المنشور

محطات مضيئة من نضال حركتنا العمالية – 2

كان الهدف من تشكيل اتحاد العمل البحراني في خمسينيات القرن الماضي هو صون حقوق العمال، والسعي لإقرار تشكيل النقابات العمالية بشكل علني، وقد استجابت حكومة البحرين آنذاك للطلب، وشكّلت لجنة لصياغة مشروع قانون العمل في إبريل من عام 1955.
إلا إن هذا المشروع لم يصدر في حينه، وبقي عامين حبيس الأدراج والمداولات في أورقة المستعمر البريطاني، لتأخير صدوره، تعويلاً على توقف زخم الحركة العمالية، إلى أن صدر القانون عام 1957 الذي نصّ على حرية تشكيل النقابات العمالية، لكن السلطات حالت دون ذلك، حتى مع نهوض الحركة العمالية مجدداً في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، علماً بأن اتحاد العمل البحراني قد حلّ اختياريا في عام 1958 تحت ضغوط المستعمر البريطاني على مجمل الحركة الوطنية والعمالية آنذاك.
مع اشتداد المطالب العمالية في في سبعينيات القرن الماضي، وبالترافق مع الحياة النيابية الأولى ظهرت للعلن أربع نقابات عمالية عام 1974، هي نقابة العاملين في الكهرباء، نقابة العاملين في الصحة، نقابة العاملين في شركة “ألبا”، ونقابة العاملين في البناء والمهن الإنشائية.
وبعد حلّ البرلمان الأول في عام 1975 صدر قانون عمل جديد في عام 1976 خلا من النص على أحقية العمال في تشكيل النقابات، وتزامن ذلك مع سريان قانون أمن الدولة، للتنكيل بالقوى الوطنية والقيادات النقابية، واستمرّ هذا الوضع حتى عام 1988، حيث صدر أمر بتشكيل لجان عمالية للتخفيف من الانتقادات الداخلية والخارجية، وسمح بقيام اللجنة العامة لعمال البحرين عوضا عن الاتحادات العمالية، فيما استمر قمع الحركة الوطنية الذي بلغ ذروته في الهجمة الأمنية على مناضلي جبهة التحرير الوطني عام 1986.
وبعد تفاقم الأزمة السياسية في البلاد في التسعينيات، جاءت مرحلة الإنفراج السياسي مع طرح مشروع ميثاق العمل الوطني من قبل جلالة الملك في عام 2000 للتصويت، حيث حظي بدعم غالبية القوى الوطنية والشعبية، وعلى أثر ذلك صدر في عام 2002 المرسوم الملكي بالسماح لتشكيل النقابات العمالية في البحرين، لكن مع استثناء العاملين في القطاع الحكومي.
في عام 2002 صدر قانون العمل الحالي والذي يعدّ من اسوأ قوانين العمل التي صدرت في البحرين بحسب نشطاء العمل النقابي والقانونيين لأسباب عديدة، بينها إلغاء القانون لأولوية العمالة الوطنية في التوظيف، مما ساهم في تهميشها في القطاعين العام والخاص، وساعدت في ذلك خصخصة مرافق مهمة في القطاع العام، ما أدى إلى الزيادة الحادة في نسبة البطالة خصوصاً في صفوف خريجي الجامعات والتخصصات العلمية، مع إغراق البحرين بالعمالة الوافدة، مما اضطر الكثيرون من العاطلين لقبول العمل بعقود مؤقتة، بأجور متدنية، ودون أي ضمانات.

اقرأ المزيد

مرقد السلام

تتهادى في مشيتها بين القبور، تأنُّ من وجع الفراق وهي تتخطى الأشواك التي زرعتها المقبرة بقدميها المكسورتين واللتين مزقتهمها الحياة رغم صغر سنها، “تمردغ” بقدميها رمال المقبرة الملتهبة. تملأ نعليها رمال ممزوجة بالحصى. لا تكترث بتضاعف الألم من الأشواك والحصى الحادة في قدميها.
تسقط قبل الوصول إلى القبر المطلوب فيسيل الدم من فمها وتجرح يدها اليمنى، تحاول أن تبكي تلبية لنداء طفولتها، ولكن لا دموع تسقط ولا صوت يستطيع أن يصرخ من حنجرتها الصغيرة الملتهبة.
بخطوات صغيرة وكبيرة في سرّها تصل إلى القبر المطلوب، تتعثر وتسقط على وجهها المنكمش المليء بكدمات غيبت ملامح وجهها، رائحة الدم التي سالت من فمها غيبتها لصورٍ مرّت أمامها بلمح البصر، لعب، صراخ، حب، دماء، سكين، جري ومشنقة ! تستيقظ مذعورة بعد نوبة بكاء ينقذها بها أحدهم بإبريق من الماء البارد، تفيق تشهق بقوة وتدخل في نوبة بكاء حادة.
صور الدم والصراخ المخيف الممزوج بالحب والبراءة تجعلها تحتضر لتجد نفسها في ذلك البستان الأخضر الذي صنع بصمة جميلة في قريتها الصغيرة هناك بعيداً عن ضجيج البشر وبعيداً أيضا عن المناظر الصناعية التي صنعها الإنسان ليمتد بظلاله إلى آخر القرية. أستغل الأطفال لعبهم في هذه البقعة الجميلة حيث لا شمس حارقة ولا ضجيج يعكر صفوهم. ضحكاتهم البريئة ضاعفت جمال المكان.غنائهم وموسيقى تغريد العصافير جعلت الأشجار ترقص رغم بشاعة ما حولها من حياة مختلفة. الفتيان والفتيات حيث الحب والنقاء والبراءة فقط، انهمكوا في اللعب بتعدد اجناسهم وألوانهم يلعبون بحب بعيداً عن تهكمات المجتمع دون الاكتراث بما يضجّ به المجتمع من عنصرية الجنس واللون، وقبح العادات والتقاليد التي تقتل الجمال، بل كانت الضحكات ممزوجة بالأبيض والأسود والطفل والطفلة.
اخدتهم لعبة (السكونة) التي رسموها على التراب الأحمر إلى عالم مختلف عما حولهم، عالم مليء بالحب فقط، كانوا يلعبون بأرواحهم ورغم تساقطهم على بعضهم أحيانا، إلا أن أرواحهم الملائكية تنسيهم آلام السقوط والجروح فور سقوطهم .
فجأة علا صراخ هزّ قلوب الأطفال وعكّر جوهم المرح، وحتى الأشجار نكست رؤوسها من خجل قطع فرحة الأطفال، غاب تغريد العصافير وحلّ مكانه فقط صوت القلوب المهتزة الذي أظلم المكان.
لم يخطر في أذهان الأطفال أن حوادثهم العفوية في اللعب كفيلة بأن تقتل فرحتهم بل وأن تمزق قلوبهم وأرواحهم. ولكن حين تغيب الرحمة عن قلب الإنسان تظلم روحه فلا تهمس نفسه إلا بعفن الحياة. فلا رحمة من إنسان هيمنت على مسامعه أصوات شياطين المجتمع وهو يرى طفل الخامسة قد سقط سهوا على طفلة السابعة “العفة، الشرف، السمعة، شرف العائلة، الفسق والفجور. “لا تفسد الفتاة إلا من جذورها”. كل هذه الكلمات رنّت في اذنه ليعمي الغضب بصيرته، وهو يصرخ كالشيطان في أوجه الأطفال الذين تعالت أصواتهم خوفا من الدماء التي طالت ملابسهم البيضاء، وحتى أصوات العظام التي كسرت لتبقي على مسامعهم طوال أعمارهم حكاية فاجعة سيعيشون تفاصيلها .
“الرحمة تبقي القلب نابضا”. غياب جسدها تدريجيا عن الوعي لم يمنع قلبها أن يخفق خوفا على والدها الذي لوثت لحيته الكثيفة دماءها النقية وهي تراه معلقا بالحبل السميك على شجرة الزيتون “سيخنقك الحبل يا أبي”.
تفتح عيناها، الظلام يسيطر على المكان، تزيح الرمال من على جسدها النحيل، تخرج من مرقدها المظلم، تمشي سريعاً، تتعثر بمشيتها، تمزق قدميها الأشواك، تسقط على القبر. تغيب في نوبة بكاء حادة، يوقظها الماء البارد، تمسح دمعتها البريئة: “هل ما زال الحبل يخنقك يا أبي ؟.”. لا إجابة إلا صوت أنين نابع من القبر، تمسح دمعتها وتغادر إلى قبر سلامها المظلم.

اقرأ المزيد

ضاع منه ظله ولم يجده

كان يُشاهد يوميًا منذ سنوات طويلة، وهو يجلس على الدوّار المقابل لمسجد البلوش بفريق العوضية. وحيدًا يُدخّن سيجارة وراء سيجارة. متوترًا على الدوام كما كان يبدو من حركاته. يجلس ساعة أو ساعتين وفجأةً ينهض متوجّها بخطوات سريعة إلى منزله القريب، دون أن يلتفت أو ينظر إلى أحد. كان هذا دأبه كل يوم كأنه بجلسته على ذلك الدوّار يفرغ بعضًا مما بداخله من عواصف، ربما براكين لا يعلم بها أحد غيره. كان الجميع يتساءل عن سر هذا الرجل، وظنَّ البعض أنه إنسانٌ فقد عقله.

وحيدًا كان. حزينًا حتى الفجيعة. كأنه خرج من الدنيا وهو ما زال فيها. يقولون إنه عشق إمرأةً غير عربية من دولة مجاورة وقرر أن يجلبها معه الى البلاد في بانوش (سفينة شراعية صغيرة)، وعندما وصلا إلى الفرضة (الميناء) لم يُسمح لها بالنزول لأسباب غير معروفة، فعاد معها إلى بلادها، وهناك قبضوا عليه وأودعوه السجن ولا أحد يعرف السبب الحقيقي، يقول البعض إنها أسباب سياسية.

شاهده أحد المواطنين في السجن مصادفةً عندما قبضوا عليه أيضًا، لكن حسن ابتسم له ولم ينطق بحرف على الرغم بأنهما يعرفان بعضهما جيدًا من قبل. قال زملاؤه في السجن المذكور إنه مُضرب عن الكلام، ولكن يبدو أن تفسيرهم لصمته لم يكن دقيقَاً، بل الحقيقة أن حالته المزرية كانت بسبب جلسات التعذيب الوحشية التي تعرّض لها في ذاك البلد الغريب كما قال البعض.

يصف أحدهم كيف تعرّف على تلك المرأة فيقول بأن حسن كان جالسًا يومًا في المقهى وحده في تلك البلاد الغريبة. جاءت أمرأة فائقة الجمال، مفرطة الأنوثة، شعرها بني غامق ينسدل على كتفيها مثل نهرين، ترتدي نظارة سوداء فاخرة. جلست المرأة على الطاولة المواجهة له بالضبط. لم يلحظها حسن أو ربما كان سارحًا، غارقًا في أمور أخرى تشغله أكثر. فهو إنسان جاد وقليل الإبتسامة. وضعت المرأة سيجارة في فمها وأشرّت عليه لكي يشعلها لها، لم يهتم ولم يتحرك من طاولته بل أدار رأسه إلى الجهة الأخرى. بعد قليل أقبلت عليه وطلبت منه أن يشعل لها السيجارة، فأعطاها الولاعة ولم يكلف نفسه عناء إشعال سيجارتها. شكرته وعادت إلى طاولتها، وبعد قليل شاهدته يشعل سيجارته فتوجّهت إليه وطلبت ولاعته.

– أنا متأسفة سيدي أزعجتك.
– لا أبدًا، لو كانت معي ولاعة إضافية لما ترددت في اعطائها لك.
– يبدو أنك لست من هنا كما يبدو من لهجتك.
– نعم أنا من بلد عربي.

عند مغادرتها طاولته، اصطدمت بزاوية الطاولة فانسكبت القهوة على ملابس حسن وتلطخ قميصه الأبيض وبنطاله. وقفت واضعة كفيها على خديها معربة عن أسفها الشديد. طلبت منه أن ينتظر لحظات. هرعت تلك السيدة إلى البوتيك المجاور للمقهى واشترت له قميصًا أبيض. دخل حسن إلى حمّام المقهى فيما جلست هي على طاولته. خرج بعد قليل مرتديا القميص الجديد وكان بمقاسه تمامًا. شكرها فيما هي كررت أسفها وندمها على ما حدث.

– بكم اشتريتِ القميص سيدتي؟
– لا.يهم سيدي أنا الذي لطخت قميصك ومن واجبي اصلاح ما حدث.
– لا..لا أنا لا أقبل ..أرجوك أخبريني بالثمن.
– انتهينا يا …….؟
– حسن.
– أنا ليلى.

من هنا يبدو أن العلاقة بينهما قد بدأت. أو بهذه الطريقة تعرفت عليه تلك المرأة بخطة ذكية ومتقنة. ربما هذا من وحي خيال الراوي أو ربما هي الحقيقة. لا أحد يعلم.

تقول الحكاية أيضًا إن المرأة التي عشقها وحاول إدخالها إلى البلاد كانت مدسوسة عليه من السلطات الأمنية في بلادها لتراقبه مع رفاقه. حكاية أخرى تقول إنه توجّه إلى ذلك البلد في الأصل للبحث عن أحد الرفاق المفقودين الذي انقطعت أخباره منذ فترة في تلك البلاد الغريبة.

حكاية غامضة نسبيًا، وربما كل ما قِيل صحيحًا أو بعضه صحيح، لا أحد يجزم أو ينفي فجميع الشهود رحلوا، ومضى حسن دافنًا السر معه تحت التراب إلى الأبد. لكن صورته وحركاته لا تفارق مخيلة أصحاب ذلك الحي على الرغم من مرور سنوات طويلة على الحدث.

الحكاية كلها مزروعة فينا، ترتعش في داخلنا، كالغربة تمامًا حين نعيشها، عاد حسن إلى الوطن، لكن بقي ظله مفقودًا في بلاد غريبة، ويقال أيضا إن ظله أيضا اسمه حسن، فهل نضيع حين نضيع مهما كانت طريقة الضياع، لا يهم!!

اقرأ المزيد

تقرير ديوان الرقابة، منهجية ناقصة

تشير ديباجة تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية للسنة المهنية 2019-2020 إلى أنه اتبع منهجية جديدة في صياغة التقرير، إذ تمّ الاكتفاء بإيراد الملاحظات الرقابية والتوصيات المقررة بشأنها من دون الاسترسال بعرض ردود الجهات على الملاحظات وما يلحقها من تعقيب للديوان على تلك الردود، غير أن هذا التقرير يعدّ أضعف التقارير بالمقارنة مع تلك التقارير التي صدرت في الأعوام الماضية، فجاءت هذه المنهجية قاصرة ناقصة في الرقابة المالية على أموال الدولة وأموال الجهات التابعة لها والمنصوص عليها في قانون الديوان رقم (16) لسنة 2002، ويتمثل أبرز الأمثلة على هذا القصور في الآتي:

أولاً: أموال وإدارة التأمين الاجتماعي:
على الرغم من الأهمية الكبيرة التي يوليها المواطنون خصوصا الغالبية العظمي من المتقاعدين لأموال التأمين الاجتماعي، فإن تقرير ديوان الرقابة فيما وضعه من منهجية جديدة يتجاهل الرقابة الإدارية والمالية على أوضاع صناديق التأمين الاجتماعي للسنة المهنية 2019-2020.
إذ كان على هذا التقرير، خاصة في ظل التعديلات القانونية الجديدة التي نصت عليها أن يشتمل، كما هو الحال في تقارير الديوان السابقة، على بيان للعجز الالكتواري لصناديق التقاعد وأسباب هذا العجز، وما كان يشوب الإدارة من سوء وفساد خاصة في كيفية استثمار أموال المتقاعدين كسبب رئيس للعجز.

وكان عليه على سبيل المثال أن يحدد الأسباب التي أدت إلى تصفية أملاك الذراع العقاري للتأمين الاجتماعي وتحويل اختصاصاتها إلى أصول، ونتائج هذه التصفية، حتي يعرف المتقاعدون كيف استثمرت أموالهم، وما هي الحلول التي وضعت ونفذت للتجاوزات التي أشارت إليها التقارير السابقة بشان التأمين الاجتماعي، أبرزها على سبيل المثال لا الحصر تقرير (2016-2017 ) الذي أكدّ على وجود (تدنٍ في نسبة العوائد المالية للعقارات المملوكة للهيئة العامة للتأمين الاجتماعي الذي يعود الى عدم قيام شركة أملاك – وهي الجهة المكلفة بإدارة عقارات هيئة التأمينات – باستغلال 19 أرضًا تبلغ قيمتها السوقية 289 مليون دينار على الرغم من مضي 3 سنوات على بدء نشاط الشركة مع الهيئة).

ثانياً: المال العام للأراضي المغمورة في البحر:
على الرغم أن الأراضي المغمورة في البحر هي من الثروات الطبيعية وتعدّ من الأموال العامة ملك الدولة، وأن الدستور ينص على أن للأموال العامة حرمة، وحمايتها واجب على كل مواطن، وعلى الرغم من صدور المخطط الهيكلي الاستراتيجي بموجب المرسوم رقم (36) لسنة 2016 الذي يتعلق بالتخطيط في زيادة مساحة مملكة البحرين إنشاء مجموعةً من الجزر الاصطناعية الجديدة بدفان الأراضي المغمورة في البحر، أضحت في معظمها ملكية خاصة للاستثمار تتعلق بمال عام ملك الدولة، يتعين الرقابة عليه، إلا إن تقرير ديوان الرقابة لا يشير في رقابته على هذه الأموال، لا من بعيد أو قريب، وكان عليه أن يتناول في تقريره قيمة هذه الأراضي المغمورة قبل دفنها وبعده عند استثمارها، وأن يجيب على سؤال هام هو: لماذا لم يكن للميزانيات العامة للدولة المتعاقبة نصيب من قيمة هذه الاراضي، أومن قيمة استثماراتها ؟

ثالثاً: الرقابة على الدين العام:

جاء في تقرير الرقابة في الملاحظات المتعلقة بالرقابة المالية بالدين العام قيام بعض الوزارات والجهات الحكومية بالاقتراض المباشر من المصارف المحلية والصناديق الخارجية من دون أن يتم إدراج ديونها ضمن رصيد الدين العام. وقد بلغت القروض المستحقة على تلك الجهات والتي لم تدرج ضمن رصيد الدين العام لعام 2019 حوالي 1.8 مليار دينار، وقد تكرر هذا في تقريره السابق لعام ( 2018 ، 2019 ) دون يتأخذ ديوان الرقابة أي خطوات عملية لوقف هذا التصرف ومحاسبة الجهات الحكومية التي تقوم بهذا الاقتراض، ولا ينال من ضرورة هذه المحاسبة رد وزارة المالية والاقتصاد الوطني بهذا الشأن بأن تلك القروض هي (خاصة بالجهات الحكومية ذات الميزانية المستقلة والتي تقوم بالاقتراض استنادًا إلى حكم الفقرة (ب) من المادة (108) من دستور المملكة والتي تنص على أنه “يجوز للهيئات المحلية من بلديات أو مؤسسات عامة أن تقرض أو تقترض أو تكفل قرضاً وفقاً للقوانين الخاصة بها”. وأنه لا يتم سداد هذه الديون من الميزانية العامة للدولة، ولا تكفل أو تضمن حكومة مملكة البحرين هذه القروض، فمن ثم لا تدرج تلك القروض من الناحيتين ضمن رصيد الدين العام لحكومة المملكة ).

ذلك أن حكم الفقرة (ب) من المادة الدستورية المشار إليها في ردّ وزارة المالية لا تحول ولا تمنع على الإطلاق من رقابة ديوان الرقابة على ما تقوم تلك الجهات الحكومية ذات الميزانية المستقلة من اقتراض وفقاً للقوانين الخاصة بها من حيث مدى جدوى وضرورة هذا الاقتراض، ولا يمنع أيضاً من الرقابة على ميزانيتها المستقلة، ولا يحول النص الدستوري المذكور من إدراج هذه القروض ضمن رصيد الدين العام في الميزانية العامة للدولة بل هناك في الدستور من الاحكام التي تعزز وتؤكد صحة ما ذهبنا إليه نحددها فيما يلي:

1- إن الجهات الحكومية ذات الميزانية المستقلة، وإن كانت مستقلة في ميزانيتها، فهذا الاستقلال يتعين أن يكون في ظل توجيه الدولة ورقابتها، وإن على الدولة أن توجه هذه الجهات بما يتفق والسياسة العامة للدولة ومصلحة المواطنين .وذلك عملاً بنص المادة (50) من الدستور التي نصت على أنه (أ- ينظم القانون المؤسسات العامة وهيئات الإدارة البلدية بما يكفل لها الاستقلال في ظل توجيه الدولة ورقابتها، وبما يكفل لهيئات الإدارة البلدية إدارة المرافق ذات الطابع المحلي التي تدخل في نطاقها والرقابة عليها . ب- توجه الدولة المؤسسات ذات النفع العام بما يتفق والسياسة العامة للدولة ومصلحة المواطنين).

2- إن الميزانيات العامة المستقلة والملحقة وبحساباتها الختامية، تسري في شأنها الأحكام الخاصة بميزانية الدولة وحسابها الختامي، طبقا لنص المادة ( 114 ) من الدستور التي نصت على أنه (يضع القانون الأحكام الخاصة بالميزانيات العامة المستقلة والملحقة وبحساباتها الختامية، وتسري في شأنها الأحكام الخاصة بميزانية الدولة وحسابها الختامي. كما يضع أحكام الميزانيات والحسابات الختامية الخاصة بالبلديات وبالمؤسسات العامة المحلية) .

خامساً: قصور في تطبيق القانون:

إن سكوت التقرير الجديد عن الرقابة المالية والإدارية عن ما أشرنا إليه وغيره من حالات أخرى تتعلق بالمال العام للدولة وغيرها من الجهات التابعة لها، يتعارض مع الاختصاصات التي نصّ عليها قانون ديوان الرقابة رقم (16) لسنة 2002 على أن مهمته هي الرقابة المالية على أموال الدولة وأموال الجهات المنصوص عليها في المادة (4) من هذا القانون، ويتحقق بوجه خاص من سلامة ومشروعية استخدام هذه الأموال وحسن إدارتها، وذلك على الوجه المنصوص عليه فيه.

ولا يكفى أن يكشف الديوان في تقريره عن بعض التجاوزات المالية والإدارية للجهات التي تقع تحت رقابته، بل لابد أن يبين في تقريره أوجه الفساد في هذه التجاوزات لكل الجهات التي تقع تحت رقابته، وأن يحدد بوضوح وشفافية في تقريره فيما إذا كانت هناك أدلة جدية على وجود جريمة جنائية من عدمه في المخالفات التي وردت في التقرير حسب نص المادة (11) من قانون الديوان، بتحريك الدعوى الجنائية وتحديد المسؤول عنها جنائيا بإحالته إلى الجهة المختصة إذا ما توافرت لديه أدلة جدية على ذلك.

اقرأ المزيد

المعلقات والمهجورات ومظاهر العنف ضد المرأة

الزواج علاقة مقدّسة وتنمّ عن أوثق العلاقات الإنسانيّة الّتي تجمع شخصين، وعنوان هذه العلاقة المودّة والرحمة التي تؤسس البنيان المتين لهذا الزواج، وبالتّفاهم والمحبّة يستطيع الزوجان حماية علاقتهما بكل وعي ومسؤولية، بعيداً عن الخلافات الّتي تصل بالعلاقة الزوجيّة إلى مزالق خطيرة تهدد أمن الأسرة واستقراره.
إن هجر الأزواج للزوجات مأساة تعانيها النساء في العديد من المجتمعات العربية، وهي ظاهرة من مظاهر العنف ضد المرأة، وحين يتعنت الزوج ولا يطبق قاعدة إمساك بالمعروف أو التسريح بإحسان تظهر إلى الوجود شريحة من النساء يسمون «بالمعلقات»، وهن اللواتي هجرهن أزواجهن ورفضوا إنهاء العلاقة الزوجية بالطلاق، فهي لا مُتزوجة ولا مُطلقة، وقد تتعرض بشكل يومي لأذى الزوج وسوء معاملته وعنفه، وتزداد نسبة المعلقات يوماً بعد يوم، ويعدّ ملف المهجورات والمعلقات، ملفاً شائكاً ومعقداً، وقد حان الوقت لمراجعة القوانين والأحكام وإعادة صياغتها من جديد لإنهاء معاناة الكثير من النساء.

إن الزواج شراكة بين الرجل والمرأة، والزواج والطلاق يتصلان ببعضهما اتصالاً وثيقاً، وهما قضيتان ضروريتان اجتماعياً. وكما هو معروف فإن الزواج ينعقد باتفاق إرادتي الرجل والمرأة معاً، ولكن في حال عدم توافق الشريكين وفشل العلاقة الزوجية، فكل القوانين العربية تعطي الزوج حق إيقاع الطلاق بإرادة منفردة ولا رأي فيه للزوجة ولا تملك منعه، وهو حق خالص للزوج، إذ تعمل القوانين العربية بالقاعدة الغالبة وهي أن الأصل في الطلاق أن يكون بيد الرجل.

وأمام هذا الوضع يغلب طابع اللامساواة بين الجنسين في حق طلب الطلاق، والذي يعتبر شكلاً من أشكال العنف القانوني الذي يمارس ضد المرأة، عدا القانون التونسي الذي جعل الطلاق أمام المحكمة وحقاً لكلا الطرفين وبالتساوي.
في البحرين هناك العديد من النساء المعلقات اللاتي ينتظرن إنهاء معاناتهن لسنوات بسبب طول مدد التقاضي في المحاكم وخاصة في المحاكم الشرعية الجعفرية، والتي تتزاحم فيها مئات القضايا لنساء ينتظرن الخلاص من زواج فاشل والحصول على الطلاق أو الخُلع أو حضانة أو نفقة دون جدوى، وذلك لصعوبة ذلك.

وعلى الرغم من وجود قانون الأسرة الموحد والذي بدأ العمل به في عام 2017، ووجود نصوص صريحة لا تؤيد التعليق “فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ”، فإنه عند تعرض المرأة لأي ضرر لا تجد ملجأ إلا بحلين إما رضاءً أو قضاءً.

وإنهاء العلاقة بالتراضي قليلاً ما تكون بالقضاء وذلك بسبب تعنت الرجل وعدم موافقته على ذلك، وعند لجوء المرأة للقضاء لطلب التطليق نجد أن بعض القضاة يتعسف ويتشدد في السلطة التقديرية بسبب عدم وجود البينة، فتذهب إلى خيار الخُلع. وقانون الأسرة البحريني يجيز للمرأة أن تلجأ للقضاء لتطليقها وإنهاء عقد الزواج وذلك بدفع مقابل مادي للزوج (الخُلع). وفي الفقه الجعفري يعلق قبول دعوى الطلاق على موافقة ورضا الزوج وتصبح المرأة معلقة إذا رفض الزوج تطليقها.
وهنا تكمن المشكلة، حين يكون الرجل مصدر قوة ويطالب بأضعاف المهر المقدّم للزوجة لإنهاء الزواج، والقانون يعطيه الموافقة على ذلك، وتكون المرأة تحت رحمة الزوج وتصبح معلقة ويذهب لحياته إذا لم تدفع له المبلغ المطلوب. ومازالت هناك الكثير من القضايا المعلقة في المحاكم الشرعية لحالات من النساء اللاتي لا يستطعن التقدم بالخُلع لظروفهن المادية وينتظرن النطق من جانب الزوج.

وبحسب بعض المتضررات، تعاني النساء في المحاكم الشرعية بسب الإطالة والتي قد تصل إلى خمس سنوات أو أكثر للحصول على الطلاق، كما أن بعض القضاة لا يطبقون القانون ولا الشرع ولا ينصفون المرأة. بالإضافة إلى أن المدة بين كل جلسة وأخرى تستغرق شهراً أو أكثر، ويحتاج الأمر لسنوات طويلة لإنهاء الطلاق، بما في ذلك من إذلال وإهانة لكرامة المرأة. ولكم أن تتخيلوا أن الحصول على الطلاق أصبح لبعض النساء فرحة خاصة إذا كانت تعاني من زوج لا يرحم ومحاكم لا تنصفها.

المرأة المعلقة أو المهجورة تعتبر فئة معطلة في المجتمع، ففي الوقت الذي يحتاج لها المجتمع للمشاركة في عملية التنمية والاستفادة من طاقاتها وعلمها، وحاجتها للعمل لإعالة نفسها وأولادها وتربية أطفالها ورعايتهم، نجدها تقضي سنين عمرها بين أروقة المحاكم بحثاً عن الخلاص وإنهاء الزواج، أو قد تستدين لتدفع للزوج ثمن حريتها، ناهيك عن الحالة النفسية التي تمرّ فيها بسبب كل هذه الظروف.

أسئلة عديدة تتبادر إلى أذهاننا، لماذا لا يحق للمرأة اللجوء أو اختيار المحكمة التي ترتأيها – المحكمة الشرعية السنية أو الجعفرية – لتسيير أمورها دون مماطلة؟ لماذا يتم تصنيف المواطنين حسب مذاهبهم في المحاكم؟ لماذا لا يتم التعامل مع المرأة على أساس أنها مواطنة لها حقوق وعليها واجبات مثل الرجل؟ لماذا يصبح الطلاق خاضعاً لمزاج القاضي الذي لا يطبيق القانون ويتحيز للرجل؟ أين القانون من مساومة الزوج على قيمة مبلغ الخُلع والذي يصل في أحيان كثيرة لآلاف الدنانير لموافقته على الطلاق؟ هل هناك ثغرات قانونية يستغلها البعض لصالحه؟ وغير ذلك من الأسئلة التي لا تجد المرأة لها إجابات شافية.

باتت الحاجة ملحة لتعديل قانون الأسرة ليواكب العصر وينصف المرأة، وتوجيه الدعوة للفقهاء إلى إعادة النظر في القانون مستندين على “لا ضرر ولا ضرار”، كما على القضاة المتنورين أن تكون لهم بصمتهم وحضورهم والضغط لتعديل القانون رأفة بالنساء، ويجب العمل على رصد الحالات المعلقة في المحاكم لتسليط الضوء عليها وإيجاد حل سريع لهذه الفئة. إضافة إلى ذلك من المهم توعية القضاة بالقانون وكيفية التعامل مع الحالات التي ترد لهم حفاظاً على كرامة المرأة وسلامتها.

اقرأ المزيد

المعرفة، الخوف، والحب!

قد يجد كل قارئ في أحيانٍ ما أحدهم يقول له: (اشغل نفسك بما هو أنفع). ويُقصد بالعمل النافع في فكرنا السائد الذي نمَّطته منظومة الإنتاج الرأسمالية: “كل عمل يجلب لك منفعة مادية”. كنت ممسكاً بكتابي ومر علي أحد الزملاء فسألني: ما الذي يدفعك نحو القراءة؟ أو لماذا تحب القراءة؟ فأجبته: لتحقيق كينونتي كإنسان.
يحكى أن عبدالله بن عباس سمع أحدهم يتلو: “وما خلقنا الجن والإنس إلا ليعبدون. فقال: لا والله، بل ليعرفون”. العبادة لا تتحقق من دون المعرفة أولاً، ولتعدد المعارف تتعدد طرق العبادة. كذلك سائر تداعيات الفعل الإنساني: الحب، الثورة، الولاء، العمل. لا يمكن لهذه الأفعال والمشاعر أن تسبق المعرفة، وإلا ستكون عبثاً. إنك لا يمكن أن تحقق كينونتك الإنسانية التي مُيِّزَتْ بالعقل من غير استخدامه لمعرفة الأشياء، واكتشاف حقائق العالم. والعقل مثل سائر أعضاء البدن إذا لم تستخدمه أصيب بالضعف، وسيستخدمه غيرك لتصييرك تبعا له. لا ينتقل الإنسان من المرحلة البهيمية إلى المرحلة الإنسانية من غير المعرفة. فصفة إنسان تبقى صفة اسمية لا تتعلق بكينونته.
في إحدى تفاسير قصة الخلق المتعارف عليها في الديانات السامية، يحكى أن الفاكهة المحرمة التي قطفها آدم كانت فاكهة المعرفة الكلية للأشياء، وأن تلك المعرفة لا يجب أن يشارك فيها أحد الرب، وبهذا حُكم على آدم وبنيه بالنزول من الحياة الباقية إلى الحياة الفانية ليعمل ويكد ويشقى، وحُكم عليه بأن يجهل أبدا ويخاف أبداً. فنجد أنه كلما حاول أن يعرف ويقوده فضوله نحو الشجرة تتم إخافته من قبل السلطة التي لا تريده أن يعرف، إما بالخوف من الله وغضبه، أو الخوف من العذاب الدنيوي -السلطة الدنيوية-. دائما ما كانت صورة الرب المخيف، قرينة بتفسير السلطات، سواء من كانوا يتولون سلطة دينية على الناس أو سُلطة دنيوية، وفي أسوأ الأحوال إذا اجتمعت السلطتين معاً عليهم؛ كما حدث في أوربا القرون الوسطى وغراراتها في تاريخ البشرية. فكان الخوف يستخدم كعدو للمعرفة رغبة في تصيير الإنسان شيئا بهيمياً، يتبع ولا يسأل، ويطيع بتسليم تام.
هناك حكاية رمزية تقول بأن حريقا أصاب إحدى الغابات، فتدافعت الحيوانات للنجاة بنفسها، إلا أن القدر شاء أن تموت الصيصان لأن الحريق كان أسرع من قدرتها على الركض، فلم يبقَ منها سوى ذكر وأنثى. لم تجد الأم تفسيرا للحريق الذي حدث، فأخبرت أبناءها الجدد أن الراعي كان غاضباً من أسلافهم لأنهم لم يكبروا بسرعة ليستخدمهم له. وعندما كبرت مجموعة وصارت دجاجات تسلطت على اخوتها تخيفهم من نوائب الدهر وشر الراعي، ولتتقي ذلك وتحفظ حياة الصيصان أمرت بتقديم قرابين من أملاكهم، وأحيانا من الصيصان أنفسهم. إلا أن الصيصان الفقيرة والمستضعفة قررت أن تثور، مرة على شكل نكران جذري لفكرة الراعي الذي استخدمته السلطات كوسيلة تجهيل وإخضاع، ومرة على شكل تغيير صورة الراعي من الغاضب المخيف إلى المحب والصديق.
إن الخوف لا يجتمع مع الحب أبداً. هكذا كانت مثلا ثورة التصوف على الأكليروس الديني. فلا يمكن أن تحب حتى والدك إذا كنت تخاف منه، سيكون خوفك منه هو الدافع وراء طاعته. هناك اتفاق في تاريخ الفلسفة على أن الأمر الأخلاقي الذي يقول لك: “افعل كذا ولا تفعل كذا” ينبع من داخل ذاتك بالذات، سواء من الفطرة حسب روسو، أو الضمير حسب دوركهايم، أو من العقل كما يؤكد كانط. فحسب توضيح كانط: الأمر الأخلاقي لا تبرره أي غاية أخرى (فهو يجب لأنه يجب. نقطة على السطر). فإذا كنتُ لا أسرق بمبرر أن المبلغ ليس مغريا، أو خوفاً من السجن، أو خوفاً من عقاب الله، فالامتثال هنا ليس أخلاقياً، لأنه لا يصدر عن العقل بل نتيجة انفعالات كـ: الخوف، الطمع، العجز، وغيرها. حين يقول كانط “استخدم عقلك” ذاك لأن العقل معطل فهو يحتاج إلى التهديد والوعيد والترغيب وإثارة الشهوة لكي يطيع، فهو لا يطيع حُباً إنما يطيع خوفا ورغبة.
إن ذلك منتشر في نمط تربيتنا للطفل الصغير: “إذا فعلت هذا الفعل الحسن سنشتري لك هدية، إذا فعلت هذا الفعل القبيح لن تذهب إلى الحديقة”. لكنه ما إن يبلغ النضج العقلي تجده يفعل أفعالا حسنة لأنه يراها حسنة في تقييمه الذاتي لها، ويترك الأفعال القبيحة حين يستنتج ذاتياً أنها قبيحة. ولا يعني هذا ان هناك سِناً محدداً للنضج، بل قد يحين الإنسان أجلُهُ وتبقى أفعاله مرتبطة بمتعلقات الرغبة والخوف.
تنبهتْ لذلك رابعة العدوية حين قالت: “أحبك لا أحبك للثوابِ ولكني أحبك للعقابِ / وكل مآربي قد نلتَ منها سوى ملذوذ وجدي بالعذابِ” إنها وصلت للمحبة الإلهية فاستوى عندها الثواب والعقاب، بل هي لا تكترث له وتفضل العقاب على الثواب إذا ما بدر من المحبوب، لأن كل ما هو منه جميل. وكان أبو يزيد البسطامي يقول: “جاءني سيل عشقه فأحرَقَ الماء دوني، فبقي الواحد حين لم يزل أحد”. أي أنه لم يعد يخاف النار ولم يراها محرقة، ولم يعد يرى أي أحد او يهاب شيئاً لأن الله حباه عِشقَه فبقي هو وحده أمام ناظريه. فكان يقول ابن خضرويه: “رأيت رب العزة في منامي فقال لي: يا أحمد، كل الناس يطلبون مني، إلا أبا يزيد فإنه يطلبني”. ولم يستسغ ملا صدرا فكرة العقاب الأبدي للإنسان نتيجة أفعال اقترفها في حياة مؤقته، فذلك لا يصدر من رب عادل رحيم. لكن آيات النار لا يمكن الإفلات من صراحتها في القرآن، خصوصا من رجل مثل ملا صدرا، فأخذ يفسر العقاب بكونه مؤقتاً ثم يصبح أهل النار من جنس النار فيكون نعيمهم بها وعذابهم في الخروج منها. وكما تقول إليف شافاك: إن الإنسان يرى الله على صورته، فإذا امتلأ القلب رحمة وشفقة على الناس رأى الله أشفق منه عليهم، وإذا امتلأ قلبه قسوة رأه جباراً عتيدا. أو كما اختصر الجنيد البغدادي الفكرة بقوله: “لون الماء لون إنائه”.
ما نستنتجه إذاً أن السعادة تتحقق أولاً في الإنسان من خلال استقلاله الفكري والمعرفي فلا يكون تابعاً لأحد، وأن يتحرر ثانياً من الخوف، وأن يملأ ذاته ثالثاً بالحب والرحمة اتجاه النفس والخلق.

اقرأ المزيد

الغرب والإسلاموفوبيا

الإسلاموفوبيا تشتد من جديد بعد جريمة قتل مسلم لأستاذ فرنسي أساء للنبي محمد(ص) وبعد التصريحات المهينة والمستفزة للمسلمين من قبل الرئيس الفرنسي ماكرون.

يقصد بالإسلاموفوبيا نزعة الكراهية للإسلام، والتخويف منه، انطلاقاً من تزييف حقائقه الكبرى وصورته الحضارية الأصيلة. وظاهرة الإسلاموفوبيا، هي ظاهرة غربية، عبرت عن موقف الغرب الأوروبي تجاه الشرق الإسلامي إبَّان سعيه الحثيث للهيمنة على الشرق ونهب ثرواته وتحويله إلى تابع للمركزية الحضارية الأوروبية. وعداء الغرب الاستعماري للشرق عامة، وللعرب خاصة يعود لزمن الإغريق والرومان في عداوتهم للفينيقيين في شمال إفريقيا وفي حربهم على تدمر الآرامية وملكتها زنوبيا. وقد اشتدَّ كره الغرب للعرب بعد قيام الدولة الإسلامية وهزيمة الرومان والصليبيين في معارك عديدة على يد المسلمين.

وفي واقعنا المعاصر، تحديداً بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وانهيار المنظومة الاشتراكية، عاد الغرب السياسي ليتخذ من الإسلام عدواً، أحلَّه محل الخطر الشيوعي، وليبني على ذلك وضع استراتيجيات توسعية خبيثة لا زالت نتائجها الكارثية على الدول العربية والإسلامية شاهدة للعيان.

تعمل الأورومركزية على تثبيت كذبة مفادها أن الغربيين سادة التاريخ ومصدر العلوم والمعرفة والفلسفة، وغيرهم من الأمم والشعوب لم ينتجوا إلا العنف والتوحش والتخلف، خصوصاً عند الحديث عن تاريخ العرب والمسلمين. كحقيقة تاريخية ساهمت مختلف الشعوب والأمم في صناعة الحضارة البشرية بنسب متفاوتة، وأن مسألة العنف والتوحش وجدت بصورة أو بأخرى في تاريخ كل الحضارات الكبيرة عبر مراحل التاريخ المختلفة، وليس فقط عند المسلمين كما يدعي الأوروبيون المعاصرون.

لا أقصد من الفقرات السابقة أن أنفي وجود التعصب الديني، وانتشار الجماعات التكفيرية والإرهابية التي تقتل باسم الله والدين في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، فمن الواضح وجود خلل كبير في فهم الدين الإسلامي عند الكثير من المؤسسات والجماعات الإسلامية التي تمثل النقيض لتعاليمهِ الداعية للوسطية والاعتدال. ومن المؤسف أن خطاب التكفير والعنف الذي تنشره مثل هذه الحركات كالقاعدة وداعش يلقى تجاوباً عند بعض الفئات، لا سيما الشباب منهم، والذي يصبح أكثر خطورة عندما ترتبط هذه الجماعات بالاستخبارات الدولية فتمدها بالمال والسلاح وتدمر بها البلدان والأوطان.

إن الرسومات المسيئة لنبي الإسلام محمد(ص) عمل مرفوض ومدان، ومن حق المسلمين التعبير عن غضبهم ورفضهم لها، ولكن من غير المبرر استخدام العنف والقتل تجاه من رسمها وقطع رأسهِ، أو الاعتداء على الفرنسيين انتقاما منهم على إساءة فرنسي لشخص الرسول (ص). ومن الملاحظ أن تكرار الإساءة للمسلمين ولنبيهم من قبل سياسيين ورجال دين ومثقفين أوروبيين يؤكد وجود إشكالية كبيرة في الخطاب الرسمي والديني للدول الأوروبية تجاه الإسلام والمسلمين.

تجدر الإشارة إلى أن أغلب الأشخاص المسلمين الذين يقومون بعمليات إرهابية من طعن بالسكاكين أو إطلاق الرصاص أو التفجير للضحايا المسالمين والأبرياء في أوروبا هم من القاطنين والمستقرين فيها. تشير العديد من الدراسات إلى أن الكثير من المسلمين في فرنسا وغيرها من دول أوروبا هم من العاطلين عن العمل ويعيشون في أحياء سكنية فقيرة، الأمر الذي يسهل على جماعات الخطاب التكفيري والإرهابي بالتأثير عليهم واحتوائهم . لذلك على إدارات الدول الأوروبية تحمل المسؤولية في الابتعاد عن التمييز العنصري والديني لقطع الطريق على أصحاب الأفكار المتعصبة والمتخلفة.

أيَّدَ بعض المسلمين العمل الشنيع الذي قام به الشاب المسلم ذو الأصول الشيشانية في قتل الأستاذ الفرنسي وقطع رأسه، حيث يرى هؤلاء بأن الإساءة للنبي محمد (ص) يجب أن تقابل بالإرهاب والقتل من أجل الردع القوي لمن تسول له نفسه في التطاول على خاتم الرسل محمد بن عبد الله. لكن هل بالعنف تتوقف الإساءات؟ أليس القتل والإرهاب يُسيء لصورة نبي الرحمة محمد ولصورة الإسلام والمسلمين؟ ما أوذي نبي كما أوذيَ محمد (ص)، غير أنه بالخلق الرفيع والكلمة الحسنة وبالمحبة والتسامح أسرّ قلوب الناس من مختلف الشعوب والأمم.

علينا كعرب ومسلمين أن نؤسس لخطاب إسلامي معاصر تكون بنيته رفيعة على مستوى اللغة والأفكار والأهداف والمقاصد والوسائل. فمن أهم أهداف هذا الخطاب أن يقدم صورة حقيقية ومشرقة للإسلام وأخلاقه وتعاليمه، وأن تقف بالمرصاد المؤسسة الرسمية (الدولة) والمؤسسة الدينية لأي خطاب يدعو للتعصب والكراهية والعنف. خطاب ديني يحافظ على وحدة الأمة ويرسخ قيم المحبة والتسامح والانفتاح على الآخر المختلف في دائرة الإسلام وخارجه.

اقرأ المزيد

الموال في الأصل.. نحيب أرملة

كان عليّ أن أحتفظ بدموعي..
أن أدعها ترأف بكسرة حناني
بدلاً من إنفاق حزني
على الروايات الكئيبة
والمواويل المجرّحة..
كان عليّ أن أدرك سلفاً
أن لا أحد..
للقلب الدامي تحت القميص المعطر
لا أحد..
للصفحة المكرمشة تحت غلافها الجلدي؟
لا أحد..
للظل المنتحب تحت شجرته المقطوعة
ربما كان عليّ ‏
أن أعيش حياتي كلها
غارقة بالموسيقى وحدها
كأرجوحة تحت مطر ناعم
بعيدة عن كل شيء
أدور في نشوة بالغة
مثل عاصفة
تخترق الأشياء دون أن يمسها أحد..

****

لا تتحدث عن الليل
وفي فمك..
لم تجف بقايا الحلم القتيل
لم يهرب سرداقك الوحيد من الظلام
لن يمحو حمام الأسى درن القنوط
لن يتماهى بالحنين
كنفخة خالصة من موتٍ رحيم..

لا تتحدث عن الخوف
لم تصحو فزعاً
لتلمس موضع قلبك..
تخدشه أظافر القلق
يقلب بكفيه زئبق السكينة
وهو ينساب من روحك..

لا تتحدث عن الألم
الحبّ المُتعب في محطات الانتظار
لن تشفيه تلويحتك البعيدة
لن يغتسل بالكافور والندم..

****

الفقدان فكرة مرعبة
تخيّل..
أنت تخاف من أن يكسرك القلب الذي تخاف عليه من الكسر

****

قميصك يطرزه لون الحرب
الـ مزقت الكم الأيمن
ماثلٌ أمامي في صمتٍ مهيب..
أنظر إليه مبتوراً
فألمس ذراعك
وأنظر إلى الكم الأيسر
فتتلاشى ذراعي

****

الموال في الأصل نحيب أرملة؛
أكله الهواء وتَموَج صداه في حانة شعبية

****

بلى..‏أحب ثورة الريح
وهي تعانق جذع شجرة وحيدة
لم يأبه لصبر حفيفها أحد..

اقرأ المزيد

المديونية وتقرير ديوان الرقابة المالية

كشف تقرير ديوان الرقابة المالية أن رصيد الدين العام للدولة قد بلغ كما في 31 ديسمبر 2019 حوالي 13.6 مليار دينار، فيما بقيت فوائد القروض المدفوعة على نفس المستوى مقارنة بعام 2018 إذ بلغ اجمالي فوائد القروض المدفوعة في عام 2019 حوالي 644 مليون دينار، وقد بلغت نسبة رصيد الدين العام من الناتج المحلي 101.2% لعام 2019، وبلغت نسبة فوائد القروض المدفوعة في عام 2019 من اجمالي إيرادات الدولة حوالي 22%..
وكما هو معروف فإنه ومنذ عام 2014 عندما تدهورت أسعار النفط وانخفضت بشكل كبير من 130 دولار للبرميل الى ما دون 35 دولار، استمر الديّن العام لمملكة البحرين في الارتفاع، حيث تشير البيانات الرسمية إلى أن الرصيد في سنة 2012 بلغ 3.9 مليار دينار (33.6% من الناتج المحلي الإجمالي)، ثم قفز إلى 5.1 مليار دينار في عام 2013 ( 41.8% من إجمالي الناتج المحلي) وارتفع إلى 5.4 مليار دينار عام 2014 ( 42.9% من إجمالي الناتج المحلي) ووصل إلى 7.1 مليار في عام 2015 ( 60% من إجمالي الناتج المحلي) وارتفع ليصل إلى 8.9 مليار دينار في 2016 (74.2% من إجمالي الناتج المحلي)، ثم قفز إلى 12.4 مليار دولار عام 2018 (94% من إجمالي الناتج المحلي)، واستمر في الارتفاع إلى أن وصل إلى رقمٍ قياسي تجاوز ال 13 مليار دينار حسب ما جاء في تقرير ديوان الرقابة المالية.
وبناء على هذا الارتفاع المخيف طلبت الدولة من السلطة التشريعية أكثر من مرة الموافقة على رفع سقف الدين العام إلى ان وصل الى 13 مليار دينار.
إن هذا الارتفاع الهائل في المديونية العامة ومقارنة إلى حجم الاقتصاد البحريني وموارده المحدودة وبالمقاييس الاقتصادية تعتبر مرتفعة للغاية، فالبحرين هي الأفقر في الموارد النفطية بين دول مجلس التعاون الخليجي، وتنتج نحو 200 ألف برميل من النفط الخام يومياً، ومواردها غير النفطية ضئيلة جداً لا تتجاوز 15% فقط من مجمل الإيرادات العامة.
إرتفاع المديونية بعد التحدي الأهم الذي يهدد الاستقرار الاقتصادي للمملكة، ولذلك اتخذت الدولة كافة الإجراءات لوقف نموه، ويأتي على رأس تلك الاجراءات سياسة مالية تقشفية صارمة انخفضت على أثرها المصروفات الحكومية وتوقف الدعم الحكومي على بعض السلع الاستراتيجية مثل البنزين.
وعلى الرغم من كل ذلك يفاجئنا تقرير ديوان الرقابة المالية لعام 2019 بوجود 1.54 مليار دينار ديوناً غير مدرجة في رصيد الدين العام، وذلك بعد قيام جهات حكومية بالاقتراض المباشر من الصناديق الخارجية، وهو ما يجعل مجموع الدين العام يصل إلى 14.54 مليار دينار، فيما تأكل فوائد القروض ما يقرب من 22% من الإيرادات الحكومية.
كما رصد تقرير ديوان الرقابة المالية أن وزارات وجهات حكومية تقوم بالاقتراض المباشر من المصارف المحلية بقيمة 1.8 مليار دينار دون إدراجها في رصيد الدين العام، تحت أي عنوان يدرج هذا الاقتراض؟ وكيف سمح لهذه الجهات بالإقتراض دون موافقة وزارة المالية والسلطة التشريعية؟
المؤكد أنه أكثر من تجاوزات. الاقتصاد الوطني لا يتحمل ما يسمى بالمخالفات أو التجاوزات غير الممنهجة التي تقوم بها بعض الوزارات والجهات الرسمية كما بينها تقرير ديوان الرقابة المالية.
ويكشف التقرير أيضا أن المساعدات الاجتماعية لا تتوقف بموت الفرد حيث تم صرف مبالغ المساعدات لأفراد متوفين نظراً لعدم تحديث بيانات وفاتهم في نظام الهيئة، حيث بلغ عدد الحالات التي تم صرف المساعدات لهم بعد تاريخ الوفاة حوالي 639 حالة للدعم المالي و 113 حالة للضمان الاجتماعي و 613 حالة للتعويض عن اللحوم و 69 حالة لمخصص الإعاقة.
ويطالعنا التقرير بأن وزارة التربية والتعليم صرفت علاوة سكن لبعض المدرسات غير البحرينيات رغم توفير سكن لهم، كما قامت هذه الوزارة بصرف علاوة انتقال لبعض الموظفين على الرغم من قيامها بتوفير وسائل النقل لهم. كل هذه التجاوزات تعتبر اهدار للمال العام، وللمال حرمة.

اقرأ المزيد

أهم الملاحظات على تقرير ديوان الرقابة

تقرير ديوان الرقابة
الدين العام يلتهم الناتج المحلي بـ 101.2% ووزارات اقترضت 1.8 مليار دينار دون إدراجها

أصدر ديوان الرقابة المالية والإدارية تقريره السابع عشر للسنة المهنية (2019-2020)، وضم التقرير كعادته جملة من الملاحظات والتوصيات على أداء عمل الجهات والمؤسسات الرسمية والشركات شبه الحكومية في البلد. وعلى الرغم من وصف بعض المتابعين بالتقرير الحالي بـ “الرشيق” مقارنة بالتقارير السابقة التي سبقته والتي كشفت مبالغ طائلة مهدرة من المال العام، واجراءات ادارية مريبة، دفعت مجلس الوزراء لإحالتها للنيابة العامة ليأخذ المسار القضائي المتسببين في تلك المخالفات لطريق المسائلة، إلا ان التقرير الحالي لم يخلو من مخالفات وملاحظات التي كشفت أيضاً عن هدر للمال العام وتجاوزات إدارية في عدة جهات رسمية، فيما يعد من أهم ما كشفه التقرير هو حجم الدين العام من الناتج المحلي الذي بلغ 101.2% للعام 2019.

الدين العام متصاعد
ذكر التقرير أن الدَّين العام بلغ حتى نهاية العام 2019 حوالي 13.6 مليار دينار، فيما بقيت فوائد القروض المدفوعة على المستوى نفسه بالمقارنة مع العام 2018، حيث بلغ إجمالي فوائد القروض المدفوعة في العام 2019 حوالي 644 مليون دينار. هذا وبلغت نسبة فوائد القروض المدفوعة في العام 2019 من إجمالي إيرادات الدولة حوالي 22%.
كما بيّن التقرير قيام بعض الوزارات والجهات الحكومية بالاقتراض المباشر من المصارف المحلية والصناديق الخارجية دون أن يتم إدراج ديونها ضمن رصيد الدَّين العام، وقد بلغت القروض المستحقة على تلك الجهات والتي لم تدرج ضمن رصيد الدَّين العام للعام 2019 حوالي 1.8 مليار دينار.
وأوضح التقرير بأن قيام وزارة المالية والاقتصاد الوطني وبعض الجهات والشركات الحكومية قامت بالاقتراض المباشر من الصناديق الخارجية دون أن يتم إدراج ديونها ضمن الرصيد العام المسجّل بالوازرة لا يعكس الصورة الحقيقية لحجم الدين العام والالتزامات المترتّبة على ذلك مستقبلًا.

127 مليون مستحقات للكهرباء
أظهر التقرير ان لهيئة الكهرباء والماء مبالغ مستحقة بلغت 127 مليون دينار، كما ان الهيئة لم تقم باتخاذ أية إجراءات تجاه بعض المشتركين المتخلفين عن سداد المبالغ المستحقة عليهم بالرغم من تراكمها لفترات تجاوزت في إحدى الحالات 12 سنة، مما يخالف دليل الإجراءات المالية، ولا يساعد على إلزام المشتركين بسداد المبالغ المستحقة عليهم. كشف تقرير أن حوالي 56% المتأخرات المستحقة للهيئة تجاوزت أعمارها السنة.

يستأجر بـ 7 ويدفع مليون
أشار التقرير إلى أن الشركة المستفيدة من المحجر الحكومي وقعت عقداً مع وزارة الاشغال والبلديات بقيمة 7.6 مليون دينار، إلا ان الشركة حوّلت مبلغ مليون دينار فقط من أصل المبلغ المتفق عليه أي ما نسبته 14% فقط من القيمة المقدرة بالعقد. فيما تخلفت الشركة المنتفعة بالمحجر الحكومي عن سداد 6.6 مليون دينار.

5 نواب فقراء
كشفت ملاحظات التقريرعن تلقي 5 من أعضاء مجلس النواب دعماً مالياً من وزارة التنمية الاجتماعية دون وجه حق. وبحسب التقرير فإن ضعف إجراءات التنسيق ما بين الوزارة والجهات الحكومية الأخرى ذات العلاقة، أدت لتلقي 11 عضواً بلدياً و500 من مدربي السياقة و123 من أصحاب مكاتب المحاماة، ذات الدعوم المالية.
وبيّن التقرير وجود حوالي 22 ألف مستفيد من المساعدات الاجتماعية مصنفين بحسب بيانات هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية كمتزوج أو مطلق أو أرمل، في حين لا توجد لهم أي سجلات في الجهة المعنية بتوثيق حالتهم الاجتماعية المتمثلة في وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، بالإضافة إلى عدم تحديث الحالة الاجتماعية لبعض المستفيدين من المساعدات الاجتماعية في سجلات الهيئة وفقًا للتغيرات المسجلة في وزارة العدل، الأمر الذي لا يمكّن الوزارة من التحقق من صحة الحالة الاجتماعية لهؤلاء الأفراد، وقد يترتب عليه صرف المساعدات الاجتماعية لغير مستحقيها.

64 ألف عامل غير نظامي
أشار التقرير إلى وجود 64 ألف عامل غير نظامي في سوق العمل المحلي حتى 31 أكتوبر من العام الماضي. مشيراً إلى أن هيئة تنظيم سوق العمل لم تستجب لتوصية مجلس إدارتها بدراسة وتقييم نظام تصريح العمل المرن منذ بداية العمل به وإعداد تقرير بشأنه. وأكد التقرير على الحاجة إلى وضع وتنفيذ خطة وطنية لسوق العمل كل سنتين تتضمن الاستراتيجية والسياسة العامة بشأن تشغيل العمالة الوطنية والأجنبية، وذلك تماشياً مع أحكام الفقرة (أ) من المادة (4) من قانون تنظيم سوق العمل، ولضمان تماشي نظام التصريح المرن مع توجهات الدولة بشأن سوق العمل وأنه يأخذ في الاعتبار جميع الجوانب المتعلقة بتنفيذه والتي من شأنها زيادة فرص تحقيق أهدافه المنشودة. مشيراً إلى ان غياب دراسة وتقييم نظام تصريح العمل المرن، لا يمكن الهيئة من الوقوف على مدى تحقيق أهداف النظام وتحديد آلية اسباب تحول دون ذلك ومعالجتها.

الأدنى خليجياً
دعا التقرير إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي لمواجهة الأزمات التي قد تعيق استيراد المواد الغذائية والسلع الأساسية. وبين التقرير بأن نسبة الأمن الغذائي في البحرين بلغت حوالي 67% وهي بذلك تعتبر الأقل بالمقارنة بنظرائها في دول مجلس التعاون، والتي تتراوح نسبها بين 81% و68%، وفقا للمؤشر الدولي للأمن الغذائي لسنة 2019، كما تبين في هذا الخصوص أن نسبة الإنتاج المحلي من اللحوم والدواجن والبيض لا تغطي سوى نسبة 10% و48% و23% على التوالي من حجم الاستهلاك، الأمر الذي يشير إلى الحاجة إلى تعزيز مساهمة القطاع في الأمن الغذائي خلال السنوات القادمة.

90% قروض لبنك “التنمية” غير محصلة
أظهر التقرير أن القيمة الإجمالية للمتأخرات المستحقة لبنك البحرين للتنمية عن القروض بلغت حوالي 24 مليون دينار، 90% منها تخصّ قروضًا تخلف أصحابها عن السداد منذ فترة تجاوزت السنة. وأشار التقرير أن البنك لا يقوم بتقديم الشيكات المرتجعة لبعض المقترضين إلى مركز الشرطة، بالرغم من عدم استجابتهم ومرور فترات على توقفهم عن السداد وصلت في إحدى الحالات إلى قرابة 4 سنوات.
وذكر التقرير أن البنك لم يرفع دعاوى قضائية ضد أصحاب 553 قرضًا بلغت قيمة المتأخرات المستحقة عنها حوالي 13.5 مليون دينار كما في 29 فبراير 2020، تخلف أصحابها عن السداد لمدة تزيد على 90 يومًا، 96% من قيمتها مستحقة منذ أكثر من سنة.

اقرأ المزيد