خاصة بالكوادر الشابة وتدريبها وتأهيلها للعمل السياسي وتعطى اهتماماً خاصاً لدفع الشباب نحو الفكر الديمقراطي والتقدمي باعتباره الخيار الصحيح القادر على الإجابة على الأسئلة الكثيرة التي تشغل هذا الجيل. ومع تقديرنا للاتجاهات الأخرى فإنها حتى لو حققت انتشاراً جماهيرياً واسعاً، فإن ذلك لا يقترن بالعمل وفق برنامج مستقبلي قادر على الإجابة على الإشكالات الكبيرة التي يواجهها المجتمع والجيل الجديد بصورة خاصة. ؟ مرّ المنبر التقدمي في مؤتمر الجمعية العمومية قبل الأخير بإشكال معين، فهل استطاع المنبر الخروج من هذا الإشكال بحيث لا تتكرر في المستقبل؟ – نعم.  استطعنا أن نتعدى هذا الإشكال بعد شهور قليلة من المؤتمر وتداعياته، ويعمل ‘التقدمي’ الآن بصورة طبيعية وبدرجة من التجانس ووحدة الموقف والرؤية وفي اتجاه الخط الفكري والسياسي الذي يقدمه للمجتمع، ويمكنني القول إن الوحدة الداخلية للمنبر هي اليوم أقوى من أي وقت مضى منذ تأسيسه، ولدى كوادر المنبر وأعضائه وجمهوره حرص كبير على صون هذه الوحدة وتوطيدها، وبالمناسبة فإننا عقدنا مؤتمرنا الرابع في نهاية فبراير (شباط) الماضي تحت شعار يتصل بتوطيد وحدة المنبر وتعزيز دوره في عملية البناء الديمقراطي.ومن الطبيعي، وكما هو الحال في أي جمعية أخرى، يمكن أن يكون هناك تفاوت في الآراء والتقييمات حول بعض المسائل، خصوصا ونحن نعمل في واقع معقد وسريع التحرك، وهذا أمر صحي وطبيعي فنحن […]

Read more

لبنان.. على صفيحٍ ساخن!

لدى الكثيرين من العرب وغير العرب شَغفٌ خاصٌّ تجاه لبنان أرضا وشعبا، ليس بسبب كونه الديمقراطية العربية اليتيمة فحسب بل لأنه الأرض التي تجسّد حلمهم الضائع واليوتوبيا المفقودة وتعوضهم عما ينقصهم في أوطانهم من أمور عديدة تعتبر من أساسيات المجتمع المدني الحديث المأمول، لعل على رأسها؛ دولة المؤسسات وآلية تداول السلطة والثقافة المجلوبة من التزاوج الأثني والديني والتاريخي وعراقة هذا الشعب الصغير الذي استطاع رغم الصعاب والتركيبة الطائفية المعقدة لديمقراطيته والكابحة لتقدمه، أن يؤسس مجتمعا أهم مكوناته؛ الاعتراف بالآخر والتعددية السياسية والثقافية والتنوع الفريد لحياة دستورية عصرية وان شُرعنت بصورة محاصصة دينية وطائفية فرضها الاستعمار الفرنسي! لكل ما قيل فان لبنان يسحر الكثيرين، بمن فيهم كاتب هذه السطور، المبتلى بحب لبنان. في كل مرة يتأرجح فيها المسار اللبناني، انتشي بعبق التاريخ الفينيقي العريق. تتراقص أمامي وفي ذهني أفكار كثيرة وجمل سحرية، يمتلكني الحماس للكتابة عن الشأن اللبناني.. على أن القلق الشديد على لبنان والتخوف من أصدقاء لي من الطرفين المتخاصمين يجعلني أتردد في كل مرة، بل يبعدني عن الخوض في هذا الملف المعقد والمركب. وقد كدت أكرر العادة نفسها هذا الأسبوع أيضا وأنا بصدد إعداد مقالي الأسبوعي، لولا تفاعل الأحداث السريعة والمخيفة في الأيام الأخيرة منبئة بتطورات لا تحمد عقباها، الأمر الذي أحفزني أن أدلي بدلوي في المسالة اللبنانية العصيّة على المقارعة، على أن يكون اختياري متسما بحيادية موضوعية واختصار يتلخص في عرض الحالة اللبنانية فحسب غير مستبق للأحداث الحبلى، آملا العودة إلى تفتيت وتشريح المعضلة اللبنانية في فرصة أخرى!ما أن قررت الحكومة اللبنانية أخيرا، بعد أن ضاقت ذرعا من لغة قوى المعارضة المجلوبة من فن الكر والفر، رفع الغطاء السياسي عن قوى المعارضة وبالأخص حزب الله وتفجير موضوع شبكة الهواتف وكاميرات المراقبة والرصد التجسسيين، التي أطلقت عليها ‘الشبكة الأخطبوطية’ إلا وولج لبنان في دوامة عويصة لايمكن الخروج منها إلا بعملية قيصرية! فالقوى المتنافسة والمتخاصمة، دخلت الآن في مواجهة مباشرة لكسر العظم، التي لابد أنها ستسفر عن شيء ما حاسم ومهول، قد يؤدي إلى وضع غير مسبوق في خطورته! والأمر الجدير بالملاحظة أن فرقاء القوى السياسية اللبنانية المشتركة في خصومة الاستقطاب الحالي تختلف في تركيبتها ورؤاها عن استقطابات الحرب الأهلية في سبعينات القرن الماضي .. وقد يكون من المفيد ذكرها للقارئ الكريم حتى يتسنى له الحكم بنفسه على مجريات الأمور أولا .. أهم أحزاب وقوى ما يطلق عليهم بـ ‘ الموالاة’، عنوانها الأساس كلمة ‘الدولة’: – ‘كتلة المستقبل’، تيار ليبرالي علماني معتدل، جديد نسبيا على الساحة السياسية، يدعي انه يعبر عن مصالح طائفة المسلمين السنة، وان كان يجسد مصالح البرجوازية السنية، كون الدستور اللبناني يلزم مواطن لبناني سني لرئاسة الحكومة. أسسه رئيس الحكومة الأسبق الشهيد رفيق حريري ويرأسه الآن ابنه سعد الحريري.– ‘الحزب التقدمي الاشتراكي’، حزب ديمقراطي اشتراكي علماني توجهه السياسي؛ يسار الوسط، مفتوح لكل اللبنانيين وان كان يعبر عن مصالح طائفة الدروز، أسسه الشهيد كمال جنبلاط الشخصية الوطنية الكبيرة ويرأسه الآن ابنه وليد جنبلاط.– ‘حزب القوات اللبنانية’، ليبرالي مسيحي / موارنة، يمثل يمين الوسط، أسسه زعيمه الحالي؛ سمير جعجع.– ‘حزب الكتائب’، ليبرالي يميني تقليدي مسيحي / موارنة زعيمه التاريخي بيير الجميّل ويرأسه الآن ابنه أمين الجميّل.– ‘حزب الأحرار الدستوريين’، حزب البرجوازية اليمينية للمسيحيين الموارنة زعيمه التاريخي كميل شمعون ويرأسه الآن ابنه طوني شمعون.– ‘اليسار الديمقراطي’، حزب اشتراكي ديمقراطي منشق عن الحزب الشيوعي الأم، يتزعمه النائب الحالي الياس عطا الله (شيوعي سابق) ومن زعمائه؛ الكادر الشيوعي القديم نديم عبد الصمد، […]

Read more

البحــــرين‮ ‬ ليست للأغنياء فقط

عنوان هذا المقال هو نص شعارٍ‮ ‬كُتب على بعض اليافطات التي‮ ‬رفعها عمال ونقابيو المنبر التقدمي‮ ‬في‮ ‬مسيرة الأول من مايو،‮ ‬عيد العمال العالمي،‮ ‬التي‮ ‬نظمت عصر‮ ‬يوم السبت الماضي‮.‬ وهذه المسيرة الاحتفالية باتت تقليداً‮ ‬سنوياً‮ ‬في‮ ‬البحرين منذ العام ‮١٠٠٢‬،‮ ‬حتى قبل صدور قانون العمل النقابي،‮ ‬حين تقدم القائد الوطني‮ ‬الكبير الراحل أحمد الذوادي‮ ‬مسيرة عمالية كبيرة نظمها المنبر التقدمي‮ ‬وشاركت فيها فعاليات عمالية ونقابية متعددة،‮ ‬انتهت بخطابٍ‮ ‬معبر ألقاه الذوادي‮.‬ بعد شهور من ذاك أطلقت حرية العمل النقابي‮ ‬بمرسوم من جلالة الملك،‮ ‬مما مهّد الطريق أمام تشكيل النقابات العمالية في‮ ‬مختلف المواقع،‮ ‬كما صدر مرسوم ملكي‮ ‬باعتبار الأول من مايو عطلةً‮ ‬رسميةً‮ ‬في‮ ‬البحرين أسوةً‮ ‬بالبلدان الأخرى وتقديراً‮ ‬لمكانةِ‮ ‬ودور طبقتنا العاملة‮.‬ وهذه التطورات الايجابية بالغة الأهمية،‮ ‬تُقيدنا قليلاً‮ ‬إلى الوراء،‮ ‬ففي‮ ‬العام ‮٤٧٩١‬،وفي‮ ‬دور الانعقاد الأول للمجلس الوطني‮ ‬آنذاك تقدم نُواب كتلة الشعب باقتراح بقانون باعتبار الأول من مايو عطلة رسمية في‮ ‬البحرين‮.‬ حينها لم تكن الحكومة وحدها من وقف ضد الاقتراح،‮ ‬إنما تصدى له،‮ ‬أيضاً،‮ ‬نواب الكتلة الدينية الذين لم‮ ‬يروا فيه سوى استيراد لفكرة دخيلة علينا من بلدان أخرى،‮ ‬فضلاً‮ ‬عن أن الأول من مايو،‮ ‬كما قالوا،‮ ‬يؤجج صراع الطبقات وتناحرها،‮ ‬فيما المطلوب هو تعاون هذه الطبقات‮!‬ علينا،‮ ‬بعد هذا،‮ ‬أن نُلاحظ مدى التطور الذي ‬قطعته طبقتنا العاملة في‮ ‬أن تجعل من هذا اليوم عُطلة رسمية لها،‮ ‬اذا ما تذكرنا المسار الطويل الذي‮ ‬قطعته فكرة الاحتفال بالأول من مايو، ‬منذ أن كانت مجرد احتفالات سرية تقام على شكل رحلات للمزارع على أيدي‮ ‬نشطاء الحلقات السرية الأولى لجبهة التحرير الوطني ‬في ‬منتصف القرن العشرين،‮ ‬ثم إلى مهرجان خطابي‮ ‬في‮ ‬نادي‮ ‬البحرين بالمحرق عام ‮٤٧٩١‬،‮ ‬وأخيرا إلى مسيرات علنية تطوف شوارع البحرين،‮ ‬وتشارك فيها أطياف العمل السياسي‮ ‬والنقابي‮ ‬في‮ ‬البلاد‮.‬ وأمر‮ ‬يبعث على الفخر والاعتزاز أن تحمل مسيرة الأول من مايو في‮ ‬البحرين كل مظاهر الاحتفاء والتعبير التي‮ ‬نجدها في‮ ‬المسيرات العمالية بهذا اليوم في‮ ‬مختلف بلدان العالم من أعلام ويافطات وشعارات وهتافات‮.‬ وعودة إلى ما رفعته مسيرة هذا العام من شعارات نجد تجليات الفكرة الأممية النبيلة لهذا اليوم،‮ ‬التي‮ ‬تجسد وحدة شغيلة العالم في‮ ‬النضال ضد الاستغلال،‮ ‬ومن أجل ظروف معيشة أفضل والعدالة الاجتماعية والمساواة‮.‬ وعلى الصعيد العام فان القضية التي‮ ‬تواجه عمال وشغيلة العالم،‮ ‬بمن فيهم عمال وكادحو البحرين،‮ ‬هي‮ ‬غلاء الأسعار وتردي‮ ‬مستوى المعيشة،‮ ‬بسبب معدلات التضخم المرتفعة وتدني‮ ‬الأجور‮.‬ إن الحديث‮ ‬يدور عن ازدهار عام تشهده البحرين،‮ ‬يتجلى في‮ ‬مظاهر العمران والأبراج الشاهقة التي‮ ‬تنهض في‮ ‬العاصمة وسواها،‮ ‬لكن‮ ‬يظل أن هذا”الازدهار” ‬محصور في‮ ‬شريحة محدودة من الأثرياء والمتنفذين،‮ ‬فيما تعاني‮ ‬الغالبية الساحقة من المواطنين من تدهورٍ‮ ‬مضطردٍ‮ ‬في‮ ‬أحوالها المعيشية،‮ ‬وهو أمر‮ ‬يؤكد مصداقية المطلب الذي‮ ‬رفعه المنبر التقدمي‮ ‬في‮ ‬مسيرة الأول من مايو بألا تكون البحرين للأغنياء فقط‮.‬   صحيفة الايام 4 مايو 2008

Read more

الاستجواب

ان استجواب الشيخ احمد عطية الله وزير شؤون مجلس الوزراء‮ ‬يعني‮ ‬ان المستجوبين للوزير مارسوا حقهم الدستوري‮ ‬كنواب ولكن نعتقد ان المشكلة ابعد من ذلك اي‮ ‬تكمن في‮ ‬آلية الاستجواب المتبعة طبقاً‮ ‬لما نصت عليه اللائحة الداخلية للمجلس‮.‬في‮ ‬احدى ندوات المحامي‮ ‬يوسف الهاشمي‮  ‬يقول‮: ‬ان الآلية المستحدثة في‮ ‬الاستجواب المنصوص عليه في‮ ‬الدستور البحريني‮ ‬واللائحة الداخلية لمجلس النواب هي‮ ‬سبب الازمة التي‮ ‬يعاني‮ ‬منها المجلس حالياً‮ ‬عن طريق مراحل تدرج مرور الاستجواب بحيث اصبح الاستجواب‮ ‬يتطلب خمسة نواب على الاقل بدل‮  ‬واحد بالإضافة الى ادراجه على جدول الاعمال بغرض الاحالة الى اللجنة ويعتقد‮ “‬الهاشمي‮” ‬ان هذه الآلية في ‬التعاطي‮ ‬مع الاستجوابات لا توجد في‮ ‬اي‮ ‬نظام برلماني‮ ‬او جمهوري‮ ‬في‮ ‬العالم‮.‬وفوق هذا كله نعتقد ان الازمة التي‮ ‬نمر بها ليست في‮ ‬تلك الآلية فقط وانما ايضاً‮ ‬في‮ ‬وعي‮ ‬النواب الذين اصبحت تكتلاتهم وتحالفاتهم على اساس طائفي‮ ‬ولنا مثال على ذلك الاستجواب والامر‮ ‬يعود ومن دون شك الى تركيبة البرلمان الطائفية‮!!‬حقيقة كنا نأمل ان‮ ‬يوفق نواب‮ “الوفاق‮” ‬في‮ ‬تحقيق اهداف الاستجواب من دون مزايدات سياسية ولكن لماذا لم‮ ‬ينجحوا؟؟ سؤال‮ ‬ينبغي‮ ‬على هذه الكتلة البرلمانية طرحه بامانة واخلاص وخاصة ان اندفاع هذه الكتلة نحو الاستجواب ربما كان تعويضاً‮ ‬عن ازمة سياسية ذاتية تتلخص في ‬خبرتهم السياسية المحدودة او في‮ ‬الاداء البرلماني‮ ‬غير المقنع بالنسبة للجماهير الوفاقية الذين كانوا‮ ‬يتطلعون الى اداء افضل وكذلك الى انجازات لم تخطر على البال‮!‬وبالتالي‮ ‬فإن ما رافق الاستجواب من انفعالات وتحديات شخصية وتجريح ربما له علاقة بتلك الازمة‮.‬وما الفريق الآخر من النواب الذين اعلنوا عن تضامنهم ومساندتهم للوزير فهم منذ البداية شككوا في‮ ‬الاستجواب اعتقاداً‮ ‬منهم بعدم دستوريته وبالتالي‮ ‬لا نستغرب حينما ادانوا واستنكروا على الطريقة العربية اخطاء‮ “الوفاق‮” ‬تجاه الوزير‮.‬اذن فالأزمة‮ ‬يا سادة هي‮ ‬ازمة آلية الاستجواب واداء وتكتلات طائفية هذا ما اثبتته الممارسة النيابية طيلة الدورتين من الفصل التشريعي ‬الثاني ‬الذي‮ ‬اشرف على الانتهاء وما تزال الرقابة البرلمانية متعثرة وما‮ ‬يزال الاداء البرلماني‮ ‬غير قادر على ملاحقة ومكافحة الفساد وعلى تكريس حقوق المواطنة والارتفاع بمستوى معيشة الفئات الاجتماعية الفقيرة والفئات الوسطى‮!‬نعم هكذا كانت الممارسة النيابية التي‮ ‬وبكل اسف لم تدفع عجلة التنمية نحو الافضل‮!!‬ ان البحرين التي‮ ‬نريد لها ان تكون نموذجاً‮ ‬للانفتاح السياسي‮ ‬والاصلاح الاقتصادي‮ ‬والتقدم الاجتماعي‮ ‬سوف تزداد ازماتها الداخلية تعقيداً‮ ‬ما لم تتفق الحكومة ومجلس النواب والشورى والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني‮ ‬الاخرى على الارتقاء بالعملية السياسية وعلاج اوضاعنا وازماتنا الاقتصادية والاجتماعية وفقاً‮ ‬للعدالة والمساواة‮.‬ولهذا نقول‮: ‬ومن دون هذا التوجه كم سيــكون مسـتقبل البحـرين متـعثراً‮ ‬اذا لم نتوجه الى تعزيز مكانتها الاقتصادية والتنموية‮.. ‬وكم سيكون مستقبل الاصـلاحات الولـيدة متعثرة ايضاً‮ ‬ما لم نضع حداً‮ ‬للتصعيد الطائفي‮ ‬من خلال ترسيخ الوحـدة الوطنية في‮ ‬ظل المساواة في‮ ‬الحقوق والواجبات وكذلك ما لم تكف الجماعات والقوى الدينية المتشددة في‮ ‬مصـادرة الحريات والتكفير والتأثيم والتجريم والتخوين والتهديد بعودة البلاد الى عصور الظلام على النمط الطالباني‮ ‬أو الايراني‮.‬اذن مرة أخرى فالازمة التي‮ ‬يشهدها بيت الشعب‮.. ‬هي‮ ‬أزمة لها علاقة بلائحة المجلس الداخلية وبالاداء البرلماني‮ ‬وبتركيبة المجلس الطائفية‮.‬ صحيفة الايام 3 مايو 2008

Read more