المنشور

مطالبات مطلبية ومعيشية

من ايجابيات التحركات والأنشطة المتجهة نحو القضايا المطلبية والمعيشية للشعب انها تتجه نحو العوامل الموحدة والجامعة للعمال والموظفين وكافة الشرائح صاحبة المصلحة  في النهوض بأوضاعها المعيشية  ونيل حقوقها النقابية، في مواجهة تنامي النزعات الطائفية والمذهبية التي ألحقت أشد الضرر بوحدة الطبقة العاملة، هذه الوحدة التي صهرها النضال المشترك، والتي تعد المكسب الأبرز للكادحين من مختلف المناطق والطوائف.

ويبرهن التاريخ المديد للنضال المطلبي في البحرين منذ منتصف الفرن العشرين على الأقل، إن النأي عن التحركات ذات الطابع الفئوي، وتكريس الطابع الجماعي المشترك لهذه التحركات يشكل ضمانة رئيسية من ضمانات نجاح هذه التحركات في نيل ما يطالب المشتركون فيها من حقوق .

إن هذا الأمر يضع مهاما كبرى على عاتق الحركة النقابية ومختلف النقابات العمالية في تعزيز وحدة الحركة العمالية والنقابية وإكسابها أكثر فأكثر الطابع الوطني الجامع، من خلال دور القادة النقابيين المعبرين عن مثل هذه التوجهات.

ولا أساس جدياً للدعاوى التي تهول من المطالبات المعيشية والتصدي لأوجه الفساد، وتصورها على انها أعمال تحريضية، أو الاساءة للوطن، فيما هي مطالبات مشروعة تتصل بحقوق نصَّ عليها ميثاق العمل الوطني ودستور البلاد، وتدخل في اطار الشراكة بين الدولة والمجتمع المدني، الذي يجب الاصغاء لمطالباته من قبل الحكومة والشركات وأرباب العمل لتحسين أوضاع العاملين والموظفين.

إن ضمان حقوق المواطنين، من عمال وموظفين ومتقاعدين، والتصدي لأوجه التعدي على هذه الحقوق، فضلاً عن كونه واجبا أخلاقيا  وإنسانيا، هو  ضرورة من ضرورات التنمية، وضمان تطور البلاد وتقدمها.

اقرأ المزيد

بارعون في إدهاشنا

يبدو أن المشهد البرلماني في البحرين ينتمي إلى عالم اللامعقول، ذلك أن أحدًا لم يخطر بباله كل هذا القدر من العبث بمقدرات العمل البرلماني، بل بالتجربة البرلمانية برمتها، يكفي هذه الممارسات، وهذه التصريحات من جانب برلمانيين وليس من غيرهم، كلها تزيدنا قناعة بأن التفكير -مجرد التفكير- في تجاوز الحالة البرلمانية الراهنة بات يعد ضربًا من الوهم، وأضحى التعويل على ذهنية راجحة ومرجحة تعبر بالأداء والعمل البرلمانيين الى المسار الصحيح ولو في حدهما الأدنى وهما بدوره، نعلم بأن هناك نوابًا لوَّحوا ويلوحون مرارًا وتكرارًا ما يفهم منه بأنهم يعملون على وضع مجريات الأمور في المجلس النيابي في نصابها الديمقراطي، ونشدد على كلمة «ديمقراطي» لأن الملوحين بها ليسوا ممن عرف عنهم أنهم مارسوا او يمارسون الديمقراطية لا في الأقوال ولا في الأفعال، كما نعلم بأن هناك نوابًا يحرصون على التأكيد بأنهم واقعيون ولكنها واقعية تضحي بالأساس من أجل الشكل، فيذهب الشكل على حساب الموضوع، ويهتم بالإطار أكثر من الصورة، او لنقل الانشغال بالعرضي دون الجوهري، وبالثانوى دون الأساسي، وبالتالي فهي واقعية وجودها كعدمه..!!
ذلك يعني أن هناك رواسب كثيرة في المسار البرلماني تذكرنا دومًا بالخلل والخيبات والأزمات والصراعات، ونشهد لبعض النواب براعتهم في إدهاشنا، كأننا أمام فرجة مسلية، فقد وجدنا نوابًا يشتبكون مع زملائهم، ونوابًا انشغلوا بالمناكفات والخلافات الشخصية بين بعضهم البعض، وبينهم وبين أصحاب مواقع التواصل الاحتماعي ومحاولة جرجرتهم الى المحاكم، ووجدنا نوابًا مجتمعين في موقف يحسبونه بطوليًا وهم يرفعون دعوى ضد زميلة لهم ويطالبون بعزلها، والمشهد زاخر بما يدهش المرء ويذهله، نواب لا يكفون عن إعادة مراوحاتهم في مسألة تفعيل دورهم الرقابي والتشريعي في المساءلة والمحاسبة والاستجواب الى الدرجة التي بات فيها المواطن يظن -رغم أن بعض الظن إثم- بأن هذا الدور قد قطع إربًا إربا خاصة حين تنازل النواب في أواخر الفصل التشريعي السابق عن صلاحياتهم في الرقابة والمساءلة والاستجواب في موقف غير مسبوق على مستوى برلمانات العالم، مرورًا بفشل مشاريع استجوابات او إسقاط بعضها بعد الكثير من اللغط والكثير من الوعود والمزايدات، ثم بالتعاطي البائس مع تقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية والتي لم تثمر عن مخرجات لها قيمة واعتبار، الى آخر القائمة مما لا يحتاج الى شرح او تذكير، وكل ذلك يزيد من قناعة كل مواطن بأن ثمة حاجة غير مسبوقة للتشخيص والمراجعة العقلانية وتصويب مسيرة العمل البرلماني، بل التجربة البرلمانية برمتها حتى لا يظل المشهد البرلماني منتميًا الى عالم اللامعقول..!!
عالم اللامعقول هذا فيه إلى جانب ذلك الكثير مما يستحق التوقف، يكفي التمعن فيما طالعتنا به الصحف المحلية مؤخرًا، مؤخرًا فقط، من تصريحات لنواب، منها ما يبعث على كثير من الحيرة، وما لا يستحق أن يلتفت اليه لأنه لا يحمل أدنى قيمة تذكر، ومنها ما قد يحسبه القارئ بأنها تصريحات صادر عن موظف في جهاز للعلاقات العامة بإحدى الوزارات او المؤسسات وليس من نائب يمثل الشعب، هل نتوقف أمام تصريحات لنواب حول قرارهم التركيز على العمل والإنجاز النيابي وبما يخدم الوطن والمواطنين ومعالجة كافة الأمور في إطار روح الأسرة الواحدة، ومعالجة أي خلاف في أضيق الحدود دون اللجوء لأي أسلوب آخر لا يخدم العمل النيابي والمسيرة الديمقراطية..!! وهنا كلام عن عن بديهيات في العمل البرلماني الحقيقي يفترض أن النواب تجاوزوه منذ زمن..!
هل نتوقف عند خبر «إعلان التوافق بين كتل برلمانية عن ميثاق شرف بين النواب»..!! علمًا بأن هذه ليست المرة الأولى التي تطرح فيه فكرة ميثاق الشرف، قبلها بأسبوع او أكثر أعلنت أمانة مجلس النواب عن إنجازها لمدونة شاملة تهدف الى تنظيم وتحديد الواجبات والمسؤوليات في العمل البرلماني محالة الى لجنة الشؤون التشريعية والقانونية، وعلاقة النائب بزملائه النواب وعلاقته مع العاملين فى الأمانة العامة..!! بوسعنا أن نذِّكر بمشاريع مواثيق شرف أخرى مماثلة في الفصل التشريعي الراهن والسابق، وكأن هذه المواثيق ستمنع الهفوات والعنتريات وستحول دون الاسترهانات في بازارات السياسة، وهي التي أثبتت أنها فكرة عقيمة الجدوى بعد ابتذالها في واقعنا..
هل نتوقف عند ما قاله رئيس اللجنة المالية والاقتصادية بالمجلس النيابي في مقابلة معه في هذه الجريدة، فما قاله الرجل تفوح منه رائحة صراحة وإقرار بواقع برلماني معوج..!!
الرجل يعترف بعدم قدرة المجلس النيابي على تقديم أي استجواب مما يعد فشلاً ذريعًا للمجلس، ويعترف أيضًا بأن المجلس النيابي لن ينجح في تقديم أي استجواب في الأدوار المقبلة، ويمضي الى القول بأن النواب «تفرغوا» لتصفية خلافاتهم الشخصية ونسوا المواطنين، وان هيئة المكتب انشغلت بمناقشة هذه الخلافات، وعلينا ان نلاحظ ان هذا الكلام وغيره قاله أكثر من نائب من قبل، وإذا كانت شجاعة تسمية الأشياء بأسمائها مطلوبة، فإن الحال البرلماني يفرز أسئلة على نمط: هل يعقل ما يجري في الساحة البرلمانية..؟ وأسئلة الى أين.. والى متى..؟ وأسئلة أخرى كثيرة يفترض انها توقظ ما لا يستطيع كثيرون جلاء غموضه لدى من هم معنيون بهذا الحال البرلماني العقيم..
نكتفي بتلك الوقفات فهي كثيرة خلاصتها أن الإنجاز اللافت الذي حققه النواب هو في صرف اهتمامات الناس عنهم، إما لأنهم يراوحون في مكانهم، او أنهم يعودون الى الوراء، لذا دعونا نتابع براعتهم في إدهاشنا الى حين الانتخابات المقبلة، وأظن رغم أن بعض الظن إثم إن الناخب قد تعلم واتعظ بأكثر مما فيه الكفاية..!!

اقرأ المزيد

المنبر التقدمي البحريني يعزي الرفاق في الحزب الشيوعي اللبناني برحيل المناضلين الكبيرين الرفيق كمال البقاعي والرفيق رضوان حمزة

المنامة، 8 سبتمبر/أيلول 2016 

الرفيق العزيز حنا غريب             المحترم

الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني

 

ببالغ الأسى تلقينا خبر رحيل القائد المناضل الرفيق كمال البقاعي نائب الأمين العام لحزبكم الشقيق، أحد أبرز مناضلي جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، وأحد رموز النضال الوطني المقاوم ضد العدو الإسرائيلي وعملائه، وكذلك نبأ رحيل الرفيق والإعلامي رضوان حمزة عضو اللجنة المركزية الذي ناضل على جبهة الثقافة والإعلام من أجل انتصار القضية النبيلة لحزبه وشعبه.

وبهذا المصاب الجلل نتقدم إليكم وعبركم، إلى جميع الشيوعيين اللبنانيين وأصدقائهم من رفاق الفقيدين الغاليين وإلى أفراد عائلتيهما بخالص التعازي القلبية.

إننا إذ نشارككم الشعور العميق بفقدان هذين المناضلين الجسورين نعبر عن ثقتنا بأن السيرة النضالية الحافلة لهما ستكون مصدر الهام لحزبكم الشقيق الذي قدم الكثير في سبيل تحرير الأرض والإنسان في مواصلة السير على طريقهما.

مرة أخرى، تقبلوا خالص تعازينا، معربين عن تضامننا الكفاحي معكم.

 

 

          خليل يوسف

          الأمين العام للمنبر التقدمي – البحرين

 

 

اقرأ المزيد

صناعة اليأس

الرائي للتطورات الراهنة في غير بلد عربي، سيلاحظ هذا السعي المحموم لإطلاق الغرائز المذهبية الكامنة، والموروثة من تاريخ طويل مثقل بالصراعات التي لبست اللبوس الطائفي أو المذهبي أو العرقي والإثني، ويعمل على تحفيز هذه العصبيات ودفع أصحاب الملل للصراع فيما بينهم قوى داخلية من مصلحتها إستمرار وتأبيد الوضع الراهن، وقوى خارجية من صناع قرار ومراكز أبحاث وسلالات “استشراقية” مغرضة، تنوي إغراق هذه المنطقة في الفوضى والاقتتال الداخلي، الذي يحول دون أن تقوم لهذه الأمة قائمة، وأن تظل “إسرائيل” متسيدة.

تحضرني قصة قصيرة قديمة لكاتب سوري تستوقف من يقرأها، تتمحور حول رجلين يلتقيان عند موقف الباص، لم يُسلم أي منهما على الثاني، ولم يبتسم أي منهما للآخر، كان كل منهما يروز الثاني بنظرة حادة. إذا جلس أحدهما على المقعد قام الثاني ونظر نظرة شزرة، ولا يلبث الواقف أن يتعب، فالشمس حارة وطاقة الصبر والأناة استهلكها العمل فيجلس، ويقوم الجالس وينظر نظرة قاسية ويدير ظهره. لم يصل الباص إلا وكان كل منهما يتمنى في سره سحق الآخر، كما يسحق صرصور تحت قدم حانقة.

تُعبر هذه الحكاية عما يمكن أن ندعوه سيكولوجياً المواطن العربي البسيط على امتداد رقعة هذا الوطن الكبير، المواطن الذي تسحقه الأزمات المعيشية وتطحنه دوامة الحياة القاسية، وتهدر كرامته وهو يريق ماء وجهه مرات في اليوم الواحد جرياً وراء تأمين لقمة العيش له ولأطفاله، في أوطان تبدو الآفاق أمامها مسدودة، وفي مثل هذه الحالات تعمل آلة دعائية مغرضة على  إفتعال وهم لدى المواطن المسحوق بأن سبب انسحاقه هو شريكه الآخر في الشقاء، الواقف مثله في انتظار دوره في الحصول على سكن، أو تأمين قرض يتدبر به شؤون أطفاله، تماماً كما هو حال الرجلين الواقفين في انتظار الباص المكتظ بالركاب في قصة الكاتب السوري المشار إليها، بدلاً من أن يعي الاثنان   أنهما ضحية سياسات واحدة، وبدلاً من توحيد جهودهما ضد هذه السياسات، يجري تشتيتها من خلال إشاعة جو من الكراهية والبغضاء بينهما.

إن ما فعلته التحولات العمياء التي شهدناها على مدار عقود قد أدت إلى سحق هذا المواطن وتغييبه وإهدار كرامته، وتفريغ عالمه الروحي وتجويفه، ودفعه نحو البحث عن الخلاص في نفي شريكه في الوطن والمجتمع والتاريخ عبر استثارة موروث الخلافات المذهبية أو العرقية أو سواها، وإعادة تزويدها بالوقود اللازم لتستخدم في أغراض راهنة، من خلال استفزاز الهويات الفرعية إما بتسعيرها أو بازدرائها، مما يؤدي في الحالين إلى تأجيج الكراهية وإطالة أمدها، فالهويات يجري ترشيدها بالخطاب العقلاني، ويجري دفعها نحو التطرف بخطابات العنف اللفظي وغير اللفظي.

هناك من يعمل على أن تسود وتتعمم مشاعر الخيبة والاحباط التي تجتاح العالم العربي اليوم، بعد ان ارتفع منسوب التفاؤل والأمل لدى الجماهير، والشباب بخاصة، الذين ملأوا الساحات والميادين في مشارق الأرض العربية ومغاربها قبل خمسة أعوام متطلعين للعيش الكريم والحرية والكرامة الانسانية والعدالة الاجتماعية، كي تفقد الناس الثقة في قدرتها على احداث التغيير، ونيل ما تصبو إليه من حقوق، حين صار المواطن العربي مسكوناً بالسؤال المحبط عما يستطيع أن يفعله وقد فقد هو نفسه الإرادة، مما يتطلب تشجيع أي جهد مهما كان بسيطاً للتغلب على صناعة اليأس التي عكفت عليها ماكينة متقنة طوال عقود، وعادت لتنشط من جديد على شكل هستيريا تجمع بين روح التشفي والانتقام، لاشاعة حالة من فساد المعنويات ومن التسليم بالقائم بصفته قدراً لا مناص منه، مما يتطلب جهوداً مضاعفة من أجل أن نسترد أنفسنا التي صودرت، وأن نظهر أفضل ما فينا، وفق تعبير موفق للكاتبة المصرية أهداف سويد.

اقرأ المزيد

محطات ومواقف في الوحدة الوطنية

نحن اليوم بصدد مناقشة واحد من أهم المواضيع التي تشغل فئة واسعة من المثقفين والمهتمين بلشأن العام في البلاد ألا وهو موضوع ( الوحدة الوطنية ) ، كقضية تمس حاضر ومستقبل هذا الوطن، فهي ليست شعاراً  يرفع في مؤتمر أو عنوان لمقال، فالمجتمع منقسم منذ أحداث فبراير/ مارس 2011، وازداد الوضع تعقيدا وتأزيماً منذ رمضان الفائت، حيث تصاعدت وتيرة الطرح الطائفي وبرز  وبشكل واسع خطاب الكراهية المقيت في الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي و المنابر الدينية.

السؤال هنا هو: من يتصدى لهذا الوباء الخبيث الذي يفتك بالمجتمع لكي يتعافى جسد الوطن منه.
أجزم بأنها مهمة ليست سهلة، ولكن هناك تجارب في محطات عدة، جرى خلالها انقاذ  الوحدة الوطنية، لهذا سوف أتوقف أمام بعض هذه  المحطات المضيئة من تاريخ حركتنا الوطنيه والديمقراطية، وهي أربع محطات بارزة .

المحطة الأولى : هيئة الاتحاد الوطني

في أعوام 1954-1956 ، أطفأت هيئة الاتحاد الوطني  النار التي كادت أن تشتعل  في البلاد بسبب الفتنة المديرة من قبل المستعمر البريطاني وأعوانه في محرم من عام 1953 ، يقول القائد الوطني الراحل عبدالرحمن الباكر في كتابه من ( من البحرين إلى سانت هيلانة ) عن فتنة محرم عام 1953، من المؤسف انه انساق وراء تلك الفتنة العمياء كثيرون من الشباب نسوا  واجبهم الوطني  وتخلوا  عن مبادئهم  انسياقا  وراء العاطفة الهوجاء وخصوصا شبابنا المثقف في المحرق، ويواصل  وقد أسفت غاية الاسف  حينما علمت بأن منهم من كان يدعي  أنه فوق  الطائفية والإقليمية  وقد انجرف وراء هذا التيار  وحمل راية التعصب الأعمى.
ويضيف الباكرقائلا : “لقد كانت مسؤوليتي كبيرة فبدأت اطفئ أوار تلك النار التي انتشرت في كل بيت في البحرين  لاسيما  وقد شاهدت بنفسي كيف كان الإنجليز  يعملون ذلك في مومباي  حينما كانوا يشعلون الفتنة  بين الطائفتين الإسلامية والهندوسية.

بذل الباكر والشملان ورفاقهما  جهوداً كبيرة لتوحيد الطرفين من خلال اللقاءات والاجتماعات التي كانوا  يقوموا بها في المنامة والمحرق. واستطاع الباكر ورفاقه تأسيس هيئة الاتحاد الوطني، التي كانت الحدث الأهم في تلك الفترة التاريخية،  في الاجتماع الذي تم في مأتم بن خميس بسنابس، ففي الثالث عشر من أكتوبر عام 1954، الذي ضم ممثلين عن السنة والشيعة من مختلف قرى ومدن البحرين ، وانبثقت منه هيئة تنفيذية عليا قوامها مائة وعشرون ولجنة تنفيذية مشكلة من ثمانية.

أنجزت الوحدة الوطنية وعلى أثرها تم رفع أهم المطالب الوطنية  للشعب وهي.
1- تأسيس مجلس تشريعي
2- وضع قانون عام للبلاد جنائي و مدني.
3- السماح بتأليف نقابة للعمال .
4- تأسيس محكمة عليا للنقض  والابرام.
لم ترق لسلطات المستعمر البريطاني وأعوانها وحدة الشعب، والتفافه حول قيادته الوطنية، فتم الإجهاز على هيئة الاتحاد الوطني واعتقال ونفي قيادتها وكوادرها، فانتهت محطة عامة من نضال وكفاح شعب البحرين.
وفي خضم نضال هيئة الاتحاد الوطني برزت جبهة التحرير الوطني البحرانية التي تأسست في 15/ 2/ 1955م، وفي أعوام 1958و 1959، تأسس حزب البعث فرع البحرين، وحركة القوميين العرب فرع البحرين.
وما يميز هذه الأحزاب السياسية انخراط المناضلين في صفوفها من كل المذاهب والأعراق  والقوميات.
والتي سوف يبرز دورها الكفاحي والنضالي في انتفاضة مارس المجيدة عام 1965.

المحطة الثانية: انتفاضة مارس 1965 المجيدة

جاءت انتفاضة مارس عام 1965، لتؤكد على تمسك شعبنا بوحدته الوطنية ضد المستعمر البريطاني وأعوانه، عندما تضامن الشعب مع مفصولي شركة بابكو الذين وصل مجموعهم إلى 1500 عامل وموظف في الانتفاضة التي قادتها الحركة الوطنية البحرينية بكل بسالة وشجاعة عندما وحدت صفوفها في المظاهرات والمسيرات بالأخص في مدينة المحرق، وكان العمل الوطني المشترك له تأثيره الواضح على الجماهير المنتفضة، ولكن المستعمر البريطاني وأعوانه قمعوا الانتفاضة بوحشية حيث سألت الدماء الزكية في شوارع  وأزقة المحرق والمنامة  ونويدرات، و زج بمناضلي الحركة الوطنية البحرينية في السجون والمعتقلات  وتشرد آخرون في المنافي، ولكن الدرس الأبلغ في الانتفاضة هو وحدة شعبنا بكل مكوناته وأعراقه و أحزابه مما شكل قلقاً لدي المستعمر البريطاني وأعوانه خوفا من تحقيق مطالب الشعب العادلة.

المحطة الثالثة: مرحلة الاستقلال الوطني وانتخابات المجلسين التأسيسي والوطني

في أواخر ستينيات  القرن الماضي كانت الإمبراطورية العجوز ( بريطانيا ) تتهيأ للانسحاب من الخليج العربي نتبجة لخسارتها السيطرة على العديد من البلدان في آسيا وأفريقيا واليمن الجنوبي على يد حركات التحرر الوطني المناضلة في تلك البلدان،  ونيل استقلالها الوطني، كانت الأمور تتسارع، وكان الشاه المقبور يصر على ضم بلادنا البحرين لإيران بعد الانسحاب البريطاني، في تلك الفترة برز نضال الحركة العمالية وتحديدا في بداية سبعينات القرن الماضي، وكانت أهم مطالبها تشكيل نقابات عمالية.

ومايهمنا هنا وصول لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم  المتحدة في نهاية  مارس من عام 1970 برئاسة الإيطالي السيد رونسبير جيو  شاردي، ليتعرف على رأي الشعب البحرينى بعد مطالبة شاه إيران بضم البحرين، وفي نتيجة لقاءات المبعوث الدولي مع ممثلي الأندية والمآتم، قال كلمته وهي أن شعب البحرين يريدها دولة عربية مستقلة ويرفض المطالب الإيرانية، كما سلمت جبهة التحرير الوطني البحرانية رسالة إلى المبعوث الأممي في فندق الخليج مقر إقامته، تضمنت ثمانية مطالب أهمها حق شعب البحرين في تقرير مصيره.

ازداد نشاط الحركة النقابية و العمالية حيث توج ذلك بالانتفاضة العمالية في مارس عام 1972 بقيادة اللجنة التأسيسية لاتحاد عمال البحرين وأصحاب المهن الحرة المشكلة من نقابيي  الجبهتين: التحرير والشعبية، مما سرع في تشكيل المجلس التأسيسي في عام 1973 ( نصف المعين/ نصف المنتخب ) ، وصدور الدستور في يونيو عام 1973، وبعد ذلك جرت انتخابات السابع من ديسمبر عام 1973، التي فاز فيها ممثلو ثلاث كتل رئيسية هي: (كتل الشعب/ الوسط / الدينية ) وخلال الفترة من ديسمبر 1973 إلى أغسطس 1975، جرت العديد من الأحداث أهمها الإضرابات العمالية وتشكيل أربع نقابات وتصاعد النضال المطلبي، وقد ردت الدولة على ذلك  بطرح قانون أمن الدولة، وبفضل الوحدة الوطنية والدور البارز لكتلة الشعب تم إسقاط مشروع قانون أمن الدولة من قبل أعضاء المجلس الوطني. وبعدها تم حل مجلس الوطني في 26 أغسطس عام 1975 واعتقل العشرات من مناضلي التحرير والشعبية وبعض أعضاء المجلس الوطني، وسادت  في البلاد لأكثر من ربع قرن أجواء حقبة قانون أمن الدولة.

المحطة الرابعة : العريضتان النخبوية والشعبية

في عامي 1992 و 1994، أطلقت العريضتان النخبوية والشعبية، المطالب بعودة الحياة النيابية وإشاعة  الديمقراطية والحريات العامة وإطلاق سراح المعتقلين والسجناء السياسيين وعودة المنفيين للبلاد، ولأول مرة في تاريخ البحرين تلتقي قوى وشخصيات وطنية ديمقراطية مع ممثلين عن تيار الإسلام السياسي في البحرين على المطالب المذكورة سلفا ، في خطوة إيجابية من أجل الخروج من نفق قانون أمن الدولة وتداعياته .

تلك هي أهم  ملامح المحطات الأربع التي ذكرنا على عجالة بعض المواقف التي وحدت شعبنا، في العقود الستة الماضية، وهي دورس وعبر يجب الاتعاظ بها في الوقت الحاضر حيث الانقسام المجتمعي الواضح والملموس في بلادنا .

نعلم جيدا بأن المهمة ليست سهلة أمام أي قوة سياسية أو مجتمعية تريد إعادة اللحمة الوطنية لشعبنا و توحده من أجل حاضر ومستقبل أجيال هذا الوطن، والتجربة الماضية تعلمنا بأن القوى الوطنية الديمقراطية هي وحدها التي تستطيع الإطلاع بهذه المهمة الوطنية باعتبارها قوى سياسية عابرة للطوائف والقبائل، حيث تتوجه نحوها الأنظار لتمتلك جاهزية النهوض بهذا الدور التاريخي، الذي هي الوحيدة المؤهلة لأن تقود الشعب نحوه، إذا ما وحدت إرادتها وخياراتها في برامج مشتركة تخاطب كافة مكونات الشعب، وتتغلب على الصعوبات والمعوقات الكثيرة  التي تعيق ذلك.

اقرأ المزيد

فعاليات: المجالس الأهلية «عابرة للطوائف» وساهمت في تعزيز الوحدة الوطنية

مدينة عيسى – حسن المدحوب

06 سبتمبر 2016

شددت فعاليات مجتمعية على أن المجالس الأهلية في البحرين عابرة للطوائف، وساهمت في تعزيز الوحدة الوطنية، رغم الشق الذي حدث في هذه الوحدة بسبب عوامل مختلفة.

وأكدت هذه الفعاليات في ندوة أقيمت في مقر جمعية المنبر التقدمي في مدينة عيسى مساء الأحد (4 سبتمبر/ أيلول 2016) على أن «صيانة اللحمة الوطنية مسئولية مشتركة لكل مؤسسات المجتمع المدني وليس المجالس الأهلية فقط»، داعين الجميع إلى تحمل مسئولياتهم الوطنية وصونها وحمايتها وعدم المساس بها».

ومن جانبه، قال ممثل عن المجالس الأهلية في المحافظة الجنوبية محمد الحوسني: إن «المجالس الأهلية تم توارثها جيلا بعد جيل، وهي امتداد إلى مجالس الماضي، حيث كانت المجالس في زمن الغوص تقتصر على النواخذة ويتناقش فيها الطواويش والبحارة، بالإضافة إلى مجالس العائلات، التي تختص بالجوانب الاجتماعية والخيرية وخاصة في المناسبات كالأعياد وشهر رمضان، وهناك أيضا مجالس اجتماعية ودينية، وكان هناك أيضا دور خاصة بأهل الفن والطرب».

وأضاف الحوسني «بعد النفط بدأت الأمور تتغير وأخذ الناس يتجهون إلى العمل في النفط بدلا من العمل في البحر، واختفت مجالس النواخذة والدور أيضا، ولكن بقيت مجالس العوائل، وظهرت الأندية الثقافية التي تهتم بالجانب الثقافي، وكان الناس يجتمعون في هذه الأندية من اجل أن يتثقفوا، حيث كان الناس محبين للقراءة والاطلاع، وبعدها أخذت الأندية الرياضية تنتشر أكثر، وكانت كل هذه المجالس تحقق الوحدة الوطنية لأنها تتألف من كافة الأطياف».

وأردف «وفي العهد الإصلاحي لجلالة الملك ظهرت الجمعيات السياسية التي هي مجالس أيضا يأتيها روادها من كل مكان، وإن كانت تختص بفكر وتوجه معين، وجاءت أيضا المجالس الأهلية بعد ميثاق العمل الوطنية واليوم في العام 2016 تضاعف العدد بشكل كبير، والظهور الطيب لهذه المجالس سببه العهد الإصلاحي، وباتت تتعاطى مع مختلف الأحداث السياسية والاجتماعية والاقتصادية المحلية والإقليمية، وصارت هذه المجالس يتوجه لها الناس من مختلف مناطق البحرين».

وتابع «المجالس اليوم تجسد روح المواطنة والوقوف مع قيادتنا الحكيمة، وهنا ليست المجالس فقط بل حتى الأندية والجمعيات السياسية والمجالس الشبابية، وهناك توجه يتماشى مع رؤية البحرين 2030، بإعطاء المبادرة للشباب».

وأكمل الحوسني «اللحمة الوطنية عشناها منذ أزمنة بعيدة، وهي موروث لطبيعة أهل البحرين، ومنا من عاصر الأزمنة الذهبية لهذه اللحمة الوطنية لأهالي البحرين، والناس كانت تأتي إلى البحرين وترى شعبها متحابا ومترابطا، ولم نكن نميز بين أي طائفة من الطوائف بسبب هذه اللحمة الوطنية، وهناك مواقف أذهلت الجميع من هذه الروح الوطنية».

وواصل «وجاء المساس باللحمة الوطنية نتيجة لمتغيرات إقليمية منها الحرب العراقية الإيرانية في البداية، وحدثت هناك زعزعة لهذه الروح الوطنية، ولكنها أمور خارجة عن البلد، وأصبح الجيل الجديد يميز بين فئة وأخرى، مع التنويه إلى أن هذه الوحدة ظلت على مستوى كبير من القوة حتى بعد كل هذه المتغيرات».

وأوضح الحوسني أن «البحرين كانت تتكون من مكونين أساسيين فقط في الماضي، ولكنها اليوم تتكون من مكونات عديدة، ونحن نتكلم الآن عن جميع التوجهات والأفكار»، مشيرا إلى انه «حدثت تدخلات أجنبية لزعزعة اللحمة الوطنية في كل دول الخليج العربي، وجاء الخريف العربي كما اسميه، من اجل شق اللحمة الوطنية في جميع الدول التي حدث فيها، وشاهدنا ما حل من دمار في هذه الدول، لذلك نجد اليوم شقا كبيرا بين فئات المجتمع».

وأضاف «نحن في البحرين ولله الحمد، وجدنا أن المجالس الأهلية أصبح لها دور كبير في تعزيز اللحمة الوطنية، التي هي أمانة على الجميع في صونها، وان كنا نرى أن هناك شق حدث بعد أحداث الخريف العربي في العام 2011، ولكن يحسب لقيادة البحرين أنها لم تسمح لأي شخص بزعزعة شق الصف في أي مكون من المكونات في المجتمع».

وختم الحوسني «في شهر رمضان الماضي كنا نزور مجالس في سار وبني جمرة ونحن كنا نمثل مجالس الرفاع، لذلك مازلنا نقول إن اللحمة الوطنية بخير، واليوم وصلنا إلى اللحمة الخليجية، وأصبحت هذه المجالس تطالب بالاتحاد الخليجي، وقد زرنا مجالس أهلية في المملكة العربية السعودية، فهذه مطالبة ليست من المجالس فقط بل هناك دور أيضا يقف على عاتق الجمعيات السياسية أيضا».

أما المحامي إبراهيم المناعي، فقال: «اشعر بالتفاؤل عندما أرى النخب المثقفة أمامي، ونحن نطمح إلى تيار ديمقراطي يحمل لواء الوطنية الصادقة التي تحمي الوطن والمواطن من كل سوء».

وأفاد المناعي «مسئوليتي الوطنية هي أن أكون عنصرا ناتجا في المجتمع وأتبنى قضاياه الوطنية، هذا المجتمع الذي يضم كل مناطق البحرين، وندعو إلى نبذ العنف ونبذ الطائفية لأن هذا الأمر هو الطريق إلى الوحدة الوطنية».

وأضاف «أرى أن المجالس الأهلية أنشط من الجمعيات السياسية، وهنا أود أن اشكر أي مواطن فتح مجلسه إلى المواطنين، ولكن لدي شعور قوي بأن بعض المجالس الأهلية في البحرين مختطفة من قبل جمعيات سياسية أو مكونات أخرى في المجتمع من اجل التوجيه، الجمعيات السياسية تسعى إلى الانتخابات والمكتسبات في البرلمان والمجالس البلدية، ولذلك عليها أن تسعى إلى المجالس والأندية بصفتها مكانا لتواجد الناس».

وأردف المناعي «بعض الجمعيات السياسية تقوم بالرعاية المالية واللوجستية لبعض المجالس من اجل توجيه المجتمع إلى قضايا محددة، من ضمنها البرلمان والمجالس البلدية».

وأكمل «وهذا لا يمنع المجالس الأهلية من أن تناقش القضايا المهمة في المجتمع، كبرنامج الحكومة والموازنة العامة وتقارير الرقابة المالية والدين العام، ولكن كل ذلك جعجعة بدون طحين، وإذا أردت أن تعرف هذه المجالس تتبع من، فانظر إلى رواده ومن يحاضر فيه، وما الموضوعات المطروحة فيه، حينها ستعرف الى من ينتمي هذا المجلس».

وواصل «هناك موضوعات لا يمكن مناقشتها في المجالس الأهلية كالأزمة السياسية وملف الإسكان والتعليم والصحة، وإذا تم تناولها بأن النقاش يتم في حلقة مفرغة».

وختم المناعي «نتمنى من المجالس الأهلية أن يتحملوا دورهم في تعزيز اللحمة الوطنية، وادعوهم إلى تأسيس اتحاد عام للمجالس الأهلية إذا كانوا جادين في العمل الوطني».

العدد 5113 – الثلثاء 06 سبتمبر 2016م الموافق 04 ذي الحجة 1437هـ

اقرأ المزيد

برقية تعزية المنبر التقدمي البحريني برحيل الرفيق جورج بطل

 

المنامة، 2 سبتمبر/أيلول 2016

 

الرفيق العزيز حنا غريب، الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني           المحترم

ببالغ الأسى تلقينا خبر رحيل أحد جذور السنديانة الحمراء، الرفيق المناضل جورج سليم البطل. وبهذا المصاب الجلل نتقدم إليكم، وعبركم، إلى جميع أعضاء اللجنة المركزية والحزب الشيوعي اللبناني الشقيق وذوي الفقيد الغالي بخالص التعازي القلبية.

إننا نشارككم الشعور العميق بفقد هذا المناضل الجسور الذي اكتسب عن حق تسمية “ضمير الشيوعي” لما عرف عنه من التزام لم يحد عنه يوما بقضية الطبقة العاملة والشعب الكادح، رغم انحداره من أصول ثرية، ولما تمتع به من حس نقدي وجرأة ثوريين وقدرة عالية على العمل النضالي الدؤوب والخلاق في ظروف السرية والعلن، وفي ظروف النضال السلمي أو المسلح. ويشكل فقد الرفيق البطل خسارة فادحة للحركة الشيوعية والعمالية العالمية والعربية التي طالما برز في النضال في صفوفها ضد الإمبريالية والرجعية والصهيونية، وأسهم في إثراء لقاءاتها العالمية والعربية وفي عطائها الفكري ونشر أفكار الاشتراكية العلمية. كما عرفته حركات التحرر الوطني العالمية والعربية نصيرا قويا لقضية الشعب العربي الفلسطيني من أجل حقوقه المشروعة في العودة وإقامة دولته الوطنية المستقلة على أرضه، وفي نصرة القضايا العادلة للشعوب.

كما عرف البحرين وعرفته جيدا منذ الخمسينات إذ عايش ولمس أوضاعها عن قرب ولم يبخل بتقديم كل أشكال الدعم لنضال شعبنا الوطني التحرري خلال مختلف الفترات. وكان خير معين لنضال رفاقنا الذين عاشوا ظروف النفي في الخارج.

مرة أخرى، تقبلوا خالص تعازينا، معربين عن تضامننا الكفاحي معكم، راجين للعلاقات الرفاقية الحميمة التي ساهم في نسجها الرفيق الفقيد جورج البطل أن تزداد قوة ومتانة.

 

خليل يوسف

الأمين العام للمنبر التقدمي – البحرين

 

اقرأ المزيد