المنشور

تونس وقراءة في مزاج الشارع العربي «1-2»

عن أي مزاج نود التحدث فيه؟ وعن أي شارع عربي مقصود؟ دون شك إن السؤالين مترابطان رغم اختلافهما، فالمزاج الذي نود التحدث عنه هو المزاج العام، والذي تختلط فيه الأمزجة طالما إننا حددنا «موضوعة العام»، حيث الأمزجة المتعددة تتشابك في الجوهر وتنفصل في داخلها كلما أمعنا في خصائص تلك الأمزجة الجماهيرية، التي بها من الفئات والشرائح والطبقات المتباينة، ولكنها اليوم صارت الأغلبية الكاسحة منها تفرض أجندتها على البنى الفوقية وعلى قيم المجتمع ووعيه، تفرض نفسها لكونها الأكثر تأثرا بالوضع المعيشي السيئ، فيما تلتقي تلك الشرائح الدنيا دائما مع طبقات وفئات أخرى اليوم في موضوعة الديمقراطية والحريات وإرساء دولة العدل والتوزيع ومناهضة الفساد ورفض كل أشكال الحجر على الحريات والمواطنة واحترام كرامتها، فالطبقة الوسطى وما دونها بل وفي الطبقات العليا، صارت تلتقي في نقاط مشتركة مع الغالبية العظمى من الشعب في الحقوق المشتركة وتنفصل عنها في قضايا مختلفة، فالفساد يمس مصالحها مثلما يمس المجتمع برمته، والقمع وكتم أنفاس الإنسان باتت في عصرنا مرفوضة، إذا ما ربطناها اليوم بمرحلة الثورة المعلوماتية، من هنا سنكتشف مدى الحالة الشعورية والانفعالية العامة في المجتمعات العربية، وكيف كان مزاجها فرحا بالانتفاضة التونسية، التي تصاعد مداها حتى بلغت الثورة الشعبية العارمة، وكأن الحالة التونسية تعبير عام عن ذلك المزاج المضطرب والمضطرم، بل ووجدنا ـ داخل نطاق الإعلام الرسمي والجامعة العربية ـ التحفظ إزاء ما يدور في تونس ـ ، فيما كان التهكم والحماس والفرح في المواقع الالكترونية والمقاهي والأمكنة الشبابية والشعبية والمهنية، هو سيد ذلك الوضع، وحالما بدت ملامح الانهيار التدريجي في هرم النظام التونسي صرنا نسمع ونقرأ مفردة متأخرة مفادها «احترام إرادة الشعب التونسي» وطبعا تلك الإرادة كانت مقموعة ولم تلتفت إليها لا الحكومات ولا الشعوب العربية، إذ كانت ثنائية العلاقة الرسمية ـ الشعبية منقسمة على نفسها، فالأنظمة الرسمية تتعاضد مثلما الشعوب المقموعة تتضامن أيضا، ومن هنا نفهم ذلك المزاج العام كيف يتبلور ويصبح أكثر كريستالية ونفاقا وحماسا وتهورا في سلة الثقافة الشعبية، لكون النخب والجماعات موزاييك متباين ومصالح متباينة وأفكار ووعي مختلف ومتباين أيضا.
كنا نرى التحفظ الإعلامي واضحا في مفردات كريهة تشمئز منها الأنظمة، فبتنا نقرأ عن الوضع التونسي عبارة «الرئيس المقال، الرئيس المتنحي»، فيما كانت الانتفاضة الشعبية تدك النظام بقوة وبسرعة مذهلة فخجل الإعلام وخجلت الأنظمة مثلما خجلت الجامعة العربية مما فعله الرئيس التونسي، فصارت بعضها تكتب عبارة الرئيس «المخلوع !!» ولكي تكون أكثر مقاربة مع الواقع زادت من جرعة الحقيقة بقول «الرئيس الهارب» أو الفار، وتحولت بعد ذلك كل الأمزجة بعد اتضاح الحقيقة، تساند مزاج حقيقي شعبي ليس في تونس وحدها بل ووجد نفسه ملتحما مع المزاج العام في الشارع العربي، فيما راحت محطة الجزيرة تنفخ بطريقتها، التي دون شك أغضبت البعض وأفرحت البعض الآخر، إذ صارت كل قوى المجتمع المدني وغيرها تمارس نوعا من «الإسقاط السياسي» على واقعها محاولة إرسال رسائلها للسلطات بضرورة استيعاب واستلهام الدرس التونسي من زوايا متعددة.
كان المزاج العام المتفاوت في الأقطار العربية مندفعا بين حالة المد النسبي والجزر النسبي، وكلما التهبت النيران في تونس وصل لهيبها للمزاج العام الداخلي والخارجي، وكأنما الثورة الشعبية في تونس تحرك جذوة النار الهادئة في تربة ومناخات عربية مختلفة، بل وأمزجة مختلفة، اتفقت على كراهيتها للاستبداد والفقر والفساد، محاولة البحث عن التغيير نحو حياة أفضل.
صار المزاج العام منفلتا في فرحه وحماسه، دون أن يدري ما الذي يفعله، حتى بلغ ذلك المزاج والحماس والانفعال محاولة التقليد الميكانيكي لإشعال محتجين أنفسهم، لعجلة الاحتراق فيها ليس واحدا، فلم تكن محاولة تقليد البوعزيزي جديرة بالاهتمام والتأثير إلا بشكل عابر، حيث نسى المحترقون ان البوعزيزي كان عود ثقاب لغابة تنتظر الحريق، فليس كل الغابات سريعة الاشتعال! المزاج العام في الشارع العربي كان فرحا ومتحفظا لدى النخب العليا والقريبة لمراكز السلطة في بلدانها، ولكنها في داخلها وفي جلساتها المغلقة تزيح عن وجهها قناع الخوف والنفاق، إذ عيب الأنظمة الاستبدادية هو خنق كل المجتمع، مما تجعل مزاجه السياسي العام يحتقن بشكل مكثف، فتتخمر كل عوامل الغضب والكراهية، فيما عدا حلقة ضيقة تتحلق ذلك النظام الفاسد والمستبد.
ذكرتني تلك الأمزجة الشعبية بمزاج العرب الكروي والانتصارات غير المتوقعة في أهداف المباريات، هكذا فاجأت الثورة التونسية في منجزها الثوري، الشارع العربي غير أنها ماتزال في منتصف الطريق لاستكمال مشروعها في كنس اصطبلات اوجياس، وتهديم كل أسس النظام القديم واستبداله بنظام جديد مختلف، تكون فيه حركة الجماهير قد قطعت علاقتها بكل مكونات ذلك القديم القابل لإشعال الثورة المضادة في لحظة من غفلة الثورة عن أعدائها الحقيقيين.
في هذه المناسبة التونسية تصبح قراءة كتاب عشرة أيام هزت العالم حول الثورة الروسية أكثر من ضرورية لفهم الحياة في ظروف عاصفة وليس هادئة كالثورات.
إن الثورة تتألف من فصلين: هدم النظام القديم وإقامة نظام للحياة جديد. وقد طال الفصل الأول كثيرا إلى ما فيه الكفاية. وحان وقت الشروع في الثاني، وينبغي القيام به بأسرع ما يمكن، فان ثوريا عظيما كان يقول ـ يقصد المؤلف لينين ـ-: «لنعجل، أيها الأصدقاء، في إنهاء الثورة: فمن يفرط بإطالة الثورة لا يقطف ثمارها…» وما جنته الجماهير في تونس حتى الآن اقل من نصف تلك الثمار، فالثورة بالإمكان سرقتها كما حدث في التاريخ مرارا، وحرفها عن مسارها وأهدافها نتيجة الثورة المضادة، وبسبب نهج العقلية المغامرة والفوضوية التي تغذيها الثورة المضادة في تلك الساعات.
 
صحيفة الايام
6 فبراير 2011
اقرأ المزيد

استيقاظ البلدان العربية على هامش التطورات الثورية في مصر وتونس


ان التحولات الثورية في تونس ومصر وبغض النظر عن مآلها، فانها وبالحد الذي بلغته الان، غيرت للابد لا الاوضاع السياسية والاجتماعية في هذه البلدان فحسب، بل الجغرافيا السياسية في مجمل الشرق الاوسط، وبالتالي، العالم صوب اوضاع يمكن تحملها اكثر.

ان خصيصة البلدان العربية تتمثل في ان هذه البلدان، وعلى امتداد تاريخنا المعاصر، لم تمر في يوم ما عبر صيرورة ثورية. اذ لم تحدث في هذه البلدان ثورة ما. ان التاريخ السياسي لهذه المجتمعات، الى الحد الذي احدث تغييراً، قد جرى اساساً عبر الانقلابات والتغييرات من فوق.

ان للثورات العامة، وبالتالي الديمقراطية، في تاريخنا المعاصر، دور حاسم جدا في الذهنية الفردية والاجتماعية لافراد المجتمع وفي العلاقات الطبقية، وبالاخص صلة البرجوازية بالطبقة العاملة.

ان التباين بين مثل هذه الروحية قد تتجسد في اكثر اشكالها بروزاً فيما يطلق عليه ماركس الروحية الالمانية والروحية الفرنسية. بالنسبة للفرنسي، الحكومة لم تكن قط ظاهرة مقدسة او لايمكن الاطاحة بها. اما الروحية الالمانية، فان الدولة تتمتع بالحق طبقاً للتعريف، وان الاحتجاج على الدولة امراً غير عادي نوعاً ما. اذ يتحدث الكسي دوتوكويل (de Tocqueville)، احد طليعيي علم الاجتماع والعلوم السياسية البرجوازي الفرنسي في اوائل القرن التاسع عشر بالاشارة الى الظاهرة ذاتها: “ان الثورة في المانيا هي امر محال، لان الشرطة اعلنت انها امراً ممنوعاً”.

يمكن رؤية اختلاف هذه الروحية في العديد من بلدان العالم، التي جرت فيها ثورة ديمقراطية. هنالك تباين ما بين الروحية الايرانية فيما يخص الدولة مقارنة بالروحية في بلدان العالم العربي بهذا الخصوص، ان هذا لامر جلي.
ان ما هو في طور التغيير اليوم في تونس ومصر، او بالاحرى ما تغير الان، هو هذه الروحية بالتحديد. روحية رجت هزتها تقريبا مجمل بلدان العالم العربي، الى حد دفع امير الكويت الذي اصابته الحيرة و يشعر بالارتباك، للاعلان انه خلال 14 شهر المقبلة سيكون نصيب كل مواطن كويتي 3400 دولار شهرياً.

ان الثورة العامة والديمقراطية تترك تغيرات هائلة في عمق المجتمع. ان جماهير مسلوبة الحقوق ومقموعة تحطم مؤسسة دولتها. يكتسب الانسان والفردية الانسانية كرامة وحيثية جديدة، يتصاعد الاحساس بالاقتدار الفردي والجمعي بوجه الدولة. ان حيثية وكرامة الانسان يغدوان اساساً على الاقل من الناحية الظاهرية، ويتلاشى الخوف من مؤسسة القمع مع تحطم مؤسسة القمع نفسها ،وان مبدأ امكانية الاطاحة بالدولة يتحول الى جزء من السايكولوجيا الاجتماعية التي ستبقى دوما في ذهن المجتمع والحكومة. ان شبح الثورة وكابوس انفلات الاوضاع ستبقى حية دوماً في ذهن الدولة، وان هذه الحقيقة تغير كل صلة المجتمع والحكومة.

ان الثورات الديمقراطية او البرجوازية، ثورات تندلع في اطار المطاليب البرجوازية، تستند طبقاً للتعريف، واستناداً الى سماتها البرجوازية، الى اعلان اصالة الفرد بصورة مستقلة عن العلاقات الاجتماعية. ان هذه الثورات تبرز الحيثية الانسانية والحقوق الفردية للانسان وتحوله الى احد المعطيات “الطبيعية” للمجتمع. ان البلدان العربية هي في هذا المسار. لقد طوت تونس قسم مهم من هذا المسار، وان مصر في منتصف الطريق.
زد على ان مايجري في تونس ومصر هو صفحة اخرى من الصلة العائمة والمائعة بين طبقات المجتمع المختلفة في خضم مثل هكذا ثورة، وهو امر غني بالدروس لكل عامل واعي.

في الحقيقة ان الثورة لايمكن تصنيفها بـ”حسنة” و”سيئة” او “ياليت كان هذا” و”ياليت لم يكن هذا”. ان الاوضاع الثورية واندلاع الثورة ليسا ظواهر يكون حدوثها عبر تحكم اي فرد او حزب. ان الازمة الثورية واندلاع الثورة مثل هزة ارضية او طوفان لهو خارج عن تحكمي وتحكمك. ثمة جملة معقدة جداً من العناصر السياسية، الاجتماعية، الاقتصادية والتاريخية، سواء على الصعيد المحلي او على صعيد عالمي، حيث لكل منهما دور في صيرورة ثورة ما. ان الثورات في اندلاع مستمر دوماً. بيد ان ما يحدد حصيلة ثورة ما تماماً هو دور الطبقات وكيفية تدخل هذه الطبقات في السياسة، اي عبر قناة حركات اجتماعية واحزاب سياسية. ينبغي على الطبقة العاملة ان تعانق هذه الثورات، وان اندلاع مثل هذه الثورات هو لصالح الطبقة العاملة قبل اي طرف اخر. انها تفسح المجال لتدخل هذه الطبقة في المجتمع.

ان هذه الثورات تعرف نفسها بصورة طبيعية للوهلة الاولى بشعارات عمومية وشاملة ومتنوعة التفسير من قبل الجماهير العريضة للمجتمع. ان الحرية او المساواة هي شعارات، يملك كل شخص تفسيره الخاص لها. وان نفس السمة الضبابية و”غير المحددة” للشعارات تسمح للثورة تحريك اوسع مايمكن من جماهير المجتمع.
مع حركة عجلة الثورة، تنفتح اجواء المجتمع. تتوفر لجميع الطبقات، وبالاخص الطبقة العاملة، امكانية التدخل في السياسة وامكانية التنظيم والتحزب السياسي.

ومع اي خطوة تخطوها الثورة، يتخذ الصراع بين طبقات المجتمع من اجل تحديد اهداف وشعارات هذه الثورة طابعا ابرز وتضادي على الاغلب. ان الثورات الديمقراطية في المجتمعات الراسمالية تفسح الاجواء امام مجمل الحركات ومجمل الطبقات والاحزاب. بيد ان الدور الذي تضطلع به هذه الطبقات وهذه الحركات والاحزاب بهذا السياق مرهون بها كلياً.

ان الثورة في تونس ومصر تعرض صفحة قياسية (استاندارد) وكلاسيكية الى حد كبير للصلة مابين الطبقات المختلفة وبالاخص البرجوازية، البرجوازية الصغيرة والطبقة العاملة. ميدان ينبغي على الطبقة العاملة في ايران ان تتابعه بدقة، تتعلم منه وان تهيء نفسها لمجابهة مثل هذه الاوضاع التي ستحدث بصورة لامناص منها عاجلاً ام اجلاً في ايران.

في تونس ومصر، تحركت جماهير عريضة، هي خليط من طبقات مختلفة في ألمجتمع. البرجوازية الحاكمة تتراجع شيئاً فشيئاً، وتسعى لان تحافظ في كل مرحلة من مراحلها على اقل حد من الامكانات، وتصون مؤسسة الدولة والشرطة والجيش من التداعي والانحلال، وترسي النظام والسكينة، وان تدفع الجماهير الثورية للارهاق و انهاك قواها، بامل ان تبقى في السلطة باي شكل من الاشكال.

ان البرجوازية في المعارضة هي ذيلية تجاه الثورة، وتسعى عبر الاستناد الى الجماهير الثورية لانتزاع اكثر مايمكن من الامتيازات من الجناح الحاكم، وان تنقذ مؤسسة الدولة وادوات الحكومة، النظام والقانون البرجوازي من الهجوم والتصدع. انها تعرف نفسها بوصفها بديل الحكومة. اما الاقسام المختلفة للبرجوازية فـ”تسمع صدى الثورة” تدريجياً، يغيرون غدا المجلس الوزاري، بعد غد تتراجع الى خندق اخر، تعرف الجيش بوصفه الوسيط والمنقذ، يطرحون شخصيات و احزاب الواحد بعد الاخر امام المجتمع، و يستمر هذا المسار في تطور وتحول طالما الثورة مندلعة.

ان حصيلة الطبقة العاملة من مثل هذه الثورات يعتمد على مكانتها السياسية والاجتماعية وبالاخص درجة وعيها واتحادها الداخلي. في حالة غياب مثل هذا الوعي والاتحاد في صفوف الطبقة العاملة، فنها تخسر فرص ذهبية. ولكن على اية حال، تتفتح براعم وعي واتحاد داخلي للطبقة العاملة وتنمو اشكال اولية الى حد كبير من التحزب والوعي الشيوعي. الى اين تصل الثورة في تونس ومصر او هل تمضي ابعد من هذا الطور او المرحلة، امر مرهون فقط بدرجة انسجام واقتدار الطبقة العاملة.

يتعرض نشطاء الطبقة العاملة في مصر ومنذ زمان جمال عبد الناصر، اي في 1955، الى اعمال قتل جماعية وتم قمع منظماتهم وتحت ضغوطات مستمرة. ان الطبقة العاملة في مصر تدخل هذه الثورة دون تحزب ودون تنظيم. يبدو ان الطبقة العاملة في تونس تتمتع بمكانة افضل. الا انه و في كلا الحالتين لانشهد وجود ونفوذ شيوعية بروليتارية متشكلة في تنظيم داخل الطبقة العاملة لهذه البلدان وسائر البلدان العربية او ملامح من ذلك امامنا. وعليه، ينبغي الافتراض ان بوسع هذه الحركة ان تولد وتشرع باعمالها الان.

هل يحدث هذا ام لا؟ انه امر يتعدى معلومات وامكانيات تدخل امرء من مثلي. ولكن ينبغي القناعة بحقيقة انه بدون وجود اتحاد داخل الطبقة العاملة، ستبقى مكاسب الثورة العامة (اي التي يشترك بها الجميع-م) والديمقراطية في هذه البلدان محدودة. ستجهض المطاليب العامة حتى لو كانت على هيئة ثورة ديمقراطية، ومن المؤكد ان هذه الثورة لن تمر بصيرورة ديمومتها وتواصلها الى تحول اشتراكي.
بيد ان لاينبغي لهذا المسار ان يلقي بظلاله على حقيقة انه بغض النظر عن ذلك، وللحد الذي بلغه الامر الان، سيفرض نسيم الثورة العامة من اجل الحرية والكرامة الانسانية في البلدان العربية التراجع على المستنقع الاجتماعي الذي اطبقته الرجعية الحاكمة على هذه البلدان. ان الحلفاء والداعمين الاساسيين لهذه الرجعية، اي الرجعية الامريكية-الاسرائيلية المستندة الى تامين اسر الانسان واذلاله واهانته في البلدان العربية امام سلطة الدولة، سيضعفا بشدة. وربما، و بالاهمية ذاتها، هنالك امكانية اضعاف كل هذه الرجعية السائدة، و سيضمحل المستنقع الذي تنموا فيه الرجعية الاسلامية.

ان الثورة في تونس ومصر ستحرك كل البلدان العربية دون شك، وستغير علاقة الجماهير بالدول الرجعية الحاكمة في هذه البلدان. ستقلص هذه الثورات من ارضية تنامي الاسلام السياسي، وستخلق فرصة بشكل او باخر فرص للتنظيم والوحدة، وعلى قول لينين، ستتعلم الطبقة العاملة من هذه الثورة كل يوم بقدر مئة عام.
ستنثر هذه الثورات موجة غبطة من الحرية والكرامة الانسانية على جميع المنطقة، على جميع البلدان العربية، وبالاخص على جماهير فلسطين ومصيرهم.

الحوار المتمدن ترجمة: فارس محمود
 
5 فبراير 2011

اقرأ المزيد

ثمن الإصلاح في مصـر


يوم الخميس الماضي وبينما كانت 11 مليار دولار تتبخر في دقائق داخل قاعة التداولات بالبورصة المصرية، اتصل بي من القاهرة صديق عزيز يشغل منصب مدير الاستثمار في إحدى شركات الوساطة صارخاً: «البورصة تنهار، اقتصاد البلد ينهار.. ما يحدث ليس في مصلحة أحد».

لم تفلح محاولاتي في تهدئة صديقي، بل ازداد غضبه عندما أخبرته أن «هناك ثمناً للإصلاح، يجب أن يُدفع».
 
ما من شك في أن للاحتجاجات العارمة التي تشهدها مصر منذ أسبوع معارضين، وأفراد من هؤلاء المعارضين ينتمون إلى الفئة التي كان يحلو للحكومة المقالة أن تستشهد بهم في سياق حديثها عما أسمته «دلائل رفاهية المواطنين» عندما ذكرت في تقارير رفعتها إلى البرلمان أن هناك عشرات آلاف السيارات الجديدة اشتراها مصريون خلال عام، وهناك رقم مثيل من مكيفات الهواء ، وزيادة ملحوظة في حجم المخلفات (القمامة) التي يلقيها المصريون في الشوارع كل يوم. وفي ذات الوقت تغض نظرها عن أن عوائد معدلات النمو المرتفعة التي حققها الاقتصاد المصري في السنوات الأخيرة لم تصل إلى السواد الأعظم من المصريين الذين يعيش نصفهم بأقل من دولارين يومياً، وفقاً لتقديرات تقارير البنك الدولي.
 
هناك فاتورة ضخمة تدفعها مصر الآن، ولكنها فاتورة واجبة، بعد عقود طويلة من محاولات الإصلاح البطيء الذي أثبت عدم جدواه، بدليل خروج هذه الحشود الهائلة إلى الشوارع تطالب بالتغيير، حسبما نقلت شاشات الأخبار.
 
ومهما بلغت قيمة هذه الفاتورة، فهي لا تقارن بالأموال المهدرة المقدرة بعشرات مليارات الدولارات التي تخسرها البلاد سنوياً من جراء تفشي الفساد والمحسوبية وتزاوج المال بالسلطة، وتهرب رجال أعمال كبار من الضرائب، وبيع أراضي الدولة بأسعار يثير تدنيها وانخفاضها الدهشة.
 
ويضاف إلى ذلك ما يسمى بتكلفة الفرص البديلة سواء في المشروعات العامة التي تنفذها الحكومة أو في الأموال التي يدفعها القطاع الخاص من «تحت الطاولة» لتسيير أعماله، كبديل غير قانوني عن الدوران في دائرة البيروقراطية الجهنمية.
 
والاقتصاد المصري أيضاً يخسر المليارات كل عام، بسبب سوء إدارة أصول وممتلكات وشركات الدولة، ومواردها الطبيعية، كما يخسر أيضا مليارات الدولارات من الاستثمارات الأجنبية والعربية التي تمتنع عن دخول البلاد بسبب عدم وضوح الرؤية المستقبلية على المستوى السياسي، فيما يعرف بـ«المخاطر السياسية للاستثمار».
 
قد يجادل البعض بأن البديل في حال نجح المحتجون في فرض مطالبهم غير مضمون، وغير معروف، ولا أجزم هنا أنني على يقين أن «الأفضل قادم» وخصوصاً في ظل الموقف المعقد الحالي، ولكن ما يمكن قوله إن هذه الاحتجاجات العارمة حررت المصريين من حواجز كثيرة تراكمت بداخلهم على مدى عقود، وجعلتهم أكثر حرصاً على وطنهم، وأكثر إصراراً على قيادة بلدهم إلى المكانة التي تستحقها بين الأمم المتقدمة، وهؤلاء لن يسمحوا مجدداً، ومهما كان سيناريو المستقبل، بتفشي الفساد أو التربح من المناصب العامة، أو سوء إدارة مقدرات البلاد. وهؤلاء أيضاً سيكونون أكثر انتاجاً، كل في موقعه، وسيكونون أكثر حرصاً على ممتلكات الدولة، وسيلفظون من بينهم كل مرتشٍ أو متربح، ودليلي على ذلك اللجان الشعبية التي شكلها المحتجون لحماية المملتكات العامة والخاصة، وإدارة المرور في الشوارع، بعد الفراغ الأمني الذي تركه الإنسحاب الجماعي المفاجئ والمثير للجدل لرجال الشرطة، كما تناقلت وكالات الأنباء.
 
نعم إن ثمن الإصلاح باهظ، ولكنه لا يقارن بما يضيع سنوياً على البلاد جراء غيابه، ولا يقارن أيضاً بالمكاسب المتوقعة حال إعادة وضع القطار على قضبانه في الاتجاه الصحيح.
 
أعرف أن ما كتبته لن يعجب صديقي مدير الاستثمار، ولن يعجب كثيرين غيره ممن يصلهم بعض «فتات» ما أسمته الحكومة المقالة «الازدهار الاقتصادي»، ولهم أقول إن الخسائر الناجمة عن محاولات الإصلاح «مؤقتة» وسرعان ما ستعود الأوضاع أفضل مما كانت، أو هكذا أتمنى.

موقع الجيران 4 فبراير 2011 

اقرأ المزيد

عروش الحكام العرب اهتزت بنيران البوعزيزي


محمد بوعزيزي من مدينة سيدي بو زيد من تونس الحرة، والذي لم يكن يعرفه أو سمع عنه احد في الوطن العربي قبل السابع عشر من ديسمبر عام 2010، ، انه شاب يتيم وعاطل عن العمل، ولم يكمل دراسته الجامعية لظروفه المعيشية الصعبة، وفق ما صرحت به شقيقته لإحدى المحطات الإذاعية ، أصبح هذا الشاب مشهور ، قصته بدأت عندما رفض الإهانة، من الرجل الذي صفعه وحاول ان يأخذ حقه الأدبي والأخلاقي من خلال القانون، حيث شكي حاله إلى مسئولي البلدية أو الشرطة في مدينته ولكنه حصل على مزيد من الاهانات والشتائم، بل تم الاعتداء عليه من خلال قلب عربته التي كان يبيع عليها الفواكه والخضروات، لم يتمالك نفسه هو العاطل عن العمل، فأشعل النار في جسده، وكأنه يقول للحكام العرب، بأنني أشعل النار لتهتز عروشكم، لم يدرك الحكام وأسيادهم وعبيدهم، بان النار المشتعلة في جسد البوعزيزي سوف تتطاير شراراتها لتنتشر، أولاً في وطنه تونس، وإذا بها تصل إلى أغلبية البلدان العربية، لتقول لشعوبها، قد دقت الساعة، عليكم، بكنس تلك الأنظمة الدكتاتورية الجاثمة على صدوركم لعقود من السنين، وهي التي سرقت ثرواتكم، وأفسدت البلاد والنفوس، وحرمتكم من إبداء الرأي والتعبير، والتنظيم، ومارست ضدكم شتى أصناف الترهيب والتعذيب، وشكلت العصابات الإجرامية من الفاسدين والمارقين وحثالة الناس، ليمارسوا الإجرام وترويع الناس والمعارضين، وتأخر النمو الاقتصادي في بلدانكم، وهجرت العقول المتعلمة والمتدربة إلى بلدان المهجر القريبة والبعيدة للاستفادة من تلك الخبرات والمهارات، التي حرمت من طاقاتها وقدراتها وإبداعاتها بلداننا وشعوبنا العربية.

 صادروا الحريات العامة والديمقراطية وانتهكوا حقوق الإنسان وأصبح الإنسان العربي، خائف على نفسه في وطنه، والذي إذا لم يعتقل أو يسجن أو يمنع من العمل أو يحرم من السفر، فإنه حتما سيصاب بالأمراض المزمنة والنفسية.

 هؤلاء حكام لا يحبون أوطانهم لكي يحبون شعوبهم وما فعله أتباعهم في تونس بعد سقوط الدكتاتور الهارب زين العابدين بن علي، وما فعلوه أيضاً في مصر شاهد على تلك الأفعال الإجرامية، أنهم قتلة وليسوا دعاة إصلاح أو تغيير، قادة ورؤساء وشعوب العالم مذهولون مما يحدث في البلدان العربية، تونس ومصر وغيرهم، إنها الطاقات الكامنة في النفوس لقد تفجرت بعنفوان الشباب، هذا الجيل الذي لم يراهن عليه احد في السابق.

اليوم يكتب تاريخاً جديداً في صفحات ناصعة البياض من اجل أن تشرق شمس الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية في بلداننا، جيل التغيير والانتفاضات المجيدة، أنهم يرددون شعر، الشاعر التونسي الكبير أبو القاسم الشابي و قصيدته المعروفة إرادة الحياة،” إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر.. ولابد لليل ان ينجلي ولا بد للقيد ان ينكسر”، هؤلاء الحكام والقادة القلقون على عروشهم، الآن بدءوا يشعرون بأخطائهم وجرائمهم  بحق شعوبهم وبلدانهم، وبدأو يطلقون صيحات الإغاثة، وليس التغيير والإصلاح السياسي، وبدأت ترتجف الأيدي والأرجل، كانوا يريدون أصلاح مبتور وتغيير ناقص، وديمقراطية مجزئة، لا يريدون وجوداً قويا للمعارضة في بلداننا العربية، يريدون الأبواق التابعة  والوصوليين والانتهازيين، الذين شكلوا طبقات طفيلية فاسدة في معظم بلداننا العربية، ساهموا معهم في سرقة المال العام وأموال الناس.

لا بد من تغيير جدري وإصلاح حقيقي وديمقراطية حقيقية وليس ديكور، وإصدار دساتير عقدية، من خلال هيئات شعبية منتخبة، وحق إبداء الرأي والتعبير والتنظيم، وحرية الإعلام وجميع وسائله المرئية والسمعية، وحق التظاهر والاعتصام وعدم انتهاك حقوق الإنسان أو مصادرة الحريات العامة والشخصية، حقوق مدنية من اجل دول مدنية وديمقراطية حديثة.     
 
 
 

اقرأ المزيد

مصر.. الثورةُ والتغيير (4)

ترددت كلمات أساسية في فضاء الثورة المصرية الراهنة غدت هي شعارات تعبر عن الوعي الجديد النابض الصاعد الذي يريد أن يكون مؤسسات جديدة:
(نريد تغيير النظام)، (خبز، عدالة، إنسانية)، (كفاية) وغيرها كثير من الكلمات العامية الفصيحة البليغة.
شعارات عامة مرهفة بالشجن والألم والغضب، تقوم بشحن الناس ودفعهم إلى التراص والتجمع والتعبير الجماعي الساخن الهادر، وقد تاهت واندفعت في الشوارع والحارات الجانبية ثم تركزت في الشوارع الكبرى فالميادين ومقتربة من مراكز السلطة المحطمة أو المختبئة.
شعارات تضغط وتجمع وتحاصر النظامَ العسكري الذي يعود أكثر فأكثر إلى عسكريتهِ في المضمون الباطني الحقيقي، ويتظاهر بالاستجابة لمطالب الشعب ويلبسُ اللباسَ المدني الديمقراطي الزائف.
استطاعت هذه الشعارات البسيطة المتروكة للإبداع الشعبي اليومي والارتجال أن تعبئ الجماهير العادية وتحشدها وتوجهها، وخلال الأيام التاريخية فإن الجماهير التي كانت تتشاجر على النقل والعيش والسكن توحدت وتعاونت بشكل مثير، وهي ظاهرة معروفة في كل الثورات، فقد اكتشفت الجماهير مضمونَها العميق الإنساني، وأهدافها المشتركة في تغيير نظامٍ اجتماعي شردَها وغربها.
وكذلك تعمل من أجل نظام جديد يوسع قدراتها الوطنية وآفاقها الإنسانية، ويحترمها ويعمق معاشها وحريتها.
ولكن مثل كل ثورة تتشكل في نظام ذي علاقات رأسمالية، وهي في وطننا العربي متخلفة كذلك إضافة إلى أنها استغلالية بطبيعتها، تظهر الصراعات الاجتماعية بين الرأسماليين والعمال، بين المالكين والأجراء، بشكل أيديولوجي وبشكل سياسي، عبر تعدد الأحزاب المناضلة للتغيير، وتظهر شرائح من اليمين الديني المركز على الأخلاق والضمير والعودة للدين وكذلك الوسط كحزب الوفد الذي ينتقد بشكل مجرد عام غير دقيق خمسين سنة من الدكتاتورية، من دون درس تباينات هذه الدكتاتورية وجذورها، فيقدم خطاباً ليبراليا عاما، وهناك أحزاب جديدة من الفئات الوسطى تطرح المطالب العامة للجمهور من حرية وإنشاء سلطة ديمقراطية. وعموماً فإن هذه اللافتات المتباينة كثيراً تجعلنا نحذر من مستقبل تعامل هذه القوى وقيادتها لمصر مستقبلاً كذلك، ولابد لنا من تحليلها مستقبلاً ومراقبتها.
وقد انتقلتْ موجة الصراع في الشارع من الحدةِ والعنف إلى الهدوء والتداخل والصراع السلمي المتوتر، فالجيشُ فاجأ الجميعَ بحيادية موقفه، فهو لا يقمع الجمهور وكذلك لا يساعده في التخلص من النظام، تاركاً الفريقين في صراعهما السلمي المتناقض بين فريق حكومي يملك إمكانيات هائلة وفريق شعبي لا يملك سوى حناجره وأجساده المقاومة في الشارع وفي البرد والجوع.
ولكن الفريق الحكومي كان يواصل الهجوم عبر قطع خطوط اتصالات الجمهور وأدوات إعلامه العربية الخارجية، وقطع المواصلات وخاصة السكك الحديدية، وقطع الرواتب والأجور، وقطع الإمدادات الغذائية القادمة من الأرياف للمدن وتحويل مناطق الثورة إلى جزر معزولة عن بعضها البعض، وبالتالي تضييق الحصار على الجمهور المناضل وسط الجزر الصغيرة في المدن المليئة بالجمهور، حتى يتعب ويتساقط، ويتم كذلك تصعيد ثقافة اليأس والاحباط وتحريك الإذاعات والفضائيات لكي تنشر مناظر القلق والتراجع وأصوات التخاذل.
وواكب ذلك عملية سياسية تكتيكية تحاول سحب قوى كبيرة من الجمهور المناضل، ففجأة وبعد ثلاثين سنة يتذكر الرئيس أنه بحاجة إلى نائب، ويغير الوزارة (الفاشلة) محاولاً إنقاذ الرئاسة، ومغيراً الدستور الذي تحول إلى كلمات مفصلة على مصالح الرئيس، وطارحاً الحوار مع قوى المعارضة التي طردها من مجلس الشعب المزور، مواصلاً دور الهيمنة الكلية على المجتمع!
وبعد كل هذه الهبة الهائلة لم يفهم الرئيس الحدثَ التاريخي، وقام بعرض التاريخ المؤدلج من خلال وعيه، فكان النظام في رأيه يسير بشكل جيد، وظهرت (بغتة) تظاهرات شبابية محقة في بعض مطالبها، ثم تدخلت قوى مُغرضة وحركتها ووسعتها! إنه لا يرى أن النظامَ دخل نفق أزمة عميقة، وأن ملايين السكان تحتاج إلى إزاحة طبقة فاسدة سيطرت على المجتمع عقوداً، ومن دون هذه الإزاحة فإن المجتمع يختنق ويتفجر أكثر مما تفجر، وأن قيادته لم تكتشف هذه الأزمة العميقة بل واصلت تضخيمها، ثم عجزت في لحظة انفجارِها عن فهمها والاستجابة لمطالبها ووضع حد لنموها الخطير المدمر للبلد وسكانه ومصالحه ومستقبله.

صحيفة اخبار الخليج
5 فبراير 2011

اقرأ المزيد

عن المكوث في الحكـم


 
لماذا لا يكتفي رؤساء جمهورياتنا العتيدة بما هو معمول به في بلدان العالم المتحضر، فلا يمكث الواحد منهم في الحكم أكثر من دورة انتخابية أو دورتين إذا قدر له الفوز في الثانية، ليغادر قصر الرئاسة مُعززاً مُكرماً، ينصرف بعدها لكتابة مذكراته وإلقاء المحاضرات وتقديم الاستشارات وقضاء أوقات لطيفة مع أحفاده على نحو ما يفعل ساسة العالم؟

لماذا يقرن هؤلاء مصير الأوطان بمصيرهم الشخصي، ويتصرفون كما لو أن هذه الأوطان ملك لهم، لا يغادروا مواقع القيادة فيها إلا بموتهم، بعد أن يكونوا هيأوا لأبنائهم فرص وراثتهم لا في الثروات التي جنوها من مال الشعب، وإنما في الحكم أيضاً.

لم أنجو بنفسي وأنا أقرأ ما نُشر عن الوضع الصحي للزعيم الإفريقي نيلسون مانديلا من حُرقة المقارنة بين سلوك هذا الزعيم الاستثنائي وبين سلوك رؤساء الجمهوريات في عالمنا العربي.

رغم طول سنوات السجن المؤبد التي قضاها مانديلا، فان مدة حكم بعض رؤساء الجمهوريات عندنا قد فاقتها عدداً، وحين خرج من الأسر لينجز الفصل الأخير من مسيرة تحرير بلاده من عار العنصرية، انتخب رئيساً للجمهورية بإجماع شعبي قلّ نظيره.

ولكن عند انتهاء الأمد الدستوري لولايته أصر على ألا يترشح ثانية، مع انه كان يملك من التفويض الشعبي ما يجعل منه رئيساً لبلاده مدى الحياة، فهو بالنسبة لشعب جنوب أفريقيا ليس مجرد زعيم، إنما هو رمز لملحمة النضال العنيد من أجل الحرية، التي كان هو على رأسها دافعاَ، في سبيل ذلك، الضريبة الباهظة من حريته وسعادته.

لنقارن سلوك مانديلا بسلوك رؤساء الجمهوريات في عالمنا العربي، الذين يُعدلون الدساتير مرة ومثنى وثلاثاً ورباعاً حتى يضمنوا بقائهم في مناصبهم، لا أطول مدة ممكنة فحسب، وإنما مدى الحياة.

ويضع هؤلاء شعوبهم أمام محك ما بعده محك، ولسان الحال يقول: أتحسبون حكم البلدان مزحة، فلو تركنا الحكم ستخرب البلدان ويضيع مستقبلها، كأن الأمهات في دنيا العرب كففن عن إنجاب الأذكياء ممن يمتلكون الاستعداد لأن يكونوا قادة لأوطانهم ومجتمعاتهم.

وينخرط في ترويج هذا التحدي ثلة من المنتفعين والمبخرين والمخبرين أيضاً، الذين لا يردهم رادع أخلاقي عن تزييف الوعي وبث الأوهام في الأذهان لترويض الناس على قبول ما لاتقبله  الفطرة السوية.

كم من الدماء والآلام والخراب والخيبات كانوا سيوفرها هؤلاء الزعماء لو أنهم تصرفوا بالمنطق السوي الذي يسمح للناس بحرية الاختيار كل بضع سنوات، ولو أنهم ركنوا إلى القاعدة السليمة بأن الطاقات الذهنية والبدنية للإنسان تتناقص مع الوقت، ولا يعود بإمكانه إدارة الأمور بالطاقة نفسها، وأن هناك مرحلة يجب أن يخلد فيها الى الراحة، وإن سبل المشاركة في الحياة العامة متعددة لمن يجد في نفسه القدرة على ذلك، ولا تنحصر في الإمساك بالسلطة وحدها.

لا تحتاج بلداننا العربية الى “الزعيم الضرورة” و”الزعيم الاستثنائي” و”القائد التاريخي” الذي يمكث على الصدور طوال حياته. نريد زعماء عاديين، مثلهم مثل بقية الناس، يمكثون في الحكم دورة أو دورتين، ويلقون، مبتسمين، بتحية الوداع لشعبهم، وهم ينصرفون الى مهامهم الجديدة في الحياة.
 

اقرأ المزيد

يمهل ولا يهمل


مضى زمن كنا نظنّ فيه أنّنا فقدنا قدرتنا على الغضب. كنا نظنّ أنّ اليأس قد استبدّ بنا، فأحالنا مبكراً على التقاعد والتقاعس والمستوعبات. وكنا نظنّ أنّ الطغيان قد حوّلنا إلى خصيان. وأنّ ما ألمّ بنا من الظلم والقمع والإذلال، لا دواء له ولا نهاية لجلجلته، وأنّ ما نحن عليه من القعود والقنوط لا شفاء منه لأنّه «أصلي» وقدريّ ومحتوم.
 
كنا نظنّ أنّنا قد اعتدنا الهزائم، وأدمنّا الانكسارات، وأنّ ما نصيبه من بعض نجاح إنّما هو الاستثناء الذي يثبت القاعدة ليس إلّا.

وقد تناوب حكّامنا على تكريس هذه العوارض، مسلّمات ورواسخ لا تحول ولا تزول: كأنّها مشيئة الله في خلقه، أو أنّها سنّته في اختبار صبر عباده، أو أنّها أقدار شاءها لأمر لا يسأل عنه ولا يدرك. فهي، بالتالي، لا تستدعي إلا الشكر لمن لا يُشكر على مكروه سواه.

قالوا لنا بكلّ اللهجات واللكنات والوسائل والأساليب، إنّنا لسنا أمّة بل نحن قبائل وطوائف ومذاهب لتتباعد وتتنافر وتتقاتل، لا لتتعاون وتتحابّ وتتعاضد. وقالوا لنا إنّنا، دون خلق الله الآخرين، لا نستحق الحياة الحرة الكريمة، ولا نعيش إلا في المهانة والذل. فلا سلام ولا كلام إلا ما سمح به ظلّ السلطان، أو ما كان لاسمه ولأفعاله وأقواله تهليلاً وتسبيحاً وتمجيداً.

قالوا لنا لا شأن لكم بمصيركم ولا بكرامتكم ولا بمقدساتكم ولا برغيفكم ولا بأمنكم. فهذه جميعاً عطايا تعطى لكم بالقدر المناسب وفي الوقت المناسب، فما عليكم سوى الدعاء والصبر والانتظار.وعلّمونا الخضوع للسيّد الأجنبي. علّمونا أنّه الأقوى والأذكى. وأنّه بذلك ولذلك، يجب أن يُتّبع وأن يُطاع.

هكذا رسخوا في أذهاننا أنّنا لسنا شيئاً، وأنّه ليس في الإمكان أفضل مما كان. أخبرونا أنّ الخيارات معدومة. أما التمرّد أو التأفّف أو التبرّم، فهو الطريق الأقرب إلى التعذيب والزنازين وأقبية المساءلة والاستخبارات.

كدنا نظنّ أنّنا بشر غير البشر. وأنّ ديننا ليس كسائر الأديان. وأنّ شعبنا محكوم بالبقاء خارج التاريخ لأنّه لم يولد من الجغرافيا العادية والطبيعية.

فماذا دهاكم أيّها المصريون. وقبل ذلك أيّها التونسيون. وقبل وبعد، أيّها الذين انتفضتم في فلسطين، وقاومتم وانتصرتم في لبنان؟ لماذا هذا الضجيج والصخب والتظاهر والملايين؟ لماذا تعاندون الأقدار، وتتحدّون المعادلات، وتعاكسون المكتوب؟ كيف تجرؤون على نكران الجميل، وخذلان الأباطرة والآلهة والملوك الذين قرّروا أن يستمرّوا في خدمتكم والأوطان، حتى آخر نفس في صدورهم وآخر نبض في عروقهم. وهكذا سيفعل أبناؤهم وأحفادهم إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً.

أيّها الناس الذين بعشرات الآلاف خرجتم، وبالملايين عبّرتم عن تمرّدكم، هل تدرون ما أنتم فاعلون؟ من سيتولّى أمركم، ومن «سيخدم» مقدّساتكم، ومن سيدير أموركم في الدنيا ويسدّد خطاكم إلى سواء السبيل في الآخرة؟

ذلك كان بعض الحكاية التي افتري فيها على العقل وعلى عظمة الخالق والمخلوق. وقد سقط كلّ ذلك فجأة. هل حقّاً فجأة؟ ليس الأمر كذلك تماماً، لكنّه بدا كذلك، لأنّ الغضب تحوّل بركاناً عظيماً أكل، دفعة واحدة، الأصنام والحكام والأوهام، ومعهم العسس والأجهزة وكلّ أدوات القهر والطغيان والإجرام.
لقد تبيّن أنّ التاريخ، مجسّداً في لحظة من لحظات إبداعه العظيم، يمهل ولا يهمل. وأنّ ما كان يبدو أزلياً، قد يتهاوى إلى غير رجعة، مهما كابر هذا أو تشبّث ذاك.

لم يعد العرب، كما أوهمتمونا، أمة كانت في الماضي ولم تعد في الحاضر أو المستقبل. ولم يعد حكامهم ورثة الله على الأرض. ولم تعد شعوبهم من الطين وسواها من النار والمعدن.

فها هم أبناء النيل، أبناء «الكنانة»، أبناء الحضارة الأقدم والأعظم، أبناء جمال عبد الناصر وشهداء «حرب العبور»… ها هم يستعيدون كرامتهم وحريّتهم ويتحدّون الظلم والقهر والتبعية والنهب والأجهزة السوداء، ويرفعون راية المجد مرّة جديدة في تاريخ بلدهم العظيم وأمّتهم الواحدة مهما حاولت إعاقة ذلك، قوى الهيمنة والتفتيت والشرذمة.

وشعب مصر الذي يسترجع هويّته، يبعث في الوقت عينه الرعب في قوى العدوان والطغيان على حدّ سواء. إنّه يحطّم مع نظام مبارك منظومات العار في «كامب دايفيد» وشرم الشيخ ومحور «الاعتدال»، ومن لفّ لفيف هؤلاء في دنيا العرب والعالم.

شعب مصر يبعث الآمال نضرة، فيّاضة، من جديد في أمّته، وهو يرسل في أوصالها شحنة مدهشة من الأمل والعمل والحركة والحياة.
إنّها صحوة الشعب، لا صحوة فريق واحد، أو فئة واحدة، أو حزب واحد، فيه. ولأنّ الأمر كذلك، فلتتراجع الفئويات المستشرية وليرتقِ الجميع إلى مستوى الناس، وإلى مستوى اندفاعهم وتصميمهم وعضويتهم وصفائهم، وليكن الطور الراهن من الفعل والتفكير بحجم تلك الميادين الرحبة الموحِّدة التي يكتب فيها كلّ يوم الشعب المصري ما يريده لنفسه من الأقدار والمصائر.

مصر «أمّ الدنيا» تعود إلى ناسها وأمّتها. ما أتعس مشهد الطاغية وهو يحاول خداع مصر وشعب مصر: «هوَّ رايح وإنت جاي»، كما كتب فؤاد نجم ويردّد بعده الملايين اليوم.

الأخبار 3 يناير 2011
 

اقرأ المزيد

طوبى لثورات الشعوب

 

 

 

 


طوبـى لثورات الشـعوب



 




الى الشعوب العربية الثائرة على الاستبداد..

                                     بلقيس حميد حسن
ِ
لأجل الجياع ِ وكل ِ شريد   ..  تنـــــــادُوا وهبوا لعصر ٍ جديد
قفوا في وجوهِ الطغاة، كفى  ..  هو الوقت حقّ لعيش ٍ ســعيد
فهيا شعوباً أفاقت على  حقوق   ٍ  تضامُ ومــــــــــــال ٍ بـديـد
صعوداً الى المجد ِ بعد َ سبات  ٍ..   وكرها ًلظلم ٍ وقهر ٍ عتيـد
هي الغضبة اليومَ لا، لا تـُذل  ..  وثورة رفضِ حياةِ العبيـــــد  
فكم ذقتموا الموت َ عبر عقود .. وكم ضاقَ فيكم نطاقُ الحديد
وكم خدّروكم بأقوالهم   ..  ولم يصلحوا ثوبَ فقر ٍ وحــــــــيد
فثوروا وقولوا لظلامكم   ..   إرادة شعب ٍ ستـُفضي لعيــــــــد
طموحاً بأحلامكم للعـُلا    ..  فلا خوفَ بعد ولا من وعــــــــيد
فهيا شباباً هو الصبحُ لاح  ..    وشقوا الظلام لفجر ٍ رغـــــيد
خذوا حذركم من سموم ِ الدعاة  ..   وتجـّار ِ دين ٍ ووهم ٍ بعيد
خذوا حذركم من ذئاب ٍ تصول .. تريد ُ اختطاف َ دماء ِ الشهيد
نهوضاً كما قد عهدناكم    ..    لنرفع َ رأسا ًعلى كل جـــــــــيد
لنرفع رأساً حناه ُ الخنوع   ..    ونطلقَ حنجرة ً في نشـــــــيد
نشيد ٌ يهزّ ُ قلوبَ الشعوب   ..    بحب ٍ ويعبرُ كل الــــــــحدود
ويهدرُ فوق َ الذرى والجبال  ..   ويمضي لتحطيم ِ كل ِ القيود
 
1-2-2011
 
www.balkishassan.com

اقرأ المزيد

مقدمات فتح أبواب التحوّلات


الانتفاضتان الشعبيتان التونسية المصرية فتحتا الأبواب المسدودة على مصاريعها لتشكّل عالم عربي جديد مختلف تماما عما كان عليه العالم العربي قبلهما.
فقد فتحت الانتفاضتان الأبواب في هذين البلدين ولاحقا في بقية البلاد العربية أمام استعادة الإنسان العربي ثقته بنفسه، التي كاد أن يفقدها جراء ليل الاستبداد الطويل وما فرضه من مشاعر يأس وإحباط واستسلام… مثلما فتحت الانتفاضتان الأبواب، التي كانت مغلقة في تونس ومصر، والتي لا تزال مغلقة في الدول العربية الأخرى أمام استعادة الإنسان العربي دوره المهمّش وكرامته المهدرة وحريته المصادرة وحقوقه المسلوبة، وتمكينه من أن يمارس حقّه المشروع في تقرير مصيره وأن يشارك في صنع القرار السياسي في بلاده عبر آليات ديمقراطية حقيقية… وهذا هو التأثير الأهم.

وفتحت الانتفاضتان الشعبيتان التونسية والمصرية الأبواب أمام الشعوب العربية لإقامة أنظمة حكم ديمقراطية جديدة في بلدانها أوسع تمثيلا، وبالضرورة ستكون الأنظمة الديمقراطية البديلة أقل فسادا في دول ستحكمها الدساتير والقوانين ولن تتحكم فيها المصالح الطبقية الضيقة للقوى المتنفذة.

وكذلك فقد فتحت الانتفاضتان الأبواب التي كانت موصدة لكي تمتد موجة التغيير الديمقراطي الشعبي إلى عموم دول المنطقة، وليس بالضرورة أن يتم ذلك عبر أسلوب الانتفاضات وحده، حيث بدأت موازين القوى في التبدل والرجحان لصالح الديمقراطية، وهذا هو المدخل لتحقيق إصلاحات جدّيّة مستحقة لم يعد ممكنا تأجيلها والمماطلة أكثر في الاستجابة لها، ولن تجدي نفعا المناورات السلطوية المتمثلة في الاستجابات الجزئية والشكلية واللفظية لها، مثلما حدث أخيرا في الأردن واليمن.

ولئن كان من الطبيعي أن تكون البلدان الأشد تأثرا بعواقب الانتفاضتين التونسية والمصرية هي البلدان ذات الظروف والأوضاع المشابهة للوضعين التونسي والمصري، فإنّ هناك تأثيرات مباشرة ستنعكس في الغالب على ليبيا والسودان، بحكم جوارهما الجغرافي مع تونس ومصر والتناقضات المعتملة داخلهما، خصوصا في السودان الجديد بعد انفصال الجنوب!

وبالتأكيد فقد فتحت الانتفاضتان، وتحديدا الانتفاضة الشعبية المصرية الأبواب أمام تشكّل ميزان قوى جديد على مستوى الصراع العربي – الإسرائيلي قد يفضي في الغالب إلى انتقال مصر كقوة عربية من حالة الاستسلام إلى حالة الممانعة في التعامل مع العدو الصهيوني، وهذا ما ستكون له تأثيراته ليس على مستوى إنهاء الحصار الظالم على غزة فحسب، وإنما سيمتد تأثيره إلى رفض الشروط والترتيبات والتسويات الإسرائيلية، بما يمنع المزيد من خطوات الاستسلام.

وفي الغالب سيتداعى ما كان يُسمى “محور الاعتدال العربي” المدعوم أميركيا وغربيا، الذي كان النظام المصري يشكّل ركيزته الرئيسية، وهذا ما ستكون له نتائجه على لبنان من جهة، وعلى بقية أطراف المحور من جهة أخرى.

وغير هذا وذاك، فلئن فتحت الانتفاضتان الشعبيتان التونسية والمصرية الأبواب على مصاريعها أمام ما سبق كله أو بعضه، فقد أغلقت الانتفاضتان في المقابل الأبواب في وجه عودة المشروع الأميركي الصهيوني المسمى “الشرق الأوسط الجديد” المُعد لدمج إسرائيل في المنطقة وضمان تسيّدها عليها.
 
باختصار، فإنّ عالمنا العربي يمر في مرحلة تحوّلات تاريخية كبرى نشهد الآن مقدماتها الأولى!

جريدة عالم اليوم     3 فبراير 2011

اقرأ المزيد

أوان الانتفاضات


الانتفاضات والهبّات الشعبية الكبرى لا تحدث كل يوم، ولا كل شهر، ولا كل سنة، ولا حتى كل عشر سنوات أو عشرين . لذا لا يمكن تفجير الثورات والانتفاضات بالإرادة الفردية لدعاتها . لا يوجد زر سحري نكبس عليه فتخرج الجماهير الغاضبة الى الشوارع، ولا توجد وصفة سرية تحمل الناس على الانطلاق بصدور عارية في وجه رصاص قوات الأمن أو الجيش .
 
لذا علينا ألا نندهش كثيراً، أو حتى قليلاً، حين نجد أن جل التحركات التي تعصف بالشوارع في المدن العربية هذه الأيام تأتي بإرادة عفوية للناس، فبدت الأحزاب والقوى السياسية المعارضة متخلفة عن حركة الشارع الذي كان عليها أن تلهث لتلحق به نحو المدى الذي بلغه، من دون أن ترضى بالجزئي من التنازلات، طالبة بأن تبلغ الأمور مقاصدها الكبرى .
 
للانتفاضات شروطها وظروفها، حين يعتمل مرجل الغضب في أعماق نفوس الناس المقهورة التي لا يعود بوسعها أن تواصل العيش على المنوال الذي عاشته طويلاً، وحين لا يعود بوسع الحاكمين أن يديروا آلة القمع بالطريقة التي ألفوها، ويجدون أنفسهم مرتبكين وحتى عاجزين أمام إرادة الكتل الشعبية الضخمة الناقمة وهي تهدر في الشوارع، فليس لديها ما تخسره سوى قيودها وتربح من وراء ذلك عالماً بأسره .
 
من هنا، ومن هنا بالذات، يجب عدم التفريط في الانتفاضات حين يحين أوانها، ما إن يسقط حاجز الخوف ويخرج الناس غير آبهين بالتضحيات التي يمكن أن يقدموها في سبيل كرامتهم وحقهم في العيش الحر على أوطانهم المختطفة من مافيات الفساد ولصوصية المال العام، فإنه يجب الذهاب بالانتفاضات الى نهاياتها القصوى، المظفرة، بنيل ما حلم الناس بتحقيقه طويلاً، وطال بهم الانتظار، حتى أوشكوا أن يفقدوا الأمل .
 
لكنهم لم يفقدوه، لا يمكن أن يفقدوه، فما من إرادة تظل حية مثل الإرادة الحرة للناس في صنع التغيير، وحين تستحوذ أفكار العدالة على أذهان الجماهير فإنها تتحول إلى قوة مادية جبارة قادرة على إحداث المنعطفات الكبرى في التاريخ .
 
عالمنا العربي اليوم، المأخوذ بالياسمين التونسي، وفي أكثر من مفصل من مفاصله هو أمام منعطف تغييرات كبرى حاسمة نضجت ظروفها منذ أمد، فالإرادة الحرة للناس الذين يشعرون للمرة الأولى منذ عقود بأنهم امتلكوا الساحات والميادين العامة في عديد العواصم والمدن، زرعت في النفوس بذور الأمل في مستقبل أفضل تستحقه أوطاننا وشعوبنا، وهم على بلوغه قادرون . 



 
حرر في 29 يناير 2011

اقرأ المزيد