المنشور

لكي لا يستمر الدوران في حلقة فارغة

وزارة الخارجية البريطانية أصدرت بياناً أمس بمناسبة الذكرى الثانية
لنشر تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصّي الحقائق، ذكرت فيه أن تشكيل
لجنة تقصّي الحقائق كان ردّاً غير مسبوق على الاضطرابات التي وقعت في
البحرين في ربيع 2011 ولقي ترحيباً عالمياً، ورحّبت بالخطوات التي اتخذت
حتى الآن، ولكنها قالت أيضاً «إلا أننا واضحون بقولنا بأن إحراز تقدم
بالتنفيذ في بعض المجالات كان بطيئاً. فعلى وجه التحديد مازال هناك المزيد
مما يتعين عمله بشأن المساءلة، وخصوصاً فيما يتعلق بحالات الوفاة ومزاعم
التعذيب أثناء اضطرابات عام 2011 والرد على المزاعم المستمرة حول
الانتهاكات».

بريطانيا، بحسب تصريحات المسئولين البحرينيين، تعتبر
الأقرب للحكومة من بين كل الحلفاء الاستراتيجيين، ولذا فإن البيان الذي
أصدرته وزارة الخارجية البريطانية يكتسب أهمية خاصة. يمكن أن نقرأ الكثير
بين السطور ولاسيما عندما أشار البيان البريطاني «ونحن ندرك بأن الإصلاح
المستدام والشامل يستغرق وقتاً، ونحث الحكومة البحرينية على البناء على
الخطوات التي اتخذتها وضمان التنفيذ الكامل، وسريعاً، للتوصيات التي وردت
في تقرير لجنة التحقيق المستقلة في البحرين وكذلك في الاستعراض الدوري
الشامل للأمم المتحدة في 2012 الذي قبلت به الحكومة… ونحن ندعو كافة
الأطراف في البحرين لأن يلعبوا دوراً بنّاءً في هذه العملية لأجل استقرار
المملكة على الأجل الطويل».

هذا البيان يأتي ضمن سلسلة متواصلة من
التصريحات والتقارير والإصدارات من مختلف الجهات الحكومية والبرلمانية
والإعلامية والحقوقية والبحثية في العواصم العالمية، وهذه لا يمكن أن تكون
قد «تآمرت» فيما بينها كما يردد البعض، وإنما تأتي كتعبير لرأي عام عالمي
تجاه ما يحدث في بلادنا، ولذا فإنه من الأفضل الاستماع ولو قليلاً لهذه
النداءات والبدء بإصلاحات يمكن أن تنطلق من خلال التنفيذ الكامل لتوصيات
لجنة تقصّي الحقائق وتحقيق العدالة لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان.

لاشك
أن كل ذلك سيحتاج إلى اتخاذ قرارات صعبة، وسيحتاج إلى رصد من قبل جهات
تمتلك الاستقلالية والحيادية، وأن تكون موثوقة من قبل كل فئات المجتمع
والجهات الدولية. وهذا كله يعني أن الخطوة الأولى تتمثل في اتخاذ تدابير
لبناء الثقة، لأن مشكلتنا الحالية ناتجة في الأساس عن «انعدام الثقة»،
واعتماد «خطاب الكراهية» كوسيلة للتواصل اليومي. والمشكلة أنه من دون «ثقة»
لا يمكن تحقيق المصالحة الوطنية التي تؤسس لأمن واستقرار مستدام. علينا أن
نشخص المشكلة ونسعى لحلها، وإلا فسوف نستمر في الدوران في حلقة فارغة
ونتذكر آلام ذلك مع كل مناسبة تمر علينا، كما هو الحال مع الذكرى الثانية
لصدور تقرير تقصّي الحقائق.