المنشور

تلفزيون البحرين… لماذا بدأت البرامج المسيئة من الأساس؟

أكّد مدير إدارة وسائل الإعلام بهيئة شئون الإعلام يوسف محمد، أن الهيئة
أوقفت جميع البرامج المسيئة، التي كان تلفزيون البحرين يبثها خلال الأزمة
السياسية التي شهدتها البحرين في شهر فبراير/ شباط من العام 2011، مشدداً
على أن برامج التلفزيون الحالية تحمل خطاب الحب والتماسك في المجتمع. جاء
ذلك خلال فعالية «دور الإعلام في تعزيز وحماية حقوق الإنسان في البحرين»
التي أقامتها المفوضية السامية لحقوق الإنسان، بالتعاون مع المؤسسة الوطنية
لحقوق الإنسان، وذلك يوم الأحد (27 أبريل/ نيسان 2014)، بحضور عددٍ من
ممثلي منظمات المجتمع المدني والجمعيات السياسية، والذين وجهوا أسئلةً
وملاحظاتٍ حول الإعلام الرسمي في البحرين.

ونحن نسأل تلفزيون
البحرين: لماذا بدأت البرامج المسيئة من الأساس؟ إذ أنّ هذا يعد اعترافاً
واضحاً من قبل هيئة شئون الإعلام على تطاولها وإساءاتها لمكوّن مهم في
المملكة!

لقد أثارت هذه البرامج موجةً من الحقد والكراهية والضغينة
والغضب لدى الجميع، وأجّجت الطائفية والتقسيم والطبقية، ولم تعطِ الطرف
الآخر فرصةً للتحدّث عبر منبرها، ما أدّى إلى اتّجاهه لتلفزيونات تعطيه
الحرّية في التعبير. وقد قام التلفزيون الرسمي بشد شعرة معاوية على الآخر،
ولا ندري إن انقطعت الشعرة بعد أم لا، ولكننا نعلم علم اليقين بأنّ الثقة
ذهبت، وأنّ الاحترام المتبادل بين أطياف الشعب ولّى هو الآخر، ونتيجة ذلك
نشاهده في الأحياء والمناطق، وحتى في المجالس الاجتماعية، فهناك من أصبحت
لغة الشتم والسب والطعن في الأصول أمراً سهلاً كشربه للماء، ومن دون ضمير!

وما
تأكيد مدير إدارة وسائل الإعلام على تغيير البرامج المسيئة وإبدالها
ببرامج تعزّز الوحدة والحب والتماسك في المجتمع البحريني، إلاّ دليلاً
قاطعاً على تجاوزات التلفزيون الرسمي في بثّ الكراهية، وسؤالنا للهيئة: هل
يكفي فقط تغيير البرامج، بعد الفجوة والموجة الكبيرة التي أحدثها تلفزيون
البحرين؟ نشك في ذلك! لأنّ الدمار حلّ في سويعات، وأما البناء فسيحتاج إلى
سنين عديدة، والتلفزيون الرسمي ووزيرته إلى الآن لم يقوما بالاعتذار إلى
شعب البحرين عمّا قاموا به من تعدٍّ على الناس.

تقرير بسيوني
وتوصياته التي أُهملت لمدّة 3 سنوات في هذا الجانب، أقرّ بأنّ وسائل
الإعلام البحرينية تناولت لغةً مهينةً ومثيرةً ومسيئةً، إذ كتب التقرير في
ملاحظته رقم 17: خلصت اللجنة إلى أن معظم المواد المذاعة على تلفزيون
البحرين احتوت على لغة مهينة وتغطية مثيرة للأحداث، وأن بعضاً منها كان
مسيئاً للسمعة، ولكن اللجنة لم تعثر على أدلة حول تغطية إعلامية تنطوي على
خطاب مفعم بالكراهية. وإن كانت اللجنة قد انتهت إلى حدوث حالات تشويه
للسمعة ومضايقات، بل وتحريض في بعض الأحيان من خلال مواقع الشبكات
الاجتماعية. وقد استُهدف الصحافيون الموالون والمعارضون للحكومة على حد
سواء من خلال هذه المواقع .

الإصلاح من دون اعتذار لا يعد إصلاحاً يا
سادة، بل الإصلاح يبدأ أولاً بالاعتذار؛ الاعتذار عن الإهانة وعن الشتم
والسب و»لِمْعَايَر»، وعن زجّ السياسة بالدين.

الاعتذار هو أوّل مفاتيح المصالحة، هذا هو الإصلاح الذي كنّا ومازلنا نطمح إليه، ولكننا نجده بعيداً بعد الشمس عن أرضنا!

مريم الشروقي

اقرأ المزيد

الإقصائيون وغياب الرؤية الوطنية

في المقالة السابقة توقفنا في حديثنا عند غياب المشروع السياسي لدى
السلطات السياسية، وكثرة الحديث عن «الثوابت» و«المبادئ» غير المسموح
الاقتراب منها، أو أن يطالها أي نقاش، وهو حديث يستبطن بقاء الأوضاع
المتردية الراهنة دون تغيير.

وإذا ما أمعنا النظر والتفكير في هذا
الخطاب الإعلامي والدعائي الذي درج على تكرار مثل هذه «المفاهيم» لوجدنا
أنه خطاب يفتقر إلى التماسك أو التناسق مع المعطيات القائمة على الأرض، فوق
ما يحمله من نزعة إقصائية. وهو خطابٌ نراه يتكرّر تباعاً مشفوعاً بمكابرة
سياسية لا موقع لها في ميدان السياسة التي لا «ثوابت» فيها، إضافةً إلى
افتقاره للرؤية الوطنية الجامعة، وكل هدفه طمس الحقائق وخنق أية فرصة
إيجابية يمكن أن تلوح في أفق المشهد السياسي المأزوم أصلاً. وأخيراً هو
خطابٌ مهووسٌ بالحديث عن المؤامرة الخارجية المزعومة، وكل حمولته هي العمل
على تسقيط القوى الوطنية المعارضة والتحريض ضدها.

وهكذا عندما نتوقف
عند تلك «الثوابت» والمبادئ» و«الخطوط الحمر» التي تساق كحججٍ وذرائع
لتعطيل وإجهاض الحلول السياسية ومعاندة الإصلاح الديمقراطي، تحسب أنهم
يتحدثون عن «قيم مطلقة» تخص قضايا «الكون» و«الخلق»، أو عن بعض «المسلمات»
و«المقدسات» التي هي خارج نطاق تجارب ومدارك البشر!

بينما الواقع
يقول إن كل ما له علاقة بالدولة وعناصرها، والسلطة السياسية ومكوناتها، وكل
ما يتعلق بشئون تنظيمها، والعلاقة التي تحكم أطرافها خصوصاً بين الحكم
والشعب، هي من المسائل التي تخضع لرؤى واجتهادات الناس، وقابلة للنقاش
والتطور، ما يجعل منها موضوعات أساسية لأي حوار يمكن أن يقود إلى إحداث
تغيير وتطوير في هذه القضايا، بما يخدم حاجات ومطالب هؤلاء الناس والتغلب
على الظروف الصعبة التي يجتازونها.

نحن هنا نتحدث عن كل المتغيرات
القابلة للتطور والتبدل، سواءً تعلق الأمر ببعض النصوص أو ببعض الشخوص التي
ربما كانت مناسبة وفاعلة في ظروف سابقة، وقد تكون أدّت دورها المطلوب في
مرحلة معينة، ومن حقها علينا أن نحترمها، ولكن ليس تقديسها أو سجن أنفسنا
داخل أسوارها وأفكارها التي تجاوزها الزمن، خصوصاً إذا ما أصبحت تمثل اليوم
عبئاً يحول دون تطور وتقدم بلدنا وتعايشه مع قيم العصر من حرية وعدالة
وكرامة إنسانية، وصارت عائقاً في وجه خروج بلدنا من العطالة السياسية
والاجتماعية التي يعاني منها، بعد أن أصاب الجمود والخمول الوضع السياسي
بالدولة.

الذي نريد أن نصل إليه هنا هو أنه لا يجوز أن نجعل من عملية
الحوار مجرد محطة أو قناة لإعادة إنتاج الأزمة وأسبابها، أو نحاول تلميع
صورتها تحت عناوين فضفاضة وخادعة، مثل الحديث عن «الثوابت» و«المبادئ»
و«الهوية الوطنية» في الوقت الذي توجد، عدا القضايا الدستورية والسياسية،
قضية حساسة وخطيرة تهدّد حاضر ومستقبل البلد وتضرب هويته الوطنية والقومية
في مقتل، ولا يجري الاقتراب منها أو طرحها كعنوان على جدول أعمال الحوار،
ونعني بها قضية التجنيس السياسي الذي باتت مفاعيله السياسية والأمنية
والاجتماعية تتكشف بشكل مقلق ومفزع. هذا ناهيك عن تعمد الزج بالهويات مادون
الوطنية مثل الطائفية والقبلية والعرقية في الصراع السياسي من جانب هذه
القوى التي اعتادت كثيراً التحدث عن المبادئ والثوابت، إمعاناً في التضليل،
وإصراراً على توفير الغطاء السياسي للاستبداد والفساد وقمع الحريات
والتنكر لكل قيم حقوق الإنسان.

إن هذه المسألة تقودنا إلى طرح سؤال
مهم، يجب أن تكون الإجابة عليه محور وأساس أي حوار قادم، وهو: ماذا يحتاج
بلدنا على المستويات السياسية والاجتماعية والأمنية في هذه المرحلة الصعبة
والحرجة؟

الإجابة على هذا السؤال بتجرد وموضوعية سوف يساعدنا حتماً
على توجيه الفكر والسلوك نحو النموذج السياسي الوطني الجامع، والذي يلبي
طموحات وتطلعات المواطنين كافة، أي نموذج تتوافر فيه شروط ومعايير العدالة
والمساواة ومبدأ تكافؤ الفرص. وبشكل أكثر تفصيلاً، إن ما يحتاجه بلدنا
اليوم ويعوزه بصورة ملحة، ثلاثة أمور جوهرية:

الأول: نموذج سياسي
عادل ومتوازن يرتكز على مبدأ «الشعب مصدر السلطات جميعاً»، حتى يكون قادراً
على إدارة الدولة وفق أسس من العدالة والنزاهة والشفافية، والمساواة
والمواطنة المتساوية، لأنه بدون هذه القيم لا يمكن وقف الاستبداد ومحاصرة
الفساد، ويكون الحديث عن الإصلاح مجرد لغو لا طائل منه.

الأمر
الثاني: الأخذ بالديمقراطية كصيغة حكم باعتبارها الأفضل والأسلم في إقامة
وتنظيم العلاقة بين السلطة والشعب، بعيداً عن أية خيارات أمنية أو عنيفة.
أي أن يكون خيارنا المتوافق عليه هو الديمقراطية التي تتحقق معها التعددية،
وتحمي الحريات، وتوفر الأمن والأمان والاستقرار الدائم، كما تضمن تمثيل
إرادة الناس عبر الانتخاب والمشاركة الحرة لكل أطياف وقوى المجتمع دون
إقصاء أو تهميش لطرفٍ، ودون إخضاع أو إذلال للمواطن، فالديمقراطية لا تحتاج
إلى شعب مرهق وضعيف لا همّ له سوى اللهث وراء لقمة العيش وانتظار
«المكرمات» و«الإعانات»، إنّما الديمقراطية دورها يتجسد في خلق شعب يمتلك
العزة والكرامة والعيش الكريم، وتجعله قادراً على العمل والحركة والتوجّه
نحو الرقي والتقدم، ومنافسة بقية أمم وشعوب الأرض. وهذا لا يمكن تحقيقه دون
وجود حياة حرة وكريمة يحياها المواطن.

الأمر الثالث: هو توفر اقتصاد
قوي يحقق العدالة الاجتماعية للمواطنين، في دولة مدنية وعصرية مكتملة
البنى والخدمات. وهذا النوع من الاقتصاد يتحقق فقط بوجود حكم ديمقراطي
عادل، يمتلك مقومات منع الاستئثار وضرب الفساد والمفسدين.

هذه ثلاثة أمور أساسية ينبغي أن تتصدر أولويات ومخرجات أي حوار، لأنها هي المعنية بمعالجة مشاكل الواقع وتحدياته.

ترى ما هو موقف القوى الإقصائية الرافضة للتغيير من هذه الأمور الجوهرية الثلاثة؟ هذا ما سنتناوله في مقالة مستقلة إن شاء الله.

محمود القصاب

اقرأ المزيد

عندما يهرب فرسان الكراهية

يوم الأحد الماضي، نظمت المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالتعاون مع
المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، ورشة عمل حول «دور الإعلام في تعزيز وحماية
حقوق الإنسان في مملكة البحرين»، تم التطرق خلالها، وبشكل خاص، إلى حرية
التعبير ومكافحة خطاب الكراهية.

ورشة العمل هذه جاءت ضمن سلسلة من
الورش نظمها وفد المفوضية الذي يتواجد في البحرين لمدة شهرين بهدف تقديم
المساعدة الفنية والتقنية ودراسة الأوضاع وإصدار تقييم عنها، وتقديم تقرير
عن ذلك إلى المفوضية السامية لحقوق الإنسان.

المهم في أمر ورشة العمل
هذه أن أحداً من المعنيين بخطاب الكراهية، لم يحضر هذه الندوة، كما أن
صحافتنا المحلية تجاهلتها تماماً، ولم تشر إليها من قريب أو بعيد، وكأنهم
غير معنيين بها، رغم أن المنظمين أكدوا أنهم دعوا الجميع.

ورغم أنه
كان من المفترض أن يقدم أحد رؤساء التحرير ورقة عمل حول «المهنية الإعلامية
وضبط خطاب الكراهية»، إلا أنه ليس فقط هرب من تقديم الورقة ولم يحضر
الورشة، ولكنه لم يكلف نفسه حتى عناء الاعتذار للمنظمين.

بالتأكيد أن
الوفد سيرفع تقريره إلى المفوضية، وبالتأكيد أن التقرير سيلاقي ردة فعل
غاضبة من وسائلنا الإعلامية التي ستردد نفس الجملة المكررة من أن «الوفد
أخذ جانباً واحداً، واستمع لجهة واحدة فقط، وإن التقرير يفتقد إلى الحيادية
والمصداقية… إلخ».

الممثل الإقليمي للمفوضية عبدالسلام سيد أحمد،
يشير إلى أنهم لاحظوا ازدياد خطابات الكراهية في البحرين في الأعوام
الأخيرة، وذلك من خلال رصد قام به الفريق التقني التابع للمفوضية، والذي
يتواجد في البحرين منذ قرابة شهرين. في حين قال أحد أعضاء الوفد خلال ورشة
العمل إنه لا يعرف أحداً من الصحافيين أو كتاب الأعمدة في البحرين، ولكنه
لاحظ خلال الفترة التي قضاها هنا أن أغلب الأعمدة الصحافية كانت تفتقر إلى
الحرفية والمهنية، وتتضمن الكثير من الكذب والافتراء، فضلاً عن الكراهية،
وأشار إلى أن بعض الكتاب تعمدوا الكذب على وفد المفوضية رغم أنهم لم يلتقوا
معهم أبداً.

لقد بدا واضحاً الآن أن من يبث الكراهية ويتهم الناس
بالعمالة والخيانة ويصف القوى المعارضة بأبشع الصفات، ويغدق عليها ما شاء
من السب والشتم، لا يملك ولو قليلاً من الجرأة، لمواجهة الرأي الآخر في
وجود جهة محايدة، وأن شجاعته على الورق فقط، أو عندما يحتمي بجهات ومؤسسات
تشجعه على ذلك، لقد بات واضحاً أن فرسان الكراهية أجبن من مقارعة الحجة
بالحجة، والرأي بالرأي الآخر، ولذلك لم يكن أمامهم إلا الهرب.

جميل المحاري

اقرأ المزيد

بصراحة | الدولة و خطاب الكراهية

يرتبط خطاب الكراهية بالمستجدات أو بالتغيرات الإجتماعية في البحرين خلال الثلاث السنوات
الماضية ، نعتقد بأنه أخطر شيء حدث في البلاد ، هو  الذي مزق وشطر الوحدة
الوطنية و النسيج الإجتماعي  لشعبنا ، لقد كتب د. نادر كاظم في جريدة الوسط
، قبل أربعة أعوام  العديد من المقالات عن الكراهية ، يقول في أحد مقالاته
: (  ما تعمله الكراهيات في المجال العام وتكنولوجيا الاتصال والإعلام
تعمله، كذلك، في مجال الدولة، ويضيف قائلا : إلا أن للدولة شأناً خاصاً؛
لأن الدولة هي الميدان الأساسي للصراع على السلطة، وفي هذا النوع من
الميادين يمكن توظيف الكراهيات واستخدامها كسلاح أو كتكتيك من تكتيكات
الصراع على السلطة، وإلاّ كيف نفسّر تعامل الدولة الانتهازي والمصلحي مع
الكراهيات؟ ولماذا نرى الفاعلين السياسيين الممسكين بالسلطة والطامحين إلى
الإمساك بها ينخرطون، سراً أو علانيةً، في سياسات التحريض على الكراهية
الجماعية وقت ما يجدون في ذلك مصلحة سياسية لهم؟ ألا تقرّ هذه الدولة تلك
الكراهيات وتشجع عليها حين تتغافل عن تجّارها وصنّاعها؟ ثم من ذا الذي يجرؤ
اليوم على المجاهرة علناً، ودون لفّ أو دوران، بكراهية منفلتة من ذلك
النوع الصادم الذي يذكّر بتلك الكراهيات الحادة التي انتعشت في التاريخ ) ،
د. نادر تحدث عن الدولة بشكل عام ( كقوة سلطوية حاكمة ) في أي بلد من
بلدان العالم ، دعونا نتحدث عن الدولة في البحرين ، منذ اندلاع أحداث
الرابع عشر من فبراير عام 2011م ، عملت الدولة على بث خطاب الكراهية في
المجتمع من خلال الماكنة الإعلامية الرسمية ، المرئية والمسموعة ، خطاب
إيذاء الآخر والإيقاع به  ، الخطاب الذي يحث على البغضاء والكراهية
والتمييز بين أبناء الشعب ، خطاب لا مثيل له في السابق من خلال إعلاميين
وكتاب  ورجال دين معروفين في البحرين ، لعبو دوراً قذراً في بث سموم
الكراهية والطائفية ،ساهمو بشكل كبير مع الطائفيون والمأزومون من المنتفعين
في تشطير وتقسيم شعب البحرين ، هذه أخطر ظاهرة إجتماعية برزت في البحرين
خلال الثلاث السنوات التي مضت ولازالت تداعياتها مستمرة ، الطامة الكبرى
عندما شارك البعض مما يعرف بمثقفي الحداثة والتنوير في حفلة الزار الماجنة
للرقص على آهات وآنين قطاع واسع من الشعب ، و كرسوا وقتهم وجهدهم لخطاب
الكراهية في المجتمع ، بدلاً من  الحث لإعادة اللحمة والوحدة الوطنية  ،
عمقوا من الجرح الذي كان ينزف دماً من الجسد البحريني  ولن يتشافى منه
لسنوات  قادمة، إذا لم يعمل الحكم في البحرين على إيجاد الحل السياسي الجاد
والشامل للازمة السياسية المتفاقمة .سوف يستمر الوضع المأزوم لسنوات .

فاضل الحليبي

اقرأ المزيد

إجراءات لصالح حفنة وضد مصالح الشعب

كل شيء في الكويت يشي بتدهورٍ وبمستقبلٍ
مظلم، فمنذ سنوات لم تتبن السلطة نهجاً منحازاً إلى الإنسان الكويتي، بل
على العكس فإن كل قرار وكل توجّه يصب في تنفيع القطاع الخاص والانحياز إلى
الفاسدين المتنفذين، وتكبيل المواطن بقيود من شأنها تحميله أعباء لن يستطيع
الإيفاء بها للعيش بكرامة وبحبوحة ولتأمين مستقبل أبنائه وأحفاده.

هذا النهج المنحاز يصب في المصالح الضيقة
لكبار الرأسماليين، وضد مصالح معظم أبناء الشعب الكويتي والوافدين، رغم
العوائد الهائلة من النفط والفوائض المالية التي تبلغ المليارات، وبدلاً من
استخدامها للتنمية ولتقديم خدمات متطورة للشعب وتيسير حياته المعيشية وحل
سلسلة مستنقع الأزمات وعلى رأسها الأزمة السياسية المستفحلة وأزمة
الديموقراطية والنظام الانتخابي، وأزمات أخرى مثل الأزمة الإسكانية
والبطالة التي تزداد سنوياً، وأزمة المقاعد الدراسية الجامعية والأزمة
المرورية وأزمات نقص الأسرّة في المستشفيات وتدهور الخدمات الصحية
والتعليمية، وأزمة الفساد المستشري على كل الأصعدة وفي جميع المستويات، حتى
لم يتبق شيء في دولة الكويت يمكن أن نفخر به، تنفخ الحكومة على نار
الأزمات عمداً لتزداد اشتعالاً.

ومع كل ذلك تم الإيعاز لمجلس الصوت الواحد
الذي لا يمثل الشعب الكويتي والفاقد لشرعيته، لتعديل خطير على القانون 7
لسنة 2008 بتنظيم عمليات البناء والتشغيل والتحويل الـ«بي. أو. تي»، التي
تعني استباحة أملاك الدولة والتنازل عنها أو التفريط بها لصالح كبريات
الشركات في القطاع الخاص الطفيلي والضعيف، وهو تخلٍ سافر من الدولة عن
أملاكها لصالح الفاسدين والمتنفذين والشركات الخاصة.

ولم تكتف بذلك بل تتجه إلى رفع الدعم عن
أسعار الكهرباء والبنزين المُباع للمقيمين وتقنينه على المواطنين، وهذا
يجري في دولة تُعتبر من أغنى الدول النفطية ولديها فوائض في الميزانية تبلغ
مليارات الدنانير، وهو ما يعني هجوماً عنيفاً من السلطة والحلف الطبقي على
الفئات الشعبية ومحدودي الدخل، وسيلحق أضراراً بالغة على حياة معظم
الكويتيين، وسيحملهم أعباء إضافية ستدهور مستوى معيشتهم، وسيوسّع من الهوّة
الطبقية أكثر، بل سيسهم هذا الإجراء بارتفاع إيجارات السكن المرتفعة
أساساً وسيزيد من أسعار السلع وجميع الخدمات.

والغريب أن السلطة جاءت بتبريرات لن
تصدقها أبسط العقول، فقد ادعت السلطة ومنظروها الاقتصاديون أن هذه
الإجراءات التعسفية تهدف إلى وقف الهدر في الميزانية العامة للدولة، وزيادة
إيرادات الدولة، كيف وهي تتخلى عن حقوقها وأملاكها لصالح حفنة من كبار
الرأسماليين؟! كيف يمكن وقف الهدر وهي تبدد ثروات البلاد من خلال تنفيع
الأطراف المتنفذة وقوى الفساد؟!

لقد أصبحت السرقات المليارية وشراء الذمم
الذي لم يستثن أحداً وبالأسماء المعروفة، أصبحت قضية رأي عام بعد أن خرجت
من خلف كواليس التآمر الخفي على ثروة البلاد إلى العلن من خلال وسائل
الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، فأصبح القاصي والداني يعرف بتفاصيل هذه
السرقات وشراء الولاءات وأسماء المرتشين والراشين والخافي أعظم، وهذا من
شأنه أن يشعل سخطاً شعبياً من أجل الانتصار لمقدراته ومستقبل أجياله
القادمة.

إن السلطة بانحيازها الطبقي «تطمطم» على
الفساد والمفسدين، بل أحياناً يجري ذلك بإيعاز منها، بدلاً من تقديم هؤلاء
الفاسدين والمتنفذين ومن وراءهم للقضاء العادل، بعد أن شبع الناس من
الأغذية الفاسدة وراجت تجارة الإقامات من قبل أقطاب حكومية وموظفين كبار
وبعض أبناء الأسرة، وتدهورت حياة المواطن المعيشية، بدلاً من معالجة الخلل
والأزمات المستفحلة، تلجأ السلطة إلى زيادة النار أواراً من خلال الانتقاص
من حريات الشعب وزيادة الأعباء المعيشية عليه.

وليد الرجيب



———————————————————–

منقول عن جريدة الراي تاريخ 23/04/2014 العدد: 12714

اقرأ المزيد

العنف ليس خياراً

ليس من الصحيح تجاهل ما يجري أو السكوت عن ممارسات قد يتخذها البعض،
وتصبُّ في نهاية المطاف بشكل مباشر بالإضرار في الحراك الشعبي والسلمي في
البحرين، وليس من حق أحد أن يحرف مسار هذا التحرك ليفرض حالة من الفوضى
ليست في قاموس أغلبية الشعب البحريني.

هناك من يرى أن «العنف
المُمارس من قبل الشارع، جاء كردَّة فعل طبيعية لما تمارسه السلطة من عنف
راح ضحيته العديد من المواطنين، وأن العنف لم يمارس إلا بعد أن وصلت الأزمة
في البحرين لطريق مسدود، وأن لا أمل لتحقيق مطالب الناس، إلا من خلال
الضغط المباشر، والصدام مع قوات الأمن، وذلك ما سيُوجع السلطة ويجبرها على
تقديم التنازلات». في مقابل ذلك هناك رأي معارض تماماً لاستخدام أي من
الأساليب العنيفة، ويرى أن «السلمية لم يكن خياراً عبثياً أو اعتباطياً بل
إنه نابع عن فهم ودراية لطبيعة الشعب وإمكاناته والظروف المحيطة به
وإمكانات السلطة وقوتها في أي مواجهة أمنية، ولم يكن خياراً من عدة خيارات
متاحة للشعب بل هو أقرب للقدر لكل من هو مطلع على طبيعة البحرين».

لقد
تم استثمار بعض الأخطاء التي ارتكبت خلال فترة الاعتصام في الدوار
وتضخيمها ليتم تصوير الحراك الشعبي على أنه حراك طائفي، ونجح البعض وبذكاء
في خلق فتنة طائفية لتقسم الشعب بشكل عمودي فاقع، وهو واقع نعيشه الآن يجعل
ممن يعيش على الارتزاق من دماء الناس محقاً في بعض ما يقوله، ولذلك ليس من
الحكمة في هذه الفترة أن نقدم لمن يسعون إلى خنق مطالب الناس أغلى ما
يتمنونه من تحويل الحراك السلمي إلى مواجهات أمنية ومفخخات وقنابل مزروعة.

لقد
نجح التحرك السلمي في أن يكسب تعاطف وتضامن أغلب دول العالم، ما جعل
السلطة في موقف حرج ولم تستطع بجميع إمكاناتها المالية والبشرية إلا أن
تسلم بالضغوط الدولية وأن تتعهد أمام الأمم المتحدة بأن تنفذ 176 توصية
تقدمت بها الدول المشاركة في اجتماع مجلس حقوق الإنسان بما فيها أقرب الدول
للسلطة في البحرين، في حين لم تؤدِّ عمليات المواجهات مع القوى الأمنية
ورمي المولوتوف وغلق وحرق الشوارع إلا إلى مزيد من الضحايا من الشباب
والأطفال والمزيد من الجرحى والمعتقلين.

في دفاعه أمام محكمة
الاستئناف العليا الجنائية بشأن كيدية التهم الموجهة إليه، حدد الأمين
العام لجمعية العمل الديمقراطي إبراهيم شريف الطريق الصحيح للحراك الشعبي
في البحرين حين أكد أن «المستفيد من العنف هو السلطة لأنها تجرُّ بذلك
المعارضة من معركة القيم والأفكار التي تتفوق فيها المعارضة، إلى معركة
السلاح والقوة التي تهيمن عليها السلطة، وعندما يستخدم الطرفان القوة
والعنف لفرض إرادة كل منهما على الآخر فإن الفوارق الأخلاقية والقيمية بين
الطرفين تكاد تختفي ويصبح من الصعب إبعاد اهتمام قوى السلام العالمية
والمنظمات الحقوقية الدولية بعدالة قضيتنا ونستنفد بذلك الرافعة المعنوية
التي يحتاجها شعبنا للاستمرار في نضاله من أجل دولة ديمقراطية عادلة…
العنف ثقافة ينشأ عليها المستبدّون وهي ثقافة مدمرة للمجتمعات إذا تبنتها
الشعوب وقواها السياسية المعارضة».

إن كل ما يتمناه البعض هو أن
يتحوَّل الحراك الشعبي في البحرين من مسيرات جماهيرية، وتظاهرات واعتصامات
عامة يشارك فيها مئات الآلاف، إلى مجرد عمليات عنف يرتكبها البعض لتعمَّم
على الجميع، وليوصف الحراك الشعبي في البحرين بالإرهابي.

جميل المحاري

اقرأ المزيد

الأزمة ومأزق التسوية السياسية

يستطيع أي متابع لتطور الأحداث في الأقطار العربية التي شهدت ثورات
وانتفاضات شعبية، التوصل إلى عدد من الحقائق المهمة، التي يمكن أن تساعد
على فهم طبيعة الصراعات السياسية والاجتماعية التي عاشتها الدول، وكذلك
تفسير أسباب التقلبات والمخاضات التي لازال البعض الآخر يرزح تحتها،
والمآلات التي يمكن أن تنتهي إليها، سواء التي أخذت فيها الأحداث طابعاً
سلمياً، أو اتجهت إلى مواجهات مسلحة فيما يشبه الحرب الأهلية.

أول
هذه الحقائق أن الدول العربية التي تفجرت فيها الثورات والتحركات الشعبية،
عانت دون استثناء من سطوة أنظمة دكتاتورية مستبدة، ارتكبت بحق شعبها كل
أشكال الانتهاكات لحقوق الإنسان، من قتل وسجن وتعذيب وملاحقات وقطع أرزاق،
وغيرها من صنوف التمييز والإقصاء لدوافع سياسية أو طائفية، إضافة إلى
رعايتها لكل صور الفساد بدءًا من نهب المال العام، مروراً بالعبث بممتلكات
الدولة وشراء الذمم، ودفع الرشاوى والاحتكار والمزاحمة التجارية غير
المشروعة، وانتهاء بالمحسوبية التي تدمر الكفاءات الوطنية، مع استمرار نخر
هذه العلل والأمراض في هياكل ومؤسسات الدولة التي تحوّلت إلى عبء أمام نهوض
وتقدّم أوطانها، وهو ما ولّد غضباً دفيناً عند المواطنين، كان يتفاقم مع
الوقت حتى جاءت الفرصة المناسبة لينفجر في وجه السلطات الباطشة على شكل
ثورات وانتفاضات شعبية عارمة، باحثة عن الحرية والكرامة والعدالة، لتكشف عن
كل ما كان يعتمل تحت السطح من تفاعلات سياسية واجتماعية.

الحقيقة
الثانية هي أن كل القوى السياسية والاجتماعية التي كانت طرفاً في الصراعات
التي تفجرت، سوف تجد نفسها في نهاية المطاف، وبعد كل التضحيات والخسائر
البشرية والمادية، جالسةً على طاولة المفاوضات مهما بلغت حدة هذه الصراعات
بينها، فلكل أزمة نهاية مهما طالت أو تعقدت، وسيكون جلوس هذه الأطراف على
طاولة الحوار هو البداية التي يجب أن توصلها إلى النهاية المطلوبة، وهي
إنهاء الأزمة القائمة. وعادةً ما تذهب هذه القوى إلى الحلول السياسية
والتسويات تحت ضغط الأزمة أو المشكلة رغبةً في تفادي النزاعات واتساع
رقعتها، وبالتالي تحاشي تداعياتها السلبية وآثارها المدمرة.

الحقيقة
الثالثة هي أن النزاعات والصراعات التي تحركها العصبيات الطائفية والمذهبية
أو القبلية، التي هي دون الوطنية، تستعصي دائماً على الحلول السياسية
التقليدية التي يمكن أن تكون نتاج عملية حوارية أو تفاوضية، بل وتكون هذه
العصبيات عادةً محفّزةً على العنف والعنف المضاد، ولذلك تشكّل مصدر تهديدٍ
للمجتمع والدولة برمتها، بالتفكك والانحلال. وأمامنا العديد من الأمثلة في
الدول العربية التي لجأت الأنظمة السياسية فيها إلى إثارة هذه العصبيات
بصورةٍ متعمّدةٍ لشق المجتمع وإضعافه حتى تتمكن من احتواء أو إفشال
التحركات الشعبية القائمة ضدها، بعكس الصراعات أو الخلافات التي تنحصر في
إطارها الوطني، بحيث يكون الوطن وتطوّره سياسياً وديمقراطياً «محورها»،
والمواطن وحقوقه «هدفها» ومحركها. ومهما اشتدت هذه الخلافات سوف تبقى
الوحدة الوطنية سقفاً ضابطاً ومعياراً وازناً لهذه الخلافات.

الحقيقة
الرابعة والأخيرة… هي أن أية حوارات أو مفاوضات تحدث في ظل شروط بالغة
القسوة، وبالغة الاختلال لمصلحة طرف دون آخر، فإن توقع أي نتائج إيجابية هو
من قبيل الوهم، ولسنا بحاجةٍ هنا إلى سوق الأدلة من التجارب البعيدة عنا،
فكل جولات الحوار السابقة عندنا، كان أحد أسباب فشلها يعود إلى غياب
التكافؤ بين الأطراف المتحاورة.

اليوم في ظل المرحلة الصعبة والحرجة
التي يجتازها بلدنا، وأمام حالة الإرباك والغموض التي تلف المشهد السياسي،
ومع تزايد حالة الشكوك وعدم ثقة المواطنين في قدرة الجولة الجديدة المنتظرة
(إذا ما عقدت) على إحداث اختراق مهم في جدار الأزمة المستفحلة، في ظل كل
هذه، يبرز السؤال المهم وهو: هل الدعوة الأخيرة التي وجهت للقوى الوطنية
السياسية المعارضة والقوى الموالية على حد سواء، هل هذه الدعوة ذاهبة في
السياق أو التوجه الذي يستوعب الحقائق الأربع التي أشرنا إليها قبل قليل،
بمعنى هل هناك إرادة سياسية حقيقية عازمة على تجاوز كل العقبات السابقة،
والوقوف على جذور الأزمة وما أدت إليه من تداعيات طالت كل المستويات،
وبالتالي الذهاب إلى مقاربة كل أسبابها من إشكالات وتحديات سياسية وحقوقية
واجتماعية وأمنية، وهي للأسف إشكالات تزداد تعقيداً مع مرور الوقت وبقاء
الأزمة دون أي حل سياسي، وهي اليوم تنتظر قرارات جريئة ومواقف حاسمة لا
تقبل التردد أو التسويف، كما تتطلب عدم الإنصات إلى «عويل» و»زعيق» القوى
الإقصائية والتأزيمية، وعدم الخضوع لتهديداتها الفارغة ومواقفها الموتورة
التي كانت ولازالت تتحمل المسئولية الكبرى في طأفنة الصراع السياسي في
البلاد، والانحدار به إلى المستويات الخطيرة وغير المسبوقة في تمزق وانشطار
مجتمعنا.

بالعودة إلى سؤالنا، يمكن القول وبكل أسف، إن كل المؤشرات
والمعطيات المتوفرة على أرض الواقع حتى الآن لا تساعد أو تسعف على الإجابة
بنعم، وبشكل أكثر وضوحاً وصراحة لا يبدو أن الجانب الرسمي في عجلة من أمره،
وهو حتى اليوم لم يقدّم الدليل على أنه مستعدٌ للدخول في مفاوضات جادة مع
قوى المعارضة وتهيئة الأجواء لمثل هذه الخطوة، إضافةً إلى غياب أي مؤشر على
استعداده لتقديم أية تنازلات قد يراها من النوع الصعب أو المؤلم، وهو لذلك
لا يجد نفسه (الجانب الرسمي) مضطراً للوصول إلى تسوية سياسية عادلة، لأنه
يعتقد بأنه قادر بشكل أو بآخر، على التعايش مع أية تداعيات أو صعوبات
سياسية أو اجتماعية أو أمنية يمكن أن تفرزها الأزمة. وهذا ربما الذي يرجّح
فرضية التعويل على الوقت وانتظار المدى الذي يمكن أن تذهب إليه أو تستقر
عنده الأحداث والتطورات الإقليمية المتفاعلة في المنطقة. وهنا تكمن إحدى
عُقَد الحوار، وهنا يبرز أحد وجوه مأزق التسوية السياسية للأزمة عندنا.

أما
الوجه الآخر لهذا المأزق فهو في غياب أية مبادرة أو مشروع سياسي لدى
السلطات السياسية، يمكن أن يكشف حدود سقفها السياسي، وهو أمر يمثل أحد
مطالب القوى السياسية المعارضة، في الوقت الذي يتم فيه إجهاض مبادرات قوى
المعارضة الواحدة تلو الأخرى، بحجة «الثوابت» و«المبادئ» غير مسموح
الاقتراب منها أو «الخطوط الحمراء» التي لا يجوز اختراقها… كيف؟ ولماذا؟
هذا ما سنحاول أن نلقي عليه الضوء في مقال قادم إن شاء الله.

محمود القصاب

اقرأ المزيد

إعادة الثقة جزء من حل المشكلة

على مدى أكثر من ثلاث سنوات والمواجهة محتدمة بين صعود وهبوط, كل طرف يسعى
لأن يحقق مكسبا في مواجهة الآخر, بل كل طرف يتمنى أن تأتي من جانبه ضربة
تشل قدرة الآخر على الإمعان في مواصلة نهجه الذي اتبعه في هذا الصراع
المحتدم والذي لا يبدو أن هناك أي نتيجة إيجابية تلوح في الأفق رغم كل
المحاولات التي جرت هنا وهناك والجهود التي تطوعت للقيام بها مؤسسات
مجتمعية وأفراد حزّ في نفوسهم رؤية هذا الهدر الفاقع لمقدرات الوطن والشعب
إذ ان هذه المحاولات باءت كلها بالفشل تقريبا, ليس لأن الأطراف ليست مقتنعة
بقدرة التحاور, بصفتها القاطرة القادرة على نقل الصراع من الحالة الحادة
إلى الحالة الناعمة والهادئة الكفيلة بإخراج ما في جوف هذا الصراع من
إيجابيات لخدمة المستقبل, وإنما لأن هناك شيئا من فقدان الثقة بين هذه
الأطراف جعل من كل خطوة تأتي من هذا الطرف أو ذاك محل شك وريبة.


ما تمر
به بلادنا في الظروف الحالية لا يخدم أيا من أطراف الصراع على الإطلاق,
فالمشكلة التي نواجهها لا تخص هذا الطرف أو ذاك أو جزءا من شعبنا دون
الآخر, فهي مشكلة تتعلق بمستقبل البحرين الذي هو ملك لجميع أبنائها.
والجميع – هكذا – يفترض أن يعملوا من أجل هذا المستقبل حتى وإن اختلفوا في
الأسلوب أو السبيل لبلوغ ذلك, فالمعيار للحكم على الصواب من الخطأ هو
النتيجة وما إذا كانت تصب في مصلحة جميع مكونات شعب البحرين أو غير ذلك,
وليس هناك من جدوى أو نتيجة من وراء محاولة فرض رؤى أو أسلوب معين للتعامل
مع المشكلة, فطالما آمنا بأنها تعني جميع أبناء البحرين فعلينا في مقابل
ذلك أن نؤمن بأن حلها بأيدي جميع أبناء البحرين.


من الطبيعي جدا أن
تفرز مثل هذه الأوضاع طفيليات تتغذى على ما يطفح على السطح وما تتمخض عنه
الأساليب غير الحصيفة وغير العلمية للتعامل مع المشكلة, من ظروف توفر مناخا
جيدا لهذه الطفيليات تقتات وتتغذى عليها, لكن هذه الإفرازات يجب ألا تثير
الريبة والإزعاج والتهديد من عدم القدرة على معالجة ما نعانيه من أوضاع
سياسية واجتماعية صعبة, فزمام الأمر يجب أن يكون بأيدي الأطراف المؤمنة
ببناء مستقبل آمن لجميع البحرينيين وألا تترك هذه الأطراف الزمام يقع في
أيدي الطفيليات التي من مصلحتها تماما أن تستمر الأوضاع على ما هي عليه
باعتبار ذلك هو المناخ الوحيد الذي يؤمن لها البقاء والاستمرارية.


على
الأطراف المؤمنة بأن مستقبل البحرين يكمن في توفير مظلة العدالة الاجتماعية
والاقتصادية والأمنية لجميع مكونات الشعب البحريني بغضّ النظر عن أي
انتماء, عرقيا كان أم دينيا أم مذهبيا, أو لا تكترث كثيرا لما تثيره
الطفيليات من غبار في وجه الحركة الطبيعية, لأن من مصلحة هذه الطفيليات أن
تكون مياه النهر متوقفة عن التدفق والتجديد, كما عليها ألا تحول الخلافات
حول أسلوب الحل إلى خلافات حول الجوهر, فليس هناك عاقل ومحب لوطنه لا يتمنى
له أن يتقدم ويتطور على جميع الجبهات وأن يعلو إلى مصاف الدول التي تضرب
بها الأمثال في الحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة, فهذه صفات تمثل
أمنيات ربما يعتقد البعض استحالة تحقيقها, وهو اعتقاد خاطئ.


الحريصون
على سلامة وطننا وضمان مستقبل آمن لجميع أبنائه لا يساورهم الشك في أن هناك
اختلافات وخلافات, بل تناقضات بين أطراف الصراع الذي تشهده بلادنا في هذه
الأوقات, وبالقدر نفسه هناك قواسم مشتركة لا يمكن الاختلاف حولها, وهذا
يعني أن هناك رقعة, كبيرة كانت أم صغيرة, يمكن استغلالها والانطلاق منها
لمغادرة هذه الأوضاع أو تطويع المناخ الذي يلف بها لتسهيل عملية الخروج
والمغادرة, أو تغليب الخلافات والتناقضات وطمس القواسم المشتركة في مجرى
هذا الصراع, فإن ذلك لن يقود إلى نتيجة وإنما إلى المزيد من التأزيم
والخسائر وهذا لا يصب في مصلحة أي طرف على الإطلاق, بل اننا سنجد أنفسنا في
فترة من الفترات واقفين صفا واحدا أمام استحقاق واحد فقط وهو تسديد فواتير
أخطائنا.


وهناك أسباب كثيرة أدت إلى إطالة أمد هذه الأزمة وعقدت من
محاولات وضع حد لها, فإضافة إلى ما تلعبه الطفيليات من أدوار سلبية تتسبب
في عرقلة مثل هذه المحاولات أو مشاغبتها, فإن أهم هذه الأسباب يكمن في
انخفاض سقف الثقة بين أطرافها, بل انعدامها في محطات معينة الأمر الذي يجعل
من مهمة إعادة رفع سقف الثقة وصولا إلى إعادتها إلى نصابها الصحيح, تتحول
إلى جزء من الحل, وبالتالي فإن هذه الأطراف مطالبة بالعمل على تحقيق ذلك من
خلال إجراءات وخطوات عملية ملموسة تشعر جميع الأطراف بأن هناك جدية حقيقية
لإخراج بلادنا من أزمتها وليس مجرد تسويق مواقف.
اقرأ المزيد

من يمثل عمال البحرين؟

فيما ينتقدون تدخل الاتحاد العام لعمال البحرين في الشأن السياسي،
يمارسون أسوأ أنواع الضغط السياسي والتدخل في عمل السلطة التنفيذية، من
خلال إجبار وزير العمل على تسمية الاتحاد الحر لنقابات عمال البحرين ممثلاً
شرعياً ووحيداً لعمال البحرين في الداخل والخارج.

يريدون للوزير أن
يتجاهل جميع الأرقام والحقائق، ويتخذ قراراً على أهوائهم، حتى وإن خالف
القانون والاتفاقات الدولية واعتراف منظمة العمل الدولية، وجميع الاتحادات
والنقابات العمالية العالمية، والتاريخ العمالي في البحرين ونضالهم من أجل
خلق نقاباتهم المستقلة.

في جلسته الأخيرة الثلثاء الماضي، رفع مجلس
النواب مقترحاً برغبة بصفة الاستعجال إلى الحكومة طالب فيه بضرورة «قيام
وزير العمل بإصدار قرار بأن يكون الاتحاد الحر للنقابات هو الممثل لعمال
البحرين في المحافل الدولية»، وذلك بديلاً عن الاتحاد العام لنقابات عمّال
البحرين، حيث تنصّ المادة الثامنة من قانون النقابات العمالية على «يمثل
مملكة البحرين في المحافل الدولية وفي المفاوضات الجماعية مع أصحاب العمل
ومنظماتهم على مستوى المملكة الاتحاد النقابي الذي يصدر بتسميته قرار من
الوزير المختص».

في حين طالب رئيس تجمع الوحدة الوطنية عبداللطيف
المحمود وزارة العمل «بإنصاف حقوق عمال البحرين بتسمية اتحادهم الحر الذي
استوفى كافة الشروط القانونية المطلوبة لنيل حقه في أن يكون الممثل الشرعي
الوحيد لعمال البحرين داخلياً وخارجياً».

نوابنا الأفاضل و«تجمع
الوحدة الوطنية»، يتجاهلون أن الاتحاد الحر لا يضم في عضويته غير 9 نقابات
عمالية على الأكثر في حين يضم الاتحاد العام لعمال البحرين 55 نقابة عمالية
في عضويتها أكثر من 10 آلاف عامل وموظف، في حين ليس معلوماً حتى الآن عدد
أعضاء «الاتحاد الحر» الذي يُراد له أن يكون هو الممثل الشرعي الوحيد لعمال
البحرين! رغم اعترافه ضمنياً بأن أغلب أعضائه هم من العمالة الأجنبية، كما
جاء في تصريح صحافي أصدره الاتحاد الحر بعد اجتماعه بوزير العمل مؤخراً،
حيث جاء في التصريح أن «وزير العمل أبدى مخاوفه من وجود أعداد من العمالة
الأجنبية في عضوية نقابات الاتحاد الحر لنقابات عمال البحرين، وأن وجود هذا
العدد من العمالة الأجنبية قد يكون له مردود سلبي على التجربة النقابية
بالبحرين، وقد تمّ الرد عليه بأن الاتحاد الحر لنقابات عمال البحرين يفخر
بأن منتسبي نقاباته هم من جميع الجنسيات والأطياف، بل إن عدداً من نقاباته
يوجد من بين مجالس إداراتها أعضاء من العمالة الأجنبية».

بالطبع ليس
هناك أحدٌ يقف ضد أن ينتسب أي عامل أجنبي في أية مؤسسة لنقابته، ولكن أن
تكون العمالة الأجنبية هي الأغلبية الطاغية من أعضاء النقابة فإن ذلك
يجعلها نقابةً للعمال الأجانب في البحرين وليس لعمال البحرين.

هؤلاء
لم يستفيدوا من تجربة معارضتهم لتوقيع الاتفاقية الثلاثية لإرجاع المفصولين
من العمل بسبب الأحداث، حين هاجموا وزير العمل واتهموه بأسوأ التهم، حتى
ثبت أن من مصلحة البحرين أن تنهي ملف العمال المفصولين، وهاهم يقعون في نفس
الخطأ مرة أخرى.

جميل المحاري

اقرأ المزيد

العدالة… مدخلها معالجة الظلم

إذا أردنا في كل بلاد العرب التعامل مع أحد أهم الموضوعات في الحياة
السياسية العربية الحالية، موضوع العدالة، فإنّ المدخل يجب أن يجيب على
السؤال التالي: هل القضية الملحة الممكنة البدء بعلاجها في الحال هي الوصول
إلى العدالة أم أنها الابتعاد السريع الممكن عن المظالم؟

السؤال ليس
أكاديمياً نظرياً، وليس فيه تناقض كما يبدو، إذ له انعكاسات عملية في
الواقع. ذلك أن الوصول إلى العدالة هو الوصول إلى وضع مثالي مُختَلَف حول
الكثير من تفاصيله وشروطه والمعايير التي تحكمه. إنه موضوع اختلف من حوله
الفلاسفة والمفكرون الإصلاحيون، وهو بالتالي لايزال في طور التكوّن. ومع
ذلك فأياً تكن صورته النهائية، فإنه يقبع في مستقبل الإنسانية البعيد
وسيحتاج تحقّقه لزمن طويل وتضحيات جسام.

أما موضوع رفع المظالم، وهو
أحد الطرق العملية المقرِّبة من العدالة، فإنه مغموسٌ في الواقع السياسي،
مرتبطٌ بالحياة اليومية لأعداد كبيرة من المواطنين الذين يعانون الأمرّين
من تواجد تأثيراته، وهو بالتالي موضوعٌ قابلٌ للدخول في خطوات علاجه في
الحال.

سيخطر على البال في الحال سؤال ملح: هل في طرح موضوع العدالة
بهذا الشكل فائدةٌ أم أن هذا الطرح سيؤدّي إلى تمييع موضوع العدالة؟
والجواب هو أن هناك فائدة كبيرة من جعل موضوع مقاومة الظلم ورفع المظالم
ودحر الظالمين، موضوعاً مستقلاً بذاته في جدول أعمال الحياة السياسية
العربية الحالية. إنّ طرحه كبند أساسي دائم في قائمة مطالب ثورات وحراكات
الربيع العربي سيؤدّي في الحال إلى التفكير في الأولويات على المستويين
الوطني والقومي، والتركيز على الأهمّ قبل المهم، وتعرية السياسات
والممارسات التي تقود إلى ترسيخ وزيادة المظالم، وزيادة القدرة على حشد
الجماهير المعنية على الأخص للنضال ضدّ مظالم محدّدة تكتوي تلك الجماهير
بنارها.

بل ومن المنتظر أن تنشط مراكز البحوث لا لتوصيف المظالم
فحسب، وإنما التعمق فيما تقود إليه من تأثيرات نفسية وسلوكية وذهنية وروحية
على المواطن العربي ممّا يجعله عاجزاً عن الإسهام الفعّال في أيّ مشروع
تنموي نهضوي إنساني.

من هنا فإنّ طرح بند معالجة المظالم التاريخية،
التي بنيت عبر القرون على أسس دينية أو مذهبية طائفية أو قبلية، عرقية أو
ثقافية، يجب أن يحظى بالأولوية، وأن تؤخذ الخطوات الأولى التصحيحية في
الحال. ذلك أن تأجيل مواجهة تلك المظالم سيبقي على الانقسامات المجتمعية
وسيزيد من الصراعات في بلاد العرب كلها، والتي تهدًد بتجزيئ أو زوال بعض
الدول العربية، والتي تستغلّها بانتهازيةٍ، بعض الدوائر الأجنبية الخارجية
للتدخّل الإمبريالي والصهيوني السّافر في الحياة العربية.

إزاء تلك
المظالم لا يكفي الحديث عن المساواة والمواطنة والديمقراطية وغيرها من
الشعارات الضرورية والمهمة بالطبع، ولكن النظرية والمبهمة في أذهان
المواطنين العاديين، وإنما المطلوب تسمية الأمور بمسمّياتها ومواجهتها حسب
حقائقها وإحصائياتها وفواجعها.

وبالطبع فإن إعطاء أولوية خاصة لتلك
المظالم، بسبب الجحيم الذي تعيشه الأمة العربية حالياً، لا يعني تناسي
المظالم الأخرى الكبرى من مثل الفحش في توزيع ثروات وخيرات الوطن، وعدم
المساواة في وسائل بناء القدرات والإمكانيات لكل المواطنين، بما فيهم
المرأة، من خلال الصحة والتعليم والسكن وفرص العمل والأجور، الأمر الذي
يؤدي إلى عدم تساوي الفرص الحياتية بين المواطنين.

القائمة طويلة، والظلم متجذّرٌ في أرض العرب، والظالمون يرتعون بلا حساب أو رقيب، والأبواق المبرّرة الداعمة للظلم والظالمين كثيرة.

رسم
صورة العدالة، فهماً وتحديداً وأهدافاً، سيكون أسهل وأكثر واقعية من خلال
رسم ومواجهة ما هو ضدّها، وهو الظلم. وفي الدين الإسلامي، القابع في روح
ونسيج الثقافة العربية، لا يقتصر الحديث عن العدل والقسط والميزان، بل
تنبثُ في أرجاء قرآنه وأحاديثه النبوية عدم الرضا الإلهي عن قسوة وبشاعة
وعدم إنسانية كل ظلم وكل ظالم.

في الحياة السياسية العربية بند الظلم يجب أن يقف موازياً مواجهاً لبند العدالة.

علي محمد فخرو

اقرأ المزيد