المنشور

الإبداع في الرداءة…!


لا مجال للتعجب هنا، فقد ألفنا المفارقات، والاستعصاءات، والشعارات، كلها تكاد تبدو وكأنها منتمية الى تراثنا، لم يكن غريباً بالمرة إذن ان تمر علينا الكثير من الوقائع إما مرور الكرام، او مصحوبة بلامبالاة او بما يجعلها تسمى بغير اسمائها، او مقرونة بكثير من صور اللامعنى، وإللا معنى هنا في اصلها ومنتهاها جرح بل جروح شاخصة امام الأعين تستنزفنا،،!!

نتوقف عند أمثلة لهذا النوع من الوقائع، أمثلة ليس إلا، احسب انه يصعب على المرء ان يهضمها، او يتقبلها.
ومن لديه القدرة على الغربلة والفرز والتحليل والربط بين الأشياء يستطيع التسرع وتحمل مسؤولية التأكيد بان ليس ثمة رؤية، او خطة، او أفق لمعالجات صائبة لكثير من هذا الذى يجري أمامنا، وبان الحاجة تفرض يقظة للضمائر والمسؤوليات، والحقوق والواجبات، وتفرض التوقف فوراً عن ممارسة ما يحقر المنطق ويشجع على الإبداع فى الرداءة..!!, الرداءة في كل مجال وميدان، في التفسير والتبرير والمعنى والمراوحة والتنكيد والخلاصة.. وحتى في ارتياد ثوب الفظيلة..!!

نعود الى الأمثلة، فى هذا السياق يمكن ان نتذكر ونذكر بتلك الضجة والكلام المشوش الذى أثير على خلفية موضوع العشرة ملايين دينار التى قيل بانها خصصت فى الموازنة العامة لإنشاء ملاعب كريكت فى هذه الأجواء التقشفية التي ما انفك مسؤولون كثر يذكروننا بها، لسنا في حاجة للاستفاضة وعرض كل مظاهر الضجة التي رافقت تداول هذا الموضوع، من نواب، وكتاب، ومؤسسات أهلية، ونشطاء من خلال كل وسائل التعبير والتواصل والمجالس، وكيف تحول هذا الموضوع الى قضية رأي عام، اكتشفنا بعدها “ ان هناك من تلاعب بالناس وضللهم، لانه لم يكن هناك من الأصل مشروع لإنشاء مثل هذه الملاعب ..! “، وكل ما هنالك ان هناك مخصص مالي فى الميزانية بقيمة 50 الف دينار لإعداد دراسة جدوى سيتحدد فى ضوئها ما اذا كنا بحاجة الى هذا المشروع ام لا ..!! هذا ما أكده للرأي العام أخيرا وفي مؤتمر صحفي وزيرا الإعلام والشباب.

علينا ان نلاحظ ان اللغط حول المشروع استمر أسابيع، وان الصمت حيال توضيح حقيقة المشروع ان كانت هي الحقيقة فعلا استمر طيلة هذه الأسابيع، لم يخرج مسؤول واحد ليوضح، ليقولنا ماهي الحقيقة، لم يصدر حتى بيان من عشر او عشرين كلمة ليقول للرأي العام بان مايتداول غير صحيح.. صمت المسؤولين المعنيين طيلة هذه الفترة كان حقاً صمتاً مريباً، بقدر ما كان التوضيح والنفي المتأخر مريباً وباعثاً على اكثر من سؤال؛ لماذا كل هذا الانتظار لكي تخرجوا للناس وتعلنوا ما ترونه بانه الحقيقة؟ وأين هى الشفافية التى يدعي الكل وصلاً بها؟ وهل تهدر أموال مهما كانت بسيطة في نظر المسؤولين من الموازنة العامة للدولة على دراسات جدوى لمشاريع لا تشكل يوماً أولوية للمواطن البحريني فما بالكم في هذا الوضع المالي والاقتصادي المقلق؟ الا يعد ذلك هدراً للمال العام وسوء ادارة وعدم إدراك للأولويات ..؟!

مثال آخر، هؤلاء النواب الذين أثاروا الكثير من الكلام حول وضعنا الاقتصادي الذي أنهكه العجز غير المسبوق في الموازنة العامة ، وتفاقم الدين العام، فقد وجدناهم مشغولين بموضوع رواتبهم التقاعدية وامتيازاتهم المالية ومنحوا انفسهم مع الشوريين والبلديين معاشاً تقاعدياً يضيف ضغوطاً مالية، من دون اي اعتبار لحقيقة الوضع المالي والاقتصادي ولحيثيات الرفض الحكومي لهذه الخطوة كونها تشكل مخالفة دستورية من جهة، وتتطلب كلفة مالية باهظة تستلزم ادخال تعديلات جوهرية على الميزانية العامة للدولة، وهنا نعود الى طرح الاسئلة: الا تشكل خطوة النواب هذه فى أبسط تحليل قصوراً لدى هؤلاء في فهم ثقافة الأولويات..؟

مثال ثالث، يتصل هذه المرة بشركة ممتلكات، وهي الشركة الحكومية القابضة التي لديها اكثر من 30 شركة تابعة تدير أملاك الدولة، اليس غريباً في ظل كل الزخم من الحديث عن الشفافية في ادارة وحماية المالية العامة، ان تمتنع والكلام هنا لرئيس لجنة التحقيق البرلمانية بشأن تدهور الأوضاع المالية والادارية بالشركة احمد قراطة وهو كلام موثق ومنشور لم يعقب عليه حد من الشركة بالرد والتوضيح، نقول اليس غريباً ان تمتنع الشركة بالاستجابة لتوصيات اللجنة بالكشف عن المساهم الذي ورد ذكره في المادة “ 1 “ من النظام الأساسي للشركة، والتوصية الداعية الى الوقوف على سبب استمرار صرف مكافآت اعضاء مجلس ادارة الشركة دون تسمية هذا المساهم، والتوصية التى اريد منها معرفة سبب عدم تزويد ديوان الرقابة المالية والادارية بما يفيد عرض قرارات مجلس الادارة السابق واللجان المنبثقة عنه والتي يفترض إضفاء الصفة الشرعية عليها من جانب مجلس الادارة الحالي..!! ، والسؤال الذي يفرض نفس هل ممتلكات محصنة من الرقابة والمساءلة..!

تلك أمثلة او عينة ليس إلا، فهناك الكثير مما نطالعه على صحائف الواقع، وهو أمر لا يدع مجالا للشك بان ثمة غلطاً او خللاً فى مجريات أمور واقعنا واجب الرصد والتشخيص والمعالجة، وتفعيل قيمة المساءلة، اكثر من حاجتنا الى نيات وكلمات وتصريحات إنشائية..!!


23 يونيو 2015
   

اقرأ المزيد

هل تنـدم الأمـم ؟


هل يحدث أن تصاب الأمم بالندم على خطايا ارتكبتها أو ارتكبت باسمها؟ نعلم أن الأفعال، موضوع الندم في التاريخ البشري، هي من صنع شخص واحد أو حفنة محدودة، فهل تؤخذ الأمة بجريرة هذا الشخص أو تلك الفئة؟

هل يمكن أن تكون الأمة الألمانية بكاملها مسؤولة عن جرائم هتلر، أو هل يؤاخذ الإيطاليون بما اقترفه موسوليني من أهوال، خاصة حين نعلم أن من بين الألمان والإيطاليين طلائع مكافحة تصدّت قبل سواها لهتلر وموسوليني، وكانت ضحايا لقمعهما، قبل أن يطال الشعوب الأخرى.

ولكن لصنع تاريخ جديد كان على ألمانيا، كما على إيطاليا، أن تعلنا الندم على الماضي، وأن تقوما بالقطيعة الكاملة معه، بأن تتذكرا التاريخ وتستخلصا منه الدروس الضرورية كي لا تقع الأمة ضحية للخطيئة ذاتها.

في فيلم «الندم» أو «التوبة» يتناول المخرج الجورجي تنغيز أبولادزة، يوم كانت جورجيا لا تزال في عداد جمهوريات الاتحاد السوفييتي قبل انهياره، سنوات التنكيل الستاليني في ثلاثينات القرن العشرين، والتي لم يسلم منها أقرب المقربين للزعيم نفسه. وجورجيا كما هو معروف، هي مسقط رأس ستالين، فهل أراد المخرج إعلان البراءة باسم شعبه من ممارسات التنكيل هذه، والاعتذار عنها، وإبقاء ذكرى الضحايا حيّة؟

في علاقتنا نحن العرب مع تاريخنا يغلب الطابع الاحتفالي، وتمجيد الصفحات المشرقة، وهي كثيرة من دون شك، وتستحق الاحتفاء من دون شك أيضاً، لكننا نجنح نحو المبالغة في تصويرها مشرقة أكثر مما هي بالفعل، ونتجاهل الصفحات الأخرى، السود، التي تستدعي الندم، وإعلان التوبة عنها، فتأتي قراءة التاريخ أحادية الجانب، فلا تأخذ هذا التاريخ في كليّته، بما فيه من تناقضات وصراعات ومكائد ودسائس.

لا نبالغ لو قلنا إن كثيراً من مآسي حاضرنا يجد جذوره في هذه القراءة العوراء للتاريخ، التي لا تبصر إلا بعين واحدة، حيث لم نمتلك، إلا فيما ندر، الشجاعة في أن نفصح عن عاهاتنا ومكامن الضعف الموجعة في محطات كثيرة من تاريخنا، وكانت الأميرة الأندلسية الشهيرة والدة آخر ملوك غرناطة الذي بكى وهو يسلم مفاتيح قصر الحمراء للقشتاليين أكثر جرأة من معاصرينا وهي تقرعه بقولتها الشهيرة: «ابك كالنساء مُلكاً لم تحافظ عليه كالرجال».

ما زلنا نؤول هزائمنا بالقول إننا أخذنا على حين غرة، لكن الأمة، كما يقول ماركس، كما المرأة، لا يمكن أن تدعي أنها أُخذت على حين غرة.


 

 25 يوينو 2015

اقرأ المزيد

البنى العتيقة لمؤسسات النظام الدولي


الفرق بين مافيا التهريب في شيكاغو في الفيلم الشهير «المحصنون» (The Untouchables) وكبار مسؤولي الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» الذين أُطيح بهم «فجأة» (!) على أيدي السلطات الأمنية والعدلية الأمريكية، على خلفية قضايا رشوة وغسيل أموال، هو أن «المحصنين» في الفيلم الأمريكي الثمانيني الشهير الذي يحمل الاسم نفسه، هم العصِيُّون على الارتشاء والإفساد من بين طاقم الشرطة الفاسد والعامل في مدينة شيكاغو إبان سريان قانون حظر بيع وإنتاج واستيراد ونقل المشروبات الكحولية في الولايات المتحدة خلال الفترة من 1920 إلى 1933 بدفع من سكان الأرياف البروتستانتيين والمراكز والهيئات الدينية النافذة ومراكز القوى المتماهية مع الشارع في الحزبين الجمهوري والديمقراطي التي ذهبت في شوط مواكبتها للشارع لحد تعديل الدستور الأمريكي لتقنين حظر الكحول، قبل أن تطيح أزمة الكساد العظيم (Great Depression) بكل هذه المزايدات الاجتماعية وتجبر الجميع على إلغاء هذا التعديل الدستوري – بينما «المحصنون» في «الفيفا» هم أنفسهم الطاقم القيادي التنفيذي المتربع على عرش مؤسسة عالمية متعددة الجنسية تحتكم على أصول سائلة وغير سائلة تُعد بالمليارات، والذين وبسبب طول فترة هذه الهيمنة التي امتدت زهاء أربعين عاما، منذ بداية ولاية الرئيس السابق للفيفا البرازيلي جواو هافيلانج، فقد سكنهم وهم الطمأنينة بأنهم محصنون ضد الملاحقات القانونية على خلفية أنشطتهم غير الشفافة، مهما كانت المحاولات المتواضعة لكشف مستورها.

والحديث يطول بشأن موضوع فضائح الفساد في الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» التي بادرت الولايات المتحدة ممثلة بأجهزتها الأمنية والعدلية، من تلقاء نفسها ومن دون أن يكلفها أحد بذلك، إلى كشفها بطريقة دراماتيكية مثيرة ومقصودة، وكذلك الجدل المتفجر والمتشعب بشأن ملابساته. حتى راح القائمون على المؤسسات الدولية المعنية بإشاعة الشفافية والنزاهة في فضاء العلاقات الدولية وممارساتها الفضلى (Best practices)، يحلمون ويمنون النفس بأن يأخذ هذا الجدل مجراه وألا يتوقف عند منظمة أو شخص مستهدفين بعينهما ضمن تصفية الحسابات غير المعلنة التي ما انفكت «قائدة الأمة» العالمية تدير طاحونتها كلما خرج بعض «الضَّالِّين عن طاعتها». فلقد كشف تداعي قطع الدومينو الذي ربما يكون انعطف قليلاً، بصورة مخالفة لمساره المبتغى، عن ورود أسماء كل الدول تقريباً التي طلبت تنظيم مسابقة كأس العالم لكرة القدم، باعتبارها متورطة في منح رشاوى أو محاولة تقديمها أو تبادل مصالح اقتصادية مع «الأوساط» المسهلة لإرساء «مناقصة» التنظيم عليها. ولذلك بدا غريباً بعض الشيء صمت القضاء الأمريكي عن الطريقة التي اتبعتها الولايات المتحدة للفوز بتنظيم مونديال 1994 وكتمان الحديث عن الطريقة التي أُرسيت بها على فرنسا «مناقصة» تنظيم نسخة 1998 من المونديال، مع ان عضو اللجنة التنفيذية في الفيفا وأمين عام اتحاد الكونكاكاف سابقاً الأمريكي تشاك بلايزر، اعترف في التحقيقات بأنه تقاضى إلى جانب أعضاء آخرين من اللجنة، رشوة لمنح استضافة مونديال 1998 في فرنسا، والتي أسفرت عن حصول فرنسا على 12 صوتاً مقابل 7 أصوات لصالح المغرب!

إلى ذلك، فما بين تمنيات عديد أوساط المؤسسات والواجهات الدولية المشتغلة على إشاعة الممارسة الشفافة والنزيهة في العلاقات الدولية، بألا تقف «فزعة» الحوكمة والحكم الرشيد عند حد رفع الغطاء عن الممارسات الفاسدة في الفيفا قصراً وحصراً، وما بين نزوع الممسكين بالمقود العالمي واتجاهات تسييره، يوجد بون شاسع، وذلك برسم استمرار المنظمة الأم للنظام الدولي لما بعد الحرب العالمية الثانية، الذي شادته الولايات المتحدة بالتفاهم مع بريطانيا والاتحاد السوفييتي السابق، وهي هنا منظمة الأمم المتحدة، بنفس هياكلها وتركيبتها والأوصاف الوظيفية المعلبة لطاقمها التنفيذي والإداري، بما فيه منصب أمينها العام، من دون أن يطالها إصلاح حقيقي يتواكب مع تعاظم الوظائف التي يتوجب عليها النهوض بها لمقابلة التحديات الكبرى التي أدى تراكمها ومسايرتها من دون معالجة متطلبات مواجهتها، إلى وضع العالم ثانيةً على شفا حرب عالمية إذا ما اندلعت شرارتها الأولى فلربما لن يكون الكوكب الأرضي بعدها صالحاً للحياة.

وهذا ينطبق على بقية المنظمات الدولية التي أنشأها النظام الدولي لما بعد الحرب العالمية الثانية، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وغيرهما. حتى حق تسميتها بمخلفات تلك الحرب التي لاتزال خاضغة لذات «الريجيم» البيروقراطي والاستحواذي الانفرادي الكابح والمعطل لمعظم مبادرات عديد الأطراف الدولية، الرسمية والخاصة، لتطوير أداء وفعالية عمل الأسرة الدولية ومؤسساتها الحاكمة.

فما دامت القوى العظمى الممسكة بالمقود العالمي، تجد مصلحتها كامنة في الإبقاء على هذا الواقع المرير «لأجهزة عمل الحكومة العالمية»، فإن من الصعب تصور نهاية وشيكة لهذا الواقع، حتى ولو نخره الفساد مثلما كشف «رفع الغطاء عن قِدر» الفيفا.
 
 26 يونيو 2015

اقرأ المزيد

بين أم كلثوم وطلعت حرب


حين يرد اسم الزعيم الوطني المصري طلعت حرب، ترد إلى الأذهان صورة رجل الأعمال المتنور، الواعي، المدرك للدور الذي على رأس المال الوطني أن يقدمه في خدمة وطنه ونهضته. إنه النموذج النقيض للأثرياء الجدد الذين أتوا في مراحل الانفتاح وكونوا ثرواتهم بطرق «الفهلوة» والتحايل على القانون، هذا أصلاً إذا أخذوا وجود هذا القانون في الحسبان.

ثمة فروق بين البرجوازية الوطنية المستنيرة العصامية، التي توظف ثروتها وتبنيها جنباً إلى جنب مع تطوير المجتمع الذي تعيش فيه، وبين تلك الطفيلية التي تسرق المال العام وتضاعف ثرواتها من نهبه.

أسَّس طلعت حرب «بنك مصر» بفروعه الدولية، وأنشأ شركة الغزل والنسيج والمصانع في مدينة المحلة الكبرى والورش الصناعية، إضافة إلى شركة للنقل البري، وأخرى للنقل النهري، وثالثة للملاحة البحرية، وشركة مصر للطيران التي بدأت بالرحلات الداخلية ثم فتحت أول خط خارجي على يديه عام 1934 برحلات إلى القدس وغيرها. كما بنى مصانع لحلج القطن، ولأعمال الإسمنت المسلح وللمناجم والمحاجر وتصنيع الزيوت والمستحضرات الطبية، والكيماويات، وكذلك شركات للتأمين، والفنادق.

لكن لطلعت حرب وجهاً مهماً آخر، فهو لم يكتف بالاستثمار في هذه المجالات الحيوية وحدها، وإنما أولى عناية للاستثمار في الثقافة، فأسس «مطبعة مصر»، في وعي منه لما للمطابع من دور في نهضة الأمم عبر نشر الكتب وتعميم المعرفة، بل وأسس «ستوديو مصر» ليضع اللبنة الأولى في الإنتاج الفني، الذي ميَّز مصر في العقود التالية حتى اليوم.

في أوائل الثلاثينات من القرن الماضي زارت السيدة أم كلثوم طلعت حرب في مكتبه، لتأخذ منه المشورة في مأزق وجدت نفسها فيه مع إحدى شركات الأسطوانات، وهي في بداية عهدها في تسجيل أغانيها، إذ وجدت نفسها عاجزة عن الوفاء بشرط يفرضه العقد الجزائي. ولأن الرجل يقدر الفن وأهله، ويدرك عظم موهبة أم كلثوم، فلم يتردد في تقديم قرض لها بلا ضمان بقيمة ألفي جنيه مصري، وهو مبلغ كبير جداً آنذاك، ما ساعدها على تسوية مصاعبها المالية والانطلاق فنياً نحو أرحب الآفاق.

بعد ذلك بسنوات ترد أم كلثوم التحية للرجل بأن تغني في حفل أقيم لتخليد ذكراه قصيدة كتب كلماتها صالح جودت، جاء في مطلعها: يا شبابَ الثورةِ البيضاءِ في الوادي الأمينْ/ اذكروهُ خَلِّدوه في كتابِ الخالدينْ/ ثائرٌ لا تنتهي آمالُهُ خالدٌ لا تنطوي آجالُهُ.
 
24 يونيو 2015

اقرأ المزيد

رمضان.. ودعوة إلى أصحاب النوايا الحسنة..


نستقبل الشهر الفضيل .. شهر المغفرة والمحبة والإخاء .. شهر كل المعاني والقيم السامية، هذا الشهر هل يمكن ان يكون فرصة ليس فقط لتكريس تلك المعاني والقيم التى يفترض تعزيز حضورها والتمسك بها وترجمتها الى واقع ملموس، بل إضافة الى ذلك العمل من اجل الانتصار للوطن، وللناس فى هذا الوطن، وذلك من باب لايمر عبر الموائد والصحون وزيارات المجاملة، بل عبر النفوس وحسن النوايا، ورفض الاستدراج بان يكون اي منا طرف فتنة يصنعها غيرنا ونكون نحن وقودها، فتنة شق صف المجتمع واستنفاره لعصبيات وصراعات تستنزف قواه وتجعله منصرفاً عن أولوياته وقضاياه الجوهرية ..

هل نتذكر محصلة مثل هذه الدعوات فى شهر رمضان السنة الماضية، هذه الدعوات التى انطلقت عبر مجالس وبيانات وتصريحات ومبادرات من أطراف احسب انها مثلت كل مكونات المجتمع البحريني، من رجال سياسة، ورجال دين وأصحاب مجالس، ومنابر من كل نوع وأصحاب فكر وقلم ورأي وغيرهم، وكلهم دعوا الى الوحدة الوطنية وشددوا على وجوب التمسك بكل ما يثبت هذه الوحدة ويضمن استمرارها، كل الأطراف شاكرة ومشكورة اكدت على ذلك، واستفاضت فى شرح القواسم المشتركة، والتأكيد على عزيمة كل قوى المجتمع فى إرساء قيم التسامح والمحبة والتمسك بالنهج الوسطي، والابتعاد عن التعصب والطائفية، بل وأرسلت إشارات موحية الى ان الجهود ستظل على الدوام مكرسة لما يصون الوحدة الوطنية، ورفض محاولات تجار الفتنة جرنا إلى ما يجعل واقعنا مأزوماً على الدوام، مليئاً بكل صور الصخب والحشد والاحتقان والاستقطاب، والعصبيات، والمغالبات والمغالطات، والاستثمارات السياسية والمصلحية والانتهازية الرخيصة التى نجدها على الدوام ساعية الى تأجيج النفوس وتعظيم الإشكاليات وتفجير العقد هنا والعنجهيات هناك..!!

يبقى ذلك جهداً طيباً لعله صب باتجاه دق ناقوس الخطر، ولكننا وبمنتهى الصراحة يتعذر علينا ان نصنف كل ماجرى فى رمضان الماضي بانه شكل قيمة او إضافة نوعية بأي معيار الى مسيرة الوحدة الوطنية، لأن أبواق الفتنة وان خف ضجيجها في شهر رمضان، الا انها عاودت بعد ذلك  وبهمة الى مواصلة الاستنفار والتجييش والتحريض، والتكفير والتخوين والتأثيم، وكأن ثمة عجز عن اعادة تأهيل النفوس وتطهيرها من غرائز الطائفية والمذهبية، والمؤلم والمؤسف في آن واحد ان هؤلاء وهم يلامسون بؤر التأجيج وكل ما يؤرق ويعظم بواعث القلق، يظهرون لنا بمظهر الأنقياء الأتقياء الذين يمارسون عملاً وطنياً بامتياز، ذلك يعني ان ما جرى في رمضان الفائت لم تخرج عن كونها مظهر من مظاهر المقولات المتكررة التي الفناها والمؤكدة على اهمية الوحدة الوطنية والتمسك بها وليس اكثر من ذلك، وكأننا استعضنا بالقول عن الفعل، نعم الفعل الذي يترجم قيام كل منا بدور تجاه هذا العبث في مفردات ومقومات الوحدة الوطنية بشكل يهدد الحاضر والمستقبل، بما لايقبل بأي شكل التبسيط او الخطأ في الحساب.

شهر رمضان الذي نستقبله بعد ايام، هل يمكن ان يكون هذه المرة فرصة لإنجاز، لمبادرة، لموقف، لدور خاصة  لمؤسسات المجتمع المدني التي لم تتلوث ولم تنتج الفرقة ولم تكرس الانشطار عن علم او غير علم، عن قصد او غير قصد، ولا ننسى دور القوى الحية والفاعلة القادرة على وضع الفعل الوطني المنشود في إطاره الصحيح الذي يتحسب له الجميع من الان وقبل فوات الأوان، نؤكد على ذلك لأننا نؤمن بان من نفترض ان له دوراً لايجب ان يقبل بأي حال من يريد ان يزرع في نفوسنا المزايدة على مشاعر الناس ليستثمرها استثماراً رخيصاً سياسياً او دينياً او طائفياً او مذهبياً، يؤجج النفوس ويعمق كل ما يفرق بين أبناء الوطن الواحد، ويجعل الأبواب مشرعة لصدى مخاطر وتداعيات مايجري أمامنا في دول الجوار.

لعلها دعوة، دعوة الى فعل وطني حقيقى ملموس، فاعل ومؤثر ينطلق خلال الايام المقبلة من الشهر الكريم، دعوة موجهة الى جميع اصحاب الحس الوطني الحقيقي، وذوي النوايا الحسنة الذين يستشعرون المسؤولية والحاجة الى تحصين الوطن من دعوات التطرف والفرقة، وتعميق الوفاق الوطني، وتأكيد ان الجسم البحريني محصن ضد اي فتنة من اي نوع، وان كل المواطنين دروعاً للبحرين وليس من بينهم سيوف عليها، ويدركون بان الصمت حيال ما يجري من محاولة تشطير وخلافه هو شراكة فى بث بذور الفتنة, وان التعصب والتطرف يتواجد بقدر ما نتيح له من مناخ، ويقوى بقدر مانخاف، ويعلو صوته بقدر خفوت اصواتنا وعجزنا عن التصدي لهذا الكامن في القاع، وبناء عليه الدعوة ليست عامة، لكنها دعوة موجهة الى جميع اصحاب النوايا الحسنة، ونجزم بانهم الأكثرية ..!!
 
16 يونيو 2015

اقرأ المزيد

قراءة أولية لأداء الاقتصاد العالمي هذا العام


كيف يبدو الاقتصاد العالمي في ضوء تواصل موجة الانحدار الكبرى التي أصابت أسعار النفط منذ يوليو من العام الماضي، وفي ضوء تواصل تراجع مخصصات الانفاق الاستثماري والإنفاق الجاري لكبريات شركات الطاقة والشركات الصناعية في العالم، وفي ضوء تواصل سخونة الأوضاع السياسية والاجتماعية في العديد من بقاع العالم؟ في أكتوبر/‏تشرين الأول من العام الماضي 2014 كان صندوق النقد الدولي قد نشر توقعاته بشأن نمو الاقتصاد العالمي لعام 2015، قدّر فيها بأن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 3.8%.ولكنه عاد في تقريره التالي الذي نشره على موقعه الالكتروني في 20 يناير/‏كانون الثاني 2015، ليخفض هذه التوقعات بنمو في عام 2015 لا يتجاوز 0.2% مقارنة بنمو عام 2014 الذي بلغ 3.3%، ليبلغ في عام 2015 3.5% مقارنة بتوقع شهر أكتوبر/‏تشرين الأول الماضي الذي قدّره الصندوق بنسبة 3.8%، أي أن الصندوق تراجع عن توقعاته بنسبة 0.3%. وعمل الشيء نفسه مع توقعات عام 2016، حيث خفضها من 4% إلى 3.7%، أي بنسبة تخفيض مراجعة نسبتها أيضا 0.3%. وبرر الصندوق هذه المراجعة لأرقام توقعاته في تقريره الأخير «آفاق الاقتصاد العالمي»، بأن خفض التوقعات لنمو الاقتصاد العالمى جاء نتيجة لانخفاض آفاق النمو في الصين وروسيا ومنطقة اليورو واليابان.

مؤشرات ضعف الاقتصاد العالمي كانت قد لاحت في الربع الأخير من العام الماضي.

فباستثناء الاقتصاد الأمريكي الذي يمول حركة دورانه بأسعار فائدة يمكن اعتبارها تفضيلية تلك التي يمنحها لمكتتبي سنداته الحكومية مقارنة بقريناتها في الاقتصادات الأخرى المتقدمة..
مؤشر آخر على ضعف أداء الاقتصاد العالمي، هو انخفاض أسعار السلع، الذي لم يقتصر على النفط فقط وانما شمل أيضا أسعار المنتجات الغذائية وأسعار المعادن.
الانخفاض الكبير في أسعار النفط، يشكل بلا شك أغراءً لا يُرد للمحللين، حتى ان صندوق النقد الدولي بنى تقديراته للنمو العالمي في آخر تقاريره على هذه الجزئية من معطيات نموذج التحليل، معتبراً أن ذلك من شأنه أن يحفز ويرفع النمو في اقتصادات الدول المتقدمة إلى 2.4% في 2015 و2016 .

ولا ننسَى أن صندوق النقد لم يُعد النظر في تقديراته بشأن النمو لهذا العام (تخفيضا عن تقديراته التي لم يفت عليها 6 أشهر، من 3.8% إلى 3.5%)، وإنما كان قد خفض تقديراته أيضاً لعام 2014، من 3.7% في شهر إبريل/‏نيسان 2014 إلى 3.3% في شهر أكتوبر 2014.

صندوق النقد الدولي يبرر تراجعه عن توقعاته السابقة بظهور 4 مستجدات يتمثل الأول منها في انخفاض أسعار النفط بنحو 55% منذ سبتمبر/‏أيلول الماضي من العام الماضي، الذي يرجع جزئياً إلى حالة من ضعف الطلب في عدد من الاقتصادات الرئيسية بوجه خاص، وهو الأمر الذي جاء مخالفًا للتوقعات، وكذلك في عدد من الاقتصادات الناشئة، الذي انعكس أيضًا في انخفاض أسعار المعادن الصناعية، ويتمثل العامل الثاني في التباين في معدلات النمو بين الاقتصادات الكبرى.

أما العامل الثالث فيتمثل في ارتفاع الدولار الأمريكي (بالقيمة الحقيقية الفعلية) بنسبة 6% منذ أكتوبر 2014، في حين انخفض اليورو والين الياباني بنسبة 2% و8% على التوالي منذ أكتوبر وحتى الآن، فضلاً عن تراجع العديد من عملات الأسواق الناشئة خاصة في الدول المصدرة للسلع الأولية (النفط والقمح والمعادن). أما العامل الرابع فهو ارتفاع أسعار الفائدة وكذلك انتشار المخاطر في العديد من الاقتصادات الناشئة.

وكما هو ملاحظ، فإنه باستثناء الانهيار المفاجئ والدراماتيكي لأسعار النفط، فإن بقية «المستجدات» التي سوغ بها الصندوق مراجعته لتوقعات النمو العالمي، كانت متاحة ومقروءة.

وهكذا فإن الصورة البانورامية العامة للاقتصاد العالمي، ليست جيدة بما يكفي، حيث إنه باستثناء الاقتصاد الأمريكي الذي لم يفقد بعد زخم حُقن التسهيل الكمي التي أحقنت فيه منذ عام 2009 حتى انتهاء عملية الحقن الشهري في أكتوبر/‏تشرين الأول 2014، والتي بلغ إجماليها أكثر من 3 تريليونات دولار، وهو يخشى في الواقع فقدانه، وذلك برسم التأجيل المتكرر لوقف العمل ببرنامج التسهيل الكمي منذ أواخر عهد بن برنانكي المحافظ السابق للاحتياطي الفيدرالي، والتمطيط المتكرر لقرار الاحتياطي الفيدرالي بالتخلي عن سياسة سعر الفائدة الصفرية والبدء برفع سعر الفائدة ، باستثناء الاقتصاد الأمريكي المنتعش، فإن بقية الاقتصادات العالمية، بما في ذلك الاقتصاد الألماني، رافعة اقتصادات بلدان منطقة اليورو (18 دولة من دول الاتحاد الأوروبي ال 28)، تعاني من ضغوط علائم الركود.

ولكنها بالمقابل ليست سيئة على الاطلاق، إذ تتوفر للاقتصاد العالمي، لاسيما للاقتصادات الآسيوية المستهلكة للطاقة، عناصر دفع إيجابية تتمثل في انخفاض أسعار النفط والمعادن الذي قد تستمر في التمتع به حتى الربع الأخير من العام الجاري


25 يونيو 2015

اقرأ المزيد

القوة الناعمة


يشير الباحثون إلى أن أول من استخدم مصطلح «القوة الناعمة» كان جوزيف ناي الذي عمل مساعداً لوزير الدفاع في إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، ورئيساً لمجلس المخابرات الوطني، وأصدر كتاباً عن الموضوع، جرى النظر إليه، على أنه دليل إرشادات جديد في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، حين تخفق «القوة الصلدة»، أي قوة الدبابات والمدافع والبوارج وحاملات الطائرات، في تحقيق الأهداف.

القوة الناعمة، برأيه، سلاح مؤثر يحقق الأهداف عن طريق الجاذبية والإقناع بدل الإرغام أو دفع الأموال، وموارد القوة الناعمة لأي بلد هي ثقافته إذا كانت تتمتع بالقدر الأدنى من الجاذبية، لكنه يرى أنه لا يمكن اختزال الأمر في الثقافة وحدها، لذا فإن المشروبات الغازية والوجبات السريعة لن تجتذب بالضرورة الناس في العالم الإسلامي حتى يحبّوا أمريكا، ولا الأجبان والمشروبات الفرنسية تضمن الانجذاب إلى فرنسا، ولا تضمن ألعاب البوكيمون لليابان النتائج السياسية التي تتمناها.

الكثيرون لم ينظروا إلى هذا القول ببراءة، ومنهم ميشيل فوكو الذي قال إن القوة الناعمة تتضمن إجباراً وإلزاماً غير مباشرين، تعتمد في ظهورها على القوة الخشنة أو الصلدة، وتقوم بأعمال تعجز القوة الصلدة عن القيام بها.

المفكّر تزيفتان تودوروف حاول أن يذهب بهذا المفهوم نحو مضامين إنسانية، إن صحَّ القول، في كتابه: «أعداء الديمقراطية الحميمون»، ذلك أن قوة أي دولة أو مجموعة دول لا تتحدد بالقوة العسكرية، بل بتكامل مجموعة من العوامل كالقدرة على التأثير وتعزيز القيم، والقوة الجاذبة، والتحلي بسلوك الإقناع بدل الإلزام، والحوار بدل الإكراه والجذب بدل التحريض.

عوامل القوة الناعمة يجب أن تكون، برأي تودوروف، هي القيم السياسية وكيفية تطوير سياسة التعاون البنّاء القائمة على تعدد الأقطاب، وتمثل القوة الناعمة حقيقة جوهرية ذات رسالة كونية ينبغي تقديمها للعالم، وتتطلع إلى فرض نفسها على العالم كسلطة أخلاقية عن طريق سياسات التعاون، الدبلوماسية الوقائية، وأيضاً المساعدة على الإنماء والتطور، ويكمن التأثير في: إنتاج المعايير، وتنظيم العولمة، وفي نهج مقاربة العلاقات الدولية التي تنتصر للقانون والنظام بدلاً من سياسة فرض الأمر الواقع بالقوة.

لم تؤد الدعوات إلى القوة الناعمة إلى تراجع عن القوة الصلدة، بل إن الدبلوماسية ذاتها، كوسيلة ناعمة، يمكن أن تكون أكثر عدوانية من أي قوة صلدة، والحماية السياسية التي يؤمنها الغرب للنهج العدواني الصهيوني أكبر دليل.


22 يونيو 2015

اقرأ المزيد

وقائع.. بأي معنى نفهمها..!



 نتفحص بعض الأخبار والتصريحات والوقائع، نتوقف عندها، بل تجبرنا على التوقف عندها، فهى إما محيرة او يصعب تصديقها، او ليس من اليسير ان نجد تفسيراً مقنعاً لها، وبعضها نحسب انه يعطي فرصة للتندر، كما ان منها ماهو عصي على الفهم حقاً، او يمكن ان يفهم بمعنى او بآخر، او لنقل ان منها ما يفتح الأبواب والشهيات لكثير من علامات التعجب والاستفهام..!!

  فى ظل كل هذا الصخب عن الميزانية العامة والدين العام، وحالة التقشف وردود الأفعال على توجهات بإعادة النظر فى منظومة الدعم الحكومي للمواد والسلع الأساسية من لحوم وكهرباء ومحروقات، باي معنى نفهم رصد عشرة ملايين دينار لإنشاء أندية وملاعب كريكت، وهى اللعبة التى لا تدخل ضمن أدني اهتمامات أهل البحرين، ولم يمارسونها يوماً، هل ثمة إصرار على استمرار الصرف وهدر المال العام على مشاريع بذخ وترف، ام انه استمرار لغياب او تغييب ثقافة الأولويات..؟!!.

  باي معنى نفهم تلويح نواب بالاستقالة اذا أقرت الحكومة رفع الدعم عن اللحوم، وكيف نفهم دعوة أحدهم لزملائه» بالوقوف وقفة رجل واحد والاستقالة من المجلس بذريعة ان ذلك «اشرف لهم من قبول المهانة والمذلة للمواطن»، الناس على قناعة بانه تهديد لايقدم ولا يؤخر، ولا يؤخذ على محمل الجد، لأنهم تعودوا على الجعجعة والمزايدات..!

بأي معنى نفهم خطوة اقرار النواب تعديلات على قانون العقوبات تنص على إيقاع الحبس او الغرامة على كل من أهان بطرق العلانية مجلس الشورى او مجلس النواب او المجلس الوطني، وفى نفس الوقت باي معني نفهم البيان الصادر عن امانة مجلس النواب الملوح بالمساءلة القانونية لمواقع التواصل الاجتماعي اذا نشر اي منها معلومات خاطئة او كلام غير صحيح يسيء الى اي نائب..!!
بأي معنى نفهم  ان تظل ايرادات الدولة في الميزانية الحالية في حدود 368 مليون دينار، بينما يجري الحديث منذ سنوات عن تقدم في زيارة الايرادات غير النفطية وتحريك عجلة الاقتصاد.

بأي معنى نفهم الاعلان قبل ايام عن تعديلات شاملة في المناهج والخطط الدراسية بالجامعات من اجل مواءمة المخرجات مع متطلبات سوق العمل. الى متى سنظل نسمع هذه النغمة ياترى..!

باي معنى نفهم هذا الذي نشر عن نائب يمثل الشعب استولى على 370 الف دينار بطريقة من قرأ الخبر ادرى بما يمكن ان توصف..! وباي معنى نفهم هذا الذي يتداوله البعض عن طرق نائب ابواب عدة من اجل سداد ديونه لانه يمثل الشعب.. وكأنه يقول بان تمثيل الشعب ليس خدمة مجانية..!

 بأي معنى يمكن ان نفهم الطريقة او الآلية او الأسلوب الذى خرج به الى الناس موضوع الدعم الحكومي عن اللحوم، والأصداء التى رافقت ولاتزال هذا الموضوع، ليس الحديث عن قيمة التعويض المادي، وتحديد 5 دنانير للزوج، وثلاثة دنانير ونصف الدينار للزوجة الى آخر الحسبة، وإنما فى حالة الاستخفاف بالمواطن والتعامل معه كمتسول يستجدي..!!، وهذا أمر نجزم بانه سيتكرر مع كل خطوات «اعادة هيكلة الدعم» المرتقبة لبعض السلع والخدمات، وبأي معنى نفهم ما يقوله كثر من الناس بان «الحكومة نجحت فى إلهاء مجلس الشعب عن قضايا اكبر، ومنها تحسين مستوى المعيشة والإسكان والصحة، ونحن نضيع الوقت في الحديث عن رفع الدعم عن اللحوم».
باي معنى نفهم تصريح وزيرة التنمية الاجتماعية بان نصف الجمعيات المسجلة لديها غير فاعلة، وان عدد هذه الجمعيات بلغ 350 جمعية من اصل 600 جمعية، وحين تصنف هذه الجمعيات غير الفاعلة والمتعثرة  تقول «بانها تلك التى لا تعقد اجتماعات الجمعيات العمومية لاختيار إدارات لها، ويبقى وضعها هكذا لمدة سنوات عديدة تكون تحت الملاحظة من قبل الوزارة لتصحيح أوضاعها»..!!

باي معنى نفهم ان يبلغ متوسط مصروفات عضو المجلس البلدي مابين 3000 الى 5000 دينار للرحلة الواحدة، من دون حتى تقرير يقدم عن السفر بذريعة حضور ورش عمل ومؤتمرات والاطلاع على تجارب الدول الأخرى، وبأي معنى يفسر ماورد فى الخبر المنشور حول عدم استفادة العضو البلدي حين يزور دول أجنبية ليطلع على تجاربها وهو لا يتحدث اللغة الانجليزية ليكون مثل الأطرش في الزفة..!!

اذا وضعنا تلك النوعية من الوقائع والأخبار والتصريحات المنشورة فى الآونة الأخيرة فى صحافتنا المحلية الى جوار بعضها، وتمعنا فيما يمكن الخروج به من معانٍ، سنتيقن بان هناك أوجه خلل فى مجريات أمورنا، من فوق ومن تحت وعلى الهوامش والجوانب والدواخل، وباننا بحاجة الى اكبر قدر من الجدية والتوقف فوراً عن لفلفة او تمييع او استسهال أمور الناس والوطن، وكل مايشغلنا ويقلقنا ويربكنا ويشكل لنا كماً لا يستهان به من الهموم والهواجس التى جعلتنا منهكين ومنهمكين فى الشكليات والغوغائيات والتقيحات التى لم تمتد اليها يد بالتطهير والعلاج، الأمر الذى يكاد ان يجعلنا على ثقة باننا لا نعرف على وجه الدقة والتحديد الى اين نحن سائرون، لنجعل الأمور ستسير دوماً بالبركة.

نتمنى ان نكون مخطئين فى الخلاصة، لكننا نقرأ فى وقائع محددة، وفى كثير غيرها تتداولها الالسن، وفى المجالس وعبر مواقع التواصل، والخلاصة فى اصلها ومنتهاها لكم..!!



9 يونيو 2015 

اقرأ المزيد

هل ماتت الحداثة العربية؟

هل سيكون تعسفاً القول إن الحداثة العربية ماتت، ليس لمصلحة ما بعدها، كما يقول منظرو ما بعد الحداثة في الغرب، وإنما بالارتداد لما قبلها حكماً من راهن الوضع العربي، المتشظي، والدامي؟ 


يمكن لسائل أن يذهب بالسؤال أقاصيه فيقول: هل كانت لدينا، أصلاً، حداثة كي نتحدث عن موتها؟ أم أن ما خلناه حداثة لم يكن سوى مشاريع للتحديث، ناقصة في الأغلب، سرعان ما تقهقرت أمام الطوفان الآتي من الماضي الذي لم تقو هذه المحاولات التحديثية عليه، لأنها لم تمتلك في الأصل خطط تقويض أسبابه، فلم تنتفِ أو تنتهِ، وإنما فقط توارت إلى الخلف، منتظرة لحظة العودة.


لماذا حافظت ديناميكية التجديد التي أطلقها كمال أتاتورك في تركيا على قوتها؟ رغم أن البلد يحكم منذ عقود من قبل «حزب إسلامي»، اضطر هو لتكييف مفرداته وأدائه لتلائم تلك الديناميكية، كي يضمن لنفسه البقاء في الحكم، وليس العكس، أي أن يسعى للمساس بمرتكزاتها الراسخة، وحين حاول ذلك، ولو بشكل ناعم وخفي، أتته الرسالة واضحة في نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة التي أفقدته الأغلبية التي كان يسعى من خلالها المضي في محاولاته تلك.


أسئلة كثيرة تتفرع عن هذا السؤال: أين هو المشروع التحديثي لمحمد علي باشا الذي كان رائداً وطليعياً لدرجة أن اليابان بعثت في حينه وفداً لمصر كي يدرس التجربة المصرية ويحاول الاستفادة منها في نهضة اليابان؟ واستطراداً أيضاً: ماذا بقي من التحديث الذي رفعت التجربة الناصرية لواءه، والذي جعل لمصر شأناً كبيراً في دوائر ثلاث: عربية وإفريقية و«عالمثالثية»، إذا ما تذكرنا حركة الحياد الإيجابي وعدم الانحياز؟


وخطر في بالي خاطر: أيكون تميز التجربة التونسية الراهنة، التي آلت إلى صورة من صور التعايش، الذي لا يزال قيد التجربة على كل حال، بين الإرث البورقيبي وحركة النهضة الإسلامية، عائداً إلى وجود شبه لدرجةٍ ما بين التحديث البورقيبي وتحديث كمال أتاتورك؟ وهو شَبه جرى الحديث عنه كثيراً، رغم أن بورقيبة لم يبلغ الراديكالية التي بلغها أتاتورك، وإنما سعى لتوفيقية معتدلة، من دون أن يخفي تأثره وإعجابه بالتجربة الأتاتوركية؟


يمكن أن نترك حيزاً للتفاؤل، فنقول إن ما نشهده حالياً من ترديات على الصعيد العربي انتكاسة مؤقتة، سننهض منها رغم فداحتها، وقد استفدنا من تجاربها، لكن الضارب في العمق من المؤشرات يقول شيئاً آخر. 
اقرأ المزيد

تدمير الدولة العربية

حدود الدول الوطنية العربية الحالية، التي رسمت بعد الحرب العالمية الثانية، أرادها مهندسو «سايكس- بيكو» أن تكون احتواء لتطلعات العرب حينها لا في الاستقلال وحده، وإنما أيضاً في الوحدة. وأياً كان الأمر، فبالقياس للمآلات الراهنة لتحولات الوضع السياسي في عالمنا العربي، كانت الدولة الوطنية، أو القُطرية كما تسمى، خياراً أفضل، كونه أتاح فرصاً لتأسيس كيانات الدولة الحديثة محل السياق السابق للدولة، وهو السياق الذي تجري العودة إليه قسراً بعد تصدع بنية الدولة في بلدان محورية مثل سوريا والعراق وليبيا واليمن. حين تنهار الدولة المركزية تحل مكانها، بصورة تلقائية، المكونات السابقة لها من قبائل وعشائر وطوائف.


يحملنا هذا على القول إن العرب أخفقوا، في حدود ما نحن شهود عليه من حروب وتمزقات، في بناء الدولة الحديثة، أو في أقلها أن يجعلوا من هذه الدولة قابلة للبقاء، عبر تطويرها لتصبح دولة مدنية حديثة وديمقراطية، بحيث تؤمن آليات تداول السلطة فيها التغلب على الهزات والخضات السياسية والاجتماعية، كما هو شأن الدول الأخرى في العالم.


لكن مسؤولية العرب هذه عن المصائر الصعبة لما وجدوا أنفسهم فيه من كيانات – دول، لا ينبغي أن تحجب عن الأعين مسؤولية من هندسوا حدود هذه الدول أول مرة، بتمزيق خريطة المنطقة بشكل يمكن وصفه بالعشوائي، لولا إدراكنا لحقيقة أن هؤلاء المهندسين لحدود الدول كانوا يدركون أن هذه الحدود قنابل موقوتة، ستنفجر آجلاً أو عاجلاً، وهذا ما يحدث في أكثر من مكان اليوم.


أعاق الغرب مساعي شعوب المنطقة وتطلعاتها في بناء دول مدنية بحق، لأن همه كان استمرار تأمين مصالحه في السطو على ثروات المنطقة، وتمكين «إسرائيل»، الذي نظر إلى «أمنها» بوصفه حجر الزاوية في كل الاستراتيجيات الغربية الموجهة للعالم العربي.


في استثناء يكاد يكون وحيداً وجه رئيس الوزراء الإيطالي السابق سيلفيو بيرلسكوني عام 2008 اعتذاراً لليبيا عن الحكم الاستعماري الإيطالي لها . لكنه الاستثناء الذي أكد القاعدة، فالاعتذار لم يكن إلا نفاقاً غايته إعطاء إيطاليا أفضلية في حصص النفط الليبي. وما هي إلا سنوات حتى كانت إيطاليا طرفاً في حرب «الناتو» التي تزعمها الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي لتدمير الدولة الليبية بحجة دعم ما زُعم أنه ثورة، لتصبح ليبيا أرضاً مستباحة للميليشيات والجماعات التكفيرية، شأنها في ذلك شأن العراق وسوريا وغيرهما.
اقرأ المزيد