المنشور

“ولي في ربوع الشمال” يا قلب الماء

لم نعد نفهم هذا الموت، كأنه ينتظرنا على الباب، تحت المخدة، أو ينام تحت جلدنا، الوداعات لا تتوقف، لدرجة لا نجد كلمة صغيرة أن نتوقف عندها، يفجعنا هذا الموت اللعين برحيل أحباء القلب، هؤلاء الذين ينامون في ليالينا، يعيشون معنا في مفاصل الحياة، وها هو سلمان زيمان يودعنا، يغيبه الموت، يخطفه من قلوبنا، هذا هو قلب البحرين يتركنا بلا ماء وهو الذي قربنا إلى قلبه.
هذا الصوت الجريح القادم من ماء القلب، ليصلنا مع أجراسه، مريم وهدى وفوزي وخليفة وبدرية وسلوى الذين شكلوا في أجراسهم التي تجاوزت ماء الجزيرة لتعبر القلوب وتسكن في منتصف القلب، وهو الذي غنى”ولي في ربوع الشمال “، التي نهضت بإسمه إلى الأذن العربية، وتمددت مريم وهدى معه في هذه التجربة حتى أقتربن من عالم الطفل وحياة”سنان”، الذي شكل وعيٌ الطفل الخليجي والعربي في السبعينيات، وظل سلمان مع شقيقته ممتدا في ظله الزيماني حتى أصبحت أجراسهم كأجراس الكنائس معلقة تحت السماء، لكن الإجهاضات العربية وماصاحبها من تنكيل بالوعيٌ الثقافي لم نعد نسمع هذه الأجراس البحرينية وطغى عليها الزيٌف والتمييع الموسيقي.
لم يكن زيمان منشورا سياسيا وإن عاش مع مريم وهدى في كنف الحياة الجديدة في البحرين، وفي ظل النهارات البيضاء، الحالمة ب”أحلى الليالي”، وينصهر كالنحاس في دلمون ودمها الثائر، ليكون مع رفقاء المرحلة والرحلة ورفيق مانديلا البحرين، وكأنهما شمس الجزيرة، وهما كذلك، يحفر زيمان إسمه في قلب هذه الجزيرة وفي جزر محبيه، لنودعه بدمعة بحجم ماء البحرين، ونتذكره في “أحلى الليالي” و”الطائر الهيمان” وغيرها من أغانيه الخالدة في القلوب الجريحة، وسنتذكره اكثر في “أقبل العيد “.

* كاتب من سلطنة عمان