المنشور

كلمة التيار الديمقراطي في الوقفة التضامنية مع الشعب الفلسطيني يلقيها نائب الأمين العام للشؤون السياسية الرفيق فلاح هاشم

كلمة التيار الديمقراطي في الوقفة التضامنية مع الشعب الفلسطيني يلقيها نائب الأمين العام للشؤون السياسية الرفيق فلاح هاشم

الأخوة والأخوات الحضور الكريم … السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نحيكم جميعاً في هذه الوقفة التضامنية مع شعبنا العربي الفلسطيني الذي يواجه الاحتلال والعدوان الصهيوني العنصري.

في هذه اللحظات التاريخية والمصيرية التي تواجه فيها الأمة العربية وقواها الوطنية والقومية والتقدمية تحديات ومخاطر كبرى، وفي ظل متغيرات دولية وإقليمية متسارعة تستهدف الدول العربية وحق شعوبها في الحرية والكرامة، ومصادرة حقها في الدفاع عن وجودها.

في هذا المنعطف التاريخي حيث تغرق بعض الدول والأنظمة العربية في صراعاتها وفي حروبها الطائفية والمذهبية، تأتي إنتفاضة الشعب العربي الفلسطيني الشقيق لمواجهة العدو الصهيوني المحتل، لتكون صفحة جديدة ومشرقة وسط هذه العتمة القاتمة التي تلف السماء العربية وتمثل بحق معركة نضالية باسلة وتصميماً بطولياً دفاعاً عن هويته الوطنية وعن وجوده ومقدساته وعن حقه في الحياة والعودة والاستقلال، كما تمثل رفضاً وتصدياً لكل السياسات والإجراءات الصهيونية العنصرية الرامية إلى ترسيخ الاحتلال والاستيطان وتهويد القدس وكل الأراضي الفلسطينية المحتلة.

 وفي إطار هذه الرؤية المبدئية يمكن اعتبار هذه الهبة الفلسطينية الجديدة، التي جاءت بعد إقدام العدو الصهيوني على إجراءاته وخطواته القمعية الوحشية، ولجوءه إلى تركيب ما عرف بالبوابات الإلكترونية في المسجد الأقصى لتفتيش المصلين وتضييق الخناق عليهم في أداء صلاتهم الأمر الذي رفضه الفلسطينيون، وقاوموه بشدة وقدموا في سبيل ذلك تضحيات جسام تمثل في سقوط عدد من الشهداء والجرحى، وهم يتصدون لإجراءات المحتل الجائرة التي تمثل إمتداداً لسياساته منذ أن احتل المسجد الأقصى في عام 1976م حيث يتعمد الإمعان في سياساته الوحشية وخطواته الاستفزازية التي تستهدف قدسية الحرم القدسي الشريف ومنع رفع الآذان وإقامة الصلوات بما في ذلك صلاة الجمعة وهي سياسات وإجراءات لم تتوقف يوماً، وكان آخرها ما أقدم عليه هذا العدو يوم الجمعة قبل الماضي بتاريخ 14 يوليو الجاري، وهو ما أشعل شرارة هذه الإنتفاضة الباسلة وإظهار عزيمة هذا الشعب على طريق مواجهة المحتل وتحرير الأرض.

إننا نؤمن إيماناً مطلقاً بأن الشعب الفلسطيني الذي يخوض هذه المواجهة مع الكيان الغاصب.  إنما يخوضها نيابة عن الأمة جمعاء ويخوضها دفاعاً عن أرض الرباط، وعن القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين الأمر الذي يستدعي من كافة العرب والمسلمين وكل أحرار العالم وقفة تنسجم مع حجم تضحيات وبطولات هذا الشعب الأبي خاصة بعد أن تأكد بما لا يقبل الشك بأن إقدام العدو المحتل على خطواته التصعيدية والعنصرية إنما يتم في إطار سياساته المعلنة في تهويد المدن ومصادرة الأراضي الفلسطينية وبناء المستوطنات وتشريد أهلها في إطار حرب الإبادة التي يتبعها عبر القتل والتدمير والإغتيالات وفرض العقوبات الجماعية وتدمير المدن والقرى الفلسطينية وفرض إجراءات التهويد خاصة في مدينة القدس لجعلها عاصمة أبدية للكيان المحتل.

وإذا كان ما أطلق  شرارة الهبة الحالية هو تعدي سلطات الإحتلال على الأماكن المقدسة، وفي مقدمتها المسجد الأقصى، ولعب الباعث الديني دوراً كبيراً في استنهاض الفلسطينيين دفاعاً عن مقدساتهم، لكن علينا، إلى جانب ذلك، أن نشدد على الطابع الوطني لهذه الهبة، من حيث هي هبة كل الفلسطينيين مسلمين ومسيحيين ومن مختلف الاتجاهات الفكرية والسياسية ضد سلطة محتلة مغتصبة للأرض ومصادرة للحقوق.

وهذا البعد الوطني للهبة الفلسطينية هو ضمانة استمرارها، وأن تتحول إلى رافعة قوية لديمومة النهوض  الحالي، لكسر حالة المراوحة التي تمر بها القضية الفلسطينية بعد المازق الذي قاد إليه نهج أوسلو المدمر ومشاريع التسوية المذلة.

وبفضل الوقفة البطولية للمقدسيين وللشعب الفلسطيني عامة فإن سلطات الإحتلال التي وجدت نفسها مضطرة للتراجع عن قراراتها التعسفية، تحاول، كعادتها، المناورة في ألا يكون هذا التراجع كاملاً، وأن تستعيض عنه باجراءات أخرى تحمل الطابع التعسفي نفسه.

إننا أذ نحيي بكل إجلال وإكبار تضحيات شعبنا العربي الفلسطيني فإننا نؤكد مواقفنا الثابتة في دعم نضالات وبطولات هذا الشعب الأبي ونرى بأن طريق النضال بكل أشكاله هو الطريق الصائب والسليم لبلوغ الأهداف على طريق تحرير كل شبر من أرض فلسطين المحتلة وإرجاع كل الحقوق المغتصبة.

كما نحيي بإجلال أرواح كل الشهداء الذين سقطوا دفاعاً عن فلسطين والأمة، وفي ذات الوقت ندعو كافة أبناء الأمة العربية والإسلامية إلى التحرك للتعبير عن مواقفها المتضامنة مع الشعب الفلسطيني وتقديم كل أشكال الدعم والعون له لمواجهة العدوان والإحتلال والإرهاب الصهيوني.

أيتها الأخوات والأخوة:

إن قوى التيار الوطني الديمقراطي تؤكد في هذه الوقفة التضامنية، أن قضية فلسطين هي قضية الأمة بأسرها، وأن تفاعلنا مع قضية الشعب الفلسطيني هو واجب وطني وقومي وإنساني من أجل تعزيز نضاله ونيل حقوقه في التحرير والاستقلال، ومواجهة المحتلين وكسر إرادة المعتدين الصهاينة وأفشال كل مشاريعهم الإستعمارية العنصرية وما من مسؤوليتنا الوطنية والقومية كشعوب وقوى وطنية هو هذا التراجع المفجع الذي نراه في المواقف الرسمية العربية والتخلي عن إلتزاماتها تجاه القضية الفلسطينية، خضوعاً للمشيئة الأمريكية ومشاريعها وأهدافها العدوانية في المنطقة، وهو ما أدخل القضية الفلسطينية في مأزق المراوحة والتسويات والاتفاقات المذلة.

ونؤكد في هذا السياق على ضرورة التمسك بالثوابت الوطنية والمبدئية الرافضة للإحتلال وحق مقاومته بكل الأشكال والوسائل النضالية المتاحة ورفض كل محاولات التفريط بالقضية الفلسطينية وكل محاولات وأشكال التطبيع مع العدو الصهيوني أو التعامل معه في الوقت الذي يجري إطلاق يد المحتلين الصهاينة للإمعان في سفك الدم الفلسطيني وتكريس احتلال الأرض والهيمنة الصهيونية.

وفي هذا الصدد نؤكد على جملة من المبادئ والثوابت:

1.   تأكيد حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن أرضه وعن مقدساته وتحريرها من العدو المحتل وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، كما نؤكد على أهمية ترسيخ البعد الوطني لهذه الإنتفاضة من حيث هي هبة لكل الفلسطينين مسلمين ومسيحيين ومن مختلف القوى والإتجاهات الفكرية والسياسية، وفي هذا السياق لابد من الإشادة وتثمين دور الكنيسة الأرثوذكسية ومطرانها الشجاع في تأكيد الجوهر الوطني لهذه الإنتفاضة الفلسطينية.

2.   ضرورة أن تعي القيادات الفلسطينية على مختلف توجهاتها خطورة المرحلة والتخلى عن نزاعاتها وخلافاتها السياسية والحزبية وتوحيد مواقفها وجهودها واستنهاض كل الطاقات الوطنية الفلسطينية وضمان استمرار واتساع هذه الإنتفاضة وتأكيد عدالة قضية هذا الشعب واستعداده للتضحية مهما طال الزمن ومهما كانت الكلفة عالية.

3.   الدعوة إلى حشد كل طاقات وإمكانيات الأمة العربية وقواها المناضلة لمواجهة المحتل الصهيوني ومجابهة كل التحديات والأخطار التي تفرض على أمتنا.

4.   رفض كل ثقافات الاستسلام للعدوانوالهزيمة ورفض كل أشكال التطبيع والتسويات المذلة مع المحتل وتجريم كل القوى والأنظمة المتورطة فيها.

5.   ندعو كل الأنظمة والحكومات إلى ضرورة عدم منع أو التضييقعلى المبادرات الشعبية والجماهيرية في الدول العربيةالمساندة لحق فلسطين والمقاومة والدفع بأتجاه شد أزر الجماهير الفلسطينية المناضلة والتي بلغت مرحلة اليأس من أداء قيادتها.

عاشت فلسطين حرة عربية

المجد والخلود لشهداء فلسطين والأمة  … والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته