المنشور

بعد عامين من تقرير بسيوني…ما الذي تحقق؟

في الثالث والعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني 2011 حبس جميع البحرينيين
أنفاسهم تحسباً لما سيقوله رئيس اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق
محمود شريف بسيوني في تقريره عن الأحداث التي وقعت خلال شهري فبراير/ شباط
ومارس/ آذار من العام نفسه، بعد أن أمضى مع فريقه الخاص قرابة خمسة أشهر
التقى خلالها مختلف الجهات الرسمية والأهلية واستمع إلى شكاوى المتضررين
والشهود خلال هذه الفترة العصيبة من تاريخ البحرين ليصل إلى صورة شبه
متكاملة عما حدث بالفعل.

كان الجميع قلقين، ومتلهفين لسماع ما توصلت
إليه اللجنة في تقريرها وبأي اتجاه سيصب، كان البعض يرى في التقرير نقطة
الخلاص التي طالما انتظرها لشهور طويلة، بعد أن مورست ضده كل أنواع
الانتهاكات والفظاعات و(التي وثقها التقرير) في حين كان البعض الآخر ينتظر
أن يبرر ما قام به من ممارسات لمجرد الاشتباه في النوايا بحجة الحفاظ على
الأمن العام.

لقد جاء التقرير مخيباً لآمال من مارس البطش والانتقام،
حيث اكفهرت الوجوه وهي تستمع إلى كلمة رئيس اللجنة محمود بسيوني وهو يسرد
على الهواء مباشرة ما قامت به الأجهزة الأمنية خلال هذه الفترة من تعذيب
وتنكيل بالمعتقلين، حين قال: «إن تحقيقات اللجنة أثبتت تعرض الكثير من
الموقوفين للتعذيب ولأشكالٍ أخرى من الانتهاكات البدنية والنفسية داخل
محبسهم… الأمر الذي دلل على وجود أنماط سلوكية معينة تقوم بها بعض الجهات
الحكومية، تجاه فئات بعينها من الموقوفين. إن حجم وطبيعة سوء المعاملة
النفسي والبدني، يدل على ممارسة متعمدة كانت تستهدف، في بعض الحالات،
انتزاع اعترافات وإفادات بالإكراه، بينما تستهدف في حالات أخرى العقاب
والانتقام. وكان من بين الأساليب الأكثر شيوعًا لإساءة معاملة الموقوفين
تعصيب العينين، وتكبيل اليدين، والإجبار على الوقوف لفترات طويلة، والضرب
المبرح، واللكم، والضرب بخراطيم مطاطية وأسلاك كهربائية على القدمين،
والضرب بالسياط وقضبان معدنية وخشبية وأشياء أخرى، والصعق بالكهرباء،
والحرمان من النوم، والتعريض لدرجات حرارة شديدة، والاعتداءات اللفظية،
والتهديد بالاغتصاب، وإهانة الطائفة الدينية للموقوفين من الشيعة…».

هذه
الفقرة لم تكن إلا غيضاً من فيض مما أورده التقرير، ولذلك كان من مورست
ضده هذه الانتهاكات يتمنى أن يكون التقرير نقطة انعطاف لتصحيح الأوضاع، من
خلال تنفيذ التوصيات الواردة فيه والتي تعهدت السلطة بتنفيذها.

غدا (السبت) تمر الذكرى الثانية لتقديم التقرير، فما الذي تحقق حتى الآن؟ وكيف استفادت البحرين من تجربتها الماضية؟

لا
شيء… فالبعض مازال مصرّاً على السير في الطريق السابق نفسه، على رغم أن
الكثير من المحللين يرون أنه «إذا لم تطبق التوصيات التي ذكرها تقرير
اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، فإن البحرين ستجد نفسها مرة أخرى
أمام المشاكل ذاتها مجدداً».