المنشور

مرسوم بقانون التقاعد إصلاح للخلل أم انتقاص من الحق ؟!

تقديم :

بتاريخ 13 يوليو 2020 صدر المرسوم بقانون رقم ( 21 ) لسنة 2020 بشأن صناديق ومعاشات التقاعد في القوانين والأنظمة التقاعدية والتأمينية نص في مادته السابعة على ان العمل به سيكون من أول الشهر التالي لتاريخ نشره في الجريدة الرسمية أي في الأول من شهر أغسطس 2020

تحدّث كثير من المختصين عن هذا المرسوم بقانون من حيث أسباب العجز الإكتواري وتأثير أحكام هذا المرسوم على أوضاع المتقاعدين المعيشية، وسنتناول هذا في ثلاثة محاور:
الأول: ما مدى توافر التدابير التي لا تحتمل التأخير وتبرر صدور هذا المرسوم بقانون في غبية المجلسين؟
الثاني: الزيادة السنوية المقررة على المعاشات التقاعدية حق مكتسب ووقفها يهدر هذا الحق .
الثالث: مجلس النواب سيكون على المحك في دور الانعقاد القادم .

أولاً: هل هناك ضرورة عاجلة لا تحتمل التأخير لإصدار هذا المرسوم بقانون في إجازة المجلس الوطني؟
المتابع لحركة التشريع (إصدار التشريعات القوانين) في مملكة البحرين خاصة تلك القوانين التي تكون محل جدل في المجتمع وتتعلق بحقوق وحريات المواطنين، تصدر في كثيرٍ من الأحيان بأداة المرسوم بقانون من جلالة الملك.
وقد صدر عدد كبير من المراسيم بقوانين قبيل انعقاد أول مجلس وطني في عهد المشروع الإصلاحي، ومنذ الفصل التشريعي الأول عام 2002 وحتى الفصل التشريعي الخامس الراهن. ومن بين هذه المراسيم المرسوم بقانون رقم ( 21 ) لسنة 2020 بشأن صناديق ومعاشات التقاعد في القوانين والأنظمة التقاعدية والتأمينية محل هذه الندوة.
والمرسوم بقانون يختلف عن المرسوم، فالمرسوم بقانون هو نص تشريعي يصدره الملك فيما بين أدوار انعقاد كل من مجلسي الشورى والنواب، أو في فترة حل مجلس النواب إذا ما اقتضى الأمر الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، وتكون له قوة القانون، على ألا تكون مخالفة للدستور.

أما المرسوم فإنه أداة يباشر بها الملك اختصاصاته التي منحها الدستور لجلالته ليباشرها عن طريق وزرائه، حيث تصدر المراسيم موقعة من الملك بعد توقيع رئيس مجلس الوزراء والوزراء المختصين بحسب الأحوال. والمراسيم أداة إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين، ويجوز أن يعين القانون أداة أدنى من المرسوم لإصدار اللوائح اللازمة لتنفيذه.

وإذا كان لهذه المراسيم بقوانين أساس في الدستور طبقا لنص المادة 38 منه، فإن هذا النص الدستوري لا يجعل هذا الحق على إطلاقه جائزاً في أي وقت وبلا أي قيد، إذ يتعين، حسب حكم المادة المذكور، ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، وألا تكون هذه المراسيم مخالفة للدستور، بمعنى وجود ظرف استثنائي لمواجهة خطر أو عمل من شأنه أن يهدد كيان أو أمن الدولة، أي توافر ركن الضرورة، وهو المبرر للاستعجال وعدم احتمال التأخير لإصدار مثل هذه المراسيم وبدونها لا يجوز استعمال هذ الرخصة .

فهل هناك مثل هذه الضرورة لإصدار مرسوم بقانون إصلاح التقاعد في 13 يوليو 2020 وفي إجازة المجلسين ؟
بالطبع سيتصدى مشرع هذا المرسوم بقانون للرد على هذا السؤال، بالقول إن الضرورة الموجبة والتي لا تحتمل التأخير لإصدارة بهذه الأداة هو العجز الاكتواري المستقبلي للصناديق التقاعدية .
غير أن الحقيقة هي أن ما سمي بالعجز الاكتواري للصناديق لم يكن وليد اليوم، فقد كشف مجلس النواب في الفصل التشريعي الأول عن هذا العجز وعن تجاوزات الهيئة العامة للتامين الاجتماعي من خلال لجنة التحقيق التي شكّلها وما أسفر عنه التحقيق من استجواب لوزير المالية حينذاك بعدد من التوصيات لإصلاحه العجز.
ورغم ذلك ظلّ الحديث عن عجز الصناديق التقاعدية متواتراً، واستمرت تقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية ترصده فيما عدا التقرير الأخير، 2018 – 2019 الذي لم يتطرق إلى أوضاع الهيئة العامة للتأمين كما جرت عليه معظم التقارير الصادرة عنه .
ولعلّ شعب البحرين يتذكر أن الحكومة تقدّمت، قبيل نهاية الفصل التشريعي الماضي – الرابع – ، بمشروع قانون بتعديلات على قانون التأمين الاجتماعي بصفة مستعجلة، ولقي معارضة شعبية واسعة، ورفضه مجلس النواب، ورغم موافقة مجلس الشورى عليه، أصدر جلالة الملك توجيهاته بإعادة بحث مشروعي قانوني التقاعد بالتعاون والتنسيق مع السلطة التشريعية مع الأخذ في الاعتبار كل ما أبدي بشأنيهما من مرئيات وملاحظات.
وشدّد جلالة الملك على إعطاء موضوع التقاعد بالأهمية المطلقة من البحث والاهتمام والعمل على تحسين وضع الصناديق التقاعدية وتطوير ما تقدّمه من خدمات للمتقاعدين والمشتركين بما يراعي المصلحة العامة ويكفل استدامة الصناديق التقاعدية والتأمينية وحفظ حقوق المشتركين والمتقاعدين .
وقد تشكّلت لهذا الغرض اللجنة المشتركة البرلمانية الحكومية، وعقدت عدة اجتماعات كان أولها في 4 يوليو 2018 ، وأعلن بعد الاجتماع الثاني للجنة في 15 يوليو 2018 أن هناك توافقاً ساد الاجتماع، لإعادة بحث مشروعي قانوني التقاعد، وقد حاولنا الحصول على توصيات ونتائج هذه اللجنة دون جدوى، إذ كان من المفترض أن تكون توصياتها تحت بصر المجلسين في هذا الفصل.

ما نريد أن نصل إليه مما تقدم هو: لماذا لم يعرض هذا المرسوم بقانون كمشروع قانون على المجلسين خلال دوري الانعقاد الأول والثاني من هذا الفصل التشريعي الحالي، حتى يصدر بأداة القانون بحيث يأخذ حقه من النقاش طبقاً للأوضاع التي ينص عليها الدستور؟
يبدو أن مشرع المرسوم بقانون التقاعد كان يتنظر فضّ دور انعقاد المجلس الوطني حتي يتم إصداره في اجازتهما وفي ظروف وأوضاع اقتصادية نالت من الأحوال المعيشية للمواطنين.
ثانياً : الزيادة السنوية حق مكتسب ووقفها إهدار له:
تتعلق المادة الثانية من المرسوم بقانون بوقف الزيادة باعتبار أن النص عليها قد مسّ قطاعاً كبيراً من أصحاب المعاشات التقاعدية المحدودة ربما تفوق حكم المواد الأخرى.
الأصل في معظم دساتير الدنيا أن أحكام القوانين لا تسري بأثر رجعي، بمعنى انها لا تسري على الماضي، وأنها تنفذ بأثر فوري، أي من تاريخ العمل بها. غير أنه يجوز، استثناءً من هذا الأصل، سريانها بأثر رجعي إذا نصّ القانون على ذلك وفي المواد الجنائية إذا كان القانون الجديد أصلح للمتهم.
هذا الأصل وهذا الاستثناء يجعلانا نتساءل: هل يجوز تطبيق ما نصّت عليه المادة الثانية من المرسوم بقانون بوقف الزيادة السنوية على المعاشات التقاعدية المقررة باثر رجعي أو بأثر فوري ؟
يمكن القول بهذا الصدد ما يلي :
1- إن الزيادة السنوية المقررة على المعاشات التقاعدية تعد من المزايا أو الحقوق المكتسبة التي اكتسبها المتقاعدون، فلا يجوز المساس بها، والحق المكتسب معناه عدم المساس بالمركز القانوني الذي نجم عن تصرف قانوني معين، وهو يقوم على مبدأ مهم هو مبدأ الأمن القانوني، أي يتعين ان يشعر المواطن بالأمان بما اكتسبه من حقوق، ومبدأ الحق المكتسب يعد الأرضية التي يقوم عليها مبدأ عدم رجعية القوانين بهدف حماية المراكز القانونية الذي تولدت في الماضي .
وبناء عليه اعتقد أن سريان وقف الزيادة السنوية على المعاشات التقاعدية التي اكتسبها المتقاعدون قبل سريان قانون اصلاح التقاعد أو بعد سريانه سيشكل اعتداء على حق مكتسب واهدار لهذا الحق، لا عدالة فيه، ولا يتفق والمصلحة العامة إذ يؤدى بالمواطن (المتقاعد) إلى فقدان الثقة في القانون وعدم والاطمئنان على حقوقه .
2- اعتقد أيضا أن تطبيق أحكام هذا المرسوم بقانون بأثر رجعي بما فيها وقف الزيادة السنوية، فيه ما يخالف حكم المادة ( 124 ) من الدستور التي نصت على أنه (لا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبل هذا التاريخ . ويجوز، في غير المواد الجزائية، النصّ في القانون على سريان أحكامه بأثر رجعي، وذلك بموافقة أغلبية أعضاء كل من مجلس الشورى ومجلس النواب أو المجلس الوطني بحسب الأحوال) .
وهذا يعني أن سريان أحكام القوانين (بما فيها المراسيم بقوانين التي تصبح لها بصدورها قوة القانون) بأثر رجعي يشترط فيه موافقة أغلبية أعضاء كل من مجلسي الشورى النواب، أو المجلس الوطني مجتمعاً بحسب الأحوال. وهو ما لم يتوافر في المرسوم بقانون التقاعد الذي اصبح له قوة القانون، إذ يتم تطبيقه بأثر رجعي دون موافقة من المجلسين على هذا الأثر .
ولا ينال من هذا الرأي القول بأن المذكرة التفسيرية للدستور أكدّت على أن المراسيم بقانون تعتبر نافذة ومرتبة آثارها من تاريخ صدورها إلى حين عرضها على المجلسين، ذلك ما تشير إليه المذكرة التفسيرية هنا تتعلق بالآثار التي تترتب عند تطبيق احكام المراسيم بقانون خلال الفترة من تاريخ صدورها أو نفاذها حتى تاريخ عرضها على المجلسين، خلال هذه الفترة قد تنشأ مراكز قانونية وحقوق مكتسبة للأفراد جراء تطبيق المرسوم بقانون، غير انه في حالة عدم موافقة المجلسين على المرسوم بقانون هل تزول تلك المراكز والحقوق؟

تقول المذكرة التفسيرية إنه (وحماية لهذه الحقوق والمراكز في حالة عدم موافقة المجلسين على هذه المراسيم، عدلت المادة (38) لتقرر زوال هذه الآثار من تاريخ صدور قرار برفضها من كل من المجلسين أو المجلس الوطني بحسب الأحوال، أو من التاريخ الذي كان يجب عرضها فيه على المجلسين في حالة عدم عرضها. والزوال هنا ليس له أثر رجعي، وهو ما يتفق مع كون هذه المراسيم تستمد قوتها من المادة (38) ذاتها، وبالتالي يكون زوالها من تاريخ رفضها، أو بعد مرور شهر من صدورها دون عرضها على مجلسي الشورى والنواب إذا كانا قائمين، أو بعد شهر من أول اجتماع للمجلسين في حالة حل مجلس النواب وتوقف جلسات مجلس الشورى أو في حالة انتهاء الفصل التشريعي دون العرض عليهما، حيث ينتهي الحق التشريعي الاستثنائي المقرر في هذه المادة، ويعود إلى المجلسين اختصاصهما الطبيعي.

3- نفترض، جدلاً، عدم صحة ما أسلف بيانه بأن الزيادة السنوية لا تعد حقاً مكتسباً ويجوز المساس بها لا بأثر رجعي ولا بأثر فوري، وعدم صحة ما كنت أراه بضرورة موافقة المجلسين على الأثر الرجعي للقوانين بما فيها المراسيم بقانون التي تصبح بصدورها له قوة القانون، فإنني أتساءل هنا هل الزيادة السنوية المقررة على كافة المعاشات المقررة هي سبب عجز الصناديق التقاعدية ؟
أشار الكثير من المختصين ومن عايش العمل داخل هيئة التأمين إلى الأسباب الجوهرية لهذا العجز منهم الدكتور حسن الماضي، الدكتور جعفر الصائغ، ونواب كتلة “تقدّم” النيابية: فلاح هاشم،عبدالنبي سلمان، يوسف زينل في ندوات سابقة في المنبر التقدمي وفي مكاتب نواب “تقدّم” وغيرهم كثر. لست معنياً هنا بتكرارها، ولكن يمكن الإشارة إلى ما صرحت به مؤخرا الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية إيمان المرباطي (بأن أسباب تضاعف معدل العجوزات في الصناديق يعود إلى ارتفاع معدّل المتقاعدين مبكرًا من الجنسين، وهو الأمر الذي شكل استنزافًا للصناديق، مما استدعى إجراء هذه الإصلاحات).
لماذا يتم تجاهل الأسباب الحقيقية للعجز ؟، لماذا يتم تجاهل سوء وفساد الهيئة العامة للتأمين في استثمار أموال المتقاعدين مثلا كسبب رئيس من أسباب العجز؟
نعلم أن للهيئة ذراعين هما شركة “أملاك” التي تمثل الذراع العقاري، وشركة “أصول” التي تمثل الذراع الاستثماري، وانه تمّ تصفية أملاك وتحويل اختصاصاتها إلى أصول، ونسأل لماذا تمّ تصفية أصول؟ ما هي نتائج التصفية ؟ حتي يعرف المتقاعدون كيف استثمرت أموالهم العقارية.
ونحسب، بل نؤكد، على أن سبب تصفية “أملاك” لا يعود إلى سوء في الإدارة فحسب بل لفسادٍ مستشرٍ، إذ يكفي أن نشير إلى أن تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية (2016-2017 ) أكد على وجود (تدنٍ في نسبة العوائد المالية للعقارات المملوكة للهيئة العامة للتأمين الاجتماعي وذلك بنسب تتراوح بين 1.1 % الى 2.7% خلال الفترة من 2012 وحتى 2016).

وأن تدني نسب العائد من عقارات الهيئة يعود إلى عدم قيام شركة “أملاك” – وهي الجهة المكلفة بإدارة عقارات هيئة التأمينات – باستغلال 19 أرضًا تبلغ قيمتها السوقية 289 مليون دينار على الرغم من مضي 3 سنوات على بدء نشاط الشركة مع الهيئة.

وذكر أن الشركة اكتفت بإجراء دراسة حول فرص استثمار تلك الأراضي تعود إحداها الى أكثر من سنتين ونصف، إلا أنها لم تقم حتى تاريخ انتهاء أعمال الرقابة في نوفمبر 2016 بتنفيذ توصيات تلك الدراسة أو البحث في أي فرص أو خيارات استثمارية أخرى لاستغلالها.

وأكدّ تقرير الرقابة المالية والإدارية أن بقاء ذلك العدد من الأراضي دون استغلال يضيع على الهيئة فرص الاستفادة من العوائد المتأتية من استثمارها أو بيعها واستثمار قيمتها في مشاريع عقارية ذات فرص استثمارية أفضل.

واشار التقرير إلى أن شركة “أملاك” لم تلتزم بالبند 5-1 من اتفاقية إدارة الأصول ولم تقم منذ بدء مزاولة عملها في العام 2014 بوضع وتنفيذ استراتيجيات الاستثمار العقاري بالتعاون مع شركة أصول كما لم توفر الشركة ما يثبت إشراك شركة أصول في وضع استراتيجة الاستثمار التي اعتمدها مجلس إدارة أملاك في أبريل 2016 للفترة 2016- 2020.

كما نسأل أيضاً: لماذا يتم تجاهل الخلل الأكبر الذي اصاب صندوق التأمين في القطاع الخاص عندما تمّ تخفيض رسوم اشتراكات التأمين ضد الشيخوخة والعجز والوفاة في العام 1986 بواقع الثلث من 11 % إلى 7 % يدفعها صاحب العمل و 5% يدفعها المؤمن لهم بموجب المرسوم بقانون رقم (20) لسنة 1986 بتعديل قانون التأمين الاجتماعي .

لماذا اذن تكون الزيادة السنوية هي المستهدفة؟ لماذا تتم معالجة العجز بميزة وحق مكتسب ولا تتم معالجة الأسباب الحقيقية له.

4- كررت الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية أكثر من مرة في الصحافة وفي التلفزيون أن الزيادة السنوية لم تلغ بل تمّ وقفها، وأن قانون الإصلاح نصّ على أنه إذا تبين من تقرير الخبير الاكتواري وجود فائض في صندوق التقاعد والتأمينات الاجتماعية أو صندوق التقاعد لضباط وأفراد قوة دفاع البحرين والأمن العام البحرينيين وغير البحرينيين المنشأ بموجب المرسوم بقانون رقم (6) لسنة 1991، فيُرحل هذا الفائض إلى حساب مستقل في كل من الصندوقين، ولا يجوز التصرف فيه إلا بموافقة المجلس الأعلى للتقاعد العسكري أو مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي -بحسب الأحوال- ويكون ذلك لزيادة المعاشات بما لا يتجاوز نسبة الزيادة في المؤشر العام لأسعار المستهلك، مع مراعاة أصحاب المعاشات المحدودة.

هذا الفائض الذي نصّ عليه ما سمي بقانون الإصلاح يذكرني بالمثل الشعبي (صبري يا حريقة سار لين جاك ماي للحنينية)، فإذا كانت السيدة الفاضلة الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية قد صرحت مؤخرا أنّ العجز الاكتواري بالصناديق التقاعدية وصل إلى 14.3 مليار دينار، فمتى وكيف سيكون هناك فائض في الصناديق التقاعدية ؟

كما يذكرنا وقف الزيادة السنوية، بوقف الزامية تأمين العمال الأجانب، التأمين ضد الشيخوخة والعجز والوفاة بموجب مرسوم بقانون رقم (12) لسنة 1977 في شأن إيقاف العمل ببعض أحكام قانون التأمين الاجتماعي بالنسبة لغير البحرينيين .
لاحظوا معي مسمى القانون إيقاف العمل منذ عام 1977 وحتى يومنا هذا لم تتم إعادته، ولم يتم التطرق إليه الان في حزمة الإصلاحات، وأخشى ما نخشاه أن يكون مصير وقف الزيادة السنوية هو ذات مصير وقف الزام العمال الأجانب بالتأمين .
فضلاً عما تقدّم بشأن الفائض إن وجد، فإن التصرف فيه يكون مشروطاً بموافقة المجلس الأعلى للتقاعد العسكري أو مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي – بحسب الأحوال. وليس بالزامهما بصرفها لزيادة المعاشات التقاعدية. كما أن الفائض حين تتم الموافقة على صرفه ويكون ذلك لزيادة المعاشات بما لا يتجاوز نسبة الزيادة في المؤشر العام لأسعار المستهلك، مع مراعاة أصحاب المعاشات المحدودة.
النص هنا يراعي في صرف الفائض أصحاب المعاشات المحدودة، والسؤال: ألم يكن الأجدر أن يراعي النص حين قرر وقف الزيادة السنوية أصحاب المعاشات المحدودة ؟؟؟
ثالثاً: مجلس النواب على المحك في دور الانعقاد القادم .
بعد صدور المرسوم بقانون محل الحديث في 13 من الشهر الماضي، تسابق أصحاب السعادة أعضاء مجلس النواب لتقديم مقترحات أغلبها اقتراحات برغبة تهدف جمعيها معالجة ما سيترتب على وقف الزيادة السنوية على المعاشات التقاعدية منها مثلاً:
• اقتراح بإعفاء المتقاعدين من دفع أقساط الإسكان للمنتفعين بالوحدات الإسكانية، سببه من اقترحه ب (التغييرات الأخيرة التي حصلت على أنظمة التأمينات والتقاعد، ومنها إيقاف علاوة الزيادة السنوية 3%. ) .
• تقدّم 5 نواب باقتراح برلماني يطالب الحكومة بزيادة علاوة تحسين المعيشة للمتقاعدين الذين يقل مجموع دخلهم عن 1500 دينار من خلال فائض بند الحماية الاجتماعية في الميزانية العامة للدولة 2019 /2020. يأتي في ضوء وقف الزيادة السنوية على كافة المعاشات التقاعدية مما سيؤثر بشكل او بآخر على المتقاعدين من ذوي الدخل المحدود والذين يقل مجموع دخلهم عن 1500 دينار وهم السواد الأعظم من فئة المتقاعدين .
• بمقترح بقانون لإضافة بند جديد على قانون التأمين ضد التعطل لإضافة المتقاعدين كفئة جديدة مستفيدة من وفورات صندوق التعطل بتخصيص مكافأة قدرها 200 دينار سنوياً لجميع المتقاعدين كونهم أساساً مساهمين في صندوق التعطل طوال فترة عملهم في القطاعين الحكومي والخاص ويستحقون الدعم نظراً لعدم وجود وفورات في صندوق التقاعد والتي تؤثر على صرف العلاوة السنوية التي توقفت بسبب أوضاع الصناديق والعمل على إصلاحها وديمومة الصناديق التقاعدية وسوف يعوض المقترح فترة التوقف لتعين المتقاعد على متطلبات الحياة وغلاء المعيشة.

كل هذه النوايا الهادفة لمعالجة الآثار التي ستترتب على أوضاع المتقاعدين أصحاب المعاشات المحدودة. جراء وقف الزيادة السنوية، هي نوايا محمودة، لكنه يتعين على السادة أعضاء المجلس أن لا يغيب عنهم أن هذه المقترحات لا تحلّ المشكلة، وان عليهم مواجهة الحقيقة حين يعرض على المجلس المرسوم بقانون لإقراره أو رفضه، ونقصد بالحقيقة هي أن أحكام هذا المرسوم، ومنها حكم وقف الزيادة السنوية بقدر ما فيها من انتقاص واهدار لحقوق مكتسبة، فإنها لن تعالج العجز الإكتواري، لأنها لا تعالج الأسباب الحقيقية للعجز، فضلاّ عن مخالفة هذا المرسوم بقانون للدستور لعدم توافر الضرورة المستعجلة التي لا تحتمل التأخير .

إذاً، سيكون أعضاء كل من المجلسين على المحك في دور الانعقاد القادم حين يعرض عليهم هذا المرسوم بقانون، ويحقّ لهم مساءلة الحكومة إذا كان الوضع الحرج الذي تمر فيه الصناديق التقاعدية يحتم حالة الاستعجال والضرورة، في إصدار مرسوم بقانون يحقق الاستقرار للصناديق التقاعدية، ويحفظ حقوق المواطنين فلماذا لم يتم عرضه في صيغة مشروع قانون في دوري الانعقاد الأول والثاني المنصرمين؟

.