المنشور

في ذكرى الاستقلال الوطني جمعيتا القومي والتقدمي تدعوان لاستعادة اللحمة الوطنية والخروج بالبلاد من عثراتها السياسية والاقتصادية

يحتفل شعبنا في الرابع عشر من أغسطس من كل عام بذكرى الاستقلال الوطني من التبعية البريطانية عام 1971، حيث بات هذا اليوم عنوانا لاستعادة السيادة والاستقلال والكرامة الوطنية، ولتنتهي بذلك مرحلة تاريخية امتدت منذ أواسط مايو/ أيار من العام 1861 واستمرت فيها مطالبات شعب البحرين بكافة أطيافه الوطنية ومكوناته بالاستقلال عن التاج البريطاني عبر نضال لم يهدأ وانتفاضات وتحركات شعبية ومطلبية توجت في نهاية المطاف بإستجابة هيئة الأمم المتحدة لتنظيم استفتاء شعبي تاريخي حول استقلال وعروبة البحرين الذي نظمته الأمم المتحدة استجابة للمطالب الوطنية العادلة والمشروعة التي اجمع عليها شعبنا نحو إقامة دولة عربية مستقلة كاملة السيادة، الأمر الذي أوقف بدوره كافة المطالب والأطماع الخارجية وسد جميع أبواب المؤامرات والدسائس المتربصة ببلادنا حينها، كما سمح بشكل تلقائي بإجراءات إعادة التنظيم السياسي والإداري لدولة البحرين الفتية، والذي أعقبه مباشرة الإعلان عن انضمام البحرين لكل من الجامعة العربية وهيئة الأمم المتحدة باعتبارها دولة مستقلة ذات سيادة.

لقد ترافق إعلان الاستقلال السياسي هذا مع زخم حراك جماهيري لشعب البحرين، عبرت من خلاله الجماهير وقواها الوطنية عن مطالبتها بضرورة المشاركة السياسية وتشريع حرية العمل السياسي والنقابي وتهيئة الأرضية اللازمة للمشاركة الشعبية في إدارة شؤون البلاد وبناء الدولة الديمقراطية ، وهو ما عبر عنه آنذاك بانتخاب المجلس التأسيسي عام 1972 وصدور دستور عام 1973 وما تزامن معه من تصاعد في المطالب النقابية والوطنية، واستمر حتى التوقف القسري للحياة النيابية الوليدة بعد حل المجلس الوطني في أغسطس 1975 واللجوء بعدها للخيار الأمني الذي ظل مهيمنا لمدة تجاوزت الـ25 عاما.

وقد جاء بعدها مشروع ميثاق العمل الوطني ليمثل حالة فريدة من الاستنهاض الوطني تمازجت فيه الإرادة الشعبية مع مشروع جلالة الملك الإصلاحي، للخروج من حالة الاحتقان السياسي إلى رحابة الأمل والانفراج السياسي والوطني، والذي عبرت عنه بوضوح النسبة الكبيرة في التصويت الشعبي على ميثاق العمل الوطني بلغت 98.4%. لقد مثلت مرحلة التصويت على الميثاق وما تبعها من مواقف وتصريحات رسمية وشعبية مطمئنة ومتوافقة بشكل عام، ومن ثم استئناف الحياة النيابية عام 2002، مثلت مرحلة تاريخية هامة ومفصلية في تاريخ بلادنا الحديث، حيث سبقها وتزامن معها تبييض السجون والمعتقلات من سجناء الرأي والضمير والسماح بعودة جميع المنفيين على خلفية نشاطهم السياسي، وتجاوب مختلف القوى السياسية مع النهج الإصلاحي الجديد، نظرا لما مثله في حينه من تلاحم بين القيادة والمواطنين والتفافهم حول هذا المشروع الإصلاحي الطموح. الا انه مع تعثر خطى المشروع الإصلاحي عبر العديد من مراحله الهامة، والتراجعات التي حدثت في بعض المفاصل السياسية، وما تبعها من تراكمات وإرهاصات وإخفاقات أفضت بدورها لتراكمات سياسية وشعبية سلبية اعتبرت سببا رئيسا لعودة شرائح شعبية واسعة في فبراير من العام 2011 للمطالبة بالحريات السياسية والحقوقية وتوسيع الصلاحيات البرلمانية وعدالة التمثيل وإلغاء كافة مظاهر التمييز والتجنيس وتحقيق العدالة الاجتماعية, لتدخل بعدها البحرين مجددا في سلسلة من التراجعات وحالات الانقسام والتضييق على الحريات وتغليب الحلول الأمنية مع تصاعد حدة الانقسام الاجتماعي وصعود مخاطر التفتيت الطائفي. ويزداد الأمر سوءا مع تزايد حدة الصراع على مستوى المنطقة بأسرها، وتزايد لعبة خلط الأوراق ضمن حالة الصراع الإقليمي المستمرة حتى الآن، بما في ذلك تنامي تغلل المشروع الصهيوني الذي بات يشكل تهديد جوهري لانتمائنا القومي واستقلالنا السياسي.

وإذ نمر اليوم بذكرى يوم الاستقلال الوطني، وإذ نسترجع تلك المحطات التاريخية المهمة والمفصلية من تاريخ بلادنا، فأننا في أشد الحاجة في وقتنا الراهن لنتعلم منها العبر والدروس علها تسعفنا للنهوض مجددا ببلادنا من عثراتها السياسية والاقتصادية، وفي مقدمة هذه الدروس الأهمية القصوى لاستعادة اللحمة الوطنية وإعادة الروح لمبادئ ميثاق العمل الوطني من خلال إيجاد الحلول السياسية بدلا من الأمنية وإطلاق سراح معتقلي الرأي وإعادة الجنسيات وإطلاق حرية العمل السياسي والمدني ووقف التضييق على الناشطين السياسيين والحقوقيين وإطلاق حوار وطني موسع تسنده إرادة سياسية صادقة، تقود بلادنا إلى حيث التوافق والوحدة والتلاحم الوطني على طريق إعادة قاطرة الإصلاح الدستوري والسياسي الحقيقي غير المنقوص إلى مسارها المنشود، من أجل رفعة وتقدم بلادنا وشعبها، ووقف كافة التدخلات الخارجية في سيادة واستقلال البحرين وإرادة شعبها.

المنبر التقدمي
التجمع القومي