المنشور

الحركة العمالية العالمية ارتباط وثيق بالفكر الاشتراكي

في أواسط  القرن التاسع عشر كان قد
أسس ماركس و انجلز الحركة الاشتراكية العلميه, وقد جاء هذا في خضم النضال لجماهير
الطبقة العاملة  والتوسع في حركتها من خلال
انتشارها في المراكز الصناعية الكبيرة في قلب المدن الاوروبية, ذلك ابان الثورة
الصناعية الكبرى.

ثم اخذت هذه الحركة  ومن خلال
نضالاتها التي  اصبحت  تتطلع  الى القيام بدور سياسي بعد ان تقدمت في النضالات
المطلبية لتحسين الحياة المعيشية وظروف العمل ذلك عبر المسيرة النضالية من اجل نيل
كل الحقوق لسائر العمال والطبقات المضطهده. 

وفي هذا السياق لم يحاولان ماركس و انجلز بصفتهما مفكرين عظيمين  بأختراع النظرية لصالح الكادحين من عبث, بل كانا
في تلك الحقبة من التاريخ مفكرين بارزين يربطهم الهم المشترك مع سائر الكادحين
بحيث قد عملا على اكتشاف القوانين العلمية التي تحرك الاقتصاد والتاريخ معا, و بكون
ان الاقتصاد هو عصب الحياة و ايضاً  من
خلال اكتشافهم  للمنهج التاريخي لتطور
البشرية في ضرورة الانتقال الحتمي من تشكيلة اقتصادية اجتماعية الى اخرى اكثر تقدماً,
و قد حللوا  فيها قدرات ومستوى القوى
المنتجة من خلال الخصائص للعلاقات الاقتصادية 
والاجتماعية و القوى السياسية المؤثرة, و قد عرفوا لافكار والظواهر التي
لازمت البشرية في العهود المنصرمة و التشكيلات لانظمة المشاعة البدائية, و
العبودية, والاقطاعية, و الراسمالية, و الشيوعية, ثم اكدوا على ان الاشتراكية هي
الطور الاول للشيوعية. وقد أ ثبت  التاريخ  صحة النظرية الماركسية بعد الثورة الاشتراكية في
روسيا عام  1917 , و التي قد دامت  حتى عام  1991 , وما تزال الاشتراكية العنوان للقوى اليسارية
في العالم, و الذين  يؤمنون  بحتمية الاشتراكية كبديل للنظام الامبريالي  الذي يعمل على تدمير الحياة البشرية, نتيجة
لجشع الاحتكارات الرأسمالية وطرق العيش في النظام الرأسمالي القائم على الاستغلال
البشع  ضد الكادحين في سبيل الاثراء الفاحش
و تخزين المليارات في البنوك  لصالح  الاقلية من البرجوازية الرأسما لية, بما إن الغالبية
الساحقة من الجماهير الكادحة  يعيشون تحت
خط الفقر, بل يتذوقون مرارة الفقر المدقع مع انتشار الجوع و الدمار جراء الحروب
التي تخدم الامبريالية  في جميع القارات.

ومن خلال هذه الاكتشافات لماركس و انجلز  اتضح ان المحرك الاساسي في تاريخ المجتمعات
البشرية  في نظرهما هو الصراع الطبقي في الحياة
والذي مهما تفاوتت الوتيرة فيه من حين لآخر ومن بلد لآخر, إلا  انه  يمثل في كيانه جمل التناقضات الاقتصادية المتشابهه,
و الاضرار الناجمة عن السياسات الرأسمالية على المستويات  الاجتماعية التي تعاني منها كل جماهير الطبقة
العاملة و سائر الطبقات الكادحة,  ذلك
نتيجة للفوارق الطبقية الشاسعة التي تكمن في قلب المجتمعات الرأسمالية.

و ثبت نظرياً على ان الطبقة العاملة في نظر ماركس و انجلز هي القوى
الاجتماعية المحركة لكل القوى الاخرى, وهي القادرة على تحمل المسؤلية التاريخية  لبناء المجتمعات الجديدة القائمة على العدالة
الاجتماعية, و التي يجب فيها زوال ظاهرة الاستغلال البشع الذي ينتج عنه الفقر و
البطالة والحرمان للغالبية الساحقة من جماهير الكادحين في العالم.

و بهذا قد استمر نضال الطبقة العاملة بقوة مع بداية سنوات  القرن التاسع عشر و التي فيها قد انتظمت الحركة
العمالية بشكل جيد و من ثم توسعت في نشر قواعدها في اوروبا الغربية والشرقية
وامريكا الجنوبية و الولا يات المتحدة الامريكية, وقد انخرط العمال في صفوف
الاحزاب  الشيوعية و من ثم تطورت الحركة
العمالية  آخذه في ضرورة تأسيس النقابات
العمالية والمهنية,  التي من خلالها تستطيع
الطبقة العاملة ان تجمع قواها في المؤسسات الرأسمالية لتدافع عن مصيرها,  وعليه أثبت التاريخ صحة التحليل الماركسي  بأن الطبقة العاملة وسائر الشغيلة في العالم
اجمع يستطيعون الاستمرار في النضال الثوري الذي لا يتوقف عند حدود ضد غطرسة النظام
الرأسمالي في سبيل ان ينتهي الاستغلال البشع الذي يمارس ضد الملايين من الكادحين و
سائر الشعوب المضطهدة في العالم, ذلك  في
سيرورة التطور الحتمي الذي لا يتوقف عند حد في نظام  التغيير السياسي والاقتصادي و بناء الكيان
الاشتراكي الحتمي الذي تنتهي فيه  مسألة
الاستغلال البشع الذي يمارس من قبل النظام الرأسمالي العالمي ضد الطبقة العاملة
وسائر الشغيلة في العالم.

ومن كتابات الرفيق المناضل الشهيد فهد مؤسس الحزب الشيوعي العراقي يقول
فيها: ” إذا أرادت الطبقة العاملة وسائر جماهير الشعب الكادح نيل كل الحقوق
ومنها العمالية والنقابية, عليها  ان لا
تكتفي  بالاعتماد على عطاء الحكومات,

بل العمل والنضال والاعتماد على مآزرت الجماهير في النضال المستمر, ذلك من
أجل اخذ الحقوق لانها لا تعطي”.

و اخيراً هذا ما اكد عليه  في البيان
الاخير للحزب الشيوعي السويدي والذي جاء كنداء لكل العمال وسائر الكادحين في
السويد مهما اختلفت وظائفهم ومستوياتهم الاجتماعية والمعيشية فهم جميعا يقعون تحت
سيطرة الاحتكارات. ثم أكد في البيان ان الانسان ليس سلعة او بضاعة تشتريها وتبيعها
الشركات الاحتكارية,  ثم نشر في  البيان ان نسبة القوى الرأسمالية في السويد
والقابضون على الثروة فقط واحد في المئة من سكان السويد  وهؤلاء هم من يحكمون السويد ويحاولون بيع القطاع
العام عن طريق الخصخصة, ثم ان هذه القوى الرأسمالية الحاكمة تتعامل مع الاغلبية
بطرق الاستغلال و القمع.

اقرأ المزيد

كلمة المنبر الديمقراطي التقدمي في حفل الذكرى السنوية الثالثة عشر لتأسيس جمعية العمل الوطني الديمقراطي ” وعد”



كلمة














المنبر














الديمقراطي














التقدمي














في














حفل














الذكرى














السنوية














الثالثة














عشر














لتأسيس














جمعية














العمل














الوطني














الديمقراطي













وعد














 


الرفاق








 

الأعزاء








/

قيادة










وأعضاء










ومنتسبي










جمعية










العمل










الوطني










الديمقراطي









وعد











 


الأخوات










والأخوة










الحضور










الكرام،،






 


بداية








 

نشكر










لكم










دعوتنا










للمشاركة










معكم










في










هذه










الأمسية








 

الوطنية










التي










يطيب










لنا










ان










نزف










لكم










من










خلالها










باسم










جميع










كوادر










ومنتسبي










وأصدقاء










المنبر










الديمقراطي










التقدمي










خالص










التهنئة








 

والتقدير










والتضامن










الرفاقي










وانتم










تحتفلون








 

بالذكرى










السنوية










الثالثة










عشرة










لتأسيس










جمعية








 

العمل










الوطني










الديمقراطي










وعد

















،











هذا










الصرح










الوطني










الذي










بقي










شامخا










ومتجذرا










في










تربة








 

وتاريخ










هذا










الوطن










برجالاته










وكوادره










ونضالاته










في










سبيل










الحرية










والديمقراطية










والتقدم










والعدالة










الاجتماعية








.


الرفيقات










والرفاق،،





يأتي










احتفالنا








 

هذه










الليلة










في










ظل










أوضاع










سياسية










واجتماعية










واقتصادية










وأمنية










تعيشها










بلادنا










ومنذ










أكثر










من










ثلاث










سنوات،










وهي










التي










لم










تعرف










الاستقرار










الحقيقي










منذ










عقود










باستثناء










فترات










محدودة










جدا










عشنا










فيها










معا










في










حالة










ترقب










وأمل










تطلعا










للأيام










الجميلة










التي










وعدنا










بها










منذ










التصديق










الشعبي










على










ميثاق










العمل










الوطني،










آملين










كشعب










بمختلف










مكوناته










وفئاته










وشرائحه










الخروج










من










حالة










التراجع










السياسي










والقبضة










الأمنية










التي










دشنت










اساسا










بصدور










قانون










أمن










الدولة










بتدابيره










ومحاكمه










الظالمة










منذ










حل










المجلس










الوطني










المنتخب










في










اغسطس










من










العام










1975


الى










حيث








 

الممارسة










الديمقراطية










الحقيقية










غير










المنقوصة










وتعزيز










الحريات










والعدالة










الاجتماعية










والمساواة










بين










ابناء










الوطن










على










قاعدة










المواطنة










والحقوق










المدنية










والدستورية










التي










يجب










أن










تجمعنا










في










هذا










الوطن










الغالي









ومنذ










التوافق










الشعبي










حول










ميثاق










العمل










الوطني










العام










2001 
والشروع








 

بعدها










في










قيام










المؤسسات










الدستورية










والتشريعية










حيث










تم










السماح










بحرية










العمل










السياسي










والنقابي










العلني










ضمن










سقف










قانوني










وتشريعي










كنا










نسعى










على










الدوام










أن










يتسع










لتحقيق










المزيد










من










حرية










العمل










الديمقراطي










السياسي










العلني










عبر










تشكيل










الأحزاب










السياسية










القائمة










على










قانون










عصري










للأحزاب










على










طريق










الاسهام










والشراكة










السياسية










في










القرار










وبناء










الدولة










المدنية










العصرية










التي










تحتضن










الجميع،










ذلك










كان










هو










الاطار










الجامع










لنضالاتنا










على










طريق










وعر










وعسير










ومحفوف










بالمخاطر










لنا










نحن










الذين










نذرنا










انفسنا










ان










نمشيه










سويا










مع










بقية










القوى










الوطنية










والسياسية










والمدنية،










وكنا










على










الدوام










نراقب










ونتحسب










لتمترس










قوى










الفساد










والنفوذ










والهيمنة










وسراق










المال










العام










التي










لم










تقتنع










أو










ترضى










يوما










عن










أي










تحول










ديمقراطي










حتى










لو










كان










في










ابسط










صوره،










وهي










التي










ما










فتأت










تتربص










بمسيرة










التقدم










الحضاري










لبلادنا،










التي










عاهدنا










شعبنا










ان










ندفع










باتجاهها










مستخدمين










حقنا










الدستوري










المشروع










القائم










على










الدعوة










لتحقيق










المطالب










الشعبية










العادلة










عبر










الطرق










السلمية










والحضارية










ومبتعدين










عن










أي










نوع










من










التشنج








 

والعنف










والانغلاق








 

وضيق










الأفق










لاننا










كنا










نرى










في










ذلك










مصلحة










وطنية










جامعة










لجميع










ابناء










شعبنا










وصولا










لدولة










المؤسسات










والقانون










ولتحقيق










العدالة










والمساواة










والغاء










كافة










مظاهر










التمييز










واحتراما










لحق










الأجيال










في










الاستقرار










والتنمية










الشاملة










ونحن










نحتفل










بهذه










الذكرى










الوطنية










العزيزة










على










قلوبنا










جميعا،










ذكرى










تأسيس










جمعية










العمل










الديمقراطي










وعد










الثالثة










عشر










فانه










يجدر










بنا










ان










نستذكر










شيئا










من










نضالات










شعبنا










بكل










فئاته










وشرائحه










عبر










عقود










طويلة










امتدت










منذ










عشرينيات










القرن










الماضي










وربما










قبل










ذلك










بكثير،










والتي










لا










يمكن










ابدا










الغاء










دورنا










كقوى










وطنية










ديمقراطية










وتقدمية










في










تشكلها










وارهاصاتها،










تشهد










على










ذلك










السجون










والمنافي










والمعتقلات










والتاريخ










المشترك










وضنك










العيش










والملاحقات










للألآف










من










الكوادر










السياسية










والنقابية










وأسرهم










ومعيليهم،










فقد










كانت










جبهة










التحرير










الوطني










البحراني










والجبهة










الشعبية










في










البحرين










الذي










يمثل










تنظيمينا








 

المنبر










التقدمي










وجمعية









وعد










امتدادا










فكريا










وكفاحيا










لنضالاتهما










على










طريق










التحول










نحو










الديمقراطية










والوقوف










في










وجه










الاستبداد










والدكتاتورية










في










طليعة










القوى










المناضلة










في










سبيل










تحقيق










مطالب










شعبنا










المشروعة










والعادلة








.



 


الرفيقات










والرفاق،،















 
كم










حري










بنا










ونحن










نستذكر










اليوم










شيئا










من










هذا










التاريخ










الحافل










ان










نعطي










للأمل










فرصة










وللمستقبل










افقا










وللتاريخ










موقف،










لكي










نشرع










معا










في










تعزيز










دور










ووحدة










التيار










الوطني










الديمقراطي










الذي










نحن










جميعا










مطالبون










بالتعاطي










معه










بروح










عصرية










ومسؤلية










وطنية










وتاريخية










بات










شعبنا










محقا










يطرحها










بقوة










والحاح










علينا










جميعا،










في










ظل










ما










يعيشه










شعبنا










من










حالة










غير










مسبوقة










من










ممارسات










القهر










وتغول










الدولة










الأمنية










حيث










الآف










المعتقلين










من










قيادات










وكوادر










ونشطاء










سياسيين










ومهنيين










وراء










القضبان










وفي










مقدمتهم










الرفيق










ابراهيم










شريف










السيد










الأمين










العام










لجمعية









وعد









والتضييق










على










العمل










السياسي










عبر










وقف










نشراتنا










الحزبية










منذ










سنوات










دون










مسوغات










مفهومة










وجرجرة










القياديين










وجمعياتهم










الى










المحاكم










كما










يحصل










الآن










مع










جمعيتي










وعد










والوفاق،










في










حين










تزداد










حدة










وممارسات










التمييز










والتجنيس










والاستبداد










السياسي،










وفي










ظل










هكذا










أوضاع










وتراجعات










وتمزق










مجتمعي










يبقى










التيار










الوطني










الديمقراطي










الرافعة










الحقيقية










لنضالات










شعبنا










وقيادته










الى










بر










الأمان،










خاصة










مع










بروز










وتداعي










الكثير










من










الأوضاع










والمخاطر










الداخلية










والاقليمية










المتمثلة










في










زيادة










حدة










الاستقطابات










على










مستوى










دول










المنطقة،










وحيث










تتعاظم










الفتن










وتتغول










ممارسات










الكراهية










والتناحر










الطائفي










وتنتشر










دون










ضوابط










دعوات










التكفير










والقتل










على










الهوية










والارهاب










خدمة










لمصالح










قوى










وجماعات










ودول










ومنظمات










ومصالح










ونفوذ










قوى










اقليمية










ودولية










لا










طاقة










لنا










متفرقين










على










مواجهتها










وهي










التي










تمتلك










القرار










والمال










والسطوة










في










حين










نمتلك










نحن










الارادة










وعدالة










القضية










والمطالب










المشروعة








.


المجد










والخلود










لشهداءنا










الأبرار،،





 
عاشت










وحدتنا










الوطنية،،






 


 
شكرا










لكم










جميعا،،






 



 


التاريخ








: 10

سبتمبر








2014



 


 



 

اقرأ المزيد

حول مقال الرفيق الامين العام ما بعد الغضب الذي نشر في عام 2011


حقيقة كنت أبحث في المكتبة وصدفةً قد لفت
انتباهي موضوع نشر في جريدة الايام بتاريخ 9 من نوفمبر 2011 للرفيق عبد النبي
سلمان الامين العام للمنبر الديمقراطي التقدمي, و بعد القرائه اتضح لي ان الرفيق
يمتلك رؤية واضحة وبعيدة المدى لما سوف يحدث من تداعيات على مستوى الوطن العربي
ذلك بعد الثورتين في تونس ومصر.


لقد تحدث الرفيق عن إن الانفجار الجماهيري
الذي حدث في تونس ومصر هو انتاج لاوضاع معيشية غايه في الصعوبة لغالبية الشعوب
العربية و ايضاً نتيجة لتدهور الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية, مما جعل
غالبية الجماهير العربية تعيش في حالة من الاحتقان والتدمر والياس الشديد مما قد
ولد حالة من الغضب خصوصاً في اوساط الفقراء والعاطلين عن العمل و المشردين  والشباب الذين دعموا الثورة في تونس ومصر من اجل
الاطاحة بالانظمة الدكتاتورية المستبدة.


ثم اشار الي سبب  آخر قد ساعد في اشتعال لهيب الغضب في صفوف
الجماهير العربية, منه الضغوط التي تمارس على الحريات العامة و ايضا على الحريات
السياسية والاجتماعية و تدني لمستوى حقوق الانسان وغياب للعدالة الاجتماعية وتدمير
الاقتصاد الوطني المثمر الذي له  تأثير
مباشرعلى التنمية, و هذا الضرر يقع على غالبية الطبقات الاجتماعية الكادحة. كما
انتقد سياسة النظام العربي الشمولي الذي تعود على تجاهل حقوق  الجماهير و الامعان في عدم تفهم الحالات الصعبه
لمشاعر وطموحات الشعوب العربية التي تطالب بالتغيير في سبيل حياة حره وكريمة,  ثم أكد على ان النظام العربي الدكتاتوري يعمل
على أن لا تأخذ الديمقراطية المكانه الحقيقية في حياة الشعوب العربية كي تبقى
مهمشة وان يكون الحكم في يد القوى الحاكمة بعيداً عن مبداء التغيير في عملية تبادل
السلطة السلمي, بل اللجواء لطرق البطش والتنكيل بقوى المعارضة الوطنية الديمقراطية
التي تطالب بالتغيير.  


ايضاً هناك ثمة أمر آخر اشار له  الرفيق وهو 
سبب  الانفجار للثورات العربية,  إن النظام العربي الشمولي قد تمادى في عدم فهم
ما يحدث من تغييرات و تحولات في عملية التطور الاجتماعي والسياسي و الاقتصادي الحاصل
في العالم وتاثيره على الشعوب العربية خصوصاً في ظل تنامي الوعي السياسي في وسط المجتمعات
العربية التي تطالب بالحرية والعدالة الاجتماعية, و حقوق الانسان الذي يعزز
الديمقراطية الحقيقية و ليس الشكلية المتبعة في بعض الدول العربية.


و من الاسباب الاخرى  ان النظام العربي قد غيب المعارضة الوطنية
الديمقراطية العقلانية والمسؤولة مما قد فسح المجال لبروز معارضة غير مسؤولة لديها
اجندة خارجية و أفكار غاية في التطرف والتشدد يشوبها الانتقام والفوضوية مدعومة من
انظمة عربية واخرى اجنبية.


نعم إن النظام العربي الذي كان و لا يزال  غارق في الفساد ونهب للمال العام واستخدام طرق
الاستغلال في نهب الثروات وتكديسها في ايادي من هم مسؤولون عن  القرار السياسي والاقتصادى للدول العربية.  اكيد ان مثل هذه الاوضاع  سوف تزداد فيها و تيرة الحراك الجماهيري الذي يطالب
بالتغيير ثم ان الشعوب العربية مثل الشعوب الاخرى في العالم  تمتلك تاريخ من النضال الثوري ولو ان هناك ظروف
موضوعية قد تأخر المد للحراك الجماهيري, لكن ليس هناك سكون ابدي او جزر دائم هكذا فأن
الثورات إن تهيأت لها الظروف الموضوعية و الذاتية قد تحدث بدون سابق إنذار و إن
التاريخ مليء بالتجارب في هذا الشأن. وهنا أعتقد ان الرفيق له استراتيجية واضحه من
تلك الحصة الاولى من قيام الثورتين في تونس ومصر بحيث  إختصر  في التحليل الموضوعي و الواقعي و من ثم ربط ذلك  لاوضاعنا العربية المزرية و التي قد أدت الى
نشوب الثورات العربية التي سميت بالربيع العربي و التي تداعياتها لايزال الحديث
عنها بعد انتشارها في عموم الوطن العربي  و
لو اختلفت الوتيرة و الشكل والنوع من بلدعربي لآخر إلا إن الاوضاع العربية اخذه في
التوتر حتى أن يحصل التغيير الحقيقي في عملية ديمقراطية شامله تنقذ الوطن العربي
من ما نحن فيه من تحديات عارمه.


أعتقد ان عنوان الموضوع لمقال الرفيق الامين
العام سوف يبقى يدوي صداه في ربوع الوطن العربي الكبير ما بعد الغضب.





رابط مقال “ما بعد الغضب”

http://www.altaqadomi.org/ar-BH/ViewArticle/6/3517/Articles.aspx


 


 


جواد المرخي 




اقرأ المزيد

” تفريخ ” الدواعش


وسط حالة الضياع التي تعانيها شعوبنا العربية في المرحلة الراهنة منذ أن انعقد زمام الأمر لزعماء وقادة الطوائف يقررون الأمور، يدفع نفسه، وبقوة، السؤال: أَمَا من قوى في مجتمعاتنا قادرة على أن تطرح الأسئلة الكبرى، الموجعة، حول مآلاتنا الراهنة، وحول الأسوأ الذي ينتظرنا، إذا ما ترك العنان لهذه الموجات من الخراب أن تستمر .

أين هم الحكماء، من ساسة ومفكرين ومبدعين ورجال دين، القادرون على رأب الصدع وتغليب المشتركات بدل الحفر في الطبقات السفلى من الوعي المملوء بالموروثات المُغذية للفرقة والانقسام، القادرون على صوغ خطاب الوحدة الإسلامية الموجهة للمستقبل والمبنية على فكرة التجديد الإسلامي، على نحو ما فعل رواد فكر النهضة العربية، الذين وضعوا، بكامل الشجاعة، خرائط طريق للمستقبل على غير صعيد .

ما تفعله وسائل الإعلام عامة، ووسائل الاتصال الاجتماعي خاصة، هو تغذية الانقسام المذهبي وصب الزيت على نار الغلواء الطائفية المتأججة، وليس بحثاً عن مخارج لحال التسعير الطائفي في العالمين العربي والإسلامي بإبراز المشتركات الهائلة بين المسلمين، لا في دينهم فقط وإنما في دنياهم أيضاً، وهم يواجهون ما يواجهون من تحديات الجهل والفقر والأمية واحتلال الأراضي وانتهاك السيادات الوطنية، بل إن هذا اللهو واللغو، هدفه الهروب من استحقاقات الدنيا لا الدين .

إن استلال هذه الصفحة أو تلك من الصفحات الملتبسة في تاريخنا، لتكون موضع الجدل: أي الملل الإسلامية على حق، هدفه إشعال السجالات التي تخلق فتناً وحروباً، وفرّخ لنا “دواعش” لا “داعش” واحدة، وحريٌ بالمعنيين أن يتحلوا بالشجاعة التي يمليها عليهم الضمير والمسؤولية التاريخية، بما لهم من تأثير ونفوذ في وعي العامة، فيحسون بالخطر المحدق، بعد أن تُرك الحبل على الغارب للاستنفار المذهبي والطائفي أن يفعله في أوطان ومجتمعات هشة تندفع، مجنونةً، نحو الخراب .

لو التفتنا اليوم يمنة ويسرة، فسنرى أن العرب والمسلمين فقدوا تلك الجذوة التي حملتهم يوماً ما إلى العالم، فقدوا الحافز للهجرة نحو المستقبل، وارتضوا أن ينشغلوا بتوافه الأمور، ويستلوا من تاريخهم صفحات الحقب التي طغت عليها الفرقة والانقسام، فإذا بهم منشغلون بنزاعات الفرق والمذاهب والطوائف، يضعونها في مكان الصدارة، جاعلين منها مُحرضاً على الفتنة وحتى على الاقتتال الأهلي، بدل أن يجري فهم واستيعاب الملابسات التاريخية التي أفرزت الانقسامات والصراعات في حقب بعينها من تاريخنا .

اقرأ المزيد

أبو العز الحريري


في شهر أغسطس/ آب الماضي ودعت الطبقة العاملة المصرية وشعب مصر وسائر المناضلين الشرفاء في الدول العربية المناضل والقائد العمالي ابوالعز الحريري الى مثواه الأخير..
الحريري عرف السجون والمعتقلات مرات ومرات.. وامام آلة التعذيب لم ينحنِ ولم يبدل جلده او يساوم النظم المستبدة أو يهادن الاسلام السياسي من سلفية وخمينية واخوان لم يترددوا وبدعم امريكي غير مسبوق من ارتكاب أبشع الجرائم الارهابية بحق الشعب المصري وارض الكنانة التي اصرت في ثورة 30 من يونيو ان تهزم الارهاب وتقرع اجراس الأمل وتزيح ستارة الظلام، كي يتسلل النور الى الأزقة والحارات الشعبية والميادين ويتسرب الى قلوب الفقراء والمهمشين الذين يتطلعون الى الخبز والحرية والعيش الكريم.


الحريري كما تقول الأهالي المصرية هو نوع من الشخصيات الثورية غير القابلة للتطويع او الشراء لأن الأهداف العامة التي يناضل من اجلها هي نفسها اهدافه الخاصة، هو يعرف ان الطريق الى الانتصار شاق طويل ومليء بالتعرجات والمحن، والتي بدلاً من ان ترهبه صلبت عوده وعلمته ان الاستقامة الفكرية هي قرين الموقف السياسي الواضح المنحاز للكادحين دائماً وابداً وللاستقلال والكرامة والحرية الحقة.. واذا سألته ما هو المعيار قال لك دون تردد: مصلحة العمل والعمال إذا استطعنا ان نصونها فانها تنقذ الوطن.. وما احوج الوطن لمئات «آلاف» «الحريري» لكي يسترد عافيته ويتفادى الكارثة المقبلة».

 خاض الحريري معارك ضارية داخل البرلمان وخارجه من اجل الحقوق الاساسية للشعب، وفي زمن «مبارك» وتحديداً عام 2003 اصبح الحريري في نظر المحللين السياسيين صاحب أشهر استجوابات برلمانية خاصة بالاحتكار وهي الممارسة التي ظل رافضاً لها حتى تقدم باستجوابات تتهم «أحمد عز» بالاستيلاء على شركة الدخيلة للحديد بالتواطؤ مع الحكومة عامي 2004 و2005.

ما اكثر ما يمكن ان يقال عن المحطات المضيئة في سيرة الحريري النضالية.. لقد كان احد رموز المعارضة المحترمين.. كانت له مواقفه المحترمة والثابتة في عهد مبارك ضد مخطط التوريث.. وتجلى دوره اكثر اثناء وبعد الثورة عندما انظم للقوى الثورية وساندها في مراحلها المختلفة.. هكذا كتبت عنه «روز اليوسف» في مقابلة اجرتها معه في عام 2012 والذي بشر فيها بثورة جديدة خلال عامين تطيح بالاخوان.
وكان ذلك معبراً بحق عن القراءة السياسية الصحيحة لمجمل الصراعات والتناقضات الداخلية والتطورات الخارجية الاقليمية والدولية.


وحول سؤال لماذا تعتبر وجود مرسى زائفاً منذ البداية؟
قال: لأن الحرس الجمهوري كان ذاهباً لحراسة شفيق حتى يصل الى قصر الرئاسة الا انهم عادوا في منتصف الطريق ليأتوا بمرسى للقصر الرئاسي بعد ان تم الاتفاق على «انجاحه» وليس نجاحه.. ولا يجب ان ننسى ايضاً ان الولايات المتحدة تدخلت بدعمه بملايين الدولارات، كما صرح بذلك عضو الكونجرس الامريكي عندما تقدم باستجواب للرئيس اوباما حول هذا الأمر مما يؤكد انه جاء للحكم على ارضية امريكية!





وعن توصيفة للجمهورية الثانية تحدث قائلاً: ليس لدينا جمهورية الآن في مصر لا اولى ولا ثانية.. لدينا دولة مغتصبة بواسطة جماعة طائفية تساندها جماعة طائفية اخرى تضم السلفيين برعاية ودعم امريكي اسرائيلي والرجعية العربية! في حين تحدث عن شكل المعارضة في ظل وجود مرسي على رأس الدولة إذ قال: المعارضة توجد في النظم الديمقراطية عندما يكون هناك حزب حاكم يشكل اغلبية وتواجهه معارضة حقيقية، وهذا غير موجود في مصر الآن مطلقاً.. فنحن نعيش الآن في ظل اغتصاب للسلطة ولا توجد ديمقراطية. فالاخوان هم الجناح غير الرسمي لنظام مبارك وكانوا يشكلون معارضة هزلية ومتفقاً عليها في عهده.. ويجب ان تعيد القوى الليبرالية والتقدمية واليسارية والثورية صياغة نفسها من جديد لتشكل جبهات مقاومة اكثر فعالية.

وفي مقابل ذلك يرى ان مصر ستتحول الى دولة مدنية عندما نتخلص من مغتصبي الحكم وهذا في رأيه او في تنبؤاته وتحليلاته العلمية سيحدث اما بثورة تطيح بهم من الأساس او عن طريق تطور دور المقاومة التي تشكلها التيارات المدنية والثورية مما يؤدي الى تغييرات في مواقف الاخوان والقوى الاقتصادية التابعة لها.. وهنا يصبح التغيير سلمياً بلا عنف بدلاً من اندلاع ثورة جديدة قد لا تكون سلمية على الاطلاق.. واتوقع ان يحدث ذلك في خلال عام او اثنين» وهذا ما حصل بالفعل.
عزاء لأسرته الكريمة وللمضحين من اجل التحرر والديمقراطية وتقدم الأوطان.

اقرأ المزيد

الحرب الأمريكية الثانية على الارهاب


في مقال الجمعة الماضية أوضحنا كيف تحولت العلاقة الملتبسة بين الولايات المتحدة، وبمعيتها حليفاتها الغربيات، وبين ما تسمى دولة الخلافة (دولة العراق والشام – داعش سابقا) من علاقة تحاذر الاشتباك التي استمرت زهاء ثمان سنوات، منذ انشاء داعش في 2006، الى علاقة مجابهة تفرض الاشتباك القتالي الضاري والمميت بين الجانبين إثر تجرؤ مليشيا داعش على تخطي الخطوط الحمر ومحاولة غزو اقليم كردستان، ومن بعد اقدامها على جريمة قطع رأس الصحافي الامريكي جيمس فولي مساء الثلاثاء 12 أغسطس/آب 2014، وهو ما أدى الى نهوض هذه القضية فجأة لتغدو قضية عالمية مصيرية، للمجتمعات ومكوناتها الأثنية والدينية والمذهبية والقومية، كما للحضارة الكونية….

وحسبنا أن تلك الانعطافة السريعة في الأحداث هي بالذات التي تفسر سرعة قيام لندن، بإيعاز من واشنطن باعداد مشروع قرار حمل رقم 2170 قُدم الى مجلس الأمن الذي لم يتأخر في التصويت عليه في 15 أغسطس 2014 بالاجماع وتحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يجيز استخدام القوة لتنفيذه في نزع سلاح وتفكيك تنظيم داعش وجبهة النصرة وجميع الكيانات والأفراد المرتبطين بالقاعدة بشكل فوري.

فهل هو إيذانٌ بتخلي واشنطن عن سياسة الاحتواء للتنظيمات الارهابية وفي مقدمتها تنظيم داعش، والتحول الى سياسة قوامها إزاحتها من المشهد تماما باستخدام أسلوب قائد قوات الحلفاء في عاصفة الصحراء لعام 1991 الجنرال الامريكي الراحل نورمان شوارزكوف والمتمثل في “اقطع واضرب”، وذلك بتقطيع أوصال مليشيات التنظيم وضربها وتفتيتها على الجبهتين العراقية والسورية؟!

هذا على الأقل ما تفترضه ظواهر التحركات الدبلوماسية والسياسية الأمريكية والمواقف اللفظية المكرسة للتحشيد الاقليمي والدولي ضد داعش، واستعداد واشنطن العلني للتخلي عن بعض ثوابت سياستها الخارجية بالانتقال من النقيض الى النقيض..من العمل بشتى السبل لاسقاط النظام السوري الى الانخراط في اتصالات غير مباشرة معه للتنسيق المشترك ضد داعش، وذلك بعد التحدي المستفز للتنظيم الارهابي المتمثل في عملية الذبح البربرية لجيمس فولي، ولكأننا أمام إعادة إنتاج تاريخية للظروف والملابسات التي أحاطت باندلاع الحرب العالمية الأولى (1914-1918). هنا اندلعت الحرب إثر أزمة دبلوماسية نشبت حينما أعلنت الإمبراطورية النمساوية المجرية الحرب على مملكة صربيا بسبب اغتيال ولي عهد النمسا الأرشيدوق فرانز فرديناند مع زوجته من قبل طالب صربي يدعى غافريلو برينسيب أثناء زيارتهما لسراييفو في 28 يونيو 1914. وهو ما ترتب عليه قيام الإمبراطورية النمساوية المجرية بغزو مملكة صربيا وظهور تحالفات القوى الكبرى وتموضعها  على جبهتين عالميتين وتقاتلها حتى هزيمة الامبراطورية الألمانية وحلفائها.

وفي الحالة التي نحن بصددها أيضا فقد شكلت عملية الذبح الهمجية التي نفذتها داعش مساء الثلاثاء 12 أغسطس/آب 2014 بحق الصحفي الأمريكي جيمس فولي الذي كان خُطف في سوريا في نوفمبر 2012، وتهديد التنظيم بأنه سيقطع رأس الصحافي الأمريكي الآخر ستيفن جويل سوتلوف المحتجز لديها منذ اختطافه في يوليو/تموز 2013 قرب الحدود بين سوريا وتركيا، ظرفا مُشًدَّداً وحاسما للحرب الطاحنة التي ستخوضها الولايات المتحدة، ضد داعش في العراق وسوريا، خصوصا وان الأخيرة قد نفذت تهديدها وأقدمت الثلاثاء 2 سبتمبر/أيلول الجاري على قطع رأس ستيفن سوتلوف بنفس الطريقة الوحشية التي أزهقت بها روح مواطنه جيمس فولي!..فكان من المنطقي أن تزيد هذه الجريمة الموقف اشتعالا بين قطبي الحرب القادمة.

إنها إذاً الحرب الأمريكية الثانية على الارهاب بعد تلك (الأولى) التي كان أطلقها الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش بعيد هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول الارهابية على واشنطن ونيويورك. وهو – أي أوباما – الذي كان قرر سحب مسماها من التداول الاعلامي والسياسي توطئةً لإنهائها ضمن خطته الشاملة لتخليص بلاده من تركة هذه الحرب وبضمنها سحب قوات بلاده من كل من العراق وأفغانستان، والاكتفاء بـ”العمليات الجراحية” غير المكلفة التي تنفذها طائرات درون (طائرات بدون طيار) ضد مراكزتجمعات مقاتلي تنظيم القاعدة في باكستان واليمن.

ومع ذلك يبقى سلوك وردات فعل واشنطن تجاه التحدي القوي الذي أظهرته لها مليشيات داعش وأضرابها من الجماعات الاسلامية المسلحة في العراق وسوريا، مثارا للتساؤل أقلها على سبيل المثال صمت واشنطن على مليشيات النصرة رغم تجريمها أسوة بداعش في قرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة بالارهاب الدولي، بما فيها قراره الأخير، وملابسات تسليم جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة في سوريا رهينة أمريكية الى اسرائيل عبر معبر القنيطرة الحدودي الملاصق لمرتفعات الجولان المحتلة من قبل اسرائيل، هو بيتر كيرتس الذي كان محتجزا لديها منذ عام 2012، فيما يعتقد انها مازالت تحتجز الصحفي في واشنطن بوست اوستن تايس الذي اختفى في سوريا منذ اغسطس/آب 2012؟!

والأنكى من ذلك أن الولايات المتحدة لا يبدو أنها بصدد تغيير موقفها من التنظيمات الارهابية في ضوء تجربتها الطويلة و”الحافلة” مع تنظيم القاعدة. وهو موقف تمسرح على شكل متوالية تبدأ بالرعاية والتوظيف قبل بروز التضاد الذي يتلوه الصدام الدامي الشرس. وهو ما تُرجح شواهد الأمور، حتى الآن على الأقل، تكراره مع تحدي مجابهة داعش، على ذات منوال التداعي الدرامي للتحدي الذي فرضه عليها تنظيم القاعدة، خصوصا في ضوء تردد كلمة “احتواء” داعش وليس القضاء عليها بين آونة وأخرى على ألسنة “المحللين والمراقبين والخبراء” الذين تزداد طلاتهم على  وسائط الميديا المعبرة عن وجهة النظر الامريكية!

وكما في الحرب الامريكية الأولى على الارهاب ضد القاعدة، فإنه سوف لن يأخذ العالم، بما في ذلك الدول التي أعلنت “اكتتابها” في سندات الحرب الأمريكية الثانية على الارهاب – ضد داعش هذه المرة – الولايات المتحدة على محمل الجد، ما لم يقترن هدف الحرب في القضاء على داعش ماديا، بحرب موازية على جبهة الأيديولوجيا التي تواصل بذر بذور شقاقها وفتنتها في المجتمعات التي تُنثر في أراضيها “الخصيبة”.
 

اقرأ المزيد

المهمشون


لم يكن محمد البوعزيزي عاملاً في مصنع، ولا منتسباً إلى البلدية أو أي إدارة حكومية أخرى، كان صاحب عربة يبيع عليها الخضار، أي أنه ينتمي إلى تلك الفئة التي تصنف عادة بالمهمشين، الذين تعج بهم المدن والبلدات العربية، وفي أغلبيتهم نازحون من الأرياف حيث تنعدم فرص العمل، نحو المدن المأزومة أساساً، والعاجزة عن استيعابهم في وظائف أو مهن، ف”يخترعون” لأنفسهم أعمالاً لنيل الرزق، من قبيل تلك التي كان البوعزيزي يمارسها .

ما يطلق عليه العشوائيات في مصر، وأحزمة الفقر التي تشكلت حول العواصم والمدن العربية، وتضخم عدد القاطنين فيها، حتى بات يضاهي عدد سكان المدن الأصليين، الضاحية الجنوبية في بيروت وما يعرف بأرياف دمشق وحلب وغيرها، هي نتاج الهجرات الواسعة التي تفرضها الظروف المعيشية الخانقة، أو الحروب الأهلية، وربما الكوارث الطبيعية، فالكثير من أحياء مدينة سيدي بوزيد التونسية شهدت حركة تعمير من قبل النازحين من الأرياف المجاورة على أثر فيضانات جرت في نهاية ستينات القرن الماضي .

المشتغل على التركيبة السكانية والاصطفافات الطبقية في المجتمعات العربية قد يتيسر له، ولو بعناء، الحصول على إحصاءات تقريبية عن عدد عمال المصانع، وأصحاب الورش والحرفيين، وعن عدد العاملين في القطاع العام، وموظفي الحكومة، لكنه لن يتمكن من الحصول على بيانات عن هؤلاء الموصوفين بالمهمشين، لأن هذه البيانات غير متيسرة حتى لدى الأجهزة الحكومية المعنية، فهم يقعون خارج أي تصنيف معترف به للوظائف والمهن، رغم أن أعدادهم مهولة، وتشكل بيئة للانفجارات الاجتماعية، وأرضاً خصبة للتطرف .

بعض الدراسات التي عالجت التحولات الاجتماعية – الاقتصادية في العالم العربي تتحدث عن ظاهرة يطلق عليها الاقتصاد اللاشكلي، والمقصود به الأنشطة الاقتصادية الواقعة خارج أو على هامش القوانين المعتمدة والتصنيفات الكلاسيكية، والتي تفلت من إمكانية حصرها إحصائياً .
ومع أن مفهوم الاقتصاد اللاشكلي واسع بحيث يشمل أنشطة غير اقتصادية لكنها موجهة لغايات اقتصادية من قبيل اقتصاد الفساد، لكنه يحتوي أيضاً الفئات المهمشة موضوع الحديث التي تُجبرها الحياة على تدبر أمورها المعيشية بطريقة لا تخلو من الفطنة والنباهة، لكنها تظل عاجزة عن بلوغ المراتب التي ينظمها الاقتصاد المعترف به، والداخل في التصنيفات والاحصاءات .

لكي نفهم بصورة أفضل فوضانا العربية الراهنة، علينا أن نفتش عن الأسباب ليس فيما يعترف به، وإنما فيما لا يعترف به أيضاً . 
 



حرر في   03/09/2014

اقرأ المزيد

أفول الحكومات


دور الحكومات يتراجع في الغرب المتقدم وفي الشرق “المتخلف” . لكن الفارق كبير .
الدول النامية، كما هي الحال في عالمنا العربي تتفسخ لترتد إلى المكونات السابقة للدولة كالطوائف والمذاهب والعشائر، أما الدولة في العالم المتقدم فتتخلى عن الكثير من وظائفها للشركات العابرة للقارات .

لاحظ المرحوم الدكتور إسماعيل صبري عبد الله مظاهر تقلص دور الدولة لمصلحة تلك الشركات، فالبريد والبرق يفقدان أهميتهما في نظر الشركات متعددة الجنسية التي تتحرر من الأطر القومية بالاندماج أو الاستحواذ، فهذه الشركات تستخدم شركات خاصة سريعة تضمن وصول البريد عن طريقها خلال يوم أو يومين على الأكثر، وبعض شركات البريد هذه اكتسب سمعة عالمية عالية مثل “دي . إتش .إل” وسواها .

وهذا يصح على وسائل الاتصال كالفاكس والبريد الإلكتروني والإنترنت، فقد اضطرت حكومات أوروبية إلى خصخصة هذا المرفق العام لتدخل شركاته في حركة الاندماج والاستحواذ المتسارعة التي يمكن أن يهبط عددها إلى ثلاثة أو أربعة تحالفات متعددة الجنسية على مستوى العالم .
وليس أدل على ذلك من شبكة “إنترنت”، حيث مولت الدولة كل أعمال البحث والتطوير باهظة التكاليف التي استغرقت نحو عقدين، وذلك لمواجهة سيناريو حرب نووية تدمر واشنطن، في حين تكون القوات المسلحة موزعة في مناطق متعددة من الكرة الأرضية، فكان المطلوب هو اختراع شبكة يتصل المتعاملون معها بعضهم ببعض دون المرور بمركز الشبكة، وبعد انتهاء الحرب الباردة وانتفاء الحاجة العسكرية لمثل هذا السيناريو ظهرت شبكة الإنترنت للاستخدام المدني في كل الأغراض .

وعوضاً عن القضاء تلجأ الشركات الكبرى للتحكيم، فكل عقد توقعه شركة يتضمن النص على إجراءات التحكيم عند أي خلاف، لتحاشي طول أمد إجراءات التقاضي وبيروقراطيتها، وأتعاب شركات المحاماة الباهظة .

أما المظهر الأكثر أهمية فهو انتزاع الحق السيادي السياسي في سك العملة الوطنية، حيث خلقت هذه الشركات نقوداً قابلة للتداول في كل مكان، هي بطاقات الائتمان، التي لا نعرف مصدرها الأصلي حين نستخدمها، ولا يخضع إصدارها لرقابة أو إشراف الدولة الوطنية عبر بنكها المركزي .
في الغرب الرأسمالي المتطور باتت الدول بحكوماتها قيداً وبيروقراطية وكوابح إدارية ورسوماً باهظة، والشركات تريد عالماً بلا حدود: لا موانع ولا حواجز ولا رسوم أو ضرائب . وظائف الدولة عندهم تتقلص لمصلحة ما هو كوني، أو عولمي، وعندنا تتفكك الدولة لمصلحة ما هو محلي وقبلي وطائفي وعشائري .

حرر في  28/08/2014

اقرأ المزيد

قراءة في التعديلات ببعض أحكام القانون بشأن الجمعيات السياسية

 

 

 

 


قراءة في القانون  رقم (34) لسنة 2014
 بتعديل بعض أحكام القانون رقم (26) لسنة 2005
 بشأن الجمعيات السياسية
 


 المحامي / حسن علي إسماعيل
ندوة المنبر التقدمي 31 أغسطس 2014


 
تقديم :

في الوقت الذي يتطلع فيه شعب البحرين إلى حل يخرج البحرين من أزمتها السياسية والدستورية ، وإلى تحول ديمقراطي حقيقي تسود فيه الحريات وحقوق الإنسان وتسود  فيه حق المشاركة في الشئون العامة والتمتع بالحقوق السياسية بوجود نظام انتخابي عادل ونزيه ، وفي الوقت الذي تعجز فيه السلطة التشريعية عن إقرار تشريعات مر على وجودها زمن طويل كقانون الصحافة وقانون العنف الأسري ، وقانون حق أبناء البحرينية المتزوجة من أجنبي، وغيرها من القوانين ذات الصلة بالحريات العامة ، في كل هذا الوقت تقر هذه  السلطة على عجل تعديلا ت على بعض القوانين التي هي في الأصل ناقصة ومقيدة للحريات ، وابرز هذه القوانين التي تم تعديلها قانون البلديات الصادر بالمرسوم بقانون رقم (35) لسنة 2001 إذ نص هذا التعديل على تشكيل مجلس أمانة عامة في محافظة العاصمة  بدلا من المجلس البلدي المنتخب فنال من حق المشاركة في الشئون العامة الذي كفله الدستور ، ومن بين هذه القوانين التي تم تعديلها أيضا القانون رقم (26) لسنة 2005 بشأن الجمعيات السياسية لتزيد هذه التعديلات فوق القيود التي نص عليها قيود جديدة على العمل السياسي إذ سبق للمنبر التقدمي وسائر قوى المعارضة أن بينوا القيود التي أشتمل عليها قانون الجمعيات السياسية ، ويمكنكم الرجوع لورقة التقدمي التي تقدم بها في مؤتمر الحوار الوطني الأول الذي عقد بتاريخ 26 يناير 2006  بعنوان  ما مدى حُرية التنظيم السياسي في قانون الجمعيات السياسية ، منشورة على موقع التقدمي الالكتروني.  




أهم التعديلات الجديدة  ومدى توافقها مع حرية العمل السياسي

 
لبيان أهم التعديلات الجديدة الصادرة بموجب القانون رقم (34) بتعديل بعض أحكام قانون الجمعيات السياسية على قانون الجمعيات السياسية ومدى توافقها مع حرية العمل السياسي نشير للمحاور التالية :
 
أولاً : استخدام مفاهيم ومصطلحات عامة تفتقر إلى التعريف القاطع

ما يلفت النظر في قانون الجمعيات السياسية قبل التعديل لجوء المشرع إلى استخدام مفاهيم ومصطلحات عامة جدا تفتقر إلى التعريف القاطع، بل وتنطوي على نوع من الغموض. وهو الأمر الذي  من شأنه، أن يعطي جهة الرقابة على العمل السياسي  هامشا واسعا للعمل والحركة طبقا لرؤاها واعتباراتها السياسية، ويمكنها من إسقاط معاييرها وقيمها الخاصة على تفسيرها لتلك المفاهيم والمصطلحات بهدف تقييد نشاط وعمل الجمعيات السياسية ، منها على سبيل المثال ما نصت عليه المادة (3)( تسهم الجمعيات السياسية التي تؤسس طبقاً لأحكام هذا القانون في تحقيق التقدم السياسي والاجتماعي والاقتصادي للمملكة. وتعمل باعتبارها تنظيمات وطنية شعبية ديمقراطية على تنظيم المواطنين وتمثيلهم وتعميم الثقافة والممارسة السياسية في إطار من الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والديمقراطية وذلك كله على الوجه المبين بالدستور وميثاق العمل الوطني.)
 
 ، فمفهوم “التقدم السياسي والاجتماعي” المفترض أن تساهم في تحقيقه الجمعيات السياسية ينتابه الغموض، ولا يعرف كيف يقاس أو كيف يحكم على مساهمة هذه الجمعيات بأنها تحقق أو لا تحقق هذا التقدم. ثم ما هي مقومات “الوحدة الوطنية”؟ ومن هي الجهة التي تحدد هذه المقومات؟
 
وقد سارت التعديلات الجديدة على قانون الجمعيات السياسية على ذات النهج حين أضافت إلى المادة ( 4 ) من القانون المتعلقة بشروط تأسيس الجمعية أو استمرارها بند جديد تحت رقم ( 10 ) نص على ( ألا تستخدم الجمعية المنبر الديني للترويج لمبادئها أو أهدافها أو برامجها أو كمرجعية لها ) ، أو حين عدلت البند (و) من الفقرة (4) من  المادة ( 6 ) والتي تتعلق بما يجب أن يشتمل النظام الأساسي للجمعية من قواعد فنصت على (عدم استخدام مؤسسات الدولة والمؤسسات العامة ودورالعبادة والشعائر الدينية والمؤسسات التعليمية بممارسة نشاطها ) بإضافة الشعائر الدينية ، أو حين أضافت لذات المادة من ذات الفقرة فقرة جديدة برقم (ز):
( عدم توجيه أنشطة أو برامج الجمعية لخدمة أغراض طائفية أو للإضرار بالاقتصاد الوطني أو المصالح العامة للدولة ).
 
فهذه المفاهيم والمصطلحات التي نصت عليها التعديلات الجديدة جاءت عامة تفتقر للتعريف القاطع ، يمكن للجهة الرقابية من تفسيرها كيفما تشاء حين تريد تقييد عمل الجمعيات السياسية تصل إلى حد إيقاف نشاط الجمعية ، أو حلها وتصفية أموالها.
 
ثانياً : الخلط بين الجمعية كشخصية اعتبارية وبين أعضائها بصفاﺗﻬم الشخصية

قد نتفهم أو نقبل أن تضيف أو تعدل التعديلات الجديدة في شروط تأسيس الجمعية بعدم استخدام المنبر الديني ، أو في القواعد التي يحب أن يشتمل عليها النظام الأساسي بعدم استخدام الشعائر الدينية أو عدم توجيه أنشطة أو برامج الجمعية لخدمة أغراض طائفية أو للإضرار بالاقتصاد الوطني أو المصالح العامة للدولة ). رغم أنها جاءت عامة دون تعريف قاطع لها.
 
غير أن الذي لا يمكن أن نتفهمه أو القبول به ما نصت عليه المادة (16) من القانون سواء كانت في الأصل أو فيما أجرته التعديلات الجديدة على هذه المادة.
 
إذ نصت في أصل القانون على أنه (تعتبر أموال الجمعية في حكم المال العام في تطبيق أحكام قانون العقوبات، ويعتبر القائمون على شئون الجمعية والعاملون بها في حكم الموظفين العموميين في تطبيق أحكام القانون المشار إليه).
 
وأضافت التعديلات الجديدة لهذه المادة ، (وتسري أحكام القانون رقم (32) لسنة 2010 بشأن الكشف عن الذمة المالية على قيادات الجمعية، الذين يتم اختيارهم بالانتخاب طبقاً لأحكام المادة (12) من هذا القانون )
 
ولمناقشة هذه المادة في الأصل وفي التعديل ولبيان أوجه الاعتراض على ما نصت عليه من أحكام نبين  ما يلي :
 
أ- أموال الجمعية السياسية لا تعد من الأموال العامة
 
إذا كانت المادة (2) من قانون الجمعيات السياسية ، نصت على أن الجمعية السياسية ( تعمل بصورة علنية بوسائل سياسية ديمقراطية مشروعة، بقصد المشاركة في الحياة السياسية، لتحقيق برامج محددة تتعلق بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية لمملكة البحرين. ) فأنها بالقطع واليقين لا يمكن اعتبار أموال هذه الجمعية في حكم المال ، فهي ليست عقارا أو منقولا مملوكا للدولة ، وهي ليست من الأشخاص الاعتبارية العامة التي تملك هذه الأموال وتكون مخصصة للنفع العام بدلالة نص المادة مـــادة ( 26 أ ) الأموال العامة هي العقارات والمنقولات التي تملكها الدولة أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة وتكون مخصصة للنفع العام بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص.
 
وهذا يعني أن المال العام هو كل شيء تملكه الدولة من عقار ومنقول أو أي شخص اعتباري عام يكون مخصصا للنفع العام بالفعل أو بمقتضى القانون.  
إذن يشترط في المال العام شرطان : الأول أن يكون مملوكا للدولة أو أي شخص اعتباري عام مثل المؤسسات والهيئات الإدارية والثاني  أن يكون هذا المال مخصصا للمنفعة العامة وليس مال الجمعية السياسية من هذا القبيل ، ومن ثم يكون قانون الجمعيات على خطأ وقع فيه حين أعتبر مال الجمعية السياسية في حكم المال العام كونه يتعارض مع ما أستقر عليه الفقه والقضاء والمادة 26 / أ من القانون المدني في تعريف ونطاق المال العام على النحو السالف بيانه . 
 


ب- 


قيادات الجمعية السياسية ليست من الفئات الخاضعة لقانون الذمة المالية  :
 
كما أسلفنا أن التعديلات الجديدة أضافت للمادة ( 16 ) من قانون الجمعيات السياسية حكم قضى بسريان أحكام القانون رقم (32) لسنة 2010 بشأن الكشف عن الذمة المالية على قيادات الجمعية، الذين يتم اختيارهم بالانتخاب طبقاً لأحكام المادة (12) من هذا القانون
 
وهذه يعني أن كل أعضاء اللجنة المركزية وأعضاء لجنة الإشراف المالي ولجنة الرقابة التنظيمية  اللذين يتم انتخابهم من قبل المؤتمر العام  يخضعون للكشف عن ذممهم المالية ، وان تطبيق قانون الذمة المالية على قيادات الجمعية السياسية معناه أن يقدم كل قيادي إقرارا عن ذمته المالية وليس هو فحسب بل عن ذمة زوجه وأولاده القصر وتشمل ما يملكه وزوجه وأولاده القصر من أموال عقارية ومنقولة، في الداخل والخارج، وتشمل الذمة المالية ما يكون لقيادي الجمعية وزوجه وأولاده القصر من حقوق في ذمة الغير وما عليهم من ديون، وما يملكون من أنصبة أو أسهم في الشركات. ويقدم هذا الإقرار لهيئة فحص إقرارات الذمة المالية التابعة للمجلس الأعلى للقضاء وذلك خلال ستين يوما من تاريخ تزويده بالنماذج والاستمارات الخاصة بالمعلومات المطلوبة لهذه الغاية وبصفة دورية خلال شهر يناير التالي لانقضاء ثلاث سنوات على تقديم الإقرار السابق
وتقوم هذه الهيئة بإعداد تقرير عن كل ملزم يعجز عن أقامة الدليل على أن الزيادة في ذمته المالية أو في ذمة زوجه وأولاده القصر نتجت عن كسب مشروع، وفي الحالات التي يتبين من الفحص وجود دلائل قوية على كسب غير مشروع تولي رئيس الهيئة إحالة هذا التقرير إلى النيابة العامة.
ويعد كسبا غير مشروع كل مال حصل عليه احد الخاضعين لإحكام هذا القانون لنفسه أو لغيره بسبب استغلال الوظيفة أو الصفة أو نتيجة سلوك مخالف لأحكام القانون.
وتعتبر ناتجة بسبب استغلال الوظيفة أو الصفة أو السلوك المخالف للقانون كل زيادة في ثروة الملزم وزوجه وأولاده القصر، تطرأ بعد تولي الملزم الوظيفة أو اكتسابه الصفة إذا كانت لا تتناسب مع موارده وعجز عن أثبات مصدر مشروع لها .

 غير أنه بالرجوع لقانون الكشف عن الذمة المالية نجد انه حصر في مادته الأولى الفئات التي تخضع لإحكام هذا القانون وهي :

أ- رئيس وأعضاء كل من مجلس الشورى ومجلس النواب.
ب- نواب رئيس مجلس الوزراء.
ج- الوزراء ومن في حكمهم.
د- وكلاء الوزارة والوكلاء المساعدون والمدراء العامون في القطاع المدني وقطاع الأمن العام ومن في حكمهم من موظفي الحكومة والأجهزة الملحقة بها والهيئات والمؤسسات العامة، ومجلسي الشورى والنواب، والبلديات.
هـ- المحافظون ونوابهم.
و- رؤساء البعثات الدبلوماسية ومن في حكمهم.
ز- القضاء وأعضاء النيابة العامة.
ح- رؤساء وأعضاء المجالس البلدية.
ط- رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة من ممثلي الحكومة في الهيئات والمؤسسات العامة والشركات التي تمتلكها الدولة أو تمتلك حصة في رأسمالها.
ي- مدراء الإدارات في القطاع المدني وقطاع الأمن العام والموظفون الفنيون في ديوان الرقابة المالية.
ك- رئيس ونائب رئيس وأعضاء مجلس المناقصات وموظفو الجهاز الفني والإداري التابع للمجلس ممن يشغلون وظائف لا تقل عن وظيفة مدير إدارة.
 
ويتضح من استعراض ما تقدم من أحكام نص عليها قانون الذمة المالية ما يلي :
 
أن قيادات الجمعيات السياسية ليست من هذه الفئات التي ينطبق عليها قانون الذمة المالية ، ومن ثم يكون النص المعدل بخضوع هذه القيادات لقانون الذمة المالية قد خالف هذا القانون أي قانون الذمة المالية  .
أن الهدف من أحكام قانون الذمة المالية هو حماية المال العام و تعزيز الثقة بأجهزة الدولة وموظفيها وصون كرامة الوظيفة العامة و مكافحة الكسب غير المشروع والحد من العبث بقيم وأخلاقيات الوظيفة العامة. وواقع الحال يشير أن مال الجمعية السياسية ليس مالا عاما ، وهي ليست جهازا من أجهزة الدولة ، وقيادات الجمعية السياسية ليسوا من موظفي الدولة ولا يشغلون وظيفة عامة ، ولا يتصور وهم في قيادة الجمعية السياسية أن يكون لديهم كسبا مشروعا أو غير مشروع .
أن سريان قانون الذمة المالية على قيادات الجمعية ، فيه خلط بين الجمعية كشخصية اعتبارية وبين أعضائها بصفاﺗﻬم الشخصية ، فمن المعروف أنه بمجرد تأسيس الجمعية السياسية تتكسب الشخصية الاعتبارية طبقا لنص المادة (11) من قانون الجمعيات السياسية التي نصت على انه ( تتمتع الجمعية السياسية بالشخصية الاعتبارية وتمارس نشاطها السياسي بالشخصية الاعتبارية وتمارس نشاطها السياسي اعتباراً من اليوم التالي لنشر إعلان وزير العدل بالموافقة على تأسيسها أو في اليوم العاشر من تاريخ هذا الإعلان إذا لم يتم النشر، أو من تاريخ صدور حكم المحكمة الكبرى بإلغاء القرار الصادر من الوزير بالاعتراض على تأسيس الجمعية ) وبالتالي تكتسب  الجمعية طبقا لهذا النص صفة قانونية مستقلة عن الصفات الشخصية  للأعضاء بمن فيهم القيادة  ، وبالتالي تكون الذمة المالية الشخصية للأعضاء والقيادة منفصلة عن ذمة الجمعية المالية وما تحاسب عليه الجمعية هو فقط ما يصدر منها من تقارير مالية طبقا لنص المادة (15) من قانون الجمعيات والتي شملتها التعديلات الجديدة في الفقرة الثانية إذ نصت بصيغتها المعدلة على ( ويجب على الجمعية إبلاغ وزير العدل بنسخة من موازنتها السنوية وحسابها الختامي خلال الربع الأول من السنة، وبيان الموارد المالية ومصادر التمويل والوضع المالي للجمعية، كما يجب عليها أن تنشر الميزانية السنوية لها وحسابها الختامي في الجريدة الرسمية.
فضلا عن ذلك فأن نص المادة المذكور أعطى ديوان الرقابة المالية بصفة دورية، أو بناء على طلب وزير العدل، مراجعة دفاتر ومستندات حسابات إيرادات ومصروفات الجمعية وغير ذلك من شئونها المالية وذلك للتحقق من سلامة موارد الجمعية ومشروعية أوجه صرف أموالها، وعلى الجمعية أن تمكن الديوان من ذلك. وعلى الديوان المشار إليها إعداد تقرير سنوي عن كافة الأوضاع والشئون المالية لذلك وإخطار وزير العدل بنسخة منه.

ثالثاً:حق فئة الشباب في الانضمام للجمعية السياسية

كانت المادة (5 البند 2) من قانون الجمعيات السياسية، تشترط في العضو المؤسس، أو العضو الذي ينضم إلى الجمعية بعد إعلان تأسيسها أن يكون قد بلغ من العمر إحدى وعشرين سنة ميلادية كاملة ، فعدلت التعديلات الجديدة هذا الشرط على نحو يفرق بين وقت التقدم بطلب التأسيس أو وقت توليه أحد المناصب القيادية فيها، فجعلته 21 سنة ميلادية كاملة ، وبين يوم الانضمام للجمعية بعد تأسيسها. فجعلته 20 سنه ميلادية .
حسنا فلنقل أن في هذا التعديل إيجابية ولكنها إيجابية ناقصة ، إذ مازال المشرع يتجاهل أن فئة الشباب الذين يبلغون من العمر ما بين 18 إلى 20 عاما هم أكثر فئات المجتمع نشاطا وحيوية ، وهو العمر المناسب ، للانخراط في العمل السياسي ، ففي الوقت الذي يجيز قانون المرور لمن يبلغ الثامنة عشر قيادة السيارة على ما فيه من مخاطر في حوادث المرور ، وفي الوقت الذي يجيز قانون أحكام الأسرة زواج الصغيرة  التي يقل عمرها عن 16 سنة بموافقة المحكمة مع ما يترتب على ذلك من أثار سلبية على الزواج  يظل قانون الجمعيات السياسية رغم هذا التعديل يحرم من يبلغ الثامنة عشر والتاسعة عشر من الانخراط في العمل السياسي ، علما بأن الوظيفة الأساسية للتنظيم السياسي هي تربية وتوعية المواطنين سياسيا ، وتدريب كوادر قادرة على قيادة العمل الوطني من خلال برامج اجتماعية واقتصادية وقيادة الجماهير لتنفيذها .
 
رابعاً :صحافة الجمعيات السياسية

رغم مطالبة القوى السياسية عند مناقشة مشروع قانون الجمعيات السياسية قبل صدوره ، بضرورة النص فيه على حق التنظيم السياسي في إصدار الصحف والمجلات والمطبوعات وغيرها دون التقيد بالحصول على ترخيص وهو الذي أشتمل عليه مقترح كتلة النواب الديمقراطيين تحت مسمى(التنظيمات السياسية ) ، إلا أن قانون الجمعيات السياسية صدر دون أن ينص على هذا الحق ، حتى أصبح هذا الحق تحت ما عرف بإصدار النشرات الصحفية للجمعيات السياسية خاضعا لإحكام قرار وزارة الإعلام رقم 2 لسنة 2006 بشأن نظام التراخيص بإصدار وتداول النشرات الصحفية والتي نصت عليها المواد 3، 12 ، 17 ، و90 من المرسوم بقانون رقم 47 لسنة 2002 بشأن تنظيم الصحافة والطباعة والنشر ، إذ لا يجيز هذا القرار للشخص الاعتباري ومنه بالطبع الجمعية السياسية إصدار أو تداول أية نشرة صحفية للترويج لأغراضه في المملكة دون الحصول على إذن كتابي مسبق من إدارة المطبوعات والنشر في وزارة الإعلام .
 
وقد استخدمت هيئة شئون الإعلام أحكام هذا القرار وقانون الصحافة والطباعة والنشر في سحب تراخيص نشرات الجمعيات السياسية ، الديمقراطي ، الوفاق ، أمل ، والتقدمي منذ سبتمبر 2010 ، أي منذ أربع سنوات تقريبا وحرمت وما زالت الجمعيات السياسية من إصدار هذه النشرات تحت ذريعة عدم التزام هذه الجمعيات بالشروط التي تمت عليها الموافقة في إصدار هذه النشرات، وأنها لم تلتزم بنطاق التوزيع، حيث يتم توزيعها خارج نطاق الجمعية وبأعداد كبيرة وإتاحتها في الأماكن العامة، بل وتوزيعها أحيانا على البيوت وفي الأحياء السكنية والمجمعات التجارية، كما تم تضمين هذه النشرات أعمدة رأي ومواضيع وتحقيقات عامة وإصدار ملفات صحفية متفرقة، مما يخالف ذلك نشاط النشرة الخاصة بأخبار وأنشطة الجمعية.ولم تنجح محاولات وعد و لا التقدمي القضائية في إلغاء قرار سحب الترخيص .
 
وهذه الخلفية التاريخية لوضع نشرات الجمعيات السياسية تجعلنا أن لا نتفائل كثيرا بما أضافته التعديلات على قانون الجمعيات السياسية من فقرة جديدة لنص المادة ( 11) ، والتي جرى نصها ( للجمعية إصدار نشرات دورية للتعبير عن مبادئها وأهدافها وبرامجها، وذلك بترخيص يصدره الوزير المختص بشئون الإعلام، كما يصدر الوزير بالتنسيق مع وزير العدل لائحة يبين فيها الشروط الواجب توافرها لمنح الترخيص، وبيان مسئولية رئيس تحرير النشرة وشروط تداولها، وتخضع هذه النشرات لحدود حرية الرأي والتعبير في القانون المنظم للصحافة. )
 فهذا النص رغم أنه أقر بحق الجمعيات في إصدار النشرات الدورية للتعبير عن مبادئ وأهداف وبرامج الجمعية السياسية ، لكنه يحمل في طياته سيفا سيكون مسلطا على رقبة هذه النشرات وعلى رئيس التحرير ، إذ ستظل مقيدة بالشروط التي سيصدرها الوزير المختص والواجب توافرها في الترخيص وعند التداول حسب النص آنف البيان .


وحتى صدور لائحة الشروط يمكن القول :

أن أي شرط تنص عليه هذه اللائحة يمنع تداول النشرة بين الناس كل الناس أو يقيد هذا التداول بحيث يعيق وصولها للناس سيكون مخالفا ومتعارضا مع ما جاء في نص المادة ( 2 ، 3 ) من قانون الجمعيات السياسية بأن الجمعية السياسية  تقوم على مبادئ وأهداف مشتركة، وتعمل بصورة علنية بوسائل سياسية ديمقراطية مشروعة، بقصد المشاركة في الحياة السياسية، لتحقيق برامج محددة تتعلق بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية لمملكة البحرين..تسهم في تحقيق التقدم السياسي والاجتماعي والاقتصادي للمملكة.وتعمل باعتبارها تنظيمات وطنية شعبية ديمقراطية على تنظيم المواطنين وتمثيلهم وتعميم الثقافة والممارسة السياسية في إطار من الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والديمقراطية .
إذ كيف يمكن للجمعيات السياسية أن تكون تنظيمات وطنية شعبية ديمقراطية تعمل على تنظيم المواطنين وتمثيلهم وتعميم الثقافة والممارسة السياسية دون أن يكون لها إعلاما حرا وصحافة حرة تصل إلي المواطنين من أجل هذه الغاية .
إذا كان النص المضاف الذي أقر بحق الجمعيات السياسية في إصدار النشرات قد  نص على خضوع هذه النشراتلحدود حرية الرأي والتعبير في القانون المنظم للصحافة. وكان قانون المنظم للصحافة حتى تاريخه هو القانون رقم (47) لعام ‏2002‏‏ بشأن تنظيم الصحافة والطباعة والنشر ، وكانت «المادة (3) من تُعرّف في فقرتها العاشرة الصحيفة على أنها «كل جريدة أو مجلة أو أي مطبوع آخر يصدر باسم واحد وبصفة دورية في مواعيد منتظمة أو غير منتظمة، بما في ذلك الصحف الإلكترونية التي تصدر أو تبث بالوسائل الإلكترونية». ، فأن نشرات الجمعيات السياسية وفقا لهذا التعريف هي صحيفة ، لا يجوز حسب نص المادة (28) من قانون الصحافة مصادرة أو تعطيل او إلغاء ترخيص هذه النشرات إلا بحكم من القضاء». ، وبناء عليه فأنه إذا اشتملت لائحة الشروط على حق جهة الإدارة ( شئون الإعلام ) على مصادرة أو تعطيل أو إلغاء ترخيص هذه النشرات سيكون بالضرورة مخالفا لما نص عليه القانون المنظم للصحافة .
 
خامساً: النيل من النظم الأساسية للجمعيات السياسية وتتجاوز قرارات مؤتمراتها العامة.  

أجازت المادة (23 مكررا) المضافة “لكل عضو من أعضاء الجمعية أن يطعن أمام المحكمة الكبرى المدنية ببطلان انعقاد المؤتمر للجمعية، أو ببطلان أي قرار يصدر عنه أو الجمعية بالمخالفة لأحكام هذا القانون أو النظام الأساسي للجمعية، وذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ انعقاد المؤتمر”.
كما أجازت لكل ذي شأن تقدم بطلب للانضمام لعضوية الجمعية ورفض طلبه أن يطعن على قرار رفض طلبه أمام تلك المحكمة، وذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ علمه بالقرار .
والأسئلة التي تثار في ظل حكم هذه المادة الجديدة هي ما قيمة النظام الأساسي الذي يحكم الشئون الداخلية للجمعيات السياسية والذي يتم إقراره أو أي تعديل يطرأ عليه تحت رقابة وزارة العدل؟
من الذي يحدد صحة أو بطلان انعقاد مؤتمرات الجمعيات السياسية ،  أو ببطلان أي قرار يصدر عن هذه المؤتمرات أو الجمعية ؟! هل يحدده العضو بمفرده أم يحدده المؤتمر العام ؟
للإجابة على هذه الأسئلة يتعين الرجوع إلى النظم الأساسية للجمعيات السياسية ، إذ تنص دائما واستدل على ذلك بالمادة ( 10 ) من النظام الأساسي لمنبرنا التقدمي على “أن المؤتمر العام هو أعلى سلطة تنظيمية وتشريعية في المنبر وينعقد بشكل دوري كل ثلاث سنوات، وتنتخب اللجنة المركزية ولجنة الإشراف المالي ولجنة الرقابة التنظيمية من خلاله. ويتكون المؤتمر العام من جميع أعضاء المنبر الذين سددوا كامل اشتراكاتهم. وينعقد المؤتمر العام العادي بحضور الأغلبية المطلقة، وإذا لم تتوفر الأغلبية المنصوص عليها وجب توجيه الدعوة لاجتماع ثان يعقد خلال الخمسة عشر يوماً التالية للاجتماع الأول، وينعقد الاجتماع الثاني بحضور الأغلبية المطلقة، إذا لم يكتمل النصاب للاجتماع الثاني وجب توجيه الدعوة لاجتماع ثالث يعقد خلال الخمسة عشر يوماً التالية للاجتماع الثاني، ويكون الاجتماع الثالث صحيحاً بمن حضر، وفي جميع الأحوال تتخذ القرارات بأغلبية الأعضاء الحاضرين”.
إذن، أن من يحدد هنا صحة أو بطلان انعقاد المؤتمر هو المؤتمر العام، هم الأعضاء اللذين يتكون منهم هذا المؤتمر وهم الرقيب على أعماله وعلى القرارات التي تصدر عنه ، ويحق للعضو أن يعترض على صحة انعقاد المؤتمر وعلى أي قرار لدي مكتب المؤتمر ، ويخضع هذا الاعتراض للتصويت وعلى المعترض أن يحترم قرار الأغلبية لا أن يلجأ إلى القضاء كما جاء في التعديلات الجديدة المضافة في المادة  سالفة البيان .
ويدخل في هذا الإطار ولذات الأسباب ما أجازته المادة الجديدة ( 23 مكرر ) من الجمعيات السياسية المضافة في فقرتها الثانية لكل ذي شأن تقدم بطلب للانضمام لعضوية الجمعية ورفض طلبه أن يطعن على قرار رفض طلبه أمام تلك المحكمة.
فهذا النص اقل ما يقال عنه انه يفتح باب العضوية لمن هب ودب ، فقبول الأعضاء هو حق خالص للجمعية يخضع للأوضاع والأحكام التي يحددها النظام الأساسي واستدل على ذلك بالمادة( 6 ) من النظام الأساسي للمنبر التقدمي إذ تنص على انه يجري قبول الأعضاء في المنبر بشكل فردي عن طريق المكتب السياسي. وتبحث لجنة المحافظة الطلب وتتخذ قراراً بشأنه على أن تعتمد العضوية من قبل المكتب السياسي خلال شهر على الأكثر.
 غير انه لا يكفي أن تتوافر في من يتقدم بطلب العضوية شروط العضوية إذ لابد أن يكون مقتنعا  وملتزما ببرنامج المنبر التقدمي وخطه العام ونهجه ، وان من يحدد ذلك هما لجنة المحافظة والمكتب السياسي ، ويتعين أن لا يكون للقضاء شأن فيه .
وفي إطار تجاوز  النظم  الأساسية للجمعيات السياسية وتتجاوز قرارات مؤتمراتها العامة تستمر التعديلات في الإمعان في التدخل في الشأن الداخلي لهذه الجمعيات وتتعامل معها وكأن أعضاء هذه الجمعيات مازالوا أطفالا في سن الحضانة ، فنصت التعديلات الجديدة على إضافة فقرة ثانية  للمادة (18) من القانون ، فبعد أن كانت هذه المادة تقتصر على وجوب قيام الجمعية بإخطار وزير العدل بكتاب يودع في ديوان الوزارة مقابل إشعار بالتسلم بأي قرار تصدره الجمعية بتغيير رئيسها أو أي من قياداتها أو بحل الجمعية أو اندماجها أو بأي تعديل في نظامها الأساسي، وذلك خلال عشرة أيام من تاريخ صدور القرار. أضافت التعديلات فقرة ثانية لهذه المادة نصت على ( كما يجب على الجمعية إخطار وزير العدل بموعد اجتماع المؤتمر العام للجمعية قبل انعقاده بخمسة عشر يوماً على الأقل، وللوزير أن يطلب من الجمعية موافاته بعدد الأعضاء الذين حضروا الاجتماع، والقرارات التي اتخذت فيه، وكيفية التصويت على تلك القرارات، وأية معلومة أخرى بشأن الاجتماع أو بشأن نشاط الجمعية، وعلى الجمعية تقديم البيانات أو المعلومات المطلوبة والمستندات المؤيدة لها خلال عشرة أيام من تاريخ إبلاغها.)

وإذا كان التعديلات على قانون الجمعيات السياسية قد اهتمت بالنظام الأساسي أمعانا في التدخل في شئون الجمعيات السياسية وفي الرقابة الصارمة على نشاطها بأن :

1- أضافت على المادة (17) وهي المتعلقة بوجوب أن تحتفظ الجمعية في مقرها الرئيسي بسجلات وبيانات النظام الأساسي للجمعية.البرنامج السياسي للجمعية. أسماء أعضاء الجمعية والأعضاء المؤسسين وقيادات الجمعية وعناوينهم ومحال إقامتهم.سجل قرارات مجلس إدارة الجمعية ولجانها سجل واردات الجمعية ومصروفاتها بصورة مفصلة ، بنداً جديداً برقم (3) بأن تحتفظ  الجمعية في مقرها الرئيسي  اللوائح الداخلية للجمعية .
2- عدلت المادة ( 9 ) وهي المتعلقة بمدد أعلان التأسيس بأن أضافت إليها وتسري الأحكام السابقة الخاصة بالتأسيس على كل تعديل يطرأ على النظام الأساسي للجمعية، وينشر في الجريدة الرسمية ، بمعني أن أي تعديل يطرأ على النظام الأساسي سيكون خاضعا للإعلان من قبل وزير العدل مثل الإعلان عن تأسيس الجمعية خلال المدد المنصوص عليها ، وينشر هذا الإعلان في الجريدة الرسمية. ، وإذا امتنع الوزير عن الإعلان عن تعديل النظام الإساسي خلال المدد المنصوص عليها ، وجب عليه أن يخطر الجمعية بخطاب مسجل برفض تعديل النظام الإساسي وأسباب الرفض ويعتبر فوات المواعيد المنصوص عليها دون إعلان تعديل النظام أو إخطار الجمعية بالرفض بمثابة قرار بالاعتراض على هذا التعديل .
3- عدلت التعديلات المادة ( 22/ الفقرة الأولى ) وهي التي تجيز لوزير العدل أن يقيم دعوى أمام المحكمة الكبرى في مواجهة الجمعية إذا خالفت أحكام الدستور أو هذا القانون أو قانون آخر بطلب، الحكم بإيقاف نشاط الجمعية لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر تقوم خلالها بإزالة أسباب المخالفة.  فأضافت التعديلات إلى جانب  مخالفة أحكام الدستور أو هذا القانون أو قانون آخر مخالفة النظام الأساسي  .

نقول إذا كانت التعديلات على القانون قد اهتمت بالنظام الأساسي للجمعية السياسية على النحو الذي أشرنا إليه في المواد سالفة البيان ، فأن عليها من باب أولى أن تحترم أحكام النظام الأساسي بما نص عليه من كيفية لانعقاد المؤتمر وعدد أعضاءه ، ونصاب تحقق انعقاده واتخاذ القرارات الصادرة عنه ، وبما نص عليه من طريقة لقبول الأعضاء في الجمعية كل ذلك يتم حسب النظام السياسي تحت رقابة وبصر أعضاء المؤتمر العام بصفته أعلى سلطة تنظيمية وتشريعية  .

تلك هي ابرز تعديلات قانون الجمعيات السياسية ، وبقى أن نشير إلى أن هناك تعديلات على المادتين ( 8 ) “لوزير العدل أن يطلب من المؤسسين تقديم أية إيضاحات أو وثائق أو بيانات لازمة لتنفيذ أحكام هذا القانون، وذلك بكتاب مسجل يصدره خلال خمسة وأربعين يوماً من تاريخ طلب بتأسيس الجمعية. فتم تعديل المدة إلى ثلاثين يوما بدلا من خمسة وأربعين يوما .

المادة (23الفقرة الأولى ) يجوز لوزير العدل أن يطلب من المحكمة الكبرى الحكم بحل الجمعية وتصفية أموالها وتحديد الجهة التي تؤول إليها هذه الأموال، وذلك إذا ارتكبت مخالفة جسيمة لأحكام دستور المملكة أو هذا القانون أو أي قانون آخر من قوانينها أو إذا لم تقم الجمعية خلال الفترة المحددة في الحكم الصادر بإيقاف نشاطها وفقاً للمادة السابقة بإزالة أسباب المخالفة التي صدر الحكم استناداً إليها ، أضيف إليها ، بناءً على دعوى يقيمها.

وأضافت التعديلات مادة أخيرة نصت (على الجمعيات السياسية القائمة وقت صدور هذا القانون أن توفق أوضاعها طبقاً لأحكامه خلال فترة لا تتجاوز عاماً من تاريخ العمل به. )


 إنتهـــــــــى

اقرأ المزيد

“داعش” وأمريكا وما بينهما

بقي
“الغموض البديع” يظلل العلاقة بين تنظيم “داعش” والغرب عموما والولايات
المتحدة خصوصاً، على مدى السنوات الثماني الماضية التي شهدت ولادة التنظيم
(2006) ونشأته في العراق وتمدده الذي صار عليه اليوم في العراق وسوريا .
فلقد كان واضحاً أن الطرفين ظلا حريصين على تحاشي بعضهما بعضاً، ما خلا
بطبيعة الحال العلاقات الكواليسية التي لا أحد يعرف حتى اليوم عن خباياها،
على الرغم من توفر عديد البصمات والشواهد المثيرة للريبة والتشكك من هذه
العلاقة الغريبة .
في معرض التكهنات والأسئلة التي أثارتها وتثيرها هذه
العلاقة الملتبسة، فإنه، على سبيل المثال، حتى وقت قريب جداً، فإن كل ما
خرج به مسيحيو العراق من مناشداتهم للعواصم الكبرى صاحبة “الولاية” على
الطوائف المسيحية عبر العالم، هو صدور إدانة ناعمة من قبل نائب مستشار
الأمن القومي الأمريكي “بن رودس” لاعتداءات تنظيم “داعش” على الأقليات
المسيحية وغيرها وتدمير عدد من المزارات الدينية في شمالي العراق!
على
مقلب آخر، فإن بابا الفاتيكان يترك مسيحيي الشرق يتعرضون للتطهير والقتل
والسلب في العراق وقبله سوريا، ليشد الرحال إلى كوريا الجنوبية، مبشراً
بالكاثوليكية في أرض بوذية الديانة والهوى، وذلك ضمن مساهمات كهنة
الفاتيكان في الجهود الاستراتيجية الغربية لاستمالة شبه الجزيرة الكورية
بصورة تامة وناجزة نحو الغرب وحضارته وثقافاته .
وكي لا تشوشنا صور
الحاضر، فقط علينا أن نقوم بعملية “فلاش باك” سريعة وسنجد أن الغرب ظل
يتفرج فعلاً على كارثة إنسانية كبرى عنوانها تشريد الآلاف من الطائفة
الإيزيدية وتركهم هائمين في العراء، فارين من بطش مليشيات “داعش” . حتى صور
المأساة التي نقلتها للعالم عدسات بعص الصحفيين الشجعان مثل أليسا جيه
روبين مراسلة صحيفة “نيويورك تايمز” التي كادت تدفع حياتها ثمنا لنقل صورة
حية عن مأساة هؤلاء الناس من فوق جبل سنجار الواقع غرب الموصل والذي يبلغ
ارتفاعه 5000 قدم، ومراسل التلفزيون البلجيكي، رودي فرانكس، (55 عاماً)،
الذي رفض مغادرة جبل سنجار ودهوك، حيث ظهر رودي فرانكس مساء الأربعاء 20
أغسطس/ آب على شاشة نشرة أخبار الساعة السابعة على القناة البلجيكية
الأولى، ليعلن من موقعه في جبل سنجار، “إن ما تفعله “داعش” بنشرها شريط ذبح
الصحفي الأمريكي، ما هو إلا رسالة واضحة مفادها إرهاب الصحفيين الغربيين،
ونشر الرعب بينهم، ليكفوا عن نقل الحقيقة والمجازر التي ترتكبها في سوريا
والعراق ضد الأقليات الأخرى، وعلى رأسهم الأيزيديون” . وخلال الأيام
اللاحقة، قدم رودي فرانكس العديد من الريبورتاجات التلفزيونية للقناة
البلجيكية الأولى، من شمال العراق ودهوك وجبل سنجار، مستعرضاً فيها المأساة
التي يعيشها الشعب الإيزيدي، بعد هروب من استطاع منهم من قبضة “داعش” في
شمال العراق، كما قدم برنامجاً وثائقياً مدته 25 دقيقة عن ثلاثة ممن نجوا
من عدة مذابح ارتكبتها “داعش” وراح ضحيتها جميع رجال عدة قرى أيزيدية، فيما
اختُطف جميع نساء تلك القرى .
ومع ذلك، فإنه في بداية الأمر لم تستدع
مناشدات مسؤولي إقليم كردستان للأسرة الدولية للتدخل لوقف طوق النار الذي
كاد يقترب من الفارين من حقول الموت، استجابةً على قدر معاناتهم، وإن كان
التحرك الأمريكي هنا كان هو الأبرز، حيث ألقت الطائرات الأمريكية من الجو
بأطنان من شحنات المساعدات الانسانية على مناطق تجمّعهم فوق جبل سنجار،
والذي جاء في إطار مبدأ التدخل الانساني الذي استخدمته واشنطن لتدخلها
العسكري في الصومال خلال الفترة من 1992-،1994 حيث أرسلت ما يصل إلى ثمانية
وعشرين ألفاً من قواتها إلى الصومال في إطار ما اعتبرته مهمة إنسانية في
الصومال، إلا أن مقتل ثمانية عشر فرداً من القوات الأمريكية في أكتوبر/
تشرين الأول 1993 أجبر واشنطن على سحب قواتها في أوائل عام .1994 . وكذلك
استخدمته حين قررت التدخل العسكري في يوغسلافيا خلال الفترة من فبراير/
شباط 1994 إلى سبتمبر/ أيلول 1995 .
إنما التدخل العسكري “الانساني” لم
يحدث لإنقاذ أهالي الموصل وبلدات وقرى الشمال العراقي إلا بعد أن أعمت شهوة
السلطة بصيرة قادة تنظيم “داعش” وركبت رؤوسهم فكرة التمادي والتمدد
جغرافياً لبسط سيطرتهم على منطقة شمال العراق بأكملها . وهنا ما كادت
جحافلهم تصل إلى أطراف مدينة أربيل وتهدد باقتحام عاصمة إقليم كردستان الذي
تتكامل أهميته العسكرية الاستراتيجية بالنسبة لواشنطن مع قاعدة انجرليك
الجوية الأمريكية الواقعة في جنوب شرقي تركيا، في كسر واضح لقواعد تفادي
الاشتباك التي أقامها الطرفان بينهما منذ ما قبل استغلال الأمريكيين
(والأتراك كمقاول باطن) لمقاتلي “داعش” في الحرب التي تُشن على سوريا منذ
ثلاث سنوات . ما كادت طلائع مقاتلي التنظيم تصل إلى مشارف أربيل حتى انطلقت
أسراب الطائرات الأمريكية لتقديم الاسناد الجوي لقوات البشمركة الكردية
دفاعاً عن إقليم كردستان وعاصمته أربيل . فكان أن تغيرت طبيعة الغارات من
مجرد “عمليات جراحية” لمساعدة الجيش العراقي في التصدي لهجمات “داعش” إلى
غارات مركزة ذات طبيعة قتالية “فاعلة” .
ومع ذلك تبقى الانعطافة الحاسمة
في موقف واشنطن من “داعش” تلك التي أملتها الجريمة الوحشية التي ارتكبها
التنظيم مساء الثلاثاء 12 أغسطس/ آب 2014 بذبح الصحفي الأمريكي جيمس فولي
الذي كان خُطف في سوريا في نوفمبر ،2012 وذلك ثأراً للضربات الجوية
الأمريكية ضد مقاتليه في العراق، وتهديد التنظيم بأنه سيقطع رأس الصحفي
الأمريكي الآخر ستيفن جويل سوتلوف المحتجز لديها منذ اختطافه في يوليو/تموز
2013 قرب الحدود بين سوريا وتركيا . فهذه الحادثة هي التي فرضت على واشنطن
الانعطاف باتجاه مقاتلة التنظيم في إطار ما أسماه الرئيس أوباما
“استراتيجية بعيدة الأمد في القتال ضد داعش” . ولكأن التاريخ يعيد نفسه،
فبعد أن كان تنظيم “القاعدة” ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية حلفاء في
خندق واحد إذا بهما يتحولان إلى ذئبين يقاتلان بعضهما بعضا . والآن ها هو
“داعش” والولايات المتحدة وجها لوجه في جولة حرب يصعب التكهن بمداها بعد أن
كانا حتى وقت قريب شريكين غير رسميين في مهمة واحدة هي اسقاط النظام
السوري بأسلوب التدمير الشامل . – See more at:
http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/9c58ece6-d0dd-460d-ab0f-a27b415635f9#sthash.5Lrl5F8i.dpuf
اقرأ المزيد