المنشور

لا تعيدوا إنتاج الخيبة..!

 

لماذا هذا التركيز على مهاجمة النواب، هؤلاء الذين توشك أن تنقضي مدة صلاحيتهم بافتراض أنها صالحة في الأساس..؟!

سؤال من أحدهم، أحد النواب، أعقبته إضافة منه تقول: «لا أقول إن البرلمان كله إيجابي، نعم، به سلبيات، وسلبيات كبيرة وكثيرة، لكن به أيضًا ايجابيات، وإيجابيات كثيرة، فقط انظروا اليه نظرة منصفة، وثقوا انه لا يوجد في أي دولة في العالم برلمان كامل ومتكامل..».

آخر قال: ما حدث في مجلس النواب من تراشقات أكثر من مرة لا يقلل من أهمية هذا المجلس، التراشقات تحدث في كثير من المجالس النيابية، وكم من برلمان شهد أبعد من هذه التراشقات ومواجهات مباشرة، برلمانات شهدت عراكًا، وضربًا بالأحذية بين نواب بعضهم البعض في مشاهد نقلت عبر وسائل الاعلام، ورغم ذلك لم نسمع أحدًا في هذه الدول يطالب بإسقاط عضوية نائب من النواب، او يقول كلامًا سلبيًا عن مجالسها البرلمانية، او يقول إنها مجالس فقدت هيبتها، وإنما اعتبروا ما حدث إحدى وسائل التعبير، وفي النهاية تحظى هذه المجالس النيابية باحترام الجميع، وينظر اليها بأنها تمثل الشعب، والكلام لنائب آخر..

نائب ثالث قال: طالبتم ببرلمان يليق بالبحرين وشعبها، حسنًا نشاطركم هذا الرأي، ولكن لِم تتجاهلون ان هذا البرلمان هو إفراز لواقع نعيش فيه، ولكنكم تتجاهلون هذه الحقيقة، إنكم ليس فقط تتغافلون ايجابيات هذا البرلمان، بل إنكم تحولونها مادة للتندر والسخرية، ولم نراكم تقّدرون يومًا عملنا البرلماني..!

يا سادة.. تقدير العمل البرلماني مرتبط بأداء وسلوك البرلمانيين، وبقدر ما يرتفع الأداء، وبقدر ما يكون السلوك نزيها وقائمًا على أسس أخلاقية رصينة يكون تقدير الناس لمن هم بحسبة برلمانيين، والعكس صحيح، كلما تدنت مستويات الأداء كلما زاد نفور وسخط المواطن من النواب، فما بالكم وقد شهدنا نوابًا يتهربون من الناخبين، ونوابًا حولوا ساحة العمل البرلماني الى ساحة معارك، ولو كانت «الهوشات» تحت القبة حول قضايا ومصالح عالم لهان الأمر ولأيدها المواطنون، ولكنها كانت بعيدة عن ذلك.. كما شهدنا نوابًا حركوا قضايا في المحاكم ضد بعضهم البعض، نوابًا لم يكن لهم اي إسهام في تقوية عود العمل البرلماني وفرض هيبته، نوابًا لم يدفعوا بالعمل البرلماني لأن يأخذ مجراه وبأخلاق ديمقراطية، فيأتي نتيجة ذلك مجلس يحاسب ويراقب ويشترع بحرية وجرأة واستقلال، بل جعلوا العمل البرلماني وعلى عينك يا مواطن مهزوز البنيان، والأمثلة معروفة وهي اكثر من ان تحصى، باختصار وجدنا نوابًا هبطوا بالعمل البرلماني الى الحضيض، هذا أولاً..

البحرينيون، انتظروا من نوابهم – نواب الشعب – او هكذا اعتقدنا لردح من الزمن على الأقل، تواصلًا مع من انتخبوهم، لا يتهربون منهم، او يخشون من مواجهتهم، نواب لهم دور في كثير من القضايا والملفات، وان يكونوا أول من يتصدون لمن أراد لنا الفتنة، وفي مقدمة من يترجمون تمسكنا بالوحدة الوطنية، وأول من يبتدعون الحلول لكثير من الإشكاليات والمشكلات المستعصية، اقتصادية واجتماعية وسياسية، من خلال أفكار وبرامج ورؤى ونقاشات تتسم بالجرأة والجدية والمسؤولية والنضج، وهذا أمر نترك الحكم فيه للناخب، هذا ثانيًا..

ثالثًا، البحرينيون انتظروا من نوابهم دورًا واضحًا في المحاسبة والمساءلة والرقابة، وليس ممارسات تستهين بكل تلك القيم، وبكل الآليات التي كانت متاحة، بل والانحدار بهذا الدور على النحو الذي شاهدناه والذي تجلى في تخلي النواب طواعية عن صلاحيات رقابية، رغم كل الملاحظات عليها، فعلوا ذلك في مشاهد لا تنسى.. بدءًا من مآلات التعاطي مع تقارير لديوان الرقابة المالية والإدارية، ومشاريع الاستجوابات، ولجان التحقيق، مرورًا بمحاولات تقييد السؤال البرلماني الى درجة ذهاب احد النواب الى القول «لم يعد أمامنا أداة رقابية غير السؤال، خاصة بعد ان استعصت علينا آلية الاستجواب وصعبوها علينا كثيرًا، من خلال ما يسمى» لجنة الجدية «ومن خلال غيرها، كما انه ثبت ان السؤال آلية رقابية محترمة وفاعلة»..!! والكلام للنائب إياه..

رابعًا، كنا ولازلنا نتمنى أن تبادر جهة ما بعمل استبيان لمعرفة الرضا الشعبي عن النواب، وعرض وعود كل نائب قبل الفوز، ومدى التزامه ولو بالحد الأدنى من التطبيق لتلك الوعود، ومعرفة الى اي مدى فضل النواب المصلحة العامة على مصالحهم الخاصة، وهل كان النواب ينظرون الى عضوية مجلس النواب على انها تكليف لا تشريف، وايضًا معرفة ما اذا كان هؤلاء النواب هم نوابًا بالفعل، نوابًا يمثلون بجدارة شعب البحرين، أم انهم اكتفوا بان يكونوا موظفين بدرجة نواب، موظفين مطيعين، منفذين للأوامر والتعليمات والتوجيهات التي تصدر اليهم من فوق، فينفذون صاغرين منقادين، وليس خلف ما يقتضيه دورهم كنواب..!!.

يا سادة، كل ما نريده ونطمح اليه نوابًا بمعنى الكلمة، نوابًا يمثلون الشعب وليس نوابًا يمثلون عليه، نوابًا لا يعتبرون النيابة فرصة عمل وانما مهمة وطنية، نوابًا لا يظهرون لنا وكأنهم معينون بالانتخاب، او معينون بقدرة قادر بواسطة – مجرد واسطة – الانتخاب، والمعنى في قلب الشاعر..

علينا أن نتعلم ونتعظ ونستفيد من الدروس حتى لا يعاد إنتاج الخيبة، وكأن هذا الشعب لم يبلغ سن الرشد بعد..!!

اقرأ المزيد

رسالة تضامنية مع الرفاق في الحزب الشيوعي العراقي

 

الرفيق العزيز رائد فهمي                    المحترم

سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي

 

يتابع رفاقكم في المنبر التقدمي في البحرين وأصدقائهم بقلق كبير الاعتداء الغاشم على مقر الحزب الكائن في شارع الفردوس في وسط العاصمة العراقية بغداد مساء يوم الجمعة الموافق 25/5/2018

اننا اذ نعبر عن شجبنا واستهجاننا لهذا العمل الجبان ونحن على ثقة بان ما حققه الحزب وانصاره وحلفائكم في قائمة سائرون في المعركة الانتخابية الاخيرة والهزيمة التي لحقت بقوى المحاصصة والطائفية والفساد يثير ضغينة وأحقاد من لا يتوافقون مع أهدافكم. وكما عبر عنه بيان المكتب السياسي لحزبكم الشقيق حيث شكل هذا الانجاز صدمة للفاسدين والفاشلين المتشبثين بالسلطة إلى حد ارتكاب الجرائم البشعة، للنيل من عزيمة المطالبين بالإصلاح والتغيير.

اننا على ثقة في ان مثل هذه الاعمال لن تزيد الشيوعيين وانصارهم الا ثباتاً بمواقفهم ويساهم في تعرية القوى الخاسرة والتي تسعى ان تعوض عن خسارتها في المعركة الانتخابية بالتهديد الى جر العراق الى اقتتال وعنف دموي تسعى من خلاله ان تعيد لها المكانة السابقة في السلطة في العراق

نشد على أيديكم بحرارة، راجين ان تتمكن قوى التغيير في العراق والشعب العراقي من عزل هذه القوى وفضح دورها التخريبي في العراق، مع تمنياتنا لكم ولحزبكم الشقيق دوام التقدم.

 

خليل يوسف

الأمين العام

المنبر التقدمي

اقرأ المزيد

عندما تموت المحاسبة تكثر المهازل..!

-1-

-اللهم في هذا الشهر الفضيل نتوجه اليك برجاء ان يعم الخير والأمن والأمان بلدنا الحبيب، وجنبنا يا رب العالمين من شرور اصحاب الضمائر التي ماتت وقبلهم من لا ضمائر لهم أصلًا والذين لا هم لهم إلا ان نكون ألد أعداء أنفسنا، وخلق واقع مأساوي مأزوم، واقع يفرقنا ويغرقنا في وحول الغوغائية، من انشطار وخلاف واختلاف وتباعد وأحقاد، واقع نتجاهل فيه القواسم والمشتركات، ونركز على المنغصات لا نعرف ماذا نفعل، ومن أين نبدأ..
– اللهم نجنا من مكائد اللاعبين على كل الحبال، ومن يحتفظون علنًا وسرًا بمكانة المحركين للبعض مثل الدمى والعرائس، يجعلونهم ويجعلون الكل مطيّة لمآربهم، ويجعلون الوطن مرهقًا والمواطن قلقًا من مآزق وتمزقات، لا هم لهم إلا نصب الأفخاخ واستعادة المشكلات وتحويل أزماتنا الى فرص، ومكّنا يا رب العالمين من ان نخلق من الألم أملًا، ومن الأمل عملًا يجعل بلادنا غاية وهدف الجميع، ونقطة التلاقى ومحور توحدنا وقبلة انتمائنا.
– اللهم خلصنا من كل الظواهر الصوتية، الظواهر التي تجعلنا منهمكين ومنهكين بالشعارات في ترداد مزهق لكلام أجوف عديم الجدوى والفائدة، واكشف لنا يا رب العالمين كل انواع الساقطين الذين لا يَرَوْن في انفسهم إلا انهم ابطال فيما هم في الواقع يمثلون الخطيئة بذاتها، خطيئة بحق الوطن والشعب، خاصة أولئك الذين كل كفاءتهم هي الإيقاع بالناس وإشاعة التوتر في المجتمع وتدمير القيم من اجل مصالحهم وسيطرتهم وسلطتهم..!
– اللهم ونحن في بدايات حراك انتخابي، جنبنا شر من يريدون التلاعب بإرادات الناس، وإيهامهم ببرامج وشعارات زائفة، وإيقاعهم بحبائل مناورات وأكاذيب وصراعات من دون تعفف عن مكر او خديعة او تجييش طائفي او مذهبي، وما إلى ذلك، واجعل يا رب الانتخابات القادمة انتخابات لا تجعل العمل البرلماني مهزلة، عمل يتحلل في الطريق العام، عمل يتحول فيه النواب الى لاعبين في سيرك لا برلمان يفترض ان يمثل شعب البحرين..!
-2-
جميل ورائع ومدهش ان يطمئننا وزير المالية بأن أموال التأمينات بخير، وان إدارة استثمار صناديق التقاعد تسير بكفاءة جيدة جدًا ان لم تكن ممتازة، وان الجهاز الذي أسس لإدارة استثمارات الهيئة أعلى من المتوسط العالمي لصناديق التقاعد، وان موظفي الهيئة يملكون «أصعب الشهادات»..
جميل ورائع ومدهش ان يمضي الوزير ليزيدنا اطمئنانًا بإعلانه بأن شركة إدارة الأصول التي تدير استثمارات الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي ملتزمة بتطبيق أفضل الممارسات المعمول بها في مجال الحوكمة، وان الشركة أسست قسمًا يختص بوضع الخطط الاستراتيجية للاستثمار، ولديها وحدات لإدارة الاستثمارات العالمية والمحلية والبديلة، كما انها تقوم بمراجعة دورية كل 3 سنوات كحدٍّ أقصى لسياسة الاستثمار لديها، كما تعمل بشكل دوري على تحديث الخطة الاستراتيجية لتوزيع الأصول الاستثمارية بما يتناسب مع التغييرات الجوهرية في التدفقات النقدية للصناديق التقاعدية، ويمضي الى القول إن الهيئة لم ترصد اموال مسروقة او تجاوزات ضخمة..!
إن صح ذلك وكل الكلام الذي ساقه الوزير ردًا على ما كشفت عنه لجنة التحقيق البرلمانية حول صناديق التقاعد التي تدار من الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي والتي نشرتها الصحافة في الأسبوع الماضى، فإن السؤال الجوهري الذي يقفز الى الأذهان: على اي أساس إذن بنيت كل الاتهامات والمآخذات التي توصلت اليها لجنة التحقيق التي نظرت في شؤون وأوضاع الهيئة ووثقتها في تقرير تم اعداده على مدى 14 شهرًا وبلغت عدد صفحاته 2018 صفحة، ووصف بانه من أطول التقارير التى أعدتها لجان التحقيق البرلمانية..!
صحيح ان نوابًا اشتكوا من عدم تعاون الهيئة في إمداد لجنة التحقيق ببعض المعلومات ومنها ما يتصل بالسيّر الذاتية لبعض العاملين بالهيئة، الأمر الذي حدا بأحد النواب الى توجيه اتهام بأن بعض من التحقوا بها كان عن طريق المحسوبية والواسطة، وصحيح ايضًا ان العديد من التجاوزات والملاحظات التي تتصل بمسار عمل الهيئة كان ديوان الرقابة المالية والإدارية قد وثقها هو الآخر فى تقارير سابقة، وصحيح ايضًا ان ثمة تساؤلات مقرونة بعلامات استفهام وتعجب عن سبب الاستمرار في تغييب ممثلي العمال في مجلس إدارة الهيئة، وصحيح ايضًا ان اموال صناديق التقاعد هي اموال الموظفين والعمال والمتقاعدين، وهم الأحق في معرفة كيف تدار وكيف تُصان، وصحيح ان هذه لم تكن المرة الأولى التي ينشر فيها ما ينبش في ملفات تتصل بعمل الهيئة، ملفات تجعل الريبة وحدها عالقة فى الأذهان، كل ذلك موثق ومنشور ويمكن الرجوع اليه والتذكير به في اي وقت، بالاضافة الى ما سبق طرحه وتداوله منذ سنوات في شأن مسار وعمل وأداء الهيئة، وهو ايضًا موثق ومنشور، الا يعني كل ذلك شيئًا بالنسبة لمن هو معنى بشأن الهيئة، فنحن أمامها نجد صورتين متناقضتين، الاولى تشير الى شوائب كثيرة، والثانية تقول ان كل شيء بالهيئة تمام التمام..!! أيهما نصدق..؟!
إنه قدر مرير حقًا، ان نظل في انتظار المشكوك في حصوله، وهو وضع النقاط على الحروف بكل جرأة وشجاعة وحسم، وحتى لا تؤجج الريبة ولا تمس صدقية التطمينات، وحتى لا يبقى السجال فى غير نصابه..!
-3-
صدق من قال، «عندما تموت المحاسبة تكثر المهازل»..!

اقرأ المزيد

70 جرحاً

سوسن دهنيم

أن تكون عربياً وعمرك فوق السبعين، فذلك يعني أنك عشت سبعين قهراً، وسبعين جرحاً، وسبعين خيبة. بعدد سنوات القهر العربي والجرح العربي والخيبة العربية منذ عام 1948، وإذا أردنا الوضوح لابد أن نقول: من قبل هذا التاريخ.
مرّت قبل أيام ذكرى النكبة السبعين، التي أدت إلى نزوح واسع النطاق للفلسطينيين وتهجير ما يزيد على 700 ألف منهم فضلاً عن تدمير مئات القرى الفلسطينية واحتلال أراضيها وبيوت سكانها.
وكلّما نقلت وكالات الأنباء الإخبارية صور فلسطينيين ما زالوا يحتفظون بمفاتيح بيوت، ربما لم تعد موجودة بعد كل ما فعله المحتل في الأرض الفلسطينية، شعرنا بالخزي والألم والخجل من صبر وأمل هؤلاء الذين تفوق أعمارهم عمر «الدولة الإسرائيلية» غير الشرعية.
أمل فلسطيني يقابله صمت عربي رسمي، برغم ما تقوم به الشعوب العربية من ندوات وحراكات تنديداً بالاحتلال ووقوفاً إلى جانب الحق الفلسطيني. أمل جعل من ذكرى النكبة في كل عام ثورة جديدة ومسيرة عودة جديدة ربما تصيب في سنة ما، فيعود الحق لأهله.
وبرغم وضوح القضية، ووضوح المجازر «الإسرائيلية» التي زادت على 70 مجزرة، أدت إلى استشهاد ما يزيد على 15 ألف شهيد، مازال بعض العرب يعمهون في غيهم ويناصرون المحتل «الإسرائيلي».
منذ سبعين عاماً وأمهات فلسطينيات يمتن خارج بيوتهن فيما تتدلى مفاتيحها على صدورهن. وبيوت فلسطينية تهدم أو تستعمر فيما يسكن أصحابها في مخيمات وملاجئ يزداد أعداد سكانها يوماً بعد يوم. والأسرى في ازدياد فيما يقضون أيامهم من غير حقوق مهما فعلوا واحتجوا.
سبعون عاماً وفي كل ذكرى يزف شهداء ويسقط جرحى، كان أقربها ما حدث يوم الاثنين الماضي حين نقلت الولايات المتحدة الأمريكية سفارتها إلى القدس تأكيداً منها على حق المحتل في أرض غيره، في حين ارتقى ما يزيد على 60 شهيداً، وجرح أكثر من 2700 فلسطيني كان يحلم باستعادة حقه. وكأن على هذا الشعب أن يدفع دمه ليرجع الدم للجسد العربي الغافي حين يتعلق الأمر بقضيته الكبرى وجرحه الأكبر «فلسطين».
كتب محمود درويش في عام 2001 في ذكرى النكبة: «لن ننسى ما حدث لنا على هذه الأرض الثكلى وما يحدث، لا لأن الذاكرة الجمعية والفردية خصبة وقادرة على استعادة حكاياتنا الحزينة، بل لأن الحكاية، حكاية الأرض والشعب، حكاية المأساة والبطولة ما زالت تروى بالدم في الصراع المفتوح بين ما أريد لنا أن نكون وبين ما نريد أن نكون».

 

اقرأ المزيد

راسبوتين الذي رأى

عاش الكاتب الروسي فالنتين راسبوتين (1937 – 2015)، حياته كاملة في سيبيريا، قريباً من بحيرة البايكال الشهيرة. لم تغره أضواء موسكو العاصمة حيث كانت الأبواب مفتوحة أمامه ليعيش فيها، وفضَّل أن يبقى في حضن البيئة التي أحبّها، قريباً من الناس الذين أصبحوا أبطالاً لرواياته، التي ترجم بعضها فقط إلى اللغة العربية، ومن بينها «نقود لماريا»، «الهارب»، «الاحتضار»، «الحريق»، وهذه الأخيرة بالذات تعد من أجمل وأعمق ما كتب.

إصراره على البقاء في بلدته البعيدة، الغارقة في الصقيع غالبية شهور السنة، نابع من إحساس عميق بضرورة الانتماء للأرض التي ولد عليها. وهو إحساس عبّر عنه في إحدى رواياته بالقول: «إن الإحساس بالوطن مدهش، فأي فرحة وضاءة وأي حنين عذب يهديهما إلينا، إذ يخامرنا في ساعات الفراق تارة، وربما في الساعة السعيدة لتغلغله ونفاذه ورجع صداه، ولا يقف الإنسان بصلابة بدون هذا الإحساس، وبدون إدراكه مسؤوليته عن المكان الذي وهبه له القدر».
كُتبت «الحريق» في أواخر الحقبة السوفييتية، وفيها يتلمس الكاتب الثغرات وأوجه الخلل التي قادت في ما بعد إلى تفكك الاتحاد السوفييتي، وفعل ذلك بأبعد ما يكون عن الخطابة والوعظ، حيث عالج برهافة إنسانية عالية، التصدع الذي أصاب القيم، وهو يرصد الصراع بين النزعات الشريرة والخيّرة في النفس الإنسانية، من خلال اختبار الطرق المختلفة لتعامل الناس مع حريق اجتاح بلدة أتى على كل ما فيها، ففيما برز بشر يقاومون بشجاعة ونبل وتضحية الحريق، بغية إطفائه، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، كان ذوو النفوس الشريرة مشغولين بسرقة ما يمكنهم من ممتلكات البيوت قبل أن تبلغها نيران الحريق، والهروب بها.
كان الكاتب معنياً في هذه الرواية، كما في أعماله الأخرى، بألا تتحطم التقاليد الخيّرة النبيلة، ويومها أخذ بعض النقاد على الرواية أن الشخصية الرئيسية فيها، وهو رجل بسيط يعمل سائقاً في صناعة قطع الأخشاب، كان يطرح في تداعياته الأشبه بالمنولوج الداخلي مناقشات وأفكاراً ذات طابع فلسفي عميق لا تنسجم مع بساطته، لكن راسبوتين دافع عن الأمر بقوله: لماذا نفترض أن هذا الإنسان البسيط هو رجل ساذج بالضرورة؟ وما المشكلة لو أن الكاتب وضع على لسان بطل روايته ما تختلج به نفسه من أفكار؟
حين انهار الاتحاد السوفييتي وشاع عند بعض الكتاب الليبراليين مزيفي الوعي وهم الإسراع ب«غربنة» روسيا، استشعر راسبوتين في هذا خطراً على الثقافة القومية الروسية، ورأى فيه مقدمة لهيمنة الغرب لا على قرار بلده السياسي وحده، وإنما على ثرواتها الكبيرة، التي تختزن سيبيريا بالذات الكثير منها.
ولم يكن غريباً أنه هو بالذات في مقدمة من نبّه إلى أن اليهود المهاجرين إلى «إسرائيل» من سيبيريا، أصبحوا ذراعاً للسيطرة على ثرواتها: الذهب، النفط، اليورانيوم، الزئبق، الغابات.

اقرأ المزيد

جمعيتا المنبر التقدمي والتجمع القومي تجددان رفضهما المساس بسياسات الدعم وتؤكدان بأن المواطن يجب ألا يكون ضحية المعالجات الخاطئة

جددت جمعيتا المنبر التقدمي والتجمع القومي رفضهما التام لأي خطوات تمس سياسات الدعم المقدمة للمواطنين، لا تأخذ بالاعتبار الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة التي يعيشها السواد الأعظم من المواطنين خاصة الشرائح الفقيرة والمتوسطة الدخل وأصحاب المهن وذوي الاحتياجات الخاصة.

وشددت الجمعيتان في بيان مشترك على وجوب مراعاة تصاعد مخاوف المواطنين خلال الفترة الأخيرة جراء توجهات حكومية معلنة قُدم بعضها إلى اللجنة الفنية المشكلة التي تضم ممثلين عن الحكومة ومجلسي الشورى والنواب، والتي تقترح تخفيض سقف الحد الأقصى لدخل المستفيدين من الدعم إلى النصف، كذلك تقليص قيمة الدعم وفئات المستفيدين منه وربطه بمعايير لا تمت بالواقع بصلة.

ويجري ذلك وسط تكتم شديد ومريب دفع بعدد كبير من النواب إلى تقديم رسالة احتجاج إلى رئيس مجلس النواب يطالبون فيها بإطلاعهم على تفاصيل ما يجري في اللجنة من تسويات تنبىء بالخروج بتفاهمات تلحق الضرر الكبير بالمواطنين من شأنه أن يعمق النظرة المتشائمة واليائسة للمواطنين إزاء دورهم.

 وقال البيان: يجدر بهذه الأطراف البحث وبمنتهى الجدية في معالجات حصيفة لا تزيد الوضع تعقيداً على المواطن ولا تسبب له المزيد من المعاناة أو تجعله أول ضحايا معالجات مفككة وضعيفة و غير صائبة إجمالاً، ونُحذّر، في الوقت نفسه، من مغبة أي خطوات أو إجراءات لا يراعى فيها البعدين الاجتماعي والمعيشي لأي سياسات جديدة للدعم، داعين إلى الابتعاد عن الاستهداف المستمر للمكتسبات البسيطة للمواطنين والشرائح الأكثر حاجة للدعم، ومن ضمنهم المتقاعدين الذين بات يقلقهم ما يثار بين آونة وأُخرى من توجهات تنتقص من حقوق ومزايا ومكتسبات تأمينية .

وشددت الجمعيتان على أهمية البحث في إيجاد البدائل المدروسة عوضاً عن المساس بأي شكل من الأشكال بمصالح تلك الفئات، مثل فرض ضريبة الدخل على الشرائح الأكثر غنى، وعلى الشركات والمؤسسات المالية والمصرفية وغيرها بما يتناسب وحجم مداخيل وأرباح تلك الجهات التي تستفيد مما تقدمه البحرين من تسهيلات وامتيازات وخدمات دون أن تقوم بالإسهام الفاعل في دعم الاقتصاد الوطني وتأهيل وتشغيل العمالة الوطنية ودعم وتبنى خطط فاعلة لإحلالها في سوق العمل من منطلق أن ذلك واجب ومسؤولية وليس من باب الدعاية او البهرجة الإعلامية او المنّة .

وفى الختام أكدّ المنبر التقدمي والتجمع القومي على أهمية رفض أعضاء السلطة التشريعية تمرير المقترحات المرفوعة إليهم من الحكومة والتي تمس الشرائح والطبقات المسحوقة والفقيرة والمتوسطة في مجتمعنا، ودعا إلى الالتزام بالجدية اللازمة لاتخاذ خطوات مقنعة وفاعلة لمحاربة الفساد، ووقف كل أشكال التعديات الصارخة على الثروات والمال العام وفى المقدمة منها تلك التي يوثقها كل عام ديوان الرقابة المالية والإدارية دون أي صدى يذكر، والتي سبق أن وثقتها أيضا لجنة الأملاك الحكومية وذلك عوضاً عن استسهال التعدي على مكتسبات المواطنين وخاصة الشرائح المذكورة .

 التجمع القومي

المنبر التقدمي

المنامة في 17 مايو 2018

اقرأ المزيد

كل لجنة تحقيق وأنتم بخير..!!

البارز حتى اليوم في كل ما أثير ويثار حول وضع الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي وصناديق التقاعد التي تدار من قبلها، كان وعلى مدى السنوات الماضية وحتى الآن هو الغموض، والصمت، الأمر الذي يمكن ان يؤدي، او هو أدى وانتهى الأمر، الى قناعة بأن كل ما قيل او يقال في شأن الهيئة لن يجدي او هو نفخ في قربة مقطوعة، وكان من تجليات هذ الوضع هو بروز الكثير من علامات الشك والريبة حول سلامة مسارات وعمل وإدارة هذه الهيئة..!!

لا أظن أننا نحتاج الى تذكير المعنيين بأمر الهيئة والمهتمين بأوضاعها وشؤونها – اذا ما فاتهم الأمر – تذكيرهم بعدد المرات التي جرى فيها تداول ما يمس هذه الهيئة، وكثير منها أمور تبعث على قلق المتقاعدين، بل تخيفهم حول مستقبلهم التقاعدي، وتثير لديهم حالة من البلبلة والتوجس، هنا يمكن ان نذّكر من يميل الى النسيان او له مصلحة فيه بلجنة التحقيق البرلمانية الاولى التي تشكلت في عام 2003، في الفصل التشريعي الأول، والتي تولت مهمة النظر في الأوضاع المالية والإدارية لهيئتي «التقاعد» و«التأمينات» وهذه اللجنة خلصت الى حدوث تجاوزات مالية وإدارية وعدم كفاءة الطاقم الاداري والاستثماري، وجرى التلويح آنذاك باستجواب وزراء، ثم جرى التأكيد بأن هناك إجماعاً من النواب على استجواب الوزراء المعنيين، ذلك حدث منذ اكثر من خمسة عشر عاماً، والمؤسف أن المتابع لا يجد تقدماً يذكر في شأن وضع الهيئة..!

اليوم، نجد أنفسنا أمام نتائج لجنة تحقيق برلمانية أخرى حول وضع الهيئة وقد نشرت صحفنا المحلية في الخامس من شهر مايو الجاري ما توصلت اليه من نتائج صادمة، وكالعادة لم نسمع او نقرأ رداً او تعقيباً او توضيحاً او تفنيداً حتى الآن من اي جهة او طرف مسؤول حيال هذا الذي نشر لذلك سأعتبر الوقائع والتفاصيل المنشورة صحيحة حتى إشعار آخر، اي لحين ان يظهر لنا من يثبت العكس، وعلينا ان نلاحظ أولاً بأن ما نشر يأتي في الوقت الضائع للمجلس النيابي الذى أوشك على النهاية غير مأسوف عليه وهو أمر يثير تساؤلات مصحوبة بعلامات تعجب، وعلينا ان نلاحظ ثانياً اننا نتحدث عن هيئة يفترض انها من اكثر الهيئات والمؤسسات العامة التزاما بالشفافية وبمقتضيات الحوكمة، وعلينا اخيراً ان نلاحظ ان ثمة وقائع تتكرر في مسار عمل الهيئة يمكن ان تحتل موقعها بجدارة في باب «صدق او لا تصدق» وهي تحتمل أسئلة حساسة لم تنقطع يتهامس بها الناس، وأثير بعضها في اكثر من مناسبة وفي عدة مواقع تواصل اجتماعي..!

يكفي أن نتمعن في عناوين الخلاصات التي توصلت اليها لجنة التحقيق البرلمانية الثانية في تقريرها النهائي، من نوع ان هيئة التأمين الاجتماعي عجزت عن استثمار اموالها، وانها عاجزة وتفتقد الكفاءة بشكل واضح وملموس في ادارة استثمار اموال الصناديق التقاعدية، وان ‎%‎ 90 من المحفظة العقارية للهيئة غير مستغل استثمارياً ولا تحقق عائداً استثمارياً، وان هناك مبالغة في صرف رواتب ومكافآت لعاملين في الهيئة تعادل ما يصرف في البنوك والشركات الربحية، وبحسب اللجنة تم صرف 8000 دينار مكافأة سنوية لرئيس وأعضاء مجلس الادارة، وطالبت اللجنة بوقف صرف هذه المكافآت، كما طالبت بمراجعة شاملة لسياسات الاستثمار الحالية لدى الهيئة، ووضع نظام جديد للحوكمة لإدارة الاستثمار، ووضع أكفاء للقائمين على هذه الادارة، وحذر ت اللجنة من مغبة الدخول الى مراحل حرجة من العجز الاكتواري، كما طالبت لجنة التحقيق المعنيين بأمر الهيئة بالالتزام بالتشكيل الكامل لمجلس إدارة الهيئة – التمثيل العمالي مغيب – ومراعاة الكفاءة في اختيار جميع أعضاء المجلس، وفي هذا الخصوص يمكن القول ليست وحدها الكفاءة هي المطلوبة، بل ينبغي ان يضاف اليها الجرأة والشجاعة بما يحول تمرير اي قرار يخص الهيئة دون علم وموافقة مجلس الادارة، كما سيظل غير مفهوم حالة التغييب القسري للتمثيل العمالي بالمجلس حتى الآن، وهو طرف أصيل مع الطرفين في مجلس الادارة وهما الحكومة واصحاب الاعمال، وقانون انشاء الهيئة يقضي بهذا التمثيل العمالي، وهناك تصريحات ووعود يمكن استعراضها والتذكير بها وبتواريخها من اكثر من وزير وكلها تبشرنا بعودة قريبة لهذا التمثيل الذى لا غنى عنه، ولكن تعودنا ان تظل التصريحات والوعود شيئًا والواقع شيئًا آخر..!!

يمكن ايضاً الإشارة الى ما تناوله ديوان الرقابة المالية والإدارية فيما يخص الهيئة، فهو لا يخرج عن السياق المذكور تقريباً، وان كان يركز على الارتفاع المتسارع في العجز الاكتواري، واتساع مصروفات الصناديق التقاعدية وايراداتها وتفاقم عجوزاتها ويحذر من استنزاف مواردها المالية ونفاذ أصولها في نهاية المطاف، وبالتالي عدم قدرتها على سداد التزاماتها تجاه المتقاعدين والمستفيدين عنهم، وبدت مقلقة ومزعجة هذه التلميحات التي تطفو على السطح بين آونة واُخرى، والتي غالباً ما اقترنت بإشارات حول توجهات تنتقص من الحقوق والمزايا والمكتسبات التقاعدية، وان حدث شيء من هذا فهو كارثة بكل معنى الكلمة، خاصة في ظل ظروف وأوضاع معيشية الكل ادرى بها..

إن هيئة التأمين الاجتماعي ظلت محطاً للأنظار، وكان عملها وأداؤها عرضة لكثير من علامات التعجب والاستفهام والريبة أيضاً، وبالرغم من كل ذلك لم نجد مسؤولاً واحداً يضع النقاط على الحروف، وهو موقف يسوغ معه التساؤل عما اذا كان هذا الذي يثار بشأن الهيئة وكل تلك التساؤلات التي تطرح تلج الى وجدانهم، أم ان هناك إصراراً على منظومة جديدة من الوعود التي لا يتحقق منها شيء مع مواصلة الهروب الى الأمام بالاستمرار في حالة «التطنيش» او اللامبالاة، من باب قولوا ما تشاؤون ونحن نفعل نشاء، يا ترى متى سنغادر نقطة الصفر، ونتجاوز حال التكرار والمراوحة التي تستمر في الإبقاء على حال الهيئة على ما هو عليه، دون اتفاق او توافق على إصلاح هذا الحال، والمطلوب اذا كانت ثمة جدية في الاصلاح، جرأة في المراجعة، ومساءلة من يتوجب مساءلتهم، وكل لجنة تحقيق وأنتم بخير..!

اقرأ المزيد

في ذكرى النكبة: القومي والتقدمي يؤكدان مسؤولية القوى الاستعمارية عن تمكين المشروع الصهيوني باحتلال فلسطين ويرفضان كل خطوات التطبيع مع العدو

 

في مثل هذه الأيام قبل سبعين عاماً شرعت القوى الاستعمارية في تنفيذ جريمتها الكبرى على أرض فلسطين، حين قدّمت الضوء الأخضر للعصابات الصهيونية للمضي في تنفيذ مشروعها الاجرامي باغتصاب الأرض الفلسطينية من أهلها، وتشريده الى بقاع الدنيا وإحلال المهاجرين الصهاينة في المدن والقرى الفلسطينية، ناهيك عما ارتكبته هذه العصابات من مجازر وسفك للدماء ضد الفلسطينيين، وسط عجز وخذلان الأنظمة العربية وتواطؤ البعض الآخر منها، مما هيأ للنكبة أسبابها، وأتاح للمشروع الصهيوني التمدد والتغول، حيث أمعن في احتلال أراض عربية أخرى غير فلسطين وضمها إلى دولة الاحتلال.

تحل علينا هذه الذكرى الأليمة والوطن العربي يجتاز أوضاعاً خطيرة غير مسبوقة، حيث تشهد بعض أقطاره صراعات وحروباً أهلية، تتصاعد معها نذر التفكك والإنقسام، ومحاولات إعادة رسم خرائط المنطقة سياسياً وجغرافياً، وهي أوضاع جعلت من العرب الطرف الأضعف في المعادلة السياسية الأقليمية والدولية القائمة على المصالح وليس على القيم والحقوق مما أدى الى تراجع القضية الفلسطينية في سلم إهتمامات الدول العربية الغارقة من أزماتها ومشاكلها، متخلية عن تنفيذ إلتزاماتها القومية تجاه الشعب العربي الفلسطيني، الذي بات يواجه منفرداً كل الضغوط والمحاولات الأمريكية والصهيونية في فرض وقائع ومستجدات على الأرض بقوة السلاح والإحتلال والاستيطان وتهويد القدس وجعلها عاصمة للدولة “العبرية” الصهيونية، وطمس مسألة عودة اللاجئين الفلسطينين إلى وطنهم.

ويأتي القرار الأمريكي العدواني بنقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس المحتلة إستكمالاً لتنفيذ هذه السياسات والمواقف المعادية لحقوق الشعب الفلسطيني، بالدوس على القرارات والأعراف الدولية المرعية، وتمادياً في غطرسة فرض الأمر الواقع. ليأتى الرد الفلسطينى على هذا القرار الجائر وعلى كل الجرائم والمجازر الصهيونية فى مسيرات العودة التى تشهدها الأراضى الفلسطينية منذ أسابيع بالتزامن مع ذكرى النكبة وتحمل معانى العزة والكرامة وتؤكد اصرار الشعب الفلسطينى البطل على التمسك بأرضة والدفاع عن مقدساته ومسترخصاً الأرواح فى سبيل هذة الأهداف النبيلة حيث سقط عدد كبير من الشهداء فى مواجهة قوى الاحتلال.

إن إستمرار مثل هذه الأوضاع العربية بات يشكل خطراً مؤكداً على حاضر ومستقبل العرب ويهدد القضية الفلسطينية بالضياع، من هنا فإن الواجب الوطني والقومي يفرض على كل الأمة العربية وقواها الوطنية والقومية والتقدمية مساندة الشعب الفلسطيني وتقديم كل أشكال الدعم له من أجل تعزيز صموده وحقه في المقاومة وتحرير أرضه من المحتلين الصهاينة، فهذا هو السبيل الوحيد لنصرة القضية الفلسطينية وإفشال كل محاولات التفريط بها ونسيان أرواح الشهداء وكل التضحيات التي قدّمها الفلسطينيون والعرب لإستعادة فلسطين وكل الحقوق العربية المغتصية.

إننا في المنبر التقدمي والتجمع القومي، ومن منطلق إيماننا بعدالة القضية الفلسطينية، ندعو إلى التمسك بثوابت هذه القضية والتصدي بكل السبل لمقاومة نهج التطبيع والإستسلام لهذا العدو العنصري المحتل، وهو نهج يمثل دعماً وتزكية لكل الجرائم التي يقترفها العدو المحتل في فلسطين كما نطالب القوى الفلسطينية بسرعة إحداث تقدم حقيقي في مسألة المصالحة الفلسطينية وتوحيد صفوفها وأهدافها وتقوية الجبهة الداخلية الفلسطينية على طريق إستنهاض كل طاقات المقاومة عند الشعب الفلسطيني والعربي وإنجاز أهداف التحرير وإقامة الدولة الفلسطينية العربية الحرة وعاصمتها القدس الشريف.

عاشت فلسطين حرة عربية

المجد والخلود لشهداء فلسطين

التجمع القومي

المنبر التقدمي

15/05/2018

اقرأ المزيد

تهنئة للحزب الشيوعي العراقي بالفوز في الانتخابات

الرفيق العزيز رائد فهمي       المحترم

 سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي

يتابع رفاقكم في المنبر التقدمي في البحرين وأصدقائهم وجماهير واسعة من شعب البحرين باهتمام وسرور بالغين تتالي نتائج فرز الأصوات في بلادكم العزيزة، والتي توحي بفوز كبير لقائمة تحالفكم “سائرون” وتقدم حزبكم الشقيق في الانتخابات النيابية التي جرت في بلادكم مؤخرا. وبمناسبة هذا الفوز الكبير يسرني أن أتقدم، باسمي وجميع رفاقنا ومناصرينا، لكم وجميع رفاقنا في حزبكم الشقيق وللشعب العراقي الأبي، بخالص التهاني والتمنيات القلبية بالنجاح في مهامكم اللاحقة من أجل التحويل الديمقراطي في العراق لصالح كادحيه.

لقد أظهر سير العملية الانتخابية بوضوح تراجع التهديدات الأمنية من قبل داعش وأخواتها وفي نفس الوقت تراجع الشعارات الطائفية المقيتة التي سادت في الانتخابات السابقة. وعكست، من الجهة الأخرى، نقلة كبيرة في وعي الناخب العراقي الذي انتصر لقوى الوحدة الوطنية ومحاربة الفساد والإرادة السياسية في تحويل حقيقي للمجتمع نحو بناء الدولة المدنية الديمقراطية والتنمية الاقتصادية الاجتماعية والعدالة الاجتماعية وتوطيد الاستقرار في العراق الشقيق وانتهاج سياسة هادفة لترسيخ أسس السلم والتعاون في منطقة الخليج والجزيرة العربية عوضا عن الحروب والنزاعات الإقليمية.

 إننا لعلى قناعة راسخة بأن الشعب العراقي الذي أودع لديكم وحلفائكم ثقته الكبيرة في هذه الانتخابات سيرى منكم نضالا لا هوادة فيه من أجل تحقيق أهدافه السامية في الحرية والديمقراطية والتقدم الاجتماعي والسلام.

نشد على أيديكم بحرارة، راجين لكم مزيدا من النجاحات ولعلاقاتنا الرفاقية مزيد من الازدهار.

خليل يوسف رضي

الأمين العام

المنبر التقدمي

اقرأ المزيد

هل هناك ديمقراطية غير ليبرالية؟ … مُشكلة مع عدم وجود حل دلالي لفظي لها

بقلم: Jeffrey C. Isaac

ترجمة: غريب عوض

 

هل هناك أي شيء ديمقراطي في ’الديمقراطية غير الليبرالية‘؟ إن إغراء استبعاد أنصارها على أنهم غير شرعيين واضح، ولكن كما يقول جيفري إسحاق، كان من خلال الدراسة والمُعالجة العلنية، لإدعائهم أنهم يعملون من ’أجل الشعب‘ حيثُ تم فيها تحدي الحركات السياسية السُلطوية السابقة بنجاح.

شبحٌ يُطارد أوروبا والولايات المتحدة؛ شبح الديمقراطية غير الليبرالية.

          يرتبط مشروع إقامة شكل جديد من ’الديمقراطية غير الليبرالية‘ بدلاً من شكل الديمقراطية الليبرالية التي يُفترض أنها عفا عليها الزمن إرتباطاً وثيقاً برئيس الوزراء الهنغاري (المجري) فيكتور أوربان Viktor Orbán الذي أعلن مِراراً هذهِ النية. ولكن الفِكرة ترتبط عادةً بمجموعة أوسع من القادة السياسيين – جروسلاو كاتشينسكي Jarosław Karczyński في بولندا، و فلاديمير بوتين Vladimir Putin في روسيا، ورجب طيب أردوغان في تُركيا، من بين آخرين – الذين سعوا من أجل إقامة شكل غير ليبرالي من ’الديمقراطية‘. كما لا حظ ديفيد أُوست David Ost مؤخراً من القضايا المجرية والبولندية:

إلغاء المحكمة الدستورية وتطهير القضاء، والتسييس الكامل للخدمة المدنية، وتحويل وسائل الإعلام العامة إلى الناطقة بلسان الحكومة، وتقييد امتيازات المُعارَضة في البرلمان، والتغيير بالجُملة من جانب واحد للدستور أو إنتهاكاً واضح له، والتسامح الرسمي وحتى تعزيز العُنصرية والتعصب، والتأكيد الإداري على الجنسانية التقليدية، والنهوض الثقافي للتقاليد الاستبدادية، وتقديم الولاء على الكفاءة في منح وظائف الدولة، والمُراقبة دون تدقيق – وبمثل هذهِ السياسات وأكثر من ذلك، تُشارك الحكومات اليمينية في المجر وبولندا في هجوم مُباشر على مؤسسات الديمقراطية. إن الأحزاب الحاكِمة، حزب فيدز Fidesz والقانون والعدالة على التوالي، لا تدعي حتى الانضمام إلى الديمقراطية ’الليبرالية‘ على الاطلاق بعد الآن. هل هي مُلتزمة بالديمقراطية على الأطلاق؟ وكلاهما يقبل الآن بأن الانتخابات جلبت حكم الحزب الواحد غير مُحدد من طرف الحزب الذي يُمثّل الأمة. وبخلاف ذلك، يبدو أن ’الديمقراطية‘ لا تعدو أن تكون إلا مُجرد حِجة على الصواب السياسي الذي هم يبغضونه في كُلُ الأحوال.

          إن الانتصار الذي لا يزال في الآونة الأخيرة لدونالد ترامب Donald Trump في انتخابات الرأسة الأمريكية عام 2016 ربما يكون المِثال الأكثر وضوحاً لهذا الاتجاه. وقد أثارت مثل هذهِ المشاريع قلق مُعلقين سياسيين مثل داني رودريك Dani Rodrick حول ’لماذا الديمقراطيات غير الليبرالية آخذةٌ في الإزدياد.‘ وقد تلقت اهتماماً مُتزايداً من قِبَل العُلماء السياسيين المُهتمين بالحصص والتدفقات والأمواج والدلائل على ’التحوّل الديمقراطي‘ والذين لا يهتمون فقط بانتشار ’اللامُبالاة‘ في البُلدان التي كانت تُعتَبَر سابقاً ’تسير في اتجاه الديمقراطية، ولكن ظهورها في الديمقراطيات ’الأكثر تقدُماً‘ أو تجذُراً أيضاً. كما تُلاحظ ياشكا مونك Yascha Mounk:

وعبر الديمقراطيات الراسِخة في أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية، شَهِدَت السنوات الأخيرة صعوداً صغيراً لشخصيات التي قد لا تكون هشة جداً أو غارش كما ترامب، ولكنها تحمل تشابهاً لافتاً لهُ: مارين لوبان Marine Le Pen في فرنسا، و فروك بتري Frauke Petry في ألمانيا، و غيرت وايلدر Geert Wilders في هولندا، والعديد من كبار مناصري خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في المملكة المتحدة. كما أنها تُسَخّر مستوى جديداً من الغضب الذي يختلف عن أي شيء شَهِدتهُ الديمقراطيات الليبرالية في نصف قرن. وهم يعدون أيضاً بمُساندة الناس العاديين، وبالتخلص من النُخب السياسية الفاسِدة، وبوضع الأقليات الإثنية والدينية التي هي الآن (يُفَترض أنها) تُفَضَل في مكانها الشرعي (تابِعة).وهم أيضاً مُستَعَدون للتخلص من المؤسسات السياسية الليبرالية مثل القضاء المُستقِل أو الصحافة الحُرة القوية طالما أنها تقف في طريق إرادة الشعب. وهم يبنون معاً نوعاً جديداً من النظام السياسي الذي يخرج ببطء من تلقاء نفسه: الديمقراطية غير الليبرالية.

وكثيراً ما يُهاجم النُقاد ترامب ولوبان وجماعتهما لكونهم غير ديمقراطيين. ولكن هذا هو سؤ فهم لكلٌ من أولوياتهم وأسباب شهرتهما. معظم الأحيان، إيمانهم بإرادة الشعب هو أمرٌ حقيقي واعتراضهم الأساسي على الوضع الراهن هو ببساطة أن الحواجز المؤسسية مثل المحاكم المُستقِلة أو المعايير مثل الاهتمام ’الصحيح سياسياً‘ بحقوق الأقليات وقف النظام عن توجيه غضب الشعب المشروع نحو السياسة العامة. إن ما وعدوا بهِ، إذن، هو عدم الابتعاد عن الحكم الشعبي بل بالأحرى تجريدهِ من شكلهِ الليبرالي الاصطناعي – بينما يجسدون في الوقت نفسهِ النسخة الحقيقية الوحيدة لإرادة الشعب.

ما الذي يجب أن نصنعهُ من هذهِ الظاهِرة، وكيف ينبغي لنا أن نردُ عليها؟

في الواقع، هل تعريفها بأنها الديمقراطية غير الليبرالية بهِ أيةَ فائدة، أم أنهُ جزءٌ من المِشكلة التي يُريد الكثير من نقادها فهما ومُحاربتها؟

          يقول جان-ويرنر مولر Jan-Werner Muller في مقال حديث بعنوان ’المشكلة مع الديمقراطية غير الليبرالية‘ هي أن تُسمي ما يجري اعتبارهِ في بولندا ’الديمقراطية غير الليبرالية‘ أمرٌ مُضلِل إلى حد بعيد – وبطريقة تُقوّض الجهود الرامية إلى كبح جِماح ما يمكن أن يكونوا اُتوقراطيين مثل كاتشينسكي Kaczyński و أوربان Orbán. وفي النهاية، يدعي مولر، ليست الليبرالية فقط التي تتعرض للهجوم، بل الديمقراطية نفسها أيضا.‘ ويؤكد مولر Muller على أن القبول بتقسيم ’الديمقراطية الليبرالية‘ مُقابل ’الديمقراطية غير الليبرالية‘ هو من الحماقة أن يَعطي مُصداقية لادعاءات كاتشينسكي وأوربان بأن يكونوا ديمقراطيين أصحاء يشعرون بالضيق بسبب الحُرية الشخصية المُفرِطة وببساطة يسعيان إلى حُرية أقل وشكل من الديمقراطية أكثر جماعية. إن ما تُقدِمهُ مثل تلك الحكومات في بولندا والمجر وتُركيا هو شيء مُختلف جداً. أن ينتقد المرء المادية والإلحاد، أو حتى الفردانية شيء. بينما أن تُحاول تقييد حُرية التعبير والتجمُع والتعدُدية الإعلامية، أو حِماية الأقليات شيء آخر تماماً. فالأول هو عدم اتفاق على فلسفات سياسية مُختلِفة التي بإمكانها تبرير الديمقراطية. والثاني هو هجوم على أُسُس الديمقراطية ذاتها. لذلك يَصِرُ مولر Muller على أن ما يُطلَق عليهِ العديد من الناس ’الديمقراطية غير الليبرالية‘ هو أفضل في الحقيقة أن نطلق عليه وصف شكل من أشكال الاستبداد الشعبوي، ونحنُ نكون على الصواب عندما نطرح جانباً مُصطلح ’الديمقراطية غير الليبرالية.‘ فبالنسبة لهُ، البُنية الأساسية ’للديمقراطية الليبرالية‘ هي الديمقراطية نفسها، وأن يُعارض المرء هذهِ البُنية معناه أنهُ يُعارض الديمقراطية بحد ذاتها. وقد ذكر الباحث الاقتصادي جانوس كورناي Janos Kornai نفس النقطة مؤخراً: ’أنا شخصياً أنظر إلى هذا المفهوم على أنهُ طريقٌ مسدود: إن الديمقراطية غير الليبرالية مثل البابا المُلحِد: إن هيكل الصِفة مُتناقض في حد ذاتهِ. في رأيي جميع الديمقراطيات ليبرالية. لقد فقدتُ تذوقي لمفاهيم الديمقراطية بِصِفة حينما كانت الدكتاتورية الشيوعية تُشيرُ إلى ذاتِها بـ ’ديمقراطية الشعب‘، من الواضح أنها تُميّز نفسها عن ما يُسمى ’الديمقراطيات البُرجوازية‘. لإعادة صياغة لصديق، وهو باحث ذي صِيت في علوم الديمقراطية إذا جاز التعبير، الذي يُعبر عنهُ بصراحة أكبر في مراسلاتنا الخاصة: ’إذا لم نتمكّن من تحديد شيء من الحد الأدنى من المُمارسات المؤسسية الديمقراطية – بمعنى أن يجب أن تعطي الناس فُرصة حقيقية لاختيار واستبدال قادتهم في انتخابات حُرة ونَزيهة – ثم لا توجد وسيلة لتجنب الوقوع في، ولا وسيلة للخروج من مستنقع الدلالي اللفظي النسبي الذي بهِ كلمة ’الديمقراطية‘ يمكن أن تعني أي شيء، ثم أي ادعاء تقريباً يجب أن يُناقَش ويؤُخذ على محمل الجد … وهل سنضطر الآن إلى إعادة النظر في الحِجج المُتَبَعة المُرعِبة مُنذُ 40-50 سنة مضت حول ما إذا كانت جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية، بأيديولوجية جوتشي (العقيدة الرسمية لكوريا الشمالية) الشمولية، تُقدِم مُجرد شكلاً آخر من أشكال ” السيادة الشعبية”؟‘

          هذهِ اعتراضات قوية لمفهوم ’الديمقراطية غير الليبرالية.‘ أُشارك في النفور من الاستبداد المُتطوّر الذي يُمارَس في بولندا، وهنغاريا، وتُركيا وأماكن أُخرى، وأُشارك أيضاً بالإلتزام بالقيم والمُمارسات الديمقراطية الليبرالية. الكلمات مُهِمة فعلاً. ومن المُثير للقلق السماح لأوربان Orbán و كاتشنسكي Kaczyński و أوردوغان Erdoğan أو حتى بوتين Putin الإدعاء بالاهتمام ’بالديمقراطية.‘ وبقدر ما يعني ذلك أي نوع من التفاهم المُتعاطِف الأقل تأييداً، يبدو أنهُ من الأنسب ببساطة أن نُنكِرُ على مثل هؤلاء القادة الموافقة الرسمية على تبني ’الديمقراطية‘، وأن يضعوا استبدادهم في الأمام وفي الوسط.

          وفي الوقت نفسهِ، أعتقد إنهُ من الخطأ ببساطة رفض فكرة ’الديمقراطية غير الليبرالية‘ لأنها مُعبّئة لأغراض سياسية مرفوضة. قد يكون أمرٌ مُنَفّر. وقد تتكرر الجهود السابِقة للإحتجاج ’بالديمقراطية مع صِفات‘ نيابة عن السياسات القمعية وأحياناً القاتِلة. ولكن هذا هو بالتحديد السبب الذي يتعيّن علينا أن نأخذهُ على محمل الجد باعتبارهِ خِطاباً ومشروعاً سياسياً لهُ جَذبٌ حقيقي في العالَم. صحيح أنهُ بعد عام 1989، كان من المُمكن الإعلان، كما فعل فيليب شميتر Philippe Schmitter ، وتيري كارل Terry Karl في جريدة الديمقراطية، بأن: موجة التحولات بعيداً عن الحُكم التقنوقراطي … قد انتجت تحوُلٌ مطلوب تجاه تعريفٌ مُشترك للديمقراطية. في كلُ مكان كان هناك التخلي الصامت عن الصفات المشكوك فيها مثل “الشعبية”، و “الموجهة”، و “البرجوازية”، و “الرسمي” من أجل تعديل “الديمقراطية”. وفي الوقت نفسهِ، ظهر توافق ملحوظ في الآراء بشأن الحد الأدنى من الشروط التي يجب أن تفي بها السُلطات من أجل استحقاق تسمية “ديمقراطية”.‘ ولكنهُ صحيح بنفس القدر بأن هذا التوافق على ’الديمقراطية بدون صفات‘ كان دائماً أمرٌ مُتنازع عليه، بل كان قصير الأجل، وقد تآكل مؤخراً. والتحدي الذي يواجه مؤيدي الديمقراطية الليبرالية يتمثل في اتخاذ الإجراء الكامل لهذا التآكل، حتى يمكن التصدي لهُ على نحوٍ أفضل. وبهذا المعنى، نحتاج إلى إعادة النظر في الحِجج من 40-50 سنة الماضية حول ما يجب تقديمه من الطعون غير الليبرالية إلى ’السيادة الشعبية‘ و ’الديمقراطية.‘ وأتمنى ألا يكون الأمرُ كذلك. ولكن الأمر كذلك مع الأسف. والسبب في ذلك هو أنهُ في جميع أنحاء أوروبا وفي الولايات المتحدة يعتلي القادة السُلطة، من خلال وسائل شبه ديمقراطية على الأقل، ويزعمون الوقوف مع وتأسيس شكل غير ليبرالي من ’الديمقراطية.‘ يجب أن نُعارضهم. وجزء من ذلك معناه ’التقاضي‘ حول التنافُس الأيديولوجي الذي ينتهجونه، أي، إقامة ’دعوى‘ ضدهم، وأن يأخذوا حججهم على محمل الجد وأن يُظهِروا بدلاً من مُجرد التأكيد على أن مطالبتهم ’بالديمقراطية‘ يجب رفضها.

          وفي ما يلي أودُ تلخيص نهجٌ أكثر دِقة للموضوع، وأُوضح لماذا في اعتقدي أنهُ مهم من الناحية التحليلية والمعيارية على حدٌ سواء المُضي قُدِماً في مثل هذا الأسلوب. أودُ أن أقترح أنهُ بدلاً من تجاهل فكرة ’الديمقراطية غير الليبرالية‘، يجب علينا أن نُميّز بين ثلاث طُرُق على الأقل بأن هذا المُصطلح يجب أن يُفهَم: (1) كشكل من أشكال التبرير التعويضي أو الشرعية التي تستدعي التفاهم على الرغم من عدم احتضانها، وتحديداً لأن عُنصراً أساسياً من العناصر الفاعِلة السياسية والطُرُق التي تتفق معها هذهِ الأفكار مع الجماهير، سوى أحببنا هذهِ المُصطلحات والرموز أم لا؛ (2) وكمفهوم اجتماعي عِلمي الذي يُسجّل الطموح السياسي أو مشروع ولكن لا يُقدم تصورٌ كافٍ للعواقب السياسية لهذا الطموح؛ و بالتالي (3) كالتزام معياري الذي يجب أن ينتقدهُ أُولئك الذين يأخذون قيم الاستقلال الفردي والتعددية السياسية على محمل الجد. وأُريدُ أن أقترح بأنهُ فقط من خلال التصدي الكامل لهذهِ الاستخدامات المُختلِفة، يمكننا أن نأخذ على نحوٍ كامل التحدي الذي تُمثِلهُ ’الديمقراطية غير الليبرالية‘ إلى ديمقراطية ليبرالية أكثر تعددية ومُساواة تستحق دَعمنا لها. من السهل جداً أن نرفض بكلمات خِطاب ’الديمقراطية غير الليبرالية‘ كإحتيال، وبفعلنا ذلك نحول دون الفهم السليم للظاهِرة وجاذبيتها، والنقد المعياري السليم.

          وجهة نظري هي ليست أنهُ من الخطأ أن نُدين أتباع ’الديمقراطية غير الليبرالية‘ بأنها ’استبدادية‘ أو أن ندعي أن هذهِ الجهات تُهدِد ’الديمقراطية‘. بالتأكيد هناك العديد من المواقف العملية حيثُ أن هذا النوع من الخِطاب يكون مفهوماً تماماً. فالسياسات الجماهيرية هي ليست حَلَقة دراسية للخرجين، كما أن خِطابات الاستنكار تلعبُ دوراً هاماً في السياسة الديمقراطية. ورأيي هو أننا ينبغي أن نمضي قُدُماً بشعور سليم من العِناية. والتأكيد على أن ما يدور تحت عنوان ’الديمقراطية غير الليبرالية‘ هو بِبَساطة العداء للديمقراطية نفسها هو أمرٌ غاية في البساطة. والواقع أننا بِحاجة إلى توضيح مُختَلَف معاني ’الديمقراطية‘ على وجه التحديد حتى يمكننا أن نُقدّر على نحوٍ أفضل نُقاط القوة والقيود المفروضة على الديمقراطية الليبرالية التي تستحق دعمنا الفكري والسياسي.

نشرة التقدمي العدد 126 مايو 2018

اقرأ المزيد