المنشور

2012 عام الشعوب

اليوم ينتهي عام حافل بالمتغيرات والتحولات النوعية بسلبياتها القليلة
وإيجابياتها الكثيرة، حيث البطولة الرئيسية فيه هي لشعوب العالم، فلم يعد
التاريخ يُكتب للملوك بل تسطره الشعوب بامتياز كبير.


عام 2012 هو العام الثاني للثورات العربية، فإضافة إلى استمرارها هناك تغير
نوعي في وعي الشعوب لتعديل مسارات الثورات بعد أن استحوذت عليها القوى
الإسلامية لأسباب عدة، منها عدم خبرة الشعوب العربية بالثورات الديموقراطية
الاجتماعية التي تحدث للمرة الأولى في تاريخ العرب، بعد أن كانت تسود حركة
التحرر الوطني في البلدان العربية الانقلابات العسكرية ضد الاستعمار
والاقطاع بالقرن الماضي، والسبب الثاني منطقي في جميع الثورات وهو أن
الأنظمة القديمة الرأسمالية تحديداً لا تتخلى بسهولة عن امتيازاتها فتقاوم
بشراسة عن طريق حرف الثورات عن مساراتها والقيام بثورات مضادة، والسبب
الثالث هو عدم سماح العالم الغربي والأميركي وإسرائيل بضياع نفوذهم وانتهاء
تمتعهم بثروات الشرق الأوسط الهائلة، فتُعمل مؤامراتها وتحالفاتها مع
الوجوه البديلة لتلك التي اهترأت وانتهت صلاحيتها سواء كان البديل إسلامياً
أم غير إسلامي.


وشهد عام 2012 حراكاً شعبياً غير مسبوق في الكويت وكذلك في بعض دول الخليج
والأردن، كما يشهد العام قرب انتهاء نظام الأسد المستبد رغم كل المجازر
والمآسي ضد الشعب السوري الشقيق ورغم التدمير شبه الكامل للمدن السورية
العريقة.


كما شهدت قارات العالم في العام المنصرم حراكاً شعبياً ضخماً ومداً ثورياً
في الولايات المتحدة ودول أوروبا، رفضاً لسياسات صندوق النقد الدولي والبنك
الدولي التي تدفع حكومات الاتحاد الأوروبي لانتهاج التقشف والخصخصة وتحميل
الشعوب نتائج الأزمة الرأسمالية الاقتصادية العالمية البنيوية والعميقة.


وكان عام 2012 عام صعود اليسار في العالم وإعادة الاعتبار للاشتراكية في
النقد والتحليل والاسترشاد بها كمنهج لبناء مجتمع بديل عن المجتمع
الرأسمالي الآيل للسقوط، فقد فاز اليسار الفرنسي برئاسة الجمهورية حيث نجح
«فرانسوا هولاند» في الانتخابات ضد مرشح اليمين نيكولا ساركوزي، وذكر «رشيد
غويلب» أن «اليسار المتحد» في اسبانيا حقق نجاحات في الانتخابات المحلية
وهو تحالف يقوده الحزب الشيوعي الإسباني، كما ضاعف «تحالف اليسار» في
اليونان بقيادة الحزب الشيوعي اليوناني من أصواته وحصل على المرتبة الثانية
في البرلمان الذي يدخله للمرة الأولى، وفي قبرص تم اختيار الرئيس القبرصي
«ديمتريس كريستوفياس» ليقود الاتحاد الأوربي كأول شخصية شيوعية تقود
الاتحاد، وفي المكسيك جاء مرشح اليسار في المرتبة الثانية، وتستمر في
البرازيل نجاحات أحزاب تحالف اليسار الحاكم في الانتخابات البلدية، وفي
فنزويلا جددت أكثرية الناخبين ثقتهم بمرشح تحالف اليسار والرئيس هوغو
شافيز، وفي بوليفيا استمر تأميم الشركات بعد أن فشلت سياسة الخصخصة وكان
آخرها تأميم شركتي الكهرباء من خلال مرسوم أصدره الرئيس البوليفي
ايفوموراليس يوم السبت الماضي.


وبدأ يعاد الاعتبار إلى الاشتراكية في دول أوروبا الشرقية التي عانت من
فوضى الرأسمالية بعد انهيار المنظومة الاشتراكية، فتضاعف عدد أصوات ناخبي
الحزب الشيوعي الأوكراني كما اعتبر الحزب الشيوعي في جمهورية التشيك الفائز
الحقيقي في الانتخابات المحلية، وهذا ينطبق على شيلي ونيكاراغوا والنمسا
وغيرها من البلدان التي بدأت تتجه يساراً، ما يؤشر لمزيد من نجاحات اليسار
في العام 2013م.

وليد الرجيب

اقرأ المزيد

مجلس التعاون الخليجي وإشكالياته

من حقّ مجلس التعاون الخليجي أن يفخر بقدرته على البقاء طيلة ثلث قرن،
وأن يعتز بالعديد من منجزاته. لكن ذلك لا يمنع ضرورة إلقاء الضوء، بموضوعية
وبحرص على مسيرته المستقبلية، على بعض إشكالاته التي تحتاج إلى تحليل
ونقد.

هناك أولاً إشكالية منهجية تتمثَّل في البطء الشديد في مسيرته.
إن هذا البطء ينمّ عن ضعف في الوعي بأهمية عامل الزمن بالنسبة لحقبة
البترول والغاز التي تعيشها دول المجلس، لكأن قادة الدول الأعضاء غير
مدركين بأن تلك الحقبة ستكون عابرة، وأن الثروة الهائلة التي يولّدها
البترول والغاز هي فرصة تاريخية لن تتكرَّر، ويجب أن تستعمل لتحقيق إنجازات
تنموية كبيرة.

فقدان عامل الإحساس بعامل الزمن تجلَّى بشكل واضح في
موضوع الوحدة الجمركية التي حتى بعد مرور ثلاثين سنة على البدء بتنفيذها،
نقرأ تصريحاً لأحد مسئولي أمانة المجلس بأن الاتحاد الجمركي لن يكتمل قبل
العام 2015.

الأمر نفسه ينطبق على مواضيع السوق الخليجية المشتركة والعملة الموحدة والنظام الدفاعي الواحد وغيرها.

هناك ثانياً إشكالية إبقاء رؤساء الوزارات خارج هيكلية عمل المجلس.

فبينما
يشارك رؤساء الدول من خلال اجتماعات القمم الدورية ويتخذون القرارات إلا
أن تلك القرارات تحال إلى مجلس وزراء الخارجية لمتابعة تنفيذها. من هنا
وجود تباطؤ وضعف في التنفيذ، إذ إن وزراء الخارجية ليس لهم سلطان على مختلف
الوزارات. ولو أن القيادات العليا كانت جادةً في سرعة ودقّة التنفيذ لخلقت
مجلس رؤساء وزارات ليكون أداة تنفيذ لقرارات مؤتمرات القمة، إذ إن رؤساء
الوزارات لهم سلطان على كل الوزارات وعلى كل مؤسسات الحكومات الرسمية.

هناك
ثالثاً إشكالية الهوس بتحقيق التعاون والتكامل في حقلي الاقتصاد والأمن
بدلاً من الاتفاق على خطة استراتيجية تنموية شاملة كل الحقول. من هنا تبدو
الأولويات والقرارات مجزَّأة وخاضعة لانفعالات وقتيّة تجاه أهداف أو أحداث
طارئة. من هنا أيضاً التهميش المفجع للجوانب السياسية في مسيرة المجلس،
وهذه هي الإشكالية الرابعة.

فلو اهتمَّ المجلس بالجوانب السياسية منذ
بداية إنشائه لأصبح لدى المجلس سياسة خارجية موحَّدة، ولما رأينا
الاختلافات الكبيرة، بل وأحياناً المتناقضة والمتصارعة، حول علاقات المجلس
بمحيطه العربي والإقليمي والعالمي. ويكفي ذكر اختلاف التعامل مع الكيان
الصهيوني، ومع ثورات وحراكات الربيع العربي والثورات المضادّة، ومع نفوذ
وتدخّلات وإملاءات الإمبريالية الأميركية، ومع الفتنة المذهبية الطائفية في
أرض العرب بما فيها الخليج العربي، حتى ندرك فداحة عدم الاتفاق على أسس
مشتركة للسياسة الخارجية.

لكن الإشكالية السياسية الأفدح، هي في عدم
مواجهة الاتفاق على أسس مشتركة أو على الأقل متقاربة للعلاقة بين أنظمة
الحكم وشعوبها. لو أن الوعي السياسي عند المسئولين الكبار كان عميقاً بما
فيه الكفاية، وكان مدركاً لروح العصر الذي نعيشه، لأدركوا أن كياناً ينشد
أن يكون سياسياً – اقتصادياً – اجتماعياً – ثقافياً، كما ينصّ عليه نظام
تأسيس مجلس التعاون الخليجي، لا يمكن أن يكون مستقراً وقادراً على الانتقال
من مرحلة التعاون إلى مرحلة الوحدة، بينما فيه تناقضات هائلة في الحياة
السياسية الداخلية.

إذ كيف يتعايش جزء قائم على دستور حديث عقدي
يحتوي على كثير من المبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان وفيه سلطة تشريعية
منتخبة انتخاباً حراً ولها سلطات تشريعية ورقابية غير مقيدَّة، كيف يتعايش
مع جزء ليس فيه دستور أو فيه دستور غير عقدي ومقرّ من خلال استفتاء شعبي،
وليس فيه برلمان منتخب بصلاحيات كاملة، وبالتالي لم يقترب حتى من أبجديات
الديمقراطية المتواضعة.

من هنا، فإن الحديث عن وحدة تلك الدول يحتاج
أن يسبقه حديث عن ضمانات بألا تكون الوحدة، وهي منشودة ومقدّسة من قبل
الشعوب، على حساب أيّ مكتسبات حقوقية أو ديمقراطية في هذا المجتمع أو ذاك.

وهناك
خامساً إشكالية هوية مجتمعات مجلس التعاون، ونعني بها إشكالية التركيبة
السكانية في دول المجلس. إن نسبة العمالة الأجنبية تتراوح بين ثلاثين في
المئة في عمان إلى تسعين في المئة في الإمارات. ولو كانت غالبية تلك
العمالة من الأقطار العربية لما كانت هناك إشكالية، لكنها من دول غير عربية
وقسم كبير منها غير إسلامية. ومع أن الكثير قد كتب وقيل عن الأخطار
السياسية والثقافية الكامنة في هذه التركيبة السكانية المقلوبة والحاملة
لأخطار مستقبلية هائلة على جميع دول المجلس وبالأخص على هوية مجتمعاته، إن
لم تكن على الوجود العربي في هذا الجزء من الوطن العربي، إلا أن المجلس لم
يتعامل مع هذا الموضوع بالجدية المطلوبة وبالسرعة الضرورية وبالشعور
بالمسئولية القومية. لقد سمح للجوانب الاقتصادية النفعية المؤقتة وللهلوسات
الأمنيّة غير المبرّرة، أن تعلوا على الجوانب القومية ومتطلبات المحافظة
على الهوية العروبية.

ما لم يتوجَّه فكر وتتوجّه ممارسات هذا المجلس
للحقيقة الأساسية، وهي أن هذا المجلس ليس فقط همّاًَ من هموم الأنظمة
السياسية الحاكمة وإنما هو في قلب هموم شعوب دول المجلس، فإن الإشكاليات
التي ذكرنا، وغيرها كثير، ستبقى دون حل، وستضيع فرصة تاريخية نعيشها الآن،
ولن تعود.

علي محمد فخرو
صحيفة الوسط البحرينية
اقرأ المزيد

رجــــــــل عــــــــــرفتـــــــــــــــــه – ابراهيم بن علي الماجد

هو رجل لا يمكن إلا أن يكون بحرينياً.. يمكنك أن تتصوره أي شيء، وعلى أية
هيئة أو أية صورة، ولكن لا يمكنك أن تتخيله غير ذل . هو من صميم هذه الأرض،
معجون من ترابها، مندمجاً معها، تنضح منه وهو ينضح منها، مشبعاً بها روحاً
ورائحةً.. محباً لها وهي محبةٌ له، يعطيها من غير حدود وهي أعطته وصاغته
خَلقاً وخُلقا. سعيدٌ بها وهي سعيدةٌ به، وحتى إذا ما قست عليه مرة أو بعض
مرات فهو أيضاً سعيدٌ بقسوتها، يعتبر ذلك تقصيرا منه في حبه وعطائه فيزداد
حباً لها وعطاء.. عرف الكثير من الدول وعاش في بعضها ولكن ظلت البحرين
بالنسبة له على الدوام البداية والمنتهى.. جميل الوجه، باسم الثغر، تكاد
تطير فرحاً عندما يستقبلك بابتسامته الجميلة، خفيف الظل، صاحب فكاهة ساخرة
قد تصل في حدتها إلى المرارة.. ومع ذلك، فهو رجل صلبٌ وعنيد. خُلق لكي يكون
ثائراً ليس بالمفهوم السياسي فقط، بل وحتى بالمفهوم الاجتماعي الواسع..
يكره الضيق ويرنو إلى السعة، روحه حرةٌ لا تطيق القيود مهما كانت مسمياتها.
التمرد فيه غريزة متأصلة شاخصة على الدوام.. ومع ذلك فهو رجل اعتدال، ذو
عقل راجح، يكره التطرف أياً كان جهته، يسارياً هو أو يمينياً، إسلاميا كان
أو قومياً، بل إننا لا نجافي الحقيقة إذا ما قلنا بأنه قضى جل حياته في
مكافحة التطرف بأنواعه وأشكاله المختلفة.. وهو فوق كل ذلك من بيت كريم.. هو
رجل أُدين له بالكثير.. انه الأخ والصديق العزيز المحامي المرحوم السيد
محمد بن السيد يوسف السيد الرفاعي ( أبو سلام) الذي رحل عنا منذ أيام قليلة
تاركاً وراءه تاريخاً حافلاً من الوطنية والعطاء، وسيرة مليئة بالنضال
والصبر والكفاح ضد كل أنواع القهر والتخلف والتطرف.
عندما كان قدري جميلاً، مع بداية سبعينات القرن الماضي، قيض الله لي التعرف
بالأخ محمد السيد (هذا هو الاسم المختصر الذي اشتهر به والذي كان ذا صيت
حينها في صفوف المعارضات العربية التي كانت سائدة في ذلك الوقت)، حينها كنت
في العشرين من عمري أدرس العلوم السياسية بجامعة الكويت.. وقد شكل هذا
الحدث بالنسبة لي مفارقة حياتية حاسمة وفاصلة بين مرحلة سادتها الحماسة
والسذاجة والاندفاع، وبين مرحلة تبوأ فيها الفكر مكان السيادة والقيادة..
هكذا كان فعل وتأثير محمد السيد يوسف الرفاعي في مريديه، انه رجلٌ قادر على
أن يدخلك مرحلة النضج عنوة ويعيد إليك روحك الخلاقة دون إرادة منك.. رجلٌ
يعرف كيف يوقظ فيك العقل ويبوأه مكانه الطبيعي كقائد وسيد، ويجردك من
حماستك الزائفة واندفاعاتك الخطرة، ويعيدك إلى أصلك الذي خلقك الله من أجله
باعتبارك كائنا مفكرا كرمه الله على سائر العالمين.
لقد جمعتني مع «أبو سلام» في تلك الفترة الزاهرة من العمر، ومع غيره من
رفاقه الآخرين من السياسيين والمنفيين العرب الذين ضاقت بهم بلادهم في ذلك
الزمان، ووجدوا في مساحة الحرية التي كانت توفرها الكويت في سبعينيات القرن
الماضي ملاذاً آمناً ومجالاً للتنفس وللرزق أيضاً، لقاءات كثيرة وحوارات
طويلة كانت جلها تتم في منزله بمنطقة حولي على ما أذكر، إلا القـليل منها
عندما يكون هـناك ضيف زائر، كسياسي بارز أو مفكر ذي شأن، فإنها تتم عادةً
في بيوت أحد الأخـوة الكويتيين التي تتسع لمثل تلك اللقاءات. على كل حال،
كان جل المشاركين في تلك اللقاءات بما فيهم الضيوف من ذوي التوجهات
اليسارية بمختلف أطيافها إلا القليل منهم. والحقيقة أن النقاشات والحوارات
التي كانت تجري في تلك الجلسات كانت مثيرة ومفيدة، خاصة بالنسبة لشاب غر
مثلي، حيث كانت تتسم بالعمق والرقي والفهم الواسع، ذلك أن أصحابها كانوا من
أهل الفكر والثقافة والسياسة والتجربة المغموس بعضها بالمرارة والألم.
حينها كنت شغوفا بأحاديثهم وقصصهم وتجاربهم ومعاناتهم وحتى مـعـاركهم
السـياســية والعسكريـة والتي عادة ما كانت تنتـهي بالهـزيمة والخسران !..
في تلك الحوارات، كان أبو سلام رحمه الله، كعادته، فارس الساحة الذي لا يشق
له غبار. كان عندما يملك زمام الكلام يأخذك بأسلوبه المميز ونهجه الممتع
وحديثه الناضج ليحلق بك في أجواء رحبة وواسعة من الشرح العاقل والتحليل
السياسي المتزن على الرغم من ضيق المساحات وقلة الأدوات السياسية والقيود
التي تفرضها عليه نظريته الماركسية التي كان ملتزماً بها في ذلك الحين، إلا
انه مع ذلك كانت لديه من البراعة السياسية ما يجعله قادراً على توظيف،
وبشكل يثير الإعجاب، كل المعطيات مهما قل شأنها للاستفادة منها في التدليل
على صحة وسلامة وجهة نظره.. لقد كان رحمه الله بامتياز رجل سياسة.
لقد أثر فيَّّ أبو سلام تأثيراً كبيراً، وقدم إليَّ الكثير من المحبة
والعطاء والكثير من تجاربه وخبرته، وكنت حينها اقترب منه ومن فكره السياسي،
إلا أن لوثة العقل التي أوقظها هو في نفسي، والتي مازلت أعاني منها حتى
اليوم، أبقت على الدوام قدراً من الشك الذي أخذ يكبر شيئاً فشيئاً ليحولني
سريعاً وبعد حين من معجب ومناصر لأفكار اليسار إلى منافح لها.. بعد ابتعاد
الأفكار أخذت الحياة هي الأخرى تبعدني عن أخي وأستاذي محمد السيد.. وعلى
الرغم من هذا التباعد، إلا أن كانت له، على الدوام، في القلب مودةُ واحترام
شديدين.
قبل أن ننهي إبحارنا السريع في عالم «أبو سلام» الهادئ حيناً والهادر
أحياناً، لابد أن نتوقف وباحترام عند علامة هامة ومضيئة من علامات عمره
المثير، وأعني بذلك رفيقة دربه الأخت الكريمة أم سلام سلمها الله، تلك
المرأة الرائعة التي آمنت بزوجها إيمانا عميقاً، ونذرت نفسها من أجله،
ووفرت له كل ما يلزمه لممارسة عشقه وجنونه في الثورة والتمرد، وليس أقلها
خدمة تلك القوائم التي لا تنتهي من ضيوف أبي سلام.. لله درك يا أختي، لقد
كان أبو سلام يستحق أن تكون له زوجةٌ مثلك.
في آخر لقاء جمعني معه في إحدى المناسبات الرمضانية وكان ذلك في عام 2004
على ما أظن وفي أحد فنادق البحرين وبحضور بعض من الأصدقاء، أثار أبو سلام
كعادته العديد من القضايا، وكان تلميذه في هذه المرحلة من العمر قادراً على
أن يضيف الكثير. ولقد سعدت أيما سعادة عندما لاحظت القدر الهائل من
التغيير الذي طرأ على فكر وقناعات أبي سلام، فقد كانت شجاعة منه أن يصل إلى
هذا المدى وهو من هو في جماعته ورفاقه.
عندما صافحته مودعاً في تلك الأمسية الأخيرة قال لي «لقد استفدت منك كثيرًا
الليلة.. لقد غيرت بعض المفاهيم القديمة التي كانت عندي». حينها ربما شعرت
بزهو أن يخصك واحد مثله بهذا الإطراء .. أما الآن فإني ألتمس منه العذر
لأسأله، من استفاد من الآخر يا صديقي؟!!.. على الرغم من معرفتي اليقينية
بالإجابة، إلا أنني أشعر بخجل شديد من طرحي لهذا السؤال.. رحمك الله أبا
سلام، سيفتقدك كثيرون، لقد كنت إنساناً جميلاً، وقبل هذا وذاك كنت بحرينياً
أصيلاً.
اقرأ المزيد

مثل هذه الصفعة أشعلت الربيع العربي

حدثان مهمان لا يمكن لهما إلا أن يضعا بصمة واضحة في حوادث هذا العام البغيض على المستوى المحلي قبل أن يطوي صفحاته دون رجعة. ليس لأنهما فريدان من نوعهما، ولكن ربما لأنهما اختزلا أهم ما دار في هذا العام «النحيس».

أول هذين الحادثين هو زيارة وفد برلمان الإتحاد الأوروبي للبحرين، فيما تتمثل الحادثة الثانية في الصفعة التي وجهها أحد أفراد الأمن لمواطن بريء وهو يحمل طفله الصغير على كتفه دون أي مبرر.

زيارة وفد البرلمان الأوروبي، لم تكن الوحيدة من نوعها فيما يتصل بزيارة وفود المنظمات والمؤسسات الدولية والحقوقية للبحرين، فحسب وزير العدل، قامت هذه المنظمات بأكثر من 80 زيارة للإطلاع على الأوضاع في البحرين، ولكن تكمن أهمية هذه الزيارة بالذات لأنها أولا تمثل ضمير الشعب الأوروبي بأكمله، وموقفه مما يدور من انتهاكات لحقوق الإنسان هنا. كما لا يمكن الطعن في مصداقية الوفد وحرفيته ونزاهته أمام العالم، فهذا الوفد لا تأخذه في الحق لومة لائم على عكس برلماناتنا العربية التي يمكن أن تأخذها في الله لومة أكثر من 20 مليون لائم.

بداية لم تكن هذه الزيارة مرحباً بها من الجانب الرسمي بدليل منع أحد أعضاء الوفد من زيارة البحرين، وهي عضو البرلمان الأوروبي الهولندية ماريتي شاك، عن طريق عدم منحها تأشيرة للزيارة بحجة تقديم الطلب في وقت متأخر، حيث أصدرت سفارة البحرين في بروكسل بياناً تقول فيه أن البرلمان الأوروبي تقدّم في الأسبوع الأول من ديسمبر/ كانون الأول – أي قبل ثلاثة أسابيع من الزيارة- بطلبٍ إضافي لإصدار تأشيرة لزيارة ماريتي شاك للبحرين، وأن السفارة لم تتمكن من إصدار التأشيرة لضيق الوقت! في حين أن مثل هذه التأشيرة يمكن أن تُمنح لمعظم مواطني دول العالم بما فيها الدول الأوروبية خلال خمس دقائق فقط وفي مطار البحرين!

ما يهم في هذا الموضوع نقطتان، الأولى هي ما قاله الوفد في مؤتمره الصحافي في ختام زيارته، وتأكيده على أهمية إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين وعدم جواز تعرض الطاقم الطبي للاعتقال والتشهير، والتأكيد على أهمية الحوار الذي يمكن أن يخرج البحرين من أزمتها.

النقطة الثانية المهمة هي ما أورده عضو الوفد ريتشارد هويت على «التويتر»، والتي كشف فيها خبايا اللقاءات التي أجراها الوفد سواء مع الجهات الرسمية أو الجهات الأهلية، والتي لا يمكن البوح بها بشكل رسمي في أي مؤتمر صحافي، ومن بين أهم هذه التغريدات حديثه عن لقائه بالمعتقلين السياسيين، وكيف تحدّثوا له عن تعرضهم للتعذيب، وما اعترف به أحد كبار المسئولين في البحرين من أن هناك سجناء رأي.

الأهم من كل ذلك أن السواد الأعظم من المنظمات الدولية والحقوقية التي زارت البحرين في الفترة الأخيرة كان لها نفس الاستنتاجات ونفس الآراء!

والآن يمكن الحديث عن الحادثة الأخرى، والتي تتصل مباشرة وتدعم ما تتوصل إليه هذه المنظمات من مواقف تجاه الأزمة في البحرين، وهي حادثة صفع أحد رجال الأمن لمواطن على وجهه دون أدنى سبب، سوى أن يثبت رجل الأمن هذا أنه ليس للمواطن البحريني «وخصوصاً من طائفة معينة» أي صفة إنسانية، وأنه يمكن أن يمارس ضده كل أنواع الممارسات الحاطة بكرامة الإنسان، وهذا ما يمكن أن يطلق عليه التطرف في فرض الحل الأمني بدلاً من الحوار.

هذه الحالة لم تكن الأولى من نوعها أيضاً، والتي يتم فيها توثيق ما يمارسه رجال الأمن من عنف غير مبرر، وتوجيه الإهانات للمواطنين دون داعٍ، فلقد شاهدنا كيف يتم الاعتداء بشكل وحشي على مجموعة من الشباب على أحد سطوح المباني في قرية الشاخورة؛ كما شاهدنا كيف يقوم أكثر من تسعة من رجال الشرطة بضرب أحد الشبان وجره في مقبرة بني جمرة؛ وشاهدنا أيضاً كيف يقوم رجال الأمن بكسر أبواب البيوت ودخولها عنوةً في جزيرة سترة؛ وكيف يتم تعذيب أحد الأطفال في قرية الدراز.

لقد شاهدنا الكثير الكثير من مثل هذه الحالات، مع الأخذ بعين الاعتبار أن ما يمكن أن ترصده كاميرات الهاتف النقال أو عدسات آلات التصوير لا يمكن أن يتعدى الـ 1 في المئة مما يجري على أرض الواقع فعلاً من حالات التعدّي على حقوق الإنسان في البحرين. ومع كل ذلك فإن مشهد الغطرسة في فيديو «الصفعة» أوجز كل هذه الانتهاكات.

أحد المغردين كتب على موقعه في التويتر «لقد أحسست بهذه الصفعة على وجهي»، في حين ردّ عليه مغردٌ آخر إنها صفعة على وجه جميع المواطنين، وأن الجميع شعر بها توجّه إلى وجهه.

ألم تكن مثل هذه الصفعة التي وجهتها إحدى منتسبات قوات الأمن في تونس للمواطن البسيط محمد البوعزيزي تمثل جميع الإهانات والتجاوزات التي يتلقاها المواطن العربي على مر سنوات طويلة، لتصبح بعد ذلك عود الثقاب الذي أشعل الربيع العربي؟

جميل المحاري
صحيفة الوسط البحرينية
اقرأ المزيد

مصر تحتاج دستوراً مصرياً



يوضع
الدستور، أي دستور، في أي دولة من الدول، لتنظيم العلاقة بين الدولة
والمجتمع، بين الحاكم والمحكوم لمدى زمني طويل، فالدستور يوضع لا ليعدل أو
يُغير كل شهر أو كل سنة، ولا حتى كل عدد قليل من السنوات . ولذا فانه إن لم
يكن محل توافق وطني عام في البلد المعني، يتحول إلى عامل شقاق وفرقة
وتأزم، بدل أن يحقق الغاية المرجوة منه، في أن يكون وثيقة مُوحدة للشعب،
وجامعة له على كلمة سواء، يحتكم إليها في تنظيم الخلافات، وفي إدارة
العلاقة بين كافة مكونات المجتمع السياسية والاجتماعية، وربما الإثنية
أيضاً، بعضها بعضاً من جهة، وبينها مجتمعة وبين الدولة من جهة أخرى .


وكلما
ازداد وعي الأفراد في المجتمع واشتدت مطالبتهم بالمشاركة في الحكم وصنع
القرار وتوزيع الثروة ونضجت ممارستهم السياسية وامتدت، ازدادت الحاجة
لدساتير تواكب هذا التطور وتلبي حاجاته .


لذا
فإن دولة مثل مصر عرفت الحياة الدستورية منذ عشرينات القرن العشرين على
الأقل حين صدر فيها دستور عام ،1923 وتدرجت في الممارسة السياسية في الحقب
المختلفة، لا يمكن أن تدار بدستور لا يحظى بالتوافق الوطني العام، ولا ينفع
معها تزييف الإرادة الشعبية، عبر التدليس والتزييف ووسائل الإكراه أو
الترغيب، على نحو ما جرى مع الدستور الجديد الذي أعلن الإخوان المسلمون
الحاكمون في مصر أنه نال موافقة الأغلبية .


ما
مفهوم الأغلبية في حالٍ كهذه؟ ألم يكن هوس موافقة 9 .99% من المشاركين في
الاستفتاءات والانتخابات مهيمناً على أذهان حكام عرب عديدين في حقب ماضية؟
هل أجدت هذه النسب الزائفة المزيفة في حجب الحقيقة أو في حمايتهم من
المصائر المفزعة؟ وعن أي أغلبية يجري الحديث حين تكون القوى الحية المنظمة
في المجتمع والمعبرة عن نبضه الحيوي رافضة لما يراد تمريره من اختطاف
لإرادة المجتمع تحت عباءة “الأغلبية”، المطعون في طرق ووسائل تأمينها؟


مصر
تحتاج إلى دستور مصري، يوحد المصريين ويعبئ طاقاتهم لبناء المستقبل، لا
دستوراً للإخوان المسلمين قسم الاستفتاء عليه المجتمع المصري قسمين، وهو
بعد إعلان إقراره سيزيد هذا الانقسام عمقاً وخطورة، وسيدفع بالبلد إلى نفق
الفوضى وعدم الاستقرار وحتى الانهيار الاقتصادي .


هبّ
المصريون منذ عامين ناشدين للحرية والديمقراطية، بديلأً للديكتاتورية
والاستبداد، ومن أجل أن تنال تعدديتهم السياسية والفكرية والاجتماعية فرص
التعبير عن نفسها، عبر إرساء قواعد التداول السلمي للسلطة، لا ليسلموا مصر
لديكتاتورية الإخوان المسلمين .
اقرأ المزيد

الإعراب عن القلق في العرف السياسي



تُبنى العلاقات بين الدول على أساس مبدأ الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لبعضها بعضاً . هذه مبادئ أساسية حرصت الدول المؤسسة لمنظمة الأمم المتحدة على تدبيجها في ميثاق تأسيسها عشية انتهاء الحرب العالمية الثانية (في أكتوبر/ تشرين الأول 1945 تحديداً) .


ثم إن مبدأ السيادة الوطنية يوفر للدول الأعضاء في الأمم المتحدة (عددها اليوم 193 دولة) وضعاً خاصاً في المعاملات الدولية وفي مخاطبة بعضها بعضاً بلغة تعكس هذا المبدأ والمبادئ الأخرى المتكاملة معه . وكما في حالة مخاطبة كبار الشخصيات والقيادات السياسية وقيادات قطاعات الأعمال بلغة تفيض احتراماً وتقديراً (وتبجيلاً في بعض الأحيان)، كذلك الحال بالنسبة إلى مخاطبة الدول ككيانات اعتبارية تمثل شعوباً ومجتمعات لها كينونتها الثقافية والحضارية لابد أن تحظى بمعاملة حضارية راقية عاكسة لاحترام هذه الكينونة . . وذلك بغض النظر عن حجم مساحتها وعدد سكانها وثقلها ومساهمتها في الحضارة الكونية .


من هنا فقد تم الاهتداء إلى ما يسمى باللغة الدبلوماسية، في مخاطبة الدول بعضها بعضاً، حيث وُضعت البروتوكولات والنظم وتم التوافق على الأعراف الدبلوماسية التي يتبادل أعضاء الأسرة الدولية تطبيقها في علاقاتهم المتبادلة . . وتم الحرص خلالها على أن تجيء مفردات لغة التخاطب الدبلوماسي هذه أكثر ميلاً إلى التهذيب واللياقة وأقل فظاظة ونهراً وزجراً .


وبهذا المعنى فإن حكومات الدول والمنظمات الدولية وحتى المنظمات غير الحكومية حينما تريد توجيه رسالة لوم أو امتعاض أو نقد إلى حكومة دولة أخرى، فإنها تختار مفردات وعبارات رسالتها بدقة محسوبة، تكون قصراً، في العادة، على “الإعراب عن القلق” ويمكن أن تتدرج الرسالة المعنونة في مرحلة تالية إلى استخدام عبارة ذات نبرة عالية قليلاً مثل “الإعراب عن القلق العميق” .


وحين يتطور عدم الارتياح إلى نوع من الغضب، فإن اللغة المستخدمة يمكن أن تتخلى عن بعض “عبارات الدبلوماسية الناعمة” إلى عبارات أكثر قوة مثل “الإعراب عن عدم الارتياح” . . مروراً “بالإعراب عن السخط” و”الإعراب عن الغضب” . . وصولاً إلى عبارات الشجب والاستنكار التي تسبق عادة التلويح باتخاذ خطوات أو إجراءات عقابية .


على أن رسالة “الإعراب عن القلق” هي الرسالة الأكثر شيوعاً وتفضيلاً للاستخدام في العلاقات الدولية نظراً، على ما يبدو، إلى استمرار تعبيرها عن متوسط سقف المخاطبات الاحتجاجية للدول إزاء بعضها بعضاً، وذلك على الرغم من التصدعات التي أصابت “جدار” السيادات القومية للدول تحت عصف تيارات العولمة .


الناس العاديون والنخب السياسية والاجتماعية الوجاهية وجموع الأنتليجنسيا ذات المشارب الوطنية، لا تروق لهم مثل هذه اللغة الدبلوماسية التي يعدونها مهادنة ومخاتلة، وهي لا تستحق بالتالي إعارتها أي اهتمام . . ولسان حالهم يقول: هل يمنع الإعراب عن القلق زهق الأرواح؟ وهل يوقف ممارسات التعذيب في السجون؟ وهل يضع حداً للقمع وانتهاكات حقوق الإنسان؟


هي وجهة نظر على أية حال حتى وإن بُنيت على ظواهر الأشياء، مع أن القلق – الذي هو عبارة عن حالة نفسية مَرَضية ناتجة عن مؤثر خارجي مجهول بحسب توصيف علم النفس للقلق – نقول مع أن القلق في الفلسفة يعد أهم مصادر المعرفة، كما ذهب إلى ذلك الفيلسوف الألماني شوبنهور “حينما لا أجد ما يُقلقني فهذا بحد ذاته يقلقني!” .


وأما في الحقل السياسي، والحقل الدبلوماسي تخصيصاً، فإن الإعراب عن القلق، وإن بدا في اللغة الدبلوماسية تعبيراً رقيقاً، ومجاملاً إن شئتم، إلا أنه ينطوي على معانٍ ومغازٍ محددة تفهمها الدوائر السياسية، خصوصاً الحلقة المعنية بالمستوى الأعلى من صناعة القرار، وكذلك كبار العاملين في الحقل الدبلوماسي بوزارات الخارجية . فقد ترمي دولة ما ذات نفوذ معين في العلاقات الدولية من وراء إعرابها عن قلقها أو انزعاجها من مواقف أو سياسات دولة أخرى، إلى نقل حالة القلق والتوجس هذه إلى الدولة المعنونة لها رسالة الإعراب عن القلق . . وقد يصل مدى هذه الرسالة إلى حد اتخاذ خطوات رمزية تأكيداً للموقف المعبر عنه قلقاً .


وبهذا المعنى فإن الدولة حين تعرب عن قلقها إزاء موقف أو حدث أو سياسة ما، فإن قلقها يعني أن هذا القلق تشترك فيه مؤسساتها المدنية والعسكرية كافة . وأنه يعبر عن موقف حكومتها وشعبها معاً، وهو ما يكسبه معنى خاصاً ذا دلالة وقوة معنوية معبرة عن وزن الدولة وحكومة الدولة الذائعة لرسالة القلق .
اقرأ المزيد

على بوابة العام الجديد نجاحات انتخابية لقوى اليسار والأحزاب الشيوعية في 2012


رشيد غويلب 

 

شهد
عام 2012 الذي سنودعه بعد أيام نجاحات انتخابية متميزة لقوى اليسار
والأحزاب الشيوعية في أوربا وأمريكا اللاتينية، وتكتسب هذه النجاحات
مدلولات سياسية وفكرية. منها استمرار زخم  البديل اليساري والتقدمي، وخطر
نظرية “نهاية التاريخ”، وخيبة الآمل الكبيرة التي ولدتها سياسات الليبرالية
الجديدة لدى الملايين من الناس، وتوقهم للبحث عن مجتمع العدالة الاجتماعية
والديمقراطية الحقة، وفي ما يلي إشارة لأهم النجاحات التي حققتها قوى
اليسار والأحزاب الشيوعية ، وهي تبحث وتناضل من أجل غد الإنسان السعيد:


اسبانيا: “اليسار المتحد” يحقق نجاحات طيبة في الانتخابات المحلية





حقق
“اليسار المتحد” نجاحات في الانتخابات المحلية المبكرة التي شهدتها
مقاطعتان اسبانيتان تتمتعان بالحكم الذاتي مؤخرا، فقد استطاع التحالف، الذي
يلعب فيه الحزب الشيوعي الاسباني دورا متميزا، مضاعفة مقاعده في الأندلس
الكبرى لتصبح 12 مقعدا، إذ استطاع “اليسار المتحد” في الأندلس، الواقعة في
الجنوب الاسباني، تحقيق زيادة قدرها4.4 بالمائة ، ليحصل على ما يقارب 11.4
بالمائة ، وفي “استورياس” في الشمال الاسباني ارتفعت النسبة إلى 14
بالمائة. 






وجاءت
نجاحات اليسار في الأندلس لتحول للمرة الأولى منذ 30 عاما، دون وصول
اليمين إلى الحكم، رغم فوز “حزب الشعب” اليميني بالانتخابات بحصوله على
40.6 بالمائة يليه الاجتماعيون الديمقراطيين ب39.5 بالمائة، بخسارة تصل إلى
10 بالمائة، لكنه لم يستطع الحصول على الأغلبية بحصوله على 50 مقعدا من
مجموع مقاعد البرلمان الإقليمي البالغة 109 مقاعد. في المقابل حصل الحزب
الاجتماعي الديمقراطي الذي حكم الأندلس دون انقطاع منذ نهاية ديكتاتورية
“فرانكو”، و بعد أول انتخابات ديمقراطية في عام 1982على 47 مقعدا فقط ،
لكنه يستطيع بالتحالف مع “اليسار المتحد” (12 مقعداً) منع اليمين من حكم
المقاطعة. 






زعيم
قائمة اليسار “دييغو فالداراس” أكد انه لم يتمكن اليمين من الحكم، ولكنه
أكد أيضا ان موقفه هذا ليس صكاً على بياض يقدمه للاجتماعيين الديمقراطيين،
في إشارة منه إلى التحالفات المستقبلية المحتملة في المنطقة. 






لقد
تلقى رئيس الوزراء الاسباني “ماريانو راخوي” وحكومته اليمينية في هذه
الانتخابات العقاب الأول على نهجهم الاستبدادي في انتخابات أرادوا من
خلالها تسويق موضوعاتهم القومية المتطرفة.






فرنسا: جبهة اليسار مفاجأة انتخابات الرئاسة





شكلت”جبهة
اليسار”، التي تأسست في تشرين الثاني عام 2008، والتي يلعب فيها الحزب
الشيوعي الفرنسي دورا متميزا إلى جانب حزب اليسار الفرنسي، وحزب وحدة
اليسار، ومرشحها ” جان لوك ميلينشون” مفاجأة انتخابات الرئاسة الفرنسية.
واستطاعت الجبهة تنظيم أكبر تجمع انتخابي في فرنسا في فترة ما بعد الحرب
العالمية الثانية شارك فيه أكثر من 120 ألف ناخب، وأثار التجمع، الذي
احتضنته ساحة “الباستيل” الشهيرة في 22 آذار الماضي، اهتماما أوربيا واسعا،
وعرض فيه ” ميلينشون” برنامجه الانتخابي المبني على رؤية يسارية جذرية
تدعو إلى: حد أدنى للرواتب والأجور مقداره 1700 يورو شهريا، وفرض ضريبة
عالية على الدخول أكثر من 300 ألف يورو، فضلا عن تأميم البنوك. برنامج جبهة
اليسار هذا يقف بوضوح على يسار برنامج الحزب الاشتراكي، الذي كان
“ميلينشون” عضواً فيه لأكثر من 30 عاما، وخرج من صفوفه بعد أن وقف مع
المعارضين الأساسيين للدستور الأوربي خلال الاستفتاء الذي شهدته فرنسا عام
2005 . 






وحصل 
مرشح الحزب الاشتراكي “فرنسوا هولاند” على 56 بالمائة، وحصلت “جبهة
اليسار” على 11 في المائة، وكان لها دور مرموق في هذه الانتخابات التي
أعادت رئاسة الجمهورية لليسار بعد غياب دام أكثر من 15 عاما. 






 
وحيا السكرتير الوطني للحزب الشيوعي الفرنسي بيير لورون الانتصار الذي
حققه “فرنسوا هولاند” في الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية الفرنسية
قائلا: “اريد ان اهنئ فرنسوا هولاند على انتخابه واؤكد ان النساء والرجال
الذين ساهموا بانتخاب هولاند رئيسا ودحروا ساركوزي قد فتحوا آفاقا جديدة
لفرنسا ولأوروبا “. 






أما
المرشح الرئاسي لليسار جان لوك ميلينشون فقد عبر عن سعادته لدحر ساركوزي،
ناعتا إياه بـ “حفار قبور الخدمات الاجتماعية والعامة للجمهورية “، واعتبر
الانتصار على ساركوزي انتصارا على مشروعه اليميني المتطرف، وان فوز هولاند
هو بشرى عظيمة لفرنسا ولأوربا .






اليونان: “تحالف اليسار” يحل ثانيا ويضاعف أصواته





لقد
فشلت سياسة حكومة تحالف الوسط –  اليمين في  التعامل مع تداعيات الأزمة
التي تعصف في اليونان، و انسحاب احد شركاء التحالف الحاكم الصغار إلى
استقالة الحكومة، وإجراء انتخابات مبكرة. وقد حصلت أحزاب اليسار على 97
مقعدا، في الانتخابات التي جرت في بداية أيار الماضي، منها 52 مقعدا
“لتحالف اليسار” و 26 مقعدا للحزب الشيوعي اليوناني، و حزب اليسار
الديمقراطي 19 ، واعتبر “تحالف اليسار الفائز الحقيقي في الانتخابات، بعد
أن حصد أصوات  أكثر من مليون ناخب وحاز على 16,8 بالمائة واحتل بذلك
المرتبة الثانية في تسلسل القوى الممثلة في البرلمان، الذي يدخله للمرة
الأولى. 






و
بعد ان فشلت الأحزاب الفائزة في الانتخابات التشريعية التي جرت في السادس
من أيار الماضي في تشكيل حكومة جديدة. وشهد النصف الثاني من حزيران إعادة
الانتخابات العامة، التي تميزت حملتها الانتخابية اندماجات في معسكر اليمين
خوفا من فوز كان متوقعاً لليسار.






 
جاءت النتائج مطابقة إلى حد بعيد مع استطلاعات الرأي الأخيرة والتي توقعت
تقدماً طفيفاً لحزب الديمقراطية الجديدة اليميني على تحالف اليسار “سيريزا”
، وهذا ما تحقق فعلا فقد حصل الاول على 29,5 بالمائة (128مقعداً) بزيادة
قدرها 11.28 في المائة، في حين حصل تحالف اليسار على 27.1 في المائة (72
مقعداً) بزيادة قدرها 9.7 في المائة، وحل حزب “باسوك” الاجتماعي الديمقراطي
في الموقع الثالث بحصوله على12.57 في المائة (33 مقعداً) بخسارة قدرها0.16
في المائة، وكان الموقع الرابع من نصيب  حزب المستقلين اليونانيين الذي
حصل على 7.45  في المائة (20 مقعداً) بخسارة قدرها 3,15 في المائة، اما حزب
“الفجر الذهبي” الفاشي فقد حصل على 6,95 بالمائة (19 مقعداً) وحافظ بذلك
على نتيجته السابقة تقريبا. واحتل الموقع السادس حزب اليسار الديمقراطي
بحصوله على  6.6 في المائة  (16 مقعداً) بخسارة قدرها 5، 0 بالمائة  وجاء
الحزب الشيوعي اليوناني سابعا بعد أن صوت لصالحه 4,5 في المائة (12 مقعداً)
بخسارة كبيرة قدرها 3.98 في المائة. 






وعدت
وسائل الإعلام التقليدية تحالف اليسار الفائز الحقيقي في الانتخابات رغم
عدم  تصدره قائمة الفائزين، لنجاحه في مضاعفة نسبة أصوات الناخبين وعدد
المقاعد في البرلمان المقبل خلال تسعة أسابيع فقط فصلت بين هذه الانتخابات
وسابقتها. ولاحظ المتابعون الانتقال الكبير للناخبين داخل معسكر اليسار
لصالح حزب تحالف اليسار وعلى حساب القوى اليسارية الأخرى التي رفضت قبل
الانتخابات الاستجابة للدعوة التي وجهها حزب تحالف اليسار لتشكيل تحالف
اليسار الواسع وتشكيل حكومة يسارية تخرج البلاد من أزمتها 






ولقد
أدى مع الأسف  تعنت الحزب  في مواقفه الى خسارته 50 في المائة من اصوات
ناخبيه، كما ادى رفضه للنداءات المتكررة لقيادة تحالف اليسار للعمل المشترك
وتشكيل حكومة اليسار إلى ضياع فرصة تاريخية ليس من السهل أن تكرر.






قبرص: شيوعي يقود البرلمان الأوربي


تولت
قبرص في الأول من تموز الماضي الرئاسة الدورية للاتحاد الأوربي لمدة ستة
أشهر، وبهذا يصبح الرئيس القبرصي ديمتريس كريستوفياس أول شخصية شيوعية تقود
الاتحاد الأوربي.






وقال
الرئيس القبرصي ديمتريس كريستوفياس إنه سيستغل ترؤس بلاده للاتحاد الأوربي
للدفع من أجل مزيد من العدالة الاجتماعية، فيما جدد اتهاماته لتركيا
باحتلال شمال قبرص. وقال : لا تقلقوا: لا تعتقدوا أن البلد الشيوعي سيسعى
لتدمير الاتحاد الأوربي، بل سيحاول جعله أفضل، يتمتع بمزيد من العدالة
الاجتماعية”.






وكتبت
رئيسة كتلة اليسار في البرلمان الأوربي “كابي تسيمر” تعليقا يسلط الضوء
على فرادة تسلم قبرص لرئاسة الاتحاد الأوربي جاء فيه: يمكن أن يعتبر العرض،
الذي قدمه الرئيس القبرصي لخطط رئاسته للمجلس الأوربي، درسا بليغا. فنحن
إزاء يساري يتولى أعلى المناصب في الاتحاد الأوربي، ويقدم نفسه بشكل حقيقي
وثقة عالية ويفتخر بجذوره وهويته الشيوعية. ولا يستطيع ممثلو مؤسسات
الاتحاد بما في ذلك أعضاء البرلمان الأوربي إخفاء احترامهم له.وعلى الرغم
من كل هذه الظروف فان تولي الرئيس القبرصي رئاسة المجلس الأوربي مفيد
لليسار، وسنرافق رئاسته بروح تضامنية – انتقادية عبر تقديم مقترحات ملموسة
بشأن نقاط البرنامج خلال الأشهر الستة القادمة.


المحافظون يخسرون انتخابات الرئاسة المكسيكية


في
الانتخابات الرئاسية والتشريعية في المكسيك، والتي جاءت نتائجها مطابقة
لاستطلاعات الرأي التي أجريت قبل الانتخابات بأيام قلائل. وقد حصل  “إنريكي
بينا نييتو” مرشح الحزب الثوري المؤسساتي على 38.15 في المئة.






 وقد
حكم الحزب هذا المكسيك لمدة 71 سنة متواصلة، منذ تأسيسه في عام 1929 حتى
عام 2000، ولهذا تطلق عليه أيضا تسمية حزب الدولة، وهو حزب عضو في
الاشتراكية الدولية وينتمي إلى الجناح اليميني فيها. 






وجاء”
اندريس مانويل لوبيز اوبرادور” مرشح ائتلاف اليسار ثانيا بحصوله على 31,64
في المئة، وهو رئيس الحزب الثوري الديمقراطي وهو حزب يساري تأسس عام 1989
كخلف لائتلاف من الاشتراكيين والأحزاب الليبرالية، ويشكل القوة الرئيسة في
تحالف يساري يضم أحزابا يسارية صغيرة وحركات اجتماعية واسعة يقدر أعضاؤها
بالملايين، ولا يضم التحالف جميع قوى اليسار المكسيكية.


 

ورصدت 
تقارير المراقبين مخالفات عديدة في جميع أنحاء البلاد. وانتقد المرشح
اليساري “لوبيز أوبرادور” عدم وجود تكافؤ فرص بين المتنافسين في وسائل
الإعلام .وفي الانتخابات التي جرت  بموازاة انتخابات الرئاسة ، لاختيار 
ستة من حكام الولايات، فاز مرشح اليسار بمنصب عمدة العاصمة بحصوله على 68
في المائة، والى تقدم مرشح اليسار في ولاية “موريلوس”.










البرازيل: استمرار نجاحات أحزاب تحالف اليسار الحاكم


شهدت
الانتخابات البلدية التي جرت في السابع من تشرين الأول الماضي استمرار
نجاحات الحزب الشيوعي البرازيلي وحليفه حزب العمل الذي تقوده رئيسة
الجمهورية ” ديلما روسيف”، الذي احتل الموقع الأول بحصوله على 17,2 مليون
صوت (16.8 في المائة) ، وارتفع رصيده في رئاسة البلديات من 558 إلى 636.
واستطاع الحزب الشيوعي رفع عدد البلديات التي يحكمها الى 56 بلدية محققا
زيادة قدرها 25 في المائة.






فنزويلا: تجديد الثقة بمرشح تحالف اليسار للمرة الثالثة


جددت
أكثرية الناخبين في فنزويلا، في السابع من تشرين الاول الماضي، ثقتهم
بمرشح تحالف اليسار والرئيس الحالي “شافيز” للمرة الثالثة على التوالي.
وحصل الرئيس على 55 في المائة من اصوات الناخبين مقابل اقل من 45 في المائة
لمنافسه مرشح تحالف اليمين المعارض “طاولة الوحدة الديمقراطية” “هنريك
كابريلس رادونسكي”. وحصل اربعة مرشحين اخرين اشتركوا في السباق الانتخابي
سوية على اقل من 1 في المائة.






وحصد
الرئيس الفنزويلي الاكثرية في 20 ولاية اتحادية من اصل 24 ولاية، بما فيها
الولاية الواقعة على الحدود الكولومبية التي كانت تعتبر من معاقل المعارضة
الرئيسة. واعترف مرشح اليمين ، في كلمة القاها في مقر حملته الانتخابية. 






إن
أهمية انتصار تحالف اليسار تكمن في استمرار زخم التجارب اليسارية في
أمريكا اللاتينية، وفي المثل المحفز الذي يمنحه هذا الاستمرار لقوى اليسار
في العالم أجمع.






لقد
أعطى الشعب الفنزويلي مثلا في الحرص على المشاركة في العملية الديمقراطية،
إذ وصلت نسبة المشاركة في التصويت 80 في المائة، في حين تشهد أوربا
والولايات المتحدة الامريكية تراجعا كبيرا في المشاركة في العمليات
الانتخابية المختلفة.






وقد
حقق الحزب الشيوعي الفنزويلي نتائج مثيرة للانتباه مستمرا في تحسين نتائجه
الانتخابية منذ بدأ التجربة الفنزويلية في عام 1999 التي بدات بحصوله على
0,5 في المائة واصبحت في الانتخابات الاخيرة 3 في المائة، محتلا بذلك مع
فارق كبير الموقع الثاني بعد الحزب الاشتراكي بزعامة “شافيز” في اطار 
تحالف “القطب الوطني الكبير” .


اوكرانيا: الشيوعيون يضاعفون عدد أصوات ناخبيهم


استطاع
الحزب الشيوعي الأوكراني مضاعفة عدد أصوات ناخبيه في الانتخابات
البرلمانية التي جرت في  28/ 10/ 2012، اذ حصل مرشحوا الحزب على 13.95 في
المائة متجاوزا ضعف الأصوات التي حصل عليها في انتخابات 2007 ( 5,39 في
المائة)، وبهذا شغل ممثلوا الحزب 32 مقعدا في البرلمان الأوكراني.






جمهورية التشيك: الحزب الشيوعي يحقق أفضل نتائجه منذ عام 2000


اعتبر
الحزب الشيوعي الفائز الحقيقي في الانتخابات المحلية التي جرت في جمهورية
الجيك يومي 12 و 13 تشرين الأول/ 2012، ورغم حصول الاجتماعيين الديمقراطيين
على أعلى الأصوات، إلا أنهم خسروا 75 مقعداً، في حين حصل الحزب الشيوعي
على 68 مقعدا إضافيا مقارنة بانتخابات عام 2008 .






وقد
جاءت نتائج الانتخابات لتعكس نصرا واضحا لعموم قوى اليسار، مقابل هزيمة
مرة لقوى اليمين، فقد خسر الحزب المدني الديمقراطي 78 مقعدا. واحتل الحزب
الاجتماعي الديمقراطي “الاشتراكية الدولية” الموقع الأول حاصلا على 23.6 في
المائة من الأصوات، فيما جاء الحزب الشيوعي ثانيا بحصوله على 20.4 في
المئة، حاصدا 182 مقعدا في عموم مناطق البلاد، محتلا الموقع الأول في
مقاطعتين، ومحققا أفضل نتائجه منذ الانتخابات المحلية الأولى في عام 2000 .






وفي
الجولة الأولى من انتخابات مجلس الشيوخ حقق الحزب الشيوعي نجاحا تاريخيا،
اذ استطاع المرشحون الشيوعيون، في 12 دائرة انتخابية من أصل 27 دائرة،
العبور إلى المرحلة الثانية، واحتل أربعة منهم الموقع الأول في دوائرهم. 






ولأول
مرة،  منذ  انهيار التجربة الاشتراكية، وتفكيك تشيكوسلوفاكيا، وقيام
جمهورية التشيك، يقود الحزب الحزب الشيوعي حكومة، ويسمي رئيس وزراء  احدى
ولايات البلاد. فقد جرى يوم الثلاء الماضي  في “أوستي”ا نتخاب „Old?ich
Buben??ek“  احد قادة الحزب الشيوعي رئيسا للحكومة المحلية بعد تحالف الحزب
مع “الاجتماعيين الديمقراطيين”. و تتألف  حكومة الولاية  من أحد عشر
وزيرا، ستة منهم يمثلون الحزب الشيوعي والبقية يمثلون الحزب الاجتماعي
الديمقراطي، في حين يتكون البرلمان من 55 نائبا منهم  نائبا شيوعيا 20  ، و
13 للاجتماعيين الديمقراطيين، وتتوزع المقاعد المتبقية على أحزاب وحركات
أخرى. وتاتي اهمية قيادة الشيوعيين للتحالف الحاكم في الولاية، كونها تشكل
سابقة ايجابية، يمكن لاحزاب الاشتراكية الدولية في البلدان  الاخرى
الاقتداء بها وعدم الاصرار على رفض التحالف مع الاحزاب  الشيوعية
واليسارية.






شيلي:التحالف الجديد لليسار والمعارضون الآخرون يكتسحون البلديات

 

فازت
التحالفات المعارضة في أغلب البلديات في الانتخابات المحلية التي جرت في
تشيلي يوم الأحد الماضي. وتم انتخاب 340 رئيس بلدية و2200 عضو في مجالس
البلديات. وتعتبر الانتخابات المحلية مقدمة مهمة لانتخابات الرئاسة التي
ستجري في العام القادم.






تنافست
في الانتخابات ثلاثة تحالفات رئيسية، تحالف الوسط – اليمين المتكون من قوى
مسيحية واجتماعية ديمقراطية ويطلق على نفسه تسمية “التحالف”، وقد حكم هذا
التحالف شيلي لمدة 22 عاما انتهت بخسارته الانتخابات العامة في عام 2010 .
وقد غادر حزبان اشتراكيان “التحالف” ليشكلا معاً مع الحزب الشيوعي تحالف”
من اجل شيلي عادلة” اليساري. فيما تشكل التحالف الثالث من حزب ” سيباستيان
بينيرا” الرئيس الشيلى حزب “التجديد الوطني” وحزب “الاتحاد الديمقراطي
المستقل”. وفي بعض البلديات شارك في ألانتخابات أيضا بعض الحركات
الاجتماعية والمستقلين.






وحقق
تحالف اليسار نجاحات كبيره، بفوزه برئاسة 62 بلدية، وبهذا عكست نتائج
الانتخابات لأول مرة اتساع رصيد اليسار بعد عودة الحياة الديمقراطية للبلاد
ونهاية الدكتاتورية الفاشية.






وسبق لقائمة الحزب الشيوعي الشيلي ان فازت 

 بالانتخابات
العمالية في أكبر اتحاد لنقابات العمال في تشيلي “مركز وحدة العمال”، الذي
يعتبر  أكبر اتحاد للنقابات العمالية في شيلي وقد تولى قيادته تاريخيا
تحالف من الاجتماعيين الديمقراطيين والمسيحيين. وقد حصلت القائمة الشيوعية
على 27 مقعدا من أصل 60 مقعدا وبزيادة مقعدين على القائمة المنافسة.



ولأول
مرة بعد 40 عاما يقود أعضاء في الحزب الشيوعي التشيلي اتحاد النقابات
العمالية. وأصبحت الشيوعية “بربارا فيغيروا” ، رئيسة نقابة المعلمين،
المرأة الأولى في تاريخ البلاد التي تتولى قيادة اتحاد عام للنقابات. وفي
تصريح لها أكدت الزعيمة الجديدة للنقابات: مما لا شك فيه أن تشيلي قد تغيرت
وأن الحركة النقابية تمثل دعامة مهمة في هذا التغيير. وان من المهم تغيير
قانون العمل والنضال الجاد من أجل تغيير نظام الأجور، وبخصوص شؤون الاتحاد
الداخلية، أكدت عزمها على تغيير هيكلية الاتحاد ليكون أكثر قدرة للتعامل مع
المستجدات. 










ونصر آخر في نيكاراغوا





استطاع
مرشحو الجبهة الساندينية الحصول على 70 في المائة من أصوات الناخبين في
الانتخابات المحلية التي شارك فيها أكثر من 3,7 مليون ناخب في 153 وحدة
إدارية، وأعلنت اللجنة العليا للانتخابات مشاركة 75 في المائة من الناخبين
في الانتخابات.






وقد
جاء فوز مرشحي جبهة التحرير الساندينية ، التي حررت نيكاراغوا من
الدكتاتورية عام 1979 وحكمت البلاد حتى عام 1990، حيث خسرت الانتخابات
العامة حينها، ثم نجحت في نيل ثقة الناخبين ثانية منذ عام 2006، متوقعا،
وفازت الجبهة برئاسة 120 بلدية، بما في ذلك دائرة العاصمة “ماناغوا”، وحققت
الجبهة زيادة قدرها 11 بلدية مقارنة بالانتخابات المحلية السابقة.






النمسا: الشيوعيون يحققون نصرا لافتا


حقق
الحزب الشيوعي النمساوي فوزا مثيرا في انتخابات المجلس البلدي لمدينة
“غراتس”، ثاني أكبر مدن النمسا، و احتلت قائمة الحزب، بزعامة “الكا كار”
الموقع الثاني بعد ان حصلت على 20,4 في المائة من اصوات الناخبين. وفي مركز
“غريس” الانتخابي وسط المدينة احتل الشيوعيون المركز الاول ، حاصلين على
26 في المائة. وساد الأوساط السياسية ووسائل الإعلام لغط كثير.






وأكدت
الرسالة التي وجهتها قيادة الحزب الى الشيوعيين في المدينة على  إن انتصار
الحزب يـــؤكــد عـــدم قــــدرة الــــيمين عــلى احتـــواء حـــركة
الاحتــجاج والمقـــاومــة، وان ما حــدث لـــيس ظاهرة نمــســاوية.
واشــارت الرســالة الى ان “النجــاح الانتخـــابي جـــاء في المقام الاول
بفضل نشــاط وجهـــود نـــواب الـــحـــــزب وأعضائــه وجـــمـــاهيــره في
المــديــنة، وهــــم يعرفــــون جـــيــــداً العــوامل التي اســهمت في
تحقيق هذا الانجاز”.

اقرأ المزيد

الحوار والتغيير… والديمقراطية البرلمانية

في مقالة سابقة على هذه الصفحة، قلنا إن الحوار الذي سينتقل من الشارع
إلى طاولة المفاوضات، يجب أن ينتهي إلى جملة من الإصلاحات السياسية
والدستورية التي تقود البلد إلى ديمقراطية حقيقية، وحياة سياسية واجتماعية
متطورة. وقلنا إن مثل هذه الحياة التي ننشدها لبلدنا وشعبنا ترتبط
بالإصلاح، بعيداً عن الاستبداد والفساد اللذين أنهكا البلد على مدى عقود
طويلة.

لذلك فإن كل القوى والأطراف المشاركة في الحوار مطالبة
بالتوقف عند كل الأفكار والرؤى التي يمكن أن تغني الحوار وتساهم في بلورة
مشروع سياسي متوافق عليه من قبل كل هذه القوى، لأن جميع هذه التصورات
والأفكار مهما بدت متعارضةً أو مختلفةً، تمثّل خلاصة وجهات نظر القوى
السياسية ورؤيتها للأحداث والتطورات التي شهدتها البلاد طوال العامين
الماضيين. وكما يقال إذا كانت السياسة هي «فن الممكن» فإن الديمقراطية هي
«فن المساومة»، وهذا يعني ضرورة البحث والتفتيش عن حلول مبتكرة، وغير
مألوفة لمساعدة بلدنا على التخلص من المصاعب التي تحيط به من كل جانب. فقد
علمتنا الأحداث الأخيرة أن سلوك نهج الحوار الحضاري يعني القطيعة التامة مع
نهج العنف والفتنة الذي لا يمكن أن يخلف سوى الكوارث السياسية والاجتماعية
والأمنية والاقتصادية، التي يكفي بلدنا ما طاله منها حتى الآن.

ويمكن
أن تكون البداية في الاتفاق على جملة من المبادئ التي لا تشكل أي خلاف بين
القوى المختلفة، وعلى رأس هذه المبادئ وحدة الوطن واستقلاله وسيادته، ورفض
أية تدخلات خارجية في شئونه الداخلية، بالإضافة إلى تأكيد عروبة البحرين
وانتمائها العربي والإسلامي. كما يجب الاتفاق على حصر الخلاف بين الأطراف
المشاركة في بعده السياسي فقط، من دون التعدي أو مصادرة حق بقية الأطراف في
أن تكون لديها رؤيتها وتصوراتها للأحداث وأسبابها وسبل الخروج منها. وهذا
يستدعي التخلي عن النظرة الاستعلائية التي تدعي احتكار الحقيقة، وبالتالي
احتكار الوطنية وتمثيل الوطن، وجعل أيّ رأي معارض أو مخالف وكأنه خلاف مع
الوطن.

هذه نقطة جوهرية تقودنا إلى طبيعة النظام الديمقراطي الذي
ينبغي التوافق على حدوده وسقفه، لأنه لا يكفي التغني بمحاسن الديمقراطية،
أو الادعاء باعتمادها كنهج للحكم، بينما نحن غير قادرين على التعاطي مع
أصولها وقواعدها المعروفة، بدليل ما هو حاصل على أرض الواقع من سلوكيات
تتنافى مع أبسط معايير الديمقراطية. وهذا لا يعني أن الديمقراطية قادرة على
إنهاء الخلافات أو الصراعات بعصا سحرية، لكنها حتماً ستكون عاملاً مساعداً
في إدارة الخلافات بصورة حضارية، لأنها تملك من الوسائل والآليات ما يمنع
أية خلافات من الانحراف إلى منزلقات طائفية أو عنصرية مدمّرة كما شهدنا
خلال تطورات الأزمة.

فالديمقراطية ليست انتخابات وصناديق اقتراع فقط،
إنّما هي مجموعة قيم وإجراءات إذا ما غابت تغيب معها الديمقراطية المتعارف
عليها في الدول العريقة التي يطمح ميثاق العمل الوطني في دفع البحرين إلى
مصافها. وفي مقدمة هذه القيم احترام التعددية السياسية والفكرية
والعقائدية، وكذلك احترام حرية الرأي والتعبير وحق التظاهر السلمي، والسماح
بقيام الأحزاب السياسية، وهي أيضاً الشفافية التي تسمح بمواجهة الفساد
ومحاسبة المفسدين، وقبل هذا وذاك، هي حرية نقد الدولة ومحاسبتها على
أخطائها وتجاوزاتها، فهذه حقوق كفلها الدستور.

ما نريد أن نصل إليه
من هذا الاستطراد حول مفاهيم وأصول الديمقراطية هو مناقشة محور أساسي
وجوهري يجب أن يكون في صدارة أجندة أي حوار قادم، لأنه يتعلق بموضوع خلافي
بين المعارضة من جهة والدولة وبعض القوى السياسية الموالية من جهة أخرى،
وهو الموضوع الخاص بمفهوم «الحكومة» المعبّرة عن الإرادة الشعبية، وطبيعة
البرلمان الذي يمكن أن يفرز مثل هذه الحكومة، إذا ما تم الاتفاق أو التوافق
بشأن هذه الصيغة المتقدمة في المسار الديمقراطي، هذا بالإضافة طبعاً إلى
النقاط الخلافية الأخرى، مثل دور المجلس الوطني بغرفتيه (النواب والشورى)،
ونظام الانتخابات وتوزيع الدوائر الانتخابية، وغيرها من الملفات ذات الصلة
بالفساد والتجنيس السياسي، والتمييز ونظام الأحزاب.

وكما هو معروف في
الأنظمة الديمقراطية، تكون الحكومات عادةً نتاج مجالس أو برلمانات منتخبة
انتخاباً حراً ونزيهاً (حكومة برلمانية)، أما إذا كانت الديمقراطية ناقصة
أو مقلوبة، تكون الحكومة هي من تصنع «البرلمان»، ويتحوّل هذا الأخير إلى
مجرد أداةٍ بيد الدولة التي عادةً ما تتحكم أو تتلاعب بنظام الانتخابات
وتوزيع الدوائر الانتخابية، بما يلائم خططها ويحقق أهدافها في التحكم في
العملية السياسية برمتها.

والسؤال المشروع الذي يطرح هنا هو: أي دور
يمكن أن نتوقعه من هكذا «برلمان» سواء في المجالات التشريعية أو الرقابية،
وخصوصاً عندما يتحوّل النواب إلى دروع ومصدات لحماية السلطة السياسية من
أية مسألة أو محاسبة. والطامة الكبرى عندما نجد بعض هؤلاء النواب وقد
احتلوا مواقع الحكومة في الدفاع عن سياساتها والمزايدة عليها أحياناً.

نقول
هذا ونحن ندرك صعوبة إقرار صيغة «الحكومة البرلمانية» في البحرين في
الظروف الراهنة في ظل الموازين أو المعادلات السياسية المحلية والإقليمية،
وهي عموماً ظروف معاندة لمثل هذا التوجه، لأن من شأن هذه الخطوة أن تقود
إلى تغييرات غير معهودة في بنية النظام السياسي وتعيد صياغة العلاقة بين كل
السلطات في البلاد. ولكن هذه الصعوبة لا تمنع من الحوار والنقاش للوصول
إلى صيغة مرنة تفسح المجال في المستقبل لتطويرها وفق خارطة زمنية متفق
عليها، وهي مسألة ينبغي الاهتمام بها، لأن كل المتغيرات في المنطقة تدفع
إليها عاجلاً أو أجلاً. وهناك اتفاقٌ عامٌ على أن الأوضاع في عموم المنطقة
لا يمكن أن تعود إلى ما قبل الربيع العربي، حيث يجري إعادة وصياغة مفهوم
الدولة، وإحداث تغيير في الخرائط السياسية للدول، والبحرين لن تكون
استثناءً، بل كان يجب عليها التعاطي مع هذه القضية بالأمس قبل اليوم، وكان
ذلك أسهل في بداية الحراك الشعبي، قبل أن تعمل الإرادات الممانعة للإصلاح
وقوى الشد العكسي على أخذ بلدنا إلى مواقع وخيارات ما كان يجب أن يذهب
إليها، ودفع هذه الأثمان الباهظة.

ما نطرحه هنا ليس من باب التزيد أو
الترف السياسي، إنما هي متغيرات تفرض نفسها في سياق التحولات الديمقراطية،
في لحظةٍ مفصليةٍ تمر بها الدول العربية بمختلف أنظمتها السياسية،
جمهوريةً كانت أو ملكية.

ويجد المرء نفسه مضطراً لدعم وجهة النظر هذه
إلى استدعاء التجربة المغربية، حيث رأينا كيف أقدمت القيادة المغربية في
خطوةٍ وصفها المراقبون والمحللون بالذكاء السياسي في احتواء الحراك،
والتقدم بحزمة إصلاحات سياسية ودستورية مهمة، منها إسناد تشكيل الحكومة إلى
الكتلة السياسية التي تفوز بغالبية المقاعد البرلمانية في الانتخابات، ومع
هذا ظلت هناك قوى وأحزاب يسارية ودينية رافضة لهذه الإصلاحات المتقدمة،
وخصوصاًً جماعة العدل والإحسان التي توفي مرشدها الروحي الشيخ عبدالسلام
ياسين قبل أيام، فقد استمرت الجماعة في نقدها للنظام الملكي ورفع شعار
«دولة الخلافة»، ولم نسمع أنه تم تخوين أو تجريم قيادات هذه القوى أو الزج
بها في السجون لمجرد أنها عبّرت عن رأيها وتمسّكت برؤيتها السياسية.

لذلك
نطالب القوى السياسية في البحرين بأخذ العبرة، والشروع في مناقشة كل
الموضوعات الخلافية، وعدم إضاعة الوقت والجهد في مماحكات لا طائل منها،
والاتفاق على الصيغة السياسية المناسبة التي نعيد معها تشكيل الخريطة
السياسية في البلد بصورةٍ متوازنةٍ ومنصفة، لأن في ذلك تكمن مصلحة بلدنا
وحمايته من المخاطر والتوترات المرشحة للتصاعد في المنطقة، وتدارك أية
انعكاسات سلبية على أمننا الوطني والسياسي.

وعلينا جميعاً أن ندرك أن
البحرين تقع في قلب هذه المنطقة الحبلى بالتطورات والمشاريع الغامضة
والسياسات المريبة التي ترسم لها، لكل هذه الأسباب يجب أن يكون شعارنا في
الحوار القادم التغيير بيدنا لا بيد غيرنا.

محمود القصاب
صحيفة الوسط البحرينية
اقرأ المزيد

الخليج واستحقاقات المستقبل



عشية
وغداة أي قمة لدول مجلس التعاون الخليجي، بما فيها القمة الحالية المنعقدة
في البحرين، يثار النقاش حول دور ومستقبل إقليمنا الخليجي، والقمة الحالية
تأتي في خضم تطورات عاصفة مازال العالم العربي يشهدها منذ عامين، وهي
تطورات كانت بمنزلة الزلزال الذي أحدث من المتغيرات ما كان يصعب، لا بل
ويستحيل، التنبؤ بحدوثه، قبل اندلاع هذه الأحداث، ولكن السياسة هي هكذا،
تحمل من المفاجآت ما لا يخطر على بال عتاة المحللين والعرّافين .


ما
جرى التعارف على وصفه بالربيع العربي أسس لواقع عربي جديد، ليست واضحةً،
حتى اللحظة، مآلاته اللاحقة، ولكنه، مع ذلك، أنشأ معطيات جديدة ليس بوسع
الإقليم الخليجي أن يكون بمنأى عن تأثيراتها، بل إنه بات معنياً بها، وفي
بعض الحالات شريكاً مهماً في تقرير مجرياتها، وهو أمر لا تخطئه عين المراقب
الحصيف .


بعض
دوائر صنع القرار الغربية كانت حتى حين قريب وهي تحلل آفاق الوضع في
منطقتنا وأفقها المستقبلي، تدعو دول المنطقة إلى ما وصفته ب “التعايش مع
المتغيرات”، وواضح أن هذه الدعوة صيغت بروحية أن دول الخليج المنتجة للنفط
غير قادرة على الدفاع عن نفسها ضد اللاعبين الكبار في المنطقة .


لكن
الركون إلى هذا الاعتقاد لم يعد مجديأً في الواقع العربي والإقليمي
المتغير، فحجم المتغيرات التي جرت هو من الاتساع وقوة التأثير ما يجعل
الإقليم الخليجي مشمولاً بدينامياتها، وهي تحولات ذات طابع مزدوج، وحتى
متناقض، فهي إذ تعبر في بعض أوجهها عن الحاجة المستمرة إلى الإصلاح
والتنمية بمفهومها الشامل، اجتماعياً واقتصاديا وسياسياً، فإنها أيضاً حملت
وتحمل نذر فوضى وعدم استقرار، وتغليب نماذج بالية من أساليب الحكم وإدارة
المجتمعات، على نحو ما نشهده اليوم في البلدان التي طالتها التغييرات، وهي
ليست النماذج التي تنشدها شعوب المنطقة .


دول
المنطقة قطعت أشواطاً في التنمية وفي تحقيق مستوى معيشي جيد لشعوبها، كما
أنها خطت خطوة صحيحة بتشكيلها مجلس التعاون الخليجي كوحدة إقليمية تمتلك
درجة كبيرة من التجانس استطاعت البقاء، ولكن الأعين يجب ألا تحصر مدار
رؤيتها في الراهن، وإنما يجب أن تكون مصوبة نحو المستقبل الذي علينا أن
نستعد لاستحقاقاته .
اقرأ المزيد

مجلس الصوت الواحد

يبدو أن مجلس الأمة أو حسب ما يطلق عليه الناس «مجلس الصوت الواحد»، بدأ
بدايات غير مشجعة وهو الذي كانت تأمل الحكومة منه البدء بالتنمية المعطلة
وسرعة إنجاز التشريعات المؤمل إنجازها، بل المؤمل منه أن يكون البديل عن
مجلس «مؤزم» ومعطل لمصالح البلد كما تدعي الحكومة.


هذا المجلس بدأ بخلافات قد تتعمق بالمستقبل من خلال ما جرى من محاصصة على
المناصب البرلمانية، سواء منصب الرئيس أو نائبه، وهو ما شكل مفاجأة بل صدمة
لبعض الأطراف التي وُعدت خيراً.


وهذه الأطراف أيضاً وُعدت خيراً بإعادة تعيين وزير سابق محسوب عليها، ولكن
تم التراجع عن توزيره في الساعة الأخيرة قبل إعلان التشكيل الوزاري، واعتبر
كتاب محسوبون على هذه الأطراف أن الحكومة ليس فقط تخلت عنها، ولكنها جحدت
بولاءاتها المطلقة خلال السنوات الماضية.


ويرى البعض أن ذلك قد يكون بداية صحوة ووعي لهذه الأطراف بأن للحكومة مصالح
بعيدة عن حساباتها المحدودة، وأولويات ليس من بينها ولاءات الأشخاص أو
المكونات القبلية والطائفية، وهو ما شكل صدمة وخيبة أمل لها، رغم انحيازها
الكامل للحكومة ولكل إجراءاتها بما فيها مواجهة الاحتجاجات السلمية بالقمع
ومصادرة الحريات والتحول إلى النهج البوليسي من خلال الملاحقات السياسية
واعتقالات الشباب بالعشرات، بينما يرى البعض الآخر أن ذلك لن يغير من الأمر
شيئاً وستظل هذه الأطراف على ولائها.


ولم يكد هذا المجلس يلتئم حتى بدأ «بدية مقلقة مع بدء حملة جديدة لاقتسام
ثروة الوطن بتقديم سيل من المقترحات أبرزها اسقاط القروض وفوائدها»، كما
أشار تقرير الشال في جريدة القبس العدد الصادر بتاريخ 23 ديسمبر الجاري،
وأضاف التقرير: «هناك تهم كبيرة برشوة نواب ولكن قراراً وأد القضية بدعوى
قصور القانون، رغم ثبوت واقعة الرشى على نواب عادوا، وهم اليوم مسؤولون عن
التشريع».(انتهى)


كما أن من المقلق أيضاً ليس للناس فقط بل للحكومة أيضاً، صدور تصريح من أحد
نواب مجلس الصوت الواحد قبل جلسة الافتتاح يطالب بتعديل المادة الثانية من
الدستور، وقد كانت الحكومة تعتقد أنها سدت هذا الباب نهائياً، لكن من
المرجح أن يُكتم هذا الصوت حيث لا يحظى بمؤيدين ذوي ثقل في المجلس.


وبعض النواب الأفاضل من ذوي الخبرة السياسية القليلة أو حتى عديمي الخبرة،
وبمحاولة منهم لاثبات ولائهم المطلق للحكومة وإجراءاتها التعسفية، عملوا
جنباً إلى جنب مع قوات الأمن لفض تجمعات المواطنين المحتجين سلمياً في
المناطق، من خلال النهر والتعنيف بل لام بعضهم وزير الداخلية على عدم
استخدام عنف أشد ضد الناس رغم إنهم لا يملكون سلطة أمنية.


لا أعرف كم سيطول عمر هذا المجلس، ولكن مهما طال عمره فهو مجلس مرفوض
شعبياً وساقط سياسياً بسبب المقاطعة الشعبية غير المسبوقة له، وسيكون مصيره
وتاريخه نفس مصير وتاريخ المجلس الوطني سيئ الصيت.


اقرأ المزيد