المنشور

البحرين… لماذا حكومة منتخبة؟- يعقوب سيادي


معادلة العدالة والمساواة والمواطنة، هي الرافعة التي تُعطِي وجوباً، وليس على أساس الوهب والتعطف من أي كان، كل ذي حق حقه، وميزانها الحاجة المُلبّاة في حدها الأدنى وبالتساوي، كون الفرد يتمتع بالمواطنة، فلا يجوع مواطن ولا يُمنع من العمل، ولا يُشرّد المواطن في غير سكن لائق، وتحفظ له الصحة وتقيه المرض، وتحفظ له كرامته الإنسانية، وتذود له عن حقوقه المدنية والسياسية، وحريته، وتراعي تطور حاجاته، بالسماع لمطالبه سواء الفردية أو الجماعية، وتحفظ له الحق في التظاهر والتجمعات، لتبيان أخطاء الحكومة وتصحيحها، كلما مالت إلى أي ٍمنها، وتحفظ للوطن هويته الوطنية الخالصة.

كل هذه الخدمات، الواجب على الحكومات تلبيتها للمواطن، هي ليست حروف نصٍ في دستور أو قانون، وإنّما هي بناء وجداني في نفس المسئولين، بانتمائهم للوطن وانسجامهم مع المواطنين، لتقديم أفضل الخدمات للمواطنين على حد سواء، بما فيهم ذواتهم دون أدنى تمييز. وهي بناء وجداني في نفس المواطنين، ليستحصلوها حقاً من حكومتهم دون منة، وليس حسب هوى المسئول أو أحقاده، يمنحها لهذا ويمنعها على ذاك، فالمواطن، والمواطن فقط، هو الحكم في كل ذلك.

لقد عاينت الأجيال البحرينية المتعاقبة، جميع أنواع الحكومات إلا المنتخبة شعبياً منها، فالحكومة المعينة لا تحرص على خدمة المجتمع والمواطنين بالضرورة، بقدر ما تحرص على البقاء والاستئثار بالقرار والثروة والحصانة، من الوزراء والوكلاء ومساعديهم والمدراء إلى أصغر موظف في الدوائر الحكومية، من مثل شرطي يقتل مواطناً تحت التعذيب في السجون ويفلت من العقاب.

وقس على ذلك كل ما يعاني منه المواطن من سوء الخدمات، بدءًا من ضعف الرواتب ومشكلة السكن وضآلة المعونات الاجتماعية، وغيرها الكثير، إلى أن يصل الأمر إلى أمنه وسلامته، وهويته الوطنية، في مقابل إثقال كاهله برسوم غير معقولة مقابل الخدمات، بل تحتسب كما الضرائب، كل ذلك نتيجة النفوذ الفردي للمسئولين، وسموهم عن المحاسبة، عبر أمرين، الأول أن المسئول لا يحسب حساباً للمواطن، إلا وجوب الشكر على خدمات الدولة مهما ضؤلت، والثاني، أن المواطن ليس أمامه وسيلة للمحاسبة، ولا جهة يشتكي لديها عند تقصير المسئولين، ويجد آذاناً صاغية لشكواه، ومؤداها في أقل تقدير التحقيق مع المسئول، ومحاسبته حين تقصيره أو تعديه على المواطنين، بدل أن يُشَجّع على الإكثار من فائض ميزانية وزارته، لتُرفـَد بعض الجهات، ولنا في فائض فروقات أسعار النفط دليل على ذلك.

ومن حيث الرقابة والمحاسبة الشعبية لمسئولي الحكومة، يتوجب أن يكون للمواطن أداته الشعبية لذلك، وهي سلطته في انتخاب الحكومة، التي من خلالها يحجب عنها وعن أفرادها، ثقته عبر صناديق الاقتراع، فلا يعود أمام المسئول الحكومي إلا تقديم أفضل الخدمات للمواطنين، وإلا خرج من التشكيلة الحكومية، عبر طرح الثقة فيه بسحبها، وفي هذا عبرة له ولغيره، بما يصفي التشكيلة الحكومية، زمناً بعد زمن، كل ذلك تماشياً مع وجوب الشفافية في عرض أرقام الميزانية وتصرفات الحكومة فيها، استباقاً لكشف السرقات وممارسات الفساد التي ما عادت تخفى اليوم على أحد، فوسائل التواصل الاجتماعي، المتاحة على رغم التعتيم الإعلامي الرسمي، كشفت وستكشف، ما يجعل المعلومة معروفةً للعامة من المواطنين، وبما يجعلهم صائنين لحقوقهم.

فما دامت الحكومة معينة في حدود دائرة ضيقة، بما يجعل المواطنين موظفين لديها لقاء خدمات محدودة للعامة، ولمن والاهم، بالمكافآت بالتوزير والتوظيف في الإدارات، فأليس للشعب باتساع عدده وشموليته، الحق في اختيار حكومته، والولاية بهذه العملية الانتخابية؟

ولأولئك الطائفيين الذين يخشون غلبة الطائفة الأخرى، بدعوى عدم نضوج شعب البحرين السياسي، مقابل التبعية للطائفة، لتجربة مثل هذه، نرى حلاً لوساوسهم، وهي في الحقيقة امتناع عن التطوير الحكومي، بما يُبقي الوضع على حاله في تمييزهم، نرى الحل التطميني، في اعتماد فوز رئيس الحكومة وأعضائها، إذا ما حصلوا على أصوات تتجاوز تلك الغالبية الطائفية، ونفترض لها نسبة لا تقل عن 70-75 بالمئة من أصوات الناخبين، مع إلغاء مبدأ الفوز بالتزكية عبر الاستفراد بالترشح، فحتى المرشح الوحيد، لابد له من خوض غمار الانتخاب الشعبي، ليتحصل نفس النسبة، وإلا فيعاد الانتخاب، وبهذا لا يفوز أي منهم، ما لم يحز ثقة هذه النسبة من الشعب، حينها يسقط أي تبرير لرفض الحكومة المنتخبة، ولا خوف من الحكومة حينها، فهي محاسبة من الشعب بناءً على ما وعدت به في برنامجها الانتخابي، وإلا حَقّ للشعب سحب الثقة منها في أي وقت قبل الانتخابات اللاحقة، بطلب 30 بالمئة من الكتلة الانتخابية، ليستفتى الشعب على سحب الثقة منها باعتماد نفس نسبة انتخابها عاليه.

وموضوعة إلغاء الفوز بالتزكية، ووجوب حيازة المرشح على نسبة معينة من أصوات الناخبين، حتى لو كان مرشحاً وحيداً، تنسحب أيضاً على أية عملية انتخابية، سواء لنواب البرلمان أو المجالس المحلية، من البلديات والمحافظات. فالبحرين من بعد هذه التجربة الطويلة مع الحكومات المعينة والأزمات السياسية المتواصلة منذ عقود… لم يعد أمامها إلا الحكومة المنتخبة شعبياً.
 

الكاتب: يعقوب سيادي

صحيفة الوسط البحرينية -  30 أكتوبر 2013م

اقرأ المزيد

بين تخفيف الاحتقان ومعالجة الأزمة

 
هناك مستويان متداخلان ومترابطان للأزمة السياسية المحتدمة في الكويت، ومن الضروري التمييز بين هذين المستويين والتفريق بينهما، وذلك ليس فقط من باب التوصل إلى تحليل موضوعي دقيق للأزمة، وإنما للتوصل إلى مخارج واقعية لتجاوزها … فهناك من جهة حالة الاحتقان التي تعانيها الحياة السياسية خلال الأشهر الأخيرة وذلك جراء محاولة السلطة الانفراد بتغيير النظام الانتخابي وتفصيله على مقاسها… وهناك المستوى الآخر لهذه الأزمة الذي يتمثّل في تفاقم التناقض غير المحسوم تاريخيا بين نهج المشيخة من جهة، وهو النهج الذي عفا عليه الزمن ولم يعد قادرا على إدارة الدولة الحديثة، وبين متطلبات التطور الديمقراطي للمجتمع الكويتي من جهة أخرى، حيث لم يعد بالإمكان تجاهل هذه المتطلبات أو القفز عليها.

صحيح أنّه يمكن أن يتم تخفيف حدّة الاحتقان عبر إصدار مرسوم بدعوة الناخبين إلى انتخاب أعضاء مجلس الأمة المقبل وفق النظام الانتخابي القائم من دون تغيير، أو عبر بيان رسمي واضح وصريح يصدره مجلس الوزراء يعلن التزامه فيه بإجراء الانتخابات المقبلة وفق نظام الدوائر الخمس وآلية تصويتها الحالية من دون تغيير، إلا أنّ السلطة تدرك جيدا بعد تجربة مجلس 2012 أنّ انفرادها بتغيير النظام الانتخابي هو الطريق الوحيد المتبقي أمامها لمنع وصول كتلة واسعة من الغالبية النيابية المعارضة لها، التي ستفرض عليها خلال أسابيع تقديم تنازلات سياسية من حيث تشكيل الحكومة وحجم المشاركة النيابية فيها، بل ربما رئاستها، ناهيك عن قدرة الغالبية على إصدار تشريعات متعارضة مع التوجّه السلطوي، ما يدفع السلطة إلى تكرار حلّ المجلس المقبل لعدم قدرتها على التعامل معه، مثلما عجزت عن التعامل مع سلفه المبطل… وفي المقابل فإنّ السلطة تدرك مدى صعوبة مضيها في محاولتها الأخيرة للانفراد بتغيير النظام الانتخابي، وهي تخشى التداعيات التي يمكن أن تحدث في حال صدور مرسوم بقانون لتغيير آلية التصويت، بدءا من الأعمال الاحتجاجية، مرورا بالمقاطعة الانتخابية، وانتهاء بتفاقم الأزمة السياسية وبلوغها مستويات جديدة غير مسبوقة لا يمكن التنبؤ فيها ولا تقدير عواقبها.

وبذلك، فإن تراجعت السلطة عن محاولتها الانفراد بتغيير النظام الانتخابي، فإنّ هذا التراجع سيحدث تغييرا لغير صالحها على ميزان القوى السياسي، ولاحقا ميزان القوى الانتخابي، ثم النيابي، ما سينعكس بالضرورة على حسم التناقض التاريخي القائم بين نهج المشيخة ومتطلبات التطور الديمقراطي للمجتمع الكويتي، وهذا ما ترفضه السلطة في ظل استمرار سطوة عقلية المشيخة؛ وتحاول أن تدرأه عبر انفرادها بتغيير النظام الانتخابي، وبذلك ستعود مجددا إلى النقطة التي لم تبتعد عنها كثيرا… وهكذا يتضح أنّ الأزمة السياسية المحتدمة في الكويت إنما هي بالأساس أزمة نهج المشيخة وعدم قدرته على مواكبة التطور الديمقراطي وعجزه عن تلبية استحقاقاته… ويزيد هذه الأزمة تعقيدا وصعوبة أنّ السلطة اليوم لم تعد قادرة مثلما كانت سابقا على اللجوء مجددا إلى القوة في التزوير المباشر للانتخابات، كما فعلت في انتخابات مجلس الأمة الثاني في العام 1967، وفي الوقت ذاته فإنّ السلطة لا تستطيع الآن أن تفرض بالقوة سلطة الأمر الواقع عبر الانقلاب الصريح على الدستور، كما فعلت مرتين في العامين 1976 و1986، خصوصا بعد أن أدركت حجم المعارضة الشعبية لمحاولتها الأبسط للانفراد بتغيير النظام الانتخابي، ولكنها مع ذلك ليست في وارد التخلي عن نهج المشيخة والاستجابة لاستحقاقات التطور الديمقراطي ومتطلباته… وهكذا فقد ضاقت خيارات السلطة، ولعلّها أصبحت أمام خيارين محددين، إلا أنّ أحلاهما مُرّ، وهي بالتأكيد ستتجرع كأس المرارة عاجلا أم آجلا.


جريدة عالم اليوم 18 اكتوبر 2013

اقرأ المزيد

محمـد دكـروب


كان أستاذه ورفيق دربه حسين مروة يطلق عليه اسم الكادح، أما هو فيطلق على نفسه صفة «الشغيل». على الرجل تنطبق الصفتان في كل مراحل عمره. فقد بدأ طفولته بائعا متجولاً، ثم حداداً في محل سمكرة. فقر عائلته جعل حظه من التعليم ضئيلاً، لكنه سيغدو واحداً من أهم النقاد العرب على مدار ستة أو سبعة عقود، ومؤسسا ومشرفاً على مجلات ثقافية ساهمت في صناعة الحياة الثقافية والفكرية والأدبية لا في لبنان وحده، وإنما في العالم العربي كله. أجيال من المثقفين والمناضلين خرجت من عباءة المجلات التي كان محمد كروب في قلب مطبخها، لا بل كان الدينامو الأساس فيها : «الثقافة الوطنية»، «الطريق»، وربما غيرهما.

الأولى مهدت الأرض لبذور الفكر التقدمي وللحداثة الأدبية والفكرية في لبنان، والثانية سارت على ذات الخطى، وتخطى صيتها لبنان ومحيطه ليصل إلى أرجاء العالم العربي.

لم يكن العالم العربي يعرف بعد إسم محمود درويش وسميح القاسم وزملائهما، كانوا ما زالوا شبانا في مقتبل العمر صدرت مجموعاتهم الشعرية الأولى. في صوفيا عاصمة بلغاريا حيث ذهب محمد دكروب لحضور مهرجان الشبيبة والطلبة عام 1968، التقاهما هناك، وأعدّ للطريق ملفاً حافلاً عن ما وصف يومها بأدب المقاومة في الأرض المحتلة، تضمن لقاءات مطولة معهما، ونماذج من أشعارهما وبقية زملائهما، ونقداً أدبياً حول ما ينتج هناك.

كان شغيلاً ثقافياً بامتياز، ظلّ كذلك وقد تجاوز الثمانين من عمره. تدهش من تلك الروح الطفولية للرجل، الذي لا يمنحك فرصة الاعتقاد أن شيخ يحمل على كتفيه ثمانين علاماً ونيف من الحياة والكدح والتعب. كل السر في أنه ظل فرحاً بالحياة، مفعماً بالأمل في بلد أنهكته الحروب والفتن والمكائد والعدوان.

حين قدم الراحل عبدالرحمن منيف لكتابه: «وجوه لا تموت» وهو جزء من ثلاثية عنيت بإعادة تقديم وجوه مضيئة في ذاكرة الثقافة العربية التنويرية والتقدمية، قال نبدو كأننا نتعرف على الوجوه التي يقدمها دكروب في الكتاب أول مرة، «فالكاتب وهو يصطحبنا في رحلته معهم حمل معه عُدة جديدة: التقطيع، المونتاج، الفلاش باك، الرسائل، صحافة تلك الأيام، شهادات ذوي العلاقة، وهذه جزء من أدوات السينما ومن أساليب الرواية، خاصة وأن الكتابة، بعض الأحيان، تتيح مقداراً من المرونة قد لا يتوفر في السينما، واخيراً فان المهنة التي بدأ بها محمد دكروب حياته، اي السمكري، تظهر هنا، وهو يلحم الأجزاء ببعضها، وهو يعرضها للنار والنور كي تأخذ شكلا وقوامها الأخير».

حين اصدر المفكر الشهيد مهدي عامل كتابه: «أزمة الحضارة العربية أم أزمة البرجوازية العربية» وهو واحداً من كتبه المبكرة، كتب على الصفحة الأولى من النسخة التي أهداها لمحمد دكروب قائلا له: «انت تعلم أن لك الفضل الأول في أن يكون هذا الكتاب، وأنا سعيد بأن أعلن ذلك. أليس طريفا أن أهديك ما هو بالفعل لك».
كان دكروب قد طلب من مهدي عامل أن يكتب تعليقاً موجزاً عن ندوةٍ عُقدت في الكويت عام 1974عن «أزمة الحضارة العربية»، لينشر في أحد أعداد «الطريق»، ولكن مهدي لم يكتب التعليق المطلوب، وإنما ألفَّ كتاباً كاملاً عن الموضوع.

في مغزى هذا تكمن روح محمد دكروب الملهمة: شحذ الفكر من أجل جلو الحقيقة.

 
29 أكتوبر 2013

اقرأ المزيد

التمديد للمجلس النيابي الحالي… الخيار الأفضل للسلطة


بين جميع الإشاعات التي صدرت خلال الفترة الأخيرة من تعديل وزاري مرتقب والقرب من حل سياسي برعاية أميركية بريطانية، تبقى الإشاعة الأقرب واقعية، والأكثر صدقا هي التمديد للمجلس النيابي الحالي، لفترة سنتين أخريين، وهي مسألة تعني فيما تعنيه، استمرار الوضع الحالي المتأزم، وعدم رغبة السلطة في إجراء مصالحة وطنية حقيقية أو الخروج بحلول مرضية للجميع.

دستورياً يمكن تمديد الفصل التشريعي وفقا للمادة (58) من الدستور والتي تنص على أن «مدة مجلس النواب أربع سنوات ميلادية من تاريخ أول اجتماع له، وتجرى في خلال الشهور الأربعة الأخيرة من تلك المدة انتخابات المجلس الجديد مع مراعاة حكم المادة (64) من هذا الدستور. ويجوز إعادة انتخاب من انتهت مدة عضويته. وللملك أن يمد الفصل التشريعي لمجلس النواب عند الضرورة بأمر ملكي مدة لا تزيد على سنتين».

وفي حين نفت السلطة على لسان وزيرة الدولة لشئون الإعلام المتحدث الرسمي باسم الحكومة سميرة رجب الإشاعات الخاصة بالتعديل الوزاري وقالت خلال المؤتمر الصحافي الذي أعقب جلسة مجلس الوزراء الأخيرة «إن كل ما قيل بهذا الخصوص مجرد إشاعات لا وجود لها على أرض الواقع»، وقالت في ردها على إشاعة تمديد عمر دور الانعقاد الرابع للفصل التشريعي الثالث خلال المؤتمر الصحافي قبل الأخير «لا توجد لديّ أية معلومات رسمية عن هذا الموضوع، وبالتالي لا أستطيع نفيه أو تأكيده»، وهي بذلك لم تنفِ هذا الأمر.

ويبدو أن مسألة التمديد للمجلس بتركيبته الحالية لسنتين أخريين يبقى الخيار الأفضل بالنسبة للسلطة وخصوصا مع إعلان القوى السياسية المعارضة عن نيتها مقاطعتها للانتخابات النيابية المقبلة في العام 2014، ذلك أن إجراء انتخابات نيابية في ظل مقاطعة شعبية قد تفوق الـ60 أو 70 في المئة من الكتلة الانتخابية قد يحرج السلطة ويثبت ما لدى القوى السياسية المعارضة من تأثير كبير على الشارع، وبالتالي إثبات تمثيلها المطلق للشارع البحريني.

ومن جهة أخرى فإن التشكيلة الحالية لمجلس النواب، وبعد الانتخابات التكميلية تعتبر حلما ورديا، وقفازات مخملية، وجائزة كبرى لا يمكن التفريط بها بالنسبة لأي حكومة، وخصوصا في الظرف الراهن.

لقد عملت الحكومة بكل ما لديها من إمكانات وقوة خلال الفترة السابقة لتغيير مواقف المؤسسات الأهلية والنقابية، لتتفق مع الطرح الرسمي، فقامت بإغلاق جمعيات سياسية وأهلية فيما غيّرت مجالس إدارات جمعيات أخرى بمختلف الطرق، وأوجدت جمعيات ونقابات عمالية من العدم، لتثبت للرأي العام الداخلي والخارجي أن أغلب مؤسسات المجتمع المدني تقف مع ما تتخذه الحكومة من إجراءات، فما بالك بمجلس نواب من المفترض أن يمثل الإرادة الشعبية والجهة الرقابية والتشريعية في الدولة.

مثل هذا المجلس من حيث الطاعة العمياء لأعضائه، وضعف أدائه البيِّن، وعدم تمكنه من محاسبة ولو مدير إدارة في وزارة خدمية، لا يمكن تكراره، ولو حتى بالتزوير، ولذلك يمكن التأكيد أن السلطة ستكافئه على كل هذه الإنجازات بالتمديد له لسنتين أخريين.



صحيفة الوسط البحرينية   29 أكتوبر 2013م

اقرأ المزيد

الدولة والمجتمع من منظور غرامشي


حين مثل أمام المحكمة في ظل الهيمنة الفاشية على ايطاليا، قال له القاضي الذي نظر في قضيته بصفته مناضلاً في الحركة اليسارية والديمقراطية في بلاده: «سأعطل دماغك عن العمل عشرين عاماً».

شحنة الرعب من هذا الدماغ المتقد واضحة في عبارة القاضي الفاشي الذي حكم عليه بالسجن عشرين عاماً. ربما شفى هذا الحكم القاسي غليل هذا القاضي ومن كلفوه بإصداره، لكنه فشل في تحقيق ما أراده، أي تعطيل دماغه عن العمل.

في السجن كتب «دفاتر السجن»، وسميت كذلك لأن غرامشي استخدم كراريس مدرسية صغيرة في تدوين ملاحظاته واستنتاجاته النابهة عليها، لتعد هذه الكراريس ليس أهم ما أبدعه غرامشي فحسب، وإنما من أهم المساهمات في تاريخ الحركة اليسارية والعمالية العالمية في موضوعات المجتمع المدني وتعريف المثقف ودوره.
في غمرة الانشغالات الفكرية والسياسية في العقود القليلة الماضية في العالم، وفي عالمنا العربي أيضاً، جرى بصورة غير مسبوقة تداول اسم ومساهمات هذا المفكر والمناضل اليساري الكبير، لا من قبل اليساريين وحدهم، وإنما من قبل كل المهتمين بالدراسات الثقافية وقضايا المجتمع المدني.

لم يكتف غرامشي بإعادة إنتاج التقسيم الماركسي المعروف للبنية الاجتماعية إلى بنية فوقية وبنية تحتية، وإنما سعى جاهداً لنقل مركز الثقل في البحث إلى القضايا الداخلة في نطاق البنية الفوقية، إدراكاً منه لأهمية هذه المنطقة في تقرير مجرى ومصائر الأمور، وكنوع من الرد على التفسير «الاقتصادوي» المبتذل الذي أساء لمنهج ماركس نفسه.

يميز غرامشي بين مستويين في البنية الفوقية: الأول هو المجتمع المدني أي مجموع المؤسسات التي تقول عنها في اللغة المتداولة أنها مؤسسات «داخلية وخاصة» حسب عبارته، والمستوى الثاني هو «المجتمع السياسي أو الدولة». والمستويان معاً يقومان في نظره بوظائف أيديولوجية وسياسية هي من صميم اشتغال البنية الفوقية لكنهما يختلفان معاً على صعيد نتائج عملهما.

لا يمكن فهم ذلك إلا متى وقفنا على معنى مفهومين مركزيين في خطاب غرامشي هما الهيمنة والسيطرة. تعني السيطرة تملك السلطة السياسية باستعمال أدوات مادية وهي وظيفة يرجعها إلى الدولة أو المجتمع السياسي، أما الهيمنة فتعني تحقيق تعميم نظام من الأفكار والقيم والتصورات في المجتمع، وهي وظيفة يقوم بها المجتمع المدني والمثقفون بصورة خاصة.

الدولة في النظام الديمقراطي ليست جسما نافراً في التكوين الاجتماعي أو كائناً سياسياً قهرياً مفروضاً على السياق الاجتماعي، بل إنها تعبر عن مستوى توازن القوى المتحقق في الحقلين الاجتماعي والسياسي. إنها انعكاس لتناقضات البنية الاجتماعية وتمثيل لها. وعلى ذلك يمارس المجتمع المدني سلطته في ظل اشتغال الدولة، فتكون الممارسة السياسية للدولة حاملة –بالضرورة– جزءاً من عمل المجتمع المدني ومعبرة عنه.
لكن غرامشي لا يقدم الأمر هنا على إطلاقه، فالمسألة مقرونة بطابع الدولة أو جوهرها، فحين تغيب الديمقراطية فإن الدولة تكون بطبيعة تكوينها جسما منغلقاً على نفسه محصوراً في قاعدته الفئوية الضيقة، فلا يكون لها من التمثيل شيء.

وبسبب فقدانها هذه الشرعية، تميل إلى صيانة السلطة عبر ممارسة العنف فتستثير بذلك نقيضها الاجتماعي الذي يشعر بأن هذه الدولة غريبة عنه أو مفروضة عليه، فيميل المجتمع إلى قواعده الخلفية العميقة، أي إلى عصبياته، للاحتماء بها في وجه الدولة ولاستنفارها ضدها.
 
27 أكتوبر 2013

اقرأ المزيد

بعد عشرين سنة


في حوار مهم أجراه، منذ سنوات، الكاتب المغربي عبدالاله بلقزيز مع الباحث المصري السيد ياسين، ونشر في أحد أعداد مجلة: «المستقبل العربي»، دعا الأخير إلى إحلال مفهوم الرؤية الاستراتيجية في أدبيات التنمية الحديثة محل فكرة المشروع الحضاري، وعنى بذلك استشراف صورة المجتمع الذي نريده بعد عشرين سنة من اليوم.

برأيه أن سقف الاستشراف لا ينبغي أن يزيد عن عشرين سنة لاستحالة التنبؤ واليقين لأكثر من ذلك. ومثل هذه الرؤية لا ينبغي أن تنفرد بوضعها النخب السياسية الحاكمة، لأنها ستعبر شاءت أو لم تشأ عن مصالحها الطبقية وعن وجودها السياسي، كما لا ينبغي أن تنفرد بوضعها مجموعة من المفكرين الذين من الممكن أن ينجرفوا إلى عالم مثالي طوباوي يقوم على الغيبيات ولا يقوم على الوقائع.

مثل هذه الرؤية يجب أن تتمثل في ما أسميه العملية المجتمعية، تشارك فيها النخب السياسية الحاكمة ويشارك فيها المفكرون والمثقفون ورجال الأعمال وطبقات الشعب العادية من خلال مؤسسات المجتمع المدني.

ورغم أن الكثير من الندوات أقيمت والكثير من التقارير الإستراتيجية صدرت وتصدر، والكثير من الرؤى المستقبلية صيغت وتصاغ لكن الكثير من هذه الفعاليات والأنشطة والتقارير تفتقد للإلمام المتغيرات الدولية واستيعابها. هناك عالم يتغير بسرعة، فيما حركتنا مازالت بطيئة وحتى منعدمة.

وفي الغالب فإن صانع القرار لا يأخذ من التوصيات والاقتراحات إلا تلك التي تتناسب وهواه، أما تلك التي تقترح عليه خلاف ما يريد فإنه يتجاهلها، لذا فإنه لا يريد أن يرى أبعد مما هو فيه الآن، فيما دولة مهمة صاعدة مثل الصين لديها دراسات نحو 30 مركزاً استراتيجياً تشكل نظرية متكاملة لعالمٍ متعدد الأقطاب وأدوار الدول الكبرى والدول المتوسطة والدول الصغرى فيه، بما في ذلك دور دول مثل مصر والبرازيل والهند. فيما لا يعرف العرب حتى الآن أي مستقبل يريدون، وأي موقع لهم في مستقبل العالم.

وبإمكان دول الخليج أن تستفيد من التجارب المؤلمة والصعبة في بلدان عربية أخرى، فتؤمن لنفسها مساراً متدرجاً سلساً من الإصلاح السياسي بعيداً عن الهزات العاصفة أو الخضات غير المضمونة من خلال خطوات مدروسة ولكن دون تردد أو وجل أو ارتباك في مجال تطوير الأداء السياسي، بما يؤمن مشاركة شعبية أوسع، خاصة وأن شرائح جديدة من التكنوقراط والأكاديميين والمثقفين من أبناء اليوم والمستقبل الذين هم نتاج التحولات الموضوعية المهمة التي جرت في البنية الاجتماعية في مجتمعاتنا، تتطلع إلى أن يكون لها دور في رسم مستقبل بلدانها وخططها التنموية.

دولنا مطالبة بتأمين الصيغ الضرورية لذلك، بما في ذلك تطوير أشكال التمثيل الشعبي في بلداننا، حتى ترتقي إلى مستوى السلطات التشريعية المفوضة شعبياً ذات الصلاحيات الرقابية الفعلية. إن هناك مقومات كثيرة تدل أن الظروف في بلدان المنطقة ناضجة لولوج مراحل الإصلاح بدون تردد.

بذلك تستطيع مجتمعاتنا أن تجاري ما هو دائر في العالم من جهة، وأن تستجيب لمقتضيات البناء الداخلي لكل بلد من هذه البلدان، وأن تحصن جبهاتها الداخلية بوجه أي مخاطر.



22 أكتوبر 2013
 

اقرأ المزيد

نقابيةُ رأسماليةِ الدولةِ الوطنية


ليست فقط الطبقة العاملة تعاني من الانقسام السياسي النقابي، بل الشعب كله.
إن طبيعة التطور السياسي الاجتماعي في المنطقة انعكس على مكونات الشعوب العربية الإسلامية المختلفة بأشكال متعددة حسب بناها الوطنية المستقلة المتداخلة.
إن تشكل رأسمالية دولة إيرانية عسكرية مغامرة، ورأسماليات دول حكومية عربية فيها بعض الليبرالية لكنها لا تمثل أنظمة رأسمالية حرة، إن هذا الانقسام العميق كانت له آثار خطيرة على الشعوب.
إن الانقسام الاجتماعي السياسي هو المفصل في هذه العملية المعقدة، وما الصراعات الطائفية سوى أشكال فوقية ولكن عبر هذه الأشكال من الوعي الديني المحافظ العائد للعصور الوسطى وثقافاتها وحروبها، يتم تفكيك الطبقات العاملة والرأسمالية والدول والجماهير عامة ودفعها للصراعات الجانبية.
إن المستقبل ينذر بالمخاطر أكثر، فالذي الذي يلوحُ في الأفق ما هو سوى رأسماليات حرة ولكن فوضوية، نتيجة للتكاليف الباهظة التي تدفعها المجتمعات للإبقاء على سباق التسلح والصراعات السياسية المكلفة.
من هنا تنبع مهمات النقابات والقوى السياسية المنحازة فعلاً للدولة المدنية غير الدينية ورأسمالية الدولة الوطنية الديمقراطية، عبر المعالجات الاقتصادية والاجتماعية لأنماط الرأسمالية المتضادة في كل دولة وعموم المنطقة.
فتبعية نقابات للرأسمالية الحكومية الإيرانية العسكرية بكل ظلالها الخطيرة وإدخالنا في كابوس سياسي لم نخرج منه بعد، وسوف تظل نتائجها يعاني منها شعبنا لسنوات، لا يعالج بالانضمام للرأسمالية الحكومية، والتماهي مع الشركات العامة والوزارات.
بل يعالج بالإصلاح الاستراتيجي للبنية الاقتصادية الاجتماعية عامة، عبر وقوف النقابات موقفاً مستقلاً من كافة التكوينات السياسية الاقتصادية؛ مؤسسات حكومية وخاصة، ورؤية الخيوط والجوانب الايجابية ودفعها للإمام ونقد الجوانب السلبية. إن مركزية القطاع العام ودوره المحوري في الاقتصاد والمحافظة عليها في التحولات العاصفة القادمة، عبر أن يكون لها مردودٌ مادي في معيشة الناس وتطور ثقافي وسياسي حقوقي هي قضية أساسية للحفاظ على حياة العالمين المعيشية المعرضة أكثر للتدهور.
إن العواصف تؤدي إلى مخاطر على هذه المركزية والتي تتطلب نقابياً وسياسياً درسها من خلال علماء اجتماع واقتصاد وسياسة يستعين بهم العمالُ النقابيون القياديون، عبر متابعةِ فائض القيمة ودوره البناء أو السلبي، ومدى عودته للرساميل التحتية وتوسيعها وتطويرها تقنياً وعلمياً خاصة على ضوء توسيع دور العمال الوطنيين.
إن تحليل أوضاع العمال والدفاع عن مصالحهم جميعاً بدون تفرقة، هو الواجب الأول للنقابية الوطنية وهي تلقي أرديتها الدينية الطائفية عائدةً لشعبها، ووطنها، وإنسانيتها، فتجنب رأسمالية دولة لا يعني التوجه لرأسمالية من نمط آخر، والتماهي السلبي الشمولي المتخلف مع طائفية لا ينبغي الوقوع في طائفيةٍ من جهةٍ أخرى.
إن دور النقابية الوطنية الديمقراطية هو تطوير نمط رأسمالية الدولة من أنماط حكومية مأزومة إلى أنماط رأسمالية حرة ديمقراطية ووطنية، تتمظهرُ في شعار رأسمالية الدولة الوطنية الديمقراطية، حيث يلعب القطاع العام دوره المحوري مطوراً القطاع الخاص الانتاجي، وهو التطور الذي يأتي في بنية وطنية ديمقراطية. أي أن الأشكال الاقتصادية للقطاعات الانتاجية المختلفة الوطنية تتقدم كلما تقدمت الأشكال السياسية والفكرية، أي كلما أدرك السياسيون في مختلف مواقعهم الضرورات في الحياة الاقتصادية، ونقلوا الفائض الاقتصادي بشكل أكبر للبناء الانتاجي الوطني، أي كلما شغّلوا عمالة وطنية تزداد تطوراً كماً ونوعاً مع تطور وسائل الانتاج المختلفة.
إن هذا ينطبق بصفة أكبر على القطاع العام من الناحية السياسية، فيما ينطبق أكثر على القطاع الخاص من الناحية الاقتصادية.
إن مهمات الرقابة والمشاركة العمالية العملية والسياسية تزداد في توجيه القطاع العام وفي العملية السياسية الانتخابية.
فبنيةُ القطاعِ الخاص الاقتصادية البذخية والاستهلاكية وضخامة القطاعات غير الصناعية والانتاجية وغير البحرينية وغير الخليجية العربية، تمثل هدراً على مستويي حضور العمال، وعدم دعم البناء التحتي الاقتصادي الوطني المنتج.
لهذا فإن وحدة الطبقة العاملة هي نتاجُ تنفيذِ مثل هذه المهمات وغيرها من التي تؤرق العمال والناس، فكلما تعززت النضالية النقابية الدارسة للمشكلات وحلولها، أعطى هذا نتائج أفضل على وحدة العمال والشعب.
ولا شك فإن قياديي القطاعين العام والخاص سوف يلتقون، عبر المهمات السياسية والاقتصادية المشتركة لتطوير النظام الاقتصادي السياسي البحريني عامة عبر الزمن، وسيكون كذلك بمشاركة العمال وممثليهم، سواء عبر العملية الاقتصادية أم عبر العملية السياسية، لأن مصالح المنتجين ومصالح الإدارات تتكامل ولا بد أن تتوجه لفهم قوانين التطور الاقتصادي، وكيفية ترشيدها عبر الوعي السياسي النقابي، وهي العملية التي سوف تدخلنا في مرحلة جديدة متجاوزة للتفكك الطائفي ونتائجه السياسية المختلفة.
إن النقابية النضالية تتكون من كافة المخلصين المطورين لدور العمال السياسي التوحيدي والمتوجهين لحل مشكلات العمال في كل موقع، ومن هنا أهمية نشرة التوحيد التي تعنى بقضايا العمال الاقتصادية المحضة والتي تطرح الحلول لها فتساهم بالتقاء العمال من كل الأقسام الاجتماعية في منبر عمالي خالص لا يفكك وحدة العمال ونضالهم المشترك.

أخبار الخليج  28 اكتوبر 2013

اقرأ المزيد

صفّ ﮔـلوب….!

 


 نظمت جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي مساء الثلاثـاء الموافق  22 أكتوبر 2013 حفل تأبين القائد الوطني والمناضل البحريني الراحل علي دويغر بجمعية المهندسين، وسط حضور كبير من ممثلي الجمعيات السياسية ورموز المجتمع. وقد ألقى الرفيق الشاعر عبدالصمد الليث قصيدة باللهجة العامية هذا نصها:

 



 
صفّ ﮔلوب….!




نعينا..
و النعي سوى الجرح..
يبكي الرفيق بدم
مذبوح الفرح..
و الروح تتألم
و رف طاير حزن..
و جناحه يترنم
نشيد يﮕول :-
يا نخل القرى …
و عشﮓ المنامة..
و صوت المحرﮒ..
علي دويغر مضى..
و زاد الهضايم هم..
صعد يضوي السما..
بدر الرفاﮔه..
و الوطن أظلم
ينادي يا هلي..
يا عزوة البحرين..
صفّ ﮔلوبكم..
بالطيبه خل يلتم
صفّ ﮔلوبكم..
بالطيبه خل يلتم..
صفّ ﮔلوبكم..
بالطيبه خل يلتم 




 



abdulsamad.jpg 


الشاعر عبدالصمد الليث  

اقرأ المزيد

عــــلــي دويـــغـــــر…!



نظمت جمعيـة المنبـر الديمقراطـي التقدمـي مســاء الثلاثــاء   22 أكتوبر 2013 حفـل تأبيـن القائد الوطني والمناضل البحريني الراحل  علي عبدالله  دويغر بجمعية المهندسين، وسط حضور كبير من ممثلي الجمعيات السياسية ورموز المجتمع. وقد ألقى الرفيق الشاعر عبدالصمد الليث قصيدة مؤثرة هذا نصها:
 
 

 

 

 


 
        عــــلــي دويـــغـــــر  …! 




 

 

 إنَّ فقـــدَ الحبيـبِ خطـبٌ مروعُ       
                     حيث تنعاهُ أنفــسٌ و ربــــوعُ
مثل شمسِ السـما إذا غابَ نـورٌ      
                     بكســوفٍ عرى النجومَ نزوعُ
و له بالأســـــــــى نداءٌ ســيعلو      
                     أين ذاكَ الربيعُ..كيفَ الجموعُ
أين مِنـها..مِن مائها..مِن ثراهـا      
                     أين صارت مدائــنٌ و نجــوعُ
أيـن إيلافُــها و أيـن الأماســــي      
                     والتناغــي خطابُها المســموعُ
دالَ ذاكَ الزمـانُ…أمحلَ روضٌ      
                     وطغى عاصفٌ وجفّت ضروعُ
هـي كانت ربوعَنا حيث يزهـــو      
                     لثــريا ســما القلـوبِ طلــوعُ  
هـي كانت ربيعنــا بالتدانـــــــي      
                    وعطورُ اللقاءِ مِنها تضـــوغُ
فغزتنـا الهمــومُ حـين التنائــــي       
                     حلّ قسراً فرابطَ المقمــــــوعُ
مدّ جسـراً مِن غائلِ الدهرِ قهـرٌ       
                     بثقوبِ الردى و جالت دروعُ
جحفـلٌ إثــرَ جحفـلٍ و ســــرايا        
                    يمَّمت شطرَنا و ماجت قلـوعُ
لم يـراعِ الـذمامَ و الحـبَّ فينـــا      
                     هُتكت حرمةٌ و ديست جموعُ
و أســال الـدمَ الزكـيَ شــــقيـقٌ      
                     هو قابيـلُ قاتـلٌ و شــــــروعُ
قاطعاً في هزيــعِ ليـــلِ التجنّـي      
                     هـدأةً للقطــا فعــزَ الهجـــوعُ
و اصطلت يقظـةُ النخـيلِ بنــارٍ      
                     أوقدَ الحقدً شـــرَها والنطـوعُ
و انبـرى للمشـوقِ يَحْطِمُ حلمــاً       
                     خضَّبَ العشقَ بالعوادي نجيعُ
غـودرت مِن أوالَ أقمــارُ تــــمٍّ       
                     لم يُكن للظلامِ فيها خضـوعُ
طـوردَ النجـمُ في عـلاهُ شــريداً      
                    شـاعلاً للفتيــلِ مِنه ركـــوعُ
شــعّ فوقَ الطريقِ يَهدي البرايا       
                    برؤى قادمٍ فمــاتَ الخنـوعُ
و نما في الجهــادِ جـذرُ الأماني      
                    فـدعا آمــلٌ و قــلَّ جـــزوعٌ
و برغمِ الوعيــدِ و الموتِ ظلماً     
                    بطِلابِ الشبابِ هبّت ضلوعُ
و تعـرّت مِن عزمهــا للمنايــــا       
                   ثلّة ُالعشق ِ والرصاصُ سميعُ
أمجــدٌ بعــدَ أمجـــدٍ و فصيــــلٌ      
                   يستحثُ الفصيلَ وتراً شـفيعُ
يا علـيَ النضــالِ منّــا شـكــــاةٌ      
                   أنتَ أدرى بما حواهُ الوقوعُ  
انت يا من خَبَـرتَ سـجناً ومنفى      
                     ولك الفكرُ و المقامُ الرفيــعُ
و سَبَرتَ التنظـيم عبر التلاقــي      
                     باختلاف موصوله لا يضيعُ
قَد دهى المنبــرَ العتيدَ صــراعٌ      
                     كلُّ مَن فيهِ خاسـرٌ مصروعُ
مثلمـا بيـتِنـا الكبيــرِ تداعــــــى      
                    بشـقاقٍ جهـلاً نحــاهُ قطيــعُ
طأفن البعضُ رفقةَ الخيرِعسـفاً      
                    ولهولِ الهزالِ شابَ رضيعُ
و أراح البعضُ الركابَ انتهـازا      
                    أسقط َالزيفَ للذواتِ سريعُ
باسمك اليوم أســـتميحُ انتصـافاً      
                    واصطفافاً يلمُّــهٌ المجمـوعُ
لرفاقِ الطـريقِ أُبــدي ندائـــــي      
                    فبِهِم يزدهي الربيـعُ الربيعُ
فهلمّـوا حبّـاًّ بشــعبٍ ..هلمّــــوا     
                     واعيدوا مجداً نمـاهُ الصنيعُ
سـوفَ يُتلـى على الخـلودِ نشـيدٌ     
                      ويُناغي به النخيــلَ همـوعُ
يا لهـذي البحـــرين أمُّ الرزايــا      
                      والمزايا..مواكـبٌ و شموعُ
يا لهذي البحـرين طابت ترابــاً      
                      وعبابـاً والأرخبيــل بديـــعُ
يا لهذي البحرين تبقى و ترقـى       
                      لعلأها فللأصــولِ رجـوعُ
هي نبضُ المشوقِ نبضُ الحنايا       
                      هي إســمٌ بعشقِها مطبوعُ
 
22/10/2013م
 


 

Samad laith.jpg




 


الشاعر عبدالصمد الليث
 

اقرأ المزيد

البحرين بحاجة إلى حل سياسي وليس إلى المزيد من الدموع

بعكس ما يراه تجار الحرب والمتمصلحين من استمرار الأزمة في هذا الوطن
الصغير فإن السواد الأعظم من الشعب يرنو إلى حل سياسي يعيد للمجتمع روحه
التي فقدت ومحبته التي استبيحت وتآلفه الجميل وليس إلى المزيد من صفقات
طلقات الشوزن ومسيلات الدموع والمركبات المدرعة فلقد اكتفينا من الدموع
التي سالت طوال هذه الفترة البغيضة.

لقد تم عسكرة المجتمع بأسره،
فيخال إلى من لا يعرف البحرين بأنه في دولة مستعمرة، فقوات الأمن تسيطر على
جميع مداخل ومخارج القرى ولما يقارب ثلاث سنوات، وتحاط أماكن معينة في قلب
العاصمة بالأسلاك الشائكة كما يتم إحاطة بعض الشوارع العامة والقرى بهذه
الأسلاك بهدف منع المتظاهرين من الوصول إليها أو الخروج منها، وفي المقابل
سدت الطرق الفرعية في القرى بأكوام من المخلفات والحجارة التي توضع ليلاً
وتزال نهاراً لكي تبطئ تحركات سيارات الأمن من اعتقال المتظاهرين، كما لا
يمكن تجاهل المسيرات الشعبية التي تخرج بمئات الآلاف حين تدعى لذلك من قبل
القوى السياسية المعارضة.

هذه شواهد لا يمكن إنكارها أو القفز عليها بأي كذبة مصطنعة.

الكذب
والنفاق له ألوان كثيرة، ولكن الحقيقة تبقى واحدة ولذلك لا يمكن لمن باع
وطنه وتخلى عن جنسيته الأصلية لمجرد الحصول على وظيفة صحافي براتب أعلى مما
يحصل عليه في وطنه أن يعطي الشعب البحريني دروساً في الوطنية، وأن يحاول
إقناع الناس بأنه محلل سياسي جهبذ ولا يشق له غبار لمجرد أن تفرد له صحيفته
صفحة كاملة ليقول ما يشاء من الهراء والخزعبلات.

الأخ المواطن
الجديد يقف ضد أي حل أو تسوية تعيد للمجتمع البحريني السلام ويرى في
المبادرات الدولية تدخلاً في الشأن الداخلي بهدف ابتزاز البحرين والحلول
التي يتم الحديث عنها الآن، صفقة ومساومات مع الوفاق وهي أمر كارثي لا يجب
الإقدم عليه في أي حال من الأحوال، وبتحليله السياسي السخيف يؤكد أنه يجب
على السلطة أن تحل جمعية الوفاق وألا تدخل في أي مفاوضات معها، كما إنه
يرى أن الحل للمشكلة البحرينية يأتي من خلال تشديد القبضة الأمنية، لسبب
بسيط وهو أن السلطة الآن في موقف القوي وليس من حق أي كان أن يفرض حلولاً
عليها وباستطاعتها أن تفعل ما تشاء، كما يشير إلى أن الحل يجب أن يكون من
خلال الحوار الداخلي، وهو قول حق أريد به باطل، ولا مجال أو أهمية للرد على
جميع الافتراءات التي جاء بها في سياق مقال مبني على افتراضات مزورة أو
استنتاجات مجيّرة.

إن نضال الشعب البحريني ومنذ عشرينات القرن الماضي
من أجل الديمقراطية الحقة والمساواة والعدالة الاجتماعية والسياسية ورفض
التمييز الطائفي والقبلي لا يقتصر على جمعية الوفاق أو غيرها من التيارات
السياسية، لسبب بسيط وهو أن هذا الشعب لن يقبل أبداً أن يكون مجرد (رعية)
وإنما سيظل دائماً يناضل من أجل أن يكون حراً ولن يرضى بغير ذلك.

نعم
من حقك أن تحصل على الجنسية البحرينية متى ما استوفيت شروطها، ولكن ليس من
حقك أبداً استعداء الدولة على شعبها، والتحريض على قمع الناس مهما بدت هذه
البضاعة رائجة في الوقت الحالي.

اقرأ المزيد