المنشور

أميركا ترسم خارطة جديدة للعالم

أشرتُ في مقالي السابق «التفاهمات الأميركية في المنطقة» والتي بدأت بالفعل من خلال زيارة أوباما إلى إسرائيل والجولات المكوكية للخارجية الأميركية في المنطقة، وذلك نقلاً عن صحيفتي «وول ستريت جورنال والنيويورك تايمز» الصادرتين في الأسبوع الماضي، وألقت صحيفة «نيويورك تايمز» في عددها الصادر 28 مارس الجاري ضوءاً على الاستراتيجية الأميركية الجديدة في العالم التي استندت إليها هذه التفاهمات الأميركية الشرق أوسطية.




فقد ذكرت الصحيفة أن وزير الدفاع الأميركي الجديد «تشوك هيجل» طلب من البنتاغون مناقشة الاستراتيجية العسكرية الأميركية في ظل التخفيضات في الميزانية الذي سبّبه العجز جراء الأزمة الاقتصادية، حيث ستدرج نتائجها في استراتيجية الأمن القومي الجديدة في وقت لاحق من هذا العام، والتي من شأنها أن تسهم في تقاسم الأعباء مع حلفاء وشركاء الولايات المتحدة في العالم.


ويعد وزير الخارجية جون كيري ووزير الدفاع تشوك هيجل في الإدارة الأميركية الجديدة من الشخصيات التي تبدي ميلاً أكبر لاستخدام الديبلوماسية إلى أقصى حد قبل الانتقال لاستخدام القوة العسكرية.


إذ ان الحربين اللتين خاضتهما الولايات المتحدة في كل من أفغانستان والعراق، لم تكن مكاسبهما متناسبة مع كلفتهما التي بلغت مليارات الدولارات، فتنظيم القاعدة مازال نشطاً رغم تراجعه في السنوات الأخيرة.


ويبدو أن المبدأ الاستراتيجي الجديد الذي تبناه «حلف الناتو» قد ساهم بتنشيط وتفعيل الحلف، كما يبدو أن الاستراتيجية العسكرية التي استخدمها أوباما في ليبيا والتي سميت تهكماً بـ «القيادة من الخلف» قد نجحت حسب نيويورك تايمز.


وللتمهيد لهذه الاستراتيجية الجديدة نشر المجلس القومي للاستخبارات الأميركية أخيراً ما أسماه «الاتجاهات في العالم 2030م» والتي ترى ضرورة الدفع لتقوية النفوذ في الشرق والجنوب وتمكين دول جديدة، وشمل هذا التقرير الموقف الاستراتيجي المستقبلي لتغييرٍ محتمل لقواعد اللعبة الأميركية في العالم.


وترى هذه التقارير أن الولايات المتحدة ستواجه عالماً أكثر خطورة مع الموارد الأمنية التي أصبحت أقل، مما يتطلب إدخال شركاء أقوياء في العالم لتجاوز حالة الركود الاقتصادي.


وضمن هذه الاستراتيجية الجديدة ستقلص الولايات المتحدة من وجودها العسكري البري وسحب معظم القوات من أوروبا والشرق الأوسط، وستمكن الشركاء في العالم لأخذ زمام المبادرة في مناطقهم الإقليمية.


وشركاء أميركا في هذه الاستراتيجية الجديدة حسبما أشارت الصحيفة سيكونون الحلفاء التقليديين في أوروبا وآسيا، بالإضافة إلى «الديموقراطيات الناشئة» مثل البرازيل والهند وأندونيسيا، وكذلك المنظمات الإقليمية مثل الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي، التي ستشكل شراكة طبيعية في العمليات الاقليمية.


كما سيسعى جون كيري إلى تشجيع الشركاء والحلفاء للقيام بدور الشرطي في المناطق المحيطة بهم، ما يقلل الأعباء على ميزانيات الدفاع الأميركية، فالولايات المتحدة تحتاج إلى إعادة التوازن والبقاء في المقدمة من خلال تقاسم المسؤوليات مع الشركاء والحلفاء.


والسؤال هو أين موقعنا نحن كدول عربية في هذه اللعبة الأميركية الجديدة؟ التي ستحقق أهدافها ومصالحها بالدرجة الأولى من خلال شرطة المناطق، دون أن تتسخ يداها في الحروب المباشرة، ودون تقديم مزيد من الخسائر المادية والبشرية التي سيدفعها الشركاء والحلفاء نيابة عنها.

 

اقرأ المزيد

لتركيا و “إسرائيل” ألف سبب


يقول الرئيس “الإسرائيلي” شيمون بيريز إنه يستطيع أن يفكر في ألف سبب لتكون تركيا و”إسرائيل” صديقتين ولا يستطيع أن يفكر في سبب واحد لكي لا تكونا صديقتين .

في الظاهر يبدو الاعتذار “الإسرائيلي” لتركيا على حادث اعتدائها على الباخرة التركية مرمرة التي حاولت كسر الحصار على قطاع غزة، وهو الاعتداء الذي أودى بأكثر من عشرة قتلى أتراك، وتعهدُ نتنياهو بتعويض أسر الضحايا نصر دبلوماسي لتركيا، ولعله كذلك بالفعل، بالنظر إلى أنه لم يسبق ل”إسرائيل” أن اعتذرت لأي دولة عربية، رغم ما اقترفته من جرائم وفظائع، لكن يظل أن تركيا ليست دولة عربية، ويظل أيضاً أن تركيا عضو في حلف “الناتو”، الذي يضع “أمن إسرائيل” في مقدمة أولوياته الشرق أوسطية .

ولكن الأسباب الألف التي تحدث عنها بيريز تظهر أن الأمر أبعد بكثير من مجرد نجاح دبلوماسي تسعى تركيا إلى تسويقه بهذه الصفة، فالاعتذار أتى بطلب أمريكي مباشر قدمه الرئيس أوباما في زيارته الأخيرة ل “تل أبيب”، في إطار ترتيب شامل يتصل بمجريات الأمور في المرحلة المقبلة، كما يراد لها أن تسير .

حتى حين قريب جداً جرى الترويج لأطروحة أن تركيا أدارت ظهرها ل “إسرائيل” وللغرب، وأنها حققت نجاحات في التقارب مع البلدان العربية والإسلامية، بل وجرى الحديث عن استدارة تركية كاملة نحو الشرق، بعد إخفاقها البيّن في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وسوقه المشتركة، وهو هدف تركي مازالت دونه الكثير من العوائق والشروط التي تعجز أنقرة عن الوفاء بها .

لكن تركيا التي جمدت في العام 2003، إبان التحضيرات الأمريكية للحرب على العراق، النشاطات الجوية الداعمة للحرب من قاعدة “انغرليك” الموجودة على أراضيها، ولم تسمح بفتح جبهة ثانية عبر حدودها مع العراق، تبدي اليوم تساوقاً ملحوظاً مع الخطط الغربية تجاه الوضع الراهن والمقبل في سوريا، وهي خطط قد تحتمل أشكالاً من التدخل العسكري المباشر أو غير المباشر .

لا تبدو النصيحة الأمريكية لقادة “إسرائيل” بالتفاهم مع تركيا التي وجدت لها ترجمة فورية، بإعادة تطبيع العلاقات وإزالة ما اعتراها من أسباب توتر، معزولة عن تفاهم أوسع حول مستقبل المنطقة بعد حسم الوضع السوري، أو حتى عبر هذا الحسم نفسه، لذا لم يكن العجوز شمعون بيريز ينطق عن الهوى، حين تحدث عن الأسباب الألف للصداقة مع تركيا .

اقرأ المزيد

محطات مضيئة في تاريخ الحركة الوطنية البحرينية



المقدمة:- 
من الضروري العودة إلى تاريخ الحركة الوطنية البحرينية الممتد لاستخلاص الدروس والتجارب من هذا التاريخ، وكذلك للبرهنة على أن النضال في سبيل الديمقراطية والاستقلال الوطني وحقوق الشعب لم يبدأ الآن فقط، وان المطالب التي يرفعها الشعب تعود إلى عقود طويلة مضت، وأن السلطات الاستعمارية والمحلية هي من أعاق تحقيق هذه المطالب، وأنه لو تم الاصغاء لمطالب الشعب لكانت البحرين على صورة أخرى غير تلك التي هي عليه الآن. 
  
والحديث أو الكتابة عن تاريخ الحركة الوطنية البحرينية يتطلب من الكاتب أو الباحث أو الناشط في الحراك السياسي، العودة للعديد من المراجع والكتابات التي كتبت عن ذلك التاريخ الممتد منذ بدايات عشرينيات القرن الماضي، بعض المعلومات ستجدها في تلك الكتابات أو الإصدارات من قبل تنظيمات الحركة الوطنية البحرينية المختلفة منذ عقود من السنين، ولكن العديد من البيانات والمنشورات والإصدارات في تلك الحقب الماضية قد تمت مصادرتها سواء من قبل الإستعمار البريطاني أو من قبل الأجهزة الأمنية للنظام في البحرين، فالارشيف يوجد في دهاليز وزارة الداخلية، والعديد من الوثائق والأدبيات أيضاً توجد في الارشيف البريطاني، أعرف العديد من الشخصيات الوطنية التي ذهبت إلى لندن، وأطلعت على الارشيف البريطاني، تلك الوثائق والمراسلات ما بين ممثلين السفارة البريطانية ووزارة الخارجية البريطانية، عن الحراك السياسي وعن الأحزاب والتنظيمات السياسية في البحرين منذ الخمسينات من القرن الماضي، وربما قبل ذلك التاريخ، كما سجل بعض من الاحداث السياسية في مذكرات بلجريف المستشار البريطاني منذ عام 1926 – 1957، وهو بمثابة الحاكم الفعلي في البحرين انذاك. 
  
وهدف هذه الورقة هو تسليط  الضوء على بعض المحطات المضيئة في تاريخ الحركة الوطنية، ويمكن للباحث والمهتم الإستفادة من الكتاب الرائع للقائد الوطني المعروف عبدالرحمن الباكر “من البحرين إلى المنفى” كتاب قرأته أول مرة قبل ثلاثة وثلاثون عاماً وعدت قرأته في السنوات اللاحقة أكثر من مرة، وايضاً يمكن الإستفادة من المجلد الذي كتبته الإستاذة فوزية مطر عن زوجها المناضل الوطني المعروف أحمد الشملان بعنوان “أحمد الشملان سيرة مناضل وتاريخ وطن”،وكتاب النائب السابق الأستاذ علي ربيعة ( العريضة الشعبية في المسار الوطني والنضالي) وكتابه الآخر ( الحياة الديمقراطية في البحرين السبعينات التجربة الموؤدة ) وهناك كتب وكتابات للعديد من الشخصيات البحرينية بالإمكان الإستفادة منها كمعلومات إضافية عن تاريخ الحركة الوطنية البحرينية، وكذلك وثائق التنظيمات الوطنية البحرينية بمختلف اتجاهاتها. 




أولاً:- إنتفاضة الغواصين 1922 – 1923




بدأ تذمر الغواصين على أوضاعهم المزرية في بداية العشرينيات من القرن الماضي، حيث كانوا يعاملون من قبل ارباب العمل “النواخذة” مثلما يعامل المزارعون في “نظام السخرة” على طريقة نظام العبودية أو النظام الإقطاعي، يعمل الفلاحون في الأرض مقابل لقمة العيش بدون أجر لساعات طويلة، وان وجد أجراً يكون جداً زهيداً، انتفض المزارعون على نظام السخرة في عام 1922، برفض دفع الضريبة للشيخ المالك للأرض. 
انتفاضة الغواصين كانت في عام 1922 – 1923، حيث طالب الغواصون بتحسين أوضاعهم المالية والمعيشية، ورفضوا دفع الديون “القروض” التي عليهم “للنواخذة” وهي أول حركة احتجاجية “انتفاضة” ضد الظلم والقهر والاستغلال بمعنى استغلال الإنسان لأخيه الأنسان. 
  


ثانياً:- حركة الاحتجاج المطالبية بانتخاب مجلس الشورى عام 1923

  
طالبت حركة الاحتجاج بقيادة الشيخ عبدالوهاب الزياني وأحمد بن لاحج باجراء الإصلاحات في البحرين وانتخاب مجلس الشورى، و رفض التدخل البريطاني في شئون البلاد الداخلية، وتشكيل محكمة تنظر في الدعاوى المتعلقة بالغوص، وكان الميجر ديلي  في ذلك الوقت هو الذي يحكم البحرين وجميع السلطات في يده، التشريعية والقضائية والتنفيذية، رفض الميجر ديلي، إجراء أي اصلاح في البحرين، حتى بعد تأسيس البلدية في 1919، وتم اعتقال قادة الاحتجاج أو العريضة ونفيهم إلى بومباي في الهند بتاريخ 10/11/1923، في عهد الحاكم آنذاك الشيخ عيسى بن علي. 


ثالثاً:- حركة الإصلاحات السياسية عام 1939، والتضامن العمالي معها 

  
بعد اكتشاف البترول في عام 1932 برز في البحرين ولأول مرة مصطلح الطبقة العاملة، الطبقة الكادحة، الطبقة المنتجة التي كانت تعمل في”شركة بابكو” بمنطقة عوالي ، التقى ابناء البحرين من كل الطوائف والأعراق، واندمجوا في نسيج وطني واجتماعي ومهني واحد، وحدَّهم العمل والصراع الطبقي أمام جشع المستعمرين والمستغلين، وطالبوا بتشكيل نقابة عمالية وإصلاحات سياسية في البحرين، وتم توزيع البيانات المنددة بسياسة شركة بابكو والمستعمر البريطاني، من قبل رابطة وطنية معارضة، وعلى أثر تلك الاحتجاجات العمالية والوطنية، تم اعتقال ونفي أحمد الشيراوي وسعد الشملان إلى الهند من قبل المستعمر البريطاني، وإنهاء حركة الاحتجاج الاصلاحية الثانية. 
  
في عام 1948 بعد قيام الكيان الصهيوني في أرض فلسطين خرجت الجماهير البحرينية الغاضبة منددة بقيام الكيان الصهيوني وبالاستعمار البريطاني الذي ساهم في قيام الكيان من خلال وعد بلفور المشهور الصادر في 2 نوفمبر من عام 1917م، حيث خرجت الجماهير البحرينية في تظاهرات عديدة واحرقوا بعض المنشآت التابعة لشركة بابكو والبيوت الخاصة بالانجليز، معبرين عن وقوفهم مع الشعب الفلسطيني الشقيق بعد ان اغتصبت أرضه وقتلت وشردت العديد من العوائل الفلسطينية، ولا زالت المأساة مستمرة. 
  


رابعاً:- هيئة الاتحاد الوطني في أعوام 1954 – 1956:

  
في عام 1953، حدثت الفتنة الطائفية في عاشوراء عندما اعتدى بعض الأشخاص المندسين على موكب أحد المآتم في المنامة، وكادت تشتعل فتنة طائفية في البحرين، يقال ان وراء هذه الفتنة واحد من أفراد اسرة “آل خليفة” الحاكمة، وكان ينفذ مبدأ المستعمر البريطاني “فرق تسد” لادخال المواطنين في صراع طائفي يستفيد منه المستعمر البريطاني وأعوانه، لكن عقلاء البحرين استطاعوا دحر الفتنة وتوحيد الشعب عندما اجتمعوا في مأتم بن خميس في السنابس بتاريخ 13 أكتوبر من عام 1954 ليعلنوا عن تشكيل هيئة الاتحاد الوطني، تشكلت من 120 شخصية بحرينية، وتم الاتفاق على قيادة من ثمانية أشخاص وبالتساوي، 4 + 4 من حيث التوزيع المذهبي، وتحولت هيئة الاتحاد الوطني، إلى حزب سياسي كان له مقراً في وسط المنامة، وباعتراف من سلطات الاستعمار البريطاني والنظام الحاكم، وتطور نشاط هيئة الاتحاد الوطني واستطاعت قيادة الجماهير في العديد من التظاهرات والاعتصام والتجمعات في المنامة والمحرق، ورفعت المطالب الوطنية المشروعة وأهمها: 
  
1- تأسيس مجلس تشريعي. 
2- وضع قانون عام للبلاد جنائي ومدني. 
3-السماح بتأليف نقابة للعمال. 
4- تأسيس محكمة عليا للنقص والإبرام. 
  
كانت تلك مطالب إصلاحية، وكانت القيادة تمثل طبقة التجار والأعيان وبعض من رجال الدين المعروفين آنذاك، بالمفهوم السياسي أو الطبقي، تمثل البرجوازية الوطنية، وكانت بعض القيادات تؤمن بالفكر الناصري، وهذا راجع لتأثير ثورة يوليو عام 1952 في مصر بقيادة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر على العديد من الشعوب العربية والإفريقية ،وشعبنا من بينها. 
  
استغلت سلطات الاحتلال البريطاني والرجعية الحاكمة، العدوان الثلاثي على مصر، وخروج التظاهرات الجماهيرية الحاشدة ضد العدوان الثلاثي، سارع المستعمر البريطاني وأعوانه بالاجهاض على هيئة الاتحاد الوطني، باعتقال قادتها المعروفين، عبدالرحمن الباكر، عبدعلي العليوات، عبدالعزيز الشملان، إبراهيم فخرو وإبراهيم موسى، حيث اصدرت حكماً جائراً بحقهم، تم نفي الثلاثة الاوائل إلى جزيرة سانت هيلانة في المحيط الهندي، وحكم على إبراهيم فخرو وإبراهيم موسى عشر سنوات سجناً، واعتقل وفصل ولوحق العديد من كوادر الهيئة. 
  
 ان تجربة هيئة الاتحاد الوطني، تجربة غنية و نوعية لابد من دراستها والاستفادة من ما حققت ولا سيما على صعيد الوحدة الوطنية التي جسدها شعبنا قولاً وفعلاً، مما أغاظ المستعمر البريطاني وأعوانه المحليين، أضاف إلى ذلك الانجازات التي تحققت بفضل الهيئة، تشكيل الاتحاد العام للعمال، وتأسيس صندوق التعويضات لأصحاب سيارات الأجرة، وفتح مقر خاص بالهيئة، وتشكيل الكشافة. 




خامساً:- مرحلة تأسيس الاحزاب السياسية السرية في البحرين:-




بعد ان تم الاجهاض على هيئة الاتحاد الوطني في عام 1956، جاءت مرحلة تأسيس الأحزاب السياسية السرية في البحرين،التي تختلف عن هيئة الاتحاد الوطني من حيث التكوين والمنظومة الفكرية والسياسية التي تسترشد بها في عملها الحزبي والسياسي والجماهيري، وأول الأحزاب السياسية السرية التي تأسست في البحرين، جبهة التحرير الوطني البحرانية في الخامس عشر من شباط (فبراير) من عام 1955، حيث كان مؤسسوها من  العمال والمثقفين الشباب المؤمنين بالأفكار الماركسية، أفكار الطبقة العاملة، أفكار الحرية والتقدم والعدالة الاجتماعية، وكانت أول حزب تقدمي في البحرين والخليج العربي، انبثق في خضم النضال الوطني الذي قادته هيئة الاتحاد الوطني وشارك العديد من أعضاءه في المسيرات والتظاهرات والاعتصامات التي كانت تنظمها الهيئة. 
  
-         طرحت جبهة التحرير الوطني البحرانية، أول وثيقة سياسية، أو بالأحرى أول برنامج سياسي، تحت هذا العنوان برنامج “الحرية والاستقلال الوطني والديمقراطية والسلم والتقدم الاجتماعي”. 
-         تعرضت جبهة التحرير الوطني البحرانية منذ عام 1957 حتى تسعينات القرن الماضي لحملات اعتقالات واسعة في صفوف أعضاءها وأنصارها، لم تنال من عزيمتها وإصرارها على تحقيق مطالب الشعب في الحرية والاستقلال الوطني والديمقراطية والتقدم الاجتماعي، ومن ابرز المعتقلين الذين قضوا في السجن سنوات حكمه، المناضل والموسيقار الراحل مجيد مرهون حيث قضى حكم المؤبد وهو السجين السياسي الوحيد في تاريخ البحرين الحديث الذي أكمل سنوات حكمه في السجن، منذ عام 1968 حتى 1991. 
-         ثاني حزب سياسي تأسس في البحرين، حزب البعث العربي الاشتراكي فرع البحرين، في عام 1958، من الطلبة البحرينين الذين كانوا يدرسون في الخارج في الجامعة الأمريكية في بيروت، هذا الحزب معروف بامتداده القومي، وبرنامجه السياسي لا يختلف عن برنامج الحزب الأم  على طريقة الأحزاب االقومية العربية. 
  
-         ثالث تنظيم سياسي تأسس في البحرين، هو حركة القوميين العرب فرع البحرين في عام 1958 أو 1959، وأيضاً من قبل طلبة بحرينيين كانوا يدرسون في الجامعة الأمريكية في بيروت، وكانت القيادة الفعلية له في الكويت من قبل الشخصية الكويتية البارزة الدكتور أحمد الخطيب وغيره من القادة القوميين العرب في الكويت، أيضاً برنامجه السياسي لا يختلف عن الحركة الأم. 




سادساً:- إنتفاضة مارس 1965 المجيدة:-




-         جاءت انتفاضة مارس عام 1965 المجيدة، على أثر فصل 1500 عامل من شركة بابكو على شكل دفعات متفرقة، حتى وصل العدد إلى هذا الرقم، هذه الانتفاضة كانت تختلف عن التظاهرات والاعتصامات التي قادتها هيئة الاتحاد الوطني في أعوام 54 – 1956، والشيء الآخر قيادة الانتفاضة، كانت تقودها أحزاب سياسية سرية ولأول مرة بعد تأسيسها، تتوحد في الميدان، الشيوعي والقومي و البعثي جنباً إلى جنب في المسيرات والتظاهرات والإضرابات، وأصدرت البيانات المشتركة التي صدرت خلال الانتفاضة، كما برزت الطبقة العاملة في الانتفاضة، بالإضافة للمشاركة الفعالة للمرأة والطلبة فيها، واختلطت دماء الشهداء من أبناء الشعب في المحرق والمنامة والنويدرات، لا فرق بين طائفة أو عرق أو انتماء، استطاعت السلطة الحاكمة والمستعمر البريطاني انهاء الانتفاضة، واعتقال العديد من قادتها وكوادرها وتشرد العديد منهم في المنافي. 
  

<!–[if !supportLists]–>

-          حركة القوميين العرب، بانتهاء الانتفاضة، أصبحت أكثر من حركة وجهة صغيرة، ولم يعد لها تواصل مثل السابق، وجاءت حرب حزيران عام 1967، وهزيمة الجيوش العربية واحتلال العديد من الأراضي العربية في مصر وسوريا والضفة الغربية وغزة من قبل الاحتلال الصهيوني، وانهزم المشروع القومي، برز اليسار في البلدان العربية، وحدثت تحولات كبيرة في حركة القوميين العرب نحو اليسار، وفي البحرين وجدت العديد من الجبهات القومية والحركات اليسارية الصغيرة المبعثرة،  حيث اندمج البعض منها في تنظيم الجبهة الشعبية، وانتهى دور البعض الآخر أو التحاق بجبهة التحرير الوطني البحرانية. 
  

سابعاً:- عام 1970 زيارة المبعوث الدولي  (الإيطالي) شاردي – البحرين:-

  
 في 30 مارس من عام 1970، وصلت البحرين لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة، برئاسة الايطالي السيد رونسبيرجيو شاردي، ليتعرف على رأي الشعب البحريني بعد مطالبة شاه إيران ضم البحرين لإيران بعد انسحاب المستعمر البريطاني من البحرين، فبعد لقاء المبعوث الدولي مع ممثلي الأندية والمآتم، قال كلمته وهي بأن البحرين دولة عربية مستقلة وأن شعبها يرفض المطالب الإيرانية، ولكن الأهم في الموضوع الرسالة التي سلمتها قيادة جبهة التحرير الوطني البحرانية، لمبعوث الأمم المتحدة في محل إقامته في فندق الخليج، ولخصت “جتوب” مواقفها في النقاط التالية:-  
  
1.   رفض الاستعمار البريطاني والحكم الرجعي وإدانة الادعاء الإيراني.  
  
2.   إلغاء المعاهدات الاسترقاقية.  
  
3.   المطالبة بحق تقرير المصير بحيث يكفل الاستقلال الحقيقي.  
  
4.   إبعاد القواعد العسكرية وأجهزة الدمار والحرب.  
  
5.   إطلاق الحريات العامة والديمقراطية.  
  
6.   إزالة حالة الطوارئ لكي يتمكن الشعب من ممارسة جميع حقوقه السياسية في جو ديمقراطي لا يستند إلى اللون أو العنصر أو الطائفة.  
  
7.   إطلاق سراح المعتقلين والسجناء السياسيين.  
  
8.   السماح للمنفيين بالرجوع إلى أرض الوطن.  
  
كانت “جتوب” واضحة في طرح مواقفها الوطنية في مرحلة النضال الوطني ضد الاستعمار البريطاني والرجعية الحاكمة، والادعاءات الإيرانية بضم البحرين لإيران. 
  

 ثامناً:- الانتفاضة العمالية عام 1972

  
 بعد نيل البحرين استقلالها السياسي في 14 أغسطس من عام 1971، قادت اللجنة التأسيسية لاتحاد عمال البحرين واصحاب المهن الحرة والمشكلة من كوادر نقابية من جبهة التحرير الوطني البحرانية والجبهة الشعبية لتحرير عمان والخليج العربي، العديد من المظاهرات والاعتصامات والاضرابات المطالبة بتحسين ظروف العمال المعيشية وتشكيل النقابات العمالية المدافعة عن حقوقهم المشروعة، توجت نضالاتها بالانتفاضة العمالية في مارس من عام 1972، التي استطاع فيها قادة الانتفاضة من العمال – التفاوض مع السلطة من خلال ممثليها مع وزير العمل ووزراء آخرين. 

تاسعاً:- المجلس التأسيسي ودستور عام 1973:-

  
بعد الإعلان عن الدعوة لانتخاب المجلس التأسيسي في عام 1972، لوضع دستور للبلاد، قاطعت أهم تنظيمات الحركة الوطنية البحرينية، وتحديداً جبهة التحرير الوطني البحرانية، والجبهة الشعبية، الانتخابات نظراً لأن نصف أعضاء المجلس جاء بالتعيين، إضافة لذلك لم يطلق سراح المعتقلين الوطنيين من السجن، وشارك في المجلس التأسيسي بعض الشخصيات الوطنية وممثلون عن القوى الدينية الشيعية. 

عاشراً:- انتخابات المجلس الوطني عام 1973:-

  
جرت أول انتخابات نيابية في تاريخ البحرين في السابع من ديسمبر من عام 1973، حقق اليساريون وحلفائهم من الشخصيات الوطنية الديمقراطية، انتصاراً كبيراً فيها ، حيث استطاعت كتلة الشعب التي أسستها جبهة التحرير الوطني البحرانية، من ايصال ثمانية نواب من أصل إثني عشر مرشح للكتلة للمجلس، وكان لهم دوربارز ومشهود في الدفاع عن حقوق ومطالب شعبنا، وطرح العديد من القضايا الهامة في المجلس، من الاعتراف بالأول من مايو عيداً رسمياً للعمال تعطل فيه الدوائر والوزارات الحكومية والخاصة، والسماح بتشكيل النقابات العمالية، وبالفعل تشكلت بعض النقابات في مواقع متعددة، الغاء الوجود العسكري الامريكي من قاعدة الجفير، وغيرها، بعد ان طرحت الحكومة مشروع قانون أمن الدولة السيء الصيت وحاولت جاهدة تمريره، ولم تستطيع ذلك بالرغم من استمالة البعض من النواب في البدء، الا ان النواب باغلبية مطلقة رفضوا ذلك المشروع السيء، وعلى أثر ذلك، وبضغوط خارجية تم حل مجلس النواب في 26 أغسطس من عام 1975، لتعيش البلاد حقبة سوداء من تاريخها، أمتدت لأكثر من ربع قرن. 
  
  

حادي عشر: حل المجلس الوطني:- 

  
بعد حل المجلس الوطني عام 1975، وتطبيق قانون أمن الدولة السيء الصيت، عملت المعارضة الوطنية بشكل مشترك من خلال إصدار العديد من البيانات المشتركة في الخارج بين جبهة التحرير والجبهة الشعبية وحزب البعث. 
  
خاضت الحركة الوطنية البحرينية نضالاً مستمراً من أجل إعادة الحياة النيابية واطلاق سراح المعتقلين والسجناء السياسيين وعودة المنفيين، وقدمت قافلة من الشهداء والمعتقليين والمطاردين والمفصولين من العمل. 
  
وفي بداية الثمانينات من القرن الماضي اصدرت الأرضية السياسية المشتركة بين جبهة التحرير الوطني البحرانية والجبهة الشعبية في البحرين. 
  
في بداية التسعينات من القرن الماضي شكلت جبهة التحرير والجبهة الشعبية في البحرين، لجنة التنسيق بينها وصدرت نشرة “الأمل” المشتركة. 

 ثاني عشر:- انتفاضة التسعينات ومرحلة الميثاق

  
 -         بداية التسعينات وتحديداً في عام 1992، صدرت العريضة النخبوية المطالبة بإعادة الحياة النيابية باطلاق سراح المعتقلين والسجناء السياسيين وعودة المنفيين، ومشاركة المرأة في الحياة السياسية وغيرها من المطالب. 
  
-         جاءت بعدها العريضة الشعبية في عام 1994، التي وقع عليها أكثر من 25 الف مواطن، وبعدها جاءت احداث التسعينات والتي سقط فيها العديد من الشهداء وزج بالمئات في المعتقلات والسجون. 
  
جاء الانفراج السياسي في فبراير 2001م ،بعد ان طرح الامير آنذاك الملك حمد مشروعه الاصلاحي عبر( ميثاق العمل الوطني ) وبدأت مرحلة جديدة في البحرين ،باطلاق سراح المعتقلين  والسجناء السياسيين وعودة المنفيين من الخارج، وبعد التصويت على ميثاق العمل الوطني من قبل الشعب في 14فبراير2001م ،تم الغاء قانون أمن الدولة في 18 فبراير2001 م، كانت خطوات ايجابية لتعزيز الثقة بين الحكم والمعارضة وفتح صفحة جديدة من أجل الانتقال من الحالة الأمنية والقمعية التي عاشها شعبنا على مدار ربع قرن في ظل قانون أمن الدولة ، نحو تأسيس صحيح لقيام الدولة  (الديمقراطية الفتية) وهذا يتطلب أحداث التحولات الديمقراطية في المجتمع ، من خلال اجراء الاصلاح الحقيقي وعملية التغيير، بازالة المعوقات ونعني هنا القوانين والتشريعات المعيقة للتحول الديمقراطي والاصلاح ، لايمكن قيام الديمقراطية وبناء دولة القانون والمؤسسات في ظل وجود القوانين والتشريعات المعادية لعملية التغيير والديمقراطية من حقبة قانون أمن الدولة . 

دستور 2002 – احداث 14 فبراير 2011  

بصدور دستور 2002م بإرادة ملكية منفردة حدث شرخ كبير في العملية الإصلاحية التي لم يمض عليها أكثر من عام ، ودخلت البلاد في أزمة سياسية حادة ولا أريد الدخول في التفاصيل فالجميع في البحرين يعرفها، حتى تفجرت أحداث الرابع عشر من شباط  (فبراير ) 2011م، لتشكل منعطفاً سياسياً اَخراً يختلف عن كل الاحتجاجات والانتقاضات التي شهدتها البحرين خلال قرن، من حيث أعداد المشاركين فيها، والشعارات التي رفعت، والمطالب التي طرحتها القوى السياسية المعارضة، وأعداد الشهداء الذين  سقطوا في السجون أو الشوارع  فاق عددهم عدد ضحايا  كل الإنتفاضات السابقة مجتمعة، المئات والألآف من المعتقلين والمطاردين والمفصولين والموقوفين والممنوعين من السفر والمتغربين، المحاكم العسكرية التي جرت ضد المئات من المواطنين وعلى كل المستويات لم تحدث من قبل، روح الانتقام والتشفي  والكراهية والحقد التي بدأت إبان فترة  حالة السلامة الوطنية ( قانون الطوارئ) ، بكلمات المكارثية بماركة بحرينية ، استفاد النظام في البحرين من الانقسام المجتمعي وهو الذي ساهم فيه من خلال الماكينة الاعلامية التي سخرت لهذا الهدف ، لازالت هذه الشروخ في الوحدة الوطنية والأزمة السياسية تتفاقم نحو الاسوأ . 
  
الحوار الوطني الجارى منذ شهر وأسبوعين ، حتى الآن حوار غير جاد ولم يبدأ الفعل الحقيقي في جلسات الحوار ، التجاذبات داخل الحوار سلبية للغاية، ويبدو بان الحكم لم يبدأ جدية في حل الأزمة السياسية، ولكن يظل أن الشعب البحريني لن يتنازل عن مطالبه المشروعة وسيواصل الكفاح من أجل انتزاعها وتقديم التضحيات من أجلها، وان الحل لبلوغ الاستقرار وتحقيق التنمية هو في الاستجابة لهذه المطالب انسجاماً مع روح العصر والمستجدات الدولية والاقليمية. 
  
  
  
اقرأ المزيد

هل تراجع الحراك الشعبي؟ – د.بدر الديحاني

المجتمعات البشرية تنبض بالحياة فلا تعرف الثبات، بل هي في حالة حراك دائم وتغير مستمر، والحراك الشعبي في جانبه السياسي يرمز إلى التحرك الميداني لمكونات المجتمع الاجتماعية والسياسية المختلفة؛ للتعبير عن رفضها للوضع القائم والمطالبة بالتغيير، حيث يأخذ أشكالا متعددة كالمطالبات والاحتجاجات والاعتصامات والمظاهرات، وقد يصل في حالته القصوى إلى العصيان المدني والثورة.والحراك الشعبي لدينا بدأ يتصاعد تدريجياً منذ 2009، حيث اتضح دوره بجلاء في نجاح المقاطعة الشعبية الواسعة لانتخابات مجلس الصوت الواحد، ثم أثناء خروج عشرات الألوف من المواطنين في مسيرات “كرامة وطن” وغيرها من المسيرات والأنشطة العامة الرافضة لعملية الانفراد بالقرار والمطالبة بالإصلاح السياسي والديمقراطي.


وبالنسبة إلى تمثيل الحراك الشعبي فلا أحد، سواء من القوى السياسية أو الأفراد، باستطاعته الادعاء بتمثيل “المعارضة” التي أصبحت اليوم حالة شعبية عامة رافضة للوضع الحالي ومطالبه. وبالرغم من أنه من الأفضل توحّد قوى “المعارضة” في كيان تنظيمي واحد، إلا أنه يحصل أن تتعدد “تنظيمات” الحراك السياسي وتختلف أحياناً حول بعض التفاصيل الجزئية المتعلقة بأساليب العمل وآلياته أو حول أولويات الإصلاح السياسي والديمقراطي ومتطلباته، فمثلاً بعض أطراف “المعارضة” لدينا تطالب بعملية التدرج المُمنهج التي تأخذ في الاعتبار الظروف الذاتية والموضوعية وموازين القوى داخل المجتمع، بينما يدعو البعض الآخر إلى عملية “حرق المراحل”، وطرف ثالث في “المعارضة” يكتفي برفض عملية الانفراد بالقرار لكنه يختلف مع الآخرين حول مستلزمات الإصلاح السياسي.


أما مطالب الحراك الشعبي فباتت واضحة للجميع ويمكن تلخيصها بشكل عام برفض الانفراد بالقرار المتعلق بإدارة شؤون الدولة والمجتمع والمطالبة بالإصلاح السياسي والديمقراطي.


فهل تراجع الحراك الشعبي كما تُروّج بعض وسائل الإعلام المعادية للإصلاح؟ إذا كان المقصود بالتراجع هو التخلي عن المطالب السياسية التي أعلنت في بداية التحرك الشعبي فإن الجواب هو بالنفي القاطع، فمعارضة الوضع السيئ الحالي والمطالبة بالإصلاح السياسي والديمقراطي أصبحت اليوم حالة شعبية عامة لا تقتصر على فئة اجتماعية محددة أو فصيل سياسي معين، وهذا تطور نوعي في وضعنا السياسي.


أما إذا كان السؤال يتعلق بأساليب الاحتجاجات وعدد المشاركين فيها وديمومتها أو بعملية تغير الاصطفافات السياسية فهذه أمور لا يمكن الحكم على فعالية الحراك من خلالها فقط؛ لأنها تتأثر بشكل مباشر وقوي بعوامل عدة من ضمنها المدة التي تستغرقها عملية التغيير الديمقراطي، والتي قد تتغير خلالها المصالح أو قد يصاب البعض خلالها باليأس والإحباط وخيبة الأمل لا سيما في ظل التعتيم الإعلامي وخلط الأوراق والهجوم المكثف والشرس الذي تمارسه الآلة الإعلامية المضادة من جهة، والقبضة الأمنية والملاحقات السياسية من جهة أخرى.


أضف إلى ذلك أن ثقافة المجتمع وإرثه السياسي في تنظيم الاحتجاجات والمظاهرات وغيرها من وسائل الاعتراض تلعب دوراً مؤثرا هنا، وهو ما نفتقده حيث لا يوجد لدينا أحزاب سياسية منظمة تنشر الوعي بين الناس وتوجههم وتقود تحركاتهم، بل يغلب على قيادة العمل السياسي والميداني لدينا الطابع الفردي والحماس العفوي.


وبالرغم من ذلك فمن الملاحظ أن وعي الشباب بطبيعة المرحلة ومتطلباتها قد بدأ يتطور بشكل مثير للإعجاب، كما أنهم اكتسبوا مهارات سياسية وتنظيمية جديدة ونوعية ستمكنهم من تطوير أساليب العمل وتجاوز أخطاء الماضي.

 

اقرأ المزيد

التفاهمات الأميركية في المنطقة


تمر منطقة الشرق الأوسط بتغيرات سريعة في الآونة الأخيرة، بل اعتبرها البعض مفاجئة للمتابعين لشؤون الشرق الأوسط، واعتبرت أوساط الخارجية الأميركية أن ما سمي «بالتفاهمات الأميركية» مع دول الشرق الأوسط نجاحاً ديبلوماسياً لادارة أوباما.


فحسبما أشارت «وول ستريت جورنال» في عددها الصادر 23 مارس الجاري الى أن أوباما استطاع كسر العناد الاسرائيلي ورفضها الاعتذار لمدة ثلاث سنوات لتركيا بعد الاعتداء الاسرائيلي على سفينة مرمرة التركية وقتل ثمانية أتراك وأميركي من أصل تركي، حيث كانت تهدف السفينة الى كسر عزلة غزة وايصال المساعدات الى سكانها.


وقام رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بالاتصال هاتفياً برئيس وزراء تركيا طيب رجب أردوغان في آخر يوم لزيارة الرئيس الأميركي لاسرائيل، حيث أعرب نتنياهو عن اعتذاره للشعب التركي واستعداده لتعويض أسر القتلى الأتراك، بل قدم تنازلات من جانب اسرائيل من خلال تسهيل وصول البضائع الى غزة وفتح تحقيق في حادث مرمرة مع المسؤولين العسكريين الاسرائيليين والاتفاق على تطبيع العلاقات مع تركيا مرة أخرى واعادة تبادل السفراء.


وتقول الصحيفة الأميركية ان هذه المبادرة جاءت بايعاز أميركي لتحسين العلاقات والروابط بين حلفاء أميركا في المنطقة الذي من شأنه تقوية دور واشنطن في الأزمة السورية ولدفع عملية السلام الفلسطينية – الاسرائيلية.


ومن جانب آخر، تشير صحيفة «نيويورك تايمز» في عددها الصادر يوم 24 مارس الجاري الى زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري لبغداد، حيث أبلغ نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي بضرورة ايقاف شحنات الأسلحة الايرانية التي تمر بشكل يومي من خلال الأجواء العراقية الى سورية، وتفتيش الطائرات الايرانية ان كانت بغداد راغبة في دور حول مستقبل سورية ما بعد الأسد، بل المح كيري للمالكي على شكل تحذير مبطن، أن السنة سوف يحكمون سورية بعد رحيل الأسد الوشيك، ولن يكون في صالحه «المالكي» تقوية النفوذ السني في العراق بعد الأسد، خصوصا في ظل تنامي معارضة المناطق السنية ضد سياسته، ولذا طلب كيري من المالكي تأجيل انتخابات المحافظات في كل من الأنبار ونينوى والمفترض أن تجرى في 20 ابريل المقبل.


وشملت محادثات كيري في العراق قادة الطائفة السنية مثل أسامة النجيفي الناطق الرسمي باسم البرلمان العراقي لايقاف المقاطعة السنية لمجلس الوزراء، كما هاتف كيري القائد الكردي مسعود برازاني من أجل تذويب الخلافات مع حكومة المالكي.


ويرى بعض المتابعين للتفاهمات الأميركية الأخيرة في الشرق الأوسط أن طلب قائد المعارضة الكردستانية التركي عبدالله أوجلان من سجنه لحزب العمال الكردستاني بالقاء السلاح والاستعاضة عن الكفاح المسلح ضد الحكومة التركية بالحوار الديموقراطي قد يكون جزءاً من هذه التفاهمات الجديدة.


ويؤكد المتابعون لجولات الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط أن هذه التفاهمات قد بدأت بالفعل، وان خارطة هذه التفاهمات واسعة بحيث شملت ايران والبحرين ودولاً أخرى في المنطقة، حيث قُدمت وعود للنظام الايراني بتخفيف الحصار الاقتصادي على ايران، بحيث يتم تقليص نفوذ حزب الله اللبناني ومنظمة حماس الفلسطينية، ويعلق هؤلاء المتابعون أن كل شيء يحدث بارادة الولايات المتحدة ولتحقيق مصالحها، وان الصمت الأميركي خصوصا تجاه الأزمة السورية لم يكن بسبب تقلص نفوذها بالشرق الأوسط بل بما تراه يحقق مصالحها ومصالح اسرائيل بالمنطقة.

 

اقرأ المزيد

لماذا ليس للهند “ربيع”؟


أوجُه الشبه بين الهند وبلدان العالم العربي كثيرة، “فكلنا في الهمّ شرق”، وخضعت الهند كما خضعت بلداننا للسيطرة الاستعمارية، بل إن بريطانيا كانت تعد الهند درة تاجها، وهي لم تنل استقلالها إلا في وقت متأخر، لا يكاد يبعد عن تاريخ حصول البلدان العربية المفصلية على هذا الاستقلال، وعانت الهند، كما عانى العالم العربي تعثرات في التنمية .

 ومع أن الهند لم تنجُ من بعض مظاهر التوتر السياسي في تاريخها القريب، لكنها لم تشهد هزات سياسية كبرى ولا انقلابات عسكرية ولا ثورات دموية، بل استطاعت أن تعبر الكثير من الأزمات، وأن تكسب في نهاية المطاف رهان التنمية، وأصبحت إحدى أهم القوى الصاعدة بين نهاية القرن العشرين ومطالع القرن الحادي والعشرين .

وفيما استقبل العالم العربي بدايات هذا العقد بالاضطرابات الكبرى التي جاءت بها تغييرات ما أطلق عليه مجازاً “الربيع العربي”، الذي لم يبرهن حتى اللحظة أنه كذلك، بالنظر إلى ما جلبه من فوضى وتمزقات وتدخلات أجنبية سافرة ومضمرة، فإن الهند تغذ السير نحو المستقبل بثقة كبيرة .

السر يكمن في كلمة سحرية واحدة هي الديمقراطية، فالهند هي النموذج الديمقراطي الوحيد الثابت في البلدان النامية، رغم أن العديد من هذه البلدان شهدت تجارب متفرقة من الممارسة الديمقراطية، لكنها غالباً ما تكون عابرة ومتقطعة وعرضة للتقلبات، أما ديمقراطية الهند فقد ظلت مستمرة من دون انقطاع منذ العام ،1947 عام استقلالها، بل ربما قبل ذلك بكثير، إذا ما اعتبرنا العام 1920 الذي شهدت فيه انتخاباتها العامة الأولى تاريخ بداية لهذه الممارسة .

لو أن البلدان العربية سارت على منهاج التداول السلمي للسلطة، واعتماد التعددية الحزبية آلية لهذا التداول، وأقامت أنظمة للحكم المحلي والبلدي على النحو المتبع في الهند، وعززت ذلك بالمساحات الواسعة للحريات العامة، لكانت وفرت على نفسها وعلى شعوبها الكلف العالية من الدماء والتضحيات والسجون والعداوات الطائفية والمذهبية، ولكانت طورت أجهزتها الإدارية لتصبح قادرة على تحقيق التنمية المستدامة بحماية مظلة من التشريعات التي تضمن الشفافية وفضح الفساد .

علينا بعد ذلك أن نفهم لماذا تتطور الهند حثيثاً نحو المستقبل، مختصرة الوقت والتضحيات، من دون أن تنشأ فيها ظروف تقود للانعطافات الحادة المكلفة في مقدماتها وسيرورتها ونتائجها، كتلك التي جاء بها “ربيع” العرب” .

اقرأ المزيد

الشعب يقول لكم: لا تحرقوا الوطن! – عيسى سيّار

لقد مر الشعب البحريني بمنعطفات تاريخية نضالية عديدة منذ عشرينيات القرن الماضي وحتى يومنا هذا، قدّم خلالها الكثير من التضحيات الجسام تمثلت في كوكبة من الشهداء والمعتقلين والمنفيين والمبعدين والممنوعين من السفر والمحاربين في رزقهم والموضوعين على القوائم السوداء في عدم تقلد مناصب حكومية رفيعة بسبب وطنيتهم ونزاهتهم. ولكن ما تعيشه البحرين منذ حراك فبراير/ شباط 2011 من أزمة سياسية واجتماعية واقتصادية خانقة وضع غير مسبوق في تاريخ البحرين الحديث، حيث تجاوز الوضع بكثير ما أشرنا إليه وأصبحنا مع الأسف الشديد وكأننا شعبان نعيش في وطن واحد!

ولن نتطرق هنا إلى المستفيد الأول والأخير من هذا الوضع المأزوم الذي يعيشه الشعب البحريني لأنهم أصبحوا مكشوفين للقاصي والداني، وهم كوكتيل من مسئولين ونواب ورجال دين وشوريين وبلديين وإعلاميين وقادة مجتمع محلي… إلخ.

إن الحوار الوطني الذي أطلقت عليه حوار الفرصة الأخيرة والذي وصل عدد جلساته إلى تسع جلسات، هو بالفعل الفرصة الأخيرة للفرقاء السياسيين لحفظ الوطن من الانزلاق إلى المحظور وحرق آمال وطموحات الشعب البحريني في نيل حقوقه المشروعة التي نصت عليها جميع الشرائع السماوية ومواثيق الأمم المتحدة من خلال حصوله على الحرية والعدالة والمساواة والكرامة الإنسانية. والأخطر من ذلك هو حصول ما لا تحمد عقباه وهو حرق الوطن من خلال الانفلات الأمني وبالتالي المواجهات الأهلية بين مكونات الشعب البحريني كما حصل ويحصل في العراق ولبنان، لأنه لا يوجد مواطن شريف في هذا البلد يتمني حصول ذلك. إذاً ما هو المطلوب من الفرقاء السياسيين حتى نجنّب الوطن وأهله الانزلاق إلى الهاوية؟ لقد تابعت مقابلة تلفزيونية مع مجموعة من الشباب العراقي من الجنسين بمناسبة مرور عشر سنوات على ذكرى الغزو الغربي للعراق وإنشاء نظام ديمقراطي بمواصفات غربية، وقد لفتت نظري وجهة نظر إحدى الشابات الجامعيات وملخص ما قالته انها مع الديمقراطية والتعددية والعدالة والمساواة، ولكننا افتقدنا وأصبحنا نحمل أكفاننا في أيدينا، والميليشيات التابعة للأحزاب والجماعات الراديكالية تجول وتصول في البلاد، فالقتل أصبح على المذهب والهوية، والخدمات التعليمية والصحية والإسكانية وغيرها في تدهور مستمر، والفساد بجميع أشكاله ليس بأقل مما كان عليه سابقاً بل ربما أكثر بكثير. وانتقلنا من الحكم الدكتاتوري الشمولي إلى دكتاتورية الديمقراطية.

إذاً ما فائدة الديمقراطية والتعددية والوطن يحترق بنيران الطائفية والمليشيات والفساد… نحن نريد المصالحة الوطنية والأمن أولاً. هذا ما قالته الفتاة ونتمنى أن نتعظ هنا في البحرين من ذلك.

أكاد أجزم بأن معظم الشعب البحريني مع الحوار البناء والفعال والمنتج الذي يحقق الاستدامة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ويجنب البلاد والعباد البقاء في النفق المظلم. ومن هنا يتوجب على الفرقاء السياسيين أن يعوا اليوم وقبل الغد أن الشعب البحريني بجميع مكوناته يتطلع إلى أن يترفع أطراف الحوار عن المصالح السياسية أو الفئوية أو الحزبية الضيقة ويفكروا في معاناة الشعب البحريني الذي يعيش في قلق متواصل على مستقبل البلاد، ومن هنا نوجه الرسائل التالية إلى الفرقاء السياسيين.

بالنسبة للحكومة عليهم أن يدفعوا تجاه إيقاف أو تخفيف القبضة الأمنية على القرى، وأن يثقوا بممثلي الشعب البحريني وبالذات ممثلي المعارضة لأن مطالبهم في المعظم مشروعة وواقعية، وعلى سبيل المثال لا الحصر أكاد أجزم بأن الشعب البحريني بمكوناته كافة لا يختلفون على أن يكون لهم برلمان كامل الصلاحيات التشريعية والرقابية، ويكون نداً قوياً للحكومة وليس تابعاً لها كما هو الحال عليه الآن! وعلى ممثلي الحكومة أن يدركوا جيداً أن الشعب البحريني ليس هو الشعب قبل 14 فبراير، فالشعب أصبح أكثر وعياً بحقوقه السياسية، ولن تنطلي عليه الحلول والمسكنات الترقيعية، ولن يقبل بأن يعود خالي اليدين، والاستدامة السياسية تتحقّق بوجود معارضة وطنية حقيقية وليست شكلية، وإن الرهان على الوقت سيدمّر البلد.

بالنسبة للمعارضة عليهم أن يساهموا في إيقاف العنف في الشارع ومنح فرصة للحوار والتحلي بالبراغماتية والمرونة السياسية دون التخلي عن المطالب المشروعة للشعب البحريني، وأن يفتحوا حواراً جاداً مع التيار السياسي السني بعيداً عن طاولة الحوار والتوافق على ما يريده الشعب البحريني، فهذه الخطوة سوف تقصر المسافة للوصول إلى حل ناجع للأزمة السياسية في البحرين، وسوف تجد الحكومة نفسها في وضع لا تحسد عليه، وسوف توافق على ما يتفق عليه ممثلو الشعب البحريني في طاولة الحوار. ومن هنا نوجه نداءً مخلصاً لشباب 14 فبراير لمنح فرصة للحوار الوطني والذي نأمل أن يلبّي تطلعات الشعب البحريني في الحصول على حقوقه المشروعة.

بالنسبة للتيار السياسي السني الذي يُطلق عليه سياسياً «الموالاة»، عليكم أن تفتحوا حواراً جاداً مع المعارضة وأن تتفقوا معهم على الـ 80 في المئة من المطالب التي أعلنتم عنها وتضعوها على طاولة الحوار، وأن تضعوا مسافة واضحة بينكم وبين الحكومة، فشرفاء الشارع السني الذي تمثلونه لم ولن يقبلوا بأن يكونوا «ريموت كونترول»، أو قطع شطرنج أو دُمى كما صرّحتم، بل الشارع الوطني السني له مطالب لا تقل جذريةً عن مطالب المعارضة، وشرفاء الشارع السني لن يغفروا لكم، فاللحظة التاريخية فقط هي التي وضعتكم على طاولة الحوار. وأقولها لكم بصراحة وثقة مطلقة، لو جرت انتخابات نزيهة لاختيار من يمثّل الشارع السني لما تواجدتم على الطاولة اليوم، فزمن العبودية والخنوع و «الريموت كونترول» ولّى إلى غير رجعة، ولن تبقى إلا أزهار الربيع… أليس كذلك يا أخ أحمد جمعة؟.

أيها الفرقاء وبالذات الحكومة وممثلي الائتلاف الوطني (الموالاة)، عليكم أولاً وأخيراً أن تعرفوا جيّداً بأن البديل عن الحوار الوطني الجاد والمنتج، والاعتراف الصريح بمطالب الشعب البحريني المشروعة وتنفيذها بنزاهة، هو الفراغ السياسي الذي سوف يؤدي إلى حرق البلد، حينها لا ينفع الندم و «كلمة يا ريت عمرها ما عمرت بيت»… فمن يرفع الشراع؟

اقرأ المزيد

أي مطالب نريد …..وأي جماهير تريدون



كثرت التنظيرات
حول مفهوم الجماهير  فتارة يطلق عليهم جماهير
دينية  وتارة يطلق عليهم جماهير
طائفية  اي تمثل طائفة محدودة وتارة  يطلق عليهم جماهير اطفال اي ( يهالو ) والان
اصبح لدينا مفهوم  جماهير الفاتح  وجماهير الدوار فانت تقف مع من  ؟ 


فاذا كنت من
مناصري الفاتح  فاذاني صاغية  اليك 
وابوب النعيم مفتوحة  لك  واذا كنت من مناصري الدوار فانا لااتفق
معك  وتنصب عليك ابوب جهنم  . 


نحن في القوى
الوطنية ترفض أن نتعامل مع هذه المصطلحات ونرفض تمزيق شعبنا إلى كيانات وطوائف ,إن
الحركة المطلبية تمس الجميع والدفاع عن المطالب دفاع عن الجميع بدون إستثناء والحذر
كل الحذر في المطب في هذا المستنقع الطائفي 
  
الحقيقة من ساهم في
تشوية هذا المفهوم هم مثقفي واعلامي وكتاب الازمة …! 


واللذين تحولو
فيما بعد الى تجار الازمة حيث يتهافتون  للحصول
على المنفغة الكلية  من إستثمار
الازمة  وللأسف  الشديد اغلب هؤلاء ينتمون الى التيارات
الديمقراطية  ذات التاريخ العريق حيث تنصلوا
منها وداسوا على برامجها وتجاهلوا أهم أهدافها وهو الدفاع عن مصالح العمال
والكادحين والجماهير الشعبية الفقيرة   
.                                        


نحن نقول الى
هؤلاء كفاكم النفخ في الكير وكفاكم 


تأزيم وامسحوا دمع
التماسيج وأخلعوا الثياب المسرحية وما عاد اللباس الوطني يناسبكم ,لقد انكشفت
الأقنعة وعرفت الجماهير حقيقتكم  . 
الحقيقة لا توجد
لدينا مصلجة  بإتخاذ موقف مضاد لهذة الفئة
أوتلك وانما مصلحتنا الحقيقية تكمن في إتخاذ موقف سياسي مبداي ينطلق من قناعتنا
بدعم  اي حركة مطلبية  دون ان نصنفها مادامت هذه الحركة مرتبطة بهموم
الشارع وحتى لو كانت هذه المطالب في بدايتها ذات طابع اصلاحي او اجتماعي كما اثبت
لنا التاريخ ان المطالب الاجتماعية ممكن ان تتحول الى مطالب اقتصادية والمطالب
الاقتصادية قابلة ان تتحول الى مطالب 
سياسية . 


يجب أن نعرف أي
مطالب نريد وأي مطالب نتبناها , 


فدائما المطالب
تبدأ بأفكار وهذه الأفكار ليست خارجة عن إطار الوعي الأجتماعي وإنما جائت  تعبيرا عن المناخ السياسي المرتبط بهموم
الجماهير ,وتتحول هذه الأفكارإلى قوة مادية عندما تتبتاها الجماهير ضمن مطالبها
الشعبية    . 


وهنا نقول مرة
اخرى  بان الجماهير تكمن  قوتها في مطالبها المشروعة التي تمس حياة
المواطن  بشكل مباشر  وتلمس قضاياه المعيشية والحقوقية  والاقتصادية والسياسية ولهذا تلتف
الجماهير  حول هذه الحركة استنادا لهذه
المطالب وتلك ولا اعتقد  ان هناك تيار  يدعي بانة وطني او ديمقراطي  يقف ضد حركة الجماهيرويضع لها تصنيفا خاصا
لانجده  في القاموس  السياسي ولا القاموس المعرفي . 


إن المتتبع للحركة
المطلبية  لجماهيرنا وكيفية تبنيها   للمطالب الشعبية والدفاع عنها والتضحية من أجل
تحقيقها جائت بدايتها من التيارات الديمقراطية التي ساهمت بشكل أو بآخر قي رفع سقف
المطالب  إبتدا من العريضة الشعبية
والنخبوية والتي كان لها دور كبير في تبني هذه الجماهير الغفيرة لهذه المطالب فقد
اهتم بضعة من المناضلين القدامى من الوطنيين لصياغة العريضتين الشعبية والنخبوية وكان
لمجلس علي ربيعة ومجلس محمد جابر الصياح دور كبير في إحتضان هذه العريضة وكان
رأيهم سديدا عندما طالبوا بتوسيع جماهير العريضة  وبادروا حينها بالإتصال بفضيلة الشيخ عبدالأمير
الجمري وفضيلة الشيخ عبداللطيف المحمود والذي تراجع فيما بعد نتيجة لضغوطات خارجة
عن إرادته و فعلا كان للشيخ الجمري مفعول كبير عندما الغى خطبه الرنانة لدعم
العريضتين ودعم المطالب ,حيث دعمه بعض العلماء الأفاضل وعلى طليعتهم الشيخ علي
سلمــان . 


إن تبني القوى
الدينية ذات الجماهير العريضة لمطالب العريضة كان لها أكبر الأثر في أحداث تحول
نوعي 


في تبني الجماهير
للمطالب ورفع سقفها والتي قادت إلى أحداث التسعينات حيث جائت ثمرة هذه النضالات
الحركة الإصلاحية والتي كان أهمها الميثاق الوطني والبرلمان بغرفتيه . 


إن جماهيرنا وعلى
طليعتها القوى الوطنية ليست مقتنعة أن حركة الإصلاح بما حققتها من إنجازات أن
تتوقف عتد مرحلة معينة وتتراجع عند منعطفات أخرى حيث استلهمت من تجربتها بأن
التوقف هو الجمود بينما الحياة هي الحركة . 


وبهذا لم تكن
جماهيرنا   منعزلة عن أحداث العالم بما فيها الربيع العربي التي
تاثرت بها بشكل مباشر إنطلاقا من 14 فبراير 2011 حيث جوهر هذه التحركات هي المطالبة
بتطوير الحركة الأصلاحية ورفع سقفها وكانت وثيقة المنامة ووثيقة التيار الديمقراطي
ووثيقة ولي العهد  بمثابة المرجعية لسقف
المطالب والتي على ضوءه تتفاوض المعارضة حاليا الممثلة بالجمعيات الست مع السلطة
من أجل إنهاء الأزمة . أما مايطلق على المعارضة بأنها لا تستطيع التحكم في الشارع
حول ما يطلق من شعارات وهتافات منافية للحركة السلمية والإصلاحية فنحن تقول بأن المعارضة
غير مسئولة عن ردة فعل الجماهير الغاضبة نتيجة القمع المفرط , وبإستطاعة السلطة حل
هذا الإشكال عبر خطوات إلى الأمام في حوار التفاوض القائم . 


ومن هنا نقول
مرةأخرى لكتاب الأزمة بأن المطالب الشعبية هي أساسا مطالبنا كقوى ديمقراطية ولنا
الفخر عندما تبنتها جماهيرنا ,ولا بد أن نكون أول المدافعين عنها وليس التخلي . 


إن محاولة الأعلام
تشويه الحركة المطلبية باتهامها بالتدخل الإيراني أو المؤامرات الخارحية والذي
رفضه تقرير بسيوني  ومحاولة تقسيم الشارع
إلى حراك طائفي بهدف تفتيت الحراك الشعبي والقضاء عليه والدفع بالصراع الطائفي ليتحول
الصراع من  حركة مطلبية إلى صراع طائفي ليس
 للجماهير مصلحة فيها وبالتالي  المطلوب أن تتعقد الأمورويصعب الخروج من هذا
المأزق .  


 وهذا ما أنطلت على كتابنا الذين يدعون
الليبرالية وظلوا يتسابقون للتشفي من هذا الحراك الشعبي . 


أما التصتيف الأخر
من كتابنا حيث أطلق عليهم البعض بالكتاب العقلانيين  لذين أكتفوا بالتفرج والتغزل بالحركة الإصلاحية
والتباكي عليها خوفا من ضياعها دون أن يكون لهم موقف مسئول متمسكين بنظرية المساحة
الرمادية ما بين الأسود والأبيض ونحن نقول في هذه الظروف العصيبة الجماهير لا تميز
هذه المساحة فهي تطالب بمن يقف معها أو ضدها .وهذا ما أكده أحد الزعماء التقدميين
في إيطاليا بالميروتولياتي حول الجماهير عندما قال من واجبنا العمل على إكتساب جزء
من الجماهير وتحييد الجزء الآخر لمنعها إلى جماهير تناوربها البورجوازية أو السلطة
.
اقرأ المزيد

السيطرة على المجتمعات


هل يمكن الحديث في عالمنا المعاصر المترح بكل أسباب الانعتاق والتحرر من القيود، عن إمكان السيطرة على المجتمعات وإدارتها وتوجيهها في الاتجاهات المحققة لأهداف وغايات جماعات الضغط النافذة والمتحكمة بمصالح متوغلة ومتغولة في كل مفاصل الدولة وتفريعاتها المباشرة وغير المباشرة؟
 
لوهلة قد يبدو هذا التساؤل ساذجاً أو محض دعابة، وقد يُنسب أيضاً إلى طائفة القراءات والتحليلات والتنظيرات المحسوبة على نظرية المؤامرة . وكل هذا وارد بالتأكيد أو غير مستبعد من ملكة التفكير التأملي في فسيفساء المخرجات – المعقد منها والجليّ – المتوافرة والمتواترة لمختلف أساليب الإدارة الكلية للمجتمعات، المتقدمة والنامية على حد سواء .
 
إنما مع قليل من الجهد البحثي المتعمق في دراسة آليات الإدارات الكلية للمجتمعات، المؤسسية منها والأخرى الموازية، أي غير الظاهرة للعلن، وشبكة علاقاتها المتمددة، وصولاً على قلب دوائر صنع القرار،  سوف يجد أن الأمر يستأهل وقفة تأملية وتفكرية، ضرورية من أجل فهم أفضل لماهيات – وماورائيات إن شئتم – عمل أجهزة التسيير الحكومية، خصوصاً في عواصم القرار الدولي، وحجم وحدود عمل وإمكانات الآليات الديمقراطية المعتمدة كمرجعية وأدوات تسيير حكومية ومجتمعية .
 
لنأخذ الولايات المتحدة مثالاً في هذا الصدد، باعتبارها أكثر القوى العالمية نفوذاً وتأثيراً في مسارات واتجاهات التطور السياسي والاقتصادي والتكنولوجي والاجتماعي والثقافي، وهي في ذات الوقت تمثل – إلى جانب ديمقراطيات أوروبا الغربية – طليعة الديمقراطيات الليبرالية الراسخة في العالم الرأسمالي منذ أن زاوجت الرأسمالية بين رأس المال ونزعته الوثابة وبين صيغتها الديمقراطية الليبرالية، سنجد في عناوين القراءة الأولية أننا أمام تجارب لدول قومية عريقة في احترام قيمة الإنسان وحريته . دول جعلت من القوانين والنظم والتشريعات، الفيصل في بناء علاقات مجتمعية صحية ومستقرة حتى أضحت نموذجاً لدولة القانون الساري على الجميع دون استثناء، بما يفسر حيازتها طوعاً “فضيلة” هيبة الدولة وأجهزتها .
 
هل هذا كل شيء؟
 
ليس تماماً، فهناك في الظلال تركن وتكمن دولة أخرى غير مرئية تأتلفها لوبيات المصالح العملاقة التي تشكل جماعات ضغط على الدولة وعلى آليات عملها المتصلة بصورة مباشرة وغير مباشرة، بإنفاذ القانون وتسييل وتسهيل انتظام عملية الممارسة الديمقراطية كما هي مثبتة في وثيقة الدستور والقوانين المنظمة لمجمل العلاقات المجتمعية .
 
فالدولة العميقة، بمعنى الدولة الموازية المتجذرة العروق في مفاصل الدولة والكيانات المجتمعية، تسيطر سيطرة شبه مطلقة على أجهزة الميديا فتفقدها استقلالها وتوجهها الوجهة المعبرة عن مصالح كبار الملاك والحيازات، والوصول إلى سدة الحكم، أي السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية يكاد يكون مقنناً ومحتكراً من قبل نسبة مئوية ضئيلة جداً تستحوذ على حصة الأسد من الثروة ومن إجمالي المداخيل السنوية لمجموع السكان (يستحوذ 1% من السكان على 6 .34% من كامل الثروة المالية، فيما يستحوذ 10% من السكان على 80% من هذه الثروة، بينما لا تتجاوز حصة 90% ممن هم أسفل الهرم الاجتماعي 20% من الثروة المالية) . كما أن السلطة العليا المختصة بصناعة واتخاذ وإنفاذ القرار مُحتكرة بين حزبين اثنين فقط هما الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي، حيث يتقاسمان تمثيل مصالح نسبة ال 1% من الطبقة الأكثر ثراءً ونفوذاً في المجتمع الأمريكي، وبصورة أوسع تمثيلاً لنسبة ال 10% المستحوذة على 80% من إجمالي الثروة المالية للبلاد .
 
وليس أمام أي قوى اجتماعية تنتمي إلى التيارات الديمقراطية الاجتماعية المعبرة عن شرائح الطبقات الوسطى والفقيرة، فرصة “لقضم” ولو جزء يسير من هذه “الكعكة”، مثلما أن من الاستحالة بمكان حصول هذه الشرائح على مساحة ولو ضيقة للتعبير عن مصالحها في أجهزة الميديا المكرسة والموجهة أيديولوجيا للتعبير عن مصالح “الكبار” حصراً .
 
وبمساعدة نظام وآليات السيطرة المنظمة بإحكام، يجري تأمين استدامة التحكم في مفاتيح اللعبة الديمقراطية وضبط إيقاع حركة المجتمع وتوجيه وتشكيل وإعادة تشكيل وعيه الجمعي بما لا يسمح للحراك الفكري والثقافي والمجتمعي العام لشق مسارات تطور “شاذة” خارج إطار تلك التوليفة الموضوعة والمغلقة بإحكام أمام “التسربات” غير المرغوبة .
 
ولا يقتصر دور ونفوذ النموذج الأمريكي للدولة العميقة على الداخل الأمريكي فقط، بل إن أذرعها الطويلة ممتدة ومتوغلة في مفاصل النظام الدولي، ما يتيح لها، على سبيل المثال لا الحصر، تحريك دعوى قضائية في محكمة الجزاء الدولية متى شاءت ضد دولة أو حكومة أو مسؤول في حكومة لأغراض الضغط والابتزاز المحققين لمصلحتها، والعكس صحيح، أي أنها تلجأ متى أرادت إلى استخدام نفوذها للحيلولة دون تحريك مثل هذه الدعوى القضائية حيثما تطلبت مصلحتها ذلك، وكل ذلك بالرغم من عدم عضويتها هي نفسها في هذه المحكمة الدولية . . وهذا ينطبق على تحريك ملفات حقوق الإنسان وإحالتها من عدمه إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار بفرض عقوبات على الطرف غير المحقق للمصلحة الأمريكية في تلك اللحظة التاريخية المحددة .
 
وهكذا يبقى التعويل على القيام بإحداث التغيير من داخل “السيستم” نفسه، وهذا صحيح، وقد جربه الرئيس الأمريكي الراحل جون كنيدي، إلا أن مراكز القوى أو الدولة العميقة قد عاجلته بتصفيته غيلةً بعد أن شعرت بتهديده ل”السيستم” من خلال خططه لإعادة هيكلة وكالة المخابرات المركزية “سي .آي .إيه” لإبعادها عن سيطرة جماعات الضغط الرأسمالية، واعتزامه إعادة هيكلة نظام مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي)، وإنهاء الحرب في فيتنام . الرئيس باراك أوباما هو الآخر يحاول بذكاء حذر اعادة تموضع مراكز القوى المهيمنة على صناعة القرار في واشنطن، والعمل على إدخال تعديل نوعي في ميزان القوى الاجتماعية بتثقيل وزن الطبقة الوسطى وما دونها في سلم الهرم الاجتماعي، وقد حظي حتى الآن بنصيبه هو أيضاً من محاولات الاغتيال، المادي والسياسي .
 
في عام 1890 شرع الكونغرس الأمريكي ما سُمّي بقانون شيرمان لمكافحة الاحتكار (نسبة إلى عضو مجلس الشيوخ جون شيرمان)، لمعالجة تنامي خطر الاحتكار على ال”سيستم” الذي مارسته آنذاك “شركة ستاندرد أويل” في مجالات النفط والنحاس والمشروبات الروحية، فتمت تجزئة الشركة إلى بضع شركات متنافسة . وهذا ما حدث أيضاً لشركة “مايكروسوفت” . السؤال الآن: أوليس تضخم حجم الحزبين الجمهوري والديمقراطي واحتكارهما طوال عشرات السنين الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في البلاد الأمريكية، يعد سبباً كافياً لتدخل الدولة لوضع حد لاحتكارهما، وذلك منعاً لإفسادهما الممارسة الديمقراطية التي يفترض أن تمثل مخرجاتها مصالح شرائح المجتمع كافة؟
 

اقرأ المزيد

هدية نوروزية بسيطة

 




هدية نوروزية بسيطة من الشاعر : سعدي 
  

  


 


تقديم / اختيار والترجمة العربية نثراً : حميد خنجي 
 


,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
 

ستظل رابطة الأخوة الانسانية
الأقوى والأجدى بين بني البشرْ
وها قد وُهبوا الحياة
من معادنٍ وجوهرْ
 
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
 
بنی آدم اعضای یکدیگرند         که در آفرينش ز یک گوهرند
 
Human beings are members of a whole 
In creation of one essence and soul 
  

Les êtres humains (les enfants d Adam) sont les parties d un corps
Ils sont issus de la même essence 
  
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,


وإن اشتكى فردٌ منهم من ألمٍ
لا يعرف السرورْ
لتداعى له أخوتُه الآخرونْ
بلا استكانةٍ أو حبورْ
 
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
 
چو عضوى به درد آورد روزگار،        دگر عضوها را نماند قرار
 
If one member is afflicted with pain
Other members uneasy will remain



Lorsqu une de ces parties est atteinte et souffre 
Les autres ne peuvent trouver ni la paix ni le calme 
 


,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,, 
 




أيستحق المرءُ أن يسمى إنساناً
إن لم تحركه مِحنُ الآخرينْ
 
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
 
تو کز محنت دیگران بی غمی،        نشاید که نامت نهند آدمی 
 
If you ve no sympathy for human pain
The name of human you cannot retain
 
 
Si la misère des autres te laisse indifférent
Et sans la moindre peine ! Alors
Il est impensable de t appeler un être humain
 
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
 
هدية نوروزية بسيطة من الشاعر : سعدي
 
ملف : حميد خنجي
الحوار المتمدن-العدد: 4038 – 2013 / 3 / 21 – 14:00
المحور: الادب والفن

اقرأ المزيد