المنشور

موقفنا – الصهاينة غير مرحّب بهم في البحرين

تحتضن مملكة البحرين خلال الفترة من 15-18 المؤتمر العالمي لريادة الأعمال، الذي كان يمكن أن يكون محل ترحيب المجتمع البحريني كاملاً، لولا إن أحد أبرز ضيوفه وزير اقتصاد العدو، وأربع متحدثات إسرائيليات، فضلاً عن وفد يضم حوالي 50 إسرائيلياً.
وتأتي هذه “الإستضافة” لوفد من دولةٍ ما زالت وستطل بالنسبة لشعبنا، كما لكل الشعوب العربية، عدوة طالما هي مستمرة في احتلال الأراضي العربية، ومنكّلة بالشعب الفلسطيني الشقيق، بعد أسابيع قليلة جداً على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن “يهب” هضبة الجولان، إلى إسرائيل، وهي البقعة الغالية من سوريا، احتلتها إسرائيل عام 1967، كما احتلت، يومها، شبه جزيرة سيناء المصرية، وأراضي الضفة الغربية وغزة الفلسطينية.
وأتى قرار ترامب هذا إكراماً لعيني حليفه في تل أبيب بنيامين نتنياهو، بعد أن أعتبر القدس عاصمة أبدية لدولة الاحتلال ونقل سفارة بلاده إليها. وفي الحالين كان ترامب يتحدى لا الفلسطينيين والعرب وحدهم، وإنما المجتمع الدولي كله الذي تنص قرارات هيئاته الكبرى على أن القدس عاصمة الدولة الفلسطينية المنشودة، وأن الجولان أرض سورية محتلة بالقوة الغاشمة من إسرائيل، عليها أن تعود للوطن الأم ويعود أهلها لأحضان شعبهم السوري.
كأن هذه الاستضافة لوفد إسرائيلي بهذا العدد الضخم، والاعتراض هنا ليس على العدد وحده وإنما على الفكرة من أساسها، هو بمثابة هدية أخرى ينالها نتنياهو ودولة الاحتلال كاملة، في سياق مسلسل التطبيع الجاري سيره على قدم وساق من جانب بعض الدول العربية، ولا يمكن لشعبنا البحريني أن يوافق على أن تكون بلدنا واحدة من هذه الدول التي تفتح أبوابها لممثلي دولة الاحتلال والعدوان، في وقت يستمر فيه قضم الأراضي الفلسطينية في غزة عبر سياسات الاستيطان غير المسبوقة، فضلاً عن العدوان المستمر على أشقائنا في قطاع غزة، والذي بنتيجته يسقط عشرات الشهداء كل أسبوع.

لقد قلنا من قبل إنه لا يمكن السكوت عن المنطق الرسمي السائد الآن، في الساحة العربية: “سنقيم التطبيع رغم إرادة شعوبنا”، فهي خطوة تنطوي على استفزاز كبير لكل المشاعر ولما استقرّ من مواقف في وجدان الناس، حول عدالة قضية الشعب الفلسطيني الشقيق الذي ما زال محروماً من أبسط حقوقه الشرعية، فكيف تكافىْ دولة الاحتلال بالتطبيع معها.

ونعيد إلى الأذهان هنا الموقف الشعبي البحريني الجمعي ضد زيارة وفد من رجال الأعمال الصهاينة، مصطحبين معهم فرقة موسيقية استفزت المشاعر بتقديمها عرض في قلب العاصمة، وهو نفس الموقف الذي تجلى ضد زيارة وفد بحريني إلى القدس المحتلة بحجة زيارة الأقصى الشريف، وها هو الموقف نفسه يتجلى بوضوح ضد مشاركة الوفد الإسرائيلي في المؤتمر العالمي لريادة الأعمال.

اقرأ المزيد

ضد التطبيع

في الوقت الذي يجري فيه تسريب معلومات، لا تنقصها الصدقية والجدية، عن اتصالات سرية بين طهران وواشنطن، يقال إن علي ولايتي مستشار خامنئي للشؤون الخارجية هو من يمثل إيران فيها، ولا أحد يعلم ما الذي يمكن أن تفضي إليه مثل هذه الإتصالات، إن صحّ أمرها، من تفاهمات أمريكية – إيرانية، تسعى إدارة ترامب لإيهام بعض الدول العربية المتضررة من السياسات الإيرانية في المنطقة، أنها ستدخل معها في حلف ضد إيران بهدف عزلها وإسقاط النظام القائم فيها.
ولا ينفصل هذا الإيهام عن الخطاب المعلن لترامب منذ حملته الانتخابية بابتزاز دول الخليج العربي مالياً بحجة حمايتها، وهو ابتزاز ما زال يكرّره بشكل فج ومهين، والغاية واضحة، وهي أن هذا الرجل يريد استنزاف ثروات بلداننا وضخّها في الخزانة الأمريكية لإنقاذ ما تعانيه بلاده من صعوبات اقتصادية، فيما هو في الحقيقة الأمر أبعد ما يكون عن فكرة مواجهة إيران عسكرياً.
في غمرة هذا “الكرنفال” كلّف ترامب صهره كوشنر بمهمة حشد عدد كبير من الدول، بينها الكثير من الدول العربية، بالإضافة إلى إسرائيل، لاجتماع في وارسو، جمع كبار المسؤولين العرب مع بنيامين نتاهيو، ومعه أجرى بعضهم لقاءات علنية وأخرى سرية.
والملاحظ أن الشأن الإيراني لم يكن حاضراً في هذا اللقاء إلا بشكل باهت، وجرى التمويه عليه بعبارات وعناوين فضفاضة كضمان الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، فيما بات واضحاً أن الغاية الحقيقية من هذا اللقاء لم تكن سوى وضع الجميع على سكة التطبيع العلني مع إسرائيل، لدرجة بلغت معها وقاحة بعض المحللين الإسرائيليين الذين يطلون كل مساء على الفضائيات الناطقة بالعربية حد السخرية من شعوبنا بالقول: إن حكامكم جميعاً موافقون على إقامة علاقات طبيعية معنا، ولا يهمنا إذا وافقتم أم لم توافقوا.
ورغم كل هذه الجرعة العالية من الوقاحة، فإنه أمر مفهوم أن يفكر الإسرائيليون بهذه الطريقة، لكن الذي لا يمكن قبوله أو السكوت عنه أن تفكر الحكومات العربية بالمنطق نفسه: “سنقيم التطبيع رغم إرادة شعوبنا”، وهي خطوة تنطوي على استفزاز كبير لكل المشاعر ولما استقرّ من مواقف في وجدان الناس، حول عدالة قضية الشعب الفلسطيني الشقيق الذي ما زال محروماً من أبسط حقوقه الشرعية، فكيف تكافىْ دولة الاحتلال بالتطبيع معها.
لقد قالها شعبنا البحريني بكل أطيافه، قبل اجتماع وارسو وبعده، وقالتها كل الشعوب العربية: لن نقبل بالتطبيع.

اقرأ المزيد

هل نصغي لأصوات الناس؟

طوال الأسابيع الماضية؛ كان موضوع التأمينات، ومنظومة التقاعد عامة، مالىء الدنيا وشاغل الناس في البلد،، فجرى تناوله في الصحافة وفي وسائل التواصل الاجتماعي، وكان أيضاً محل اهتمام من قبل السلطة التشريعية، مع كل الملاحظات التي نعرفها عن طريقة تعاطي مجلسي الشورى والنواب مع الأمر، وفي نتيجة ذلك جاءت مبادرة جلالة الملك، بضرورة التريث في إقرار التعديلات المقترحة من قبل الحكومة على القانون المنظم للموضوع، واتاحة فرصة لاجراء المزيد من المشاورات حول جوهر هذه التعديلات وطبيعتها، هو ما عنى، حكماً، أن هذه التعديلات مرفوضة شعبياً، ويمكن القول برلمانياً أيضاً.

وقد وضع المنبر التقدمي على عاتقه، وقبل فترة طويلة سابقة لتقديم هذه التعديلات، مهمة التنبيه إلى المخاطر الكبيرة المحيطة بمنظومة التقاعد وحقوق المتقاعدين في البحرين، إن على شكل ندوات ضمن ملتقاه الأسبوعي، او على شكل ورش وحلقات عمل، وعلى صفحات هذه النشرة، بالذات، نشرنا العيد من المعالجات الرصينة والمسؤولة للمسألة بأقلام مختصين ومتابعين، سواء كانوا من كوادر “التقدمي” أو من الكفاءات الوطنية من خارجه.

وفي الفترة الأخيرة انخرطنا مع كافة مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الوطنية وكل الشخصيات الوطنية، لا في نقد المآخذ الكبيرة على التعديلات المقدمة من الحكومة للسلطة التشريعية، وتبيان أوجه الخطورة فيها، وإنما أيضاً لاقتراح الحلول والمخارج السليمة والموثوقة للخروج من هذه الأزمة الكبيرة التي تمس حقوق عشرات الآلاف من المتقاعدين اليوم، فضلاً عن من ينتظرون التقاعد قريباً او بعد حين.

 وبيّن المنبر التقدمي، سوية مع كل المخلصين في هذا البلد، أن المشكلة، في جوهرها، ليست في القانون، وإنما تكمن أولاً؛ وقبل كل شيء، في سوء إدارة الصندوق، وفي الفساد المستشري داخله، فضلأً عما يحوم حول طريقة إدارة استثمارات  الصندوق من شبهات، وأنه يتعين، في البداية، معالجة هذه الآفات المعروفة والمُوثقة في تقارير لجان التحقيق في أوضاع الهيئة، أكانت هذه اللجان برلمانية، أو حتى من ديوان الرقابة المالية في تقاريره السنوية.

بين دفتي هذا العدد مجموعة كبيرة من التوصيات وضعتها لجنة مختصة انبثقت عن حلقة حوارية أقامها “التقدمي” الشهر الماضي، وهي توصيات كفيلة بأن تأخذ بأوضاع منظومة التقاعد نحو الطريق الصحيح، وهي تلتقي مع ما قدمته الحركة النقابية وسواها من مؤسسات المجتمع المدني من مقترحات حول الغاية ذاتها.

فهل تجد هذه التوصيات آذاناً صاغية من المعنيين، هل سيصغون لأصوات الناس؟

نشرة التقدمي العدد 129 اغسطس 2018

اقرأ المزيد

التقاعد ليس قضية إجرائية #ارفعوا_أيديكم_عن_التأمينات

تقدمت الحكومة إلى مجلس النواب بمشروع تعديلات على قانون التقاعد والتأمينات الاجتماعية، تنص صراحة، ودون مواربة، على أن تتخلى السلطة التشريعية عن رقابتها على أداء صندوق التقاعد والتأمينات، بأن يعهد لمجلس إدارة الصندوق، غير المشهود له أصلاً لا بالكفاءة ولا بالنزاهة، حرية وضع ضوابط وقواعد عمل الصندوق بما فيها تحديد نسبة الاشتراك وسن التقاعد وإعادة النظر في المزايا التي بمنحها القانون المعمول به للمشتركين في الصندوق ممن تقاعدوا ومن سيتقاعدون في المستقبل.

تشكّل في البحرين رأي عام موحد برفض هذه التعديلات، حيث اتفقت كافة شرائح المجتمع البحريني من مختلف المشارب على هذا الموقف، مما حمل مجلس النواب على التصويت بالإجماع برفض التعيلات المقدمة من الحكومة.

في مجلس الشورى سمعنا بعض الأصوات المتحفظة والممتنعة عن تأييد التعديلات، لكننا سمعنا أيضأً أصواتاً سمجة، لم تكتف فقط بتزيين وتسويق التعديلات المقترحة من الحكومة، وإنما أيضاً أساءت لمئات الآلاف من أبناء وبنات الشعب، الذين توحدوا في الموقف ضد هذه التعديلات لأنها تمس حقاً أصيلاً لهم، وتنال من المدخرات التي أنفقوا وينفقون العمر من أجل أن تتحول إلى مرتب تقاعدي لهم بعد مغادرتهم الوظيفة، وفي النهاية صوّت مجلس الشورى بغالبية أعضاءه بالموافقة على التعديلات

عاشت البلد بعدها حلاً من الترقب والجدل، حول مصير هذه التعديلات، خاصة بعد أن طلعت هيئة رئاسة مجلس النواب ب”تخريجة” الطلب من جلالة الملك إحالة مشروع التعديلات للمحكمة الدستورية، وهي “تخريجة” أغفلت أن مشكلتنا مع هذه التعديلات ليست في كونها تنطوي على شبهة دستورية، وإنما في كونها “تُشرّعن” السطو على مدخرات المؤمنين في الصندوق، مشكلتنا ليست إجرائية أو دستورية، وإنما هي مشكلة تطال حقوق الناس وأموالهم، وبالتالي فإن تقزيمها بهذه الطريقة وتصويرها على أنها محض إجرائية، ما هو إلا تمهيد لتمرير مارفض شعبياً وبرلمانياً بطرق ملتوية.

في غمرة ذلك، تلقى المواطنون والفعاليات المجتمعية والسياسية بترحاب توجيهات جلالة الملك بالتريث في البت بالتعديلات المقترحة، وإعطاءها فرصة للنقاش والحوار، كي لا تسلق سلقاً، وقد تشكلت لجنة مشتركة ضمت ممثلين عن مجلسي النواب والشوري والحكومة للنظر فيها، وبلورة رأي حولها، لكن المؤمل ألا تكون قرارت هذه اللجنة التي يغيب عنها ممثلو النقابات والمجتمع المدني، نهائية، وأن يخضع ما ستتوصل إليه، بدوره، للنقاش المجتمعي، قبل أن تحال إلى المجلس القادم.

إفتتاحية نشرة التقدمي لشهر يوليو 2018.

اقرأ المزيد

تغييب المجتمع المدني

هناك شكوى تزداد وتتسع من سعي الدولة لتغييب مؤسسات المجتمع المدني، والتضييق على الدور الذي تؤديه، وإنهاء دور الشراكة الذي اضطلعت به في الفترات السابقة مع الأجهزة الحكومية، وكذلك مع السلطة التشريعية.

فالاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، مثلاً، يشتكي من تغيّب الجهات الحكومية المعنية بالشأنين العمالي والمعيشي من الأنشطة التي يقوم بها لمناقشة القضايا المتصلة بهما، وبالتالي فإن وجهة نظر النقابات والحركة العمالية لا تجد من يسمعها ويناقشها من المعنيين، المطالبين أيضاً بالاجابة على الأسئلة المثارة، والاتحاد النسائي يشتكي من تجاهل السلطة التشريعية لوجهات نظره في القضايا ذات الصلة بمجال عمله، كما حدث عند مناقشة المادة 535 المتصلة باسقاط العقوبة عن المغتصب في حال وافق على الزواج من ضحيته.

ويمكن أن نستطرد في سوق الأمثلة على ذلك، ولكن أكثرها سطوعاً في الآونة الأخيرة التعديلات التي أدخلت على قانون الجمعيات المهنية، والتي تحضر على أعضاء الجمعيات السياسية الترشح لانتخابات مجالس الإدارة في الأندية الرياضية والثقافية والمؤسسات المهنية، مع أن هذه الجمعيات السياسية تعمل تحت مظلة القانون، وملتزمة ببنوده، وليس في طبيعة نشاطها الوطني ما يستدعي حرمان أعضائها من الترشح لعضوية مؤسسات أخرى، كالأندية مثلاً.

 من سمات الشمولية العربية هيمنة الحكومات على مؤسسات المجتمع المدني، والتي فقدت بحكم هذه الهيمنة صفتها التمثيلية للقطاعات التي تنطق باسمها، ومن الأمور التي تحسب لمؤسسات المجتمع المدني في البحرين أنها نبعت من قلب الحراك المجتمعي المستقل عن الدولة، وليس القصد هنا أنها نشأت لمغالبة الدولة، وإنما لتتوفر على أهم شرطٍ من شروط المجتمع المدني وهو الإستقلالية.

 وفي المحافل العربية والدولية ذات الصلة كان ينظر للجمعيات والاتحادات البحرينية الأهلية بهذه الصورة، سواء تعلق الأمر بالحركة النقابية العمالية، أو بالجمعيات المهنية، كجمعيات المحامين والأطباء والمهندسين، وكذلك بالمؤسسات الممثلة للمبدعين والفنانيين.

المجتمع كان سبّاقاً في تنظيم نفسه في هيئات معبرة عنه، ومجسدة لمصالح وتطلعات قطاعاته المختلفة، ويعود الفضل في ذلك للشرائح الحديثة من الكفاءات المهنية والثقافية التي تلقت خبراتها الأولى في العمل النقابي في صفوف الحركة الوطنية والتقدمية البحرينية، مُستوحية في ذلك تراث الحركة الوطنية المناهض للطائفية والمعبر عن كافة فئات المجتمع، والمتجاوزة لآثام  التخندق الطائفي البغيض.

إن هذا التغييب لدور مؤسسات المجتمع المدني، والتضييق عليها، ينبع من فهم ضيق وخاطىء لبعض أجهزة الدولة لدور مؤسسات المجتمع المدني، أدى وسيؤدي أكثر، في حال استمراره، لمصادرة الفضاء الأهلي في البلاد، مما يفقد البحرين واحدة من أهم السمات التي كانت موضع فخر واعتزاز، لا من البحرينيين أنفسهم، وإنما على الصعيدين العربي والدولي.

نشرة التقدمي – يونيو – العدد 127

اقرأ المزيد

70 جرحاً

سوسن دهنيم

أن تكون عربياً وعمرك فوق السبعين، فذلك يعني أنك عشت سبعين قهراً، وسبعين جرحاً، وسبعين خيبة. بعدد سنوات القهر العربي والجرح العربي والخيبة العربية منذ عام 1948، وإذا أردنا الوضوح لابد أن نقول: من قبل هذا التاريخ.
مرّت قبل أيام ذكرى النكبة السبعين، التي أدت إلى نزوح واسع النطاق للفلسطينيين وتهجير ما يزيد على 700 ألف منهم فضلاً عن تدمير مئات القرى الفلسطينية واحتلال أراضيها وبيوت سكانها.
وكلّما نقلت وكالات الأنباء الإخبارية صور فلسطينيين ما زالوا يحتفظون بمفاتيح بيوت، ربما لم تعد موجودة بعد كل ما فعله المحتل في الأرض الفلسطينية، شعرنا بالخزي والألم والخجل من صبر وأمل هؤلاء الذين تفوق أعمارهم عمر «الدولة الإسرائيلية» غير الشرعية.
أمل فلسطيني يقابله صمت عربي رسمي، برغم ما تقوم به الشعوب العربية من ندوات وحراكات تنديداً بالاحتلال ووقوفاً إلى جانب الحق الفلسطيني. أمل جعل من ذكرى النكبة في كل عام ثورة جديدة ومسيرة عودة جديدة ربما تصيب في سنة ما، فيعود الحق لأهله.
وبرغم وضوح القضية، ووضوح المجازر «الإسرائيلية» التي زادت على 70 مجزرة، أدت إلى استشهاد ما يزيد على 15 ألف شهيد، مازال بعض العرب يعمهون في غيهم ويناصرون المحتل «الإسرائيلي».
منذ سبعين عاماً وأمهات فلسطينيات يمتن خارج بيوتهن فيما تتدلى مفاتيحها على صدورهن. وبيوت فلسطينية تهدم أو تستعمر فيما يسكن أصحابها في مخيمات وملاجئ يزداد أعداد سكانها يوماً بعد يوم. والأسرى في ازدياد فيما يقضون أيامهم من غير حقوق مهما فعلوا واحتجوا.
سبعون عاماً وفي كل ذكرى يزف شهداء ويسقط جرحى، كان أقربها ما حدث يوم الاثنين الماضي حين نقلت الولايات المتحدة الأمريكية سفارتها إلى القدس تأكيداً منها على حق المحتل في أرض غيره، في حين ارتقى ما يزيد على 60 شهيداً، وجرح أكثر من 2700 فلسطيني كان يحلم باستعادة حقه. وكأن على هذا الشعب أن يدفع دمه ليرجع الدم للجسد العربي الغافي حين يتعلق الأمر بقضيته الكبرى وجرحه الأكبر «فلسطين».
كتب محمود درويش في عام 2001 في ذكرى النكبة: «لن ننسى ما حدث لنا على هذه الأرض الثكلى وما يحدث، لا لأن الذاكرة الجمعية والفردية خصبة وقادرة على استعادة حكاياتنا الحزينة، بل لأن الحكاية، حكاية الأرض والشعب، حكاية المأساة والبطولة ما زالت تروى بالدم في الصراع المفتوح بين ما أريد لنا أن نكون وبين ما نريد أن نكون».

 

اقرأ المزيد

أمن الخليج العربي

رغم العواصف العاتية التي يعاني منها العالم العربي، إستطاعت دول الخليج العربي أن تحافظ على درجة معقولة من الاستقرار، رغم أنها لم تسلم بصورة تامة من ارتدادات وشظايا ما يجري في محيطها العربي من حروب وفتن، ولكن ذلك كله ظلّ تحت السيطرة، رغم قلق شعوب المنطقة من أن يطال بلدانها ما طال بلدان عربية شقيقة لها، فالفوضى إذ تعم فإنها لا توفر أحداً، خاصة مع المخططات والأجندات الدولية والإقليمية المنخرطة في مشروع “الفوضى الخلاقة” الجاري تنفيذه على قدم وساق.

وكان المطلب الذي تطرحه شعوبنا وقواها الوطنية هو العمل على تحصين جبهاتنا الداخلية، عبر التوافقات المجتمعية والحلول الوطنية لأية مشاكل داخلية تجابه بلداننا، كما هو الحال بالنسبة لوطننا الغالي، والنأي عن التجاذبات الإقليمية وعن الرهانات على حلول من الخارج، فالخارج هذا معني بمصالحه وطموحاته لا بمصالحنا، وهو غير معني باستقرارنا، فعينه على تمدد نفوذه ومواصلة استنزاف ثرواتنا.

ومن هذه الزاوية فإن شعوبنا تتطلع بكل حرقة وصدق إلى أن يجري تجاوز أزمة العلاقات الخليجية – الخليجية التي نشأت مؤخراً، وتسوية الخلافات بروح الحوار والتفاهم وتوحيد المواقف إزاء التحديات الماثلة أمامنا وفق القواعد التي أشرنا إليها أعلاه، خاصة وأننا مجتمعات مترابطة ومتداخلة عائلياً في نسيج لا يمكن تفكيكه.

خلال العقود الثلاثة الماضية خطت دول المنطقة خطوة، لا بل خطوات، في الاتجاه الصحيح بتشكيلها لإطار مجلس التعاون الخليجي كوحدة إقليمية تمتلك درجة كبيرة من التجانس، وبتمكنها من الحفاظ على استمرار هذا الكيان رغم بعض الخلافات، ورغم الهزات الكبيرة التي عرفتها المنطقة، لذلك يقلقنا أن يتعرض هذا الكيان إلى التصدع، في هذه اللحظة التاريخية الحرجة، التي تتطلب أكثر من السابق بلوغ التوافق حول موقف خليجي واحد ومتسق إزاء التحديات المصيرية لدول المنطقة، وصون سيادة بلداننا واستقلالها.

إن مجلس التعاون الخليجي لو أخذ كوحدات مستقلة لكنا إزاء دول صغيرة المساحة ومحدودة السكان، وحتى إذا أخذناه كمجموع فانه سيغدو مجموعا لهذه الوحدات الصغيرة، مع مراعاة أن الجمع بين وحدات متناثرة يضفي عليها قوة نوعية تتعدى التجميع الكمي، وعلى هذا نعول في أن نحافظ على ما تحقق من مكتسبات وتثبيتها لصون أمن بلداننا ودرء المخاطر عنها، وتجنيب شعوبها الخطر.

اقرأ المزيد

ترامب في المنطقة

بالنسبة لنا كشعوب عربية، ليس هناك ما يبهج في نتائج زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المنطقة، فهو سيعود إلى بلاده محملاً بالغنائم من صفقات وأموال، تعينه على مواجهة تعثراته الداخلية الكثيرة، وارتباكاته هو وإدارته في الأداء أمام حملات النقد التي تواجهه، فيما ستظل منطقتنا مشتعلة بالحروب والفتن الطائفية والمذهبية وغارقة في الدماء، وأسيرة تجاذبات المصالح والصراعات الإقليمية، فيما قضية الشعب العربي الفلسطيني تبعد أكثر فأكثر عن فرص الحل المشرف الذي يضمن للفلسطينيين كرامتهم وحقهم في الخلاص من الإحتلال وإقامة دولتهم الوطنية المستقلة وصاحبة السيادة على أراضهم.

أكثر من ذلك فإن ترامب يعود بجيوبه المليئة في الوقت الذي ما زالت فيه أسعار النفط الذي تعتمد عليه دول منطقتنا كمصدر يكاد يكون وحيداً في عائداتها في تراجع، دون أن يلوح في الأفق أي أمل في أن تنهض مجدداً من سقوطها المريع، ما يستلزم المزيد من الاجراءات التقشفية القاسية التي ستفرض على شعوب المنطقة على شكل المزيد من الضرائب والرسوم والمكوسات المباشرة وغير المباشرة، والمساس بالضمانات والخدمات الاجتماعية المهمة، التي هي بمثابة الحقوق المكتسبة التي لم تتخيل شعوبنا أن يجري النيل منها يوماً.

في كلمات أخرى فإن شعوب المنطقة في أمس الحاجة اليوم، أكثر مما كانت عليه في السابق، في أن يجري صون الثروات وتوظيفها في مشاريع انتاجية، وللحفاظ على مستوى المعيشة المتحقق الذي هو جزء من حق هذه الشعوب في ثرواتها الوطنية، كما هي حق لأجيالنا القادمة  بعد نضوب هذه الثروات أو تآكلها أو تناقص أهميتها في السوق العالمية.

ما يحتاجه العالم العربي حقاً هو بلورة موقف عربي متماسك يكون في مستوى الندية إزاء مختلف التجاذبات والمشاريع الاقليمية والدولية، موجه لحماية هذه المنطقة وشعوبها مما يتهددها من أطماع، وفي مقدمتها الخطر الصهيوني الذي يزداد خطورة مع ضعف العالم العربي وتمزقه وغرقه في المحن والحروب الأهلية، ما يغري الصهاينة من جهة،  والقوى الإقليمية في أنقرة وطهران بتوسيع نفوذها فيه.

وهذا يتطلب إطلاق طاقات الشعوب العربية وتمكينها من المشاركة في القرار وفي الثروة، كي تكون سداً منيعاً بوجه هذه الأخطار، لا الاعتماد على الدول الكبرى الباحثة عن مصالحها، والتي لا تكن لبلدان هذه المنطقة وحكوماتها أي تقدير، وهو ما يعكسه الخطاب العنصري لترامب نفسه المتعالي على العرب والكاره لهم، ومجاهرته بأن هدفه هو الاستحواذ على الثروات العربية وتوظيفها في التغلب على ما تواجهه الولايات المتحدة من عجز.

اقرأ المزيد

مهام ملحة أمام الحركة العمالية

في الأول من مايو، العيد الأممي للطبقة العاملة، الذي تحييه طبقتنا العاملة ومنبرنا التقدمي لا بد من التأكيد على مواجهة ما يجري من محاولات لتفريغ العمل العمالي والنقابي من مضمونه، ليصبح شكلياً وفارغاً من المحتوى لا صلة له بواقع وهموم وتطلعات الطبقة العاملة في البحرين، ولكي تكون الحركة العمالية والنقابية أكثر قدرة على الدفاع عن حقوقها المشروعة، خاصة في ظل السياسات والتوجهات والقرارات المعلنة التي تنال من الحقوق المعيشية للمواطنين وفي مقدمتهم العمال وذوي الدخل المحدود.

ولا تقل أهمية عن ذلك ضرورة مواجهة تشوهات سوق العمل، وخاصة منها المتاجرة بالعمالة الوافدة واستغلالها، والانحراف بخطط وبرامج البحرنة عن مسارها الصحيح والمأمول، حيث تجري المجاهرة ليس فقط  بفشل خطط هذه البحرنة، وانما اعتبارها مقيدة للتنافسية والنمو الاقتصادي، هذا في الوقت الذى تتفاقم فيه مشكلة البطالة وبشكل خاص في صفوف الجامعيين البحرينيين وأصحاب المؤهلات العلمية والتخصصات التي تعتبر البحرين في أمس الحاجة إليها.

إن السياسات الاقتصادية المعلنة بعد انخفاض أسعار النفط،  والمرجح أنه انخفاض سيطول، تتوجه نحو تحميل العاملين تبعات التدابير التقشفية الصارمة، عبر رفع الدعم عن سلع حيوية، وعبر فرض ضرائب مباشرة وغير مباشرة على المواطنين، بدلاً من المعالجة الجادة والمسؤولة لأوجه الخلل الهيكلي في بنية الاقتصاد، وإعادة توزيع الثروات بشكل منصف، والتمسك بالحقوق المكتسبة التي نالتها الطبقة العاملة ومجمل الكادحين عبر مسار مطلبي وتفاوضي طويل.

ويضع المنبر التقدمي في مقدمة أولوياته، دعم الحقوق المستحقة للطبقة العاملة والحركة النقابية لتحقيق ما يتطلع اليه عمال وشغيلة البحرين، ويجدد الدعوة التي تضافر الجهود في أوساط الحركة العمالية والنقابية، من أجل وحدة الصف النقابي، وفتح مناقشات جادة للتركيز على عمل نوعي مدروس يفتح آفاقاً جديدة لنشاط النقابات المختلفة، ويعزز من مهام الدفاع عن مصالح وحقوق ومكتسبات عمال البحرين ومنع التعدي على ما تحقق لهم منها والحفاظ عليها وتنميتها، خاصة امام التحديات غير المسبوقة التي تواجه عمالنا ومجتمعنا وبلدنا، مؤكدين أن الأهداف الوطنية الكبيرة تكتسب أسمى معانيها عندما تغدو احساساً بالواجب وشعوراً بالمسؤولية تجاه الوطن وأبنائه، خاصة الكادحين منهم.

اقرأ المزيد

ضمان التعددية الحزبية

عُرف المجتمع البحريني ومنذ وقت مبكر بأنه نموذج للتعدد السياسي والحزبي والفكري والمجتمعي، وبنتيجة ديناميته المشهود لها من البعيد قبل القريب ظهرت التيارات السياسية والفكرية المختلفة، وفي المقدمة منها اليسارية والقومية، منذ أن كانت بلادنا خاضعة للهيمنة البريطانية، وقد عبرت هذه التيارات عن نفسها بتنظيمات وطنية، متجاوزة للطائفية والعرقية، ناضلت في ظروف سرية قاسية على مدار عقود مقدمة التضحيات من أجل استقلال البحرين وحرية شعبها وسعادته.

وكان السماح بعلنية العمل الحزبي، التي نظمها قانون الجمعيات السياسية، واحدة من أهم مكتسبات المشروع الإصلاحي لجلالة الملك، بعد التصويت على ميثاق العمل الوطني، فقد أتت هذه الخطوة مستجيبة لما بلغه المجتمع البحريني ونخبه السياسية من وعي، ولما يتوفر عليه المجتمع المدني في البحرين من جاهزية لحياة حزبية كنا نتمنى لها المزيد من التطوير والتعميق، وفاء لشروط الملكية الدستورية التي نص عليها ميثاق  العمل الوطني.

وفي كل الأحوال شكَّل قيام الجمعيات السياسية، ومنح العمل الحزبي شرعيته خطوة مهمة ومتقدمة، خاصة وأنها فريدة من نوعها في كل بلدان منطقة الخليج والجزيرة العربية، وهو ما رفع من سمعة البحرين ومكانتها كبلد يؤمن بالتعددية السياسية والحزبية.

لذلك لا يمكننا إلا أن ننظر بأسف لقيام وزارة العدل والشؤون الإسلامية برفع دعوى قضائية بطلب حل جمعية العمل الوطني الديمقراطي”وعد”، التي هي، وفق البيان المشترك الصادر عن المنبر التقدمي والتجمع القومي: مكون رئيسي من مكونات التيار الوطني الديمقراطي في البحرين، وهي امتداد لتاريخ  تيار وطني لعب دوراً مهماً في نضال شعب البحرين من أجل الاستقلال الوطني والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وقدم في سبيل ذلك الكثير من التضحيات، كما أنها مكون رئيسي في المشهد السياسي البحريني الراهن.

إننا نتطلع بكل إخلاص إلى أن يجري تغليب منطق الحكمة في التعاطي مع قضية حل جمعية “وعد”، وأن تعيد وزارة العدل النظر في قرارها برفع دعوى  إلى القضاء بطلب حلها، اتساقاً مع مبدأ حرية العمل السياسي في البحرين الذي يضمنه  ميثاق العمل الوطني والدستور وقانون الجمعيات السياسية، فالبحرين في أمس الحاجة، خاصة في ظرفها الراهن، إلى صوت ودور الجمعيات الوطنية غير القائمة على أسس طائفية أو مذهبية، وجمعية “وعد” جمعية رئيسية من هذه الجمعيات.

اقرأ المزيد