المنشور

الأمل الهش

مع كل بادرة حتى وإن كانت مجرد أفكار أولية للخروج من الأزمة، نجد أن
هناك مجموعات معروفة بتوجهاتها وانتماءاتها ومصالحها، تحاول بكل ما لديها
أن تئد أي تحرك، وتشوّه أي حل، وتقتل أي أمل.

الهدف الأساسي لهذه
المجموعات هو إبقاء الوضع الحالي على ما هو عليه، وعدم تقديم أي تنازل
للقوى الوطنية المعارضة، فمن وجهة نظر هذه المجموعات أن تحقيق أي مطلب من
مطالب المعارضة يستلزم بالضرورة أن يكون ذلك على حساب باقي مكونات الشعب.

هذه
المجموعات ترى أن تحقيق مطلب الحكومة التي تمثل الإرادة الشعبية، ما هو
إلا «مطلب مخادع باتجاه تطبيق نظام ولاية الفقيه في البحرين»! وأن إشراك
جميع مكونات المجتمع البحريني من خلال اعتماد مبدأ الكفاءة والقدرة في
السلطة التنفيذية إنما يقصد به «المحاصصة الطائفية»! وأن تعديل الدوائر
الانتخابية بحيث يكون لكل مواطن صوت واحد متساوٍ في جميع الدوائر، مطلب
«يراد به إيصال أكبر عدد من أعضاء جمعية الوفاق إلى المجلس النيابي»! وأن
المجلس المنتخب بكامل الصلاحيات، يعني محاولة «السيطرة على السلطة
التشريعية»؛ وأن فتح مجال التوظيف في جميع مؤسسات الدولة لجميع المواطنين،
وعدم التمييز بين مواطن وآخر، إنما هو «فرصة لأبناء الطائفة الشيعية
للسيطرة على هذه المؤسسات»! وأن استقلال القضاء، محاولة «للسيطرة على
القضاء»؛ وفتح ملف التجنيس السياسي، ومحاربة الفساد، ووقف انتهاكات حقوق
الإنسان، ما هي إلا لـ «تشويه صورة البحرين في الخارج»!

هذه
المجموعات ترى أيضاً أن تنفيذ توصيات لجنة بسيوني ومجلس حقوق الإنسان
التابع للأمم المتحدة، «رضوخ للدول الأجنبية وتدخل في الشئون الداخلية
لدولة البحرين»؛ وأن المصالحة الوطنية «تسامح غير مقبول مع الخونة»؛ وأن
إخلاء سبيل المعتقلين السياسيين، «عفو المجرمين».

ولذلك فهي تقف ضد
تحقيق أيٍّ من هذه المطالب، كما ترفض الحوار والتوافق الوطني والاستفتاء
الشعبي، وأي مبادرة من القوى المعارضة ترى فيها مكيدة، كما ترى في أي توجه
من الجانب الحكومي لحلحلة الأوضاع ضربة في الظهر للمواطنين «الشرفاء» الذين
وقفوا معها في السابق وأيقظوا مارد الفاتح.

ولذلك فهم غير معنيين بتاتاً بتقديم أي مقترحات أو حلول، وكل ما يعنيهم هو وقف أي محاولة للخروج من الأزمة.

الجميع
يتذكر أن نفس هذه المجموعات وقفت ضد تطلعات الناس فترة أحداث التسعينيات
من القرن الماضي، عندما طالبت القوى الوطنية المعارضة إرجاع العمل بالدستور
وإعادة الحياة النيابية، وإفراغ السجون من المعتقلين السياسيين وعودة
المنفيين، ووقف العمل بقانون أمن الدولة، وكيف شوّهت نفس هذه الأسماء
والمجموعات المطالب الشعبية المحقة، ومع ذلك عندما شهدت البحرين الانفراجة
السياسية، كانوا هم أول المستفيدين.

في المستقبل القريب سيتأكد الشعب
البحريني بأكمله، أن المطالب المرفوعة الآن لا تخصّ فئةً دون أخرى، وليست
في صالح طائفة معينة، وإنّما هي مجرد ترسيخ لمبادئ أكثر ديمقراطية وعدالة،
نحو التطور الطبيعي للمجتمعات الإنسانية.