المنشور

شـعار الداخليـة


أطربني ، حد الثمالة ، شعار وزارة الداخلية الجديد ” لا للفساد” الذي أمطرت به الطرقات وذيلته برقم خط ساخن يجاور عبارة تقول ” قولك لا للفساد له وزن”.. كدت أسترق الرقم لولا أن عاجلتني المركبة التي ورائي بـ”هرنّ” دفعت الوقود في أحشاء سيارتي إثره، فيما تدافعت الأفكار في مخيلتي زمراً وأفراداً..

جميل هذا الشعار الموحي بالثقة في دولة لم يُحبس فيها مسئول رفيع واحد بتهمة الفساد على مرّ عقود – حادثت نفسي- فكرت أن أهاتف باعتباري ” مواطنة غيورة” رغم يقيني أن الموظف قليل الحيلة الذي سيتسلم مكالمتي سيكون أكثر من سعيد..لو لم أتصل..!

 كنت سأستهل مكالمتي أولاً بالسؤال عن 4 قضايا مقبورة تتعلق بالاختلاس وتبييض الأموال واستغلال المنصب العام أثيرت حولها جعجعة كثيرة ولم نرّ منها طحيناً. قضية د. إبراهيم الرميحي مدير معهد التنمية السياسية هي أحدثها؛ أردت أن أتساءل علام جُمدت القضية رغم ما قيل عن لبوس التهمة وتوافر الأدلة ؟ وماذا حصل في قضية الوزير السابق منصور بن رجب الذي أُتهم بغسيل أموال تصل لـ21 مليون والتورط في قضايا رشاً وعمولات.. هل كان مظلوماً وثبتت براءته مثلاً.. أم هو مذنب ونفذ من العقاب ؟ من حقنا أن نعرف..
 
ماذا عن قضية عيسى الذواذي مدير بنك الإسكان الذي ربضّت قضيته في المحكمة 5 سنوات وثبتت عليه وصدر بحقه حكم نهائي بالحبس 10 سنوات ثم أُسقطت عنه العقوبة بعفو كما سمعنا.. حسناً؛ ما مصير الشق الخاص باستعادة أموال البنك التي جاوزت المليون ونصف المليون والتي صدر فيها حكم نهائي وبات.. هل تم استحصالها منه أم أنها ” دفعة بلاء” عن شعب البحرين وحلال علية وعلى أنجاله من بعده..!!

 قضية العقيد الفار عادل فليفل التي شغلت الصفحات الأولى من الصحف في  2004  و 2005 على التوالي وقيل ما قيل عن استغلاله لنفوذه في استلاب الأموال وابتزاز الناس وهتك حقوق الإنسان.. هل حُبس يوماً واحداً بتهم الفساد التي طاردته حكومة البحرين عليها عبر الأنتربول ..!!
 وتكرّ سبحة القضايا الفقاعية التي طارت الطيور فيها.. بأرزاقنا !!

– قضية فساد ألبا/ ألكوا أكبر قضية فساد في تاريخ البحرين المعاصر المتعلقة بملياري دولار من مدفوعات ألبا والتي ستضل صفقاتها الفاسدة نافذةً حتى العام 2014 تستلّ من خزينة الشركة شهريا ما يتراوح بين 50- 60      مليون دولار – بحسب تقديرات سوق لندن للمعادن- ماذا حصل بها ؟ ومن قدم للقضاء فيها سوى موظفان أتهما بتقاضي ” خردة” بالآلاف !!

 - ماذا عن الصفقة المريبة التي اشترت بموجبها الهيئة العامة للتأمينات – من أموال المؤمّنين ومدخرات ذوي الدخل المحدود- 42 فيلا في الرفاع فيوز لإنقاذ المشروع لاعتبارات “مبهمة”.. هل تمت محاسبة / إقالة مسئول واحد على صفقة تفوح منها رائحة تزكم الأنوف !!

– ماذا عن البقرة الحلوب ” طيران الخليج” التي تسّد ملفات فسادها عين الشمس..؟ كم مسئولاً تم حبسه في قضايا استنزاف المليارات عبر السنوات..؟ في قضايا تأجير عمارات وهمية لسنوات وفي صفقات مشبوهة لبيع طائرات وصيانة الطائرات، وتعيين شركات استشارية وبيع أجهزة المحاكاة لطائرات 767..؟
 وما أخبار نائب الرئيس التنفيذي للشئون الفنية جيف ليفينغ الذي هرب من البحرين عندما قررت النيابة التحقيق معه و” لي شيف” نائب الرئيس التنفيذي للتسويق والمبيعات الذي طار حاملاً معه وثائق سرية تتعلق بحسابات تكشف المتورطين في فساد الشركة ” كضمان طبعا”.. لماذا لم تطالهم يد القانون أم أنها ” دفعه بلاء” أيضاً عن الركاب هذه المرة !! 
 
– ماذا عن قضية الفساد المتعلقة بشركة إصلاح السفن (أسري) التي حقق فيها.. أين وصلت؟ ومن هو الوزير أو المسئول الرفيع الذي تحمل وزرها ؟!!
لستم بحاجة لخط ساخن لتعرفوا مكامن الفساد.. ولا لاتصالات المواطنين الذين لا يملكون أدلة في الأغلب الأعم.. تريدون إثبات جديتكم في محاربة الفساد ؟ لديكم تقارير ديوان الرقابة المالية التي تكشف مهازل ومآسيً بالدليل والبرهان ولم نشهد بعد استجواب وزير ولا ناطور بشأنها !!

تريدون قضايا فساد حقيقة.. تتبعوا أين ذهبت 65 كم مربع ،هي عُشر مساحة البحرين بأكملها، وكيف تحولت من ملكية عامة لملكية خاصة لحفنةً من الأشخاص استحوذوا على مقدَّرات دولة تجاوز عدد سكانها المليون..!!

****

المفارقة الطريفة.. أن جهود محاربة الفساد تأتي أُكلها – فقط- على من لا ظهير له ولا عوين.. كمفتشي السياحة الذين لا تتعدى رواتبهم الـ500 دينار الذين حصلوا على حكم نافذ بـ10 سنوات.. وموظفي ألبا المتهمين بـ”خردة” الذين حصلوا على حكم بـثمان.. ومدير ” صغنون” في وزارة التجارة حصل على حكم بـ3 سنوات.. وموظفين في إدارة الهجرة والجوازات عوقبوا بأحكام تصل لـ5 سنوات.. بتهم فساد.. !!

لا دولة في العالم تخلو من الفساد – نعلم – ولكن قلة موارد البحرين تُعظم من تأثير الفساد على الشعب، وتعني موارد أقل للمدارس والمستشفيات والطرق والإسكان. الحملات والتصريحات الرفيعة لدعم مكافحة الفساد كثيرة ، سيما تلك التي تبناها ولي العهد، ولكنها لا تطال الفسدة الحقيقيين.. أولئك الذين دسوا أيديهم في جيب كل بحريني وحبسوا البلاد في أزمة.. فيما هو طلقاء لا يمسهم لغوب..!

شعار وزارة الداخلية ” على رأسنا” ولكننا نحتاج لدليل واحد لنصدقه.. فآذاننا التي صمّها صرير الفساد تحب الشعارات الموسيقية ولكن عيوننا.. باتت لا تصدق !! 
هامش:

“  إنّما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشّريف تركوه..
 وإذا سرق فيهم الضعيف.. أقاموا عليه الحد” 
  حديث شريف


 والله من وراء القصد ،،
 
موقع لميس 29 ديسمبر 2010

اقرأ المزيد

إلغاء الدعم في المفهوم الاقتصادي والمردود السياسي


ثار الجدل في الآونة الأخيرة حول موضوع الدعم الذي توفره الدولة للمواد الغذائية الضرورية ووقود السيارات بين مؤيد لتوجهات الحكومة بإلغائه ومعارض لهذا الإلغاء.

من بين الفريق المتحمس لفكرة الإلغاء النائب السابق جاسم مراد الذي سبق الحكومة في طرح وجهة نظره وبجرأة نادرة في مجمل المجالس الشعبية التي يؤمها وأمام معارضة شديدة لهذه الآراء والأفكار من قبل خاصة الفقراء والمعدمين.

تتلخص فكرة النائب جاسم مراد في أن المستفيد الأكبر من الدعم في الوقت الحاضر هم الأجانب الذين يتجاوز عددهم سكان البحرين « عددهم 660 نسمة تقريبا « بالإضافة إلى الفنادق والمطاعم وأنه لو تم توزيع قيمة الدعم على الأسر الفقيرة والمحتاجة لكان مردوده الاقتصادي أفضل.

لا يشكك أحد في نوايا السيد جاسم مراد الذي يسجل التاريخ الوطني وقوفه الدائم مع المحتاجين والمعوزين لكن ما يؤخذ عليه في هذا الموضوع المرتبط بحياة الغالبية من المواطنين هو التبسيط المفرط في تناول مثل هذه القضايا الخطيرة. فالنائب السابق جاسم مراد يعلم قبل غيره عدم قدرة المجلس المنتخب على التحكم في القضايا المالية وبالتالي فأنه لا يوجد ضمان لتأمين صرف وتوزيع هذه الاعتمادات على مستحقيها من ذوي أصحاب الدخل المحدود والطبقات الفقيرة. وحتى اذا ما افترضنا جدلا توفر القدرة على التحكم في قيمة الدعم فمن يا ترى يضمن وجود تلك الآلية التي يتم عن طريقها توزيع هذا الدعم على مستحقيه. وبعبارة أخرى فأنه في غياب الوظيفة المالية لدى المجلس المنتخب فأنه من الصعب بل من المستحيل ضمان التحكم في جهة صرف قيمة هذا الدعم وهي بالملايين من الدنانير.

ولأنه ليس هناك أخطر من التهديد في لقمة العيش فأنه وجب التذكير بالمخاطر التي ستترتب على إلغاء الدعم ومنها زيادة الأعداد التي ستقع تحت خط الفقر وما ينتج عن ذلك من تهديد للسلم الاجتماعي ويؤدي في نهاية المطاف الى تآكل الانتماء الوطني.

ما لم يخطر على البال خروج الناس في شوارع إيران معبرين عن احتجاجهم على إلغاء دعم المواد الغذائية والبنزين ولم يشفع للحكومة الإسلامية أنها واقعة تحت الحصار الاقتصادي الدولي وأن قيمة الدعم الإجمالية تصل الى مليار دولا ر سنويا هذا بالرغم من وعد الحكومة بدفع المساعدة المباشرة للمواطنين الايرانيين. فلقمة العيش لا دين لها والجوع كافر.

ولماذا نستقي العبر والدروس من إيران وتاريخنا القريب يشهد على ما حدث في بداية عقد السبعينات من القرن الماضي عندما ارتفعت الأسعار العالمية للمواد الغذائية ومواد البناء وأدى ذلك الى ارتفاع كلفة المعيشة وتردي الوضع المعيشي في البحرين الأمر الذي أدى إلى اندلاع موجة عارمة من الإضرابات التي تجاوز عددها السبعة والعشرين إضرابا. وقتها استدرك المجلس الوطني خطورة المشاكل الاجتماعية الناتجة من اختلال الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطنين فسارعت كتلة الثلاث اليسارية والوسط والدينية الى عقد جلسة خاصة بتاريخ 23 يناير 1974 لوضع الحلول العملية الكفيلة بإنهاء هذه التوترات الاجتماعية.

كان من ضمن التوصيات العاجلة التي خرج بها المجلس هو الموافقة على مشروع قانون بفتح اعتماد إضافي فى ميزانية الدولة العامة للسنة المالية 1974 بمبلغ ستة ملايين ونصف بحيث يتم صرف ثلاثة ملايين وثمانمائة ألف دينار لفروقات الأسعار ومليونين وسبعمائة ألف لرفع الحد الادنى لأجور ورواتب مستخدمي وموظفي الدولة ومن فى حكمهم. وللعلم فأن هذا الاعتماد مثل ما تزيد نسبته على 12% من مجمل الميزانية التي ارتفعت في ذلك العام الى 53 مليون دينار. وحتى لا تكون المعالجة مبتورة فأن الزيادة في الرواتب لم تقتصر على القطاع العام بل أوصى المجلس بأن تراعى هذه الزيادة كحد أدنى بالنسبة للزيادات فى القطاع الخاص على ألا تؤثر على أية زيادات اعتيادية أو أية زيادات أفضل قد تعطى من قبل أية مؤسسة. وفي موازاة ذلك تمت موافقة المجلس على رفع الميزانية الخاصة بالمساعدات الاجتماعية من اجل مضاعفة مقدار الإعانات الشخصية للأسر الفقيرة والمقدمة من قبل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.

أما فيما يتعلق بمشاريع الإسكان فقد وافق المجلس على اعتماد ميزانية أكبر من أجل تلبية الطلبات المتزايدة التي وصلت آنذاك الى 3174 طلبا كما أوصى باستصدار قانون ينظم الاستثمار العقاري ويمنع المضاربات فى الأراضي بشتى الطرق الممكنة بما فى ذلك التضييق فى حركة انتقال الملكية.
ما يسترعي الانتباه ويدلل على بعد نظر المجلس آنذاك هو أنه لم يكتفي بتخصيص الدعم للسلع وتعديل الرواتب والأجور وإنما عمد إلى وضع خطة إستراتيجية شاملة من أجل تحقيق الأمن الاجتماعي على المدى البعيد وفيها سن قانون الضمان الاجتماعي وإنشاء بنك عقاري يساهم فى تمويل أصحاب الدخل المحدود لبناء مساكن شعبية وإنشاء شركة صيد وتسويق الأسماك والمساهمة فى المشروع العربي لتربية المواشي فى السودان وكذلك التنسيق مع الدول الشقيقة فى مجال استيراد اللحوم بأسعار أقل وتطوير القطاع الزراعي والتركيز عليه كقطاع يلي قطاع الصناعة والنفط.

ونحن لا زلنا نعيش آثار الأزمة المالية التي تفجرت عام 2008 فإنه لا مناص لنا من الإقرار بأن التضخم المالي قد أدى الى تآكل القيمة الشرائية للدينار البحريني وأن الدينار لم يعد يشتري ثلاثة أرباع المواد التي كان يشتريها قبل عشر سنوات وكل ذلك بسبب ضعف الدولار وارتفاع الأسعار. هذا الاختلال الفاضح في ميزان الدخل والإنفاق ترجمته وبنجاح تلك الدراسة القيمة لكلفة المعيشة التي أجراها معهد البحرين للدراسات والبحوث قبل خمسة أعوام والتي على أساسها حدد الحد الأدنى للأجور ب365 دينارا.
واذا كان مجلس السبعينات قد نجح في توجيه الاقتصاد لخدمة رفاه المواطنين وقام بإرساء قواعد بناء دولة الرعاية أسوة بما كان موجود في دول الغرب قبل سقوط الاتحاد السوفييتي فإن الضرورات الاقتصادية والاجتماعية تتطلب المحافظة على بقاء هذا الدعم وعدم التفريط فيه الى حين توفر الآليات والبدائل الحقيقية التي تضمن عدم العبث بلقمة العيش.
واذا كانت هناك من دروس يجب استيعابها فان علينا أن نتعلم أن القضاء على التوترات الاجتماعية والسياسية لا يتم الا عبر الحلول الاقتصادية والاجتماعية المتمثلة في توفير السكن وإيجاد وظيفة تكفل العيش بكرامة وتزرع الثقة ببناء مستقبل للأجيال القادمة.

ملاحظة: «المعلومة التاريخية مستقاة من كتاب « الحياة النيابية في السبعينات – تحت الطبع».


الأيام 24 ديسمبر 2010
 
 

اقرأ المزيد

لن نتكلـم العربيـة


إن بدا العنوان أعلاه أشبه بضربة على جماجمنا، فعلينا أن نأخذ الموضوع على محمل الجد، لا المزاح .
 
لابد، أولاً، من تبديد الانطباع الذي قد يتوارد إلى الأذهان عن مخاطر خارجية أو اقليمية محتملة تطال الهوية العربية لهذا الخليج، تاريخاً ولغة وثقافة ومصيراً، فحديثنا، هنا على الأقل، لا يدور عن ذلك، مع أننا جميعاً معنيون بالتفكر في كافة المخاطر .
 
الحديث يدور عن مخاطر جدية تطال اللغة العربية لأهل هذا الإقليم، في ضوء ما تفرضه التحولات الثقافية والاجتماعية في بلداننا، بسبب تعدد الجاليات الأجنبية العاملة في بلداننا، وهو تعدد قلب ميزان التوازن السكاني حتى في بلدٍ خليجي مثل البحرين التي ظلت تتباهى حتى وقت قريب بأن عدد سكانها الأصليين أكثر من الأجانب، فبات الأخيرون هم الأغلبية وفق آخر تعداد للسكان أُعلن عنه مؤخراً .
 
أوحتْ لي بهذا الحديث محاضرة ألقاها، مؤخراً، أكاديمي سعودي هو الدكتور مرزوق بن صنيتان بن تنباك، عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود، وفيها خلص إلى “نبوءة” باعثة على التفكر الجدي فحواها أن دول الخليج ستتحول إلى الحديث باللغة الانجليزية خلال السنوات السبع القادمة .
 
وللدكتور ابن تنباك أسبابه في ذلك وفي مقدمتها أن هذا الخليج تحول وسيتحول أكثر إلى خليط غير منتمٍ إلى لغةٍ بعينها، وسيلجأ سكانه متعددو الجنسيات والثقافات إلى لغةٍ وسيطة للتواصل بينهم، ومن المنطقي أن تكون هذه اللغة هي الانجليزية بالذات، لما لها من ميزات نعرفها جميعاً تؤهلها لأن تكون جامعاً لمتعددي الأصول والثقافات واللغات .
 
وسبع سنوات تبدو أجلاً قريباً جداً، ما يحملنا على الاعتقاد بأن التشاؤم عند الدكتور ابن تنباك بلغ مبلغهُ، ولكننا سننظر إلى هذا التشاؤم بعينٍ ايجابية، على نحو ما دعانا اليه غرامشي في واحدةٍ من أجمل اطروحاته عن تشاؤم العقل وتفاؤل الارادة .
 
لعل تشاؤم بن تنباك وأمثاله، وما أكثرهم، يحثنا على تفعيل الارادة بوضع الخطط الحافظة للغة العربية بصفتها جوهر الهوية الجامعة لأبناء هذه المنطقة، لتصبح هي وسيلة التخاطب المشترك لا سواها من اللغات .
 
وهي مهمة مُركبة معقدة ولا شك، ولكن يجب أن نبدأ من أنفسنا، مع تزايد مخاطر نشوء جيل من أبنائنا من خريجي المدارس والجامعات التي تنظر إلى اللغة العربية كما لو كانت سقط المتاع، فتأتي مُخرجاتها، مهما كانت جودتها، فاقدة للأهم وهو اللغة، أعني لغتنا .

اقرأ المزيد

النواب والصورة النمطية للمصالح الذاتية


إن إعلان إقرار زيادة رواتب ومكافآت النواب ما مجموعه من 3250 دينارا إلى 4500 دينار.. قد أثار تساؤلات المواطنين والناخبين، بقدر ما أثار استياءهم وامتعاضهم.

ولعل الخبر الذي نُشر على الصفحة الأولى بجريدة أخبار الخليج بتاريخ 10 ديسمبر 2010م والمعنون بـ “زيادة رواتب ومكافآت أعضاء الشورى والنواب تصدر قريباً.. ما موقف (الوفاق) وقد أعلنت سابقاً رفض الزيادة؟”.. هو خبر قد تخضع مغازيه ومعانيه(النواب) كافة إلى اختبار عسر إن كانوا هم ممثلين للشعب تحت قبة البرلمان، أو إن كانوا أهلاً لصون أمانة الناخبين في قلوبهم، وحمل رسالة الشعب في عقولهم، أو إن كانوا موضع ثقة بتحمل تلك المسئولية الوطنية والتاريخية والأخلاقية على كواهلهم وأكتافهم.. بعيداً عن تأثرهم بما يمت إلى مصالحهم الشخصية وأغراضهم الذاتية بصلة، أو انتهازهم الفرص الوصولية والنفعية بمزيد من الانتهازية والسعي إلى تحقيق الثراء الفاحش، على غرار ثراء النائب العراقي المحسوب على التيار الصدري (بهاء الأعرجي) الذي كشف الفنان المصري (عادل إمام) من خلال مقابلة أجرته معه قناة (إم بي سي) عن ثراء هذا النائب، وعما يمتلكه من فلل فاخرة وشقق نموذجية في كل من مصر والنمسا وإيرلندا وغيرها من الدول، ناهيك عن ثرائه بأرصدة قياسية في البنوك التجارية.

إننا حينما طرحنا تساؤلاتنا السالفة الذكر، وما تمخض عن ممارسات وأساليب ومواقف النواب في الفصل التشريعي الثاني، تؤكد (النقيض الصارخ) لهذه التساؤلات.. مثلما تكشف حقائق هذا (الاختبار العسير) عن وهن هؤلاء النواب دون صمودهم أمام هذه الزيادات وهذه العلاوات وعجزهم عن كبح جماحهم أمام مختلف الإغراءات، وشتى المميزات والتسهيلات. وذلك لسبب بسيط بات جليا أمام الناخبين والمواطنين على حد سواء وهو حينما سعى هؤلاء النواب باستماتة نادرة إلى تأييد ودعم (مشروع الراتب التقاعدي).. حتى تحققت مصالحهم ومآربهم وأغراضهم الشخصية، المتمثلة في مشروع الراتب التقاعدي الذي دخل إلى حيز التنفيذ والتطبيق، والذي يمثل في واقع الأمر هدراً للمال العام، واستنزافاً لمقدرات الشعب.

وحسبما جسد بالأمس (المشروع التقاعدي للنواب) إجحافاً في حقوق المتقاعدين بإنزال فداحة الظلم على كواهلهم، فإن مشروع “زيادة رواتب ومكافآت أعضاء الشورى والنواب”.. قد يمثل ضربة مؤلمة تقصم ظهور المواطنين، وخاصة من ذوي الدخول المحدودة الذين يتوجسون (اليوم) من رفع الدعم عن المحروقات والسلع الاستهلاكية، بسبب مكابدتهم تدني رواتبهم التي لا تفي وسد رمق جوعهم وحاجاتهم المعيشية والاستهلاكية والأسرية وغلاء المعيشة.

وفي ذات السياق فإن إثارة السؤال السالف الذكر إزاء موقف (الوفاق) من (زيادة رواتب ومكافآت النواب) المرتقبة.. فإن الجواب عن هذا السؤال المهم سيظل معلقاً في الهواء.. طالما (جمعية الوفاق) وهي التي كانت تمثل أكبر الكتل الإسلامية تحت قبة البرلمان خلال الفصل التشريعي الثاني، قد وافقت على (مشروع الراتب التقاعدي) بصمت وهدوء، ومن دون أن تنبس ببنت شفة.. شأنها في ذلك شأن الكتل الأخرى: (كتلة الأصالة الإسلامية وكتلة المنبر الإسلامي، وكتلة المستقلين).

في نهاية المطاف نستطيع القول إن نواباً كهؤلاء حسبما عكسوا تلك الصورة النمطية السلبية بإبرازهم الوجه الذاتي لمظاهر وجاهاتهم، ومقامات شخصياتهم في دوائر الضوء الإعلامية، على حساب إخفاء الوجه الموضوعي إزاء حقوق مواطنيهم، والدوس على وعودهم وعهودهم التي قطعوها على أنفسهم أمام ناخبيهم خلال حملاتهم الانتخابية.. فإن هؤلاء النواب جميعاً يؤكدون انطلاقهم من منظار مصالحهم الضيقة وأغراضهم الشخصية، ليدفعوا جل اهتماماتهم إلى الاستئثار بالمغانم والهدايا والمنافع والعطايا، والاستحواذ على مردودات حصة نصيب الأسد.

إذاً ليس بمستغرب أن يترقب هؤلاء النواب زيادة رواتبهم ومكافآتهم، على أحر من الجمر.. شاحذين شهيتهم بفتح محفظاتهم وجيوبهم وأرصدتهم، من أجل إدخال المزيد من الثروة والمكافآت والزيادات، بصمت من دون أن يرف لهم جفن أو طرف.. وهذا ما سوف تكشفه الأيام المقبلة.

 
أخبار الخليج 31 ديسمبر 2010

اقرأ المزيد

خلط أوراق


أصبح المحافظون والطائفيون قادة ثورات ومروجين لحركات تغيير، لكن للوراء، ولتصادم الشعوب، والأهم لديهم هو انتصار نماذج الأنظمة والحركات الطائفية التي أزمت بلداننا ومزقت أقطارنا وتحكمت بمجتمعات حداثية تريد خنقها.

نضال الشغيلة في تونس نضال طويل عريق، لكنه نضال في مجتمع تحديثي منفتح على الديمقراطية والعلمانية، والشغيلة هم أغلبيته الساحقة، ويعانون مثل ما تعاني الشعوب، لأسباب تعود لغياب الموارد الوفيرة في هذا المجتمع الحرفي والصناعي البسيط والزراعي الواسع، لكنه يقدم تجربة رائدة في الوطن العربي.

وهو بلد مثل بقية بلدان وأنظمة الشرق حيث الرأسمالية الحكومية هي المسيطرة بحزبها وإدارتها، لكنه في تونس شكل تعددية عريقة منفتحة ومتقدمة وهي لا تملك موارد الغاز والبترول والذهب، وشكلت نظام الحريات الاجتماعية والسياسية وبنت مجتمعاً يفخر بأنه يقارب الحضارة الغربية بقروشه الريفية، من دون أن يمتلك تلك الموارد الهائلة التي وجهتها مجتمعات أخرى للعودة للوراء ولنشر التخلف للأسف.
الحادثة بحد ذاتها تكشف الطابع غير العميق للأزمة:

(دارت في 19 ديسمبر اشتباكات في مدينة سيدي بوزيد، احتجاجاً على إقدام شاب تونسي على إحراق نفسه بعدما صادرت الشرطة عربته التي كان يستخدمها لبيع الخضر والفاكهة، مما أدى إلى إصابته بحروق لا يزال يعالج منها في المستشفى قرب العاصمة تونس) .

(وبعد خمسة أيام أقدم شاب تونسي آخر في المنطقة عينها على الانتحار بتعمد إصابة نفسه بصدمة كهربائية، فتوسعت التظاهرات لتشمل مدناً مجاورة مثل المكناسي وبوزيان والرقاب والمزونة).

تعاني المناطق والمدن الصغيرة والقرى الريفية عدم وجود الموارد الكبيرة، ومن بقائها في الاقتصاد الحرفي الفلاحي البسيط، وهذا لا يشكله فقط نقص الخامات الثمينة بل كذلك طبيعة وعي الشغيلة البسطاء غير القادرين على الانتقال للتقنيات والمعارف المتطورة.

وطبيعة الحوادث هذه توضح الآفاق المسدودة لهذا النمط من العاملين، حيث الفقر وغياب الوعي واليأس الاجتماعي، وأخطاء بعض الإدارات وعدم تعاملها بحكمة مع هذا اليأس والضيق ومحدودية العيش.

حين ينتحر العامل تغدو هذه علامة سلبية لوضعه ولوعيه، والترويج للانتحاريين هو ترويج لأفق اجتماعي مسدود، في حين كرس زملاؤه نموذج التضامن النضالي والاحتجاج على ظروفه السيئة، وهو أفق لمجتمع حداثي ديمقراطي يكرس التضامن وليس الانتحار والعنف والحرائق. هذه هي ردود الفعل الحضارية الديمقراطية وليس نشر الإرهاب وإرسال الطرود و(المقاتلين!)

(وتعليقاً على هذه الاحداث قال رئيس الفرع الجهوي لـ “الرابطة التونسية لحقوق الانسان” رؤوف النصيري إن “نسبة البطالة المرتفعة التي تطول خريجي الجامعات، وارتفاع أسعار المواد الاولية هما من أهم الاسباب الرئيسية للاضطرابات”.

ويعتبر تشغيل حاملي الشهادات العليا من أكبر التحديات التي تؤرق الحكومة التونسية التي تسعى الى توفير مزيد من فرص العمل في بلد تصل فيه نسبة البطالة الى 14 في المائة استناداً الى الارقام الرسمية.

ويتعين على الدولة أن توفر في السنوات الخمس المقبلة 425 الف فرصة عمل لتغطية الحاجات الاضافية وخفض نسبة البطالة بنسبة 1,5 في المائة لضمان مورد رزق واحد على الاقل لكل أسرة تونسية).

ومن جهةٍ أخرى فإن التضييق على الحريات النقابية والسياسية واعتقال القيادات أمرٌ يساهم في تأزيم الأوضاع وعدم تطور الإدارة التي يُفترض أن تشارك فيها الأحزاب اليسارية والرأسمالية.

مثل هذه المشكلات تتطلب التعاون والمساعدة من بقية الدول العربية، لكن لا نجد ذلك. ولا نرى الاهتمام من قبل الحكومات العربية ذات الثراء لتقديم أي مساعدة وتوظيف الشغيلة والعاطلين العرب سواء أكانوا تونسيين أم غيرهم، لكن تظهر بشكل غريب لغة التشفي والمزايدة والنقد المتعالي.
 
أخبار الخليج 31 ديسمبر 2010

اقرأ المزيد

أسانج أطلق صفارة الإنذار فقط


“صفارة إنذار” هو تدبير مستحدث في السنوات القليلة الماضية ضمن حزمة من التدابير والضوابط التي توفر للمؤسسات والشركات إدارة حصيفة ونوعية للموارد وأداء متميزاً يكفل لها تحقيق أهدافها وبضمنها صيانة أصولها والمحافظة عليها وتحقيق معدلات الربحية المستهدفة، وذلك في إطار يسمى بأنظمة حوكمة الشركات .
 
والمقصود ب “صفارة الإنذار” هو قيام الشركة بوضع خط ساخن بتصرف كافة العاملين فيها لإتاحة الفرصة لأي واحد فيها بالتبليغ عن أية مخالفة، سواء أكانت رشوة أو فساد أو اختلاس، وتنبيه المسؤولين للخطر الذي تمثله مثل هذه المخالفات على مصلحة الشركة ومصلحة الاقتصاد الوطني الذي يمكن أن تتأثر سمعته من جراء مثل هذه المخالفات خصوصاً لدى وكالات التصنيف الدولية .
 
بهذا المعنى فإننا لو أمعنا النظر جيداً بما قام به مؤسس موقع “ويكيليكس” الأسترالي جوليان أسانج من نشر لوثائق سرية أمريكية تتعلق بالأسرار التي تلف تطبيقات السياسة الأمريكية الخارجية في أنحاء مختلفة من العالم، خصوصاً في البلدان والمناطق التي غزتها واحتلتها القوات المسلحة الأمريكية (العراق وأفغانستان تحديداً) والأخرى التي تشن فيها عمليات هي مزيج من الحرب السرية والعلنية (باكستان واليمن مثلاً)، وأسرار أخرى تتصل بحقيقة المواقف والسياسات الأمريكية من قضايا عالمية تصل بمؤسسات ومنظمات دولية مثل الأمم المتحدة وأنظمة حكم في العوالم الأول والثاني والثالث وغيرها  نقول لو أمعنا النظر فيها بتمعن فسنجد أنها نسخة طبق الأصل من تطبيقات قواعد وأخلاقيات الحوكمة، إنما هذه المرة على صعيد كلي قياساً لصعيد تغطيتها الجزئي المتعلق حصراً بالشركات والدوائر المؤسسية الحكومية . فالحديث يدور هنا  أي في حالة صاحب فكرة “ويكيليكس”  عن صفارة إنذار ل “الشركة الأم” التي يمكن أن نتمثلها هنا في الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية الصراعية التي تنتظمه .
 
ف “صافرة” فريق “ويكيليكس” أرادت تنبيه الرأي العام العالمي إلى وجود انتهاكات بالغة الخطورة للقانون الدولي ولأعمال قتل وتعذيب وفساد وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، متورطة فيها حكومات دول قائدة في النظام الدولي لطالما رفعت عقيرتها “دفاعاً” عن حقوق الإنسان وذرفت دموعها (التماسيحية) على تلك الحقوق المهدرة .
 
كان لا بد لهذا الكشف المدوي أن يسبب صدمات هائلة للعالم بأسره . صدمة للرأي العام الدولي الذي هاله حجم تلك الانتهاكات الجسيمة و”وزن” المتورطين فيها، وقبل ذلك صدمة لكبار المتورطين فيها، ولا سيما الولايات المتحدة التي تعتبر صاحبة الامتياز والحق الحصري في اختراع ما يسمى بمقاربة “العلاج بالصدمة”، فإذا بجهة أخرى هي جماعة موقع “ويكيليكس” تستخدم نفس المقاربة في إحداث حجم الدوي المطلوب للفت أنظار العالم . أي أن الولايات المتحدة التي لطالما سعت لإقناع بقية العالم بنجاعة وفعالية “سلاح” العلاج بالصدمة، قد خلقت من حيث لا تدري من “استوعب درسها” ولم يجد سوى اقتراح سلاحها الوجيه لمعالجتها به هي أيضاً .
 
وكان لا بد له ل (الكشف المدوي إياه) أن يُوجِد (بكسر الجيم) من جديد سوقاً رائجة لنظرية المؤامرة وأن يعيد إنعاشها، خصوصاً في منطقتنا العربية التي تمسكنت مع القراءات والتحليلات السهلة التي تتطلب جهداً فكرياً وعصفاً ذهنياً “مرهقين” .
 
فما الذي فعله جوليان أسانج لكي تطالب “المؤسسة” الأمريكية الحاكمة برأسه؟
 
هل لأنه أراد القول، من خلال إغراقه مواقع المعرفة بآلاف الوثائق المصنفة أمريكياً على أنها سرية  أراد القول هذه حقيقة أمريكا وهذا هو وجهها الآخر المخفي؟ أم لأنه  في التفاصيل  أجبر زعامات “المؤسسة” الأمريكية الحاكمة وقياداتها على فضح المفهوم الأمريكي للإرهاب والمتمثل في أن كل من يعارض أمريكا وسياستها فهو في نظرها إرهابي، وذلك اعتباراً بتصنيفها جوليان أسانج على أنه إرهابي؟
 
وأيضاً في التفاصيل . . تفاصيل عنوان كشف الوجه الآخر للولايات المتحدة  لأنه اضطرها لفعل ما لم تفعله ربما إلا نادراً، وهو التعبير العلني، وبأبشع الصور وأكثرها فجاجة، عن ضيق صدرها بالنقد وعدم تقبلها للرأي الآخر وازدرائها بحرية التعبير، وهي التي لطالما شنفت الآذان بدفاعها عن “قدسية” هذه القيم والمبادئ؟
 
ربما يكون فعل كل ذلك، وربما يكون قد آذى وألحق ضرراً فادحاً بالنظام السياسي في الولايات المتحدة وبطبقتها الحاكمة على قاعدة الثنائية الحزبية الحصرية . ولكن جوليان أسانج هو ابن النظام الكوني المتصاهر والمتكامل الذي أنشأته امبراطوريات الرأسمالية العالمية . وهو لم يعمل من خارج إطارها ونطاقها أو أنه استخدم أدوات ووسائل غير تلك التي اخترعتها وأنشأتها .
 
ثم إن علينا أن نتذكر هاهنا أن جوليان أسانج الذي أزعجهم باستخدامه إحدى أدواتهم، ظل يحظى بالتقدير والتكريم منذ أن أطلق موقعه الشهير “ويكيليكس” في عام ،2006 حيث حاز في عام 2008 جائزة مجلة ال “إيكونومست” لمقاومة الرقابة، وحاز في عام 2009 جائزة منظمة العفو الدولية في مجال حقوق الإنسان والصحافة بفضل كشفه لعمليات الاختفاء السري والقتل العشوائي للمعارضين في كينيا .

اقرأ المزيد

ماذا في جُعبـة النواب؟


حتى الآن لم يُقدم مجلس النواب في تركيبته الجديدة أي انطباع مُحدد عن أدائه وخطط كتله الرئيسية، وهناك مؤشرات على أن أعضاء المجلس مازالوا يتلمسون الأرض من تحت أقدامهم، وتختبر كل كتلة نوايا بقية الكتل بتوجسٍ ليس خافياً، ورغم عبارات المجاملة التي نقرأها هنا وهناك، فان ما يرشح من أنباء يُشير في تعبير الى هذه التوجسات، مع دخول عناصر جديدة في المشهد النيابي الراهن، وتغير بعض المعادلات التي اعتادها نواب المجلس السابق.

وأصبح متكررا خلال الأيام القليلة الماضية أن نقرأ توضيحات من بعض النواب على تصريحات سبق أن أدلوا بها، تحمل قدراً من التراجع عن فحوى أو محتوى هذه التصريحات، ولا يقتصر الأمر على النواب الجدد وحدهم، وإنما يشمل أيضاً بعض الوجوه المُخضرمة، ممن أنفقوا في المجلس فصلاً تشريعياً أو فصلين، وبعضهم من الوجوه البارزة في المجلس السابق، ممن كان لهم فيه صولات وجولات.

وهو لدى هؤلاء ناجم، فيما يبدو، عن التشكيلة الجديدة للمجلس التي حملت معها الظاهرة التي صارت تعرف باسم النواب المستقلين، الذين مازال متعيناً عليهم أن يبرهنوا على تماسكهم ككتلة، وعلى التفافهم حول أجندة عمل مقنعة لدى ناخبيهم، لأن وعود الحملة الانتخابية ليست هي العمل البرلماني بكل ما فيه من تعقيدات، خاصة وانهم، في الغالب الأعم، أخذوا أماكن نواب سابقين يمثلون جمعيات سياسية، تملك رؤية معينة، بصرف النظر عن مدى الاتفاق أو الاختلاف مع هذه الرؤية.

أنفق المجلس المدة المنقضية من تاريخ انتخابه في أمور إجرائية، كتشكيل مكتب المجلس ومن ثم تنظيم «المحاصصة « في رئاسة لجانه الدائمة، وما صاحب ذلك من مناورات وتفاهمات وكواليس، دون أن تفصح كُتلة عما تود أن تقوم به في دور الانعقاد الأول أو في الأدوار القادمة وسط تصريحات وتسريبات متناقضة، بينها ما مفاده أن النواب سيبتعدون عن طرح ما تُوصف بالملفات الساخنة في جلسات المجلس، وسيم الاستعاضة عن ذلك بتفاهمات خلفية مع راسمي القرار.

وعلينا أن ننتظر لنرى مدى صحة ذلك، وعن جدية وجود خطة عمل أو خارطة طريق لكل كتلة من كتل المجلس على حدة، وللمجلس برمته، أمام حقيقة أن الأنظار ستظل شاخصة نحو هذا المجلس، فالناس تريد معرفة ما في جعبة النواب بالتشكيلة الجديدة للمجلس التي، رغم تحفظاتنا حولها وحول آليات تشكلها، ألا أنها تضم مكونات رئيسية مؤثرة في حياة البلد، هي اليوم على محك تقديم رؤاها وبرامجها منفردة في غياب تمثيل القوى والمكونات الأخرى للمجتمع عن المجلس.

وفي كلمات، يمكن القول أن كُتل المجلس لم تُقدم حتى الآن ولو في صورة أولية أو خام، للمجتمع، وللرأي العام عامة بمن فيه المراقبين الإعلاميين والسياسيين، تصوراتها عما ترغب في أن تفعله في عام 2011 وما يليه من أعوام، لنرى إلى أي مقدار يتلاءم هذا التوجه مع حاجات البلد الجوهرية في هذه المرحلة والتي تنصب على محاور رئيسية تتصل بالنهوض بالأوضاع المعيشية للمواطن، ومواصلة تطوير البنية الأساسية والنهوض بالخدمات العامة ومواجهة الفساد والترهل في الأداء الإداري وتوسيع نطاق الحريات السياسية.
 

اقرأ المزيد

ملاحظات حول برنامج عمل الحكومة!


خلصنا في مقالة الأسبوع الماضي إلى ما رسمه خطاب جلالة الملك من خارطة طريق نتوسم أن تلقى تفعيلا ملائما نواجه به ما يعترضنا من تحديات تنموية متعاظمة خلال السنوات الأربع القادمة تحديدا.
 بعدها بلور برنامج عمل الحكومة الذي رفعته للمجلس الوطني منتصف الأسبوع الماضي رؤية الدولة وتوجهاتها للمرحلة القادمة، وهو الأمر المفترض أن تتبعه خطوات عملية حتى لا يكون محض استنساخ لما سبقه من برامج خاصة وأن مؤشرات السلطة التنفيذية تخبرنا أن الحكومة استكملت فقط ما نسبتة 62% من ميزانية المشاريع لعام 2009، وبعد أن كان لدينا فوائض مالية قبيل الأزمة المالية الأخيرة، اتجهنا عوضا عن ذلك للاستدانة لتغطية ما أصاب موازنتنا من عجوزات، وسيبلغ حجم الدين العام للدولة مع نهاية 2012 ما مجموعه 5800 مليون دينار وهو ما يعني بكل تأكيد قفزة كبرى متوقعة في خدمة الدين وما يعنيه ذلك من عبء مضاعف على الموازنة العامة وستتأثر تبعا لذلك اعتمادات الكثير من المشاريع الحيوية بكل تأكيد، ومنها الإسكان والتعليم والصحة وغيرها، ويكفي القول ان زيادة مخصصات الإسكان التي تصل الى 636 مليون دينار للأربع السنوات القادمة لن توفر سوى 4039 وحدة سكنية، في حين يظل الحديث محل جدل لا ينتهي عن رفع سقف القروض الإسكانية، فيما تفوق طلبات الإسكان السنوية 7000 طلب وهي مرشحة للزيادة بكل تأكيد.

وحتى نحظى بمتابعة أمينة لبرنامج عمل الحكومة خلال السنوات الأربع القادمة يتوجب علينا القول ان توجهات الحكومة حيال تطوير البنية التحتية قد حققت نجاحا نسبيا مقبولا، بمثل ما نجحت في تحجيم قضية البطالة، ويبدو أننا بصدد خطوات جادة نحو تطوير التعليم في جميع مراحله وتحسين مخرجاته. ولكن علينا القول بعد ذلك ان جملة من القضايا المفصلية تجاه عملية التنمية الشاملة لا زالت تحتاج الى معالجات مختلفة بكل تأكيد، فلا زلنا نجهل عدم وجود خطة واضحة المعالم للتعاطي مع القضية الإسكانية، فأين هو مشروع المدينة الشمالية وأين مشروع البحير الإسكاني ومشروعا سترة والحد وغيرها من المشاريع الإسكانية المعطلة منذ فترة طويلة، يحدث هذا في الوقت الذي لم نسمع إجابة بعد وبشكل واضح عن مغزى التردد في التوجه نحو الشراكة مع القطاع الخاص في هذا الصدد.
ومن جهة أخرى يبقى الحديث حول تنويع مصادر الدخل غامضاً دون وجود خطة واضحة المعالم قابلة للتنفيذ وهو حديث يصطدم بحقيقة مقلقة مفادها أن اكثر من 75% من الدخل القومي للدولة لازال يضعنا تحت رحمة تقلبات أسعار النفط ! ولا زالت البيئة الاستثمارية طاردة بسبب تفشي الممارسات البيروقراطية وبعض وجوه الفساد وهو أمر بحد ذاته يحتاج الى برنامج عمل لا تنقصه الجدية، ولا زالت محدودية الأراضي المخصصة للاستثمار تقف عائقا أمام جلب الاستثمارات الخارجية والمحلية، وتظل مسألة استيراد الغاز عائقا حقيقيا أمام أي تطور مستقبلي تنوي الدولة المضي فيه بالنسبة لتنويع مصادر الدخل في الوقت الراهن، وهي قضية لا يمكنها ان تنتظر نتائج مشاريع التنقيب الجارية والتي لن تكون متوافرة قبل العام 2017 كما أعلنت الحكومة مرارا، وهو أمرا جدا معيق لتوجهات أخرى أعلنتها الحكومة من خلال برنامجها للتحول نحو الاستثمار في الصناعات الصغيرة والمتوسطة وما تقدمه من قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.

كذلك فان برنامج عمل الحكومة لم يقدم المزيد من التفاصيل بالنسبة لتوجهات الدولة نحو تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين، ففي ظل تراجع أوضاع الفئات المتوسطة والدنيا المحرك الأساس لعجلة التنمية.
 
 نحتاج بكل تأكيد لإجابات وخطط معلنة في هذا الصدد، كما تبقى مسألة رفع أو توجيه الدعم عن السلع الأساسية هي الأبرز على الساحة، وهي حديث كل مجلس وتجمع نظرا لما تثيره من مخاوف حقيقية ترتبط بحياة الناس ومداخيلهم وبمعدلات الفقر وتوزيع الثروة والعدالة وهي أمور يجب ان تتسق مع خطة البحرين الإستراتيجية 2030، ومن دون الإجابة على كل ذلك وبوضوح سيظل التساؤل مشروعا حيال توجهات الدولة القادمة لتحسين الأوضاع المعيشية للناس! وحتى لا يصبح النقيض لكل ذلك هو ما يصلنا من تسريبات رسمية باتت تأخذ شكل الحقائق عن تراجع الحكومة عن توحيد مزايا التأمينات الاجتماعية والتوجه عوضا عن ذلك نحو زيادة الاشتراكات التأمينية ورفع السن التقاعدية للمواطنين، وعدم الحديث عن  أي توجه لتحقيق زيادة عامة في الأجور في القطاعين العام والخاص، وهي تحديات لابد من التعاطي معها بصورة أكثر عملية، ولابد لمجلس النواب بكل كتله أن يعزز من حضوره تجاهها.
 
 

اقرأ المزيد

حين يأكل النقدُ الجيـوبَ


النقدُ أداةُ تداولٍ ورمزُ قيمةٍ، ومؤشر اقتصاد وشكل تاريخ.
يُفترض أن يقوم النقدُ بدوره كمعادلٍ موضوعي للسلع لكنه لا يقوم بذلك فقط، بل يتمرد ويهيمن بذاته أيضاً، بل يتحولُ إلى كائنٍ معبود وهو الصنم الحديدي أو الورقي.

لقد اجتاحت موجاتٌ من التضخم العالم، وتركزتْ في ارتفاعِ أسعار السلع الأولية، خصوصاً منها السلع الغذائية وأسعار الطاقة، وعلى وجه الخصوص أسعار النفط (.
 
وتوضح أحدث معلومات صندوق النقد الدولي ما يلي:
 
أولاً: ان أعلى متوسط سنوي لمعدل التضخم للفترة 2000-2004 قد سُجل بحوالي 3% لدولة الإمارات العربية المتحدة؛ بينما سُجّل أدنى متوسط له لسلطنة عُمان وبلغ حوالي سالب 30 %
ثانياً: ان المتوسط السنوي لمعدل التضخم في دولة الكويت لنفس الفترة قد بلغ 1,2%.
 
ثالثاً: انه وفي ماعدا مملكة البحرين التي حافظت على معدل متدن يقل عن 3% حتى عام 2007، فقد شهدتْ باقي دول مجلس التعاون ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات التضخم خلال الفترة منذ عام 2000).

البحرين وعُمان تنتميان إلى الدول الفقيرة في المنطقة بينما تنتمي الكويت والسعودية وقطر والإمارات إلى الدول الغنية، ولهذا فإن الظاهرات النقدية مختلفةٌ بين الفريقين، فثمة دولٌ تضخُ كميات هائلةً تنتشرُ في الاقتصاد برمته وبين أغلبية الناس المواطنين، في حين لا يحدث ذلك في الفريق الآخر.
مستوى معيشة الشعبين العُماني والبحريني لا يتحمل أسعاراً بهذا الارتفاع نظراً للدخل المختلف، أي أن معدلات الأجور شديدة التباين بين الفريقين.

إن تصاعدَ معدلاتِ التضخمِ في تلك الدول الثرية مؤشرٌ كذلك على تصاعد مستوى المعيشة، فالسكان يتمكنون من بناء بيوت فخمة واسعة، ويؤثثونها بشكل عال، وترتفع الفئاتُ الوسطى لمقاربة الأغنياء، وينتشرُ ذلك الرفاه في الاقتصاد وبين مجمل السكان المواطنين فيتأثر به النقدُ وتنسحب الأسعار على مجمل السلع.

انتعاشُ الاقتصاد تضعفه معدلاتُ الأسعار المرتفعة، وكلما ارتفعت معدلات التضخم جسد ذلك تطور مستوى معيشة الناس الاقتصادية، وكذلك وجود فئات تجارية واقتصادية وسيطة تستغل هذه الزيادات في تكوين مواقع لها.

الفئات الوسيطة المستفيدة من التضخم أصغر في عُمان والبحرين، فهي لا تجد أشياء كبيرة تستفيد منها سواء لصغر السوق أو لكمية الدخول النفطية في البلدين. وهذا لا يعني جمود التضخم عند رقم معين، أو بقاءه في سلعة معينة، بل هو يقفزُ من سلعةٍ إلى أخرى حسب مستوى الاستغلال فيها، فإذا تدفقت الموادُ الغذائية وتصاعد الطلب عليها كما حدث في عُمان في إحدى السنوات يرتفع التضخم عن المعدل المنخفض السابق.

إن معيشة الفقراء لا تسمح أن تتصاعد أسعار المواد الأولية الغذائية إلى ما فوق معدلها الطبيعي، وهي مواد غذائية شبه ثابتة محدودة القيمة، في حين يتشكل في الاقتصاد الغني بمدخوله النفطي تنوعٌ في معروضِ هذه المواد الغذائية ويغدو التضخم فيها وارداً. وهذا نجده لدى العمالة الأجنبية أقل قيمة بكثير وأدنى سعراً.

تحسن الإيراد النفطي وضخامة فوائضه في دولٍ الثراء النفطي ينعكس فيها بتوسع المشروعات الاقتصادية والعمرانية وزيادة معدل التضخم، فالرمز النقدي هنا دليل عافية وصحة اجتماعية وثراء يتغلغل بين العامة، كما أنه شكل استغلال سياسي اجتماعي، بتوسع الفئات الغنية والوسطى وقيام طباعة الورق النقدي وإيجاد ثراءات ومشروعات كبرى ومشكلات اقتصادية كذلك.

تتكون فئتان نقديتان كبريان في كلِ دولة خليجية، فالفقراءُ والعمال وخاصة العمال الأجانب يتجمعون في قطب نقدي يدافع عن أسعار المواد الضرورية والإيجارات المنخفضة ويقاوم التضخم، والفئات الوسطى تتأرجح تتداخل مع الفئات الغنية في تكوين أسعار مرتفعة، فتشكل لها سوقاً خاصة وخدمات مختلفة، لكن الفئات الوسطى هي التي تتركز فيها الديون والتآكلات الاقتصادية بحكم اندافعها للاستهلاك وطموحها الاجتماعي، وتجمح بين أقصى اليسار إلى أقصى اليمين في السياسة.

 
أخبار الخليج 29 ديسمبر 2010

اقرأ المزيد

الانسحاب الأمريكي من التسوية


لم تكد مفاوضات التسوية بين السلطة الوطنية الفلسطينية و”إسرائيل”، تنطلق في سبتمبر/أيلول الماضي بوساطة أمريكية (حصرية كالعادة)، حتى أهالت واشنطن نفسها التراب عليها بإعلانها تخليها عن محاولاتها إقناع “إسرائيل” بتجميد الاستيطان لمدة ثلاثة أشهر من أجل تشجيع الجانب الفلسطيني على الانتقال للمفاوضات المباشرة مع الجانب “الإسرائيلي” .
 
وكان لا بد لهذا الانهيار السريع لمفاوضات التسوية وإعلان واشنطن رسمياً عن عجزها وفشلها في ثني “إسرائيل” عن المضي في مشاريعها الاستيطانية التوسعية، أن يقابل بانطلاق الأعياد والأفراح في “إسرائيل”، حيث سارعت حكومتها للإعراب عن الارتياح لهذا القرار الأمريكي، فيما بدا طاقم رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس الذين لا شغل ولا هم لهم سوى الانسحاق في دوامة المفاوضات التي أدمنوها لحد البؤس، وكأن شلالاً صقيعياً قد صُبَّ عليهم، فاهتزت أبدانهم مقشعرة .
 
بالعربي الفصيح فإن أمريكا ومعها “إسرائيل” تقولان للفلسطينيين ولكل العرب، وبالفم الملآن، إن المفاوضات هي السبيل الوحيد لإعطائهم أشلاء “الدولة” الفلسطينية الموعودة (على 18% من أراضي فلسطين التاريخية) والتي لا تكاد عملية القضم منها تتوقف يوماً واحداً، ومع ذلك فإنهما قد أوصدتا بابها، أو لنقل، تدقيقاً، أبقتاه موارباً لإبقاء السلطة الفلسطينية مولعة دائماً باستئناف لعبة المفاوضات .
 
وقد قامتا، أمريكا و”إسرائيل”، عملياً بذلك بشطب أبسط وأول مقوم من المقومات المسوِّغة لانطلاق المفاوضات، وهو المتعلق بتجميد (لاحظ ليس وقف) أعمال الاستيطان في الأراضي المُفترض إقامة الدولة الفلسطينية الموعودة عليها .
 
الطريف أنه حتى بعد ذلك الموقف الأمريكي الصادم، أو المفروض أن يكون صادماً بل ورادعاً لطاقم السلطة الوطنية الفلسطينية من التمادي في المشاركة في المهزلة التفاوضية منذ تسعة عشر عاماً، فإنه لا يبدو أن شيئاً ما قد تغير في ما يتعلق بموقف أركان السلطة من المفاوضات .
 
مسؤول فلسطيني توقع أن يتم اللجوء إلى عقد مفاوضات غير مباشرة في واشنطن (!!) . . ما يعني ضمناً موافقة السلطة على المشاركة فيها .
 
صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين قال الأربعاء 8 ديسمبر/كانون الأول 2010 في القاهرة إن القيادة الفلسطينية تأمل أن تعترف الإدارة الأمريكية بالدولة الفلسطينية ضمن حدود 1967 .
 
الواقع يقول إن السلطة الوطنية الفلسطينية ليس لها أي خيار آخر سوى خيار المفاوضات مهما كانت كسيحة، ومهما كان شكلها، مباشرة أم غير مباشرة، وذلك بعد أن اختارت هي بمحض إرادتها حبس نفسها في هذا الخيار الوحيد الأوحد، وذلك نتيجة لارتباط مصير السلطة واستمرارها بتوفر نفقاتها التشغيلية الجارية من مصادرها التمويلية، وهي هنا الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أساساً .
 
وإذا كانت واشنطن قد فشلت في “إقناع” “إسرائيل” بتجميد الاستيطان لخوض المفاوضات المباشرة، فكيف لها أن تقنعها بالانصياع لاستحقاقات السلام في المفاوضات غير المباشرة التي عادت واشنطن لتسويقها عبر إرسال مندوبها جورج ميتشل ودعوات وزيرة خارجيتها هيلاري كلينتون المثقلة بوطء أطنان وثائق “ويكيليكس” .
 
ثم إننا يجب أن نتخلص من وهم دور الوسيط المزعوم الذي تقوم به واشنطن في “مراوحات” التسوية، فهذا الوسيط ما أن أعلنت البرازيل وبعدها الأرجنتين ثم بوليفيا، الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود ،1967 حتى هرع مباشرة لإعلان توقفه عن مطالبته “إسرائيل” بتجميد الاستيطان لاستئناف المفاوضات معها .
 
 . . في رام الله عقدت مركزية فتح اجتماعاً الأحد 12 ديسمبر/كانون الأول 2010 برئاسة الرئيس محمود عباس لبحث آلية التحرك الفلسطيني في ظل فشل المفاوضات مع “إسرائيل”، وقررت تفعيل المقاومة الشعبية السلمية للاحتلال “الإسرائيلي” في كافة الأراضي الفلسطينية . فإلى أي حد يمكن تصديق هذه النبرة “المنحرفة”  ولو قليلاً  عن الصراط التفاوضي المستقيم؟
 
مع أن التكهن صعب، إلا أن موافقة القيادة الفلسطينية وبضمنها أعضاء مركزية فتح أنفسهم، على التعاطي مع مقاربة (لعبة) ميتشل الجديدة (تفاوض غير مباشر على قضايا الحل النهائي)، وتصريحات أحمد بن حلّي الأمين العام المساعد للجامعة العربية لإذاعة “بي . بي . سي” (الأربعاء 15/12/2010) المرتبكة والمتلعثمة لحد الشفقة، تذهب إلى أن السلطة الوطنية الفلسطينية والجامعة العربية ماضيتان في مجاراتهما للعبة الأمريكية إلى آخر شوطها الذي لا تبدو له نهاية .

اقرأ المزيد