المنشور

البطالة ومشروع التوظيف الوطني

يتابع الشارع البحريني بكثير من الاهتمام مداولات مجلس النواب بالنسبة للعديد من القضايا، والتي تشكل في مجملها ملفات مهمة تفرض أولويتها على تطلعات الشارع البحريني ليتمّ التركيز عليها باستمرار، بغية الوصول إلى حلول وانجازات منتظرة، ويأتي على رأس تلك الأولويات بطبيعة الحال ملفا البطالة والإسكان اللذان لا سبيل لمجلس النواب وللسلطتين التشريعية والتنفيذية، عامة، اهمالهما تحت أي ظرف، نظرا لالتصاقهما بشكل مباشر بمصالح جميع الشرائح والفئات تقريبا، وكذلك لارتباطهما بما بات يسمى بتحسين جودة الحياة بالنسبة للأفراد والأسر في ظل التحديات المتعاظمة، وعلى أكثر من صعيد أمام الشباب وأسرهم المتطلعة لتحقيق المزيد من الإطمئنان والثقة في المستقبل بشكل افضل.

ملف البطالة بالذات سيكون محور حديثي في هذه العجالة، على أن نفرد مقالات قادمة لقضايا الإسكان والتقاعد وغيرها بحسب الظروف، وهذا الملف، بحسب متابعاتي، بات يحتل أولوية خاصة بالنسبة للجميع في البحرين للأسباب الآنفة الذكر وأسباب أخرى عديدة لا يتسع المجال للتفصيل فيها.

بالنسبة لمجلس النواب، وكما تابع الجميع خلال الدورين الأول والثاني من الفصل التشريعي الخامس، وكذلك مجريات الدور التشريعي الحالي، الذي نعيش فصوله منذ سبتمبر الماضي، ويمكننا متابعة ذلك من خلال العديد من الأسئلة المطروحة على الوزراء والحكومة، وجلسات المناقشة العامة في ملفات مهمة كسوق العمل والتعليم والبطالة والصيادين وغيرها، وهي ملفات عرضت فيها أرقام وحقائق شخّصت بشكل واضح أبعاد المشكلة وتداخلاتها، ولا شك أن مجلس النواب بذلك قد مارس ضغطاً كبيراً باتجاه الدعوة للإسراع في إيجاد حلول عبر مشروع واضح المعالم، كما ساعدتنا في ذلك الخطوات الإيجابية التي اتخذت في أكثر من بلد خليجي بعض دول الخليج تجاه ملف البطالة وهيكلة أسواق العمل، وأستطيع أن أقول حجم الضغوطات على الحكومة كان ولا يزال غير مسبوق.

لذلك فإن تجاوب الحكومة الأخير، وإن طال انتظاره بالنسبة لنا على الأقل، عبر طرحها النسخة الثانية من مشروع التوظيف الوطني الذي كان عنوانه الأبرز هذه المرة: إيجاد 25 الف وظيفه للبحرينيين العاطلين في العام 2021 الحالي، يمكن أن يحفز آمال العاطلين وأسرهم في غدٍ افضل، على أن ذلك يجب ألا يستدعي الركون للتصريحات، بل العمل بتفعيلها على الأرض بما يصبّ في مصلحة العاطلين والتي من أول شروطها فهم آليات تحقيق ذلك، والتي يجب أن تبدأ بالإفصاح عن حجم المشكلة وتداخلاتها، ومن ثم الشروع بإعادة هيكلة سوق العمل بحسب معطيات ذات ابعاد وطنية ومعيشية وأمنية واقتصادية، وانسجاماً مع ما سبق أن دعت اليه رؤية البحرين 2030 وما بشر به مشروع تنظيم سوق العمل منذ العام 2006.

في المجمل نحن أمام مرحلة جديدة بكل ما تحمله من تحديات، وأثق أننا سنكون قادرين على تجاوز الكثير من التحديات والمصاعب شريطة أن نتحلى جميعا بروح جديدة ومتفائلة، وقبل ذلك بأفكار ومقاربات ورؤى مختلفة قادرة ان تستشرف المستقبل بكل ما يحمل لنا ولغيرنا من تحديات، لا سبيل امامنا إلا بتجاوزها متكاتفين لإنجاز مهماتنا الوطنية بأقصى ما نستطيع من تلاحم وانسجام وطني، بغية الإسهام، كل من موقعه، في بناء مستقبل أفضل لجميع أبناءنا وشبابنا العاطلين وانصافهم في أولوية التوظيف وتحقيق الاستقرار لسوق العمل الذي شهد فوضى وتخريباً لا قبل لنا بالتعايش معه اكثر، حفاظاً على هويتنا الوطنية ومصالح أبناء شعبنا.