المنشور

تحت شعار “نحو نهج يحمى حقوق المواطنين ويستنهض الحياة السياسية” المنبر التقدمى يعقد مؤتمره العام الجمعة المقبل وينتخب قيادة جديدة من بين 35 مرشحاً

يعقد المؤتمر العام الثامن للمنبر التقدمي يوم الجمعة المقبل الموافق 5 أبريل الجاري بجمعية المهندسين البحرينية تحت شعار “نحو نهج يحمي حقوق المواطنين ويستنهض الحياة السياسية”، ويتضمن جدول أعمال المؤتمر مناقشة وإقرار التقارير المقدمة من المكتب السياسي وانتخاب قيادة جديدة للتقدمي للدورة الجديدة المقبلة.

وكان المكتب السياسي للمنبر التقدمى قد عقد مساء يوم السبت 30 مارس اجتماعه الأخير فى الدورة الحالية برئاسة الأمين العام خليل يوسف، وبحث الترتيبات النهائية للمؤتمر العام وما أنجزته لجنة الإعداد للمؤتمر، وأبدى المكتب السياسي ارتياحه لهذه الترتيبات، ولعدد المترشحين لعضوية اللجنة المركزية والذى بلغ 35 مرشحاً لانتخاب 25 منهم للسنوات الثلاث المقبلة ينتخبون لاحقاً رئيس وأعضاء المكتب السياسي الجديد.

وأكد المكتب السياسي على حرص التقدمى والتزامه الثابت منذ تأسيسه على الممارسة الديمقراطية فى جميع هياكله، والتزامه للاستحقاق الديمقراطي وفق نظامه الأساسي، وأحقية جميع أعضاءه فى الترشح والانتخاب لهياكله القيادية تعزيزاً لدوره الوطنى والسياسي، ويرى بأن هذا التنافس الإيجابي يعكس حرص أعضاء التقدمي على تكريس النهج الديمقراطي فى الترشح والانتخاب والدفع بمسيرته خلال السنوات المقبلة من منطلق الإدراك الواعي السياسي والوطنى بالمهام والمسؤوليات والاستحقاقات المنتظرة فى الفترة القادمة.

وأشار الأمين العام إلى أن “التقدمي” استطاع رغم كل الظروف المعيقة التى أحاطت بالعمل السياسي أن يثبت حضوراً فى ساحة العمل الوطنى، معرباً عن ثقته فى أن المكتب السياسي الجديد سيبدي كل الحرص والاهتمام على ما يعزز هذا الحضور في الفترة المقبلة خاصة بعد فوز اثنين من أعضاءه فى الانتخابات البرلمانية من قائمة “تقدم”.

ومن جهة أخرى أكد الأمين العام بأن “التقدمى” كان ولازال وسيظل حريصاً على علاقاته مع قوى التيار الوطنى التقدمي والشخصيات الوطنية، وشدد بأن التقدمي سيكون أحرص على استمرارية هذه العلاقات والروابط وتقويتها خاصة وأنه يعتبر ركيزة من ركائز هذه القوى وحراكها الوطنى، وبأنه يدرك أهمية تضافر جهود كل القوى الوطنية فى المرحلة المقبلة، خاصة وأن هذه المرحلة تتطلب التعاون والتنسيق والعمل المشترك إزاء الملفات والقضايا التى تهم المواطن البحرينى.

31 مارس 2019

اقرأ المزيد

المنبر التقدمي ينظم المنتدى الفكري السنوي الخامس ويفتتح معرض الكتب المستعملة

جرياً على تقليده السنوي وللمرة الخامسة على التوالي؛ ينظم المنبر التقدمي في مملكة البحرين المنتدى الفكري السنوي الخامس، الذي سينعقد هذا العام تحت عنوان: “بلدان الخليج العربي – رؤى مستقبلية”، بمشاركة وحضور واسع لباحثين ومهتمين ومتابعين للشأن العام من البحرين ودول خليجية شقيقة.
يفتتح المنتدى الذي ينعقد، كالمعتاد، لمدة يوم واحد عند الساعة التاسعة من صباح الجمعة القادم الموافق 15 مارس الجاري في قاعة جلجامش بفندق جولدن توليب بالمنامة، بكلمة ترحيبية من الأمين العام للمنبر التقدمي الأستاذ خليل يوسف، ويناقش على مدار جلستين، تتخللهما استراحة قصيرة رؤى تتصل بمستقبل بلدان المنطقة.
تُقدّم في الجلسة الأولى ورقتان تعرضان رؤية اجتماعية – سياسية مستقبلية لكل من الباحثة المحامية بسمة بنت مبارك الكيومي من سلطنة عمان الشقيقة، والباحث البحريني الأستاذ غسان الشهابي، ويرأس الجلسة د. حسن مدن.
أما في الجلسة الثانية فتقدّم ورقتان تتناولان الرؤية الاقتصادية لمستقبل بلدان المنطقة، يقدمهما كل من الباحثين الاقتصاديين د. محمد الكويتي ود. محمد الصيّاد من مملكة البحرين، ويرأس الجلسة الأستاذ محمد غازي العنزي من دولة الكويت الشقيقة.
يذكر أن المنتدى ناقش في الأعوام السابقة قضايا مهمة في الشأن الخليجي، بينها العلاقة بين الدولة والبنى الاقتصادية، وخصائص التطور الاجتماعي – الاقتصادي، والتركيب الطبقي – الاجتماعي في بلدان المنطقة وغيرها، من قبل باحثين مرموقين من البحرين والكويت وسلطنة عمان ودولة الإمارات.
ويحرص المنبر التقدمي على طباعة ونشر هذه الأوراق في كتب تُشَّكل اليوم مرجعاً للباحثين والمهتمين والناشطين السياسيين.
يذكر أنه يصاحب عقد المنتدى افتتاح المعرض السنوي للكتب المستعملة، والذي سيستمر حتى نهاية إبريل القادم في مقر “التقدمي” بمدينة عيسى، وتعرض فيه كتب في مختلف مجالات الإبداع والمعرفة: الأدب والتاريخ والاقتصاد وعلم الاجتماع والسياسة وغيرها من حقول، ويحظى بإقبال من قبل المهتمين بالكتب والقراءة من مختلف الأجيال.

اقرأ المزيد

يستعد لعقد مؤتمره العام الثامن – التقدمي: انتفاضة مارس 1965جسدت الوحدة الوطنية لشعبنا

عقدت اللجنة المركزية للمنبر التقدمي مساء يوم الثلاثاء 5 مارس 2019 اجتماعها الاعتيادي برئاسة الرفيق خليل يوسف الأمين العام، حيث ناقشت وتابعت التحضيرات للمؤتمر العام الثامن المزمع عقده في أبريل القادم، الذي يسعى “التقدمي” لأن يكون محطة انطلاق أخرى في مسيرته في العمل من أجل الدفاع عن قضايا ومطالب المواطنين، خاصة مع تردي الوضع المعيشي وتزايد المصاعب الاقتصادية، وفي سبيل الحفاظ على ما هو متاح من حياة سياسية، والعمل الدؤوب من أجل تطويرها واستعادة ما فقد من مكاسب جاء بها ميثاق العمل الوطني.
ويأمل “التقدمي” بأن يكون أداء أعضاء مجلس النواب في مستوى التحديات التي تواجه شعبنا بالاخص بعد الاخفاقات التي منيت بها الحكومة في السنوات الماضية مما جعلها تنفذ كل وصفات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، حيث تمثل أمام مجلس النواب العديد من الملفات الهامة التي يتطلب إنجازها في هذا الفصل التشريعي الخامس.
ودعت اللجنة المركزية جميع أعضاء “التقدمي” إلى بذل كل ما في وسعهم من أجل إنجاح أعمال المؤتمر العام الثامن، والمشاركة في أعماله بفعالية، والحرص على أن يخرج بالمرجو من النتائج التي تطور من نشاطنا ودورنا في المرحلة المقبلة.
وتوقفت اللجنة المركزية أمام الذكرى ال 54 لانتفاضة مارس 1965 التي تمر هذه الأيام، مستحضرة الدروس المهمة التي أكدّتها هذه الانتفاضة المجيدة، التي انطلقت شرارتها الأولى عندما أقدمت شركة بابكو على فصل مجموعة من العمال وصل عددهم إلى 1500 عامل، حيث انتفضت الجماهير في قرى ومدن البحرين رافضة لهذا القرار التعسفي، ولمجمل سياسة المستعمرين البريطانيين.
وقدّم شعبنا في الانتفاضة كوكبة من الشهداء الذين سقطوا برصاص المستعمرين، واكتظت السجون بالمشاركين في المسيرات والاحتجاجات التي وحدّت جماهير شعبنا وحركته الوطنية في مختلف مناطق البحرين، واستمرّ زخمها عدة شهور، رافعة شعارات طرد الاستعمار البريطاني من بلادنا، ومطالبة بالحرية والاستقلال الوطني والتقدم الاجتماعي والديمقراطية، وكان للتنظيمات الوطنية المناضلة بشكل سري دور مشهود في قيادة وتوجيه الانتفاضة.
وأكدّت اللجنة المركزية أن شعبنا وبلدنا، وفي الظروف الصعبة التي مررنا بها خلال السنوات الماضية وما نزال، في أمسّ الحاجة لاستلهام دروس هذه الانتفاضة في وحدة الشعب بكافة مكوناته حول أهداف نضالية مشتركة، وفي وجود قيادة وطنية عابرة للطوائف في قيادة الحراك الوطني والمطلبي.

اللجنة المركزية للمنبر التقدمي
7 مارس 2019

اقرأ المزيد

بمناسبة اليوم العالمي للمرأة قطاع المرأة بـ “التقدمي”: المرأة البحرينية لا زالت تواجه الكثير من التحديات تحية للمرأة العربية في نضالها وعلى رأسها المرأة الفلسطينية

تحتفل البشرية وقوى السلام والمحبة للحياة والتقدم في كل بلدان العالم باليوم العالمي للمرأة في الثامن من مارس كيوم عالمي للتضامن مع النساء والنضال من اجل انتزاع حقوقهن المتساوية في المجتمع والاسرة والقانون، وفي العيش الكريم والعدالة الاجتماعية القائمة على مبدأ المواطنة المتساوية وعدم التمييز.
وبهذه المناسبة يتوجه قطاع المرأة بالمنبر التقدمي إلى جميع المناضلات والناشطات في إطار الحركة النسائية البحرينية وإلى جميع نساء العالم بالتحية والتقدير ويحي نضالهن من أجل التغيير والمساواة والتقدم.
أن المرأة البحرينية كانت ولازالت تواصل التحدي والتصدي لكل ما يعيق تحررها وخلاصها من العادات والتقاليد منذ الخمسينيات وتناضل من اجل النهوض بواقعها وواقع الطفل والأسرة.
ويرى القطاع ان ما تحقق اليوم من قوانين وتشريعات إذا ما قيست بحجم المطالب والتحديات التي لازالت تعيق تقدم المرأة، تعد غير كافية حيث تشوبها الكثير من النواقص كما هو في الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان واتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة واتفاقية حقوق الطفل وتحقق المساواة الفعلية والقانونية وتوفر الحماية للمرأة مما يتيح للنساء والرجال التمتع بذات الحقوق والواجبات، وتعديل قانون الجنسية وإعطاء المرأة حقوقا متساوية مع الرجل خاصة فيما يتعلق بمنح جنسيتها لأطفالها إذا تزوجت بمن يحمل غير جنسيتها، وتعديل قوانين الانتخاب باتجاه إقرار حق الحصة (الكوتا) المرحلية والمؤقتة بنسبة 30% للمرأة وصولاً إلى المناصفة داخل مراكز صنع القرار السياسي وفي مؤسسات الدولة والمجلس النيابي. والعمل على إجراء تعديل في المناهج الدراسية والبرامج التربوية، خاصة في مراحل التعليم الاساسي والثانوي من أجل تغيير الصورة النمطية للمرأة وإدماج دورها في صلب تلك المناهج، والعمل على تغيير الكتب المدرسية بعد دراسة معمقة لما يجب أن تحتويه من نصوص وصور تؤكد على المساواة بين الجنسين، والعمل على تعديل قانون العمل في المساواة بين المرأة والرجل في مواقع صنع القرار الاقتصادي، وعدم التمييز في العمل على أساس الجنس او العقيدة او المذهب والتصديق على الاتفاقيات التي تختص بحقوق المرأة العاملة. وتنقيح قانون العقوبات وإلغاء المادة 353 من القانون التي تشجع سياسة الافلات من العقاب وتحمي مرتكب الاغتصاب وتلغي عقوبته في حال زواجه منها.
ويؤكد قطاع المرأة بالمنبر التقدمي بان المرأة البحرينية مازالت تواجه الكثير من التحديات كالبطالة والتهميش والإقصاء وعدم تكافؤ الفرص والتضييق على خلفية أراءها السياسية وانتماءاتها المذهبية. وشدد القطاع على ضرورة الاحترام التام لمبادئ حقوق الانسان والمواثيق الدولية التي صادقت عليها مملكة البحرين.
ويتعهد القطاع بمواصلة العمل في تحقيق هذه المطالب من أجل ضمان الحماية القانونية للنساء وإلى مناهضة كافة أشكال العنف ضد النساء وصولا إلى المساواة التامة.
ويستنكر قطاع المرأة بـ “التقدمي” وبشدة كل أشكال العنف والانتهاكات التي تتعرض لها النساء، ويعبر عن تضامنه مع كل من يتعرض من النساء إلى العنف بكل أشكاله. ويدعو المجلس التشريعي البحريني إلى تبني التشريعات القانونية المناسبة لضمان كرامة المرأة وحمايتها من الانتهاك والتمييز والعنف.
تحية للمرأة العربية في نضالها وعلى رأسها المرأة الفلسطينية تحت الاحتلال الصهيوني وانخراطها في عملية النضال اليومي في الميدان وفي المعتقلات من أجل الاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية، وعاصمتها القدس الشريف.
تحية حب وأجلال للنساء الناشطات في مجال حماية حقوق المرأة البحرينية والعالمية.

7 مارس 2019

اقرأ المزيد

صناعة الازدواجية ضد كائن الأنثى المستتر إلى الأبد

تسمع أصواتاً مألوفة لمجلس عزاء في طريق ما.. يسأل رفيقي عن المتوفى، فيجيبه أحدهم باقتضاب: “مرا”! قاصداً في إجابته “أنثى”، نكرة، حسب اللغة العربية التي تعتبر كل اسم شائع في جنسه لا يختص به واحد دون الآخر. وبينما تقال لفظة “مرا” المستمدة من “المرأة” في مناطقنا، تصير مستهجنة في بعض الدول العربية، فتأخذ شكلاً من أشكال الشتيمة التي تستهدف من خلالها الأم، أو الأخت، أو حتى الزوجة، في مرادفة تعني الحط من قدر المقصود، للارتباط الشَّرطي المباشر والصريح بين “الشرف” والأنثى.
وهذا الحرص في إخفاء اسم المتوفية عن عابر مار، مثل رفيقي، لم يكن صدفة مرتجلة، بل حتى في إعلانات التعزية التي تتصدر وسائل الإعلام والتبليغ عن متوفى ما، سيكون ذكر الاسم كاملاً، مع بيان مركزه الوظيفي أو الاجتماعي، وكتابة أسماء أولاده الذكور، وسيكون الإعلان فخماً وذا سند لو أقرن هذا بوظائف يعتبرها المجتمع “راقية” ترفع من شأن المتوفى ونتاجه الذكوري الفاخر! أما إذا كانت أنثى، فيمكن أن يظهر اسمها الكامل على اعتبار أنها زوجة “ياء”، ووالدة “ألف” و”ميم” و”طاء”! .
وفي الحالات التي -قطعاً- لا إحصاءات لها، لكنها الغالبة في هذا المشهد الذي تطالعنا به الصحف اليومية، أشدها مرارة تلك التي تكتب أنها أرملة الراحل فلان –الذي يذكر اسمه بالكامل- بتفاصيله السابقة أو الحالية إذا كان على قيد الحياة، في ازدواجية مستغربة تظهر بأشكال اعتدنا عليها، وسيُكتب في الإعلان أيضاً أولادها من الذكور فقط، مع تذييلهم بمراكزهم الوظيفية -إن كانت تدعو لتفاخر لا مكان ولا مناسبة له في الإعلان!
التعزية قد تكون النهاية الحزينة لمخلوقة كُتب عليها أن تكون بلا اسم معظم أوقات حياتها، لكن في هذه الحياة عاشت بنت فلان منسوبة لأبيها، أو أخيها، أو زوجها، وإذا أنجبت بكرها بنتاً فلن تنادى باسمها قطعاً، وسينتظر الجميع أن يأتي الذكر لتنادى به، ويفخر والده بالجملة العبثية في أن “يحمل اسم والده”، وكأن الأنثى لن تفعل هذا له، كونها أقدمت على الزواج من آخر سيفرح أهله أيضاً بإنجابه من سيحمل اسمه. وبذريعة الاحترام المقبولة أيضاً، تُنادى النساء باسم الابن البكر، حفظاً للمقامات الاجتماعية، وكذلك فرق السن؛ الذي سيجعل من الاسم المجرد أسلوب مناداة قليل التهذيب. وهكذا تدور دائرة المجتمع المسكون بالأعراف والمحكوم به، والإناث اللاتي تلدن الإناث والذكور، لتدخلن في ذات الدائرة من تلقين ما يعتقدون، وممارسة نفس الوحشية والإجحاف، وهو ما يعني -ضمنياً- التشييء والتمييز العنصري الذي مورس عليهن.
في الوقت الذي تخضع فيه الأنثى، منذ زمن بعيد، لاختبارات في الحياة لا تتعلق إلا بالنوع الاجتماعي (الجندر)، منذ الوأد وقبله، وكل ما شملته هذه المرحلة من استلاب واستضعاف. أما بعده، فهو فصل آخر طويل، لا يزال مستمراً، رغم كل محاولات المجتمع المتحضرة والمصدرة لأفكار تقدمية، وحداثة تمارس بشكل فاعل، مساير لحقوق الإنسان، وضماناً للالتحاق بالسبق الدولي في هذا الشأن. وللحق؛ فإن انتصار هذه القوانين قد أعطى الأنثى حقوقاً كانت في السابق تقع في خانة المستحيل والطموح والتمرد، وأمست منذ وقت غير قصير، تعمل وتختار شريكها، وتستقل مادياً، ولها حقوق وواجبات المواطن -مع الأخذ بالاعتبار بعض المعايير-.
لكن فوهة الأعراف غير معروفة المصدر تطلق الأحكام لمدد تصل إلى عمر كامل، وتدخل في تفاصيل غير مفهومة من الناحية المنطقية. فكيف لحياة إنسان أن تكون على هيئة Hide، كما في الحاسب الآلي، التي تختفي متى ما أراد صاحبها رغم حاجته إليها؟ ولماذا الأنثى هشة؟ لِمَ هي نقطة ضعف عائلتها؟ لِمَ الشرف ينسب إليها؟ لِمَ يقع عليها العبء الأكبر في سمعة العائلة؟ لِمَ الشتائم الذكورية -تحديداً- مؤلمة، ومتصلة بالكرامة، ومحفزة للغضب الشديد، حين تتصل بنساء البيت؟ هل هي أسئلة بدائية يفترض أن صلاحيتها انتهت منذ وقت بعيد؟ لِمَ لا زلنا نخضعها مِراراً لمقياس الحياة التي يختارها مجتمعها لها، بمعاييره، وشروطه المتغيرة؟
ولا حاجة أن نعود إلى التاريخ الإسلامي أو غيره، الذي يتخذه البعض حجة رديئة لمثل هذه الممارسات. فالديانات -عموماً- تذكر الأسماء صريحة، ولن نعاود تكرار ما بحث فيه آخرون، وبما مفاده أن الدين في قوانينه لم تتقاطع مع هذه المسألة. لكننا نرى أحكام الدين تخرج على هيئة فتاوى وردود “شرعية” لأسئلة تميل إلى سذاجتها، وتنمُّ عن اتكالية السائل، مثل تلك التي بعثت تستفسر عن “إخفائها” لاسمها في كثير من الأحيان، وتسأل إن كان يعد هذا من الكذب؟! فيجيبها بما يعزز الإخفاء، مع التنويه ألا يتضمن إسقاط حق لأحد، ولا ظلم أحد.. وفاتَه أن يذكر لها أنها تظلم نفسها!
ويسوق الكاتب المسرحي هوشنك وزيري فكرة “النكرة” في مسرحية “فلانة” البطلة، التي لا يُعرف لها اسم طول العرض، والتي أدتها آلاء نجم باقتدار كبير، في التعريف عن نفسها لجمهور تخاطبه بشكل مباشر. “أنا اسمي فلانة. نعم فلانة. هذا اسمي، أبي أسماني فلانة، وزوجي كان ینادیني فلانة. ولماذا تستغرب؟ إنه اسم كبقیة أسماء خلق لله. یقال بأنه كان لي اسم آخر، لكنني لم أهتم كثیراً. (تقترب من الطاولة) لیش تضحك؟ إي شو یعني؟ أي أصلاً كان أبي ینادي نسوة البیت كلهن بفلانة. تعالي یا فلانة، روحي یا فلانة، خذي یا فلانة، جیبي یا فلانة، أسرعي یا فلانة، تعالي هنا بسرعة یا فلانة”. فكرة فنتازية متصلة بواقع فلانة/الأنثى، التي عبَّرت عن بقية الشقيقات، والأم، والدائرة الكبيرة خارج هذا النص المسرحي من جهة، وبوجود الأب “باسم قهار”، الذي نطق بضع جمل محدودة ونموذجية للغاية، بنبرة صوت مدروسة ومقتبسة من الواقع، جعلت من شخصيته مرجعاً لكل مونولوجات “فلانة”، وسبباً رئيسياً للانتكاسات في حياتها.
كما أن وجود ممثل آخر صامت طوال العرض، هو “عمر ضياء الدين”، عبَّر عن وجود الذكر المادي، دون أن يكون ذا أثر فاعل في الحياة. فلا ارتباط بينه وبين الحدث أو الحوارات في العرض المسرحي، إلا ببعض الحركة والضبط الإيقاعي. ولعل من المهم الإشارة إلى أن هذا العمل قائم على يد اثنين من الذكور؛ هما المؤلف وزيري، والمخرج حاتم عودة، وليس كما جرت العادة أن تكون مثل هذه العروض نسائية/نسوية، وهو ما يفسر تلقائياً بالصلة المباشرة بين المشكلة أو الحدث المستعرض وبين “القائمات” عليه، كتعبير حي عن المعاناة. لكن مصدر قوة عرض “فلانة” نابع من ذكورته المحايدة، والمجانبة لواقع مر تعاني منه نساء كثيرات في الشرق والغرب أيضاً.
ومهما كتبت الأقلام وكررت في هذا الموضوع أو غيره، مما يصب في دائرة النسوية التي يرتكز جلها على اضطهاد الإناث -ولو بشكل ضمني غير مباشر- لن يصل للوصف الحقيقي الواقعي، ليس فقط في المجتمعات الصغيرة الواقعة ضمن نسيج اجتماعي يُحكم بالعادات والتقاليد التي يعتقد لمن يمارسها امتدادها الديني “المتخيل”، بل يمكن أن تمتد للنشاط الاجتماعي والسياسي المعلن، كما حصل قبل عامين أو أكثر، في توجه بعض القوائم الانتخابية في بلد عربي لانتخاب مجالس محلية، فتم شطب أسماء وصور المرشحات، واستبدالها وإلحاقها باسم الأب أو الزوج! فإذا كان النشاط العام يؤيد هضم حقها، وتقليل حجم حضورها وأهميته، فهل يُلام الأفراد إن سلكوا ذات النهج؟
إن الحديث عن تحمُّل الأنثى كل المسئولية المرتبطة بأنوثتها بالشكل السلبي الآنف، يحمل في ثناياه جوانب إيجابية لا تُعد. فجنس الأنثى مرتبط على الدوام بالجانب اللطيف و”الناعم” من الحياة، كما وجود الذكر الذي يحقق معادلة سوية. أما مسألة تفريغ الإناث من أسمائهن، فصار وقت مقاومته والقضاء عليه، رغم أن هذا الوقت لم يكن موجوداً بتوازنه الصحيح والمطلوب على مر الزمن! ومهما كانت الآراء المتباينة حول أغراض المتنبي من كتابة الشعر، فلن يختلف أحد على فصاحته وحسن تعبيره -في المجمل- وحين رثى إحدى قريبات سيف الدين الحمداني بشعر، قارب فيه معنى إخفاء الاسم:
فما التأنيثُ لاسمِ الشمسِ عيبٌ
ولا التذكيرُ فخرٌ للهلالِ
فمتى -أيها العرف- متى تكفُّ أذاك عن نون النسوة؟

اقرأ المزيد

تهميش العمالة الوطنية

من بين التوصيات التي صدرت عن ورشة العمل المقارنة بين قانوني العمل لسنة 1976 و2012 التي أقامها المنبر التقدمي قبل عدة أعوام باشراف محامين قديرين من كفاءات “التقدمي” ضرورة التأكيد على إعادة المادة رقم 13 والتي يتضمنها قانون العمل لعام 1976 والتي الغيت من قانون العمل 2012، وتتعلق هذه المادة بالبحرنة وإعطاء الأولوية في العمل والتوظيف للعمالة الوطنية، ومن التوصيات أيضاً إعطاء الأولوية للعمالة الأجنبية حين تنشأ ضرورات للتسريح، للحفاظ على العمالة الوطنية.
ما تشهده الساحة اليوم هو ميل شركات ومؤسسات خاصة، لا بل القطاع العام نفسه إلى عدم إعطاء أولوية التوظيف للمواطن، ومثال ذلك ما يدور من حديث عن جعل العمالة الاسيوية طاغية في مطار البحرين الدولي وغيره من الشركات والمؤسسات.
وهكذا نجد أن إلغاء المادة 13 من قانون العمل لعام 2012 أدى إلى زيادة البطالة في البحرين جراء التوظيف المستمر للعمالة الأجنبية في القطاعين العام بدون رادع ، وبشكل منافٍ لما جاء في دستور مملكة البحرين وفي ميثاق العمل الوطني اللذين يؤكدان على ضرورة أحقية المواطن البحريني في حصوله على العمل والوظيفة لما تقتضيه الكرامة ويستوجبه الخير العام وأيضاً لكل مواطن الحق في العمل وفي اختيار نوعه وفقاً للنظام العام.
في هذا المجال نحيي جهود رفاقنا في كتلة “تقدّم” البرلمانية في تحركهم الحثيث للدفاع عن العمالة الوطنية والبحث في حلحلة بعض المفاصل التي تعترض توظيف العمالة الوطنية بحجج وهمية، كما هو الحال مع خريجي كليات الطب من الجامعات الصينية وغيرهم من العاطلين، والذي ينجم عنه تفاقم معاناة الآلاف من الأسر البحرينية وزيادة الفقر في البحرين.
والحق أن من أسباب هذا التمادي في تهميش العمالة الوطنية وضع الحركة النقابية الضعيفة والمتفككة وفقدانها لخطة واضحة للدفاع عن مصالح الطبقة العاملة الوطنية، خاصة مع الخلافات العميقة داخلها بعد تغلغل مظاهر الانتهازية في قلب الحركة النقابية وتقسيمها على شكل طائفي، بعد احداث عام 2011 والابتعاد عن شعار الوحدة النقابية والعمالية الذي كان الضمان لقوة الحركة النقابية، مما سهّل تمادي بعض القوى النافذة التي تستفيد من جلب العمالة الأجنبية بشكل عشوائي وبدون مراعاة لخطر البطالة.

اقرأ المزيد

جاسم مراد

ما أقسى ان نتحدث عن إنسان عزيز بصيغة الماضي، وما أصعب أن نستعرض مآثر وخصال ومواقف وتاريخ رجل لا يذكر الناس اسمه إلا مشفوعاً بالاحترام والتقدير، رجل له مكانة خاصة فى قلوب البحرينيين، وكل من عرفه من غير البحرينيين .

انه جاسم مراد الذى ودّعته البحرين مؤخراً إلى رحلته الأخيرة.

رحل فى زمن تزداد فيه الحاجة إلى أمثاله، وطنى مخلص، ولبيرالى مستنير، حياته كانت مليئة بالثمرات والإنجازات، لم يعرف عنه سوى أنه ينطق بالحق، والرأي الحر، والموقف الوطنى الجريء، والرفض الحازم للتحزب المذهبي والطائفي.

كان قوياً بتواضعه، يشيع أنًى حل فضائل الألفة والمودة، ويعرف ذلك من عاصره أو تابعه حين انتخب فى عام 1972 فى المجلس التأسيسي، المجلس الذى ناقش وأقرّ أول دستور للبلاد، كما فاز بجدارة فى انتخابات 1973 ليصبح عضواً في المجلس الوطنى، أول تجربة برلمانية فى البحرين، سلك طريق العمل البرلماني بشكل ارتبط بالإلتزام بالمسؤولية الوطنية.

من أقواله فى مقابلة صحفية نشرت فى 19 يوليو 2003 والتى تستحق وقفة تأمل: “نحن عبيد فى البلاد العربية لأننا لا نملك الحرية .. التيارات التى تحتضن الجهل بإسم الإسلام هى من تساعد الموساد ..الحكومات العربية تشترى أسلحة وتنفق عليها الأموال الضخمة ولا تنفق هذه الثروات على العلم الحديث، إننى احد الذين يحلمون بسعادة الوطن والشعب ولذلك ظللت ملتصقاً بالسياسة وبالقضايا الوطنية” .

أقوال تستحق فعلاً التأمل خاصة فى زمن الانكسار هذا، رحيله كان مؤلما فى نفوس الجميع، رحل فى وقت نحن بحاجة إليه وإلى أمثاله، ومن كانت له محبة الناس كجاسم مراد حقّت له الأوسمة.

اقرأ المزيد

ضد التطبيع

في الوقت الذي يجري فيه تسريب معلومات، لا تنقصها الصدقية والجدية، عن اتصالات سرية بين طهران وواشنطن، يقال إن علي ولايتي مستشار خامنئي للشؤون الخارجية هو من يمثل إيران فيها، ولا أحد يعلم ما الذي يمكن أن تفضي إليه مثل هذه الإتصالات، إن صحّ أمرها، من تفاهمات أمريكية – إيرانية، تسعى إدارة ترامب لإيهام بعض الدول العربية المتضررة من السياسات الإيرانية في المنطقة، أنها ستدخل معها في حلف ضد إيران بهدف عزلها وإسقاط النظام القائم فيها.
ولا ينفصل هذا الإيهام عن الخطاب المعلن لترامب منذ حملته الانتخابية بابتزاز دول الخليج العربي مالياً بحجة حمايتها، وهو ابتزاز ما زال يكرّره بشكل فج ومهين، والغاية واضحة، وهي أن هذا الرجل يريد استنزاف ثروات بلداننا وضخّها في الخزانة الأمريكية لإنقاذ ما تعانيه بلاده من صعوبات اقتصادية، فيما هو في الحقيقة الأمر أبعد ما يكون عن فكرة مواجهة إيران عسكرياً.
في غمرة هذا “الكرنفال” كلّف ترامب صهره كوشنر بمهمة حشد عدد كبير من الدول، بينها الكثير من الدول العربية، بالإضافة إلى إسرائيل، لاجتماع في وارسو، جمع كبار المسؤولين العرب مع بنيامين نتاهيو، ومعه أجرى بعضهم لقاءات علنية وأخرى سرية.
والملاحظ أن الشأن الإيراني لم يكن حاضراً في هذا اللقاء إلا بشكل باهت، وجرى التمويه عليه بعبارات وعناوين فضفاضة كضمان الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، فيما بات واضحاً أن الغاية الحقيقية من هذا اللقاء لم تكن سوى وضع الجميع على سكة التطبيع العلني مع إسرائيل، لدرجة بلغت معها وقاحة بعض المحللين الإسرائيليين الذين يطلون كل مساء على الفضائيات الناطقة بالعربية حد السخرية من شعوبنا بالقول: إن حكامكم جميعاً موافقون على إقامة علاقات طبيعية معنا، ولا يهمنا إذا وافقتم أم لم توافقوا.
ورغم كل هذه الجرعة العالية من الوقاحة، فإنه أمر مفهوم أن يفكر الإسرائيليون بهذه الطريقة، لكن الذي لا يمكن قبوله أو السكوت عنه أن تفكر الحكومات العربية بالمنطق نفسه: “سنقيم التطبيع رغم إرادة شعوبنا”، وهي خطوة تنطوي على استفزاز كبير لكل المشاعر ولما استقرّ من مواقف في وجدان الناس، حول عدالة قضية الشعب الفلسطيني الشقيق الذي ما زال محروماً من أبسط حقوقه الشرعية، فكيف تكافىْ دولة الاحتلال بالتطبيع معها.
لقد قالها شعبنا البحريني بكل أطيافه، قبل اجتماع وارسو وبعده، وقالتها كل الشعوب العربية: لن نقبل بالتطبيع.

اقرأ المزيد

إنه الفساد، إنه الدمار الشامل

كتبتُ العام الماضي مقالاً استهللته بحكاية قديمة لصبي بحريني في الثالثة عشر من عمره وقد استيقظ قبل أخوته صباحاً على طرق على الباب. كان الوقت يوم جمعة من أيام السبعينيات؛ والهدوء يعمّ أرجاء البيت والكل نيام. فتح الباب فإذا الطارق جارتهم تحمل طبق “خبيصة” ساخناً وشهياً. استغل الصبي غياب اخوته فأكل ربع الطبق، ثم تذكّر أنهم جميعا نيام فأكل نصفه الثاني. تفقّد غرفهم مجدداً وتأكد من نومهم فالتهم الربع الثالث، ثم أيقن انه سوف يحاسب على فعلته وسيتعرض للتقريع والاتهام بالأنانية والسرقة التي ستبقى تلاحقه طوال عمره في حالة اكتشاف أمره فالتهم الطبق كله وخرج من البيت سريعا.
في الطريق تذكّر الصحن الخالي فعاد إلى البيت وغسله وأرجعه إلى الجارة التي رمقته بابتسامة لم يفطن إليها إلا بعد حين. إذ ليس من إعادة “التهادي” بين الجيران إرجاع الطبق خالياً في التقاليد البحرينية.
درسان مهمان في هذه الحكاية الطفولية، الأول: أن لا جريمة دون أدلة حتى وإن بدت بريئة وصغيرة ومخفية، والثاني أن أغلب الفاسدين يقولون: نحن أصحاب الحظ والحظوة والأولى بطبق “الخبيصة” دون غيرنا.
قبل فترة اطلعت على تقرير محاسبي أعدّه خبير منتدب من المحكمة للفصل بين عدد من الشركاء المدعين في إحدى مؤسسات القطاع الخاص. ذهب الشركاء إلى المحكمة “عمياني”، وليس بحوزتهم سوى عدد قليل من الأدلة ونسبة عالية من الشكوك والتوجسات حول أداء المؤسسة ومدى صدق مجلس ادارتها وادعاءاتهم المتكررة على مدى سنوات طويلة حول الخسائر وانعدام الربحية وتصاعد الديون وملامسة شفا الإفلاس، وكان السؤال البديهي الذي يطرحه أي طفل مبتدأ في درس التجارة هو: كيف لمؤسسة تخسر طوال هذه السنوات وتبقى صامدة؟
ومعلوم أن الفساد لكي ينجح ويحقق أهدافه في أي مؤسسة أو شركة خاصة أو عامة، يلزم توفير عدة عوامل أولها: تحويل المكان إلى مزرعة خاصة لا تضم إلا الأهل والمقربين وحفنة من المستفيدين للإبقاء على درجة عالية من السرية. ثانياً؛ الاعتماد على مدقق داخلي أمين على الفساد وخارجي يوقع على البيانات المالية دون نقاش أو مساءلة كي يضمن التجديد له عاما بعد عام، ثالثا؛ التخطيط المسبق لنهب المؤسسة منذ اليوم الأول لتأسيسها بالتدريج اعتماداً على غفلة أو نوم الشركاء أو خوفهم أو سكوتهم أو التواطؤ مع بعضهم عبر التهام أقسامها المربحة وتركها تعتاش على فتات ما يرد اليها من نسب وحصص عبر اتفاقات مجحفة مغفلة عن الشركاء على طريقة حكاية خبيصة الفساد السالفة الذكر، ففي الفساد ثمة عيون نائمة أو نصف مفتوحة أو متواطئة. ثالثاً؛ الدخول في أنشطة خارج نطاق أهداف المؤسسة وتمويل هذه الأنشطة بالسيولة المتوفرة واغفال تسجيل هذه المبالغ او ادراجها ضمن الديون المعدومة، رابعاً؛ إخفاء كل المعلومات المهمة عن الشركاء والاستعاضة عن ذلك بالكذب والتمويه والتضليل، الإمعان في كتابة تقارير مالية لا تتضمن أي تفاصيل، ابعاد أي فضولي أو “ملسون” أو مشكك أو متساءل عن عضوية مجالس ادراتها والتضييق عليه وعقد الاجتماعات دون علمه، وغيرها من أسباب.
والواقع إن ما سردته من أسباب يكاد يكون عاملاً مشتركاً في أغلب المؤسسات والشركات المتجذرة في الفساد، عامةَ كانت أو خاصة أو مشتركة بين العام والخاص، وهكذا ما أن يبدأ صفير الفساد في هذه المؤسسة او تلك، ويصبح الهمس الخافت عالي النبرة، وتتردد في الأصداء بعض تفاصيل ما يجري خلف الكواليس من تهديد بالتبليغ أو الشكوى إلى المحاكم أو لدى الأجهزة المختصة أو الصحافة، حتى يتحسس فرسان الفساد رؤوسهم محاولين انجاز آخر الصفقات المربحة والهرب أو الاختفاء، ذلك أن وسم انسان بالفساد أو الإرتشاء اعتماداً على استغلال منصبه أو نفوذه يظل يلاحقه عمره.
وإن نجا المرء منها اعتماداً على زمن الوفرة المالية والتساهل مع الفساد فقد لا يخدمه الزمن في وقت تراجع وانحسار المال وتوسّل كل الطرق لإعادة ما نهب وما تسبب فيه الفساد من دمار شامل على الجميع.
فهل ثمة مخرج لتفادي الفساد ؟ نعم، توجد مخارج عديدة، وأولها سرد وكشف حكايات الفساد وأسراره والنكبات التي تحل على المجتمع من استمراره ومن التساهل معه قانونياً وقضائياً وصحافياً ومجتمعياً. إنها صرخة لحفظ مجتمعاتنا من الأذى وتطهير ساحاتها من المفسدين المعرقلين للتنمية والاستدامة المالية قبل فوات الأوان.

اقرأ المزيد

نهج الضرائب وهواجس المواطنين

الحل هو في تشريع يحمي الطبقات والشرائح الأدنى دخلاً من تبعات الضرائب

تمّ إقرار قانون فرض القيمة المضافة من قبل مجلس النواب البحريني السابق في دور إنعقاد غير عادي وفي جلسة إستثنائية سرية بتاريخ 7 اكتوبر 2018 وفق مرسوم بقانون رقم (48) لسنة 2018 بإصدار قانون ضريبة القيمة المضافة الذي سبق وأن صدر وفق إرادة ملكية ونشر في الجريدة الرسمية العدد: 3387 – بتاريخ 6 أكتوبر 2018 ثم تبعه مصادقة مجلس الشورى وبذلك أصبح القانون نافداً، وحُدد موعد تنفيذه الاول من يناير 2019
قيل في حينه أن تطبيق الضريبة المضافة هو أحد الالتزامات الرئيسية بموجب برنامج الدعم الخليجي بضرورة الالتزام بتطبيق الاتفاقية التي وقعت عليها دول مجلس التعاون الخليجي والمصدق عليها بالمرسوم بقانون رقم 47 لسنة 2018، إلا أنها لم تطبق إلا من قبل المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية وتبتعها البحرين أخيراً، فضلاً عن سوق مبررات رسمية أخرى كالقول بأنها تهدف إلى تعزيز وتنويع الإيرادات المالية غير النفطية والتي كانت البحرين قد بدأتها بفرض الضرائب في ديسمبر 2017 حين بدأت بتطبيق الضريبة الإنتقائية، والتي شملت التبغ ومشتقاته والمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة، بنسب تتراوح بين 50 و100 في المئة.
وتعتبر ضريبة القيمة المضافة ضريبة غير مباشرة تفرض على معظم السلع والخدمات التي يتم شراؤها وبيعها من تاجر التجزئة للمستهلك، وتحتسب عند كل عملية تجارية او إنتاجية. ابتداءً من الانتاج الأولي ومروراً بالتصنيع والتعليب والتوزيع وحتى محلات بيع السلعة للمستهلك النهائي الذي يقع عليه تحمل عبئها.
ويصفها الكثير من المختصين والباحثين بالشأن الاجتماعي وتحقيق العدالة الاجتماعية بأنها ضريبة غير عادلة، لأنها تمثل عبئاً على محدودي الدخل، ويمكن أن نلخص سلبياتها في التالي:
1- تحمّلها من قبل المستهلك بشكل كامل حيث تقوم الشركات ومقدمو الخدمات وقطاع الأعمال بتحصيلها وتحويلها لخزينة الحكومة من دون الإسهام فيها أو تحمل أي من تكلفتها.
2- تحميلها مختلف فئات المجتمع قيماً متساوية من الضريبة بغض النظر عن مستوى الدخل، مما يجعلها غير عادلة، حيث أن العدالة الضريبية تحصل حينما تتناسب الضريبة مع مستوى الدخل، وهذا ما يخالف ما ذهبت اليه المادة (15) من دستور مملكة البحرين التي تنص على:

أ- الضرائب والتكاليف العامة أساسها العدالة الاجتماعية، وأداؤها واجب وفقاً للقانون .
ب- ينظم القانون إعفاء الدخول الصغيرة من الضرائب بما يكفل عدم المساس بالحد الأدنـى اللازم للمعيشة.
3- حتى وإن تمّ إستثناء بعض القطاعات أوالسلع، إلا أن ضريبة القيمة المضافة ستؤثر حتماً على كل أسعار السوق بطريقة غير مباشرة لتداخل العملية الانتاجية وتشابك سلسلتها، ولأن هذه السلعة المعفاة أوتلك الخدمة ستحتاج إلى خدمات سلع وسيطة مفروض عليها الضريبة مثال (المياه المعبأة في قناني، أو العقار عند عملية البناء وغيرها).
4- وفي العموم يزداد تأثير هذا النوع من الضرائب على أصحاب المرتبات والدخل المحدود والمنخفض أو المتوسط بدرجة أكبر من أصحاب المداخيل العالية، لأنهم ينفقون معظم إذا لم نقل كل دخلهم في شراء متطلبات الحياة اليومية، وبذلك يستقطع من كل دخلهم قيمة الضريبة في حين يذهب معظم دخل أصحاب المداخيل المرتفعة نحو الاستثمار والإدخار، وبذالك لا يشمل هذا الجزء هذه الضريبة مما يساهم في توسيع الفارق بين شرائح المجتمع وطبقاته على العكس من ضريبة الدخل المتصاعد التي تساهم في تضييق الفجوة بين هذه الشرائح والطبقات.

من المعروف أن بعض الدول غالباً ما تلجأ للتخفيف من الآثار السلبية لهذه الضريبة عن المواطنين وبالذات محدودي وذوي الدخل المنخفض لبعض الإجراءات، ومنها:
1- توفير الدعم للمواطنين ذوي الدخول المنخفضة سواء عن طريق بطاقة تموينية أو علاوات تدفع مباشرة لهم.
2- إستثناء سلة من السلع والخدمات منها مثل المواد الغذائية الأساسية والخدمات التعليمية والصحية وغيرها.
3- إعفاء المواد الأولية والمواد الرأسمالية من ضريبة القيمة المضافة.
4- إعفاء الصادرات من كافة الضرائب بما فيها ضريبة القيمة المضافة، وذلك للحفاظ على القدرة التنافسية للمنتجين المحليين مع العالم الخارجي.

كيف تعامل المجلس النيابي الحالي مع تطبيق القيمة المضافة ؟

لقد قرّر النواب في جلستهم بتاريخ 26 ديسمبر 2019 وذلك قبل أقل من أسبوع من تطبيق الضريبة رفع اقتراح برغبة بصفة استعجال إلى الحكومة بشأن تأجيل تطبيق ضريبة القيمة المضافة مدة عام واحد، مستندين على تجارب سابقة (رسوم سوق العمل) وبما تتيحه لهم الأدوات البرلمانية المنصوص عليها في الدستور واللائحة الداخلية، وكانت تلك عبارة عن رسالة نيابية وسياسية تؤكد على:
• أن هناك رفضاً من جميع النواب لتطبيق هذه الضريبة التي أقرّها المجلس السابق
• توحّد جميع النواب حول مطلب هو محل إجماع شعبي.
• التوافق مع نتيجة الانتخابات الأخيرة والإرادة الشعبية التي جاءت رافضة للمجلس السابق حيث انه لم يتمكن إلا أقل من 10% من أعضائه من الوصول إلى قبة البرلمان، وذلك لتماهيه مع رغبات الحكومة في قرارات منحازة لغير صالح الشرائح الواسعة من المواطنين.
• كما تمّت أيضاً الموافقة على مقترح برغبة بصفة الاستعجال بشأن إعادة النظر في تطبيق القيمة المضافة على فواتير الكهرباء، لما ينص عليه قانون الضريبة والمرسوم رقم 1 لسنة 1996 في شأن الكهرباء وإمكانية الطعن في عدم قانونية هذه الضريبة، ورفعه للحكومة.

إلا أن الحكومة لم تستجب لهذه الارادة معتمدة على ما يتيح لها القانون من مساحة كبيرة في الإلتفاف على ارادة المجلس لأطول فترة.

لقد رافق تطبيق هذه الضريبة تذمر كبير بين فئات واسعة من المواطنين والمقيمين لما لها من تأثير عليهم وما صاحبها من تخبط وتجاوزات في التطبيق، كانت موضوعاً طغى على كل الحوارات المجتمعية عبر جميع وسائل النشر والتواصل الاجتماعي معبرة عن الإستهجان من التسرع في تطبيقها والقصور في الإجراءات الادارية من الدولة وأجهزة مراقبة وتحصيل الضريبة وما صاحب كل ذلك في احتساب القيمة المضافة على سلع تضمنتها قائمة السلع المعفاة من الضريبة، وكذلك الغموض الذي لفًّ تصريح المسؤولين بخصوص عدم شمول مبيعات الشركات والمؤسسات التي تقل مبيعاتها عن 5 مليون دينار وكيفية معرفة مصدر هذه السلع لدى تاجر التجزئة والأسئلة الكثيرة التي عجزت أجهزة الدولة عن الإجابة عليها.

ورغم النوايا الحسنة لاًصحاب الدعوات التي أطلقها نواب وشخصيات مجتمعية للشركات والتجار بتحمل القيمة المضافة بدلاً عن المواطنين، إلا أننا نرى أنه لن يكون لها مردود عملي، حيث أن النوايا الحسنة لا مكان لها مع ما يقرّه القانون من جهة ولتعارض هذه الدعوات مع مصالحهم من جهة أخرى، وأن الحل هو في تشريع يحمي الطبقات والشرائح الأدنى دخلاً من تبعات هذه الضرائب. فما تمّ من قبل بعض التجار من تحمل هذه الضريبة لمدة محدودة ما هو إلا من باب الدعاية الإعلامية كإجراء بعض التخفيضات في مواسم محددة.

اقرأ المزيد