المنشور

كلمة اللجنة المركزية إلى العصبة الشيوعية [مقتطفات] كارل ماركس وفريدريك انغلز

ترجمة: هشام عقيل

           أيها الأخوة،

أثبتت العصبة وجودها، في السنوات الثورية 1848-1849، بطريقتين. الأولى: انخرط أعضائها بكل فعالية، في كل مكان، في الحركة ووقفوا في الجبهات الأمامية للطبقة الثورية الوحيدة: البروليتاريا. قاموا بذلك في الصحف، والثكنات، وساحات المعارك. وأثبتت العصبة نفسها أيضاً بأن فهمها للحركة، كما تبين ذلك المنشورات التي أصدرها المؤتمر واللجنة المركزية لعام 1847 وفي (البيان الشيوعي)، هي الوحيدة التي أثبتت صحتها، وبأن التوقعات التي تمَّ التصريح بها في هذه الوثائق تحققت بالكامل. هذا كان معروفاً فقط بين أوساط العصبة بشكل سري، أما الآن فالكل مدرك بهذه المسألة.

في مثل الوقت، على أية حال، ضعف التنظيم القوي للعصبة. (…) بينما زاد الحزب الديموقراطي، حزب البورجوازية الصغيرة، قوة وأصبح أكثر منظماً في ألمانيا، فقد حزب العمال قوته واقتصر تنظيمه، في أفضل الأحوال، على المحافظات المحلية فقط ولغايات محلية؛ أما في الحركة العامة فإنه أصبح تحت سيطرة وقيادة البورجوازيين الديموقراطيين الصغار. لا يمكن لهذا الحال أن يستمر؛ لا بد من استرجاع استقلالية العمال.

 

(…) لا يطمح البورجوازيون الديموقراطيون الصغار تحويل المجتمع كله لصالح البروليتاريين الثوريين، فهم لا يطمحون سوى إلى تغيير الأوضاع الاجتماعية بطريقة تجعل المجتمع القائم مريحاً ومقبولاً بقدر الإمكان  لأنفسهم. بذلك يطالبون فوق كل شيء آخر تخفيف الإنفاق الحكومي من خلال حظر البيروقراطية ونقل عبء الضريبة الأساسي إلى الملاك الكبار البورجوازيين. يذهبون إلى أبعد من ذلك من خلال مطالبة ازالة ضغط رأس المال الكبير على رأس المال الصغير عبر تأسيس مؤسسات ائتمانية عامة وإصدار قوانين ضد الربا، بينما سيكون من الممكن لهم وللفلاحين أن يحصلوا على قروض بشروط ملائمة من الدولة بدلاً من الرأسماليين، وكذلك تقديم علاقة الملكية البورجوازية في الأرض من خلال الأزالة الكاملة للإقطاعية.

من أجل تحقيق كل هذا يحتاجون إلى شكل حكومي ديموقراطي، سواء أكان دستورياً أم جمهورياً، الذي سيعطيهم وحلفائهم الفلاحين الأغلبية: إنهم ايضاً يحتاجون إلى نظام ديموقراطي للحكومة المحلية ليعطيهم السيطرة المباشرة على ملكية المحافظة وعلى سلسلة من المكاتب السياسية التي في الحاضر واقعة تحت أيدي البيروقراطيين. …

أما بالنسبة إلى العمال، فشيء واحد مؤكد: إنهم يبقون عمالاً مأجورين كما كانوا سابقاً. مع ذلك، يريد البورجوازيون الديموقراطيون الصغار أجوراً وتأميناً أفضل للعمال، ويأملون تحقيق ذلك من خلال توسعة الأشغال الحكومية من خلال معايير الرعاية. بإختصار، يريدون رشوة العمال بشكل أكثر أو أقل خفاءاً  كصدقة، ومن أجل كسر قوتهم الثورية عبر تعديل اوضاعهم مؤقتاً لكي تكون مقبولة. (…) .

وبينما يريد البورجوازيون الديموقراطيون الصغار إنهاء الثورة بأسرع وقت ممكن، من خلال تحقيق الأهداف المذكورة آنفاً، من مصلحتنا ومن مهماتنا أن نجعل الثورة دائمة إلى أن يتم دفع كل الطبقات المالكة بعيداً عن مواقع السيطرة، وإلى أن تخترق البروليتاريا سلطة الدولة، وإلى أن يتطور اتحاد البروليتاريين إلى حد بعيد جداً – ليس في بلد واحد وحسب بل في كل البلدان المتقدمة في العالم – الذي سيقضي على المنافسة الموجودة ما بين البروليتاريين في تلك البلدان وتتركز على الأقل أهم القوى الإنتاجية في أيدي العمال. نحن لا نريد تحسين الملكية الخاصة بل تقويضها؛ لا نريد تخفيف الصراع الطبقي بل تصفيته؛ لا نريد تطوير المجتمع القائم بل إيجاد مجتمع جديد غيره.

… على الرغم من أنه لا يمكن للعمال الألمان أن يحوزوا على السلطة وتحقيق مصالحهم الطبقية من دون المرور بالتطور الثوري المطول، إلا أن هذه المرة يمكنهم أن يتيقنوا بأن الفعل الأول للدراما الثورية الآتية سيكون مطابقاً للإنتصار المباشر لطبقتهم في فرنسا وبذلك سيتم تسريعه. ولكن عليهم أن يساهموا على الأغلب، بأنفسهم، في انتصارهم النهائي، عبر أن يكونوا مدركين لمصالحهم الطبقية الخاصة، وعبر تبني موقع سياسي مستقل في أسرع وقت ممكن، وعبر عدم السماح لأنفسهم أن يظلوا وراء العبارات الكاذبة التي يطلقها البورجوازيون الديموقراطيون الصغار التي تشككهم للحظة في ضرورة تكوين حزب منظم مستقل للبروليتاريا. على شعارهم أن يكون: الثورة الدائمة!

نشرة التقدمي – يونيو – العدد 127